*أصالة المأثور الشعبي وتطوير علم الموسيقى.
* 150 عضوا من المجلس الدولي للأشفة الصوتية والمرئية تستضيفهم مسقط في أكتوبر.
* كتب واصدارات وأشرطة عن الموسيقى يصدرها مركز عمان للموسيقى التقليدية.
الفولكلور هوالمصطلح المرادف لعبارة الفنون الشعبية أو التقيلدية التي كثيرا ما نستخدمها دون وعي لمعناها الواسع، فالفولكلور أو المأثور الشعبي هو تلك المعرفة الشعبية أو ذلك التعبير الشعبي بجميع وسائل الاتصال، وهو يشمل العادات والتقاليد والأعراف المتوارثة التي تنظم المجتمع وتساير أحداثه وطقوسه من زواج وولادة ووفاة، وهي تصدر عن وجدان جماعي في العلاقات الانسانية مثل التقاليد التي تبقى في المدينة مع أنها استجابة لنظم اجتماعية قبلية أو ريفية.
واستنادا الى بحث (الموسيقى الشعبية بين الاصالة والتطور) لـ: عبدالحميد يونس بإن الفولكلور يقوم على تداخل الوظائف الثقافية والاجتماعية والوسائل جميعا كالتعلم والتعبير، ويستهدف كل القيم الانسانية.. إنه يستهدف قيم الحق والمعرفة والجمال والمنفعة.
وأهم وسائل التعبير هي اللغة، واللغة في معناها الأشمل هي الكلام والعلامات والاشارات والحركات والايقاع وتشكيل المادة ويؤكد البحث أن العبقرية الشعبية الى جانب احتفاظها بكثير من الأدب الشعبي وتطويرها له فإنها تضيف اليه دائما استجابة لنزعة الوجدان الجماعي على التعبير كلما حفزته الحياة والأحداث.
كان الجمهور يمثل الشعب من الناحية النفسية والجماعية وكانت المناسبات والأعياد هي الحوافز المباشرة على غلبة الوظائف الحيوية والاجتماعية فقد كان الأمر يجمع بين الابداع والأداء
والتفوق والتلقي ومن الملاحظ أن الدارسين يهتمون في الوطن العربي وفي السلطنة بالتراث الشعبي أو الفنون الشعبية، وقاموا بجهود في الدراسة الواقعية التي اعتمدت على التسجيل بالصوت والصورة
وتصنيف الوثائق والمدونات الاجتماعية الحية، وأظهرت هذه الدراسات طاقة الشعب على الانتاج وذوقه في الاختيار والأداء.
وتمر الفنون الشعبية بمرحلة جديدة إذ أن ما حدث في المجتمع من تطور وطفرة تكنولوجية أدى الى تواصل والتقاء المجتمعات والقوميات بوسائل النقل والاعلام في مجالات الفن والفكر، فتداخلت أنماط الفنون وأشكالها ووظائفها.
ومستقبل الفنون التقليدية أو الشعبية هو مستقبل الشعب الذي يعيش حاضره الذي هو تطور متواصل لماضيه الطويل.
وهنا تبرز قيمة الفولكلور الذي يستوعب ذلك الفن الشعبي أو التقليدي بإعتباره محصلة الثقافة الشعبية المتراكمة من أقدم العصور والمسايرة لتاريخ الشعب على طوله وتنوع مظاهر حضارته.
عندما أنشيء مركز عمان للموسيقى التقليدية عام 1983م كانت له أهداف واضحة ومحددة لعل أهمها هو الحفاظ على الموروث الفني من غناء ورقص تقليدي وذلك من خلال حصرها أولا وبالتالي تسجيلها، ومنها نشر الوعي الموسيقي من خلال وسائل الاعلام المتاحة، واستقبال العلماء والباحثين والمهتمين بدراسة الفنون التقليدية العمانية، والعمل على تدريب كفاءات وطنية لتتأهل للعمل في هذا المجال.. ومن أجل استقصاء نتيجة
ثلاثة عشر عاما من العمل،. ومقارنة بين الأهداف والنتائج كان للمجلة هذا التحقيق حول انجازات ومشاركات مركز عمان للموسيقى التقليدية.
