منذ تسعة أشهر أنام لوحدي. هذا يكفي من دون شك لأن نأتي الى العالم، لكن غير كاف لأن ننبعث، عند هبوط الليل، لا أجد كتفا لتستقبل نعاسي. كنت قد قلت لي أن هذا لن يحدث أبدا. طبعا حصلت بعض الاستثناءات، بعض اللقاءات عند نهاية السهرات، بعض النوم المشترك في سرير واحد. معظم الوقت أعانق مخدة، مخدتك، لكن دون أن أجد فيها رائحتك. حتى تنفعك الضاج أبثتاق اليه، هذا الذي كان يتركني متيقظة بينما كنت تنام. وذراعاك القوية جدا، تلك التي كانت تنسك بي وتؤلمني لما ينتابك القلق والعذاب. في هذه المناسبات كان صوتك يجعلني أعتقد أنه أنا وحبي لك وحدنا نؤمن لك الحياة. كان يلذ لي أن أرى في هذا الاعتراف التبرير المناصب لكل ما كنت أشعر به تجاهك. كنت أعرف أن هاتين الذراعين كانتا تعانقانني لما بدوري كنت أفتقد القوة. لكن هل لاحظت أن تلك اللحظات لم نكن نعيشها الا عند هبوط المساء؟ بنوع من اللعب الضمني والصبياني، كنا نخص العذوبة للنور والجراح للغياهب. أتذكر غرفتنا في عتمة – ضوء الصباح. عتمة – ضوء جسداك، ممتلىء بحرارة النوم بعد ليلة من الصراخ والبكاء. لم تكن تبحث الا عن التعزية، عن التشجيع. كنت أصر على أن أشرح لك أنه ليس ثمة قرار جيد أو سييء. كنت أتحول الى كاهنة الهشاشة النسبية لكل يقين. كنت تنتظر موافقتي، كنت أعطيك شكوكي. وفي فكري المشوش، تجاور هذه الأحزان حنان الصباحات. كنت تقول إن الأشياء الصغيرة، أبسطها، هي التي تصنع السعادة: ساقاك في جوف ساقي، أظافرك المترددة على ظهري، وقبلة كإثارة اليقظة. الأجساد التي عرفتها منذ ذلك الوقت، نسيت صباحاتها.
كنت قد قلت لي أن العادة لن تتكرمي بيننا. انني لم أعد أتحمم. معك، كانت الحرارة الطالقة من أجسادنا تدفىء الماء. لأنك بريد، كنت تصر على الغطس قبلي، فلا يبقى أمامي سوى خيار واحد، أن أجلى في زاوية صغيرة في المفطر. عرقك كان يلتقي بعرقي ثم يجري على طول عنقي واكتافي قبل أن يضيع في الماء. تلك التفاصيل الصغيرة كانت تجعلني أحلم بمياه استوائية، بخلجان مهجورة وبالرمال: كل هذه الأمكنة التي لم نذهب اليها يوما.
كنت تحدثني مرارا عن هذه الاصفار التي كنا نخطط لها وكنت أراك منذ حينها تتحدث الى الفلاحين البرازيليين والى صيادي كوبا. كنت أفضل التفكير برفاهية الفندق، بالرمل، بالمشروبات الايكزوتيكية. المجهول عن تلك الحيرات كان يجذبك، وكأنها ليست سفرة استجمام بل سفرة بحوث علمية. كنت تريد التعرف الى الناس، الحقيقيين منهم، على حد قولك بينما أنا كنت اكتفيت بأحاديث سهلة وعابرة مع السياح الآخرين. واليوم، بينما أنت على الأرجح موجود تحت خيمة في مفردة في كوستاريكا، أوان وحدي أنظر الى الثلج يتساقط. جلدي يتقبل أصوات العزلة. لم أعد أعيش الا خفية. المرأة التي تكتب لنفسها ترضى ببرودة الشتاء.
سبق وقلت لي أي لن أبرد اطلاقا. كنت أحب، أحيانا، بعد القبلات، ان أراك نائما. كنت تبدو غاية في البعد، غاية في الوداعة. كنت أتخيل أي حملتك الى هذا المكان الآخر وكنت أصدك. فأبقى هنا لأسهر علينا نحن الاثنين، أسهر على نومك. لأي كنت محترسة جدا، كنت أمتنع عن أي حركة، خوفا من أن أعيدك الى هذه الغرفة التي كان قد ممار من الصعب تقاسمها. كنت أحاول أن أتخيل مكان وجودك والشخص الذي قد يكون معك خصوصا الشخص الذي معك. وكنت تقريبا دائما أتوصل الى اقناع ذاتي بأن هذا الشخص هوانا. وأنت في حالة اللاوعي وبدون حماية كان عليك أن تلجأ الي. كان عليك أن تنام مغمورا بي. مبق وقلت لي أن في حال وجدت امرأة أخرى في حياتك. سوف أكون على علم بذلك. وكنت على علم بذلك، لكن كنت أرفض التسليم بالواقع. كانت أؤمن بما تقوله لي. كان من غير الممكن أن تكذب علي حول هذا الموضوع. في أي حال. العذاب الأكبر لم يكن يأتيني من الحجر التي كنت تضعها للهروب مني هكذا، انها في عدم معرفتي من هي التي سلبتك مني. فاستعرضت في مخيلتي كل اللواتي أعرفهن واللواتي هن قادرات على ايقاعك في شراكهن لكني أراك تتجنبهن: انهن مفرطات المكر أو الطيش بالنسبة لك، أو سن نشيطات كما ينبغي.. ما من واحدة منهن كان بإمكانها أن تقدم لك ما كنت أعطيك إياه. لم تكن أي واحدة منهن في المستوى. كنت قد فكرت بهن جميعا مع ذلك، التي كانت تشغل بالي، لم أكن أعرفها.
لم يكن لدي متسع من الوقت لذلك.
لم تقل لي شيئا في هذا الشأن.
مارك روشيت ترجمتها عن الفرنسية:
صباح زوين (شاعرة ومترجمة من لبنان)