الشخصيات :
قاسم صبري : جندي قديم ورسام
وصال : زوجة قاسم
د. نمير رشاد طبيب
أيمن رمضان : صديق قاسم وجندى قديم
أشرف عبدالطاهر: صديق قاسم وجندي قديم
* روية درامية مختلفة لرواية حين تركنا الجسر" لعبد الرحمن منيف.
الفصل الاول
المشهد الاول
الزمان – ليل
المكان . منزل قاسم صبري
قاسم نائم يمر بحالة حلم مزعج ، اصوات الرصاص فى المعركة.تسلط الاضواء على السرير، تتوزع الاضاءة بحيث تخدم الرؤية التى يمر بها قاسم .. . قاسم يصرخ مع حركة خوف وارهاق ، تدخل وصال بينما قاسم يغسل وجهه من دلو الماء الموجود على الخشبة.
وصال : هل كنت تحلم (بفزع وقلق يلتفت ايها ويأخذ الفوطة ويتجه نحو السرير)
قاسم كابوس كل شهر ؟! (تجلس بجانبه فوق السرير)
وصال : انصحك بمراجعة الطبيب نمير رشاد مرة ثانية
(ينظر اليها ويلقى بالفوطة).
قاسم : اما زلت تعتقدين اننى مصاب بمرض نفسانى ؟!
وصال : انا اعرف انك مرهق الاعصاب بسبب اللوحة (يترك السرير ويتجه نحو اللوحة).
قاسم : إذن قولى اننى فنان يبحث عن وجه جديد للحياة ليرسمه (تقفز من فوق السرير وتؤدى حركات راقصة).
وصال : ألا أمثل لك وجها جديدا للحياة ؟
قاسم : انت زوجتى فقط .
وصال : لذلك انت لاترسمنى !!
قاسم : ولن افعل (بقوة). .. (تقرب منه ).
وصال : ولماذا؟ هل ابدو بغيضة ؟! … ام ان وجهى ملىء بالبثور والفقاقيع؟!(يلقى بالفرشاة ويتجه نحوها ويسحبها بقوة وينزل رأسها فى دلو الماء).
قاسم : انظري الى وجهك فى صفاء الماء، انه لايمثل إلا الهزيمة، ماذا انت ومن تكونين ان لم تكونى زوجة فاشل .
وصال : أه .. أنى ارفض وبشدة ان اكون زوجة لفاشل .
قاسم : أيتها البقة.. انت لاتساوى إلا حشرة (يبتعد عنها، يتركها ويتجه بعيدا، يتمدد على الأرض ويقوم ، بحركات رياضية، تقترب منه وتدور حوله ).
وصال : لماذا تهزأ منى يا قاسم ؟ !
قاسم: سنة الحياة ان تكونى المرأة التى يمارس عليها الرجل سلطته الذكورية.
وصال . ولكننى ارفضى ان . .. (يقاطعها ويسحبها من يدها الى حيث الشجرة).
قاسم : انظرى الى هشه الشجرة، كل يوم اسقيها ولاتنبت ، انها ملعونة، ترفض ان تكون شيئا آخر، ليس لديها استعداد ان تحقق وجودها الاخضر، وانت (يسحبها نحو نقطة المنتصف ).. . مثل تلك الشجرة، ترفضين ان تكونى امرأة خضراء.
وصال : أه .. يا رأسى كيف اكون خضراء من اصلع جبار ومهزوم ؟!(يضغط عليها بشدة)
قاسم : وأنا ارفض هذا
وصال : اتركني .. انك تمزقني ابتعد عني (يبتعد ويجلس فوق الكرسي ).
قاسم : انت تعترفين إذن انك لاتريدين اطفالا!
وصال: نعم اعرف . .. انا ارفضى (بقوة)
قاسم : لقد اخبرنى الطبيب ، اننى رجل عاجز، انها سخرية .. سخرية… ان اكون عاجزا واترك الجسر (بهدوء) أليست هذه هزيمة؟! (تقترب منه ).
وصال : مجمو ع هزائمنا كثير، فعن اى هزيمة تتحدث (يرفع رأسه اليها بقوة)
قاسم : أتحدث عن تلك الهزيمة، التى من صفاتها البحث عن المسافة والاقدار وقياس الخطوات (تبتعد عنه وتقف بجانب البرميل )
وصال: هل قصدت ا لمعركة (لكبرى ؟ !
قاسم : بل الهزيمة الكبرى، تلك الهزيمة التى تفصل الواقع عن الخيال .. . الروح عن الجسد.
وصال : انت تتحدث عن هزيمة الذات (يقف ويتجه نحو نقطة المنتصف )
قاسم : ذاتى ملعونة ومتوجسة بالقلق ، اما الهزيمة الكبرى فما كانت كذلك . . كنا نشحذ البنادق بالرصاص، كى ننتصر، واذا بنا هزمنا، وانت لاتريدين اطفالا من فاشل مهزوم (يلتفت اليها)
وصال : نعم لا اريد. . . الهزيمة معى ومع المعركة سببها واحد، انك لم تسرب كفاية على الشحذ (تجلس فوق الكرسى، يقترب هو من دلو الماء)
قاسم : هل تقصدين البنادق ؟ تكونين غبية اذن . . كنا ننام والبنادق بين اذرعنا وصدورنا. . كنت اسق بندقيتى وكأننى اطوق امرأة (تقف وصال )
وصال : وأين هى المرأة الأن فى حياتك ، لقد كنت تحنو على بندقيتك اكثر من حنوك علي .
قاسم : نعم كنت احنو عليها، اذ.. اضمها الى صدري ، كنت احدثها ، وحين اقبلها، كانت تنظر الي بشموخ الابالسة، كانت تنتظر (تقترب وتقف خلفه )
وصال وانا ايضا، كنت ومازلت انتظر، ماذا كانت النتيجة : (يتجه مسرعا نحو البرميل )
قاسم : هزمنا (بقوة) النتيجة هى الهزيمة، انا انسان ملعون (تتقدم وصال وتضع يدها فى دلو الماء وترفعها)
وصال : الدنيا كقطرة الماء هذه ، هى الحياة وهى الموت (يقترب منها ويقف قبالتها بينما هى جالسة)
قاسم : قولى هى الهزيمة وهى الجسر معا.
وصال : وماذا تريد بعد كل هذا (ينظر اليها ويوقفها بكلتا يديه .. ويفصلهما دلو الماء)
قاسم:اريد جيشا من الاطفال ، اعلم انك لاتستطيعين الانجاب ، هذا لايعنينى فى شىء، اريد جيشا من الاطفال وكفى .
وصال : كيف ترانى ايها المأفون ؟
قاسم: امرأة ولادة (يسحبها بقوة)عليك ان تحققى جزءا يسيرا من احلامى، اريد اطفالا لأصنع منهم جيشا عربيا.
وصال : هؤلاء الاطفال الذين تريد سوف يكونون عنوانا للهزيمة والخيبة، التى لم تنته ، بعد ابحث عن امرأة تجيد البغاء، ابحث عن نصف أخر يشاطرك الهزيمة (تفلت من قبضتيه وتتجه نحو البرميل ) هل تريد ان تحدث انتصارا؟ ابحث عنه داخل الهزيمة.
قاسم: انا لا ابحث عن نصر فقط. . انا ابحث عن اشياء لا اعرف لها حدودا.
وصال: سيطول بحثك اذن (يتجه نحو الكرسي ويقترب منها)
قاسم : الحياة هى الهزيمة وهى الجسر.
وصال: عدنا الى هذا الهراء.
