نظمت جمعية نقاد السينما المصريين (تأسست عام 1971) بالاشتراك مع معهد جوتة بالقاهرة وبحضور الناقد الالماني كلوس ايدر سكرتير الاتحاد الدولي الذي تشترك فيه الجمعية المصرية، اول حلقة دراسية من نوعها في مصر والعالم العربي عن النقد السينمائي، بعنوان "النقد السينمائي واقع وآفاق" تضمنت 12 بحثا.
عناوين الابحاث حسب برنامج المناقشات هي "واقع النقد السينمائي" (علي ابو شادي) "النقد السينمائي في صحف المعارضة" (فريد مرعي)، "العلاقة المفقودة بين النقد والجمهور" (كمال رمزي) "النقد السينمائي والهوية القومية" (د. محمد كامل القليوبي)، "النقد السينمائي والسينما القومية" (سيد سعيد)، "الثقافة السينمائية في عصر الفيديو والتليفزيون" (مدحت محفوظ )، "هموم النقد التليفزيوني" (ماجدة موريس )، "النقد السينمائي والطبيعة التركيبية لفن السينما (مصطفى خورشيد) "النقد السينمائي ومسؤوليته عن ازمة السينما" (عبد التواب حماد)، "اتجاهات النقد السينمائي المعاصر" (د. يحيى عزمي) "في نقد الواقعية الجديدة" (محسن ويفي)، "اثر النقد السينمائي الاوروبي" (فاضل الاسود).
يتناول علي أبو شادي في بحثة مدى اهتمام الصحافة والراديو والتليفزيون بالنقد السينمائي في مصر، من خلال الكشف عن المساحات التي تخصص للنقد في هذه الوسائل الثلاث محددا تعريف النقد بانه تحليل الفيلم وتقييمه باستخدام مناهج نقدية ما. ويحدد الباحث فترة البحث من 1980 الى 1991، ويقوم للوصول الى العقد التاسع برصد الخطوط العريضة لحركة النقد السينمائي في الستينات والسبعينات، فيرى ان النقد السينمائي في الستينات وجد اهتماما من رؤساء تحرير الصحف والمجلات حيث كان اغلبهم من كبار المثقفين "الذين يدركون اهمية العملية النقدية في تطور الفن والادب".
ويرى علي ابو شادي ان حركة الستينات تبلورت بتكوين جمعية نقاد السينما في القاهرة عام 1973، ووصلت الى "ذروة الانتعاش" عام 1977 حين اصدرت دار التحرير صحيفة اسبوعية للسينما، وهي اول صحيفة أسبوعية في هذا المجال في مصر عبر تاريخها باسم "السينما والفنون" كما يذكر مجلات النقاد الخاصة في السبعينات "السينما والعالم"، و"كاميرا" ولكنه ينسى "السينما العربية".
الصحافة
وفي رصده لواقع النقد السينمائي في الصحافة المصرية يرى الباحث ان صفحة "الاهرام" الاسبوعية لا تقدم "نقدا سينمائيا متخصصا.. منذ بدايتها، بينما يحاول "الاهرام المسائي" تعويض ذلك النقص، وان صفحة "الجمهورية" الاسبوعية تنشر النقد، ولكن في حدود ضيقة، اما صفحة "الاخبار" الاسبوعية فقد كانت تهتم بالنقد، ثم تقلص هذا الاهتمام، ويقرر علي ابو شادي عن حق ان "المساء" هي الجريدة اليومية التي تخصص اكبر مساحة للنقد السينمائي، وان الاعداد الاسبوعية من الصحف القومية اليومية الاربع لا تنشر النقد السينمائي.
اما بالنسبة للمجلات الاسبوعية فيشير الى اهتمام "روز اليوسف" بنشر النقد في الفترة من 1988 الى 1990 لعدد من النقاد من خارج المجلة، والى وجود نقاد متخصصين في مجلات "الاذاعة والتليفزيون" و"آخر ساعة" و"صباح الخير" و"الكواكب" و"المصور" و"نصف الدنيا" ويرى عن حق ان "أخر ساعة" هي المجلة التي تخصص اكبر مساحة للنقد السينمائي، واكثرها انتظاما في نفس الوقت.
ويتناول علي ابو شادي النقد في المجلات الثقافية الشهرية والفصلية، ويشير الى وجود ثلاثة نقاد في مجالس تحرير ثلاث من هذه المجلات، مما يجعل للسينما مكانا ثابتا في هذه المجلات اكثر من غيرها.
