حسان عزّت
شاعر سوري
ها أنت تقذف العربة من أول الخلق إلى آخر الأبد
في مسرح العبث
ملايين الشبابيك والكوى في جهة أطراف المسرح الثلاثة والرابع على الجمهور بتسقطون الزند الفارس.. ويستمعون إلى الفرجة الفارعة
وأنت تضع الخلق والكون والتواريخ في العربة وتقذفها
على حدود السيف
وها أصداء وصرخات التواريخ بالهتاف تروي
ومسرح العراء المكشوف لا يعيد اللوحة ولا يكرر ضرب ريشتها مرتين
ميكاييل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا روما
والإله العظيم في سقف القبة من خلفه أمراء الملائكة وهو يمد طرف سبابته إلى إصبع آدم الممدودة
يعطيه الحياة
والعربة تمخر الأرض والجسد من طرف إلى طرف
لتزهر معها وردة الثالوث
الولادة الحرية بطعنات الحتوف والموت
ارفع نشيدك فوق الأكتاف يا حادي الشعر ويا فارس الموسيقا والأمل
بالمزاهر والدفوف وعود الريشة الأبدي
وألف نشيدك
عربة جسد يسمونها الرغبة
أنت لا أحد سواك
كان موتها خاطفا مثل طائر الرّعد
وكان بطلا
كان موتُها طعنةً لا يمحوها زمن
وكانتْ بطلةً..
وظلّت استانبول واقفةً تبكي
بلا تفاحةّ ولا أعلام
كانَ قَبلاي تشارشيه مترعًا بالأسى لروحٍ لوّعَتْه الآلام
لم يطقْ حملَها
غادرتْ إلى سماوات
هناك في شام كأنها شام
ما زالت الحارات الداميةُ بجراح الأنين تستصرخ الأبد
وهي تودّع عروسًا أحلى من شفةِ طفل ينادي ماما
كن أنت ولا تكن غيرَك ولو ملّكوك الأرض
ولو عاجلك الموت خاطفًا بطلًا
تكن في الجدارة حرًّا
ولا طعنة الساموراي بسيف أجداده
ارفع ستارتك عن خديعة الزمان
بالحتوف
اصنع الحياة وأنت تمثل ولا تحوّل الحياة إلى واقع وخبرٍ وتمثيل
بل أبدع حياة فوقَ الحياة
وموتًا قبل الموت واكشف عريَ الحياة الأولى وأنت في عز المواجهة كأنّك على سراط العدم
الحياة تُعاش لمرّة واحدةٍ ولا تحتاج لمن يكرّرها مرّتين بصورٍ معادةٍ وأنماطِ سقيمة
أعطيتَ الحياةَ لمرةٍ واحدة لا تتكررّ لم يسألك ولمْ تسأل أحدًا
وكنت الفارس والظل معًا
الوجودُ الحيّ إبداعُ صاحِبه والعمل المسرحيّ والفن إبداع الجمعِ وشخصياتُ الأمثولةِ والعبارة الكاشفةُ
الإبداع أن يكونَ مرّةً واحدةً ويكونُ إبداعًا فوقَ الإبداع ولا يتكرّر مرتين
الاحتفاظ العالي بحرارة الطبيعة والصدقية والجسد الناري ببرد المتجمد ونارِ الأولمب معًا
ولا افتعال ولا مجانيّة
المسرح هنا روح نبالةٍ وارتجال عظيم لايجيدهُ إلّا الندرة المجانين.. يكلمون أنفسهم والأرواح ويعيدون رسم الأبد
مثل النهر الدافق لا تتكرر برهاته وأنفاسه مرتين ولا لعبةُ التمثيل مرتين وإلّا يصيرُ آسنا وتهريجا
سر وتكلم إن شئت بصوت القناع والجوقة
وانزعها مرة واحدة وكن دي الآرتي وبطل الميلودراما في العراء كأنّ ألف قناعٍ يواجهك بالخديعةِ وملايين الأصوات
في عراء مسرح مكشوف وكوريدا