قاسم : هل تسمين كلامى هراء
وصال : ماذا اسميه اذن . . . أغنية للوطن ؟! (يضحك قاسم بسخرية)
قاسم : ها ها . . . . هل تعرفين ماذا سأسمى هذا الكلام؟ سأسميه قمامة. . الوطن (يرتمي على الارض وهو يضحك .. تذهب بعيدا عنه .. تفك ضفيرة شعرها. . ينظر اليها.. يتجه خلفها… يضع يده فوق رأسها. . ويسحبها نحوه ) من انت؟
وصال : أنا زوجتك وصال! (يضغط على رأسها)
قاسم : اريد ان اسمع اسمك مجردا من الالقاب والكنيات.
وصال : اتركنى يا قاسم … انت توجعنى بشدة (يسحبها نحو السرير ويضعها عليه ويحركه بجنون وهى تصرخ بقوة)
قاسم : لماذا هذه الرعشة المهتاجة؟ انها تعبر عن جنون فى داخلك .
وصال: اتركنى ماذا تفعل ؟!
قاسم . يجب ان تنتهى هذه الرعشة المهتاجة، ويجب ان ينتهى هذا الجنون الملتهب ( وهو يصرخ بقوة)
وصـال:آه . . . اتركنى .. . اتركنى. . . توقف . . . . مجنون (يبتعد عنها فجأة مع موسيقى )
قاسم : نفس الصوت. . نفس النبرة ( بقوة يتجه اليها)
وصاااال ، اريد ان اعرف سر الهزيمة لماذا انهزمنا. . لماذا
لايأتينى اطفال ؟ لماذا (يقترب من الدلو ويغطس رأسه فيه )
وصال : مجنون … مجنون (تقترب وهى تكرر لفظة مجنون.. . مجنون بقوة.. بعد سماعه لفظة مجنون الاخيرة
يرفع رأسه من الدلو لاعلي صارخا بقوة ة آه .. بينما هى تقف خلفه ورأسها للاسفل … اظلام على كل الخشبة بينما يسلط الضوء على قاسم ووصال ).
المشهد الثانى
وصال . (تجفف الملابس فوق الحبل بينما قاسم يرسم تقترب وتقف خلفه )
وصال : ماذا تصنع يا قاسم ؟
قاسم : كما تشاهدين ، ارسم تفاصيل لاشياء لا اعرفها
وصال : اف … قل لى من اين سنأكل ؟ من هذه الاشياء التى لانعرفها ( يضع الفرشاة ويجلس فوق الكرسى)
قاسم : بعد ان تركنا الجسر، اصبحت وظيفتى، هى الانتظار، مازلت انتظر (تقف وصال بجانب حافة السرير)
وصال: لست وحدك من ينتظر، انا ايضا انتظر، وكذلك البندقية التى هناك (تشير بأصبعها)
قاسم : اننى بانتظار معركة اخرى لكي اطلق الرصاصة (تقترب منه وتهمس )
وصال : وتعبر الجسر (يقف بسرعة مذهولا ويتجه نحو البرميل ، تجلس وصال مكانه )
قاسم : وهل تعرفين الجسر (بتوجس )
وصال : كل الجسور اعرفها… (يقترب منها ببطء )
قاسم : حدثينى عن ذلك الجسر… جسر الهزيمة (بصوت خافت ) وصال جسر الهزيمة لا اعرفه ، انا اعرف جسور النصر فقط . (تقف وتسير بخطوت في كل المساحة المتاحة لها بينما هو يحبو على الارض خلفها يتبعها).
قاسم: منذ ولادتى، وقبل ان اتزوجك ما سمعت إلا عن جسور الهزيمة، لذلك ابحث عن اشياء ارتكز عليها فوق هذه الارض ( تجلس فوق الكرسي ويقف عندها)
وصال : وهذه الأشياء لن تجدها إلا على الأرض ، لذلك عليك ان تقترب منها وتمارس عليها وجودك (تقف وتسير حيث اللوحة ويتبعها)
قاسم: وكيف امارس وجودى على الأرض ومازالت الهزيمة تنخر عكظامى؟ (تنظر اليه بشفقة)
وصال : ان الهزيمة تنخر كل جسدك ، حتى وانت على الفراش ، ما معنى ان يبقى الإنسان مهزوما يا قاسم ، (يتجه نحو نقطة المنتصف وهو يصدر نباح الكلب )
قاسم : هو.. . هو. . . هو… هو… ان يبقى الانسان مهزوما، معناه ان يكون كلبا، ويموت رخيصا، ويلقى به فى اقرب زبالة وطنية (تؤدى وصال نفس حركاته وهى تقترب منه )
وصال : هو. .. هو.. . هو.. . هو. . . قاسم صبرى الجندى المحارب فى كل شهور السنة، يتحول الى اراجوز هامشى مثير للسخرية، والشفقة، والحزن ، تف عليك طز فيك .. . تف .. تف (قاسم يواصل نباح الكلب اثناء الشتائم )
قاسم . هو. . هو . . هو. .
وصال : لقد زرعوا الهزيمة فى المعركة، وانت قبلت ان تعيشها فوق الفراش ، وافقت على ان تكون كلبا، مهزوما ووحيدا. . (يهرب قاسم ويختبئ خلف البرميل ولأنك انسان عليك ان ترفض (تتبعه )، انت انسان يا قاسم لست كلبا، قم وتسلح بالإرادة، لتبنى لك جسرا جديدا قوامه نحن الاثنين وكل البشر (ينهض ويضحك بسخرية).
قاسم : ها ها… الارادة والبناء شعارات الأطباء النفسانييين والقادة السياسيين اصحاب البطون الكبيرة، هل انت منهم يا وصال ؟ اذا كنت منهم فأنت حشرة.. بقة سوداء اما انا فكلب ا عور .
وصال : كلب اعور لانك لاترى إلا بعين واحدة، ترفض ان تقيم علاقات بينك وبين نفسك ، ومعى ومع الأخرين ، الهزيمة هى انت يا قاسم صبرى، انت اراجوز هامشى وآبله ( يمسكها بقوة ويدخلها داخل البرميل ، ويدفع بها بينما هى تواصل كلامها) الهزيمة هى انت ايها الزوج الفاشل ، زوج فاشل ، (يوقف تدحرج البرميل )
قاسم : اسكتى ايتها الحمقاء اسكتي ( يتجه بقرب اللوحة، يجلس نصف جلسة ويضع رأسه بين يديه ، تقترب منه )
وصال : حاول ان تكون انسانا عاديا حتى تنتصر (تضع يدها فوق كتفه )
قاسم : انا آسف ، ما كنت افكر لحظة واحدة فى اهانتك (طرق على الباب )
وصال : هل تنتظر احدا (ينهض )
قاسم : صديق قديم من زمن النكبة، انه ايمن رمضان .
وصال : هل كان معك فى المعركة ؟!
قاسم : كان جنديا مثلي ، لقد ترك الجسر عندما تراجعنا (الطرق مستمر تذهب تفتح متحدثة)
وصال : كان من الافضل ان تموتوا كلكم برصاصات العدو (يدخل ايمن رمضان حاملا عصاه فى يده اليمنى)
ايمن : كنت اتوقع ان اجدك بمفردك (يجلس فوق الكرسي )
وصال : هل بينكما اسرار يا ايمن (تجلس فوق الكرسى)
ايمن: لقد انكشفت كل الحجب ، بعدما ازيح الستار، لا اسرار بعد ذلك.
قاسم : هل اخبروك اننى سألت عنك؟
ايمن : نعم اخبرتنى الكاتبة .. .
وصال : سمعت انك سوف تتزوج منها هكذا يتحدث اهل السوق .
ايمن : فلينحدث اهل السوق كما يشاؤون انا لا ارغب فى الزواج اطلاقا (ينهض)
قاسم : اما زلت تعيش الهزيمة، يا ايمن؟
ايمن : سؤالك هذا فيه الكثير من الغموض ، فيك شىء يستعصى على الفهم ، وبرغم اننا اشتركنا فى الحرب معا.
