بعد تجربة طويلة في ميدان القصةِ القصيرة،إنتقل محمد البساطي الى الرواية القصيرة (النوفلا)، ليتسع أفق سرده ويتمايز عن تجارب الكثير من الروائيين العرب. ولا تبدو كتابته على انقطاع مع تراث القص المصري، فهي تقترب من واقعية يوسف ادريس، إن شئنا لها إنتسابا، ولكنها تختلف عنها في تطوير المنظورات الإدراكية التي تتضمن موقع الراوي، وعلاقته مع الشخصيات وزاوية النظر التي يتبناها. وفيما يسميه من كتبوا عن روايته « الصوت السردي المحايد»، كما تقول لطيفة الزيات، والموضوعية في تسجيل الظاهرة من الخارج، وهو الانطباع الاول الذي يخرج به قاريء روايته، يتوجب ان نعرف ماذا تعني وجهة النظر المحايدة عند البساطي؟، وهل هناك حقا زاوية نظر يتخذ من خلالها السارد موقفا «محايدا» ازاء خطاب القص ومحمولاته من معان ودلالات؟.
ينبغي في البداية التفريق بين زاوية النظر التي تدل على موقع السارد، ووجهة النظر التي تفسر الرؤيا الشاملة للنص، وهذه الأخيرة يتدخل »المؤلف» في تحديدها. فالاولى عند البساطي متحركة، لأن موقع السارد متبدل وليس ثابتا، اما الثانية فهي تحتمل نوعا من الغياب أو الحيادية للمؤلف،لانها ترتبط بحركية السرد التي تعتمد انفتاح دائرته أمام تفسيرات القارئ.
ليس بمقدورنا هنا التأكيد على مدى مطابقة كلام رولان بارت عن غياب المؤلف، فيما يخص قص البساطي من ممكنات، ولكن الذي يهمنا من قول بارت، الجانب الذي يتحدث عن حرية القارئ في تأويل نصه، وما يحمله هذا النص من إمكانات مضمرة تفوق ما هو ظاهر فيه. فأغلب مسرودات البساطي،تستطيع إبقاء المستوى الدلالي، او حصيلة مضمون الوحدات اللغوية، في منطقة مولّدة لتوقعات لا حصر لها من التأويلات. انه يشتغل على مرّكّب فيه من التعقيد، وتداخل المقاصد والمؤثرات، ما يتيح إمكانية خلق قارئ ينتظر من الكاتب ان يدعه في خياراته الحرة. فالبساطي يوفر في أعماله إشارات خاصة، ولكنها دائما ملتبسة، وعلى البساطة التي يبدو عليها نصه، فان غاية سرده غامضة، إن إستعرنا من امبرتو ايكو هذا التعبير حول الكتابة الطليعية (1) أنه يؤسس وعيا جديدا للكتابة الروائية، ينسّل فيه المؤلف خارج ابتكاره، ليغوص داخله، او يقف وراءه او فيما هو أبعد من نقطة بدايته.
ولكن هل بمقدورنا القول أن البساطي، يملك حرية الخروج عما يسميه النقاد تأثير الخطاب السياسي والاجتماعي لفترة ما، حيث يتفق الكاتبون دون وعي منهم، على تمثل مقولاته؟.
أكثر قص البساطي، لايقف على مبعدة من انشغالات البيئة، وحوادث أزمنتها وأماكنها، أي ان علامات سرده تنتمي الى كون محدد،ومشّخص بقيمه وعاداته،وتشوفاته الإجتماعية،وحتى السياسية، ولكنه يستخدم تلك العلامات، في نظام من التواصل، يستبدل سياقها المألوف بسياقات غير مألوفة. ذاك أن الوعي عند البساطي ينشط بعثوره على الفكرة وهي تتفكك و تتركب وتلعب مع نفسها، على حد تعبير فوكو. فقد تحرر في الكثير من رواياته من المطابقة بين الواقع وما ينتجه من تمثلات، لأن الوقائع والإحداثيات تتخلخل وتتراكب وتدخل في نظام جديد، يتحرك من خفايا حساسية نظامه البديل.
وحيث أن الكثير من سرده شديد الصلة بفكرة الحكاية الشرقية،حين يتجرد الوصف فيها من الأنشاء وزخرف اللغة،فالجملة تقوم بمهمة الإبلاغ الخبري،وهي في الغالب مقتصدة وتقريرية،ولكنها تتابع التجربة في حركتها الجزئية لتلتقط الإختلافات اللامرئية في المشاعر والمواقف.
