النص المنشور هو الفصل الأول من رواية عنوانها الأصلي " حياة متخيلة ". وديفيا معلوف ، ولد في بر يسبان باستراليا. أسرة أبيه من لبنان ، وأسرة أمه من لندن. درس في انجلترا عشر سنوات قبل عودته الى استراليا حيث حاضر في جامعة سيدني حتى العام 1978. اقامته الأن موزعة بين سيدني وإيطاليا. تتناول الرواية قراءة لحياة الشاعر الروماني (43 ق.ب – 17م ) مؤلف " مسخ الكائنات " الشهير الذي ترجمه د. ثروت عكاشة الى اللغة العربية. كان الامبراطور أوغسطس نفى الشاعر الى تخوم الامبراطورية الرومانية ، بعيدا عن اكناف اللغة اللاتينية ، بين قوم بؤساه، ذوي حياة بدائية شاقة.
لقد نجح ديفيا معلوف ، عبر جهد وتحسس مرموقين ، في أن يحعل من وممده أوفيد في المنفى، استبطانا وبيانا واحتجاجا، وعملا فنيا صعبا في الأساس. في زيارتي استراليا، العام 1995 حاولت أن أ لتقي معلوف ، لكني اخفقت قيل لي إنه في إيطاليا آمل في أن تكون هذه الترجمة بطاقة زيارة فضلى.
وحشة هذا المكان هي التي تملا ذهني، يوما بعد يوم ، بمنظوراتها خط من الجروف ، منحرف إزاء السماء، والبحر رصا هي بعده. والى الغرب والجنوب ، جبال ، مكدسة تحت الغيم. الى الشمال ، وراء مصب النهر المنقع ، سهوب عشبية خاوية ، تمتد الى القطب.
لثمانية شهور في العام يتجمد العالم. وتهب أنقاس لعنة قطبية على الأرض. الأرض تبيض بين ليلة وضحاها. وحين يرتخي الثلج أخيرا ويذوب ، يوحل السهل كله وينتن وتفزونا الحشرات والضباب الساخن ينفث بخارا بين الأعشاب المتطاولة. لم أجد هنا شجرة ترتفع بين الشجيرات الرمادية البنية الخفيضة. لا زهرة لا ثمرة. إننا في نهايات الأرض. حتى الأنواع العليا من الخضراوات لم تبلفنا بعد ونحن على مبعدة قرون من فكرة بستان أو حديقة للمتعة حسب. البلاد تمتد مفتوحة من كل جانب ، مسؤرة إزاء الفوب والجنوب ، مستوية إزاء الشمال والشمال الشرقي، مع نظرة الى اللانهاية. الانحراف الحاد للجروف يؤدي الى السماء، بطائح النهر شجرا، الإفسنتين السهوب العشبية فيما بعد كلها يؤدي الى سماء معلقة ، خفيضة فوقنا مثقلة بالثلج ، أو خاوية على مدى ما ترده العين ، أو يتخيله الذهن ، سماء بلا غيوم ، بلا أجنحة.
لكني أصف حالة ذهنية لا مكانا.
أنا، منفي ، هنا.
تتألف القرية المسماة " توميس ". من مئة كوخ أقيمت.بالأغصان المضفورة والطين ، سقوفها قش ، وأرضياتها طين مضروب مغطى بالأسل. في كل كوخ ساحة مسؤرة ، وزريبة تأوي اليها الحيوانات ،وتربط فيها شتاء. فوق الزريبة غرفة واحدة واسعة ، ننام فيها ونأكل حين الشتاء، على مصاطب خشب تحتها طبقة من الخث بطيء الاحتراق في الصيف تفتح بقية البيت ، وتكون لي غرفة خاصة ، ذات طاولة منخفضة للكتابة ومطرح قش نظيف. حياتي هنا عريت الى أبسط الشروط. أنا أعيش مع شيخ القرية المكلف بمراقبتي، وربما بالاجهاز علي ، حين يحل الوقت. أهل البيت هم شيخ القرية وأمه (عجوز في حوالي الثمانين )،وكنته وطفلها. إنهم أناس خشنون ، طيبون ، والشيخ مع أنه بربري، يعاملني باحترام ما، نظرا لمنصبي السابق. وقد أهمل وأترك لشأني، أتجول في القرية ، أو أتمشى في الحقول حتى المدى الآمن.