وصال : امازلت تذكر الحرب ؟!
ايمن : نعم ، ولكننى نسيت اغلب التفاصيل
قاسم : هل حقا نسيتها، ام انك تتناساهاة
ايمن : (ببطء وحزن ) الانسان لاينسى الهزيمة والحزن ابدا (تقزب منه وصال )
وصال : غيرك يحاول ان يرسم تفاصيل لامور لايعرفها، ويعتقد انه يعيش ، انت كيف تعيش ؟!
قاسم : كان يحارب فوق ارض حقيقية، اما الأن فهو يحارب فوق اجساد النساء (ينفعل ايمن بقوة)
ايمن : كنت اتمنى ان ننسى الجسر الذى بنيناه (بحزن ) هل تذكر ياقاسم كيف كنا نبنيه ليل نهار هل تذكر كيف كنا نحرسه ؟
قاسم : كانت تحرقك الشمس باستمرار، وكنت تلحس بقايا العرق ، اما الأن (يضحك بسخرية) فأنت تمسح عن بطون الراقصات العرق والزيت .
ايمن : اما زلت تعيش الهزيمة يا قاسم صبري ؟
وصال : وهل تجاوزت انت الهزيمة؟
ايمن : حقا المرء لاينسى الهزيمة، ولكن الحياة تتطلب القوة، منذ تناسيت الجسر، وتركته خلف ظهري ، وانا اعيش نشوة النمر (بعصبية يتحدث قاسم )
قاسم: هل تسمى محاولاتك الفاشلة فوق اجساد النساء نصرا؟
ايمن : النصر هو ان نحول هزائمنا الى قوة وسلطة، هو ان نتجاوز الهزيمة، ونجد لنا خطا ايجابيا فى الحياة، لقد تحول اغلب رفاق ا لمعركة الى اصحاب عقارات وبنوك وتجارة، يا قاسم . (يتجه قاسم وتتبعه وصال نحو نقطة المنتصف –بينما ايمن يتجه نحو البرميل ويجلس بجانبه – يتحدث بحزن ) هل تعتقد اننى نسيت الجسر ياقاسم . .. نسيانا تاما؟ مازلت اذكر كيف كانت البداية وكيف صارت النهاية، الطريق الطويل ، مازلت اذكره ، مازلت اذكر العربات التى كانت تسير ببطء الهزيمة، ذاكرتى مازالت تختزن البندقية، التى تحتضن الرصاصة، اذكر الخندق الملىء بالماء، وكذلك القنطرة والوحل والاشجار العارية .
وصال : وكيف تجاوزت هذا كله ، وحولته الى فضاء خارجى؟ (ينهض ويقف وراء البرميل )
ايمن : هل تعتقدين يا مدام ، انه من السهولة ان يبيع الانسان ماضيه وتتحول بذلك الاشياء الثمينة، كلها الى غبار فى فضاء خارجى .. . سديم؟
وصال : وكيف تعلل ما انت عليه الآن
قاسم : كل الحكاية ياوصال انه قد رضى بشروط البيع فباع.
ايمن : انا بعت ، وانت ماذا فعلت . ..؟ لقد وقفنا كلنا مكتوفى الايدى لانقوى على الحراك والتجاوز، انا اعيش الآن فى افخر الاحياء السكنية والبس اغلى الثياب لاننى بعت واشتريت راحتى، اما انت انظر الى نفسك يا أبا المبادىء الوطنية المستهلكة .
قاسم : هل تتوقع ان ابيع؟
ايمن : ولا اتوقع ان تشتري ، لانك مفلس ، مازالت الهزيمة،تغرق فى دمائك ، ولانك تحب الهزيمة، وتتلذذ بها كما كنت تتلذذ بقتل الصراصير تحت الجسر، فأنت تبحث عن الهزيمة فى كل مكان ، كما كنت تبحث عن الصراصير، اما انا فقد تجاوزت السفسطة وبحثت عن عالم المال والاقتصاد (يتقدم قاسم نحوه خطوة)
قاسم : انت بعت نعم . . ولكنك لم تنتصر، ولم تتجاوز الهزيمة كما تدعي ، بل مازالت فيك ، وانتصاراتك الوهمية لاتحرزها إلا مع النساء، انت حمار (يتقدم ايمن رافعا عصاه )
ايمن : بل انت الحمار (يصدر قاسم نباح الكلب )
قاسم : هو هو. . . انا كلب مسعور ولست حمارا.
وصال : توقفا عن هذه اللعبة لقد تركتما كل شىء ونجوتما بروحيكما، ياليتكما متا ساعتها، توقفا عن هذه الثرثرة .
ايمن : التفكير فى الهزيمة يقود الى الجنون ، والانسحاب من المعركة كان الجنون بذاته ؟ وحكايتنا يمكن تلخيصها فى جملة اسمية ، اننا مجانين ويجب ان ندخل البيمارستان .
وصال : لقد اعلنت انتصارا آخر أيها البدين ، هل تحاول ان تعرض بضاعتك علينا، هيا افعل ، انا جميلة وكل الرجال يشتهون الجميلات ، وزوجي يشتهي الاطفال ، هيا تعال لقد وهبت لك .
ايمن : لست حيوانا الى هذا الحد
وصال : لقد بعت قضيتك فكيف تشتري صديقك ا؟
ايمن : لست حمارا اه لو عبرنا الجسر، لكنا وصلنا.
قاسم : آه لو اطلقت الرصاصة ، لماذا وقفنا مكتوفى الايدي يا أيمن ..؟ لماذا لم نتحرك ؟
ايمن : كنت ارتل أيات وتعاويذ واسأل الرب الصبر لماذا تركنا الجسر يا قاسم .. ؟ اننا الان نموت بصمت وعيوننا تفرق فى الدم والتراب والخيبة .
وصال : الاعتراف سيد الوقائع انها البداية يا جنود الهزيمة
قاسم : بل قولى النهاية .
ايمن : واجب الوجود الاول لابد اية له ولا نهاية ، انه سرمدى وهز يمتنا لانهاية لها، (تقترب وصال من ايمن )
وصال : هل اصبح التاجر ايمن رمضان ، درويشا مؤمنا؟
قاسم : بل قولى مؤمنا متطرفا.
ايمن : فى داخل كل منا، انسان مؤمن حتى درجة معينة ، وانسان اخر ملحد وزنديق ، حتى درجة معينة ايضا.
قاسم : كذلك فى داخل بعضنا انسان سافل ومرتزق اثيم .
ايمن : هل تعلم ماذا نحتاج يا ابا المثل والاخلاق ؟ قليلا من التوازن بين متطلبات الروح والجسد، توازن بين العقل المادة ، توازن بين الدين والسلطة .
