الناصر ظاهري
باحث وأكاديمي تونسي
يُدرِكُ النّاظرُ بِيُسْرٍ في مؤلَّفَاتِ النَّقْدِ العربيّ القديمِ عامةً وفواتح الكلامِ منها خاصةً أنّها صدرتْ عن رؤيةٍ جماليةٍ مَخْصُوصَةٍ ترى الأدبَ -منظومًا أم منثورًا- صنعةً لغويةً مُخيّلةً تسعى إلى الإمتاعِ والإقناعِ. بيد أنّ تدبّر ما حملت من آراء يجلي لنا حقيقة قوامها أنّ جهود أصحابها انصرفت أحيانا من فحص النصّ الإبداعيّ المنجزِ وبيان وجوه جودته إلى إظهار كفاءة النّاقد المعرفية. وكلّ ذلك من شأنه أن يدفعه إلى أن ينهجَ خطّة محكمةً ليظهر ذاته وقد امتلك أسرار البيانِ وأوتي من المعارف ما يجعله الأقدر على تملّك فصل الخطابِ. إذ تكشف مقدّماتُ هذه المدونة النقدية تحديدا صورة مُنتجِ الخطابِ في الاستهلالِ، فنرى تحوّلات تطرأُ على صورتها بوصفها ذاتًا متلفّظةً تنشئ كونا خطابيّا، وتستدعي من الآليات اللغويّة وتسلك من الطّرائق وتضبط من الخططِ وتصنع من حيل الكلامِ ما يتيحُ لها أن تحملنَا على الإذعانِ إلى صوَابِ دعواها ورجاحة مواقفها ورؤاها. فنراها تقتنصُ وجوهَ التقصيرِ في العمل الإبداعيّ المُنْجَزِ ممّا يمكّنها من بناءِ صورةٍ عن نفسها وهوية ذاتية مخصوصة تتجلّى في تضاعيف عمليّة التلفّظِ. إذّاك، تبتدعُ من بليغ الأساليب ما ينهضُ لا إلى محضِ الإخبارِ بل إلى المحاجّةِ والإجبارِ. فيستوي النّقدُ من خلالِ هذه الممارسةِ خطابا فاحصا فاضحًا في آن وإن اتّصفت الأحكامُ النقدية من العمل المنقودِ بظاهر الحيادِ كأن يركنَ الخطيبُ إلى النصّ المنقودِ، فيتراءى له أنّه خطابٌ مستحسنٌ حاز الجودة الفنية لمّا اهتدى منشئُهُ بهدي الأوائلِ، وجرى على سمت المعهود السّائد المُستجادِ. إنّه ينتصرُ لهذا الخطابِ ويدّعي أنّه لا ينصاعُ إلى أهوائهِ، وتُحَمَّلُ أقاويلهُ الماكرةُ من المواقفِ ما يوهمنا بأنّ النقد الأدبيّ استوى نشاطا علميا وصاغَ قوانين للإبداعِ وِفقها تُحاكَمُ النصوصُ محاكمةً جماليةً، بها يتمّ التدقيقُ والتنخيلُ والتمحيصُ الرّصينُ. وعليه، أضحى النقدُ عند العربِ القدامى ممارسة علمية موضوعية رصينة بمنأى عن كلّ مؤثر ذاتيّ، وهي ممارسة لها وجهان متداخلان يعزّ الانتباهُ إلى أغوارها وإلى مكرها خبيء محمولاتها. فهي تبطن ما لا تُظهر، وبالقدر ذاته تسعى إلى الإقناعِ، بيد أنّها تغالط المخاطب. ومن ثمّة، تتراءى للدارس في هذا الخطاب النقديّ أنّى كانت مقاصد منشئه صورٌ لِذَوَاتٍ شتّى، صورة الذّات الما قبلية المسبقة الموصولة بالشخص عينه كما عُرف بين النّاس والأنام بصورته الأخلاقية، وتُرجم له في سير الأعلامِ والنبلاء والعلماء. وتنازُع هذه الهوية ذاتٌ خطابية يبنيها الخطابُ بناءً آخَرَ، ويجعلها باللغةِ مَوضِعَ احترامٍ ونزاهةٍ وتقديرٍ، ويُخْرِجُها مُخرجًا مغايِرًا عندما يخلعُ عليها كلّ صفاتِ الكمالِ والسّدادِ والنّزاهةِ. وهكذا، يضحي النقدُ عند أسلافنا من خلال العتبات النصية مجالا تتوارى طيّه ذوات كُثْرٌ: ذاتٌ تُحْجَبُ وأخرى تُذْكَرُ، تستبْعِدُ وتستبقي في آنٍ، فيتنازعانِ ويتدافعانِ في نسقٍ من الهدمِ والبناءِ لهويةٍ خطابية مخصوصة عبر اللغةِ الموظفة في مقدماتِ المصنّفاتِ النّقديّةِ. وبذلك، يكون لمُنتجِ الخطابِ النقديّ هويتانِ، هويةٌ تتوارى وأخرى تتشكَّلُ وفق استراتيجية حجاجية لها مسار معلومٌ منطلقُه ومُخْتَتَمُهُ. أن تبني كونا مخصوصا للتواصل وتنخرط صلبه، وتستثمر كلّ طاقات اللغة. وتروم المحاجة بالتطويع والمغالطة، تواري بالقدر الذي تكشف سوْأة الآخرِ وسقطاتهِ.