بأعلام الفينيق العتيق
والسهام تنغرزُ في الجسد سهمًا وراء سهمٍ بصرخاتِ الهتافِ والجنون
هو لحمكَ يا سيدي ولا تشعر به يَتهتّك
أعطيتُ الحياة هبة فلأعطي للحياة عمري لا للموت
وسأدفعها بَخِنجَرَي قَرنيّ الطالعين من معابدِ عشتارَ وسومرَ
ومُنجردِ امرئ القيسِ في الهيكل العظيم
إذا أردت أن تمثل
إذا أردت أن تموت على الحلبة
لا تكن نجمًا بل هاويًا لمسرح معبود فاردٍ للزمن والأركانِ
معَ وعيكَ الكليّ لكلّ حركةٍ أو لفتةٍ أو همسةٍ تَصطنعُها وتقومُ بها
لا تغبْ عن نفسك ووعيكَ
لا الزمانُ ولا المكانُ ولا تلقينُ الحاكي القديم مع أنّك لا تنسَ أنكَ تلعبُ تمثيلًا بمهارةِ الطائرِ وعزيمةِ الفنّان وأنتَ تسمعُ الصمتَ
هل تمثل هل تلعب.. هل تؤدي دور الفارسِ أمْ تخلقه وتجترحُ من عدمٍ
عشْ ولا تمثّل
وإنْ مثّلتَ عشْ في ذروةِ الجنون والحاسة وفي الأعماق البعيدة الزمن البعيدُ لعبةُ الأبطالِ والتراجيديا في وجهِ صهيلِ الرّياح وصلصلةِ السيوف
وفي الزمن الآن بالنيون والليزر وغابةِ السيليكون والتّايغا بلا سيوفٍ
الأرضُ حرّى.. خشبة المسرح بالجمر ولوعاتٌ لا تنامْ
إلعب هناكَ في ردهاتِ الغيابِ واتركْ نفسكَ تعانقُ صداها وترددْ أغنيةَ البجعةِ السوداء وحدَها
المسرح
القصيدة
الموسيقا
الأغنية
كذلكَ في كلّ فن كن أنتَ ونفسَك في نَفسِك وجمهوركَ في أفقكَ ومسرحَ جسدكَ وفضائكَ وقوسَ الصّعب
في مَلكَتكَ وحبيبتكَ فيكَ وإنْ صرختَ فامخر الكونَ ليس زعيقا بل همسا فوق حاجزِ الصوت وهسيسِ الأعماق الراجفة
أَيَتُها المجنونةَ.. لقد بكّرتِ كثيرا عودي
أنتَ لستَ نجنيسكي الملوع بجواه وحمّى ناره
ولا بطلُ عربة الرغبة تتلظّى بينَ مفرقيهِ وعرامِ رأسهِ واخمصِه
ارقصْ بجنونكَ بقلقكَ بغضبكَ بعصفكَ بخيط حرير يذبَحُكَ
ويحلحلُ ركبتيكَ
أيّها الماجنُ الغاوي بألفِ أنثى شبق
ووردة
ومارلون براندو العظيم على طرف حاسّتها المشبوبةِ بنارٍ ترمي
وهي تموتُ بفحيحها المجنون: خذني لأضيعَ عن دمي
وهو يلوّح لك وهو في عرام عناقِه الطاعن المجنون بَهدهدةِ أعماقٍ بعيدةٍ في العرّاب
والقيامةِ الآن
في بحيراتِ بالميرا بالما
العبْ الصمتَ وارسم موسيقاكَ وكُنِ الدمعَ والأبدَ فيك
كنْ أنتَ ودمعكَ ونزفكَ ولوعكَ وعطشكَ وخيباتِك وثأركَ الدفينَ وواحدًا في القصيدة ولوحةِ الريشةِ .. في الفيلم.. في المسرحيةِ.. في الأغنيةِ في بحيرةِ البجعِ
في طائرِ النّار
وقد رمتكَ الحتوفُ والحروبُ ومحاربو العتماتِ والأقبيةِ الغارقةِ في تواريخ الماءِ
انهضْ كما يفزّ الصقرُ ويلعبُ ماهرُ الحبلِ بلا أجنحةٍ ولا جدرانَ
أنتَ الآنَ سيّد حلبتِكَ ومكانكَ الأكيدَ بلا حصانٍ ولا سيفٍ
ولا قلبٌ لتاريخ يجاريكَ
اضربْ درفاتِ الأرضِ بألفِ عودٍ مجنون
أيّها المهرجُ بالسّلاح
وألفُ أبدٍ يغتلي.