وصال : والهزيمة والنصر، اننا بحاجة الى الكثير من التوازن حتى لا نفقد ما تبقى لنا من وطن واقطاعيات ولكن هل يكفي التوازن وحده (يقترب منها ايمن ويمسك بها من كتفها)
ايمن : السبيل الى تحقيق التوازن ، والاحتفاظ بالعقل هو الا نذكر الجسر، ونطالب بالثورة ايتها العزيزة (يقترب قاسم ويسحبها بقوة نحوه )
قاسم : هراء ما انت إلا برجوازي خائر فاقد القدرة على العطاء فى الحياة ( يقترب ايمن ويسحب وصال بقوة )
ايمن : هل تطلب منى الاستقامة ! هذا هو الهراء، الحياة للاقوي، الرأسمالي الكبير الذي يؤمن بالحظ ويلعب بالدولار الاسترليني، انني بنقودي استطيع ان اشتري زوجتك الجميلة ، سجل انسحابك ، وانتحارك من الحياة (بقوة )
قاسم : لن اسجل انسحابي، ولن انتحر (يقترب ويسحب يدها بقوة )
ايمن : انت لاتساوي شعرة ، هيا سجل (بقوة )
قاسم : لن اسجل (بقوة اكبر) _ (يؤدى المشهد السابق بين قاسم وايمن وهما يتجاذبان ويشدان وصال التي تصرخ بقوة .فى حالة انهيار)
وصال : ايها الوحشان القذران ، سجلا انسحابكما واتركاني (يتركها ايمن ويمسك بها قاسم ويسحبها نحو دلو الماء وينزل رأسها فيه ويحدثها بقوة وغضب )
قاسم : وصال ايتها البقة القذرة ، لن اسجل انسحابي من الحياة لأجل وهم سخيف يعيشه الاخررن (ترفع رأسها وتتحدث )
وصال : الوهم هو انت يا قاسم صبري، لقد تحولت من ثائر وطني الى جندي يرغب ان يستريح دون جهد. (ينزل رأسها مرة ثانية )
قاسم : بل الوهم هو ايمن رمضان ، هو من تحول من ثائر وطني الى تاجر نساء، واصبح سياسيا يلف ويدور على القضية (يقترب ايمن ويقف خلفه موجها العصا اليه )
ايمن :برافو قاسم برافو وصال ، انا سياسي، برجوازي نبيل ، اجيد التلاعب بالقضية والموازين وبفرص الحياة (يضحك بسخرية ) (يلتفت اليه قاسم ، ترفع وصال رأسها)
قاسم : اخرج خارجا ايها المأفون المتخلف (ينهض ) ويتناول العصا ويدفع به خارجا)
ايمن : هل تعلم ان اجمل ميزة للتخلف ، الذي وصمتني به هو تصويره لأعمالنا التافهة أنها على درجة كبيرة من الاهمية ، انت يا قاسم صبري ستبقى فاشلا لذلك انس ودع غيرك يعش (يخرج ـ اظلام كامل ).
الفصل الثانى
المشهد الاول
قاسم : يتناول الغسيل ويحاول طيه ، تدخل وصال وهى تلوى شعرها.
وصال : ماذا تفعل يا قاسم ؟
قاسم : احاول تقديم مساعدة
وصال : يبدو اننا لن نأكل طعاما هذا اليوم ، لا يوجد إلا السكر والزيتون .
قاسم : قلت لدينا سكر!! جميل ، سنحلى به مرارة الحياة .
وصال : كف عن هذه الرؤية المثقوبة ، حياتنا جميلة (ينظر اليها متسائلا).
قاسم : وصال ، لماذا وقفت الى جانبي بالامس (تنظر اليه بحدة ).
وصال : كان ثمة ثقب ابحث عنه ، فوجدت ثقوبا عارية .
قاسم : انا حمار كما قال ايمن رمضان اليس كذلك ..؟ (تقترب منه وتجلس ).
وصال : اعرف انك حمار.
قاسم : انا حمار واستحق الموت اعداما بالرصاص (تفتح ربطة شعرها).
وصال : اعرف ذلك ايضا، (تلعب بخصلات شعرها وفجأة ).
قاسم : نفذى حكم الاعدام ، اقتليني قبل ان تقتل مبادئي واحزاني واحزان الهزيمة ، هيا نفذى (يذهب ويتناول البندقية ويناولها) ولكن قبل ان تفعلى ، تذكري جيدا المسافة ، واستذكري الارقام من1 32ولاتنسى، (يذهب ويجلس فوق الكرسي المقابل لها)، ان مشوار النجاح يبدأ بخطوة وينتهى بخطوات ، هيا يا وصال ، تأكدي من خطواتك ، هيا نفذى بقوة 321 آه ) (يرمى بنفسه على الارض ) (ينهض بقوة ينظر اليها بحدة ويتجه اليها ويرفع بيدها البندقية ويمسكها بقوة لم ، لماذا لم تنفذي ايتها، البلهاء؟
وصال : لم تخبرني اين تريد الرصاصة ، فى رأسك ، ام صدرك ، ام ظهرك ؟
قاسم : سؤال مهم ووجيه (يضحك بسخرية ) ها ها، لقد تركنا الجسر خلف ظهورنا، ايتها الزوجة العزيزة ، خذى مكانك جيدا، قفي خلف الثكنة هكذا صوبي فوهة البندقية الى الجمجمة وحذار، ان تفقدي توازنك ، يجب ان تنطلق الرصاصة ، بكل هدوء واتزان (يتجه نحو الكرسي ) اريدها فى الجمجمة ،
لاتنسى التعليمات (يجلس فوق الكرسي ) هيا صوبي نحوا لهدف ، بكل هدوء وثقة ، ليس بين الرصاصات مسافة 321، ياي (يقع على الارض ولا يتحرك _ تتقدم نحوه وصال بسخرية).
وصال :هاها زوجى قاسم صبرى ، ما معنى ان يكون الانسان ميتا ؟ ما معنى ان تسجل انسحابك من الحياة بميتة رخيصة كهذه ؟ اذا اردت ان تعرف سر الهزيمة ، فيجب ان تنتقل من اللعب بالاشياء الى طور التفكير بها، انت فى طور الهزيمة ، ولم تتجاوزها الى التفكير فيما بعدها، انس الجسر يا قاسم انس الجسر (بقوة ) ( ينهض ويمسك بها، يسحبها نحو البرميل يحاول ادخال رأسها فيه ) لم يعد لديك ما تفعله ، هيا ادفعني نحو الهاوية وانا سأقاوم بقوة .
قاسم : وصال ايتها البقة ، نفذى حكم الاعدام قبل ان اقتلك .
وصال : الالم العظيم يكون دافعا للعمل العظيم ، هل تتألم ؟ (رأسها فى البرميل ).
قاسم : سرب من الطيور كان يتطاير فوق الجسر، الا شجار… الرمال تتلوى من الخوف ، الدماء تنزف (يتركها مبتعدا) كان الطقس باردا (يرتعش ).
وصال : انت تتألم يا قاسم هيا ابك (خارج البرميل ، يلتفت اليها ويمسكها من رأسها يرفعه حينا ويخفضه حينا)
قاسم : وصال ايتها البقة السخيفة ، انا لا أبكى مثل النساء (ببكاء)
وصال : ابك وطهر قلبك ابك ايها التعس ، وسأغسلك بماء عيني هـ هـ هـ (تبكى وصال وتتجه به نحو السرير)
قاسم : آه (يرفع رأسه لأعلي ويبكى) ما عدت اتحمل ، كان البرد قارصا، والطيور تتطاير والصراصير تختبىء منى حتى لا تموت ، قالوا تحركوا، تحركنا، انسحبوا، انسحبنا انا لن اتحرك الآن (عند نقطة المنتصف ) نعم لن اتحرك ، ولن أتزحزح من مكاني، انا ارفض البيع ، ارفض ، ارفض (يرتمى على الارض _ تقفز نحوه وصال ببطانية وتلحفه بها)
اظلام كامل
المشهد الثاني
قاسم ، فوق السرير _ الطبيب يفلق حقيبته متحدثا الى وصال .
الطبيب : تبدو حالته سيئة ، يجب ان يتناول كفايته من الطعام يا وصال .
وصال : لقد فقد توازنه تماما البارحة .
الطبيب : راقبيه جيدا يا وصال ، انا اعرفه تماما، واعرف كيف يفكر.
وصال : ولكنك لاتعرف كيف يعيش ، لقد نصحته بالراحة والنسيان .
الطبيب : اخشي ان تعاوده نوبة الانهيار مرة ثانية .
