تحوي الكتب الأدبية المنهجية المقررة بمراحل التعليم في فرنسا نصوصا متنوعة ودسمة، من حيث الخصائص الجمالية والفكرية والفنية والأهداف التربوية المرسومة.
تعتمد «السياسة اللسانية» للدولة عند اختيار هذه الإبداعات الرائقة على متخصصين يخططون بدقة للعملية التربوية والتعليمية ؛ إذ أنهم يدرجون في الحسبان جل العناصر والمواقف والنظم والتقويمات والمراجعات والأسس المنهجية العامة (1) والأهداف المزمع تحقيقها.
تعالج موضوعات كتاب (مقاربات أدبية )(2)، الذي أنجزته جماعة من الباحثين والمفكرين الفرنسيين المتخصصين في هذا الحقل المعرفي، مجموعة من المحاور والقضايا، التي سيطرت على الأدب الفرنسي إبان عصر النهضة.
سنقدم ترجمة لموضوع (الزمن في الأدب الفرنسي )(3)، ونحلل بين الحين والآخر بعض أفكاره ومفاهيمه الخاصة، حتى يقف المتلقي العربي على سمات هذا الأدب وصور الإبداع المتميز عند أعلامه الخالدين، فتتكون لديه بعض الموازنات الاستشرافية المفيدة في هذا المجال، بعيدا عن كل اغتراب واستلاب فكري.
النص المترجم : لقد حكم الزمن على الإنسان بالسجن المؤبد تبعا لظروفه الخاصة المتقلبة، التي يحاول دائما الانعتاق منها. لذلك فإن الإفلات من هذا المعتقل يمثل بالنسبة إليه نوعا من التحرر والحرية. تترجم العلاقات المنطقية التي تربط بين الإنسان والزمن بواسطة مصطلحات تشكل مرادفا لمفهوم «المعاداة» أو «المواجهة المريرة». يوظف بودلير في بعض أعماله مفهومين عميقين يخصان الإطار نفسه، هما «العدو الأسود» و«الصراع الدائم». يجب إذن «قهر» الزمن أو «السيطرة» عليه بكل الوسائل والطرائق. ظل الإنسان منذ القدم يبذل قصارى جهوده لإدراج مفهوم الزمن ضمن اهتماماته الأولية وبحثه الحثيث عن الحقيقة. إن اختصاره إلى مدة محددة، ترمي بظلالها فوق مساحة فضائية خاصة وضبطه بواسطة أرقام محددة تستعمل داخل ساعة حائطية وتقنينه على شكل تواريخ تسجل في مفكرة يومية هو الذي يحول المطلق إلى نسبي. يؤدي هذا العمل أيضا إلى ضبط حدوده عن طريق مقابلتها باللانهائي. كما أن الإيمان بهذا الموضوع يجعل الزمن «أليفا» أو «مروضا»، حسب الرغبة والحاجة. لكن هذا الأمر لا يتحقق كلية، حيث لا يقوم الإنسان في الحقيقة إلا بالسيطرة على قسط بسيط من «صعلكته» وتشرده عبر الزمن المتسلل بين مجاهل وآفاق هذا الكوكب. تخلق هذه القضية أنماطا متنوعة من الشوق والحنين إلى الماضي والنفي والرحلة والتشظي، الذي ينتاب الشخص الحالم بشأن المنعطفات والمعارج التي يعرجها الزمن من أجل الاندماج والتسلسل والتغيير والقفز، أثناء رحلته في الكون. فهو قد يقتلع جذور مصدر عريق أو يغيرها ليسقط مجتمعات عزيزة كانت تحمل حضارات مشرقة في الماضي فيقطع دابرها. كما أنه يكسر طبيعة مألوفة، تعكس شيخوختنا مثل مرآة عاكسة. يستخدم أيضا بعض الأسماء الشخصية، حيث يدرجها ضمن قوائم أو بطاقات هوية، تذكرنا بأنه يمضي عجولا إلى الأمام كالماء المنساب تحت أحد الجسور.
توجد خطوة قصيرة بين الحنين إلى الماضي والثورة، التي قد تنضج أو تهب بقوة وعنف شديدين، وقد تنمو وتترعرع بمحظ الصدفة والاعتباط والروية، بناء على حياة رتيبة آلية. يصبح الأمر بالنسبة للاثنين عبارة عن ذكرى محاكة بكل عفوية وبساطة، أو لحظة زمنية غير متوقعة تحمل بين طياتها الفرح والانعتاق، مما يجعلها تتحرك داخل فضاء معين. تعيد هذه الموازنة للفرد شبابه وتحقق بعض أمانيه العويصة، كما يصرح بذلك فوست «أيتها اللحظة المناسبة على عجل تريثي قليلا، فأنت أكثر جمالا ورقة».