وليست بهم حاجة الى أن يخيشرا فراري. إذ ليس لي وجود رسمي، في كل العالم المعروف ، حيث يحكم الامبراطور. بعد هذا المخفر المتقدم الأخير: المجهول. حتى لو افترضت أن لدي القوة على الفرار في وضعي الحاضر، فأين تواني سأذهب ؟
أتمشى حول قلعة الطين الصغيرة ، أو أتجول في الشجرا،، لكني لا أمضي، البتة ، أبعد من مرأى الأسرار، ففي كل وقت ، يمكن أن تتعرض القرية لهجوم المتوحشين الذين يسكنون السهوب العشبية الى الشمال ، والذين يأتون في فترات منتظمة ، مجموعات عارية ، ليسرقوا أنعامنا، أو يحرقوا الحقول القصية ، القرية كلها معسكر مسلح. وأنا المرء الأقل شأنا هنا – مخبول ، عجوز مضحك ، عجيب ، مترقرق الدمع ، لا يفهم شيئا، ولا يستطيع أن يقول شيئا، كما تبدو عاداته لهؤلاء الناس الصارمين متنافية بصورة غير معقولة ، مع حقائق حياتنا اليومية. إنهم يطعمونني، ويهيئون لي ركنا أنام فيه. هم ليسوا غير مهذبين. لكن لا أحد في " توميس " ينطق بلفتي، والآن ، وبعد حوالي العام ، لم أسمع كلمة واحدة من لفتي، حتى أمسيت أبكم. إنني أتواصل ، مثل طفل ، بالغما غم والاشارات. أنا أشير، أرفع حاجبي، مستفهما، وتنفجر دموع فرحي لو أن أحدا – حتى لو كان طفلا – يفهم ما أحاول قوله.
في الخلاء، أدأب على الصراخ وأحدث ث نفسي ، لأنني ببساطة ، أريد أن احتفظ بالكلمات في رأسي ، أو أن أخرجها منه. أيامي في هذا المكان ، وليالي ، رهيبة ،يعجز عنها الوصف. النهار كله أشرد في حلم ، معزولا عن عالم البشر، كأني من طينة أخرى. في الليل ، أكتشف وأنا نائم ، ما حجبه عني ضوء النهار البسيط : أن الجانب المظلم في كل
شيء هنا، وأكثر من ذلك ، المشهد نفسه حين تهبط عليه ظلال الليل ، هو صفحة واسعة أعجز عن حل لغتها، وعن ترجمة وسالتها الي. وحلما بعد حلم ، أغامر بعيدا، وراء الحقول الحصيدة ، وعبر السهل الموحش الذي يتلوها،في الأر اضي العشبية ، خلف طرف عالمنا. الريح تهب عليها، فتجيش مثل البحر، هسهسة وأنينا، والهواء ملي ء بأجنحة فراشات الكرنب. أركع على ركبتي، وأشرع أحفر الأرض بأظافري الطويلة. أحيانا تأتي الذئاب ، وتنبش بمخالبها الأرض الى جانبي، وهي تعوي. نحن نحفر معا، وهي لا تعيرني من انتباهها أكثر مما تعيره لشبح لكني أعرف أني سأكتشف قبلها ما تبحث عنه ، مهما كان وإلا ضعت.
هكذا أحفر، أقوى وأسرع. وضوء القمر يسقط دبقا علي. أنا عاجز عن أن أسر لنفسي : هذا حلم.
أنا أعرف ما نبحث عنه. إنه قبر الشاعر أوفيد – ببليوس أوفيديوس ناسو، روماني من الفرسان ،شاعر.
في هذا المكان الموحش كله.لا أحد يعرف أين يثوي. سمي ناسو بسبب الأنف.
أنا أكمك ، أيها القاريء، باعتبارك تعيش في قرن آخر، فهذه الرسالة لن أرسلها أبدا. إنها ليست موجهة الى زوجتي أو الى محامي في روما، ولا حتى للامبراطور، بل هي موجهة اليك ، أيها الصديق المجهول ، غير الموجود في زمن كتابتي هذا، والذي لا استطيع أنا أتخيل وجهه ، وحتى هيأته. أبمقدور امري، أن يتخيل وجه إله ؟ إذ يجب ، أكيدا، وانت في بعدك العظيم عنا، أن تكون – الإله الذي شرع يحرك أعماقي، ليستجمع كينونته منا، وسوف يستجمعها، في الطرف الآخر من العصرا لعظيم الذي هز عالمنا بزلازله ، قد أفلح أخيرا ، وبدأ يتكون.
أنا ألقي برسالتي الى القرون ، غير متأكد في أي مشهد من الأشياء غير المألوفة سوف ترى النور، وبأي عينين ستقرأها. هل اللاتينية لا تزال معروفة لديك ؟ أنا أدفن الرسالة عميقا في الجليد، في أحد القبور التي ختم على أحجا رها الجليد الذي لن يذوب ، وحيث لم يخاطر البتة واحد من عالمنا الروماني. فقط ، بعد ألف سنة ، حيث تكون الامبراطورية سقطت ، ولم تعد لديها سلطة الصمت علينا، سوف تصل هذه الرسالة سليمة بين يديك. أنا الشاعر أوفيد – ولدت على الطرف بين منزلين من دائرة البر وج ، حيث الأسماك تسحبه في اتجاهاتها المعاكسة ليهبط أسفل الأفق ، والكبش يصعد، بين عمرين ، الأعو ام الألف للآلهة القدامى التي ترتعد لنهايته ، والعهد الجديد الذي سيصل الى أزهته في نقطة بعيدة من المستقبل أعجز عن إدراكها، وحيث تجلس أنت ، أيها القاريء، في غرفة مضاءة لا أميز أثاثها، أو في الضوء المتأخر لبستان أجهل أزهاره لتترجم هذه الرسالة – وبأي صعوبة ؟ – الى لغتك.
