منى كريم
شاعرة عراقية
ليس جلدًا كيف يتلون مع الفصول
ليس شعرًا مصففًا من ريش غراب
ليستا عينين ترتجف فيهما أرض مظلمة
ليس جسدًا بلا خطوط مستقيمة
ليس فمًا تتعذب وتتلوى فيه اللغات
ليس أنفًا لا يكفي لأزفر منه قهر العالم
ليستا أذنين ترتعبان من أغنية حنين
ليس بطنًا تلة مائلة
ليستا ساقين باب ناقص
ليست أصابع جنود هاربون
ليستا كفين حمامة تصلي
ليس رأسي امرأة تنتظر
ضمن أبديات صغيرة
موتة
سقطت أمام التلفاز
كانت تشاهد مسلسلها المفضل
خلال موتها
قالوا إن الصوت ظل يطن
في صدر العمارة
وإن جسدها المتعفن
جعل الحيطان تسعل
قالوا إنها فقدت عقلها
فسلمها زوجها للدولة
وأعطوه صكًّا باسمها
وضعه في صندوق خشبي
مع المفاتيح والفواتير
قالوا إنها تاهت في حلمها
للحظات زائدة
قفزت من شقتها العالية
قالوا إن جارها
حاول الإمساك
بطرف جناحها
قالوا إنها وضعت رأسها
في الفرن
علَّ مخاوفها تتبخر
وإنها نجحت
في السفر عبر الزمن
بهدف قتل أبيها
لكنها وجدته في عرض البحر
ولم يكن قد علمها السباحة
قالوا حبلت من وحش
واستفرغت جنينها
عظمًا وجلدًا
قالوا إن قاتلها
– حبيبها –
حي ويرزق
اشترى قبرًا مجاورًا لها
بنى سورًا حولهما
وعيّن حارسًا
استعدادًا
للمزيد من سنواتهما السعيدة
في الحياة القادمة.
حدود
نصعد فوق كرسي الحمَّام
كل منا بقدم واحدة حتى تسعنا المساحة،
نشاهد العائلة الصغيرة في المبنى المجاور:
رجلًا وامرأة وطفلًا.
نتخيل حياة لهم، أسماء، وأشياء في بيتهم
خرجت من دعايات التلفاز.
نتصارع،
من منا سيكون المدلل لو أن والدتي
كانت قد أنجبت طفلًا واحدًا،
من منا اشتراه والدي من الدكان.
نتمنى لو أن موت الإخوة سهل.
حواس
شباك العنكبوت
تحاصر الكوابيس
تضطرها إلى بناء مستوطنة
على طرف الليل
يسهل عليَّ رسم خريطة
أثبِّت الأرض بأصابعي
وأرسم خطوطًا
تتحول إلى خيوطٍ
تلتف حول رسغيَّ
النظرة المسلوبة
سكين صغيرة
تلوح في المكان
تخدش كل شيء
ولا تصيب
المرأة التي زهقت روحها
ترفض إخلاء الشقة
حاولتُ صنع صورة
من حياتي بورق شفاف
احتفظت بالصورة
وتركت الأصل