وَأنّى يكن من أمرٍ، فإنّا نزمعُ مقاربة هذه المسألة مستأنسين بمنجزات نظرية تحليل الخطاب، فننظر استقراءً وتحليلًا للمضمرِ الخفيّ والصريح الجليّ في خطاب المقدمات النقدية في كتاب “الوساطة بين المتنبّي وخصومهِ” للقاضي عبد العزيز الجرجاني ومقدّمة كتاب الصفدي الموسوم بـ”نُصْرَةُ الثّائِرِ على المَثَلَ السَّائِرِ”، نرصد صور تشكّل الذات خطابيّا وآلياتها.إذ الذّاتُ ذواتٌ ووجوه شتّى تتساند طورًا وتتعاند طورًا آخر، وجه يتراءى في هيئة القاضي والحكم العدْل وهو يدّعي تقويم قصائد المتنبّي ومحاكمتها بتمييز جيّدها من رديئها لا سيما وأنّ النُّقَّادَ من أولي البصائِرِ، وذات أخرى ترتسم وتسري طيّ الخطاب وفي درجه، وتسعى جاهدةً، وهي المتسلّطةُ بسلطان الحجّةِ، إلى تشكيل هويّة خطابية تتقفّى غائر النصّ المنقودِ، تستعيد الذاتُ عافيتها وتكشف هَوَنَ الآخر وعجزه الذي “توالت سيّئاتُه الباردةُ، فأذهبت حسناتِه النّادرةَ”، وكأنّ لسان حالها يقولُ تجوّزًا: “أريكم ما أرى”.
الإيتوس والهويّةُ:
استقر عند دارسي الخطاب والبلاغة الجديدة Nouvelle Rhétorique مصطلح الإيتوس Ethos موصولًا بِالخطابة القديمة، يُجْرِيهِ النّقّادُ ضمن خانة الحجاجِ الخطابيّ ذاك الذي أضحى يعتدُّ فيهِ بالقولِ وبأخلاقِ القائلِ وبانفعالاتِ المقولِ لهُ. ويرمي صانعهُ من ورائه إلى تحقيقِ مزيّةِ الإقناعِ. ويشير في جوهره إلى صورة الذّاتِ التي يبنيهَا المتكلّمُ الخطيبُ في خطابهِ ليمارسَ تأثيرًا في وجدانِ المخاطَبِ، ويفعلَ في الأذْهَانِ. ويندرج هذا المصطلح ضمن الثلاثية الأرسطية في وسائل المحاجةِ. ويستحسنُ ها هنا أن نشير إلى أنّ أرسطو يصل الإيتوس تحديدا بمعنى الفضائل الأخلاقية التي تهب الخطيبَ المصداقيةَ أي الحذرَ والفضيلة وحُسْنَ الاستعدادِ. وينفتحُ هذا المصطلحُ من جهةٍ ثانيةٍ على بُعْدٍ اجتماعيٍّ من جهةِ أنّ الخطيبَ يُقْنِعُ “إن تكلّمَ بطريقةٍ ملائمةٍ لطبعهِ وصنفه الاجتماعيّ، ويتعلّقُ الأمرُ في الحالتيْنِ بصورة الذّاتِ التي ينتجها الخطيبُ في خطابِه لا بالشخصِ العيْنيِّ”1. ووصلا بذات السياق، يرى حاتم عبيد في كتابه “في تحليل الخطابِ” أنّ الإيتوس “يضطلعُ بدورٍ في الإقناعِ.. والحجج التي تتولّدُ من صورةِ المتكلّمِ لدى السّامعِ أهمّ من تلك التي تأتي من انفعالاتِ السامعِ وعواطفهِ من الحجج المتأتّيةِ من اللّغَةِ ذَاتِهَا Logos”2. ومن ثمّة، يجري الإيتوس مجرى حجاجيا ضمن باب الحجج الصناعيةِ بالتعبير الأرسطيّ بوصفها صنْفًا من الحججِ التي “يحتال لها الخطيبُ بالكلامِ”3. وعليه، فإنّ أخلاقَ الخطيبِ في التصوّر الأرسطي القديمِ تنزّل ضمن الحجج الصناعيةِ التي تتحقّقُ باللغةِ وهي رهنٌ بأخلاقِ القائلِ، ولعلّها تكونُ مُقَدَّمَةً على غيرها من الحجج بوصفها من أقوى عناصر الإقناعِ. وهكذا، فإنّه على قدر نَصَاعَةِ صورةِ الخطيبِ وحُسْنِ أثرها في الآخرِ الجمهور تتهيّأُ للخطيبِ “فرصُ الفوزِ بإعجابِ الجمهور وكسبِ ثقتهم وتيسِّرُ لهُ سُبُلَ استمالتهم وإقناعهم”4. وحظي هذا المصطلح باهتمام المحدثين، فقد وصله اللساني “ديكرو” على سبيل المثالِ بصورة الذات المتكلّمة، وألحّ على مركزية الذاتِ المتلفظةِ في بناء صورة الأنا، ذلك أنّ جهاتِ قوله تسمحُ بمعرِفَةِ المتكلّمِ أحسن مما يستطيعُ إثباتهُ عن نفسهِ. واستخدم مصطلح الإيتوس الخِطابيّ في مجال تحليل الخطابِ الذي يمكن أن تُترجمَ عنهُ اللهجةُ التي ترتبِطُ بالمكتوبِ ارتباطها بالشفويِّ. “إنّ الصورة الخطابيةَ للذات منغرسةٌ في القوالب الجاهزة، وهي خزينةٌ من التمثيلاتِ الجمعيةِ تحدّد جزئيًّا تقديم الذاتِ ونجاعته في ثقافة ما”5. بيد أنّ الإيتوس الخطابيّ يبقى على علاقةٍ قريبةٍ بالصورة المسبقةِ التي يمكن أن تكونَ لدى السامعينَ عن الخطيبِ. فـ”تمثّل الشخص المتكلّمِ السابق عن تناوله للكلامِ ويسمّى أحيانا إيطوسا سابقا أو ما قبل خطابيّ يكون غالبًا في أساسِ الصورةِ التي يبنيها في خطابِه”6.