أسمعت باسمي؟ أوفيد؟ أما زلت معروفا؟ هل أفلت أحد سطور كتابتي من منع كتبي في المكتبات ، ومن إحراقها في الساحة العامة ومن نفيي عن اللغة اللاتينية ؟
هل خبأ معجب سري إحدى قصائدي فاحتفظ بها، أو حفظها غيبا؟ أما زالت أبياتي تنتقل سرا في مكان ما، من فم الى فم ؟ هل انسل أحد تعابيري، بدون إنتباه السلطات مقتطفا في صيدة شاعر آخر، أو في رسالة ؟ أو في قول سائر لا يمكن أن محي الآن ؟
هل بقيت حيا
أكتب هذا ، في ضوء شمعة. هذه الغرفة التي بلا نافذة ، ظلمة كالليل عناكب صغيرة وحشرات أخرى تعيش في سقف القش ، وتزحف على الأرضية ، وتسقط في شعرك ، أو في صحن سائك وانت تأكل ، وثنا يا ثيابك تعج بها.. أنت تعتاد هذا الأمر بعد فترة.
لم تكن لي. البتة ، صلة بالمخلوقات قبل هذه ، حتى ولا كلاب أو القطط الآن أجد فيها شيئا غريبا قابلا للقلاقة. فهي، ثلي غير قادرة على الكلام. إنها تتحرك بين الشقوق ، في فجوات يوا تنا، وهي غير ضارة. حتى العنا كب ، هذه المخلوقات البائسة. أتساءل إن كانت لديها لفة خاصة ، كي أحاول أن ملمها. إنه لأمر سهل مثل إتقان اللغة البربرية الحلقية التي ينطق بها جيراني.
بدأت أتبين بعض الأصوات في هذه اللغة. لكن مجرد صاعي الشيخ يصيح في الساحة بحفيده ، أو يتمتم في الأصيل عراة الشابة ، يكاد يجعلني أجن ، أحيانا. الأمر مثل سحاولتك.كر شي ء نسيته ، يتقد على حد ذهنك ، لكنه يرفض ان يكشف نفسه. أشعر أنني مقطوع كواحد من هذه العنا كب أو مثل فأر أرجح على عارضة سقف وهو يسمع الشاعر يقرأ. لكأنني قت خطوة الى الوراء في نظام الأشياء أو أنني مسخت بلعنة اخرة ، الى نوع أدنى.
بالطبع ، لا ساحرة فعلت بي هذا. كل ما استثير هو سلطة فانون. لقد أبعدت ، بفعل أعلى سلطة معروفة لأكون ، حقا، في لام آخر لكائنات ، أولئك الذين لم يصعدوا، عبر ثقب في سهم ، ليكونوا بشرا مكتملين ، أولئك الذين لم يلجوا، بعد، فيما مميه مجتمعا، فيصبحوا رومانيين تحت القانون.
لكنهم ، حتى هكذا، من نوعنا، هؤلاء الجيتيين.
أنصت اليهم وهم يتكلمون. الأصوات بربرية ، وتحن روحي لصفاءات لفتنا اللاتينية ، تلك اللفة الكاملة ، التي يمكن أن يعبر بها عن الأشياء كلها، حتى عن المنفى. أنا أنصت ، بهزني أكثر أنني أميز النغمات أعرف أن هذا النغم رقة ، وهذا عف ،وهذا غضب ، هذا نغم شيخ يهدي طفلا يعثر، يبكي، يحكي عن اوجاعه ، ويجب أن يؤخذ بيده عائدا، كي يسمي حجر الأسماء التي قد يتعرف عليها المرء في طفولته الأبعد: " الشرير، أيها الحجر الشرير!"