وصال : دكتور نمير (بحزن ) انا اترقب ساعة هذيانه ، بفارغ الصبر (بشرود).
الطبيب : عفوا،.. لماذا؟
وصال : لقد رأيته يسقط قبل ان يقع (تقف ) هل تتصور، ان يبنى الانسان جسرا من الحب ، ثم لا يمارسه ، ولا يعبره ، (تضع يدها فوق كتفيها ستلحفة بالغطاء وكأنها ترتعش ـ يقف خلفها الطبيب ).
الطبيب : وصال ، انت ترتعشين .
وصال : استشعر الدفء فى المكان وهذا يكفى (تتلفت اليه بقوة ) عفوا دكتور، هل سيموت ؟ اقصد هل (تذهب بعيدا) انا سخيفة سؤال فج .
الطبيب : كونى قريبة منه ليزداد ثقة بالحياة والامل ، مازلت اذكر يوم زواجكما، كان جميلا، رغم فارق السن الذي بينكما.
وصال : هو يريد ان يعبر الى قلب الضفة الآخر، ولكن عليه ان يبدى قليلا من التعديل اولا (بقوة ) ولكنه لاير يد ان ينسى.
الطبيب : كنت جميلة ، حينما اخبرنا قاسم ، انه ينوى الزواج ، دعونا لكما بالتوفيق ، كان قاسم وحيدا، بعد الهزيمة ، الوحدة عدو الانسان ، لذلك كونى قريبة منه .
وصال : هناك ما يشغله عنى منذ تزوجته سبع سنين وانا افقد نفسي معه .
الطبيب : الم تفكرا بالانجاب ؟
وصال : انه عاجز لايستطيع (بخجل وحزن ) هكذا قال الطبيب (بقوة ) دكتور نمير، انا لا ابحث عن اشياء غامضة فى حياتي معه ، بقدر ما ابحث عن ارض صلبة امارس عليها الحب سألني يوم زواجنا لماذا قبلت به زوجا رغم فارق السن ؟ قلت له اريد ذلك ، اريد ان اعيش بصحبة رجل قبل ان يمضى قطار العمر، لقد وافقت على الزواج منه ، لانني اعيش فراغا قاتلا بعد فقداني أبى، مع الايام احببته .
الطبيب : ولكن الحب الذي لا يحبل ، ينضب ويموت .
وصال : وانا ارفض ان اموت جافة ويابسة .
الطبيب : هل تعلمين ما العلاقة بين الانسان والديناصور، انه الانقراض ، نعم (يحرك رأسه ) الديناصورات تنقرض ، لعدم قدرتها على التلاؤم مع ظروف الحياة الجديدة بظهور الانسان المفكر، وهذا الكائن المفكر، استطاع بعقله وجسده التكيف مع البيئة ، وبرغم ذلك سينقرض قبل ان يموت ، هل تعرفين كيف ؟
سينقرض الانسان ، لانه لا يمارس متعة الصراخ ، فى وجه الانسانية الظالمة المطعمة بالالم ، والجهل ، والبيروقراطية ، (بهدوء) لقد استسلم ، بعد ان وقع على الاتفاق ، وبالتالي سينقرض .
وصال : وانا ارفض الانقراض الرخيص والبشع ، ارفض ان يموت الانسان مهزوما، يجب ان يحقق قاسم انتصارا واحدا على الاقل .
الطبيب : انت تحبينه يا وصال إذن ليكن الحب ، هو الاسعاف الاول ، من اجل التناسل والبقاء، (تجلس فوق الكرسي) انت انسانة عظيمة .
وصال : انا قطرات الماء التي يغسل بها عاره (بهدوء وشرود )
الطبيب :كلنا نحتاج الى قطرات ماء طاهرة نغسل بها ذنوبنا (يقترب منها ويجلس امامها فوق الارض نصف جلسة ) قبل ان تنقرض بقايا قاسم جددي قلبه بالحب ، ببناء جسر متناسل من العلاقات ، انه يحبك (يبتسمان لبعضهما ـ ينصرف الطبيب _ تقف تتحدث مع نفسها).
وصال : الجسر، هذا الجسد الاخر، المهيأ للعبور الى رئة الضفة الاخري، ذكرى اليمة ، لماذا تركوا الجسر؟ (تقترب من السرير) قاسم صبري، زوجي المأزوم يجب ان تعبر الجسر، لن اتركك تموت مهزوما ووحيدا،يجب ان اقيم بينى وبينك جسرا من الحب ، ومن اجل التكاثر، ليس الحلم حلما وليس التحقيق مستحيلا، ليس حلما وليس مستحيلا (تدفع بالسرير للخارج مكررة العبارة الاخيرة _ اظلام كامل ).
الفصل الثالث
المشهد الأول .
يدخل قاسم يقفز بالحبل متحدثا بحماس شديد بينما وصال تسقى الشجرة
قاسم : وصال ايتها العزيزة ، أما آن الوقت ، ان تطلقي الرصاصة علي ؟ (يتقدم وتوقفه )
وصال : فليقتلك طيشك الشيطاني يا قاسم صبري، انا لا أقوى على فعل ذلك (يرمى بالحبل بجانب الدلو ويتجه نحو اللوحة )
قاسم : ولماذا لاتقو ين على فعل ذلك ؟ منذ تزوجتك ، وانا وحش فى صورة انسان .
وصال:وانا لا اراك الا انسانا ، لذلك ارفض القتل (يمسكها بقوة )
قاسم: انا وحش ولا تظهر وحشيتى الا عندما احك بجسدى (تفلت منه بقوة )
وصال : كفاك تجريحا، لماذا تتعمد ذلك ؟!
قاسم : انا آسف يا سيدتي، لقد جرحت منذ بداية ميلادي، هل تعرفين تاريخ ميلادي يا مدام قاسم صبري؟
انه تاريخ هزيمتي، منذ نعومة اظفاري، وانا اسمع كلاما جميلا عن الوطن ، كنت اصدق كل ما يقال عن الوطنية ، وكبرت مع ذلك الصدق الغريزي، ولكنني حينما مارست الشك عرفت جل الحقيقة ، هل تعرفين ماذا عرف ؟، سأريك ماذا كانت تكتب الصحف ، من شعارات (يتجه نحو البرميل ، يتناول منه كومة من الصحف البيضاء ويقرأ بصوت عال ، اننا نطمح الى سلام عادل وشامل ، قواتنا العربية ستسحق الاعداء، الفقر بالعقل ثم القوة ، بند نساه العرب الشعوب العربية الاسلامية شعوب انسانية الف يلقى بالصحف فى البرميل ، هل تعرفين ماذا سأفعل الان (يقترب ويصعد فوق السلم الذي يعلو البرميل يحاول فك سرواله وقبل أن يبدأ تحدثه وصال )
وصال : ماذا ستفعل ايها الأحمق (ينظر اليها من فوق الد رج )
قاسم : ببساطة سأرمي بالتصريحات يجب الا نقول كلاما اكبر منا يا وصا ل . منذ 48 وقواتنا القيادية العربية والا سلامية تتحدث عن تعداد جيوشها المسلحة باضخم الاسلحة ، من قنابل ومتفجرات ، وصواريخ عابرة للقارات ودبابات (ينزل ويتحدث ) كنت استمع الى تلك التصريحات واصدقها لد رجة الايمان وتصورت اننا سننتصر، ولكن المعركة اثبتت عكس ذلك اننا فاشلون يا وصال .
وصال : انت تعيش هذا الفشل بمفردك ، كان عليك ان تواجه ، لقد انسحبت .
قاسم : لقد جاءت الاوامر العليا، تأمرنا بترك الجسر والانسحاب .
