وفق متناقضة زينون الأيلي الشهيرة ، يحتاج سهم أخيل المنطلق من نقطة (أ) أن يقطع نصف المسافة قبل وصوله الى.نقطة (ب )، بالمقابل عليه ، أولا، أن يتجاوز نصف نصف المسافة الفاصلة بين (أ) و(ب )، وباستمراره في تنصيف المسافات يصل زينون الى استنتاجه الشهير: سهم أخيل لن يتاح له التململ من نقطة (أ). يعلق حسن كريم على هذه الفكرة ساخرا :
الرياضيون هم الاستثناء الوحيد الذي لا ينطبق عليه مبدأ انعدام الحركة ، على سبيل المثال يتحرك ، لاعبو كرة القدم ، من اليمين الى اليسار، ليدخلوا الكرة في المرمى، على الرغم من العقبات التي يضعها أمامهم أحد عشر خصما، وفي حالة تسجيل هدف واحد ، فقط يكون سهم أخيل قد وصل الى نقطة (ب ).
تتشابه كثيرا، حركة حسن بين الشرق والغرب مع حركة سهم أخيل : قبل مغادرته حدود العراق ، كان الغرب متلبسا روحه كليا: في سن مبكرة انكمش حسن على نفسه ، تحت وطأة الهلع الذي أصابه من تلاميذ صفه الجدد، بعد انتقال أهله الى مدينة أخرى، لكنه اكتشف ، مع مرور الوقت ، بديلا مناسبا لمزاجه الزئبقي، يستطيع التواصل معه بسلام ، في المجلة الانجليزية العتيقة التي أعطاها له عمه ، كانت هناك صفحة مخصصة لعناوين صبية يرغبون بالمراسلة ، وكانت مساعدة عمه في كتابة عدة رسائل كافية كي تطلق طاقاته الكامنة ، خلال شهر واحد، وأمام دهشة الجميع ، كان بإمكانه استرجاع أي صفحة من تلك المجلة ، حال اخباره برقم تسلسلها، على الرغم من جهله بمعاني أكثر فقراتها.
شيئا فشيئا بدأ الغرب يتسرب الى حجرته الصغيرة عبر الصور الملتقطة ، لأصدقائه البعيدين ، لعوائلهم ، لبيوتهم لمدنهم الانيقة قام حسن بتعليقها على جدران حجرته برفقة تلك الصور المقتطعة من مجلات سياحية ، كان بعض مراسليا يبعثونها له لتشجيعه على زيارتهم.
تدريجيا ، راحت تلك الصور تقتحم احلامه ، كخلفية لها: سطوح البيوت الهرمية بدلا من المستوية ، الكاتدرائيات العملاقة بدلا من المساجد ، الثلج والغيم الثقيل بدلا من الشمس.
اكتشف حسن ، بعد فترة قصيرة ، جهل اصدقائه المطلق ببلاده ، كم تكرر استفسارهم ، عن عدد الجمال التي تمتلكها عائلته ، أو عدد زوجات أبيه وقيما اذا كان بيته مصنوعا من القصب أو من الوبر.
بمساعدة كتب انجليزية قليلة ، كان عمه قد اشتراها من بيروت ، راح حسن يبني عالما متخيلا عن محيطه ، يتوافق مع تصورات اصدقائه بفضل كتاب ريتشارد بيرتون ، "الليالي العربية " ، المقتبس عن "ألف ليلة وليلة "، أقام آصرة بين الماضي والحاضر، وعلى ضوء ذلك استرجعت بغداد أسرارها القديمة ، وعادت سفن السند باد البحري تتهادى في مياه دجلة ، متألقة بين لهيب المشاعل وايقاعات الدفوف ، وكم نفعه كتابا ولفريد ثيسجر حول الأهوار والصحراء العربية في تضخيم الصورة لأصدقائه ، فأبوه ، الذي لم يكن سوى موظف صفير، أصبح صاحب ثلاثين جملا، ينقل على أستمتها أحمالا تجار ته عبر الصحراء الشاسعة ، وكم من مرة رافقه في رحلاته.