أما الآن ، فشمت العنا كب. أبمقدوري أن أدوزن أذني لكلامها أيضا؟ ما دامت هي كذلك يجب أن تتواصل ربما أبدا، أكتب ثانية ، بلغة العناكب. " مسخ الكائنات الجديد للشاعر أوفيد في صنفاه ، بلفة العناكب ". أحيانا، وأنا أتجول على غير هدى، أتوقف لأراقب النسوة يعملن في ساحة الدار، يفرزن الحبوب ويطحنها. احداهن تصعد نظرها، وتعبس أو تبتسم ، من عالم ما، خاص بها، أعجز عن لمسه. شمت بذور عدة ذهبية ،صفراء مخضرة زرقاء. أحزر ما يمكن ان يكون بعضها، لكني لا أستعيد أسماءها. أنا أعرف بالطبع أسماء البذور، لكوني استخدمتها في قصائدي لجمالية الصوت نفسه : كزبرة. هال. لكن ليست لدي فكرة عن أشكالها باستثناء المعروف الشائع منها. مرة أو مرتين ، أخذت إحدى البذور بسبابتي ووضعتها في راحتي، بينما كانت النسوة المندهشات ينظرن الي وحدث مرة. أن ضحكت صفراهن ونطقت بكلمة : كور شكا. نظرت الى البذرة ، وأومأت برأسها، كأنني طفل ، وقالت ثانية وهي تدور شفتيها بصورة مبالغة ، كثور شكا!، ثم وضعت إحدى البذور على لسانها وقضمتها. فعلت الشي ء نفسه ، لكني لم أميز الطعم وحدها، وبدون المائة من الأعشاب والأفاوية التي يمكن أن تدخل معها في مطبخنا الروماني، لم تأتني البذرة بالصدمة التي تجعل ذائقتي تميزها، ولم تفلح في أن تجيء باسم لها في ذهني. هكذا أعرف كلمة هذه البذرة الآن ، وطعمها وشكلها ولونها لكني لا أستطيع أن أترجمها عائدا به الا تجربتي الخاصة.
أسيكون كل شيء هكذا، منذ الآن ؟ أعلي أن أتعلم كل شيء، من جديد، مثل طفل ؟ أكتشف العالم كما يفعل طفل صغير، عبر الحواس ، لكن مع حرمان الأشياء كلها من السحر الخاص لأسمائها في لغتي؟
ليس بالإمكان قول شي ء عن قويتنا سوى أن فيها نحو مئة كوخ. الأزقة الضيقة بين هذه الأكواخ ، طينية. خنازير قليلة تتمرغ فيها، أو بضع أورات ، والطين مكؤن من جزء واحد تراب ، والأجزاء التسعة الباقية هي نفايات موطوءة بهذه المخلوقات منذ ألف جيل. أطفال عراة يخرجون من بيوتهم بعد المطر ليجلسوا في برك مع الأوز. أو ليطاردوا الخنازير بين البيوت ، صارخين ،حتى أن أذني لا تميزان فواخهم عن قباع الخنازير. وراء جدران الحاجز الدفاعي، قطع قليلة مزروعة حبوبا، والنسوة يجمعن الحبوب ويدققنها، وبين السيقان تنمو أعشاب ونباتات أخرى يجب أن تفرز باليد، من قمح ، وشوفان بري وشعير. وليس لديهم شكل للزراعة آخر.
الآن ، منتصف الصيف. بطائح النهر ترسل أبحرتها، مع طنين الذباب. لكن ، بعد أسابيع قليلة ستأتينا أوائل الشتاء. رياح الشمال تهب عبر النهر، من السهوب السيثية ، تبسط القصب ، وتسوط الماء. الرجال ، من الآن في الخارج ، يقطعون كتلا من الخث سوف يكدسونها أكدا سا يتقون بها من البرد. النساء يملأن الأهواء بالحبوب ولحم الخنزير المدخن الذي يعلقونه في عوارض السقف. ما أن يتجمد النهر حتى يكون علينا أن نظل متأهبين خلف الحاجز الدفاعي ليل نهار. وليل نهار يظل الرجال في الحراسة. النهر، حامينا اليوم. لكنه بعد شهرين من الآن سوف يكون جسرا جليديا، ولسوف تندفع. القبائل من الشمال عبره ،ناهية مغتصبة ، مشعلة النيران ، إن أناسي هنا، هم متوحشون نسبيا، أما البرا برة الحقيقيون فعلي أن أراهم فيما بعد.
لقد حلمت بهم فقط.
في إحدى الليالي حلمت مؤخرا. بأنني مشيت تحت ضوء القمر، في الطريق بين الأكواخ ، أسمع الخنازير الصغيرة تقبع خلفي، وأسمع غناء عظامها الممصوصة ، حتى بلفت ضوء المستنقعات الغريب. كان القمر يعتلي القصب ، وقد نصف وجهه خط من الغيوم مثل عين سغمضة – عيني، نصف مستيقظة ، ومفتوحة مثل عين البوم ، نصف سغمضة في العتمة.
سرت على النهر، الذي دوم مثل الدخان تحتي، وكنت ضوء قمر.
بلغت الضفة الأخرى. سهل واسع يمتد بعيدا منبسطا منبسطا بلا ملامح ، كل شي ء كان غبارا يدوم تحتي ومن الغبار لم يتحرك مخلوق ، حتى ولا أفعى. كان المشهد أصليا.