أمّا مصطلح الهويّةِ فيعدّ متصوّرًا مركزيّا سيّارا يكادُ يخترقُ جميعَ العلومِ الإنْسَانِيَةِ على اختلاف شعبها ومجالاتِ بحثها من قبيل الفلسفة والأخلاقِ والفقهِ والقانونِ. ويطلق على نسقِ المعاييرِ التي يُعْرَفُ بها الفردُ وَيُعَرَّفُ. وكذا الشأن بالنسبة إلى الجماعةِ بوصفهِ ينسحبُ على هويّةِ الجماعةِ والمجتمع والثقافةِ. ومن سمات هذا المفهوم أنّه عصيٌّ على الضبطِ والتحديدِ بدقّةٍ بسبب من تنوّع دلالاتهِ وكثرة استخداماتهِ. إنّه يوظّفُ مفهوم الهوية في مجال العلوم الإنْسانية بوصفه “مفهوما شموليّا على نحو متزايدٍ وفقا لدلالات مجازية بالغة التنوّع”7 . وأمّا معجم تحليل الخطاب فيقدّم مفهوم الهويّة Identity بوصفه يعادل التحديد المطابِقَ لما يسمّى تقليديّا “الهوية الشخصية”التي تحدّدُ بأنّها صفة الفرد الذي يقال عنه إنّه هو نفسُهُ. ويقترِبُ هذا المفهومُ من مصطلحي الذّات والغيرية. فالذاتُ مفهوم يسمحُ بوضع “وجود الكائِنِ المفكّر على أنّه يقول: أنا”8. وأمّا الغيريةُ فقوامها أن لا وعي بالنفس دون وعيٍ بوجود الآخرِ، فالذات المتكلمةُ بما تكتسبه من سماتٍ تتحقّق هويتها باعتبارها تنتج عمل اللغةِ. وبناء عليه، نكون إزاء هوية صاحب الخطاب التي تبنى بطريقتين مختلفتين: هويّة شخصية وأخرى موقعية. ويحسن بنا القول إنّ الهوية الخطابية تسمّى داخلية، وتعني هوية الذات المتلفظة التي “يُمكن أن توصف بواسطة مقولات كلامية من طريق تناول الكلام والأدوار التّلفّظية وطرق التّدخّل. وتنتج الاستراتيجيات الخطابية ممّا بين السمات الداخلية والخارجية من ترابط وتفاعل”9. ومن هذا المنطلق، يمكن الإقرارُ بطمأنينةٍ أنّ اللغةَ “مسكونة بالذاتية موسومةٌ بشخصية مستعملِها واختياراتها”10.