يخضع عامل الزمن الفنون إلى نظام إنساني دقيق:إذا كان الموت يمثل نهاية حتمية لكل مخلوق فإنه لا يستطيع قهر الفكر وتدميره لأن الشعراء يصرون على خلود إبداعاتهم وأزليتها. كما أن اللغة قد تجعل من الزمن نسقا متماسكا، فيصبح إنجازا خالصا لفكر الإنسان وعبقريته. يذكرنا سارتر في هذا الصدد بقوله : «عندما نروي الحياة ونقصها على الآخرين فإن كل شيء يبدأ بالتغير». يمثل هذا التغير المذكور، الذي يقع داخل مجال الكلام، الدليل الوحيد على ترويض الزمن.
الرغبة في الخلود عند فوست :
يجسد الدكتور فوست نموذجا فريدا من نوعه في الذكاء والعبقرية الإنسانية لأنه رجل موسوعي ماهر؛ شامل جامع وظريف في كل علم وفن وفكر(4). لم يبق هناك شيء إلا وتعلمه أو مكان فوق هذا الكوكب إلا وشاهده. ينجذب بعشق كبير للمعارف غير الطبيعية. «لكنه لم يعد قادرا على العيش ضمن دائرة الرغبات المحدودة». أنجز جيرار دونيرفال، الذي تأثر بمأساة الشاعر الألماني غوته، مقدمة متميزة مستوحاة من النسخة الأولى، الخاصة بقصة الدكتور فوست، الذي يبرم اتفاقا غريبا مع ميفيستوفليس، المجسد للشيطان الرجيم. نجده يتقمص شخصية تهتم كثيرا بكشف أسرار الحياة، دون أن تتخلى عن وجودها الحقيقي.
هاهما يلجان مطبخا يخص ساحرة ذائعة الصيت. تكسو جدران هذا المكان أدوات عجيبة تتعلق بممارسة السحر.
فوست : إن هذه الأدوات السحرية تثير اشمئزازي وتقززي، فأي فرح يمكن أن تعدني به وسط هذه الأكوام المتناطحة ؟ أي نصيحة يمكن أن أتوقعها من عجوز شمطاء ؟ هل يمكنني أن أجد ملاذا حقيقيا يخلصني من خدوش وآثار ثلاثين حولا كان يرزح تحت وطأتها جسدي؟ اعلم ياصاح أنه ستلاحقني تعاسة ما بعدها تعاسة، فأنا قد فقدت كل أمل وثقة في طبيعة حربائية وفي عقل عبقري مغرور كثير التهور لأنه يجرني إلى هاوية التردي والفشل الذريع، فلا يتغير مصيري أبدا.
ميفيستوفليس : يا صديقي، إنك مازلت تتحدث بحكمة كما عهدتك منذ عدة سنوات خلت. هناك وسيلة طبيعية تعيد إليك شبابك ونضارته. إنها تقبع داخل أحد فصول كتاب مهم.
فوست : أريد الاطلاع عليه حالا.
ميفيستوفليس: على الرحب والسعة. لا تتطلب هذه الوسيلة مالا ولا طبا متميزا أو سحرا عجيبا. اذهب إلى الحقول وباشر الحفر والنقش حول كل المزروعات والمغروسات. شغل ذهنك ضمن دائرة محددة. تناول طعاما بسيطا. عش كحيوان يعاشر حيوانات من نفس الفصيلة. انشر الحرائق في الأرض وعث فيها فسادا لتصبح جذ باء. أنت الذي تصنع تراثك بيديك وعقلك. صدقني أيها العزيز إنها أفضل وسيلة لتصبح شابا جذابا قد عاد ثمانين حولا إلى الوراء.
فوست : إنني لم أتعود القيام بأشياء من هذا القبيل. فأنا لم أتطبع على حمل الرفش، ولا تناسبني حياة البساطة والخشونة.
ميفيستوفليس: إذن على الساحرة العجوز التدخل في هذا الأمر.
فوست: لكن، لماذا هذه العجوز الشمطاء بالضبط؟ لماذا لا تتكلف أنت شخصيا بالموضوع؟.
ميفيستوفليس: ستكون بالنسبة لك فسحة زمنية رائعة. أما أنا فلدي مهمات كثيرة. سأبني آلاف الجسور والروابط. لن يتطلب هذا العمل الفن والعلم فقط، ولكن أيضا كثيرا من الصبر والجلد والتأني. فعمل العقل المتأني يستغرق سنوات طويلة من المهارات والإتقان. إن الزمن هو الوحيد، الكفيل بمنح هذه الخميرة شكل فضيلة متميزة. تمثل المقادير والمقاسات التي تتعلق بهذا الأمر عملا غريبا لأن الشيطان هو الذي يغويك لتقوم بها، أما أنت فلا تقوى فعلها بمفردك.
تجسد شخصية فوست أول عمل سينمائي قدم من خلاله الإنجليزي كريستوفر مار لو على الشاشة الكبيرة مأساة فنية بليغة الأثر. يتطرق هذا الإنتاج إلى بطل متجذر بعمق في فضائه الزمكاني. يرفض كل المعتقدات من أجل خدمة مجتمع عصر النهضة. . . حافظ فوست حتى لآخر أيامه على الاتفاق الذي أبرمه مع الشيطان (=ميفيستوفليس). كانت رؤية المشاهد الجهنمية هي التي تجعله يضعف وينكسر ويذبل، الأمر الذي دفعه إلى الاستغفار والتوسل باستمرار وعمق لإيقاف عجلة الزمن المدر والتخلي عن كل أشكال المعرفة الفتاكة.
