عني اتحدث اذ أقضم التفاحة العشرين ..
أمامي تتناثر نتوءات الوقت … هي ذى دقيقة اغلقتها على الأتى "هنالك حيث اتمدد مخصيا مكفنا بآثامي، تنبشني تطوافات العفن المنبعثة من جثتى، النبيذ علي ثيابي والسجائر المشرئبة تحتي، ونهداك يتمرغان بوحلي الذي فرغت للتو من التقيؤ عليه .
اقوم لافتح الشباك … لافتح الشتاء.
تمشط عيناي شعر "عبري" المنسدل على حاضرة المكان … غبار واتربة، والبرد قاس، ولكنه ليس عذولا.
ترتفع الجبال بصلف كصعاليك تبصر وحدها ما سيحدث حتما.
اقضم تفاحتي… تعول الريح فتفسد غيمة الشعر المنسدل على خاصرة الزمان … غبار ينفلت كزوائد الوقت الميت … اوراق تطاير… صفعة هواء تفلق على الشباك فيفجؤنى بصرخته المؤلمة .
"تبا.. انهم الجن من فعل ذلك ".
اقضم تفاحتي بلا تلذذ.
تدخل امرأة … احاول التعرف عليها من اين يأتي هذا الشبح الذي ما يزال يحمل ملامح النطفة التي كنتها.. اعرفك … انت امي…. تبتسمين .
"مالك واقف فى ذا البرد حيث الشباك ، باغي تعوق ولا باغي تعوق ".
ابتسم ببلادة … اقضم – للمرة الاخيرة – تفاحتي حتى آتى عليها، اقذفها من الشباك الذي عاودت فتحه مجددا.
"اشوفك ما عندك شغلة غير توكل ذا التفاح … مو منه من الفايدة … مرياحي وبس .."
تخرج امي
اقفل الشباك ، والغبار المنفلت ما يزال يطوف بالخارج
***
ولما كنت تواقا لنبوءة توزع لقاحاتها فتشذ عني دمائى لانتشر مذعورا بالرعد مصلوبا بالتراتيل البدائية … وكان الليل يترجل عن صهوة صبواته الغائرة "كأول مسمار بنعش الرؤيا" استمعت جوارحي لوشوشات الطير تخاتل الخليفة وتلوذ بالصمت اذ ادنو.
وكالمسافة الواصلة بين نبيذي وفمي وعلى غفلة منى اطعت الصمت فانهالت سناجب الكلمات تتقافز والقلب جرذ تقطر من وحشة الادعية .
استل تفاحة جديدة … اقضمها.. اقوم لافتح الشباك ، لافتح الشتاء البرد قاس ، ولكنه ليس عذولا.
"لو أنى استظل بهدب نهديك كما يستظل الصوفي بشجرة الرموز، لو انك تهطلين علي او آتيك بقمح شهوتي وانثره علي عينيك ذات ليلة ساقطة من روزنامة الزمان … لو أنى فى الليالي الماضيات قاومت رعشتي وانت تعتصرينني كغمامة … لو أنى ابوح باسمك الآن فحسب … لو أنى"..
اقضم تفاحتي بلا تلذذ وامامي تتناثر نتواءت الوقت ..
المساء يتفصد حميمية لصباحات ما امتزجت بها ظمآنا.
عذابات حنين تصاعد نشوى بمخاضها، تدافع خلفها ارانب
لهفتي للفرح المنسل من اعضاء الذاكرة ، الذاكرة النافقة كزوج من الاحذية البالية .
" لو ان شيئا ينزلق من نطفة الزمن فيتخلق فى رحم هذا السديم الكوني… لو ان ما تكسر يتثنى، لو ان خلقته تتكامل فيولد من جديد،لأومأت للذي ما تكور بعد عله يأتي".
امسح ببصري الافق … غيمة الشعر الرابضة على المنحنى
يدخل البرد الى من حيث لا اعي.
" لو تتكسر عظامي الآن كسدرة سحروها فماتت "
اقضم تفاحتي ببط ء… هي الاخرى لا طعم لها.. اتأملها.. لو ان التفاح ينمو فى عبري!