قراءة في العتبات الأولى:
العنوان:
يَدْفعُنا البحْثُ في قضية تشكّلِ الهويةِ وصور بناء الذاتِ الخطابية في تضاعيف المنجز النقديّ العربيّ القديمِ سواء أكان نقدا أم نقد النَّقْدِ إلى وجوب تدبّرِ دلالاتِ العنوانِ ووظائفهِ ومقاصده. فقد رسخ في تصوّر النقّادِ القدماء والمحدثين شرقا وغرْبًا أنّ العنوان يجسّدُ العتبةَ الأولى Seuil التي منها يلِجُ المتلقّي إلى عالم الخطاب، ومزيةُ العناوينِ في مدونات النقد العربي القديم أن تُوطِّئَ السبيلَ إلى قراءةِ عالم الخطابِ واستجلاء دلالاته الظاهرة والخفيّةِ. ومن ثمّة، يستحيلُ العنوان نصّا مكثّفا مختزلا في آن واحدٍ. وقد تواضع النّقادُ على أمر جوهره أنّ للعنوانِ -أيَّ عنوانٍ- ثلاثَ وظائف كبرى ينهضُ بها: “الإنماءُ والإيحاءُ والإغراءُ”11. وقد ذكر علي بن خلف الكاتب قيمة العنونة في كتابه “مواد البيان” بقوله: “العنوان كالعلامة وهو دالّ على مرتبة الكاتب من المكاتب. فالأصل فيه الإخبارُ عن اسمَيْ الكاتب والمكتوب إليه حتى لا يكون الكتابُ مجهولًا”12. وتبعا لما سبق، فإنّ المتأمّل في عُنْوَانَيْ هذه المدوّنة المدروسةِ يدركُ بيسرٍ أنّهما يضبطان هوية الأثرين ويوجّهان القارئ إلى قضيةٍ في الإبداعِ مخصوصةٍ، ويوحيان للمتلقّي بالأفق المعرفيّ، ويرسمان الحدّ الأجناسيّ لأنهما يهبان الخطاب المنجز بطرافة الصياغة والاختيار بُعدًا إغرائيًّا وقيمةً تداوليةً تسهِمُ في مزيّةِ التأثيرِ. إذ يستوقفنا العنوان الذي صاغه القاضي الجرجاني “الوساطة” بما يحمل من دلالات، فهو يدفعُ بالنّصّ إلى دوائرِ النقد الأدبيّ، ويستدعي إلى الأذهان صورة النّاقدِ الذي يتزيّا بزيّ القاضي وهو يتوسّطُ في خصومةٍ أدبيّةٍ بين طائفةٍ من النقاد أنصار الشاعرِ المتنبّي وبين طائفة أخرى نزلت منزلة الخصومِ المناوئين لهذا الشعر وآلت على نفسها تتبّع سقطاتِ أبي الطيّبِ والحطّ من شاعريتهِ. وهكذا، استحال النقدُ عند القاضي الجرجاني ضربًا من الممارسةِ القضائيةِ التي تحكمُ بالعدلِ والهدى، وتحاكمُ الأشعار محاكمةً علميةً بعيدا عن أحكام الهوى، وتجري في أفقٍ علميّ معرفيّ آلَتُهُ مقارعةُ الحجّةِ بالحجّةِ والردّ على دعاوى الآخرين بصريح البيّنةِ وقويِّ البرهانِ . فمتصوّر الوساطةِ مشتقٌ من الجذر اللغوي الثلاثيّ (و، س، ط)، ومنه نشأت عبارة الوسط والتّوسّطِ والوسيط والوساطة، وتشدُّ جميعها إلى متصوّر جامعٍ هو منطقة وسطى تقع بين حدّيْن. وقد صاغ مفهومه السكاكي في مفتاح العلومِ وفق رؤيته البلاغية بقوله: “الحالة المقتضيةُ للتّوسّطِ بين كمال الاتّصالِ وكمالِ الانقطاعِ”13. وفكرة الأوساط عند السكاكي حاضرة عند تعريفه البلاغةَ التي جعلها رهْنَ “بلوغِ المتكلّمِ في تأديةِ المعاني حدّا له اختصاصٌ بتوفية خواص التراكيب حقّها وإيراد أنواع التشبيه والمجاز والكناية على وجهها، وللبلاغة طرفان: أعلى وأسفل متباينان.. وبينهما مراتب”14. وبالاستناد إلى العنوان الذي وسم به الجرجاني تصنيفه نتبين أنّ مشروعه منخرط ضمن الخطاب الاحتجاجيّ الموصوف بالحذقِ لأنّه يشاكُ بين مدوّنةِ نقدِ الأدبِ ومدونة نقدِ النقدِ، وهكذا، نكون إزاء خطاب سجاليّ غايتهُ إبطالُ الطعنِ بالحجة الدامغةِ دون تجريح في الخصمِ. فارتأى القاضي دعوى الخصومِ ناشئة عن تقصيرٍ لأنّ المدّعي “نحويّ، لا بصرَ لهُ بصناعةِ الشعرِ، فهو يعترِضُ من انتقاد المعاني لما يدلّ على نقصِه، ويكشف عن استفحال جهله”15. وقد استلزمت رؤية التوسّط بناء خطاب منطقيّ بموجبه ينزع القولُ منازع عقلية قصد الإقناع، اتخذ مسار عبور منطلقه الاعتذار فالإنصاف فالتوسّط. وجوهر الاعتذار التسليم بعيوب الشاعر من جهة والإقرار بمحاسنه من جهة أخرى. وارتأى القاضي أنّ تلك المحاسن تغطّي لصاحبها وتكون لعيوبه شفيعا. فالشعراء الأوائل حسب ظنّه لم يسلم نظمهم من العيوب. الأمر الذي حدا به إلى تخصيص قسم من كتابه لذكرِ أغاليط الشعراءِ بقوله: “ودونك هذه الدواوين الجاهلية والإسلامية، فانظرْ هل تجدُ فيها قصيدة تسلمُ من بيتٍ أو أكثَرَ لا يمكنُ لعائِبٍ القدْحُ فيه”16. ووصلا بما سبق، فإنّ عبارة الخصوم المدرجة في العنوان تكشف عن مقصدِ الخطيبِ الذي يسعى جاهدا إلى التّوسّطِ بين أنصار المتنبّي وخصومهِ، وتوهمنا أنّ النّاقدَ يدّعي النزاهةَ والموضوعية والنّأْيَ عن موقع النّاقدِ المُجامِل طلبا للإنصافِ والحصافةِ. بقوله: “ليس من حكم مراعاة الأدب أن تعدل لأجله عن الإنصاف أو تخرج في بابه إلى إسراف بل تتصرّف على حكم العدل كيف صرفك، وتجعل الإقرار بالحقّ عليك شاهدا لك إذا أنكرت”17.
