تمرين لكتابة قصيدة
إلى صديقي الشاعر عبد الرزاق الربيعي
في زحمةِ الطرقاتِ، آهْ
في زحمةِ الكلماتِ، آهْ
في زحمةِ الآهاتِ، آهْ
في ضجةِ المتدافعين إلى القصيدةِ، في المرايا، في التفاصيلِ الصغيرةِ، في عواءِ الروحِ، في الصفعاتِ، في الغرفِ الرخيصةِ، في مقاهي العاطلين، وفي انكفائي آخرَ الليلِ المعتّقِ، في شظايا الروحِ تحت موائدِ الباراتِ، في حزنِ المحطاتِ الأخيرةِ، في الندى المذبوحِ، في إغواءِ بنتِ الليلِ، في الشعرِ المشاكسِ، في التذكّرِ، ألفُ آهْ
(- يا صاحبي ماذا جنيتَ من القصيدةِ؟
غير هذا الفقرِ والسفرِ المبكّرِ والجنونْ
ماذا جنيتَ من النساءِ؟
أوَ كلما أحببتَ أخرى…
… صادفتكَ على الرصيفِ
نسيتَ أنكَ جائعٌ ومشتّتٌ
ونسيتَ أنكَ دون بيتْ!)
في زحمةِ الوجهِ الجميل
وناهديها، والجنون
وأنتَ منكسرٌ أمام قميصها المفتوح
(- أقرأتِ ديواني النحيلْ؟!)
في الليلِ، أحصيتُ التأوّهَ، ألفَ آهْ
في الليلِ، أحصيتِ النقودَ
وكنتِ مدهشةً بفستانِ التوهّجِ والتغنّجِ
تبسمين لوجهي المصفرِّ،
للأضواءِ
للكهلِ الثريِّ
وترقصيْن
(- وأنا وأنتَ
على الطريقِ:
ظلاّنِ
منكسرانِ
في
الزمنِ
الصفيقِ
إنْ جارَ بي زمني
اتكأتُ على صديقي)
في زحمةِ الحرسِ المدجّجِ بالشتائمِ،
في الليالي الكالحاتِ بلا بصيصٍ،
في أغانيكَ الحزينةِ خلفَ نافذةِ القطارِ،
وفي بقايا الزادِ والسفرِ الموحّدِ نحو حاميةِ المدينةِ،
في الرشاوى،
في المكاتبِ،
في الدفاعِ المستميتِ عن القصيدةِ،
في التحمّلِ، في التجمّلِ،
في العراءْ
في زحمةِ المتدافعين،
أضعتُ أولَ خطوتي
في زحمةِ المتراكضين،
أضعتُ آخرَ خطوتي
وبقيتُ وحدي في الطريقِ
مشتّتَ الخطواتِ
أبحثُ عن خطاي المستحيلةْ
٭ ٭ ٭
لوحة
.. إلى فضل خلف جبر
مَنْ أنتَ؟
طاولةٌ تتنقّلُ بين الداوئرِ
مملوءةً بالتواقيعِ
كانتْ خطاكَ سماءً
فمَنْ ضيّقَ الخطوَ..؟
ها أنتَ – في أولِ الصبحِ –
تصعدُ للرفِّ
في آخرِ الظهرِ – تهبطُ
بين الأضابيرِ
نحو صهيلِ الشوارعِ..
منكفئاً
يتعقّبكَ الندمُ – الظلُّ
والدائنون الذين ينامونَ
بين جفونِ القصيدةِ
والراتبِ المتآكلِ – كالعمرِ –
كان النهارُ اصطفاقَ النوارسِ
في البحرِ
مَنْ علّقَ البحرَ
في لوحةٍ
خلفَ كرسيّهِ
واستدارَ يُسائلُ هذا الموظفَ – قلبي
الذي يتأخرُ عن موعدِ الحافلةْ
لأنَّ النوارسَ تصحبهُ – في الصباحِ –
.. إلى البحرِ
…….
أيها القلبُ
يا صاحبي في الحماقاتِ
يا جرحَ عمري المديدْ
أنت بادلتني الحلمَ – بالوهمِ
ثم..
انحنيتَ..
ترتّقُ ظلّكَ في الطرقاتِ
أنتَ أوصلتني للخرابِ
وسمّيتهُس……………….س
ثم بيتاً
فنافذةً نصفَ مفتوحةٍ
أنتَ ضيّعتني
ثم ضعتْ
٭ ٭ ٭
وليمة شرف على جوع أمل دنقل
إلى أحمد الدوسري،.. قبل المحنة وما بعدها بسنوات مرّة
هو لمْ يدّعِ غيرَ أحلامِهِ
الجنوبيُّ:
في مدخلِ الحفلِ يسألهُ
حارسُ البابِ عن أسمهِ
فيلوذُ بمعطفهِ والجنوبِ
غريبينِ:
بين الأغاني السريعةِ
والضحكةِ الماجنةْ
من رأى دنقلاً
ناحلاً – في القصيدة –
منكمشاً – كالقميصِ البليلِ –
على حبلِ أوجاعهِ المزمنةْ
من رأى أحمداً
يلفُّ المطاراتِ
يبحثُ عن وطنٍ
فيفاجئهُ
الشرطةُ الواقفون
على الحدِّ
بين الندى المرِّ
والسوسنةْ
ـ قفْ..!
أيهذا المشرّدُ
لا وطناً
غير ما تركَ
الجندُ
ـ فوق الرصيفِ ـ
من البقعِ
الداكنةْ
٭ ٭ ٭
كأس
في الحانة،
كانتْ بغدادُ،
خيوطَ دخان
تتصاعدُ
من أنفاس الجلاّسْ
وأصابع عازفة،
تتراقص سكرى،
بين الوتر المهموسِ،
وبين الكأسْ
وإلى طاولتي، يجلس قلبي
ملتحفاً معطفه
يرنو ولهاً للخصر المياسْ
ووراء
زجاج الحانة
أشباحٌ تترصدني،
تحصي الأنفاسْ
وأنا محتارٌ
– يا ربي –
أين أديرُ القلبَ؟
وأين أديرُ الرأسْ؟
عدنان الصائغ
شاعر عراقي مقيم في لندن