يتكون المركز من أربع مكتبات متخصصة هي:
أولا: مكتبة تسجيلات الفيديو وتحتوي على 600 شريط بعضها (يوماتيك ) مدتها عشرون دقيقة، وبعضها الأحدث نوعا وجودة (SP) والتي تتميز ببقائها فترة زمنية أطول دون تعرضها للتلف. وهذا ساعد في نقل مواد من أشرطة قديمة الى الأشرطة الجديدة وذلك لحفظها وصونها.
ثانيا : مكتبة الصوت والتي تتمثل في عدد من أنواع الأشرطة مثل :الريل والكاسيت، والميكرو كاسيت والدات وهو يعتبر أفضل أنواع الأشرطة السمعية.
ثالثا : مكتبة الصور الفوتوغرافية والشرائح الملونة، يبلغ عدد الصور فيها حوالي35ألف صورة، وأكثر من ألفي
ويوجد بالمركز فريق دائم يقوم بالتصوير منذ عام 1984م.
رابعا: مكتبة الوثائق والمخطوطات، وهي تحتوي على المسودات أو المدونات التي أمكن الحصول عليها والتي تمت طباعتها والاحتفاظ بها كوثيقة مثل : النصوص الغنائية، وصحائف بيانات عن أشخاص، أو معلومات حول أشعار أو رقصات تقليدية.
وحول أهم انجازات المركز منذ انشائه قال مدير المركز بالانابة جمعة الندوة الدولية التي أقيمت في مسقط ما بين الخامس والسادس عشر من أكتوبر عام 1985كانت حدثا مهما في تاريخ المركز حيث ألقي فيها أكثر من 28 بحثا عن الموسيقى التقليدية العمانية، وقد حضرها باحثون من مختلف بلاد العالم من المهتمين بالموسيقى التقليدية أو من علماء موسيقى الأجناس.
إلا أن الانجاز الأكبر – كما يوضح مدير المركز بالانابة – هو هذه الثروة التي يحويها المركز في مكتباته من أشرطة ووثائق وكتب. ولكن أهم هذه الانجازات على الاطلاق هو أن المركز بصدد الانتهاء من انشاء الأرشيف الوطني للموسيقى التقليدية العمانية كأول أرشيف موثق على المستوى الخليجي، وبذلك يكون مركز عمان للموسيقى التقليدية قد قطع شوطا كبيرا في عملية التوثيق، وكما يؤكد جمعة الشيدي أن أهم مراحل التوثيق قد تم انجازها.
وتجدر الاشارة بأن المركز لم يحصر فقط اهتمامه بالموسيقى التقليدية وحدها بل امتدت نشاطاته الى الحرف التقليدية فقد كانت للفريق العامل بالمركز جولات ميدانية لعمل أفلام تثقيفية في معظم مناطق السلطنة وذلك بهدف تغطية جميع الحرف التقليدية، ولم تبق سوى أجزاء من منطقة مسقط ومنطقة الباطنة والمنطقة الوسطى – بالاضافة الى جولات ميدانية لتسجيل الشعر المفنى حيث تم حصر جميع مناطق السلطنة وتوثيق معظم الشعر الذي يفنى في الرقصات.
ويتعاون المركز مع عدة جهات من أجل نشر الوعي الموسيقي والغنائي وذلك مثل التليفزيون حيث يتم التعاون في عدة صور مثل التصوير حيث يستعين المركز بفريق تصوير من التليفزيون، كما يمكن للتليفزيون أن يبث البرامج التي يسجلها المركز. فضلا عن وجود معرض دائم في جامعة السلطان قابوس يعرض آلات موسيقية وصورا فوتوغرافية.
للموسيقى التقليدية منذ عام 1989 عدة اصدارات هامة لعل أهمها وأولها هو معجم موسيقى عمان التقليدية لـ د. يوسف شوقي، صدر باللغة العربية وترجم الى الانجليزية وتم توزيعه على المكتبات.
وهناك كتاب (من فنون عمان التقليدية ) والكتاب من ثلاثة أجزاء الأول يحوي نبذة مختصرة عن المركز، والثاني حول الندوة الدولية عام 1985م، والجزء الأخير عن أنماط الموسيقى التقليدية في عمان.