أمّا خطبة كتاب “نصرة الثائرِ” للصفدي فتتيح لنا استجلاء شأن العنوان، فقد أحاط الصفدي المخاطب بفضل العنوان بقوله: “سمّيتُ ذلك نصرة الثائر على المثل السائر، واخترت هذه التسمية له شارة وإشارة لأنّ الثائر لغة هو الذي لا يبقي على شيء حتى يدرك ثأره. وإذا ناقشتهُ في بحثٍ أوردهُ ونافسته في صالح أفسده لا أكاد أخلي ذلك الموطن من محاسن أرباب هذا الفنّ الذين عابهم وتردد إلى مواقف ذمّهم وانتابهم”18. ويومئ العنوان إلى أنّ النّقدَ استوى عند الصفدي فعلَ مناصرةٍ، وعونًا لكلّ من ناصب العداءَ لابن الأثِيرِ. إنّه أشبه بسياسة الكلامِ على الكلامِ تبعا لخطة حجاجية محكومة بنظام النقضِ مقابل الهدمِ والبناءِ. ومن ثمّة، فإنّ عبارتيْ النصرة والثائر تثيران في الذهن معجم الحرب، إذّاك، نكونُ إزاءَ تصوّرٍ جديد للممارسة النقدية في ثوبِ السجالِ بالنسبة إلى الصفديّ. فالميدان ميدانان حسب علماء الإدراكياتِ Cognitives Approsh ميدان مصدر Source domain وميدان هدف Target domain. فقد نشأ صلب عنوان المصنّفِ المختار هاهنا استعارة تصوّرية Conceptual Metaphor عمدتها “النقد حربٌ” وتنتصب فيها الذاتُ الخطابيةُ مُحَارِبَةً تحسنُ من فنون الرّدودِ ما يدفعها إلى أن تنتقي من الحجج ما يسدُّ هذا المسدَّ درءًا للتهافت ورغبة في إثبات الذاتِ. ومن مقتضياتِ متصوّر الحرب أن يُحضر طرفين متصارعين وساحة وغى يلتقي فيها الفرقاءُ، ويكون النّزالُ. إنّ الميدان هاهنا هو الكتابةُ الأدبيّةُ مجسّدةً في كتاب ابن أثيرِ الموسومِ بـ”المثل السائرِ في أدَبِ الكاتبِ والشّاعِرِ”. وليسَ بخافٍ عن الناظرِ المدقّق في بنية العنوان الدلاليةِ أنْ يحيلَ بجلاءٍ إلى أنّ للاستعارة روافدَ عرفانيةً موصولة ببنيةٍ تصوّريةٍ تحكم تجربةَ النقدِ. ومثّلت هنا وسيلة من وسائلِ القوّةِ التي تمارسُ باللغةِ، عندها تتحوّلُ إلى مجالٍ مشحونٍ بالأيديولوجيّ الذي “يندسُّ في الاستعاريّ ويمارسُ سلطةً على المتلقّي”19. ولعلّ القادح الذي أجّج هذه المعركةَ النقدية حول كتاب المثل السائرِ أنّه أثّر في الذائقة الأدبيّةِ على عهده، إذ يصرّح الصفدي بذلك قائلا: “إنّ كتاب المثلِ السائرِ للصاحب ضياء الدين بن أثير الجزيرة -عامله الله بلطفِه- من الكتبِ التي خفقت له في الاشتهارِ عَذَبَاتُ أوراقهِ.. واشتهرَ بين أهل الإنشاءِ اشتهار الليلِ بالكتمانِ والنّهار بالإفشاءِ”20. وتبعا لذلك، يجري المصنّفُ مجرى نقد النّقدِ، فانبرى قولًا لاحقًا على قولٍ سابقٍ، وأضحى كلامًا على كلامٍ وخطابا يتجاوز محض الخطب إلى معترك السجال بل المضمار الأوكد إلى إثبات الخطيب كفاءته لا في النزال بل في مقارعة الأقران بالحجة والبرهان. وتسعى الذات إلى توظيف الاستعارة غاية السيطرة على الخصم وجعله يذعن ويستسلم ويستسيغ آراءها. وقد امتلكت الاستعارة المدرجة في العنوان قوّة نافذة على الإقناع لأنّها “سلطة علينا وسلطة على الآخَرينَ”21. وبالعودة إلى الاستعارة المدرجة في العنوان، نشير إلى أنّ الناقد أسقط بنية التجربة تجربة الحرب بوصفها تجربة مشهورة وأكثر قاعدية على ميدان النقدِ. فاستعارة النقد حرب تحققت ببنية تجربة الحرب تجربة النقدِ نوضحها كالآتي:
يؤول بنا النظر في هذه الاستعارة إلى حقيقة وسمت فعل نقد النقد بوصفه محكوما بآلية الهدمِ والبناءِ. وكأنّ المتلفّظَ يؤثِرُ إعادة تأسيسِ مشروعٍ جماليّ موصولٍ صلةً وُثْقى ببنية العقلِ العربيّ في وجهه البيانيّ، وفي حوزتها، تتجاوزُ المعرفةُ البيانيةُ محض المكاشفةِ والحدية المطلقة إلى دوائر العرفان حيث تضيق العبارة لمّا تتسعُ الإشارةُ على حدّ تعبيرِ الصوفيينَ.