يشتغل البساطي على فكرة المحاكاة والتغريب ،أي محاكاة الواقع المصري ونصه الشفاهي، وفي الوقت عينه يستخدم تلك المحاكاة في تغريب البيئة وأناسها وحكاياتها. ولعله في عمله (الخالدية) يُفصح عن بعض آليات فعل التخييل ذاتِه، او سلطتهِ الرمزية، فالفنان عندما يصنع مدينةً من الصلصال،يقلب الفكرة أو الدلالة التي يظهر من خلالها الفعل، لتتقدم الصورة الذهنية على الواقع، بل تطالبه بالإندماج معها، أو مشاركتها في اللعبة الإفتراضية للوجود.
هناك قدرٌ من التنافس والإستبعاد بين الحكايةِ الوصّافة التي يتماهى معها مستمعها في سرد البساطي، وبين رمزية تلك الحكاية وتجريدها، أي نظامَها الثقافي الذي يصنع الرمز ويصله بالمكون الثيمي. فالحكاية الشفاهية، وخاصة تلك التي تتحدث عن سير الأبطال، لها نظام يقوم على ديناميكية التفاعل بين الحكواتي والمستمع والأحداث، والمستمع يرى في سيرة البطل ما يساعده على موضعة نفسه داخل الصراع(مع أو ضد) لأن بين ناقل الحكاية ومتلقيها، شيفرات البيئة نفسها وثقافتها وهويتها المحددة. وجانب من هذا التكوين الحكائي يدخل في سرد البساطي، بل يؤكد عليه في مواقع كثيرة، ولكنه ينقله الى فضاء ثقافي مختلف، عندما يبدأ بإبعاد فكرة التماهي نفسها، من خلال القراءة المزدوجة،حيث تميل الى تجريد الواقع وتلغيزه، وإثارة أسئلة مربكة تقوض الأبعاد المحددة لرموزه.( 2).ولكن هذا الإستبعاد أو التنافس لايظهر على نحوٍ يُحدث التناشز داخلِ بنية النص، بل يُصبح في المحصلةِ جزءا من صيرورة وعي السارد الذي يبدو وكأنه في حالة تشكّل مستمر.
من هذه الزاوية يمكن إدراكِ سرّ التناغم في مستويين للخطاب الروائي عند البساطي :البعد الظاهري، ويعتمد عروض البيئة المحليةِ، ولغتَها وطرقِ إعرابها المتوارثة، والبعد الباطني، الذي يستعير جمالياته من ترميز وتجريد القص الغربي.
الأغراب والمحليون: ثيمة التجاذب
قدم البساطي نفسهَ كحكواتي في أول روايةٍ له (التاجرُ والنقاش) 1976، فكان اهتمامه بالموتيفات الحكائية، يفوق اهتمامه بالبنية المتماسكةِ للروايةِ، ولعلها أفضل طريقة لاحتواء التوالد والتداخل في الحبكات، فبدا خطاب الرواية بما يضمر من ترميز مكثف، وكأنه مغامرة لسبر مناطق مجهولة في الوعي القرويّ وتمثلاته. عبر الحكاية التي تنتجها القرية، تتكشف الكيفية التي تنبثق فيها المعتقدات والتصورات عن العوالم المحلية، والأخرى القادمة من أعماق الوعي الجمعي السحيقة. طقوس الإيمان التي يمارسها الناس في هذه الرواية، بدت وكأنها تمتد بعيدا الى العبادات القديمة، حيث تتصل ديانات الحاضر بماضيها الوثني. ومن هنا يخالط دور الحكواتي ـ المتفرج، دور السابر أو المتوغل عميقا في حركةِ الكائناتِ والطبيعة، وايماءات البشر وتناغمهم مع تصوراتِهم عن المجهول.
البدو القادمون من خلف الجبل،وهم موضوع الرواية الأول، يحيلون القارئ الى اسطورة الإنتظار التي تعيد قصها كل حكايات الشعوب. أنهم التتار أو البرابرة الذين تعيش القرية على انتظارهم، وتتشكل حياتها وفق إيقاعِ الخوفِ من غزوهم. ولكن الراوي ينتقل في مقام السرد الثاني، من ترقب هبوط الكائنات الغريبة، وهو زمني محدد بميقات، الى مراقبة المكان الذي تأتي من خلفه تلك الكائنات، فيتحول الجبل سلطة روحية يتقرب منها الناس ويمارسون طقس صنعِ المخاوف والولاءات من خلالها. علاقة الجبل مع الناس في أساطير الشرق تكاد تكون واحدة، فهي تدل على (ما يوجد في الوراء)، اي الغريب الذي يصبح الجبل علامة تشير الى حضوره. بيد ان هذه الثيمة، التي تتكرر في ثقافات الشعوب، لاتقف في هذه الرواية عند هذا الحد، فهناك خلف الوجود المتعين بعلاماته الواقعية، وجود تمثله حركة انبثاق الشخصيات وإضمحلالها، عبثية المصائر وحكاياتها المتخيلة.تلك المرايا التي تكمن خلف كل سارد لتصوره في مكان متبدل. عندما يحاول السارد تحديد شخصية متعينة كي تتخذ سمة البطولة القصصية، تكون تلك الشخصية قد دخلت خيال الناس: التاجر، النقّاش، صانع الأقفاص ومتسلق الجبل، المرأة الغريبة، والغجري الغامض، كل واحد فيهم تلوح شخصيته من خلال ضباب شفيف، يجعلها أقرب الى الوهم منها الى الحقيقة.