وفجأة ، ليس من غبار السهل ، ولكن من السماء المدومة ، جاء حشد من الأشكال ، يندفع ، مرعدا، نحوي ـ رجال ، نعم ، خيول ، نعم ، وفكرت فيما لا أؤمن به ، وأعرف أنه يعود فقط الى عالم خرافاتنا، حيث وجدت نفسي : القناطير. لكن هؤلاء لم يكونوا المخلوقات المروضة لأساطيرنا الرعوية. كانوا ضخامة، وكانت رهيبة أنقاس منا خيرهم ، ووقع حوافرهم ، وضوء خواصرهم المتموج. عرفت أن هؤلاء ، كانوا آلهة.
وبهم أيضا ، لا أومن.
وقفت صامتا وسط السهل ، وبدأ وا يدورون حولي في دوائر ضخمة ، مطلقين لا صرخات خبث ، كما ظننت بل صرخات رثاء. وكأنهم يقولون لي. "أدخلونا في عامكم. دعونا نعبر النهض الى امبراطوريتكم. اقبلونا في حيراتكم. ثقوا بنا ثقوا". وبطيئا توقفوا.
توقفوا.
يتنفسون.
وحل صمت. وسيع كالسهل ، وسمعت أقات قلبي، مثل أخفت صدى لحوافرهم ، وأنفاسي مثل أنقاسهم ، تمزق صدري. أحد هذه المخلوقات ، ومن قوى الظلال التي أغلقت الأفق كله فوقي، تقد م بطيئا الي ، واضعا حوافره ، بلطف في التراب ، وتوقف على مبعدة قدم مني، بحيث أحسست بأنقاسه ، ودفئه ، وحسبت أني سمعت في دفق أنقاسه صوتا ذد مقاطع أقدر على تفسيرها ثانية كان النغم ما تعرفت عليه. وشرعت ، كأني بلا لغفة لي ، أنصت الى معنى أخر.
مددت يدي، ولمسته.
وانبثق شيء من أعماق رقادي، الى حد أننا وقفنا، الواحد يواجه الآخر، مثل إنعكاس يصعد الى سطح المرآة. إنه هناك غريب خارج عني. ومن داخلي ، خرج شيء كان انعكاسه كي يلقاه.
أفقت ، صرخت. والكلمة التي أطلقتها لم تكن من لغتي.
حاولت ، مزاك أن أتذكر تلك الكلمة ، لكن الصوت كان غار في رقادي. لو استطعت أن أتذكر ذلك الصوت ثانية ، فأظنني سأعرف ما كنت سميته ، ما الذي واجهته. وما ذلك الذي هناك ينتظر أن يستقبلني.
لقبت «ناسو» بسبب الأنف.
لست أدري ما الذي كان يفعل جدي بأنفه.
أما أنا، فقد كان أنفي للاخبار – أخبار المجتمع ، الأخبار التي تنتشر أنا في الأساس مخلوق اجتماعي. بعض الشعراء، فرجيل مثلا ، له أذن ، ممتازة في كل شيء. أنا، لدي أنف. والأنوف سياسية ، حتى لو وضعتها في أكثر الأماكن خصوصية. قد تكون أكثر سياسية آنذاك الأنوف تسبب لك المتاعب. بإمكاني أن أشم جيدا ما يريد كل واحد أن يسمعه ، ويبدأ يفكر فيما سمع ، ويستمر في التفكير أيضا، بمجرد أن أقوله.
كنا في سلام ، بعد قرن من الحرب التي دمرت فيها اسر كاملة أسرا أخرى، باسم الوطنية.
وأنا دخلت بالضبط ، في عصر من «اللخبطة » المتسامحة ، والصفاقة الماهرة ، حين بدا، أننا جميعا،قد تحررنا أخيرا من أغلا لنا لندخل في تنوير كان من العظمة بحيث لم تعد، شمت ، اي حاجة للايمان.
ومن الكون كانت أخباري تقول : " الآلهة لم تمت تماما، ما دامت أسماؤها على شفاهنا كلها ـ دع عنك النصب المكرسة لها التي قدمها يوميا زعيمنا المحبوب. لكن الآلهة أيضا توقفت عن أن تكون جادة ، ودخلت عصر اللعب. وقد هجرت الأماكن المقدسة وسكنت الخرافات التي لا تستلزم سوى انفصالنا المسلي عن الكفر. ولسوف تتضايق من أي شي ء كئيب ، أو فاقد الفكاهة مثل تقوى أجدادنا.
أخيرا، صرنا أحرارا في أن نؤمن بأنفسنا. وما دامت القواعد غير قائمة ، فعلينا أن نوجدها،حتن لو كانت غير سليمة !..".ومكذا دواليك. كنت أكتشف لجيلي أسلوبا وطنيا جديدا. لا مزيد من الفضائل المدنية ، ما دمنا نعرف جميعا الى أين تؤدي. لا وطنية بعد اليوم. لا تمجيد للرجال الذين يحملون السلاح. لا شعر تعليميا بعد اليوم. لا جرعات ماشية ، ولا حب الرعاة الصبيان ذد المذاق الإغريقي. كان عالمي شخصيا تماما، دليلا بصيغ جيدة واضحة ، الى شؤون البلاد ، بحيث تمكن معرفة هذه الشؤون في المترين المربعين للفراش.