مابعد بابل
بابل
منها النشور وإليها النشور يعود
نامت.. ولم تنم
هيَ والقصيدة الباقية على الزمان
يتبادلان الليالي
بابل
وحدها بزغت في أسطورةٍ وظلّت في سؤال الورد
لا أريد لهذه الوردة أن تموت
لتظلّ على غُرّةِ الأبَد فرسًا شهباءَ
لاتُحْدى
بابل
يومُ السماءِ السابعةِ بعيدة
وغيومُ السديمِ لمْ تروّضها الخيول
يومها انبعثتْ من أرض أوروك
أوّلُ يَناعاتِ الخوفِ فاستمَعَتْ النجومُ والمجرّات بأعمارِها
ليكونَ الزّمنُ الأوّلُ والآخر
وتَقتربُ الزقّوراتُ من العَرش
فتصيرُ مرقاةَ الخيالِ إلى لوعةِ المُشتهى
يومَها لا بِدايةٌ ولا نهايةٌ
امتدّت حُدودُ بابلَ من بابِ البحر
حتّى شاميرام الأبد
وكانتْ شاميرامُ
عامرةً بإرم ذات العماد
الفينيق يفرد جناحيه على المدى
سفن الأرز والمارون من ميناء إلى ميناء
وعندها ترجع إلى صيدون
تحمل كل نفيس
أيها الرجال الصيد
من أي جنٍّ أنتم
يومَ كانت أوروك
فرسًا في بَتولات الولوعِ وصَهلَتْ ثلاثًا في جهاتِ الكون
كانتِ الولادةُ والوعيُ والشّبوبُ في صعيدٍ واحدٍ
لم تكنْ لغةٌ ولا ميزان
أرادَ المليكُ الشيخُ أن يجيءَ بالعالمِ ليحمي الشجرة سبعةُ فروعٍ بأربعةِ فصولٍ بثلاثةِ أرواح
وزمنٍ لا يتّسِعْهُ زمنٌ بأوقيانوسِ أطلسٍ مفرودْ
ونهرينِ من الجنة الغارقة
النيل والفرات
وثالثُهما فَردَايس شامْ
يومَها قال حمورابي للقدسِ وكليمِه ووحيِه الكلمةَ
وصعدَ في أوّلٍ وآخِرٍ وبَدْءٍ ومُضْمَرٍ ومُعْلَنٍ بموسيقا وحُدَاءٍ أركانٍ
اجتمع الخلقُ وَكانتْ على صعيدٍ سارَ
وتربّع حمورابي على عَرشِه
وراءَهُ ألفُ ثورٍ مُجَنّحٍ شيدو لاماسو
تحرسُ الأبواب والمَعابدَ وهياكِلَ البَغاء المقدس
وألفُ أسَدٍ يشبُّ إلى أقاليمِ الأرضِ بقدّيسينَ وشياطينَ
على يمينِه نبّوخذْ نَصَّرْ
وعلى شمالِه نارام سنْ الإله القمر
ووراءَ لحيتِه البيضاءَ ألفُ طيرٍ وحاسّةٍ وربيعٍ على غِلالاتِ أزهارَ بمختلفِ ألوان ولا أسماءَ لها
كان حمورابي قد بَدأ اللغةَ ووضعَ الميزانَ
ولم يجد قََمّة عَدالةٍ يَسندُها إليه فوضَعَها
من مثقال الروح
صَعدَ بزقّوراتِ أوروكَ حتّى السماءِ الأولى حيثُ آخِرُ النزولِ وأوّلُ الصّعودِ
وصعدَ بالأشجارِ والرؤى ومجامعِها
وحدائقِ العَيْنِ والنّفسِ فصارتْ حدائقُها المُعلّقةُ في العُلا زينةَ الأوانِ
كانَ الضبابُ تحتَ الحدائقِ ينطحُ كالنّعاماتِ ويُحاولُ ليجوزَ إلى خَصرِها ولم يستطعْ
كانت تشعرُ بدغدغةِ نسيمٍ وأغصانْ
فتُلَدْلِدُ بساقيها كما على طَرفِ بسّينٍ واسعٍ ورَغيب فيطرش مطرُ أطرافها على بشرٍ وبلدان
وتضربُ الماءَ لتتقافزَ طيورُ البطّ والبجع والحباري في رذاذٍ اليَمّ
يومَها لم تَكن ناطحاتُ سحابٍ ولا أبراجُ سماءٍ في أرضِ البشر ولا قوانينُ ولا كاميرات ولا ادّعاءاتُ أبالسةٍ وأربابٍ
ولا صواريخُ تملأُ الفضاء
كانت معجزةَ إبداعِ ماعُرفَ وما لا يُعرفُ وسيكشفُ ويُدرجُ بَعدهُ ويشيعُ في الخَلق وأصلِه في زقّورة نِفّرَ المواقفِ وأناشيدِ البشارةِ
وَما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطرَ على قلب بشر
ما بعد بابل
الطوفان والعولم
– أين بابل..