الملاك : هذه هي الحال يا فوست، فلتبصر عيناك جيدا هذا الرعب المتعملق بوحشية في أرجاء الكون.
هذه الغرفة هي السكن الأبدي للسلاحف
فيها تنتقم غيابات جهنم من الرومان الطغاة
الروح الحبيسة في الجسد تتلقفها المياه الفائرة
أحياء بشرية قدت بألسنة اللهب
لم تلفظ أنفاسها، ظهرت ككرسي من حديد أحمر
روح الندم هي قمة التعذيب
هنا يطمر كل مرطب حلو ومأكول شهي
تقتات الروح من خبز مفحم حارق
تسخر من الجوعى عند الأعتاب
هذا ليس كل شئ، ستزحف عليك عقوبات طوفانية
عشرات الآلاف أشد فظاعة ومهارة
فوست : آه ! لم أعد أبصر إلا اليسير من هذا العذاب.
الملاك : يجب أن تلمسهم وتتذوق طعم المرارة
هكذا يتم عشق الرغبة، وهكذا يتم فهمها.
سأدعك يا فوست للحظتك الراهنة.
عندما تفقد اتجاهك ستهوي إلى الدرك الأسفل.
هيا ! أخرج فالمنبه يعلن تمام الحادية عشرة.
فوست : آه، يا ضيعتي !
آه، ثم آه ! لم يبق لي سوى ساعة بسيطة سأعيشها،
بعدها سأخلد في العذاب
أيها الفضاء السماوي، توقف!
ليمر الزمن بسرعة، فلا تزحف جيوش منتصف الليل.
أيتها العين الحارسة للطبيعة، استيقظي.
اجعلي النهار يطلع دون نهاية واجعلي ساعتنا هانية.
اجعلي اليوم والشهر والعام ينساب في سعادة دائمة.
ليتوب فوست ويستغفر ربه فيخلص روحه
ركضك ثقيل، ثقيل جدا يا جيوش الظلام بخيولك المطهمة
النجوم تسبح في فلك بديع
الزمن يكر والمنبه يرن.
ينسل الشيطان الغوي وفوست مقيم في العذاب
سأتجه واثبا متوسلا نحو ربي، فمن يوفقني ؟
أنظر إلى شبيه عيسى المقتول المصلوب
دمه يفور لامعا، ستجمد، يتخمر
قطرة واحدة، واحدة فقط تنقد روحي وتطهرني
يا أيها المسيح المخلص أنقدني!
أيها الرسول الكريم أدعوك! فلا تدع قلبي ينفطر
سأدعوك مرارا وتكرارا، فطهر نفسي.
أين أنت يا رسول الله ؟ حجبت عني الرؤية.
الرب رافعك إليه ومتوفيك.
ارفع يدك وجبينك الطاهر المتسامح
تساقط علي جبال وسكاكين تدثرني
تزمع إقصائي عن فرائض الإله
لا، لا، أنا أرفض هذا !
ها أنذا قد وقعت بديار مطأطأ الرأس
قلت : افتحي أيتها الأرض، قالت :لا يا مسكين
أيها النجم الحاكم للكون منذ ولادتي
المقرر لمصيري ومماتي وعذابي الأخروي
احمل فوست الذي يمتطي صهوة مركوب نصف ضبابي
ليعانق جوف السحاب المشغول
يوم تمجني من فمك بين طبقات الرياح
تنأى عنك أطرافي، تصير دخانا وظلالا
أيتها النفس ارجعي إلى ربك راضية
تدق الساعة الحائطية رتيبة
هاهو نصف ساعة قد ولى!
يا إلهي !
ارحم نفسي الضعيفة !
أدعوك بجاه عيسى المرفوع ليفديني
اجعل خاتمة لآلامي المريرة
أقم فوست في الجحيم ألف سنة، مائة سنة
اصفح عنه في النهاية
للأرواح المعذبة نهاية
هذه التي بداخلي خالدة ؟
أو ليس سوى مخلوق شرير يسكن روحا ؟
يا فيتاغور ! هل قولك ببعث الأرواح صحيح ؟
هل هذه الروح المحلقة نبعت من صلبي ؟
هل هي مزيج من البدائية والسجية ؟
أنا سعيد بأنني مخلوق ذكي نهايته الفناء ؟
لاحقا ستتحلل عناصر جسده
روحي ستعيش بقرحها في جهنم
هذا ما جناه علي والدي
اللعنة عليك يا فوست
اللعنة على غوايتك، أيها العدو المبين
إنها قد طردتك من رحمة الخالق
دقت الساعة الحائطية معلنة منتصف الليل
آه منك يا منتصف الليل !