وصال : وتر كتموه وكأنكم لم تفعلوا شيئا تركتم المكان ، وكأنه فضاء واسع وممتد ماذا فعلتم لتواجهوا الهزيمة منذ 48 حتى الآن ؟ الامرر تبدلت ، وانت كما انت ، تدين مراحل سابقة ومراحل أخرى قادمة .
قاسم : كيف حدث كل هذا يا وصال ..؟
وصال : كل الامور الكبيرة والخطيرة تحدث نتيجة تراكم وتهاون ، انظر الى الناس ما عادوا كما كانوا، تبدلت المفاهيم ، وتعطلت كثير من القيم (تضحك بسخرية هادئة ) كان أبى يعلمني ان العدل هو غاية القوة والحق معا، وذلك معناه ان يؤدى كل فرد واجبه نحو ما يمتلك ويخصه كان يقول لى قبل ذهابي الى المدرسة ابتنى وصال بالحنطة والحكمة ، يحيا الانسان ، هذا ما علمني اياه أبى، ان عالمي هو ما "أراه ، وما استطيع ان أراه امامي، واطمح اليه دون نفاق او مجاملة .
قاسم : لقد اصبح النفاق والمجاملة رحيق الحياة اليومية ،اين اجد الحقيقة من بين هذا الغبار؟
وصال : الحقيقة التي ينشدها الفلاسفة والمؤرخون الكبار، ستجدها فى الشارع وبين وجوه الناس المقفرة بالتراب ، .أصحاب البقالات وبائعي البالة .
قاسم : الى ماذا تريدين ان تصلى ايتها الفيلسوفة (تقترب منه خطوتين )
وصال : إن الجماعة ، عين واحدة لاترى كل شىء، كن بين الجماعة يا قاسم .
قاسم : الجماعة ايتها اللعينة ، كلهم ذئاب وكلاب ، (يلف حول وصال بعصبية ).
وصال : ان كانوا هم الكلاب فكن انت الصقر، ادخل الى قلوب الناس واسس معهم ذلك الجسر الجديد (تقف امامه صوت الموسيقى وقطرات الماء»، تتراجع وصال للخلف ).
قاسم : الجسر.. تحترق ذاكرتي كعقب السيجارة ، وتندس بقايا الذاكرة مع الجسر تحت وسادتي كطيف دموي، ذاكرتي تتوحد مع الطيف والحلم ، ذاكرتي هي الحلم ، هي الجسر المهيأ للعبور، الى جسد الارض .
وصال : ذاكرتك هي الارض …؟ (تقف ويعود للوراه).
قاسم : انه العبور من ربيع العمر، الى خريف العمر أه ..أه .. من اهتي تنزلق آهتى من جوفى مع ثلاثة حروف غامضة ومشوهة ج . س .ر حروفا تندفع الى يدي المر تعشتين (يحرك يده دلالة الرعشة ) فترتعش قدماي وكل جسدي، أنى ارتعش (يقفز) من اهتي اخاف من حروفى .
(ينظر اليها ويصرخ بقوة ) وصال ، ارتعاشة الجسد تجعلني استجدى الدفء (يتناول الحبل ويناولها طرفه يبدأ يلف الحبل حول جسديهما _ تصاحب لف الحبل حركة ضوئية ) هل ترتعشين ياوصال ؟ انت ترتعشين ، زملينى يا وصال ، دثريني بجسدك الحليبي (يلف الحبل وبشدة ) اه … ياحليب الدفء الابيض (وصال تصرخ وقاسم يصرخ ويقفز).
وصال : توقف عن هذا الفعل ايها الطفل ، انت تؤلمني.
قاسم : آه لو اطلقت الرصاصة ذلك اليوم ، أه لو شممت رائحة البارود، لكنت الان شخصا آخر.
وصال : اللعنة على الهزيمة ، اللعنة على اغتراب الروح والجسد اللعنة (تبكى) "تقع على الارض تواصل كلامها والبكاء معا، قاسم صبري، انت عنوان الخيبة التي لن تنتهي، انت اغتراب الروح والجسد» (يصعد قاسم فوق الدرج يعطيها ظهره ويتكلم بصوت مرتفع ).
قاسم : انا قاسم صبري عنوان الخيبة نعم ، هذه التمتمات والا دعية كنت اقولها من اعماق نفسي والتي حاصرتها الخيبة (تقف وراءه فوق السلم وظهرها اليه ).
وصال : ياليتنى اطلقت الرصاصة عليك ولكنني عاهدت نفسي بحق كل الخيبات ، ان اكون وفية فى مساعدتك وخلاصك منها (يلتفت اليها).
قاسم : وانا ايضا كنت قد وعدت نفسي بحق الجسر الا اعبره إلا وانا منتصر، واقسمت الا أنسى الرصاصة ، والبارود، (تنزل من فوق الدرج ).
وصال : واين انت الان من كل هذا يا قاسم صبري (تقفز ويقف خلفها ويتحدث بهمس ).
قاسم : لقد كنت مع ايمن رمضان واشرف عبد الطاهر، ومحمد عبدا لبارى فريقا وقلبا ودرعا واحدا، (تخطو خطوة للامام ).
وصال : لقد جمعتكم الحرب والاستعمار والعدو الغريب ، فكنتم واحدا فى كل شىء (يتبعها).
قاسم : ولماذا لا نتحد الان ؟ هل يجب ان تكون هناك حرب وعدو حتى نتحد؟ (تلتفت اليه متوسلة ).
وصال : قاسم صبري، دعك من هذا الحوار، من هؤلاء الذين تريد ان تتحد معهم ؟ لقد تغير الناس وتحولوا من حب الى كراهية ، من تعاون الى حقد، اصبحوا يقدسون المال ، ويؤلهون بعضهم .
قاسم : أليست هي الجماعة التى تريدين ان اعيش بينها ؟!
وصال: هؤلاء هم الضعاف وانا اريدك بين الاقوياء.
قاسم: انا ارفض ان اكون شيئا اخر
وصال :اتوسل اليك ان تقتل الضعف الذى فى داخلك .
قاسم : انا لست ضعيفا، من قال لك ذلك ايتها الخبيثة ؟!
وصال : انا خبيثة ؟
قاسم : نعم خبيثة ، انت تشيرين الى عجزي الجنسي، اعترفى من هم شركاؤك ؟
(يمسك بيدها يلويها) اعترفى ايتها التفاحة الفاسدة لقد كشفت مؤامراتك ، نحن تركنا الجسر بمؤامرة كما اننا بنيناه لاجل مؤامرة .
وصال : اتركني، انت تقتلني أه .
قاسم : يجب ان تموتي ياخبيثة ، انت جاسوسة ارسلها الاعداء لمحاصرتي من هم اعوانك ؟ تكلمي يا دودة القز (يرمى بها على الارض ويضع قدمه ضاغطا عليها) تحدثي يا دودة القز.
وصال : أه
قاسم : لماذا تصرخين كالقردة التي فقدت وليدها، هل تريدين ان اشارك الصراخ خذى أه ، أه .
وصال : قاسم لقد كانت الهزيمة اكبر واقوي منك ، رأسك هذا تعتمه الضوضاء، لذلك انت وحيد، منذ تزوجك ، وانت تهرب ، وتراوغ وتماطل من اجل تجاوز الهزيمة ، التي فى داخلك ، انت لاتستطيع ان تهزم العالم كله ، لاتستطيع (يجلس بقربها ويبكى بينما تواصل كلامها) انت مسكون بجراثيم الخيبة ، والنكبة ، تجاوز من اجلي واجلك واجل السلام .
قاسم : (ببكاء) انه سلام وهمي يا وصال ، كيف اسالم من هزمونى، وقتلوا الطفل والرجل والجندي الذي بداخلي (يواصل البكاء) تقف وصال .