علاوة على ذلك يصدر المركز السلسلة العملية الأولى المسمدة "مطبوعات مركز عمان للموسيقى التقليدية " والتي صدر منها حتى الآن ثلاثة أعداد وهي تحمل حصاد وبحوث ندوة عام 1985.
يقوم بالبحوث التي يصدرها المركز إما أعضاء المركز أو باحثون مهتمون بالموسيقى التقليدية كطلبة جامعة السلطان قابوس.
حيث تتم في المركز مراجعتها وتنقيحها ومن ثم طباعتها. أحيانا يشم إبلاغ الباحث بأن المركز بحاجة الى البحث في مادة معينة وبالتالي فإن الباحث يعمل تحت إشراف المركز.
ومن الجدير ذكره أن مركز عمان للموسيقى التقليدية عضو في الجمعية الدولية للأرشيف الصوتي، ويشارك المركز سنويا في حضور مؤتمرات واجتماعات الجمعية كما يساهم بإلقاء البحوث والمحاضرات. وعضو بالمركز الدولي للموسيقى التقليدية والمجمع العربي للموسيقى، كما يدعى المركز من جهات أخرى ومشاركات مختلفة مثل الندوة التي عقدت في زنجبار بالتعاون مع اليونيسكو والمجلس الدولي للموسيقى وكانت الندوة حول (أثر العرب والشرق على الموسيقى والرقص في افريقيا) حيث شارك المركز ببحث عن انجازات المركز وتعرض لشرح علاقات عمان بزنجبار وتأثيرها على الحياة والموسيقى. وأشار أخيرا جمعة الشهدي مدير مركز عمان للموسيقى التقليدية بالانابة الى أن المركز في خطته المستقبلية يطمح في اجراء المزيد من الجولات الميدانية واكمال الأرشيف الوطني، وعمل برامج تليفزيونية جديدة.
ولمزيد من التفاصيل حول المركز ونشاطاته واصداراته تحدثنا الى مستشار مركز عمان للموسيقى التقليدية الدكتور عصام الملاح أستاذ علم موسيقى الشعوب بجامعة ميونيخ والذي أصدر عدة كتب باللغات العربية والانجليزية والألمانية. آخر اصدار له كتيب مع أسطوانة CD بعنوان "موسيقى حضارة عريقة، سلطنة عمان " بالألمانية عام 1994.
في بداية حديثة أكد الدكتور عصام الملاح على أهمية توضيح المراحل التي يمر بها المركز منذ التأسيس حيث مر المركز بمرحلة التجميع كمرحلة أولى خلال عامي 1983- 1984 ومنها كانت نقطة الانطلاق عندما تأسس المركز ذاته.
المرحلة الثانية هي المرحلة التي يمر بها المركز الآن وهى التعريف وهو له عدة قنوات منها القنوات الاعلامية كالمصحف والاذاعة والتلفزيون، ومنها القنوات العلمية والتي من خلالها نؤكد الوجهة العلمية للمركز، ولحدوث ذلك كان لابد من قيام علاقات مع مراكز علمية عالمية، وقد تحقق هذا منذ البداية فهناك اتصال دائم بين المركز وبعض جامعات أوروبا والولايات المتحدة. وذلك من خلال إلقاء محاضرات أو تدريس فصول كاملة بصفة تأكيدية عن الموسيقى العمانية في جامعات مثل جامعة بيرن وبازل بسويسرا وانسبروك بالنمسا، وكاليفورنيا ولموس أنجلوس.
ويعمل المركز على تأكيد هذه المرحلة من خلال إعداد برامج إذاعية إعلامية وعلمية معا، واصدار كتب فردية والسلسلة العلمية المسمدة "مطبوعات عمان للموسيقى التقليدية ". العدد الرابع من السلسلة تحت الطبع، والخامس سيصدر في ابريل من هذا العام والعدد السادس في نهايته.