فعلا أنت منتصف في رحلة العمر.
يا أيها الجسم كن هواء ينفث في الهواء سما
إن لم تكن كذلك فالشيطان سيقودك إلى جهنم
رعد، برق
أيتها الروح إنك لست سوى قطرة ماء
تسقط في عرض المحيط ولا يجدها أحد
هاهي الشياطين قد شرفت المكان
يا إلهي !
يا إلهي ما هذه العيون المتقدة شررا؟
أيتها الثعابين السامة، دعيني أتنفس
أيها الجحيم المظلم أغلق أبوابك
لا أريد مقابلة هذا الرجيم الأشر
سأحرق كتبي أيها الشيطان اللعين.
لقد جسدت بعض الأعمال المسرحية الكوميدية الفرنسية أنواعا من تجليات الزمن كما عند بول فاليري، الذي يصف لنا بدقة وعمق كيفية تخلي الشيطان عن البطولة لصالح الإنسان. يقدم المؤلف عمله بطريقة استعراضية، تبرز أن الشيطان ينوي غواية أحد الطلاب، مثلما نجد عند شكسبير وهيجو وغوتيه. يخلق موضوع الغواية وحدة موضوعية وعضوية طبيعية ويؤسس تناغما كبيرا بين عناصر العمل عند هؤلاء العمالقة. كما أنه ينشر لذة ومتعة وآثارا بليغة بين أوساط متلقيهم.
اهتمت عدة أشعار وأناشيد ونقوش عقلانية في القرون الوسطى بموضوع إضاعة الوقت وعدم استغلاله بالطريقة الجيدة والملائمة. لذلك فإن شخصية فوست قد حملت بين جوامحها فلسفة خاصة عن الزمن، من خلال :
1 – المعجم والتراكيب اللسانية الموظفة.
2- تقسيم العمل والبحث عن الحرية والحقيقة.
تبرز معالجة مار لو وغوتيه قيمة الزمن بالنسبة لعدة قضايا ومواقف (زمن موت أبطال القصص، زمن موت الكتاب والمبدعين، فترة التكوين والبناء والتطور بالنسبة للزمن، تاريخ ظهور نمط أو مذهب فكري معين).
يرتبط مفهوم الزمن عند شكسبير بوجود فلسفي عميق كما في مسرحية (هاملت )، حيث تخيم المقولة الشهيرة : (نكون أو لا نكون تلك هي المسألة).
الزمن الضائع : موشحات نساء من قديم الزمان.
خلف فيلون، في شتاء عام 1461 م وعام 1462م، وهو لا يزال في الثلاثين من عمره، وصية تضم مجموعة طويلة من طويلة من الأبيات الشعرية تتسق باستمرار حسب ثمانية مقاطع. يتطرق هذا العمل إلى تقلبات الزمن السريعة وهروبه من حياة بعض الناس دون أية استفادة تذكر. إنه كالسيف إن لم تقطعه قطعك، من حيث الضبط والسيطرة والاستغلال والتوظيف الأمثل والاستعباد الشديد تبعا للخيارات والرؤى الخاصة.
تتخلل هذا الإنجاز عدة مسرحيات غنائية، مثل الموشحات الغنائية (الأرض العطشى) والقصائد الغنائية المدورة.
يمثل إبداع فيلون إنجازا أصيلا بطابعه التقليدي، حيث يوظفه أحيانا لغايات ساخرة أو هجائية، تقوم شاهدة على تميز الموشحات الغنائية الذائعة الصيت، الخاصة بنساء قديم الزمان. أدرج الكاتب بين طيات هذا العمل بعضا من تأملاته عن الموت والحياة :
1- انقضاء الزمن وفراره السريع من بين يدي الإنسان.
2 – رؤية ملموسة ومحسوسة لهذا الموضوع.
3 – تجارب الإنسان المتنوعة مع الزمن.
4- فن التمتع بالزمن يفرض علينا نفسه بإلحاح.
التقى جيلي، في خريف 1816م، بلا مارتين الذي تعد إبداعاته عبارة عن موسيقى تصدح بصدق وعمق. فالبنى اللسانية المكونة لإنتاجه المتعلق بموضوع (البركة) المائية تضارع عمل «جوقة موسيقية». كما أن التناغم والحركات الموسيقية المنسقة للأقوال اللسانية والصور البلاغية تلعب دورا مهما في بلورة المظاهر الموسيقية داخل هذا العمل الأدبي برمته.
إن «أنسنة» الحياة واحترام الوقت يشترطان ضبط العلاقات المتنوعة بين الناس وتطويرها وتنميتها، تبعا لرؤية الراوي للعالم ووجهة نظره الخاصة ودور «البركة» المائية ورموزها بالنسبة لحياة الناس.
عالج غيوم أبو لينير عام 1912م في قصيدة (قنطرة ميرابو) موضوع الزمن الذي يفر من الشاعر بسرعة، أثناء عبوره اليومي لهذه القنطرة لكي يذهب إلى (أثوي) و(موبارناص). إن هذا الزمن ذو طابع شعري، فهو ينزلق بخفة ورقة لا يشعر المرء بها. يحاكي غيوم أبو لينير في هذا العمل عدة منظومات شعرية قديمة.
