الصخرة التي نحيا بقربها، صخرة جافة، ليس بها نبتة خضراء ولا هي تستقبل مخالب نسرٍ أعياه الترحال.
الصخرة التي نحيا بقربها، صخرة إن لازمتها لازمت القلق بعينه. لا، بل الألم الحقيقي لكن دون دموع، ألم باطني، أخطر مما تظهره الملامح والأقوال الاستعراضية.
الصخرة التي نحيا.. كل صباح ومساء ونحن ننظرها. صخرة إن تهاوت عليك الفناء هو المصير، والأشلاء هي ما قد يتبقى منك. وان قادَك قدرك إليها خناجر وسيوف.
هنا ، تعود بذاكرتك في لحظة صفاء عابرة وتقول: هل ثمة صخرة خضراء، رأتها عين طفولتي. وهل الحجر ذاك غير هذا الحجر؟. لهذا، لا أمل على الاطلاق أن ترى غير تلك التي تراها الآن جافة، صلدة وشوكية. فالصخرة التي تحيا بجانبها وتتقلب على رمادها هي حياتك.. حياتك بين لعنتين.
أولى تلك اللعنات ان تعرف بأن ثمة معرفة لا تقود إلا إلى طريق واحد هو طريق الألم، وان هذا الألم ما بطن منه وما ظهر هو صخرتك الأثيرة ولا تغْتر بكَ الحياة بصلابة الحجر، فالهشاشة بيد الريح والماء.
كل محاولة لترميم أشلاء ما تبعثر هو أجمل الكذب بأن للحياة وجها آخر، وكأنك تبرر وجودك بقوة الخداع.
أسئلة كبرى.. دون جواب لحياة عابرة، ماكرة. فالألم الحقيقي سر الكائن. والسؤال دون الجواب خطر حقيقي، وكل جواب «جاهز» خلف بابٍ وكتاب خطر حقيقي هو الآخر. والأخطر أن يكون السؤال الأول قد تغير وتغيرت مقاصده حين تكون الأجوبة قد تشكلت ملامحها وبان بعض من ملمح الطريق، مع الشك بأن ثمة ما يمكن إجابته لسؤال كهذا طرح منذ القدم ولا يزال يثير شهية العارف بخطورة مسالك الطريق بأن شرقنا العربي منبت الكائن الناطق يحتاج الى خطين يلتقيان لا يفترقان بالمعرفة والعمل.
هل يمكننا أن نحيا بالقرب من صخرة حياتنا دون أن يلامسنا الألم, وأن نحيا بصفاءٍ وذهن متوازن؟
فمع أن الكتابة مداواة فيها بعض الشفاء، لكنه شفاء يظل ناقصاً لجرح ينزف كلما ضمدته، لكنه قابل أن ينفتح على أكثر من جرح، وقلق متكرر يعيد ما بدأه السؤال الأول حول الحياة وجدواها بالقرب من الصخرة القابلة للتدحرج في أية لحظة.