وقد خلق الامبراطور عصره. هو يدعى الأوغسطيني، كما أعلن مؤرخان بالفعل ، وقد ثبتوا عيونهم ، بشدة على الحاضر إنه عصر وقور، منظم ، متباه ، كئيب إنه قائم في قصائد المديح (التي رفضت الاسهام فيها)، وفي الرخام الذي سيخلد الى الأبد.
أنا أيضا خلقت عصرا، مشتركا مع عصره، وهو قائم في حيرات وحب محكوميه. إنه عصر مرح ، فوضوي، سريع ، وهو. متعة ولهذا السبب يكرهني الامبراطور.
الامبراطور اوغسطس سوف ينتصر في المدى القصير. والآن المدى القصير. فلقد أبعدت – هذا هو تعبيرنا اللطيف ـ الى نهايات العالم المعروف ، وطردت من كنف لغتنا اللاتينية.
لكن ، في ظل بوابة أهدتها أخته الى زوجها المخلص ، يفعل بأحدهم الليلة ، لأني جعلت هذا يحدث في إحدى قصائدي، يحدث ذلك الفعل نفسه ، في المكان نفسه ، إشارة الى تحدي الجمهور. الآن في كل ليلة ، يفكر أوغسطس بالأمر، ويعض إبهامه. ثمة أماكن أقرب من البحر الأسود تتوقف عندها سلطة الامبراطور. وبوابة مارسيللوس من هذه الأماكن.
لكني هنا ، وكل هذا، كه خلفته ورائي بعيدا.
كم تبدو الآن سخريتي، حمقا،، وعقوقاتي، ورقصي على الحبل المشدود فوق الهاوية. لقد تشممت طريقي الى الطرف الأقصى للأشياء، حيث لا شي ء يبدأ. بذلك ما أوصلك اليه أنفك. أنا أتشمم ، أتشمم ، ولا أخبار من هناك ، لا أخبار من هنا. إنني ميت أنا مبعد الى اقليم الصمت. كل ما استطيعا أن أصرخ.
وهذا ما أفعله.
أنا أمشي جيئة وذهابا، على خط الضفة الصخري تحت الجروف ، التي يقسم ظلها الحصباء الى أجزاء متميزة من النور والعتمة. أنا أمشي بين الصيادين صائحا – أراقبهم يرفعون باندها شاتهم المتألقة ، من البحر، صيدهم الذي لا أعرف له اسما. أو أتمشى في الشجرا، على قمم الجروف ، ألوح بذراعي ضد البرد، وأرقب العواصف تندفع من لا مكان ، أو شلالات عظمي من الشوك ترحل بيضاء على الريح ، فاطلق صيحاتي.
الطريق الى روما بعيد. وإن كانوا سيسمعونني، فعلي أن أرفع صوتي، وأترك سيول الهواء الأسود هذه المتجهة غربا عبر السهول ، تحملني معها لقد جعلوني أصمت.
لكني لن أهدأ.
كيف بمقدوري أن أقدم لك أي انطباعة – أنت المذي لا تعرف إلا المشاهد المشكلة منذ قرون من أجل الفكرة التي تحملها أرواحنا جميعا عن المنظر المثالي الذي يجب أن تتم عليه حياتنا ـ عما كانت عليه الأرض في عمائها الأول ، قبل أن نأتي اليها بنظام الصناعة ، والمصاطب الزراعية ، والحقول والبساتين ، والمراعي، والحدائق المروية لعالم نصنعا على صورتنا؟
أتفكر بايطاليا ـ أو أي أرض تسكنها الآن – باعتبارها هبة من الآلهة جاهزة ، بكل جمالمها المرائق ؟ انها ليست كذلك.
إنها مكان مبتكر.
إن كان الآلهة معك هناك متوهجين من شجرة بمرعى ما، أو محركين روحهم على حصا جدول في نور الشمس ، في الآبار في الينابيع ، في صخرة هي علامة حق امتلاكك سفح تل ، إن كان الآلهة هناك ، فلأنك أنت اكتشفتهم هناك ، سحبتهم من داخل حاجتك الروحية اليهم ، وحلمت بهم في المشهد كي يتألق إنهم معك بالتأكيد. عانق شجرة ، وأحس بالروح تصب فيك ، واستشعر دف ء الصخرة يدخل في جسدك ، أغمر نفسك في النبع كما لو أن في مكان سائل من جسدك تنام حياة. لكن علينا أن نعترف بالأرواح كي تغدو حقيقية. إنها ليست خارجنا، ولا حتى داخلنا تماما. إنها تروح وتغدو بيننا وبين الأشياء التي صنعناها، والمشهد الذي شكلناه ، وتدخل. لقد حلمنا بكل هذه الأشياء في أعماق حياتنا،وهي ذواتنا. إنها ذاتنا التي نصنعها هناك وحين يكتمل المشهد نكون نحن الآلهة المؤهلين لملئه.