يتعرض هذا المبدع أيضا إلى موضوع هروب الماء، من خلال عدة صور ومعدات وتقنيات متنوعة. يمتزج هذا الماء بالحلم ؛ إذ أنه يكتنز عدة رموز وإشارات تخص فترات معينة من العمر. إنه منزلق ومائع لا يقر له قرار. تتطرق القصيدة كذلك إلى استمرارية فرار الزمن، رغم تحولات فضاء القنطرة ومحيطها. تقهر تقلبات الزمن الإنسان وتتسلط عليه فتجعله يعيش مدحورا مغلوبا على أمره، لكنه مع ذلك يتمنى كثيرا ويحلم كثيرا.
يعالج جوا شيم دوبيلاي، مثل زملائه، موضوع (الزمن الضائع)، حيث يرى أنه يفر حثيثا مهما تنوعت مراحله وتفرعاته. كما أن الساعات تنقضي بكل أقسامها سريعا.
كتب الفيلسوف مار لو بونتي عن الاستعارات والتحولات، التي تستخدم بالنسبة لموضوع «انقضاء الوقت ومروره السريع». يذكر في هذا المنحى : «يقال بان الوقت يمر وينقضي بسرعة، إذ يقع الحديث هنا عن فترات ولحظات زمنية. فالماء الذي أراه في حالة جريان دائم يمثل عملية مجهزة من قبل لأنه كان قبل عدة أيام متجمدا في قمم الجبال، لكن ذوبان الجليد قد جعله يجري أمامي بانتظام وينحدر نحو البحر أو المصب الخاص به ليرتمي بين أحضانه. إذا كان مضي الوقت يشبه جريان الساقية، فإنه سيبدأ بالحركة والانقضاء انطلاقا من الماضي وسيرا نحو الحاضر فالمستقبل. تعد هذه الاستعارة مبهمة نسبيا. فالثلج وما يتولد عنه لا يمثل أحداثا ووقائع تتعاقب باستمرار.
نجد عدة تجارب ونقاشات تتعلق بموضوع مرور وقضاء واستغلال الوقت. كما تشيع عبارات كثيرة في هذا المنحى، مثل : يملك وقتا كافيا، يستغل وقته جيدا، يهدر أو يضيع وقته أو يقتله. . .
يرى فكتور هيجو بأن الشعر هو عبارة عن فلسفة خاصة، تهتم مظاهر الوجود والطبيعة والمعرفة والقيم المتنوعة. يعالج هذا الشاعر التصورات المتنوعة التي يملكها الإنسان عن الوقت والعالم والحب والحياة والموت في كل فترة وحين. ترتبط هذه التصورات بالمظاهر التالية:
1- دور بعض عناصر الطبيعة في إحياء صور وآثار متنوعة تخص زمن الماضي.
2- البعد الفلسفي للزمن : نجد الإنسان يمارس عدة تأملات مطلقة وتساؤلات وشكوك، تتميز بالتعقب للمعارف والتفكير العقلي فيها والحلم بها، بغية صنع برنامج طموح استشرافي يجعل منه مبدعا شموليا.
يحمل شعر فكتور هيجو بين ثناياه فلسفة متميزة عن الزمن وتصورات الإنسان وتأملاته عنه وعن الوجود والمعارف والقيم. إنه شعر درامي بالنسبة لموضوع الزمن والحوارات الداخلية التسجيلية الخاصة. يبلور عدة مشاعر أثناء معالجته لموضوع زواج فيغارو. ينحو هذا القريض منحى غنائيا فيما يخص الحب والنفس وتسلط الزمن.
إن الزمن هو عبارة عن لحظات قصيرة نعيشها في هذه الحياة، حيث يفر منا باستمرار ويتبخر بسرعة كبيرة. لقد جسد لافونتين هذه القضية في خرافاته الشعرية التي نظمها عن الحيوانات. كما عالجها رونسار بعمق وقوة في بعض أعماله الأدبية. نجده يربط هذا المفهوم بالحب والعمل والعمر عند الرجل والمرأة. فهذان الشخصان يبدوان في شبابهما كوردتين متفتحتين، ثم يشرعان في الذبول والانكماش تدريجيا.
ينمو بعض الناس وينضجون في هذه الحياة عبر مراحل العمر، وآخرون يلفظون أنفاسهم الأخيرة، حسب أجل مسمى فيوارون في قبورهم. لذلك فإن الزمن يترك بصماته وآثاره جلية على حياة الناس. إنه عبارة عن لحظات قصيرة وجودية محيرة. فحياة الناس تتناقص باستمرار، ولا شئ يمكن أن يوقف ذلك.