: بابل تغيب وتظهر ولا تموت
– أين شاميرام
: حاضرةٌ تسعى في الأنامِ وإن جَرحوها
ومن يومها صارَ ما بعدَ أوروكَ وبابلَ
القبلُ والبَعدُ وصار الطّوفان
: يا أنكيدو الذي في الخَاصّةِ لا تنم
أَنْظِرني أفديك أخي
وراح كلجامشُ يبحث عن عشبة لا تموت
لمْ يعد قبلُ بابلَ كما بعدَها
الأسطورة بابل
القصيدة الأحد
شعشعَ الوردُ
طلعتْ
طلعتْ سرياليّةً عصماءَ
برباطِ الأزلِ
منْ يكمّلها.. يعيدُ كتابَتَها
يَطولُها
ويعيدُ التلويحَ بها للعاشقينْ
اتركني في حُمّايَ أهذي يا أيّار العظيم
رفْرفِي واندفي يا وريقاتِ الثلجِ والندى آسًا وريحانَ
لقد أقبلَ الحادي بالغيتارة وعصفورُ النّار يرقص
آن لموسيقا الصمت أن تروي
حياةٌ واحدةٌ تكفي للوردةِ
حياتانِ يَعني تَلزمُ وردةٌ ثانيةٌ بحجمِ تَلوّنِ السّماءِ بألفِ رَعدٍ وبَرقٍ ومَطرٍ نيزكيّ شاردٍ
اخلعْ روحكَ فيها
امضِ ولا تَشتهيها فقدْ أكلتْكَ منْ سُرّتِكَ الأبهى أيّها الشقيّ
الشهوةُ لا إلى ما مَلكنا بلْ حُرمنا وعيونُنا عليهِ
وستبقى بشهوانِ الزْمان
لا هوَ يعطي كلّ شيء
ولا أنتَ يرضيكَ شيء
لم تكن أنت قُربَها هيَ التي سَحَرتْك
وسَحبَتْكَ مثلَ ثِيرانِ المراعي إلى صباحاتها
فأخذتْكَ الرّعشةُ حرّانَ عطشانَ
وغَنتِ الغزالاتُ بلا ثغاءٍ بطفولاتٍ
تنهضُ باكرًا قبلَ شحّاذاتِ المدينةِ
المدينةُ الْ نَامتْ عَاريةً بِهَفْهافِها
وقامتْ إلى تَنّورِ خبزِها
نهضتْ للغسيلِ
تَكَومَ الأولادُ من بَردٍ على طرفِ التّنورِ
هذهِ العصيدةُ لكَ
هذا الرغيفُ القمرُ بالسّكّر
هذهِ الدّحْيةُ فطيرةُ البيض
وهذه اللقمةُ لأَتذَوّقَ عَضةً من لذْةِ يَدي
ومنذُ ثلاثٍ لمْ أتزَوّد بشيءٍ
قبّلني أيّها الليل الحليبيُّ المختبئُ في حضني كالحارسِ الأمينِ
ولا مداعبةُ النجمةِ
ما نهضتْ المدينةُ
ما خرجَتْ ثيرانُ الحقولِ
ما خرجَ الرّاعي ولا دَوزنَ نايَه
وغنّى للقطيع
هذا اليومُ الأحدُ عطلةُ سككِ التراموايِ وحكايات المهرّج
ولأنّ أغسطسَ الأبُ دائمًا على جَبَلِه
