تحضن جذع النخلة ناظرا للأسفل حيث تتقزم القرية في عينيك مع كل صعود للأعلى، تستوي على عرش من زور النخلة وتنظر لأهل القرية وهم ينمسخون إلى أقزام صغيرة, تنفرج شفتاك كجرح صغير شاوعا في الضحك على الأقزام تمسك بشماريخ فحل النخلة متشمما (الدخ)× الذي تعشق رائحته وتقهقه وأنت تراقب الأقزام دون ان يحسوا.
من فحل باسق في الريح الي نخلة أعلى تهز جذعها فيتساقط الدخ على رؤوس من في الأسفل, تزوج الفحل للنخلة متلذذا بهذا الوصال وابتعادك عن القرية, أبوك بعصاه الطويلة يخطر تحتك يتبعه شيخ القرية بخنجره ورجال بعمائم كأنها تخفي جرحا ما، تذري عليهم الدخ مع بصاق خفيف, تتلذذ بالعلو وتباركه.
تنزل من النخلة لتكبر عليك القرية, تصعد لنخلة أخرى حاملا الشماريخ, يظهر الأقزام وتضحك مرة أخرى وأنت تراقبهم, تبدو كملاك صغير أجنحته زور النخلة, لا تردك النسوة وهن يخطفن تحت النخلة, تذري الدخ عليهن وتضحك, النسوة لا يحببنك, يتقززن منك ويوصمنك بالشيطنة, وكنت تصعد للنخلة لتحولهن لأقزام صغيرة, تنتقي النخلة الأعلى لضحكة أعلى.
تصطدم عيناك بأبيك, يعطيك شماريخ جديدة, تتذكر عصاه وهي تعانق ظهرك العام الفائت عندما حاولت ان تصعد لأعلى نخلة في القرية, هو الوحيد الذي من ينبتها، قال لك بأن عمرك ثلاثة عشر عاما ولا تستطيع صعودها، تصعد لنخلة اخري، تضحك, ترى طائرا يرفرف في الأعلى وتحاول أن تسمع ضحكاته.
تبقت لديك عدة شماريخ, وترى من بعيد تلك النخلة الباسقة وهي تعانق السماء وتصعد اليها الآن كأنك روح انسلت من جسد القرية, وهناك بدت القرية قبضة كف في السيح الأقيح والرجال أود تنبش الشوارع, تشرع في الضحك كثيرا، النخيل بزورها التي تؤرجحها الريح بدت وكأنها تتأهب للسفر بعيدا، وفلول السحاب حزمت أمطارها ورحلت.
تشرع في النظر من أعلى النخلة أكثر، ثمة نساء يدخلن غرفة جانب ساقية الفلج, يسكهن في الفلج عاريات, تستيقظ أفعى صغيرة من وسط جسدك, الفتيات يتراشقن بالماء، تسقط بضعة شماريخ من يدك, وتنفث ماء من صلبك وترائبك, ترتعش. والسماء تسقط عليك والأرض تتزلزل, القرية تصعد الى رأسك, تسقط الشماريخ والدخ ينتشر من حولك, تتحمس ماء أفعاك والأفعى ترتعش نائمة, تتشمم الماء.. دخ.. دخ..دخ..دخ..دخ، له رائحة الدخ تسكبه من يدك وأنت ترى أبدك وعصاه ينظران اليك قبل ان
ت
ت
س
ا
ق
ط في سفر أخبر.
× الدخ, بالعامية العمانية حبيبات الطلع في فحل النخل اللازمة لتلقيح النخيل,وأيضا بمعنى ماء الإنسان.