يؤكد عدة كتاب ومبدعين فرنسيين على أسبقية الزمن الماضي على الزمن الحاضر. كما أنهم يقرون بأن شريط حياتنا يعبر بسرعة، وهو ليس إلا مجرد انعكاس حقيقي لما هو موجود بذاكرتنا(5). تشبه لحظات العمر مقرابا telescope يدنينا من اللانهائي حتى حد التلاشي. فهي انعكاس يقود إلى انعكاس آخر وصدى يقود إلى صدى لآخر، كما يصرح بذلك جون بيير ريشار.
يمثل عمل مار سيل بر وست، الذي يحمل عنوان (البحث عن الزمن الضائع) أحد روائع الأدب الفرنسي أهم مرتكزاته في القرن العشرين. أثار المؤلف في هذا الإنجاز الفكري عدة قضايا :
1 _ علاقة النوم بالعزلة والوحدة الطويلة الأمد.
2 _ لحظات انتظار حنان الأم وقبلاتها.
3 _ وقت المغامرات الليلية.
4 _ العادات العائلية بمنزل كومبراي.
5 _ زيارات السيد سوان.
يبني السارد، في خضم كل هذه الموضوعات والقضايا، علاقات مصالحة مع شريط حياته وطريقة عيشه وصيرورة ماضية وتاريخه الخاص. تظهر «مادلين الصغيرة» فجأة، فيفجر مر سيل بر وست، من خلال معالجة شخصيتها، كل طاقاته الإبداعية، التي ترصد لنا وقائع وأحداثا مهمة في الحياة والوجود.
يعتمد بعض الأدباء الفرنسيين في جل أعمالهم على « الزمن الاسترجاعي»،
وآخرون يربطون موضوعاتهم وقضاياهم وأفكارهم المتنوعة بالطفولة والذكريات وبعض الجوانب التحليلية النفسية كما عند فرويد. يرفض هذا العالم فكرة «العفوية» ليعوضها بمفهوم «الاستيهام»(6) المتعلق بالأحلام والهلوسة، النابعة من الخيال بشكل لاشعوري.
إن ذكريات الأطفال لا تنتج ولا تحدد بواسطة نفس الحدث، الذي ينتج ويحدد ذكريات البالغين. يتم استرجاع وإثارة هذه الذكريات لاحقا بعد انتهاء مرحلة الطفولة. قد يتم تغييرها أو تحريفها من أجل توجهات مستقبلية، حيث لا يمكن تمييزها عن الاستيهام ولا يمكن فهم طبيعتها جيدا إلا عند التفكير في طريقة تدوين أو كتابة تاريخ زعماء الجماعات البدائية. فهذه الجماعات البدائية القليلة العدد كانت تفكر باستمرار في تدوين تاريخها وزراعة أرضها والدفاع عن وجودها ضد الغزاة والجيران المغيرين أو الاستيلاء على بلدانها من أجل الاغتناء والاستغلال. يمثل هذا العمل زمنا بطوليا من دون تاريخ. جاءت بعد ها مرحلة «وعي الشعب» بنفسه، التي بدأ فيها باكتشاف قوته وثروته وحاجته الماسة إلى النمو ومعرفة الجذور والأصول. تجلت في هذه المرحلة بعض المعالم:
1 – بداية تدوين التاريخ البشري لأحداث الماضي والحاضر.
2 – جمع العادات والتقاليد القديمة.
3 – ارتكاز مرحلة ما قبل التاريخ على آراء وإيحاءات وإسقاطات حاضرة.
4 – حجب ذاكرة الإنسان أو طمسها لأشياء مهمة، وتحريف أخرى. ثم في هذا المستوى تأويل بعض الآثار القديمة بشكل سيئ جدا.
5 – تدوين التاريخ من أجل السيطرة على العصر الحالي.
6 – جعل الكتابة التاريخية مرآة عاكسة لعقلية الشعب الذي ينتجها.
7 – موازاة «الذاكرة الواعية» بين أحداث من يستطيع كتابة التاريخ وذكريات طفولته من جهة، والتاريخ المتعلق بزمن الشعوب البدائية وذكريات طفولة هذا الكاتب من جهة أخرى.
الزمن المدحور :
ترويض الموت : يحتل مفهوم (الموت) صدارة الموضوعات والقضايا بالنسبة لأعمال مونتين. يعالجه في عدة مواطن من إنتاجاته الأدبية بشكل مستفيض مكرر. يقول عنه: «إنه يتربص بنا الدوائر في كل حين ومكان. فهو قد ينط من بين الأصابع عند لمس أي شئ». يقدم لنا سلوك مونتين إزاء الموت مادة ثرية، تتصل بعدة قضايا جوهرية في هذا الوجود. لذلك فإنه علينا مواجهته والتغلب عليه، دون أي خوف أو وجل عندما يقوم بزيارتنا دون استئذان. كما أن علينا محاولة النوم والعيش الراضي وتجاهله والتفكير في الخلود والراحة الأبدية، عن طريق القيام بأعمال نافعة وصالحة. سيجعلنا هذا التصرف نعاشر الموت بسهولة وأريحية، حيث نقبل الاستئناس به مع مرور الأيام والعمر وتكرار التجارب لأنه المصير المحتوم بالنسبة لكل كائن فان. يمثل الموت النهاية الطبيعية للحياة وهدفها الأخير عندما يهل أجله المسمى.