تشكّل الهوية الخطابية
في خطبتَيْ الكِتَابيْن:
للغة المكتوبة قدرة تواصلية مثلما هو شأن اللغة المنطوقة، بيد أنّ المكتوب المدوّن أفسح مجالا للتفكير وحسن التدبير في سياسة الخطاب وإحكام توجيهه نحو مقاصد يرومها المرءُ، بل أدعى إلى التنظيم والإحكام إن رسمتْ الذاتُ الكاتبةُ استراتيجية ما. ويحسن بنا هاهنا أن نذكّر بما شدّد عليه البلغاء العرب القدماء من وجوب تحوّط الأديب من الأخطاءِ. فقد جاء على لسان ابن وهب الكاتب في وجوه البيان تحديدا في باب وسمه بالمنثور قولٌ لعبدالله بن الأهتم حتى يفرّق بين الكاتب المترسّل والخطيب أنّ “العجب ليس من رجل تكلّم بين قومٍ فأخطأ في كلامه أو قصّر عن حجته لأنّ ذا الحجا قد تناله الخجلة ويدركه الحصرُ ويعزُبُ عنه القوْلُ. ولكن العجب ممن أخذ دواة وقرطاسا، وخلا بفكرهِ وعقلهِ كيف يعزبُ عنه باب من أبوابِ الكلامِ يريدهُ أو وجهٌ من وجوهِ المطالبِ يؤمُّه”22. وعليه، تكون الكتابةُ فعلا واعيا يمثّل المجالَ المناسِبَ للذاتِ أن تتوارى خلف الموضوعيةِ، بيد أّنّها حمّالةُ هويات بل أشبه بالوعاءِ أو الحاويةِ الذي يسعُ هويات شتّى، فالكاتِبُ يشتقُّ لنفسه هويّةً تستجيبُ لمقاصدهِ. ووصلًا بما ذكر، يرى حاتم عبيد أنّ شأن الهويةِ أن تلازمَ الكتابة وأيّ ممارسة خِطابيةٍ، إنّها تلفّظٌ ذاتيٌّ لأنّ الذاتيةَ حسب أوركيوني قائمة في كلّ شيء وأنّ كلّ الخطابات موسومة ذاتيّا، لكن بأشكالٍ ودرجات شديدة التّنوّعِ”23. وحريّ بنا القول إنّه على قدر ما تتصف به بعض الكتابات بالموضوعية فإنّ ذلك لا يحجب عنا ملامح هوية أصحابها. فقد يحجم الأديب عن الحديث صراحة عن ذاته، فإنّ قرائن شتى تعلن عن حضور الذات سواء بطريقة كتابته أو عبر تلك العناصر الإشارية وجملة الصيغ اللغوية الأخرى الممكنة التي من شأنها أن تسهم في تركيز الذاتية في الخطاب من قبيل الضمائر أو عبر أفعال الجهة التي يعبر بها المتكلّم عن موقفه الذي يتوخّاه من محتوى تلفّظه من قبيل الألفاظ العاطفية والتقييمات والموجّهات بوصفها العناصر الخطابية التي تظهر الذّاتية وحضور ذات المتلفّظ. وهكذا، فإنّ التلازم بين الذات واللغة مكين لأنّه لا توجد لغة خارج الذات حسب تصوّر بنفنيست الذي يرى الذاتية خاصية للغة الأساسية، هي “الأنا” هنا باعتبارها أساس الذاتية تحددها الحالة اللغوية للشخص”24. وأنى يكون من أمر فإنّ الذاتية حالّة في الخطاب لا تبرحه وملازمة له. والحاصل فإنّ الناظر في المقدمات النقدية عند العرب القدامى يدرك أنّها تحوي بطرائق مختلفة بصمة من تلفّظ بها وتتلبس الذاتية كل أثر للذات المتكلمة في ما تنتجه من خطاب أي هي مواطن اندراج مختلف مكوّنات الإطار التلفّظيّ في نسيج الملفوظِ. إنّ الذاتية سمة تلفظية خطابية تتجلى في خطاب المقدمات وفي أيّ ركن من أركان المصنفات النقدية وتتحقق عبر مشيرات مقامية (أن- الآن- هنا) وغير مقامية.
وإنّ تشكيل صورة الذات الخطابية ينخرط ضمن دائرة الإقناع، فمنطلق الخطاب اللغة بوصفه فعلا مخططا له وموجها لتحقيق أهداف معينة قد تتجاوز الهوية المسبقة للخطيب. ويسلك الناقد خطة لتحقيق فعل التأثير والإقناع. فتتشكّل صورة أخلاقية تضيف إلى الخطاب سمة الصدقِ لتدعم قوّته الإقناعية. إنّه يحاجج بحجة الأخلاق بواسطة إحاطته بفضائله وبجملة الوجوه الأسلوبية الأخرى التي يصوغها. وعليه، يرسم كلّ خطاب عامة صورة عن صاحبه قد تكون جلية أو خفيةً. والذي يخرج به الناظر في مقدمة كتاب الوساطة أنّ الناقد حريص على الحياد وينأى عن الذاتية طلبا للإنصاف بقوله: “لا حرمة أولى بالعناية وأحقّ بالحماية وأجدر أن يبذل الكريمُ دونها عرضه ويمتهن في إعزازها ماله ونفسه من حرمة العلم”25. إنّ الجرجاني يرسم لنفسه هوية العارف واسع الاطلاع ليكون أقرب إلى مَنْ امتلك أسرارَ الصناعةِ، فينتصبُ معلّما يرشدُ الآخرَ، ويتراءَى خِطابُهُ توجيهيّا غايتهُ تصحيح الممارسةِ النقدية وتأديب هذا النشاطِ وليس محض نقدٍ للأشعارِ وإن أُشْرِبتْ مقدمةُ وساطتهِ ذاتيةً.