العمق الذي تتجه اليه هذه الرواية،يتحدد بانفلاتها من التعيين عند نقطة محددة، يدركها قارئ واحد: فهناك في الحكاية الواحدة المنفصلة مجموعة من التوريات التي تبّدل موقع الشخصيات، وتعيد صياغة المعاني التي تتضمنها الحبكة، وتضيف الى الخطاب الأساسي للرواية بعدا متغيرا. صعود الجبل، وحركة الذاهبين والعائدين منه، يختبران قدرة القرية على صنع الحكاية : «ما كان أحد يستطيع أن يصعد غير ( الزناتي). كانوا يتساقطون واحداً بعد الآخر قبل أن يصلوا الى المنتصف. ما كانوا يستطيعون أبدا ان يتسلقوا ذلك الجزء الأملس الخالي من النتواءات. ويردد العجائز..» هذا ما حذرناكم منه .. كان يمكن أن تموتوا ، او تصابوا بالعمى.. انه الزناتي .. لاتستطيع الصخرتان أن تفعلا شيئا مع عينيه الحولاوين .. انه يخدعهما دائما بنظراته التي تتجه الى غير ما تتوقعان». شخصية الزناتي في الرواية، تبدو شخصية محورية، وقدراتها «الخارقة» تتحدد في غيابها لا في حضورها، فهو صانع أقفاص فقير، ولكنه يستطيع التعامل مع الجبل، كمكان يخصه دون الأخرين. بيد أن ما يكتشفه القارئ عنه، يبقى احتمالا بين احتمالات كثيرة عن قدراته الجسدية، بما فيها قدرة عينيه على رؤية ما يزدوج من أفعال الجبل نفسه. لا يدخل السارد هذه الشخصية في عالم غرائبي، كما لا يدعنا نعتقد بروحانيات تخصها، ولكنه ينقلنا الى منطقة اللايقين في معرفتها. وهذا ما يفعله مع النقّاش وفنه الذي لم تعد القرية تعتقد بأهميته، كذلك التاجر وتجارته المفترضة، او الغجري في مكوثه ورحيله، او المرأة الغريبة وهي تتردد بين عزلتها أو معاشرتها الرجال.
تنبني علاقة الشخصيات وتتفكك بمسافات تبعدها عن بعضها، وتبقى حكايات القرية، اي حكايات الساردين، هي التي توحد مصائرها في مكان لا هو بالغرائبي ولا هو بالواقعي.
تصبح العلاقة بين داخل المكان وخارجِه ثيمةً أساسية من ثيماتِ روايات البساطي، فالجبل في روايتهِ هذه، هو الخارج الذي يخافَه الناس ويأتي منه الغرباءُ ويبتلع المواشي والأغرار، بيد ان تواصَله مع أهل القرية، يتشكل في محبة الخضوعِ وفي كراهية النفور أيضا، ولعلها الثيمة الأوضح التي تصلنا على نحو مراوغ بعد ان تمر عبر ثيمات أخرى. فيما بمقدور قارئ آخر أن يجد في فعل البطولة تجربة يتشارك فيها الجميع، فهم يصنعون حكاياتهم ضمن ميقات يتحدد بمواسم الرزق وتبادل المصالح.
في (المقهى الزجاجي) 1978 ثاني رواية للبساطي، تتخذ فكرة الأغراب سمة أخرى، فهم الخواجات في زمن أفول سلطتهم، والسارد يتابع حركة الانتقال المؤجلة لهم من تركيا بلدهم الى الناحية المصرية التي يقيمون فيها.
تمارس في المقهى التركي المضاء بالثريات، طقوس السلطة الغاربة التي يرى الخواجات شبح أفولها في قصص الرحيل والبقاء، أما محطة القطار التي تتصل بالمقهى، فهي تستكمل فكرة المغادرة، الزمن المعلّق وهو في غدوه ورواحه.
في روايته الأولى، الأغراب يقيمون داخل هواجس الناس، وتتشكل صورتهم من أوهامهم ومروياتهم، في حين تنبثق صورة الأهالي من هواجس الخواجات الأتراك في روايته (المقهى الزجاجي)، فالناس، او أهل الناحية، يقبعون خلف المشهد الذي يحتله الاتراك، في حركة تقصيهم عنه. لعل ما فعله البساطي هو استبدال فاعل بآخر.