لن يكون غريبا أن ينسى حسن بعد اقامته الطويلة في الغرب ، أسماء أخرته وأقاربه ، فلعبة الكذب البريئة التي ابتدأها مبكرا، حولت حياته المعاشة تدريجيا الى وهم ، وحتى حين يحاول تذكر أحداث مرت با بين أهله فهي لن تأتي اليه إلا كأطياف أحلام ، ذات خلفية غربية ، تارة وتارة أخرى، ممتزجة بتفاصيل "الليالي العربية ".
كانت هيلين أكثر أصدقائه اخلاصا، اذ واظبت عل تراسلها معه ، وعلى الجدران علق حسن صورها، المنتمية الى فترات مختلفة بعضها يرجع الى الطفولة أو المراهقة ، وبعضها الآخر الى أوائل الشباب. وحيتما دعته لزيارتها لم تطلب منه أي هدية سوى قطعة حجر صغيرة من بابل.
منذ لقائهما الأول ، برزت الفجوة بينهما ، بالقدر الذي كانت ، هيلين مشدودة الى هاهي الشرق كان حسن مشدودا الى حاضر الغرب ستحدثه عن حافظ الشيرازي وشعره التصوفي طويلا، مسترجعة بعض قصائده المترجمة عن ظهر قلب ، وفي بيتها انتشرت على الجدران آثار الشرق ، مزيج من صور ورسوم وتماثيل منتمية الى حقب تاريخية مختلفة ، القيثارة السومرية
والثور المجنح مقابل الاله شيفا وبوذا، الزخرفة العربية بجوار النقوش الفرعونية. عبر حسن عن اعجابه : "بيتك متحف حقيقي" لكنه شعر في أعماقه بانقباض وانجذاب معا.
في لقائهما الأول ، اكتشف حسن أن رحلته الى الغرب لم تبتديء بعد، على الرغم من شعوره الراسخ بالالفة ، ولن يكون انشداد ميلين اليه ، الا عبر تلك الغلالة الرومانسية العازلة بين الواقع المفترض والواقع الحقيقي، وكأنها بارتباطها به ستمنح ، لمصادفة حصولها على عنوانه ، والتواصل الطويل معه ، مغزى قدريا، هناك وراء الظاهري ، عالم آخر تحكمه المثل ، ووراء الفوضى يختفي، تخطيط متقن الصنع.
بعيدا عن عالم زوجته ، سيبني حسن كريم عالمه الخاص ، اذا كنت هيلين مشدودة لخموض الأبدية وأوهامها فسيكون هو مشدودا الى سحر اللحظة وعذاباتها.
متحررا من متطلبات العيش ، سينصرف كليا الى دراسة التصوير ، وفي بيت الذي ورثته عن جدتها ، سيكون لديه غرفة مخصصة للغسل والتحميض.
مع مرور الوقت ، استحوذ البور تريه على كل اهتمامه ، بين لوحة راقصة الباليه لديجا، ومومسات تولون لوترك ، اكتشف حسن أسلوبه لحظة الجمال الجامعة بين ما هو سماوي وما هو أرضي، أو الجمال بقطبيه المتناقضين الحسي والمجرد.