أنتج جان جاك روسو، عام 1778م، عملا أدبيا قيما يحمل عنوان (أحلام الرجل الذي يتنزه وحيدا). يعالج فيه بعض اللحظات الفجائية التي تتعلق بوقوع أحداث مؤلمة (أذى بعض الحيوانات، وقت رد الفعل ضد هذا الأذى، مدة ترويض هذه الحيوانات وجعلها أليفة). يصف الكاتب مرور الوقت، أثناء الليل والنهار (لحظات خاصة بحركة النجوم، مراحل نمو الإنسان خلال حياته، علاقة وجوده بالأشياء التي يشاهدها في الكون، نسيانه في بعض الفترات لأمور مهمة، تذكره في فترات أخرى لرغبات وميول مثيرة وأناس طيبين وأضرحة أعلام موسومين، سرده لذكريات تميزت بعدة سقطات وصراعات ورحلات عبر نفس السبل والفضاءات المعتادة.
الموت المرافق :
يقدم مارسيل بر وست في نهاية عمله ( البحث عن الزمن الضائع) تأملا عميقا على لسان السارد فيما يخص موضوع الوقت، الذي يشبه أحبولة تكبل هذه الشخصية من كل الأطراف وتسجنها داخل فضاءات، تجعلها تعيش باستمرار حالات من المد والجزر، الأمر الذي يدفعها إلى بذل قصارى جهودها لإنجاز أعمال أدبية مدهشة. يعرض بر وست في هذا الإنتاج الفكري معلومات مكثفة تدور حول تجارب ومغامرات متنوعة، عاشها السارد وشخصياته. يمثل الزمن هنا الموضوع الأوحد المسيطر على المحكي «أجل، إن فكرة الزمن التي بلورتها في هذا العمل هي التي جعلتني أستعمل عدة عبارات معجمية :لقد حان الوقت للعمل، الوقت مناسب جدا، لم يحن الوقت بعد، مازال هناك متسع من الوقت، هل يمكنني أن أكون في الوقت الملائم. . . ».
يعالج الكاتب في العمل نفسه موضوع الموت وعلاقته بالزمن، من خلال عدة عناصر :
1 _التجليات المتنوعة للموت في الواقع المعيش .
2 _الصور والوظائف الخاصة بالموت في النص الأدبي.
3 _حقيقة الموت : الانطباعات والأحاسيس وتطور فكرته عند الناس.
4 _سماته الخاصة : موازنات وممارسات.
يطرح ثيوفيل غوتيه أطروحة «الفن للفن» ويدافع عنها بحرارة. تواجه هذه الأطروحة مار وجه فكتور هيجو في عمله «وظيفة الشاعر»، حيث يرى الكاتب أنه «سيد التناظرات والتقابلات دون منازع لأنه يصنع الحياة السعيدة الهانية».
لا يزال هذا النقاش مفتوحا ومحتدما في أيامنا الحالية بين المدافعين عن الفن الملتزم وأنصار الفن المتحرر من كل القيود الموضوعية، التي تتجاوز البنى الداخلية للعمل الفني.
تثير الأطروحتان السابقتان عدة أسئلة هل يمكن للفن أن يكون غير ملتزم ؟ ألا يحمل الفنان وظيفة أو رسالة محددة داخل مجال تخصصه؟ كيف يستطيع الإنسان أن يقوم بدور خاص إذا كان فنانا أو موسيقيا أو رساما ؟ ما نوع العلاقة القائمة بين الجمال والالتزام ؟.
يتحدث سان جون بيرس عن خلود الشعر، أثناء إلقائه لكلمته بمناسبة حصوله على جائزة نوبل، عام 1960م. يرى أن الشاعر يعيش مرافقا للتاريخ فيعمر بصورة سرمدية عبر كل الأزمنة والعصور. يؤدي هذا إلى تطور الشعر أو ثورته.
تبرز تجليات الشاعر الأزلية في تاريخ البشرية جمعاء، من خلال :
أ _ شهادته الملتزمة : المعاني والتجليات الخاصة لهذا الالتزام.
ب _ روابطه المتنوعة: الاستفلال، الرؤيا، التعبير.
يحدد سان جون بيرس ماهية الشعر، بناء على الأقنعة المتنوعة التي يستخدمها الشاعر وأنواع التناص التي يستجير بها وكذلك وظيفته في الحياة.