لايكتفي البساطي في تفعيل البنية الواحدة لاستثمارها في خطاب متحرك للأغراب، بل هو يصنع شخصيات مستقلة، كل واحدة تملك حالتها الخاصة، وتمثّل على مسرح أوسع من مسرح هويتها المحددة، او انتساباتها. فما بين صاحب المقهى التركي الذي يرفض المغادرة، والوسيط في غدوه ورواحه الى تركيا، ثمة اختلاف في المساحة التي يمنحها النص لانضاج شخصية كل منهما.فالاول منقطع عن ماضيه لأن هذا الماضي غامض ولا يود تذكره، وليس امامه سوى البقاء «وأين تذهب؟ كل بلد مثل الاخرى، أذكر لي بلدة واحدة تختلف عن هذه الخرابة». اما العجوز حامل الرسائل والأخبار والصحف من تركيا، فتستكمل الرواية من خلال اشارات أفعاله، ما فاتها من ثيمة أفول سطوة الغريب، تاريخه الذي يظهر على هيئة ومضات.
من نقطة بعيدة في سيرة العجوز،ينبثق الحلم العثماني بغزو أوروبا، هيمنة تركيا على العالم. بيد ان الراوي يستغرق ضمن المساحة الأكبر من سرده في نحت صورته الانسانية: عذوبة الإيماء في حركة الرجل، لمسات تصوغها تلك اللحظات العابرة للزمن في شخصية الإنسان: مقعد القطار الذي يرفض استبداله، والاشجار التي أدمن النظر اليها، أصحاب الرسائل وأخبارهم التي ينسج منها حكايات يعّدّل فيها ما يشاء، وحفيده الصامت الذي يدربه على وظيفته.
بناء الشخصية عند البساطي يكاد يكون الجزء الأهم في روايته، فمن خلالها يفصح عن نسبية القيم والأعراف، لا كتجسيد أخلاقي لخطاب ما، يشغله دحضه أو إثباته، بل هو يحرص على ان تنطوي تقنيته على تراكب في الأصوات وتنوع في العوالم، ومن هنا ندرك عمق وثراء الأفكار التي تقترحها رواياته. فلا نمسك في خطاب النص رغبة في تحديد الآخرين ضمن حيز مكاني يبعدهم عن الذات، بل هو يضعهم في مكان الذات التي تنتج «آخر» من داخلها.
الأغراب الذين يظهرون في (صخب البحيرة) 1994، يشبهون أغراب (التاجر والنقاش) حين يؤدون الوظيفة ذاتها، الغزو ونهب البيوت. ولكن تطوير الفكرة تأتي من تبدل طقس الاسطورة في مناخ الرواية، فالبحيرة هذا العالم المجهول، ينسج أساطيره الخاصة من خلال علاقته بما خلف الماء، أي البحر الشاسع الذي لايُدرك. وهذه العلاقة تتغير بما تلفظه البحيرة من لقى وحاجيات، وبما تأتي به من قيم جديدة.
هناك المرأة التي تعاشر القادمين من وراء الحدود وتحبل منهم،فهي الثبات في المكان مقابل توق الرحيل عند الشخصيتين الرئيسيتين «كراوية» و«عفيفي»، فهما مرتحلان دائما في مكانهما الغرائبي، حين يتوقان الى التوحد مع افعال الغرباء. فقد روت امرأة من القرية، قصة سطوهما على بضاعة دكانيهما، ولكن التصديق بهذه الحادثة لايعني الكثير لأهل البلد، فقد غاب الأثنان خلف البحيرة ولفظتهما مياهها، مثلما تلفظ الغرباء الذين تدفعم مياهها بين أونة وأخرى.
تبقى فكرة التماهي بين الأغراب وأهل المكان من بين الثيمات التي يستخدمها البساطي لمحو فكرة التقابل او مسرح الموقفين،وسنرى ثيمة الغرباء، كمجاميع او كأفراد، تحتل جانبا مهما في نص البساطي، فهم يقومون بوظيفة تحريك ديناميكيات التحاور، لا بتواصلهم او بغربتهم عن المكان وسكانه وحسب، بل في اكتشاف أهل المكان لأنفسهم وقيمهم عبرالوجود المفترض او الواقعي لهؤلاء. أنهم لحظة وعي داخلية غائبة أو محجوبة بروتين الزمن وانغلاقه،وتنشيطها يحدث في اطار السرد، نوع من الاستجابة الى تكنيك يمكّن المؤلف من أسلبة شخصياته، ونقلها من النموذج المحاكي للواقع، الى الاخر الذي يوازي الواقع ولكنه يعبره الى خياله.