عبر أحد معلميه ، دخل عالم الأزياء والبورنوغراف كمساعد مصور أولا، وعبر جولاته بين مسارح الرقص وعالم المومسات ، راحت صوره تستأثر باهتمام بعض الصحفيين ووكالات التصوير ، وكان فوزه بجائزة أحدى المسابقات الشهيرة ، نقطة تحول نحو الاندماج في عالم الاعلام ، لم تكن الصورة الخائن ة ، الا ثمرة مصادفة ، في لحظة استعداده لالتقاط صورة راقصة الباليه اشتعل ضوء في وجهه ، وفي مختبره ، اكتشف تفك الراقصة الى مجموعة راقصات يدرن في حلقات متداخلة ، وكم ساعد الأسود والإبيض ، على تعميق الفوارق بين الظلال المتداخلة مع طبقات الساتان الأبيض. بالتخلص من كل الزوائد في الصورة السالبة ، وبالعمل الدؤوب على نقل رؤيته استطاع حسن أن يمسك بتلك اللحظة المتشظية في أبهي تحققاتها.
ظل زملاء حسن يرونه شخصا محببا وغريب الأطوار، ولعل السبب يكمن في حماسته الكبيرة للأصدقاء، سيبقى لسنوات حريصا على دعوتهم الى بيته عند كل عطلة أسبوع على الرغم من تذمر هيلين الصامت ، وفي لقاءاته الأخرى معهم كان المبادر بدفع مصاريف الشراب والطعام ، بطريقة متطرفة ، مأخوذا بسحر اللحظة المعاشة معهم.
كان الغرب الحقيقي يتجلى له بأبهي صوره في غرفته المعتمة ، حينما تنبجس فجأة أمامه ملامح فتيات الموديل ، وسط صفحة الماء المترجرج ، لتبدأ بالتماسك شيئا فشيئا بين أصابعه المرتعشة ، هاهو الجمال الانثوي يتقك الى مشات من اللقطات ، تحت نثار الضوء الأحمر، ليجره الى متاهاته القاسية ، بين وجه ووجه هناك ثالث ، بين ثدي وآخر هناك ثدي ثالث ، وحمنما يجد حسن نفسه موشكا على الانفجار ، سيهرب صوب عالم الباليه حيث تصبح الأجساد وسائل ايمائية بحتة.
كم كانت الفتيات ، يجدن في حضوره ، عنصر تشجيع ، اذ على الرغم من عينيه الجاحظتين دائما، ونكاته الخرقاء، هناك ابتسامة طفولية معلقة فوق وجهه ، تمنحنهن شعورا بالالفة ، وكأنهن يواجهن خلف آلة التصوير، راهبا نصف أبله ، سيمني ساعات صامتا بينهن الى درجة نسيان وجوده ، وفي لحظة البدء بالتصوير يغمرهن توق غامض للاندماج بعدساته.
مع ذلك لن تنجذب أي منهن اليه يوما، اذا استثنينا تلك الخدع التي كانت يسقط فيها أحيانا، حين تقوم واحدة منهن بسلب عقله ، عبر التظاهر بالانشداد اليه ، فيقوم آنذاك باغراقها بالهدايا، ولن تستطيع الافلات ، من مخابراته المتكررة من قصائده ووروده المرسلة اليها بانتظام ، الا بعد زجره بشدة ، سيتجنب حسن هذا الفخ المفتوح بعد عدة تجارب فاشلة ، ليرضى بتلك العلاقات البديلة بنساء أكبر سنا، يعملن مع الفتيات ، مدربات رقص ، مصممات أزياء أو غيرهن وكأنهن ، عبر ممارسة الحب معه يقمن بدور الوسيط بين فيض أحلامه وبين فتيات صوره.
لم تحتج هيلين يوما عليه ، ولم يبذل هو أي جهد لاكتشاف التغير في أفكارها، لكنها في الذكرى العشرين لزواجهما ، أخبرته بقرارها الحاسم ، ستهاجر الى استراليا حال الانتهاء من معاملات الطلاق وبيع البيت.
سيكتشف حسن تدريجيا كم هو مشدود الى عالم هيلين ، بعد انتقاله السريع الى سكن ضيق ، وبعد اختفائها كليا من حياته. قبل سفرها انتزعت منه كل شي ء يمت لها بصلة ، رسائلها وصورها القديمة اليه ، هداياها له ، صورهما المشتركة ، وفي حديقة البيت قامت بحرقها، وسط الشواء وأوراق الخريف الجافة ، قالت له بنبرة ساخرة ، حينما احتج غاضبا على تصرفها: ادانها طقوس العبور".