هذه السلسلة تعتبر أول سلسلة علمية عربية تعالج الموسيقى التقليدية العربية عامة، والعمانية خاصة،. ما تتميز به هذه السلسلة هو صدورها باللغتين العربية والانجليزية،. وهي ليست دورية وانما تظهر في شكلين : الأول كتجميع لمقالات لعدة مؤلفين. وتظهر في كتاب واحد باللغتين، والثاني : ككتاب يعالج موضوعا واحدا، ويظهر في نسختين مختلفتين احداهما باللغة العربية والأخرى بالانجليزية. ويصدر عن المركز ليس فقط المطبوعات، وانما الاسطوانات فقد ظهرت اسطوانة عن عمان ضمن سلسلة اسطوانات اليونيسكو، وأصدر المركز أسطوانتين من 84 صفحة بثلاث لغات : العربية والانجليزية والألمانية وهما تحويان معلومات عامة عن السلطنة ومناخها وموسيقاها التقليدية.
يصدر المركز في ابريل القادم كتاب (الموسيقى العمانية التقليدية وعلم الموسيقى)، وهو من جزءين الأول في 344 صفحة والثاني في 129 صفحة، مرفق به شريط فيديو مدته 99 دقيقة، وذلك لتأكيد وشرح المعلومات الواردة في الكتاب، كتصنيف الآلات ومشوح الرقصات والايقاعات وكل الفنون المعروفة في السلطنة يشملها الكتاب. وهو كتاب ذو قيمة علمية كبيرة لأنه يبحث في مشكلة مهمة في الموسيقى العربية وهي التدوين منذ أقدم عصور الموسيقى وحتى الآن، مرفق بالكتاب أيضا أسطوانتان.
من نشاطات مركز عمان للموسيقى التقليدية حضور المؤتمرات والندوات العالمية بشكل دائم ومستمر، وتعتبر السلطنة هي الدولة العربية الوحيدة التي تساهم بهذا الشكل المؤثر في هذا المجال، وهذا الذي أكسبها ثقة العالم حيث ستعقد المجلس الدول للأرشفة الصوتية والمرئية اجتماعها القادم في مسقط وذلك في الفترة من 4- 6أكتوبر من هذا العام، وهذا الاجتماع الأول الذي يعقد في دولة عربية ومن المنتظر حضور حوالي 150 عضوا.
المرحلة الثالثة هي مرحلة التوثيق وحفظ المواد على أحدث الوسائل التقنية المتاحة، وذلك أولا عن طريق الأرشفة، وثانيا حفظ وتسجيل المواد على أحدث أنواع الأشرطة.
ويقوم المركز حاليا بإعداد بنك للمعلومات وليس مجرد أرشيف حصري ومن أجل تسهيل العمل الأ كاديمي فإن هذا النظام سيتوافر في الكمبيوتر باللغتين العربية والانجليزية..
في طور الاعداد لبرنامج تليفزيوني، من المتوقع أن يعرضه تليفزيون سلطنة عمان في منتصف العام بعنوان (نظرة علمية للموسيقى العمانية ) وسيقوم معد ومقدم البرنامج الدكتور عصام الملاح بتقديم وشرح الفنون العمانية بأسلوب علمي دقيق، كما سيعرض الى عقد مقارنات من حيث شكل الرقصات وايقاعاتها واختلافها بين مناطق السلطنة وفي شهر ابريل المقبل يصدر للدكتور الملاح كتاب بعنوان (دور المرأة في الحياة الموسيقية العمانية ).
يواجه مركز عمان للموسيقى التقليدية كأي مركز علمي صعوبات في أداء بعض المهام كأسلوب الأرشفة وذلك لأنه يرتكز على برامج موجودة وانما يجب خلق أسلوب جديد يتكيف مع الأهداف والمواد الموجودة بالمركز.
من الصعوبات أيضا عملية جمع المواد الموسيقية إذ أن بعض الممارسين لهذه الفنون لا يدركون أهمية المركز والحصول على معلومات ولهذا فهم يرفضون التعاون بالشكل المطلوب.
ويؤكد الدكتور عصام الملاح أن مركز عمان للموسيقى التقليدية يساهم في بناء التفكير العلمي الموسيقي في السلطنة، وأنه يملك الكفاءة لاثبات ذلك علميا واعلاميا داخل وخارج السلطنة.
ورغم ذلك فإن ما تجمع في المركز من مدونات وأشرطة وأفلام واصدارات هو ثروة تستحق مبنى أوسع معدا لحفظ وحماية هذه المواد من التلف.