لكأن أي مخلوق قادر على أن يحلم بنفسه ، خارجا من وجود الى وجود جديد، درجة أعلى في سلم الأشياء. وبعا اننا وعينا في نومنا، فكرة كينونة أخرى، فإن أجسادنا لتجد، ببط ء، وألم ، المسار الطبيعي الذي سيسمح لها بكسر أغلا لها، والوثوب الى تلك الكينونة.هكذا فالصخرة النائمة في الشمس ، كانت يوما ما نارا ذائبة ، وصارت صخرة حين استطاعت النار أن تقول ، بصورتها السائلة : «سأتصلب. سأكون صخرة »، والصخرة تحلم الآن بأن عروق المعدن داخلها قد تعود سائلة ، وتتحرك ، لمكن ضمن شكلها كصخرة ، هكذا وهبط ء، وعبر قرون طويلة من التشرف لمثل هذا الظرف ، للنعومة ء للنبض ، تشعر أحد الأيام ، بأن التحول بدأ يحدث ، العروق ترتخي وتفيض ، والصلصال يلين ، وتكتشف الصخرة عبر عصور طويلة من تخيل حياة أخرى، عيونا، وفما، وأرجلا تثب بها ،وإذا بالعلجوم.
والعلجوم بدوره ، يعي وقد صار قادرا على السعي في الأرض ، إمكان التحليق في الهواء، ويحلم بنفسه محلقا، ذد جناحين ، وهو لا يزال علجوما. أجسادنا ليست نهائية. نحن نتحرك جميعا، في بشريتنا المشتركة ، وعبر الأشكال التي نحبها أكثر فيما بيننا نحو ما لمسته أيدينا، ونحن نفعل الحب ، وما توترت له أحبسا دنا في عتمة الآخر. ببط ء، وعبر القرون ، يتقدم كل واحد منا، بقدر متناهي الصغر، نحو إنسان نهائي، كنا أعددنا المنظر لرضاه ، إنسان نهائي لا يمكن إلا أن يكون إلها.
لقد رأيت نهاية هذا كله ، بوضوح في مخيلتي: الأرض تتجلى ء والألهة يمشون عليها في ضوء أجسادهم. ولقد رأيت الأرض كما رأيتها أيها القاريء ـ مهيأة لهذا منذ الآن ،ما دامت عقولنا تعي،وأيدينا تصوغ ،ما لم نتهيأ بعد لدخوله : حقول ذرة بعلو قامة ، منتصبة السيقان تحت الشمس ، متما يلة تحت القمر. غياض زيتون تتغير من الأخضر الى الفضي، كأن إلها قال : «فضة »، ومرت أنقاسه في المنظر لتحوله مع التفاف الأوراق. أنت تعرف هذا كله. إنها الأرض كما صنعناها، نمهدها، وننقيها، ونزرعها، ناقلين البذور من مكان الى آخر، غير متبعين خطة معلنة ،لكن تاركين لمعداتنا أن تهدينا السبيل ، ولجوع آخر أعمق ، حتى يكشف لنا المنظر الذي صنعناه ، المخلوقات التي نتشرف اليها ، والتي يجب أن تكون.
أنا أعرف الى اي مدى بعيد وصلنا، لأنني كنت عائدا الى البدايات. لقد رأيت الأرض غير المغيرة.
إنها منبسطة ، بلا ملامح ، مستنقع في الصيف ، ومتاه متجمد في الشتاء، بلا شجرة ، ولا زهرة ، ولا حقل ممهد. الحبوب البرية فقط تنمو معا في كتل مريضة ، أو تتطاير متناثرة مع النسيم. إنها موضع الوحشة المطلقة. البداية. أنا أعرفها كما اعرف ما بداخل رأسي. لن تستطيع أن تكون فكرة عن المدى البعيد الذي بلفناه ، وعن العودة البعيدة التي كنت فيها كي أرى هذا كله. كم كانت حياتنا متخلفة في بداياتها.
ومع هذا، فإن اختلاجات حياة جديدة تتحرك حتى هنا. البذور الأولى تعزل وتنقي،وتأخذ طريقها الطويل الى الكمال.
اليوم ، كنت أتمشى محتذيا نعلي العتيقين ، مرتديا قبائي، معتمرا قبعة قش اتقاء الشمس ، متعثرا، أكلم نفسي في الخراب الموحل ، نحو النهر، ولقد تسمرت قدماي لانتفاخة صغيرة من القرمز بين الذرة البرية قرمز.!