الرغبات من حيث هي نظام سردي
يحاول البساطي في رواياته صياغة الرغباتِ،لتتحول الى تقنياتٍ فنيةٍ. الرغباتُ المترددة بين التمردِ والخضوعِ، الكامنة في أعماقِ اللاوعي الجمعي والفردي. تتقدم هذه الثيمة المتكررة في رواياته، على المستوى الفني عبر اللغةِ الداخليةِ التي يحتويها سرده : هناك ضرب من التراسل بين الشخصيات،لا يظهر سطحه في الحوار أو الوصف، ولكنه يتشكل من بنية التوتر بين الخطاب المباشر والضمني، وهذا الاخير يضاعف مستويات التأويل. على هذا تحوي العلاقة بين الشخصيات على قدرٍ من التباعدِ أو سوء التفاهم الكامن في لقاءات البشر اليومية. من هذه الزاوية تتحول رغبات الرجال المحليين،وشبق النساء الغريبات،الى مجال لإختبارِ الإرادات وتطويِعها او استيعابِها أو التخفيفِ منْ طابعِها العاطفي. يجري من خلالِ هذا النظام أسلبة اللغةِ المحكية، او تجريِدها من قدرةِ التواصل، كي تستطيع تمثيلَ واقعٍ غامضٍ وسريٍ وملتبس. فحين تشتاق القرية أو المكانُ عموما الى نبذ المرأةِ الغريبةِ او الإستحواذِ على جسِدها،يصبح مجال المرأة الخاص، مكمنَ الصراعِ بين الوهميِّ والحقيقي، وبالتالي لحظةَ التخييلْ الممكنة لخلق الحبكة او تطوير مواقع الصراع.
قصص النساء عند البساطي، تبقى في الغالب، معلّقة، فهن نتاج وضع الوعي في زمن محدد، هو زمن المستقبل لا الحاضر ولا ماضي القرية مسرح السرد في الغالب. من هنا يصبح الأبناء، الأكثر قدرة على التواصل الجسدي مع اولئك اللواتي يتزوجن الأباء. تبرز هذه الثيمة في روايته (بيوت وراء الأشجار) 1993،قبل ان يكتب روايته (فردوس)2002، التي اثارت الاهتمام. فالجميلة المتعلمة في (بيوت وراء الاشجار)، وتكاد تشبه بطلته فردوس، قذفتها الحرب في القناة الى بلدة بعيدة،تتزوج قصابا أميا بعد ان تعبت من التهجير،وتبدأ الرواية لحظة إكتشاف الزوج علاقتها بالصبي الذي ربّاه،فيسجنها في الزريبة،ويبدا رحلة الاعداد لقتلها وملاحقة العشيق. هكذا تتخيل القرية، ولكن القارئ يكتشف الجانب الثاني في شخصية البطل الذي يبدو في النهاية وكأنه يحاول الهرب من هذه الفكرة لا مواجهتها، فيموت وهو في هروبه الملتاع، لترحل الفتاة قاصدة مكانها الاول.
هناك قياس مضمر في النص، يوازي القياس الظاهر لحادثة الخيانة، ويقوم على ما تخفيه العاطفة،وما تتضمنه الرغبة من احتمالات نفي اشباعها.
تكنيك الرواية يشتغل على فكرة الإخفاء والحذف،وترك المشهد السردي معلقا، لايدرك منه القارئ، الا ثيمة الإحتمال. فالمراة الوحيدة تواجه عالما يحاول الاستحواذ على جسدها، حتى أخت الزوج، تفعل هذا دون شعور منها، ولكنها تبقى بعيدة عن هذا العالم، وراغبة في ان تثير فيه فتنة الامتناع. بين جسد المراة الجميل، وعيون الناس مسافة من التحاور فهي «لاتزهو بأشيائها، ولكنها تحب نظراتهن المحدقة بها» أو «لاتريد أحدا يدخل بيتها، فتظل في بُعدها وتالقها حديثا هامسا يتداوله الناس». ومن هنا تصبح علاقتها الغامضة بالشاب الصغير، محض امكانية بين امكانات هذا العشق الذي تحتاجه من الاخرين.يقلّب الراوي فكرة الرغائب بين الظاهر والمضمر من الافعال،متنقلا من موقع الى آخر،فكل افعال الزوج، بما فيها مهنته (جزار) تشير الى ترجيح فكرة القتل، فهو الريفي والامي، لايقبل عارا مثل هذا، بيد ان المواجهة التي يعد العدة كما يظهر من افعاله،لم تكن سوى التمهيد لإكتشاف شخصية المرأة، وشخصية زوجها، فلا المرأة تتصرف كخاطئة، ولا الرجل يصبح قاتلا، كلاهما يشكلان معادلة تقوم على نفي معادلة الضعف والقوة. وهكذا تصبح الرغائب حيزا دراميا، تتحرك فيه مقاصد السرد،وتزدوج دلالات الحكاية فيها.
تتكررشخصية هذا النوع من النساء في رواية (فردوس)لا على صعيد علاقة القرية بالمرأة الجميلة الغريبة فقط، بل يتكرر موضوع الخطيئة المحتملة مع ابن الزوج.