فلابدّ للسوسنِ النرجسيّ أن يرسلَ باقاتِه للأميرةِ التي بلغتْ من أيّام من وراءِ أبيها لتعقدَ جديلَتيها على ابن عازفِ التشيلو
الأحدْ موّار بضحى الغريب
فتدلّل ما شئت يا نوم
نمْ حتّى آخرِ الغروبِ يا يومَ الأحدِ
لم يخبروا الملكَ أنّ عَرشَه صارَ على بنادقِ الضبّاطِ
الذينَ نزلوا من قُرى الجبالِ البعيدةِ
كانتْ أوجارُهم معلقةً مع عواء الذئابِ صوبَ القمر
وكانتْ الضّباعُ تختلسُ مع زوجاتهمْ أثناءَ انشغالهمْ بالقادمِ
لقد حاصروا القصر
ولم يقولوا لأحدٍ أنّ الملكةَ والحاشيةَ تنتظرُ جلالَته ليحضرَ بعكّازه الملكي
ويُرَحّلونَ إلى مَنفى
الجنيه بأربعةِ دولاراتٍ
وقصورُ العائلةِ مع العُزَب تموّلُ مملكةً بكامِلها
أيلول لنْ يتأخّر وسيأتي باكرًا مع نفنافِ المطرْ
وأحزانِ تشرينَ
وَصبحةُ الفرسِ الشقراءِ التي أهداها أبي لخيالي كَبُرَت وحلّقتْ فيهِ
صهلتْ في الجهاتِ ثلاثًا
لتبرأ من دمِ القتيلِ
ومنْ قالَ لأشاركَ في احتلالهمْ ضفافَ المدينةِ
إيه اتركني في الحُمّى أعدو
ولا تسْقِني المايْ
ها هو المذياعُ ببيانِ الانقلاب يعلنُ استيلاءَ الفرقةِ السادسةِ على المسلخِ السادس عشرَ لأكباشِ النّخبة
وها هيَ الراياتُ السودُ المصطبغةُ بالدّم ترتفعُ فوقَ دولةِ بني العبّاس
لم تقعْ نكبةُ البرامكةِ بعدُ ولم يسمّوا حارتي بالسيّاب
وزبيدةُ الرّشيدِ التي وصفَها النّواسيُّ أجملَ من كعكةِ العيدِ
في مطعمِ كيكْ آندْ شيبسْ آند فاكتوري
بيان رقم 9
لقدْ وجدنا عكّازَ الملكِ وسحبتْ سَفاراتُ المُمَوّلينَ اعترافَها لعقدِ جلسةِ المصالحةِ
وخرجتْ جماعةُ الدّرالي درَمّ لتقولَ لقدْ صَدقتْ الأسطورةُ والزّعترُ البريّ انتشرَ
على الشرفاتِ
أطفالُ التّنّور
ما عادوا في بَرْدِ الجَوى
خَرجوا بصنادلِهم العتيقة وأثوابِهم المزقِ التي ضاقتْ عن سواهم ولبسوها
لِينتموا للحزبِ قبلَ الأوانِ
الأمّ كانتْ تلعنُ السياسةَ والأبُ لم يَبِنْ لهُ ضوء
همْ أنفسُهمْ أولادُ الحزبِ والسّبخةِ
خطفوهُ من سنواتٍ لأنّه تحدّثَ عن مؤامرةٍ أمامَ جنابِ مختارِ الرّجْمِ السّفليّ.