وصال : انا مسكونة مثلك بتاريخ البطولة ، كنت احدث نفسي قائلة ثمة حرب قادمة فى الطريق ، الارض التي تنجب الابطال ، لن تبخل على احفادها بفارس يقود ثورة (تدنو منه وتأخذ، بيدها) الثورة لم ولن تنتهي بعد بعض البيروقراطيين والبرجوازيين السفلة صاروا فى مواقع السلطة ، وبعض الارهابيين والمتطرفين يقتلون الابرياء من الناس تحت مظلة الخطاب الديني، ولكن الثورة لن تنتهي، هناك حرب أخرى قادمة ، وفى النهاية لايصح إلا الصحيح (يدور الكلام السابق بين الزوجين وكأنهما يتنزهان فى مكان ـ فجأة ينظر اليها متأملا مذهولا).
قاسم : لماذا انت اثنان يا دودة القز؟ لماذا انت واحد معك ، وواحد معى، لماذا ( تركض تصعد فوق السلالم ).
وصال : اوصدنا لينين بأن نحلم ، وانا مع جماهير الشعب ، لذلك انا اثنان (يركض يصعد ويقف قبالتها)
قاسم : الحلم كان ان نعبر الجسر، ولكننا تركناه أووه ياللجنون كم كنت غبيا، دع الجماهير تحلم (ينزل )
لقد كنا نحلم بالعبور فى تلك الليلة ، وكباقى الجند، كنت اطمع ان اطلق الرصاصة من فوهة البندقية ( يتناول البندقية ) وحين تركنا الجسر، تصاعدت من اعماقي كراهية ما عرفتها من قبل ، كراهية تشبه فقاعات الصابون المتماسكة ، ان كراهيتى لنفسي كراهية متماسكة كان يأتيني سراب آخر كل ليل ،واتخيل اننا سنعود أخر الليل الثاني ونعبر (بسخرية ويبتسم ) خيال سريالي ، انا لم اخرج بعد من جراثيم الطوطم الاول لم اخرج بعد
(ينهى كلامه عند نقطة المنتصف ، طرق الباب ـ يدخل اشرف عبدا لطاهر ـ تنظر اليه )
وصال : قاسم ضيف آخر من زمن الهزيمة (تخرج )
اشرف : وجدت الباب مفتوحا فدخلت ، لماذا تحمل البندقية (بتردد وخوف )
قاسم : لاتخش شيئا يا اشرف لقد صدئت الرصاصة التي بداخلها كما صدئت جيوشنا العربية ، من كثرة التخزين (يجلس قاسم فوق الكرسي وبيده البندقية ويجلس اشرف فوق الدرج مواصلا كلامه بسؤال ) ما اخبار تجار تك يا أشرف ؟
اشرف : لا احب هذا النمط من الاسئلة الاعلامية المجوفة ، الوقت هو المال ، وانا حريص على وقتي اسألني سؤالا ينقلني الى اجواء الحياة العملية ؟
قاسم : اريد ان اعرف سر الهزيمة يا اشرف عبدا لطاهر.
اشرف : هزيمة ماذا يا قاسم صبري؟
قاسم : هزيمة الاشياء التي لها رائحة وطعم ولون .
اشرف : (يقف وفى حالة تذكر) ولكن الجسر لا رائحة له .
قاسم : ينهض انت تعترف اذن ، ان تركنا الجسر كان هزيمة .
أشرف : ينزل لقد صنعنا الهزيمة بأيدينا يا قاسم .
قاسم : نعم اوافقك ، لقد نبعت الخيبة من كل شىء.
أشرف : ولكن كان علينا ان نواجه الحقيقة ، بقوة واصرار وصمود.
قاسم : يتحدث بشرود الصمود من اجل التجاوز.
أشرف : انظر مثلا الى ايمن رمضان ، لقد تحول من انسان وطني وثائر الى انسان ادعائى، ترك البندقية واشترى قوت عياله وقوته مقابل الجسر، انه الأن يمتلك اكبر ملهى ليلى ، يروح فيه عن القلوب ، التي ذاقت مرارة الهزيمة .
قاسم : وانت ماذا فعلت يا أشرف ؟.
أشرف :(بهدوء وحزن ) أعترف لك انني قد بعت التذكرة ، واشتريت أدميتي (بفخر) انا أملك الان مجموعة مكاتب للسمسرة والعقارات ، امنح الفقراء فرصا للحياة ، ادفع بهم الى ارض اخرى، ليعيشوا من اجل قوت عيالهم ، ولكن انت ماذا فعلت يا قاسم صبري، استاذ للفن التشكيلي ، طظ لقد قدمت استقالتك من المعهد، انت الأن لاتساوي إلا جنديا متقاعدا، يحب الحديث عن الماضي يقتل وقته فى الانزواء ورفض الواقع .
قاسم : هل تطلب منى ان اقبل بواقع مهزوم كل رجالا ته ؟!
أشرف : كلنا قبلنا، ووقعنا.
قاسم : ومع ذلك لم يحدث شىء لم يحدث تغيير، كنا نحارب من اجل قضية ومصير، وتغيير واقع مؤلم ، الى واقع طبيب وجميل ، هل كنا نحارب من اجل قضية دولارات وعقارات وملاه ، هل الوطن الذي كنا نريد، هو ما تتحدث عنه يا أشرف ؟
أشرف : ثق بي وناولني جواز سفرك سأجد لك فرصة عمل فى أحدى جامعات امريكا سأخلق لك فرصة جديدة للحياة والاعاشة .
قاسم : هل ستمنحني وطنا جديدا؟!
اشرف : ثق بي.
قاسم : امنحك الثقة ؟! انا لا املك الثقة فى نفسي فيكف بك انت ؟
أشرف : وبماذا تثق اذن ؟ بالبندقية والبارود، هذا هراء اسمع يا قاسم ، الناس لا تريد الحرب ولا البنادق انهم يريدون السلام والسكون دون حرب او رعب او حركة ضوضائية (بهدوء) هل تعرف بماذا يتميز انسان اليوم … اصراره على الاغتصاب ، اغتصاب معاشه فى سلام ، وسكون وبكل الوسائل المتاحة .
قاسم : السلام بالتقسيط (شارد)
أشرف : افضل طريقة .
قاسم : اذن انا قررت ؟
أشرف : ثق بنفسك اولا وقرر بعدها (سخرية )
قاسم : اشرف عبد الطاهر، هل تريد ان تعرف من انا؟ (يتناول البندقية ويوجهها لاشرف ) انا ذلك العربي المهزوم ، الذي كان يقول ولا يفعل فضاعت منه الحقيقة فى زحمة الاكاذيب والمبالغات ، لم يصدر صوت من البندقية ) انا ذلك العربي المهمش ، الذي كانت تحدثه امه عن انتصارات العرب في البادية والصحراء وهزائم العدو (يوجه اليه البندقية ) سجل عندك ، العرب لا ينتصرون إلا فوق السرير، انا ذلك العربي الممزق بين أقنعة الحقيقة ، واقنعة الخيال السديمية ، (يضع البندقية فوق صدره )انا ذلك العربي الذي يكذب كل يوم ، على البقال والفران والاطفال والمرأة ، اكذب من اجل ان اعيش اكذب لاصبح قويا، ولكنني الأن ارفض ضعفي، لقد قررت ان اشطب لفظة الهزيمة من قاموس اللغة العربية المدجنة ، سجل عندك انا ذلك العربي الذي رفض ان يموت رخيصا (يطلق الرصاصة ـ يصرخ اشرف وهو يركض خارجا ـ "ا ظلام كامل ».
المشهد الثاني
حبل الغسيل تعلق عليه اللوحة التي كانت تصاحب كل المشاهد – الشجرة السمراء يميل لونها للاخضر – قاسم يضع قرطاسا جديدا وصال ترتب المكان
وصال : كيف كان نومك البارحة ؟
قاسم : لقد رأيت احلاما وكوابيس .