بدت هذه الثيمة للبعض النقاد مستعارة من الدراما الاغريقية (عقدة أوديب)، او رواية ماريو بارجاس يوسا (في مديح زوجة الاب) ولكنها أقرب الى متابعة فكرة الإغتراب التي تظهر في العلاقة بين تشكل الرغبات وامتناعها.ولعل تخطي قانون الدنس والطهارة الاجتماعي، من بين محاور التجاوز المهمة في خطاب السرد عند البساطي، وخاصة عندما يُدرج ضمن تقنية تبث إشاراتها على هيئة ألغاز جديرة باحتسابها عابرة لأخلاقيات التحريم الاجتماعي. فهناك شخصيات نسائية في (التاجر والنقاش) و(صخب البحيرة) و(أوراق العائلة)، لها صلة بشخصياته النسائية على امتداد رواياته، ففي رواية (أوراق العائلة)2003 يصور السارد شخصية الجدة زينب، المتعلمة الجميلة التي تتزوج برجل أمي يطارد النساء، وتعطي الرواية انطباعا بعلاقة حصلت بينها وبين حميها وانتجت ابنها الوحيد.ثلاثة أجيال يرقبها الصبي (السارد) في تناظر بين زمنين ماكثين في الأوراق السرية للعائلة. وحيث يكتشف الأب( أب الطفل) التباس العلاقة بين جده وأمه، يبدو التواصل بينه وبين ابيه وجده في مكان وزمن واحد، حصيلة هذا الاكتشاف.
الجنس المحرم لا يستخدم في نص البساطي على انه فضيحة أخلاقية، إلا بمقدار ما يشكل انحرافا في زاوية النظر المتراوحة بين الحفر في دهاليز اللاوعي، والرغبات المؤجلة، أو التجاوز على واقعية الشخصيات ومنحها حرية التحرك في فضاءات افتراضية تغير مواقع تقنية الحبكة.
المرأة الجميلة التي تبدو على درجة من الهشاشة في رواياته، تقوم بوظيفة الاغراب،حين تتناشز صورتها مع صورة نساء المكان، ولكنها أيضا تحدث إهتزازا في السطح الساكن لحياة البيئة التي تحل فيها، او زمنها المتكرر، لأن زمن المرأة يمزج عالم الفعل اليومي بالاستبطان الداخلي،لذا تبقى الى النهاية لغزا، وتحدث قيمها وتصرفاتها ردود فعل تبقى في ذاكرة الناس.
قد تحيلنا ثقافة الخطاب الفامنستي السائدة اليوم،الى ما يمكن أن نفترضه في نوايا المؤلف،ومنها توقه الى تجسيد صورة المرأة المتطلعة الى حريتها،كما ورد في بعض الكتابات عن البساطي، ولكن هذا النوع من التسويات التأويلية،تبدو على درجة من التبسيط لا تناسب نص البساطي في تناوله غربة الإنسان الروحية وهشاشة وجوده.ولعل في إشكالية وضع النساء العربيات، ما يساعد على تطوير ثيمة المرأة التي تملك قوى روحية،وفيض شفاف، مقابل ضعفها الاجتماعي.
تعالج روايات البساطي انشغالات راهنة في حياة مصر والمصريين، وأزمنة تاريخية محددة، بيد ان تلك المعالجات، تمر من فلتر نصه، لتمتص الكثير من المتقابلات التي يجري التخاطب من خلالها بين المؤلفين والقراء. موقف المؤلف الملتزم، او رسائله الاجتماعية والسياسية، قد تظهر في نصوصه، ولكنها تندفع خلف الصورة التي تتحدد طموحاتها بالخروج من نسق المتعارفات، الفنية منها والقيمية، فالقارئ لايعثر في نص البساطي على تقابلات بين الأخيار والأشرار، بل هناك عالم من الخطابات المنوعة، تتمفصل في شخصيات او حوادث أو ازمنة.
رواياته الأخيرة أولت اهتماما لجانبين فنيين لم يكن البساطي يمنحهما الأهمية القصوى: البنية الواضحة المتماسكة، التي تحصر الحبكة في ثيمة واحدية، والثاني نزعة تقترب من اهتمامات الراوي النسقي، ومواضيعه : الفقر والجوع، خيبات السياسية، ومشاكل الدولة: البيروقراطية والسرقات، ومظالم الحياة الفلاحية. هذه المواضيع لم تغب عن رواياته الاولى، ولكنها في السابق كانت توظف ضمن سياق يجعلها اضعف من ان تؤثر في فضاء خطابه المفتوح على عوالم تتخطاها، في حين تبدو رواياته ( جوع) (دق الطبول ) و(الخالدية)، وكأنها تستجيب الى حاجة الخطاب المطلبي الراهن. ومع ذلك فالبساطي شديد الاهتمام، بان يخلق من تلك المواضيع، مادة لترميزات متحركة.