آخرُ الأخبارِ
الرّوسُ وصلوا إلى عشتارْ
فخرجتْ كشّافةُ جَاوِرْجيوس وأسْعَدتِ القصاعَ بالموسيقا
كانوا بشورتاتهمْ الكَاكي وعُقَدِ أعناقهم الزرقاءَ ونياشين الكشّافَةِ
والبناتُ بتنانيرِهنّ وسيقانِهنّ ولا زنابقُ بحيراتِ اللوتس تخطفُ العيونَ منْ مآقيها
صباحُ الخيرِ يا حبّ
الدنيا تُهَملِلُ بندفِ ثلجٍ جديد
السيرياليةُ تعلنُ انتصارَها على الفاشيّةِ
رُغمَ فَرنسا التي أعلنتْ الاشتراكَ في حربِ أوكرانيا المجيدةِ وسلّمت القرارَ لوزارةِ الدّفاع
والسوريّ أرسلَ أشاوِسَه إلى الطّرفِ الروسيّ
بلا ذَرّةٍ من حسبان.
بلاغ 10
وَرَقو الأصفرْ شهر أيلول
وفيروزُ وحدَها أميرةٌ على جمهورياتِ
الشّعوبِ المحبّةِ للسّوسَنِ
لا الملكُ عَرفَ بالحكايةِ ولا الملكةُ خلعتْ ثيابَ النّوم وخرجتْ على عَجلٍ
لتفطرَ مع جلالَته ديكًا روميًّا
فقط كانتْ قصيدةٌ بالأحلامِ ترفرفُ وراءَ الشبّاكِ وتقولُ بقلقِ الغريبِ
اكتبني
كانَ المذياعُ بالبياناتِ والمارشاتِ العسكريّةِ يملأُ المدى
وبينَ بيانٍ وبيانٍ يُرَوجُ للفتحِ الجديدِ سطوةُ العولمِ
والذكاءُ الاصطناعيّ.
ويقالُ ليسَ صدفةً أنْ تُغزى بابلُ العراق وتدمّرالشامَ بعدها.
فقدْ اتّفقَ أصحابُ الهَيكلِ وأصحابُ المحفلِ مع الضباعِ بعماماتٍ وقراديح دول وينهضون بالأمور كلّها
لتقومَ أورشليمُ السّاعةَ وتغلغلُ في الكونِ
فهلْ قامت
في بابلَ هناكَ لم يكنْ زمانٌ ولا لغةٌ فاخترعَ لغةَ الوصايا حتّى لاشمسَ وقمرَ إلّا بحروفٍ تكتب الدساتيرَ والمواثيقَ والعهودَ
ثمّ أوصى لإبراهيم ويسوع ومحمدَ وماركِس وبوذا والشّاعر
“يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين”
منْ بابلَ بدأتْ مجتمعاتُ الأرضِ وأشرقتْ الأسطورةُ وَتوالت الدياناتُ على أرضِ البشرِ
أحِبوا حتّى يَصيرَ الدينُ عشقًا واعمروا الأرضَ آمنين
أحبَّ ولا تَكْره
ازرعْ ولا تقطعْ
لا تسرقْ لا تزنِ ولا تهدمْ مابنيت
آمِنِ الناسَ واحفظهمْ يحفظوك
وإن بادروكَ بعسفٍ فالعين بالعين والسنّ بالسنْ
وبدأَ الميزانُ في غرفةِ المنتهى يتمايلُ ويتأرجحُ حتّى تأرجحت الأرضُ على قَرني ثورِها واستقرّ العقربُ على قلق
أشارَ السهمُ إلى الشعورِ وما تحتَ الأنهارِ والبحارِ والحَواسّ من مَدفونٍ ومكبوتٍ وزاخرٍ حتى
تخايلَ فرويدُ بعصرِهِ ولعبَ بالمكبوتِ فصارَ كُفرا أحلى بما
حيّرَ الخيالَ
وكانتْ أوروك أوّلَ عاصمةٍ وآهلةٍ
ومن يومِها صارَ ما بعدَ أوروكَ وبابلَ
القَبلُ والبَعدُ وصارَ الطوفانُ
: انكيدو السلام عليك يا أخي في نوم الأبَد
وراحَ كلجامشُ يبحثُ عن عشبةٍ لا تموت ولم يعدْ
لمْ يعدْ بعدَ بابلَ كما قبلها.