وصال : اتركنا من الكابوس ، وحدثني كيف كان الحلم ؟
قاسم : كان ضبابا يعم المكان ويعبقه برائحة سائل أخضر.
وصال : هل ميزت الرائحة (يجلس فوق الدرج )
قاسم : ليس بالتأكيد، ولكن بالتقريب هي رائحة تشبه رائحة الاخصاب (تقترب وتجلس قبالته )
وصال: بدات تقترب من الا رض .
قاسم : كان السائل يتساقط بعزارة لقد فقدت توازني حين تركنا الجسر، ومشينا وفى الحلم كنت ارتجف بسبب ذلك السائل المكون من قطرات العرق الفاسد (تقترب منه اكثر).
وصال : بدأت تقترب من الولادة الحقيقية .
قاسم : هل تتصورين ان يبنى الانسان جسرا، ثم يتركه ولا يعبره (يغير من مكانه ويتجه نحو نقطة المنتصف بينما تجلس وصال القرفصاء).
وصال : هل كنت تلحظ شيئا خلف الجسر يا قاسم ؟
قاسم : كنت أرى كل الاشياء، ولكن الاشياء التي كنت اريدها ليست من بينها، كان الضباب والغيوم تتراكض وكأنهم قطيع مهتاج وحشة مرعبة يا وصال ، كنت ابحث عن شخص آخر احاوره ، ما ارعب الوحشة اذا انقطع الحوار مع الآخر، (يجلس يبكى مثل الطفل تقترب منه ).
وصال : ابك ايها الطفل الحزين بكاؤك وحوارنا يكشفان عن خفايانا الذهنية (ترفع رأسه) هل لديك شجاعة كافية حتى تخوض فى امور داخلية ….؟
قاسم : مثل ماذا؟
وصال : مثل الشهوة والرعب والفرح ؟
قاسم : انا انسان مسكون بالظلمة ، أنى فاشل (تأخذه من يده ويقفان )
وصال : بل انت احد اولئك المنفيين ، الذين بإمكانهم ان يزعزعوا كل الشرق المتوسط ، لاعادة حساباته فى كل شىء لقد اطلقت الرصاصة يا قاسم فى وجه الضوضاء والثرثرة لقد تجاوزت جزءا من الهزيمة .
قاسم : انه وهم لقد كانت الرصاصة متأخرة واكلها الصدأ
وصال : ومن منا ليس بغارق في وهمه اذا كان جميلا وقويا؟!
قاسم : كان علينا ان نعبر الجسر، ونطلق الرصاصة هناك فى الضفة الاخرى، ولكننا فشلنا، وبالتالي فشلت ، حتى اصبح الفشل جزءا من حياتي اعيشه واتحايل عليه .
وصال : ولكنك فنان
قاسم : فنان (يضحك بسخرية )!! يسخط المجتمع على الفن ، وكل الفنانين .
وصال : وكذلك يسخطون على الحب
قاسم : (يبتسم بسخرية ) الحب ! تفلى على وجهى، اذا كان ثمة حب
وصال : كن انسانا عاديا حتى تكون منتصرا، لاتنظر الى من اهم اكثر منك تفوقا، انت انسان فنان وناجح ، اريدك ان تخلق امرأة فريدة وجديدة تجعلها فى حياتك شيئا جميلا، بل كلا منسجما وليس منفصلا، امرأة تنفعل بك وتنفعل بها وتندمج معها وتدخلان في حوار لاينتهى (تبتعد عنه مسافة _ ينظر اليها بحدة )
قاسم : وصال ، لماذا المسافة بينى وبينك متسعة (يقترب ويمسكها) ماذا تخفين تحت ثيابك هذه ..؟ (تتراجع للخلف ).
وصال : اصعب شىء، هو ان تفعل كل شىء فى اول محاولة .
قاسم : يا دودة القز اللعينة ، انت انت لست زوجتي فقط ، بل امرأة حقيقية ، والمرأة الذكية ليست فيك ، لقد تحايلت ووقعت .
وصال : قاسم صبري انت وانا قلبان يخفقان بالحب فى موقع واحد ولكن جغرافية المكان متباعدة منذ سبع سنين .
قاسم : سأجعلها قريبة ، دعيني اتقدم خطوتين فقط من جسر النصر، دعيني اعتل بك يا وصال ، اذا لم افعل فسوف أموت ثانية ، بل فى ذرة انشتاين وبسرعتها اتوسل اليك دعيني اقترب .
وصال : هل تريد ان تعرف كيف حدثت الهزيمة يا قاسم صبري، كان الخطأ فى كل خطوة غير مستعد لها كنت تتقدمون ببط ء وفزع فى آن معا، كنتم مندهشين بذلك العالم الجميل ، الذي يقع فى الضفة الاخرى، وكان المدى يتسع امامكم كلما تقدمتم وما هى إلا خطوات ومسافات غير مستعد لها، حدثت الهزيمة وتركتم الجسر واقفا وحده يبعد عنكم رصاصات العدو (يهوى على الارض ويرتجف )
قاسم : (بقوة ) آه … هذا اللوجوس يمزقني، يفزعني لا اريد ان اموت مهزوما يا وصال ، لا اريد يما الحقيني يايما، الحقيني يايما، لا اريد ان اموت ( يبكى كالطفل ) تقترب وتضمه الى صدرها مواصلا كلامه وصال … العالم ملىء بالآثام والذنوب يجب ان يتطهر العالم يا وصال ، يجب ان يتغير.
وصال : عد الى وعيك يا قاسم ، من أجلى انا (تبكى) تصرخ ايتها الاحزان اتركيه ، من اجلي .
قاسم : ايتها الاحزان اتركيني اريد ان أنسى الهزيمة ، اريد ان اكون انسانا عاديا (تقترب وصال من دلو الماء تبلل يديها بالماء وتمسح به وجه قاسم )
وصال : علينا ان نتجاوز الهزيمة معا يا قاسم .
قاسم : انا احلم برحم دافى ء يا وصال ، هل تشاركينني هذا الرحم ..؟
وصال : لقد ارتجفت مرة بين ذراعيك ، هل ترانى متماسكة …؟ بداخلي فراغات تشتاقك .
قاسم : سأتجاوز الهزيمة من اجلك انا يا وصال (يقفان معا ببط ء) ما عاد هناك شىء اخاف ان اخسره ، إلا انت .
(ينظر اليها – يتناول يديها ـ يقبلها – تبتسم – تترك يديه وتزحف بالكرسي وطاولة الرسم للامام قليلا – ويسألها فجأة ) الى اين وماذا تفعلين …؟
وصال : سوف اقترب منك لتزداد ثقة اكثرا المدى بيننا واسع ، ليس غيرنا فى هذا المكان احد، لنعمل على ترسيخ قواعدنا حتى تقترب بيننا المسافات والخطوات (يقترب منها مبتسما ومتأملا)
قاسم : اريد ان اقيم بينى وبينك وبين الارض جسرا من الحب يا وصال (تقترب منه تقبل رأسه (جبينه ) وتتناول يده التي يرسم بها وتقربها الى حيث صدرها مبتسمة )
وصال : هذه اليد وحدها هي القادرة … انها الجسر.
(يبتسمان ـ تجلس فوق الكرسي كالأميرات . يتناول قاسم فرشاة الالوان (الرسم ) (يحدث اظلام على مستوى المكان تنخفض الاضاءة عند قاسم ووصال اثناء الرسم _ اظلام لكل الخشبة بينما نرى قاسم ووصال ).
آمنة بنت ربيع سالمين (كاتبة عمانية)