***
البرد قاس ، ولكنه ليس عذولا…
اتنزل كالليل على منعرجات المكان … اطوف بالنخيل واطوح بنتوءات الوقت .. اغازل شجيرة صغيرة … تحصد شوكة اصبعي.
"لو اشاكس الجبال الصعاليك هل ابصر ما سيحدث حتما".
اقضم تفاحة أخرى هربتها الي
الريح فى جسدي وعني سوف اتحدث اليها.
يتنزل الليل … يتمدد على خاصرة عبري، غبار ينفلت واوراق تتطاير والبرد يدخلني من حيث لا اتذكر.
الريح فى جسدي، وعني سوف اتحدث اليها…
عن آهة كفنتها اللذة بطمي الخصوبة فاستقال البحر ونزحت المواسم قبل التمزق والانسلاخ .. عن شامة استوطنت صدري وما اكتسى بالزغب بعد.. عن جسدي الخجول يوم ارضعته الارض خواءها فانتفخ ، فلما استوى على الليل تهرأ.. عن وجهي الذي تعهرت عيناه بغبار الصحراء فتجلفن وتسوقن وتوحشن حتى تأنسن ثم انفجر… عن لغة حاول ان يشق بها الحجب فتشققت جمجمته الى ما ليس يعرف من كلمات وخطايا عن انثى راودته فاعتكف بجليد غرفته المطلة على شرفة الابدية .
عني -للريح -اتحدث وانا اقضم تفاحتي بتلذذ… امتصها، امتصها بتلذذ كما امتصصت نهديك فى تلك الليلة وانت تعتصرينني كغمامة .
كما لو أنني صلبت بينهما.. كما لو انني يممت شطر الريح … حيث الريح هاجت".
امتص تفاحتي بتلذذ وشبق
كان نهداك -ليلتها -بحجم تفاحتين … امتصهما واشتهى نبيذي لأتحد بي .
" لو انني ابوح باسمك الآن فحسب ".
تصمت الريح … اقضم التفاحة بلا تلذذ… تنسكب عيناي عليها… انها فاسدة !
* * *
هي ذى دقيقة اغلقتها علي … تنسربين اليها.
كانبجاس السؤال … كاختلاس المحرم من سفر القداسة .. كاللذة خاتلها الألم … كالبكاء سيان النسيان كالطريق اعود اليه ولا اذكر أنى سلكته .. تنسربين الى لحظتي المغلقة .
اقوم لافتح الشباك .. لافتح الشتاء
امسح ببصري الافق … غيمة الشعر الرابضة على المنحنى.
التقط التفاحة المائة .. لها اتحدث
" لو يتثنى ما يتكسر، لو يتخلق من نطفة الزمن .. لو يولد من جديد… لو… لو… لو تتكسر عظامي الآن كسدرة سحروها فماتت ".
اقضم تفاحتي برتابة ..
عبري الغبار والاتربة والسدرة العتيقة التي لاتثمر تفاحة…
الريح تعول فينفلت الجن كزوائد الوقت الميت … اوراق تتطاير، والشباك مفتوح يدخلني منه البرد من حيث لا اتذكر، لا اعي.. انه قاس ، ولكنه ليس عذولا.
اقضم تفاحتي المائة برعشة … واتحدث عنى، اذ اخطو نحو النهاية ببذخ .
" لو استطيع ان ابوح باسمك الآن فحسب ، لأومأت للذي ما تكور بعد عله يأتي… لأسكب فيك انطفائى من اول الدائرة الى آخر المثلث ، متوسلا مبشرا أنى اكون فلا تنطق ناري إلا بك" .
تدخل امرأة اعرفها انت امي
" تو بعدك ما عندك شغلة غير ذا التفاح … مو منه من الفايدة مرياحى وبس."
احاول ان ابتسم … صفعة هواء تغلق علي الشباك فيفجعني بصرخته المؤلمة ويواري عني عبري، غيمة الشعر المنسدل على خاصرة الزمان …
بوحشية اعصر جدث التفاحة بين اصابعي.. اندفع راكضا الى الحمام …
عبدالله خميس -عمان