اكتفى بالغيبوبة
لأنها وهي تلتف به
تعطيه أبهى أشكال انتشائه
تستل من كرمة روحه عناقيده وريقه
تقطره في يديه
وفي شفتيه
قبل أن تتركه الى يقظة أخرى
كما تفعل يده وهي تعصر برتقالة
على مائدة الصباح
الجبل كان عاد توا
من لقائه بـ (. . . . . )
وفي يديه شقائق النعمان .
الألوان كالمساحيق تتفتت بين أصابعه
عندما يحاول أن يحصر زهرة حمراء
بين هلالين . . .
لم يرتطم حينها بالاشباح والظلال
فتنجرح جبهته
كمن يصدم الواجهات الزجاجية العارية
لم يجرؤ أن يسأل الليل
عن لونه في الغيب
وقد بدأ يتفشى أمامه كسر كبير
اعترف أنه في تلك اللحظة فقط
أقنع الجمال
ألا يصغي لأحد.
حفر ملجأ يختبيء فيه
كمن يقيم جسرا
يعبر في اتجاه واحد.
حمل ملجأه الى الداخل
حنينا لا يحن الى نفسه
عينا مفقوءة لا ترى الاه .
منذ ذلك الحين
وهو يمشي
بخطوات مثل
حبال تتدلى في
جوف.
خطوات
تدخل الملجأ
كما تخرج منه
خطوات تفتك
به كلما ابتعدت
أو اقتربت
خطوات في
التيه
خطوات تأتيه
خطوات الملجأ
مازالت تمشي
فيه.
جرب ألا يكتب
فالصفحة البيضاء آلة يحركها عطب
حرش استوائي يقفز فيه كنقر الموت
جادة خلفية لتهريب الشعوب والبضائع والألغام
لا يمكن ردمها بالصراخ بالدم
أو بالمقابر
عذراء لا داعي لاعادة نسج بكارتها
كمن يرقع هدبا لعين مفقوءة
ولا لعرضها خلف زجاج الوقت
كما تفعل العاهرات بأجسادهن
ولا للبكاء على شرفها
أو غسله بالدم
جرب فقط أن يتركها لشأنها
أن يرى البياض يعرى أو ينهار.
هذه المساحة المرقعة بجلودنا
وهشيم خطانا،
من قال إنها
بيضاء!
عرف اللون
الأزرق
عباءة للمطلق،
جسدا
للمجهول
والأرض ،
كوكب الحياة
سيدة الألوان
والجهات
تتجول
مستوحشة عبر
المجرات
والشموس .
مركبة صغيرة
عادت يوما من خارج الغلاف الغازي
وضعت رأسه على الأرض
وقدميه على السماء. . .
فالأرض هي الزرقاء
والكون الأعلى والأسفل سيان . . .
مركبة ثانية
في يوم آخر ستعود
لتقنعه بأن اللون الأزرق الذي يعيش فوقه
هو كوكب الموت
وأن للحياة كواكب أخرى
تقع خارج الغلاف الغازي
للوجود! . .
مراكب !
هو محفوف بالمرأة،
المرأة محفوفة بالخطر.
مثل وجهها
بالمساحيق وشفتيها بالألوان
رهينة بينهما يحتجزانها كل نهاية لقاء
حجاج عائدون من الطواف
ومعهم صرة وضعوا فيها كل شيء
إلا تعاليم الحجيج وأسراره
أتت المؤثثة مثل قصر إله مخلوع
أنت المحتشدة بشظف النبال وحكمة الأقواس
أنت المسيجة بقامات الأشجار والأعمار
أنت المبللة بعرق النوافذ رطوبة التوابيت
أنت الغائبة الا في دخان حرائقك
أنت المفضلة لكل الفصول التي لا تجيء
أنت الباب التي يخلع جسده ليدخلها
أنت .
* القصيدة مقتطفات من ديوان الاحتمالات المعد حاليا للطبع في دار الفارابي – بيروت.
شوقي عبدالأمير (شاعر من العراق)