إنه أول لون أراه منذ شهور. أو هكذا يبدو. قرمز. كان زهرة خشخاش بري، ذات حمرة جد مفاجئة بحيث جعلت دمي يتوقف. ظللت أردد لنفسي ، الكلمة مرات ومرات ، قرمز كما لو أن الكلمة شأنها شأن اللون ، قد أفلتت مني، وأن مجرد نطقي بها سيحفظ الزهرة الصغيرة التي تهزها الريح ، في مرأي. زهرة خشخاش. سحر نطقي الكلمة جعل جلدي يقشعر.
كأن القول معجزة أعظم من البصر. سكرت بالفرح. رقصت صرخت تخيل دهشة أصدقائي في روما وهم يرون شاعر العاصمة العياب ، الذي لا يكاد يعرف زهرة ، أو شجرة ،يرقص ويدور بنعلين متقطعين على الأرض المنخورة المتشققة في مواضع ، والغارقة في الو حل المنتن في مواضع – أن يروه يرقص ويغني لنفسه ، محتفلا بهذه الزهرة.
يا زهرة الخشخاش ، يا زهرة الخشخاش القرمز، يا زهرة طفولتي البعيدة ، وحقول الذرة حول سزرعتنا في «سالمو»، لقد أعدتك ثانية الى الوجود،وبعثتك من ذكرياتي المبكرة ، بعثتك من دمي، لأجعلك تتمايلين مع الريح. قرمز. الكلمة السحرية على اللسان ،لتبرق ثانية في العين. قرمز. ومعها تأتي الألوان كلها، عائدة ، متدافعة ، كالتعازيم ، وتنفجر الأرض بها، وتتوامض حولي. إنني أصنع الربيع. مع صفرة زهرة المرغريتا الصفري التي تشبه عين الثور، زهرة غياض زيتوننا ذات الحشائش مع زرقة القنطريون العنبري مع اللون البرتقالي لزهرة القطيفة وأرجواني القمعية ، حتى مع أزهار القرنفل وبخور مس يم في حديقة أمي التي نسيتها طوال هذه السنين كلها. إنها تعود.. مع أن هناك ،في الواقع ، زهرة خشخاش وحيدة ، تو يجات قليلة نسيجها رقة وألق ،حول تاج من البذور.
من أين جاءت زهرة الخشخاش ؟ لقد بحثت وبحثت لكني لم أستطع أن أجد سواها.. يجب أن تكون البذور قد دفعتها السريع داخل الأرض ، فتجذرت لكن ، من أين ؟ من البحر – محمولة في شلال من الغبار المضيء، كي تسقط بيننا؟ أو في أحشاء طائر في طريقه الى المشعال ، ونمت من زرقة العابر وهو يمرق ؟
اقتعد. الأرض وألحظها. أنا أحب زهرة الخشخاش هذه. وسوف أحرسها بغتة ، امتلأ رأسي بزهور من كل نوع. تنفتق من الأرض في حقول عميقة ، وتدور في جمجمتي. كان علي أن أسمي الأزهار حسب بدون أن أعرف شكلها، لو نها، عدد تويجاتها، حتى تنفجر براعم ، وتطق متفتحة ، تنشر ضوعها في ذهني،وتفتح المقاطع السرية وأنا أضعها كالبذور على لساني، وأمنحها نفسا. سأقيم بساتين كثيرة اعمل هذا. أنا زهرة أنا بر سيفون. وعندي الآن الحيلة. الأمر لا يحتاج إلا الى الايمان. وبالامكان أن يتحقق هذا، كما قدرت ، كالآتي:
نحن نمنح الآلهة أسماء فيسرعون الينا، وهم يصعدون بمجدهم وقوتهم وجلالهم من الأذهان ، يتقدمون ليعملوا في العا لمم الأبعد، يغيروننا ويغيرونه وهكذا تستخرج منا الكائنات التي نحن في طور أن نكونها.ليس علينا سوى أن نجد الاسم ، وندع نوره يفعمنا مبتدئين ، كما هو الأمر دائما بالبسيط.
يا زهرة الخشخاش ، لقد أنقذتني، واستعدت الأرض لي. أنا أعرف كيف أطلع ربيعا.
إنه ليكاد يبدأ. كانت حياتي كلها، حتى الآن ، مضيعة. علي أن أدخل في الصمت لأجد كلمة السر التي سوف تطلقني من حياتي نفسها.
إلا أن الكلمات قد كتبت فعلا.
كتبتها منذ سنوات ، والآن فقط أكتشف ما عنتا، وأي رسالة كانت لي ، فيها: " سوف تفصل عن نفسك ، لكنك ستكون حيا" الآن " علي أنا أيضا ان أتحول.
ترجمة: سعدي يوسف (شاعر وكاتب عراقي مقيم في عمّان- الاردن)