كانت تحضر في تيار أفكاره ، كجملة موسيقية متكررة ، وسط فراغات صامتة طويلة مخلفة وراءها وحشة ثقيلة ، ينتابه ، أحيانا، شك بحقيقة ارتباطه بها، وأحيانا شك بحقيقة اختفائها الأبدي عنه.
للخروج من دوامته راح حسن يتنقل من بيت الى آخر ، خالقا أسبابا واهية ، تتعلق بطبيعة المساكن أو الأحياء نفسها: الرطوبة الشديدة ، ضجيج السيارات العالي ، أو حتى كثرة الكلاب في الشوارع ، لكنه كان يقيم ودون وعي منه ، حالات الغة قصيرة المدى مع المكان ، ليندفع في هدمها بعنف ، عبر استئجاره سكنا جديدا.
في تلك الفترة ، بالذات ، بدأت علائم الانكسار تطفح على وجهه ، ممزوجة بغضب مكتوم ، وفي تلك الفترة ، بدأ بإقامة أوامر سطحية ببعض الشرقيين ، ولن يكف حين التقائه بأحدهم عن التشكي ، من تعاسة الطقس ، من الغيوم الجاثمة فوقهم من اصدقائه الغربيين ، الذين لم يبادر أي منهم بدعوته ، يوما، الى بيته.
لم يحضر الشرق اليه ، عبر الحنين المحض ، بل عبر بول كلي ، ورسومه في تونس بين يوميات الراسم ، اكتشف حسن تأثير القير وان عليه ، هناك اكتسبت المآذن والأشجار والبيوت تحت فرشاة "بول كلي " أبعادا لونية جديدة ، وهناك ، افصح عالم الرسام عن مكنوناته المضمرة لأول مرة.
في رحلته القصيرة الى تونس ، سيتابع حسن طريق "بول كلي " متنقلا بين العاصمة ، مدينة الحمامات ، ثم القيروان ، وهناك ستستيقظ "الليالي العربية " فيه ممزوجة بضياء الشمس الساطع ، وبعد عودته سيقوم فورا ، بطبع صوره.
على جدران غرفة نومه حصلت القطيعة مع الحاضر بضربة واحدة : حال استيقاظه ذات صباح ، اندفع صوب نسائه ، ممزقا اياهن الى قطع صغيرة.
في القيروان ، توطدت علاقته بصاحب الفندق ، وفي بيته ، تذوق حفاوة العائلة به ، حيث كان الكل يسعى لارضائه ، ولن تكف زوجة المضيف ، عن الالحاح عليه في تجديد طبقه بأطعمة أخرى.
كانت لحظة اشراق ، حينما استيقظ الماضي ، فجأة في روحه ، لا كأحداث معاشة ، بل كشعور عسير على التعريف ، جعل الأشياء حوله أليفة بشكل خارق للمألوف : روائح الفواكه والخضار القوية ، ألوان الأثاث والزرابي ، احتشاد الغرف بالناس والأشياء.
انه ماض اسطوري ، حال من الرتابة والبشاعة ، لازمني ذلك الذي استرجعه حسن كريم ، في القيروان ، ليسقطه على حاضر آخر، في مدينة نائية أخرى.
مع صاحب الفندق اتفق على ارسال عدة عمله وبعض أثاثه اليه أولا، ليلحق هو بها بعد شهر واحد، وعند عودته ، راح حسن يبشر بأعاجيب الشرق : الشمس الحاضرة دائما، تحرر الفرد من رسائل البنوك المملة ، والانفلات من قيود الوقت وتقنيناته في القيروان ، سيفتح ستوديو للتصوير، وسيتحمل صاحب الفندق كل التكاليف ، مقابل نصف الأرباح.