في رواية (دق الطبول) يعالج موضوعا راهنا تطرقت اليه الكثيرمن النصوص العربية، وعلى نحو متواتر منذ الثمانينات، ويتحدد بمشكلة الهجرة والعمل في الخليج. يضع الكاتب أمامه كونا مصغرا يتألف من مجموعة من الجنسيات المنخرطة في خدمة أهل الخليج، وبطله مصري يشتغل سائقا ومؤتمنا عند مخدومه في الإمارات. استراتيجية القص تقوم على عنصر تغّيب أحد طرفي الصراع، فلا يضع أمام الخدم شخصية المخدوم، وربما يشير هذا الغياب الى انقطاع الحوار بين الجهتين. وكل ما يظهر منهم اي (المخدومين)، مجرد حكايات على لسان الساردين. السائق المصري، بحكم موقعه المتميز، يحاول أن يكون واسطة بين الأثنين، بين الغرباء من جنسيات أخرى، والعربي الذي يتواصل مع سيده أكثر من غيره، ويجد نفسه بسبب هذا التواصل، منخرطا في هذه الحياة التي تعوّد عليها. يغادر الأهالي الخليجيون بلدتهم لمتابعة مباريات فريق كرة القدم في مكان ما، وهي ذريعة غريبة، ولكنها لا تدخل الرواية في فانتازيا التغريب. تخلو المدينة من مختلف الأجناس، من هنا تنطلق أحداث الرواية، فالمكان لم يعد مكان شكوى، اوفروقات طبقية وإجتماعية،بل أخّوة بين البشر الماكثين فيه. هي الخطوة الأولى في عملية التنحي، تنحي المواجهة بين السادة والخدم. ولكن الحاضر المسرود يجسد الماضي في غيابه المرتب له. فهنا يتساوى غياب السادة مع إعلان افراح المدينة وخلو القصور منهم، كي يحتلها الخدم.لعل في هذا الحل التقني، استطاع المؤلف ايجاد حيز من الحرية، تختبر فيه مشاعر التواصل والإخوة بين الضعفاء،حين يطل الوجود المهيمن للسادة في مفردات الحرية المختلسة.
المكان الذي ينتج عبوديته، لا يصاغ في ملفوظ الرواية، على انه المعتقل، او البؤس والظلم، بل هو يلوح في ثيمة الاخصاء البعيدة، حين يعجز الخادم الباكستاني عن التواصل مع زوجته التي اشترط عقد خدمتها ان تكون غير متزوجة. تتكرر الحالة مع السائق المصري الذي لايتطلع الى الذهاب الى بلده، لانه يخاف المواجهة مع زوجته.
عملية الاستبعاد التي يحاولها البساطي في كل رواياته، تقوم على امتصاص الإنفعال، او محاولة حذفه من دراما القص، ولا تظهر اشكالات شخصياته إلا من خلال تسليمها بأقدارها، ولكن هذا الاستسلام الظاهري للشخصية، يكمن خلفه تصميم على تقنية تظهر قوة الشخصية لاضعفها. وهكذا نرى البطلة في رواية ( ليال أخرى) وهي تمارس الجنس مع العابرين، تؤدي طقسا يستكمله أخواها التوأمان بالقتل. الرمز هنا يعبر رمزيته المبسطة، التي تبدو في إختيار الموازنة بين تاريخ الفتاة وتأريخ العشاق، وكأنه يقارب خطابا سياسيا وتاريخيا، فكل واحد من العشاق يتصل تاريخه بمرحلة سياسية مصرية، ويحاذي تاريخ الفتاة الخاص، خيانة أمها لأختها، وولادتها سفاحا من زوج الأخت، ولكن الأخت الكبيرة التي تستسلم لرغبة الاخت الصغيرة وتدع لها البيت والزوج، تقوم وولداها بدور الراعية، الأم الكبيرة. هنا تصبح دراما الاستسلام الى الأقدار نوعا من المصالحة مع النفس، وتغليب حكمة «الرغبات»، أي رمزيتها، إن شئنا تتبع مقامات السرد وهي تنتقل من موقع الى آخر. التوأمان في الرواية، حرّاس الفتاة بعد ان رحلت الى المدينة، تهجس بظلهما في كل خطوة تخطوها، ولكنهما لايمثلان سلطة القمع، فهما يمارسان طقسا عشقيا من نوع خاص، يعلي من قيمة الفتاة، ويبعد عنها الأخطار، ويجعل منها عالما يستمد غموضه من غموض الماضي الذي يحرسها. للقارئ ان يتصور البطلة رمزا لمصر الجميلة والمرغوبة والمستسلمة الى أقدارها، ولكن مفردات الرواية تدع لقراء آخرين فرصة البحث عن مغزى آخر لمفهوم صراع القوة والضعف ضمن إطار الرغبات، فمتوالية السرد، تحاول ابعاد المفاصل الاساسية عن يقينيات المعنى ووضوحه، لأن الشخصيات ذاتها، وعلى وجه الخصوص شخصية التوأمين الواحدية، تمثل انشطار الذوات في غموض الخطاب وتعدد أغراضه ودلاته.