ويتحققّ المطلعُ على مقدمةِ نصرة الثائرِ أن الصفدي يسلك خطة أفصح عنها أساسها رصد وجوه التقصير والردّ مما أتاح له مجالا ليتقنعنا الذات بخبرتها في ممارسة النصوص ومدارستها. فيتباهى بفطنته ويعرض محفوظه ورصيده ويتباهى بقدراته على تقصّي المعنى في الاستعمال. فيطلّ علينا بصورة المعلّم الذي يميز العبارة الفصيحة من سواها. وهكذا، تنشأ ذات تؤثر أن تبسط الردّ وتعلّله حتى تثير من خلال خطابها المخاطب وتثير عجبه. إذ يقول: “قال ابن الأثير سامحه الله تعالى، نسأل الله أن يبلغ بنا الحمد ما هو أهله وأن يعلمنا ما نقصر عنه مزية النطق وفضله وحكمة الخطاب وفصله، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: كلّ كلام لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم، فلو قال الحمد لله لكان أفضل”26. إنّه يعيب على ابن الأثير عدوله عن الحمدِ وذاك يضمر إخراجا للمسألة من النقديّ إلى العقديّ فضلا عن تلك الرغبة في رسم صورة لذاته، صورة العالم الذي يؤدّب النقاد ويوجههم إلى سبل الرّشادِ. ويحمل خطابه مقصد التفاخر وتضخّم الذات التي تتباهى برفعة ذوقها وسلامة معتقدها. وبالتالي، فإنّ تشكيل الهوية الخطابية تبقى موصولةً بالمقام التواصليّ، هوية وليدة المقاماتِ، ففي مدوّنة الوساطة كان لمقام القضاءِ السطوةُ، وفي مدونة الصفديّ نصرة الثائرِ سعي دؤوبٌ إلى محوِ الآخرِ بتتبع سقطاته وهفواته قصد إبراز كفاءة الذاتِ والإشادةِ بسدادِ ما تصنَعُ.
الخاتمة:
آل بنا النظرُ في عتبات الكتابين النقديين إلى أمرٍ بالغِ الأهمّيةِ أساسهُ أنّ الخطيبَ سواء أكانَ حاضرًا أم مضمرا فرديا أم جماعيا يعتمد الكلام بوصفه أداة أساسية في استخدامه الحيل للسيطرة على الآخر وعلى قدراته على التفكير والردّ وإبداء موقفه الشخصيّ. إنّه يطوّع الآخر عندما يظهر الحقائق ويبسطها قصد إمالة المتلقّي وجذب اهتمامه في حين يخفي مقاصده ونواياه، إنّه يصدع بكلّ ما من شأنه أن يحسّن صورته لدى المتلقّي ويسعفه على كسب ثقته أو مودّته. بيد أنّه يضمر له المكر والخديعة للتلاعب بعواطفه وتطويع ذهنه. وقد تحلّى الناقد العربي القديمُ بقدرات لغوية فائقةٍ أسعفته على شدّ اهتمام المتلقّي وإيهامه بصدق نواياه وصفاء سريرته حتّى يحفّزَ المخاطب على قبول رؤيته بوصفها رؤية تستبطن تسلّطا وتجبره على الاستجابة والتصديقِ بها من خلال حيل الكلامِ ورسم صورة للذات. وقد امتلكت من الكفاية اللغوية والتواصلية ما يعزّ عند غيره من أهل النقدِ. وكان للعنونة شأن تداوليّ لأنّ المحاجّ يختار من العلامات ما تكون أصلح في مستهل محاجته، فيسمُ خطابَهُ بعنوان يهتدي به المخاطب ليبلغ أغوار النصّ ويكون موجّها نحو مقصد معلومٍ. ولتوقيع العناوين بفنية التسجيع ما يكون آلية فاعلة تأسرُ موسيقاها السامعَ، تُمتِعهُ وتُقْنِعُهُ. وهكذا، لم يكن السجعُ في العنوانِ محضَ توشيةٍ للكلامِ أو انصياعا لسنّةٍ في الكتابةِ متّبعةٍ بقدرِ ما سُخّرَ خدما للمحاجةِ. والوجهُ في ذلك كلّه أنّ الحجاجَ بما هو عمل لِلذَّاتِ وهي تُنَاوِرُ الآخرَ للإيقاعِ به كان سبيلا إلى بناء هويّةٍ أخرى باللغةِ، هوية تنازعُ الصورة المسبقةَ وتحلُّ محلَّهَا. وإجمالا، فإنّ الذاتَ بقدر ما تتشظّى في هيئاتٍ شتّى فإنّها تتقلّبُ بين حجبٍ وجلاءٍ وبين وجوهٍ أخرى غير الهوية السابقةِ، فيخرجها كلُّ ذلك في ثنايا المقدمات وتضاعيفِ فواتح الكلامِ خاصةً من صورةِ الحيادِ إلى حياضِ الذاتية وربقة الأنا وحماها. حينها، يضحي الإنشاءُ مجالا وظيفيّا تُطَوِّعُهُ كيفما تشاءُ لرسْمِ صورةِ ذاتٍ أخرى مغايرةٍ هي أقربُ إلى الخيانةِ بما تصنعه اللغةُ، صورةُ ذاتٍ تكيدُ حتّى تُقْنِعَ وإن نهجت بالمخاطَبِ سبيل التغليطِ، وسلكت سبيل الكائدينَ. وكأنّها في كلّ لَوْنٍ تكونُ كما كان أبو الفتح الاسكندريّ بعد أن عُلِمَ سِرُّهُ وكُشِفَ سِتْرُهُ وَحُدِرَ عن وجهه اللِّثَامُ في المقامةِ المكفوفية للهمذانيّ.
