تحاولين..
دائما تحاولين وأبداً
سادرة في محاولاتك
بدأب شجرة تنمو
وينبوع مازال يسيل متخفيا
بين صلادة الصخور بتؤدة
( المحاولة تبرير جيد لكل فشل بشري).
تغمضين عينيك الحالمتين على تعب آثم
تتجاهلين الطيور المحومة بإلحاح حول رأسك
تسدين أذنيك عن أنين مكتوم لا تدرين من أين يأتي
وتشدين قبضتيك على ركبتيك
في صلواتك الليلية
وتروحين سديماً
في ذلك الخليط الملون المستلقي في مرآة الهباء
وبمهارة العارفين بالكيمياء وأسرار الخلق
ومصائر النساء الوحيدات
في ليلهن المشغول بالفتنة والأحلام القصوى
تخلطين الذهب بالفضة
والرمل بالغيم
والماء بالعسل والخمر والحليب
والشعر بالموسيقى
وبحتك المتعبة بأنغامك المنسية
بين أوتار كمان مكسور
والشك باليقين
لتصنعي مزاجه الأحلى
في سهرتكما المنفردة.
تغزلين خيوط ثيابه
وتغسلين شعر رأسه
تضمخينه بدهن العود
وترشينه بماء الورد
وترسمين ملامح وجهه بعري أصابعك ..
تلمعين فضة مرآته
وتهمسين له بسر جديد من أسرارك الكثيرة ..
تقطرين الحكايات الصغيرة
في فراغ الكلام الكبير
تصمتين قليلا، ولعلك تنظرين له نظرتك الجانبية الناقصة تلك،
تتململين قليلا،
ولعلك تستدرجين تلك اللمعة الخاطفة في عينيه،
قبل أن تكملي سحر القصيدة
على سرير الدهشة والملكوت
لشاعركما الأثير
تقطعين سلسلة الكلام المثير
لترتكبي أجمل آثامك المؤجلة
تكتملين بالكتابة والكلمة واللون الأسود
تكتملين بالصوت والموسيقى واللون الأبيض
تكتملين ببحته المتصاعدة آناء الليل وأطراف النهار
تصغين بتؤدة لهسيس النار المشتعلة في طرف السيجارة
ثم تقترحين له أجمل قصائده
قبل أن ترتبي له غيم الكلام
فراشا لنزق الهزيع الأخير
تحاولين قليلا ..
ويحاول كثيرا ..
تتبادلان الحيل البشرية كلها
وتغتنمين فرصة سانحة لخلق حيلة جديدة
فيخاتل فيك فرط اشتهائك
وتخاتلين فيه فرط اشتهائه
لتنمو على طرف المجون الوحشي
أعشاب البراءة
متطلعة نحو صباح كسول
يبدأ بحلمين غامضين،
لا تتذكرين منهما
غير لون أسود وسلم حجري طويل جدا وشهقة ما،
وقصيدة مبتسرة
وفنجان قهوة مرة جدا
وكآبة خفيفة سرعان ما يتصاعد بخارها
في فناجين النهار المتلاحقة بمرارتها التي تتكثف عند حلول المساء
أخبار موشومة على جدران الفنجان الأخير.
تنامين،
لعلك،
في شوارد الكلم
وبقايا الأحلام المكدسة بين الأوراق الشعرية الناقصة
وروائح الفراديس العلوية
المتناسلة من أحضان الشهوة المزدوجة.
ينام بعيدا
صامتا
ينفث دخان سجائره
منتحرا في الهواء الراكد هناك
ينام بعيدا
حالما بعالم أقل ازدحاما
وأصدقاء أكثر إخلاصا وظرفا
في حكايات الليل والنهار
وعربة للزمن
تعود به حيث يمكن له أن يسقي شجرته الأثيرة
بدموعه المالحة.
(٭) مقاطع من قصيدة عنوانها ((محاولة جادة للهو)).