يعالج باسكال في الجزء الأول من عمله الرائع «أفكار» قضية متميزة تتعلق بفقر الإنسان، الذي يجعله يعيش في سجن انفرادي. يقدم أدلة متنوعة على هذا الفقر، الذي يعده باسكال «تباهيا وزهوا» في مواجهة هذا الكون المترامي. يثير هذا الموضوع حساسية كبرى بالنسبة لعلاقة الإنسان بالوقت، الذي يمثل فترات عقيمة، تخبط خبط عشواء عند معانقة اللانهائي. تتنوع الأدلة والبراهين التي يعرضها الكاتب عن هذا الموضوع. فالزمن في نظره يسير في الحياة ويتطور حسب نسق معين، مما يطرح سؤالا مهما :هل يملك هذا السير والتطور منطقا معروفا ؟
يواجه الإنسان الزمن بواسطة سلوكيات وأسلحة متنوعة ومتعددة، تتأقلم مع الظروف والمواقف. تتغير قيمة وكيفية التعامل مع الزمن من الجماعة المتكاثفة إلى الفرد المنعزل، حيث تتنوع وتقوى أو تضعف أسلحة المواجهة وسلوكيات التعامل الخاص. يظهر في بعض الظروف والمواقف ضعف الإنسان أو انهزامه أو فشله الذريع أمام الزمن المتسلط. لذلك فإن الزمن يفرض بعض سماته على الإنسان :
1 _ فرض وثيرته الخاصة (كثافته، صوره الخاصة، أدواره المتنوعة).
2_ سجن الإنسان داخل تناقضاته اليومية في الحياة.
3 _ تسلسله الرياضي :بدايات بعض القضايا، معايشتها وتصريفها، نهاياتها. . .
4 _ نهايته ووسائل تعامله مع البشر.
يتعرض ألبير كامي إلى موضوع الزمن والعبث في إنتاجه الأدبي الكبير (الغريب). يطلق السارد كاليغولا اسمه على عمل كامي بأكمله. تعاقب الآلهة سيزف عقابا أبديا، حيث تجبره على دحرجة صخرة ضخمة الى أعلى جبل، لكنها تعود إلى السقوط كل مرة، مما يولد لديه روح الثورة. يستنتج الكاتب من هذا أن الحياة هي مجرد زينة وعبث ولهو وتفاخر وتكاثر زائل.
ينمو وعي الإنسان بالزمن تدريجيا، تبعا لمراحل العمر والظروف والمواجهات. قد تمر عليه فترات من اليأس والملل، تجعله ينتقل بعدها إلى مرحلة من الوعي المتميز. يستخدم المؤلف هنا عدة أشكال ووجوه أسلوبية، إيقاعات تراكيب لسانية معجم. يتخذ الإنسان مواقف متنوعة اتجاه الزمن، مستعملا معجما خاصا بهذا الموضوع.
يملك السارد رؤية خاصة تتعلق بالظروف الزمانية وصيغها وأشكالها المألوفة وعبثها. نجده يطرح في هذا المستوى عدة عناصر:
أ _ علاقة ظروف الإنسان بالزمن ( الحياة الآلية، الزمن المفضل / الزمن المرفوض، العبث ).
ب _ الثورة :بروز الوعي بالزمن، مشروعية الثورة وحيوتها.
ج _ الخطاب الأخلاقي والزمن :معجم التحليل، التفاؤل / التشاؤم، الممارسة الأخلاقية.
يبرز جان بول سارتر في عمله الشهير (الغثيان) طريقة متميزة لتعقب أثر الزمن المتسرب بسرعة. إنه يحاول الإمساك به من ذيله، حيث يقول : «لكي يصبح الحدث العادي جدا مغامرة محددة، فإن الأمر يتطلب ويستوجب الشروع مباشرة في سرده» لقد قضى ظهور هذا العمل عند سار تر على الرواية الرومانسية، التي راجت قبل 1930م. يتجلى السارد عند الكاتب من خلال عدة مواقف، تربطه بالشخصيات والدسائس المتنوعة والاستغراب المثير والمعاني والرموز المختلفة، التي يوحي بها العمل، الفعل والممارسة، الزمن وتقلباته الوصف المتنوع، الواقعية. . . .
يربط تزفتان تودوروف الزمن بالخيال، من خلال معالجته لموضوع «الشعرية» لذلك فهو يرى أن قراءة كتاب معين نرغب في الحديث عنه كثيرا، بناء على أجناس معينة وأسئلة محددة، تجعلنا نتجاوز التأويلات، ذات البعد النفسي. يدافع الكاتب خنا عن منهجيته الشكلية الداخلية، التي تبلور القوانين الداخلية للأدب. نجده يعانق، أثناء دراسته لهذا الموضوع، عدة مقولات خاصة تهم الحقل الأدبي، على رأسها مقولة الزمن. يطرح في هذا الصدد عدة عناصر :
1 _ الزمن والنسق اللساني.
2 _ المدة.
3 _ الزمن والخطاب.
4 _ الزمن والخيال والمشهدية.
5 _ التردد.
لقد عالج الأدباء والشعراء والفلاسفة والفنانون والمفكرون الفرنسيون موضوع الزمن من عدة زوايا، تبرز مستوى وعيهم وأيديولوجياتهم ورؤاهم المتنوعة للعالم. . . .
عبد الجليل غزالة\
\ ناقد وأكاديمي من المغرب