كانت فترة تصفية أموره ، جد قياسية اذا أخذنا بنظر الاعتبار عدد السنوات التي قضاها في هذه المدينة ، هاهو بعد مضي ثلاثة أسابيع على عودته من تونس ، انسان حر تماما، غير مقيد بأي شيء عدا حقيبة ملابس صغيرة وبطاقة سفر باتجاه واحد، وفي اليوم السابق لتسليم البيت ورحيله صوب القيروان ، حدث ما لم يكن في الحسبان.
حينما استيقظ على جرس الباب ظن أن شخصا قد ضل طريقه اليه ، لكنه بدلا من ذلك شاهد من النافذة ، أحد المتعهدين الذين كان يتعامل معهم ، واقفا باهوار أمام العمارة. بعد ارتشافه جرعتي قهوة من كوبه بادر الآخر بشرح أسباب ظهوره المبكر. غدا سيكون هناك عرض ملابس عالمي، والمصور الذي كان مفترضا أن يقوم بتخطيته أصيب بجلطة قلبية ، وما إن ذكر له أسماء عارضات الازياء حتى راح قلبه يخفق بعنف.
برر حسن موافقته على العرض للأجر السخي المقدم له ، وكم هو بحاجة للنقود في بداية استقراره هناك. ولم تكن سوى مصادفات متآمرة ، تلك التي جعلت عددا كبيرا من الوسطاء يتساقطون عليه بعروضهم ، بعد انقطاعهم عنه لسنوات كثيرة وجوه وأجساد فتية لم يرها من قبل ، وانجذاب تدريجي صوب اللحظة المتألقة.
استخدم في البدء بعض الأجهزة المستأجرة ، لكنه اضطر في الأخير الى شراء عدة العمل كاملة ، كانت صور الفتيات تغزو، دون ارادته ، لا جدران شقته ، فحسب بل سريره وخزانة ملابسه ورفوف كتبه ، ولم يدرك عدد السنوات التي خلفها وراءه منذ ارسال عدة عمله القديمة الى تونس ، الا عند استلامه اشعارا من البريد بعودتها اليه ثانية.
وصلته بعد عدة أيام رسالة من ابن صاحب الفندق يعلمه فيها بموت أبيه ، وانه سيقوم بزيارته في الشهر اللاحق ، وكم يأمل أن يساعده حسن على الاستقرار في أحدى مدن الغرب.
كان يعيش حياته الحقيقية آنذاك ، في غرفته المعتمة ، كلحظات مجمدة فوق صور فتياته حال ظهورهن وسط الماء. اذ تركت سنوات انفصاله عن زوجته أخاديدها فوق روحه فبدا كأنه شبح متآكل ، لا يثير في النساء شيئا سوى الشفقة ، كان يقضي معظم أوقات فراغه في شقته ، متجنبا الآخرين قدر الامكان ، الا عند حاجته القسوى لأحدهم.
شعر حسن حال الانتهاء من قراءة الرسالة بانقطاع أو اهوه مع الغرب دفعة واحدة ، وان قوة هائلة تدفعه نحو العودة الى الشرق ، دون تحديد مسبق للموقع ، كانت فكرة ظهور ابن صاحب الفندق في شقته تدفع بالهواء للانحباس أكثر فأكثر في صدره.
امام نسخة خارطة من القرون الوسطى ، معلقة على احد جدران المطبخ ، أغمض عينيه ، ومد سبابة يده اليسرى فوقها قليلا ، عند النظر اليها، ظهر أصبعه مثبتا فوق "سمرقند".
غدا سيرحل اليها، تاركا وراءه عدة الشغل عند أحد الأصدقاء ، كي يبعثها له حالما يستقر به المقام في بلاد الخمر واشعار الرباعيات.
لؤي عبدالإله (كاتب عربي مقيم في لندن)