يوم واحد في حياة البطلة،يمثّل زمن القراءة الممتد على طول الرواية،ولكن استرجاعات السارد تدع ماضيين يدخلان من خلال صوت الشخص الثالث : زمن القرية وزمن المدينة. ماضي الفتاة وماضي عشاقها، ولن يمسك القارئ من هذين الزمنين، سوى تلك الومضات الباهرة لصياغة الرغبات، وهي تدع نفسها طليقة من كل المقولات.
الكورس واصوات الرواية الممسرحة
اقترب البساطي في بعض رواياته من مسرحة نصه، عندما استخدم الكورس أو المنشدين في ضبط ايقاع الحوار المفترض او الذي يبدو على درجة من الانحراف عن الكلام المتداول، فكلمة (يقولون) التي تتكرر في مطلع الجمل الحوارية في الكثير من نصوصه،تحدث تباعدا بين ذات الراوي، وذات الجموع التي تتحرك كصوت واحد متماسك. منذ روايته عن العجائز في (أصوات الليل)، وهو يشتغل على فكرة تجسيد التفويض الكلامي للجموع، فكلمة «يقولون»، تصف الوظيفة الحوارية للبيئة، اوتعّبر عن صوت المجهول الكامن في هاجس الشخصية. ومن هنا يتشكل تفصيل من تفاصيل التغريب. فشخصياته تستعيض عن منلوجها الداخلي بحوارات ناقصة او مبتسرة، مع النفس او مع مجهولين يولدون في أعماقها.
يولي سرد البساطي أهمية كبيرة للحوار الباطني، وشخصياته الممسوسة، في الغالب، لاتتعارض مع بيئتها في مسارها العام ، ولكن إختلافها يظهر في التصادم بين تشوفاتها الروحية وواقع الحياة.
ولعل المسرح المفضل هو الحوش الكبير، حيث يصبح مكانا ليس فقط لسكن العائلة، بل للقاء الجيران، وفيه يتقدم صوت الجموع في مراقبتها لهذا المكان او في رعايتها لشخصياته. تصاغ فكرة التواصل والتقاطع بين الفرد والجموع،في المساحة الممتدة بين غرف البيت،ولا تبدو الفوارق الطبقية شديدة الاهمية، فالجارات اللواتي يقمن بالخدمة، يصبحن بين رواة الحكاية او مكملات لها، ولتاريخ المكان.
ولعل الوصف في رواية البساطي يساعدها على إبراز ما اسماه النقاد الموقف المحايد او وجهة النظر المحايدة.والكثير من الوقفات الوصفية تحيل الرواية الى أزمنة الحكايات الشرقية، فهي تعطل الحبكة وتؤجلها، ولكنها ايضا تشتغل على فكرة الزمن الغرائبي، الزمن الذي تتداخل ماضي افعاله بحاضره ومستقبله. والغرائبي في وصف البساطي لايتحقق سوى داخل أحاسيس الشخصيات،خوفها وقلقها، وليس من خلال خوارق تخالف العقل.
ان مايشترك به البساطي مع يوسف ادريس، هو اقتصاد سرده، ولا أدبية نصه، أي ابتعاده عن اللغة الأدبية التي تنشغل بجمال العبارة وقوة الاداء اللفظي. فالعامية تنتشر خارج الحوار وتدخل في مكونات النص، وأزمنة الافعال الوصفية تخالف منطق الجملة العربية المكينة، ولكن تلك طريقة تقّربه من مبتغاه، وهو التوفيق بين الشفاهي المحكي وحداثة مبتكرة تمضي الى التخلص من قيود اللغة المكتوبة، والإنشاء الذي يصرف القاريء عن الأفكار.
كيف استطاع البساطي الجمع بين كافكا وبوتزاتي، ضمن بنية تخالف نسيج روايتيهما؟ ذلك هو الانجاز الذي نقل الواقعية المصرية الى منطقة لا تنتمي الى تقاليد السرد المحفوظية.
1 ـ راجع كتاب امبرتو ايكو نزهات في غابة السرد ـ ترجمة سعيد بنكراد ـ المركز الثقافي العربي.
2 ـ بخصوص مفهوم الحكاية، هناك مبحث لبريجيت كونلي حول سيرة بني هلال في مصر، وتشرح فيه ما تسميه الديناميكية الأساسية للتفاعل بين البشر في مدلول الحكاية،وتلخصه بفكرة التواصل وتوحيد الهويات بين الحكواتي والجمهور والبطل. يرد البحث في الجزء الثالث الفصل العاشر من كتابها ( Arab Folk Epic and Identity) صادر عن جامعة كاليفورنيا.1986
فاطمــة المحســن ناقدة من العراق