الهوامش
– باتريك شارودو- دومينيك منغنو: معجم تحليل الخطابِ، ترجمة عبد القادر المهيريّ، حمادي صمّود، المركز الوطنيّ للترجمة بتونس، دار سيناترا، تونس، 2008، ص 230.
– حاتم عبيد: في تحليل الخطاب، دار ورد، عمّان، المملكة الأردنية، ط1، 2013، ص 93 .
– في تحليل الخطاب، ص 96 ، إنّ الحجج عند أرسطو نوعان: حجج غير صناعية لا يصنعها الخطيبُ بنفسهِ لأنّها موجودةٌ سلفًا من قبيل القوانين والتشريعات القضائية. والحجج الصناعية التي يتكلّف الخطيبُ بإنشائها وصناعتها بما يتوفّر له من حيَلٍ وحذاقةٍ وقدرة على الاستدلالِ من قبيل الإيتوس واللوغوس والباطوس.
– في تحليل الخطاب، ص 98.
– معجم تحليل الخطاب، ص 231.
– نفسه، ص 231.
– ميكليلي ايكس: الهوية، ترجمة علي وطفة،دار الوسيم، دمشق، سوريا، الطبعة العربية الأولى، 1993، ص 11.
– معجم تحليل الخطاب، ص 291.
– معجم تحليل الخطاب، ص 292.
– حاتم عبيد: التشكل الخطابيّ لهوية المؤلف في الكتابة الجامعية من خلال استعمال ضمير المتكلّم، مقدّمات رسائل الماجستير أنموذجًا، مجلة فصول، العدد 77، 2010، ص 168.
– عبدالله البهلول: كتب الردود النقدية بين خفيّ المعارضةِ وصريح الاعتراض، مجلة عالم الفكر، العدد 181، يناير- مارس، 2020، الكويت، ص 100.
– الكاتب علي بن خلف: مواد البيان، تحقيق حاتم صالح الضامن، دار البشائر، دمشق، سوريا، ط1، 2003، ص 330.
– السكاكي محمد بن عليّ: مفتاح العلوم، ضبطه وعلق عليه وكتب حواشيه نعيم زرزور، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط2، 1987، ص 415.
– مفتاح العلوم، ص 416. وتداول الفلاسفة والمناطقة العرب القدامى هذا المصطلح باعتباره الحدّ الفاصل بين طرفين متناقصين أعلى وأدنى. فالفضيلة وضديدها الرذيلة والقبح مقابل الحسن. ومثاله الشجاعة وسط بين الجبن والتهوّر والكرم حدّ وسط بين الإفراط والشحّ…
– القاضي عبدالعزيز الجرجاني: الوساطة بين المتنبي وخصومه، تحقيق محمد أبو الفضل وعليّ محمد البجاوي، دار إحياء الكتب العربية، ط1، 1966، ص 1.
– الوساطة بين المتنبي وخصومه، ص 4.
– الوساطة، ص 2.
– الصفدي صلاح الدين: نصرة الثائر على المثل السائر، تحقيق محمد علي سلطاني، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، ص 51.
– محمد الصالح بوعمراني: استعارة القوّة في أدب جبران، مكتبة علاء الدين، صفاقس، تونس، ط1، 2016، ص29.
– نصرةُ الثائر على المثل السائر، ص 40.
– استعارة القوّة، ص 30.
– ابن وهب الكاتب: البرهان في وجوه البيان، تحقيق أحمد مطلوب، وخديجة الحديثي، بغداد، العراق، 1967، ص 194.
– أوركيوني كاربرات: الذاتية في اللغة نقلا عن معجم تحليل الخطاب لشارودو ومنغنو، ص 537.
– Nous tenons que cette subjectivité qu’on la pose en phénomologie ou en psychologie comme on voudra n’est que l’émergence dans l’être d’une propriété fondamentale du langage . Tome1 ; P 260.
– الوساطة، ص 2.
– نصرة الثائر، ص 52.