الراديو والتليفزيون
ويرصد الباحث ثلاثة برامج سينمائية في محطات الراديو، وهي سينما في الشرق الاوسط، وسينمائيات في صوت العرب، وندوة المسرح والسينما في البرنامج الثاني، وهو البرنامج الوحيد الذي يهتم بالنقد،كما يرصد اربعة برامج في التليفزيون (نادي السينما) و(زووم) على القناة الأولى، و(اوسكار) و(تيليسينما) على القناة الثانية، ومنها برنامج واحد ايضا يهتم بالنقد وهو (نادي السينما).
ويطالب علي ابو شادي في نهاية بحثه بانشاء قسم للنقد في المعهد العالي للسينما اسوة بقسم النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية.
صحف المعارضة
وفي بحثها عن النقد السينمائي في صحف المعارضة حددت فريدة مرعي فترة البحث بالعام الاول من صدور صحف المعارضة المصرية الاربع (الاحرار والاهالي والشعب والوفد) ولاحظت ان الاحرار افردت مساحة للنقد ولكنه افتقد المنهج العلمي، اما الاهالي فقد افردت مساحة اكبر واتسم النقد المنشور فيها بالدقة العلمية. ولكن اغلب المقالات كانت بدون توقيع او باسماء مستعارة، واما الشعب فقد اعتبرت السينما مجرد وسيلة لغرس "الاخلاق الحميدة".
وتلاحظ فريدة مرعي ان برنامج حزب الاحرار يخلو من اي حديث عن الثقافة، اما برنامج حزب الوفد فقد ذكر السينما تحت بند الشؤون الدينية وتنتهي الى ان كل صحف المعارضة لا تهتم بنشر النقد السينمائي الى درجة الانعدام كما في "الشعب"، وان مستوى النقاد اختلف على نحو جذري. فبينما لجأ ناقد الاحرار الى القوالب الجاهزة والكليشيهات الثابتة والاحكام الذاتية، لجأ ناقد الوفد الى التعميم، في حين حرص ناقد "الاهالي" على اداء دوره في توصيل رسالة الفن الجاد والهادف الى القارىء، وعلى محاربة الفن الرديء وشرح الفرق بين الفن الجيد والفن الهابط حتى يضمن توعية القارىء وتنويره.
النقد والجمهور
وعن عنوان بحثه يحكم كمال رمزي على العلاقة بين النقد السينمائي والجمهور بانها علاقة مفقودة، ومنذ فيلم "قبلة في الصحراء" اخراج ابراهيم لاما عام 1927 فقد هوجم الفيلم في بعض الصحف المصرية على اساس انه "يسيء" الى صورة مصر، بينما اقبل عليه الجمهور، ويرى كمال رمزي ان افلام الفروسية العربية التي بدأت بهذا الفيلم ظلت تتعرض للهجوم في الصحافة، ولكن ظل الجمهور يقبل عليها رغم ذلك لانها كانت كبي احتياجا لدى الجمهور. ويصل الى ان معظم الكتابات "تتناول الافلام كما لو كانت تقدم في فراغ اجتماعي او لجمهور مبهم وسلبي لا أحد يعرف ماذا يريد او لماذا".
ويرى الباحث ان جمهور السينما العام لا يقرأ النقد، بينما يقرأ النقد جمهور السينما الخاص في نوادي السينما والمراكز الثقافية، كما يقرأ صناع السينما والعاملون في مجالاتها المختلفة".
وعن علاقة النقد بالابداع السينمائي يرى كمال رمزي ان الحركة النقدية في مصر بعد حرب 1967، لم تتوقف عند حدود مهاجمة الانتاج السينمائي السائد بتخلفه الفكري وبلادته الفنية، ولكنها بشرت بسينما جديدة، وان الكتابات النقدية في السبعينات، شكلت غطاء وحماية لمخرجي السبعينات، بالرغم من ان بعضهم الآن، وبعد ان اثبتوا حضورهم على خارطة السينما، يزعمون ان النقد السينمائي لم يعطهم حقهم، وان النقاد المصريين، اقل تذوقا ومعرفة باساليبهم الجمالية، التي اكتشفها نقاد فرنسا وهولندا.
والصورة التي يعبر عنها كمال رمزي للعلاقة بين الناقد وجمهور السينما من ناحية، وبينه وبين صناع السينما من ناحية أخرى، صورة شديدة القتامة، وكأن هناك دائرة محكمة الاغلاق لا مفر من الدوران فيها، والصورة ليست زاهية ولكنها ايضا ليست على هذه الدرجة من القتامة واللاجدوى، فهناك تأثير ايجابي للنقد على الجمهور وعلى صناع السينما، وان كان يتراوح حسب مدى اهتمام وسائل الاتصال بالجماهير من صحافة وتليفزيون، كما اوضح علي ابو شادي في بحثه.
سمير فريد (ناقد سينمائي ورئيس تحرير مجلة "السينما والتاريخ" التي تصدر في القاهرة