ريكي لورينتيس1
ترجمة: محمَّد حِلمي الرِّيشة- شاعر ومترجم فلسطيني
1
«ما لا يشبهني أجمل»
محمود درويش، «إلى شاعر شاب»
أَنا أَبكي، لأَنَّني كانَ يجبُ أَنْ أَكتبَ هذَا منذُ سنواتٍ مضتْ. فلِمَ يَا فَشلِي البطيءُ تمرُّ السَّنواتُ وتجعلُني أَبكِي. إِذنْ، مَا الَّذي حاولتُ فِي [مدينةِ] بيتِ لحمٍ أَنْ أَدفعَهُ كثيرًا ضدَّهُ، حيثُ الجدارُ نقطةُ تفتيشٍ وغريبةٍ. وماذَا فِي ذلكَ
لقدْ أَخفتْ عنِّي آلامي السَّوداءُ الأَكثرُ حزنًا ووحدةً
صدًى مسموعًا مَع فكرةِ الأَرضِ ضدَّ جسَدي،
وماذَا
فِي ذلكَ.
أَنا وصلتُ.
2. نقطةُ تفتيشٍ
وقدْ عرَفتُ بعضَ الامتيازِ.
3. نقطةُ تفتيشٍ
وشهدتُ بعضَ الحرِّيَّةِ.
4. نقطةُ تفتيشٍ
أَعنِي، أَنَّني قلتُ لنَفْسي: لَا، لَا يَنبغي أَنْ تُقارني ذلكَ -نَفْسي بفلسطينَ- لَا، أَنا-
5. نقطةُ تفتيشٍ
لكنِّي قارنْتُها، ورسمتُ ذلكَ الجرحَ، وانحنيتُ علَى نوعٍ منَ الشَّفقةِ جديدٍ جدًّا بالنِّسبةِ لِي، حيثُ-
6. نقطةُ تفتيشٍ
-كنتُ معتادةً أَنْ تكونَ كلَّ قاعدةٍ وقاعًا للعالمِ؛ حاولتُ، لكنِّي شعرتُ بذلكَ البُعدِ، وسرقةِ الحبِّ توسِّعُ عينيَّ.
7.
وبكيتُ بهدوءٍ.
8.
لذَا، مَا لمْ أَطلبْهُ، لمْ أَرغبْ بهِ. ماذَا فِي ذلكَ. اعتقدتُ أَنَّ الدُّموعَ رخَّصتْهُ، وماذَا فِي ذلكَ.
ولكنْ كانَ امتيازًا جديدًا قابلْتُهُ مثلَ انزلاقِ الملحِ، سقطَ وعزَّزَ وجهِي،
أَمريكيٌّ
ثمَّ الأَسودُ
بدأَ وصفِي بامتيازٍ. تخيَّلْ ذلكَ! لقدْ كنتُ بوعيٍ مضاعفٍ مرَّةً أُخرى،
أُشاهدُ أَربعةَ أَولادٍ يؤرجحونَ فرحتَهمْ علَى أَريكةٍ قديمةٍ ذاتِ عجلاتٍ
قبلَ أَنْ يحبطَ هذَا الجدارُ المستقبلَ، لذَا كانتْ دُموعي أَوَّلَ مَن حيَّاهمْ؛ إِنَّهمْ يلعبونَ لعبةً.
9.
أُغنيةٌ: فِلسطينُ تَبقى وطنًا منقسمًا، لَا يتجوَّلُ فيهِ إِلَّا السَّوادُ.
10.
الدُّموعُ! لكنَّ الذُّعرَ يمكِّنُني أَنْ أُسمِّي فيلمًا لهذَا الإِطارِ هوَ الشُّعورُ بالذَّنبِ، والتَّالي هوَ الصَّداقةُ: ماَذا أَنا فِي فِلسطين؟
أَمْ أَنَّهُ صَوتي المصرُّ علَى القصَّةِ، بعلاماتٍ معيَّنةٍ، فِي همساتٍ -ماذَا أَعني
بالرُّوحِ؟- الحربُ والانتفاضةُ والدِّماءُ مثلَ النَّدى فِي الحقولِ….
القصَّةُ حقيقيَّةٌ.
11. الجدار
عمليَّاتُ القتلِ مثيرةٌ، قالَ الجدارُ، وبشكلٍ غيرِ رسميٍّ:
(1) الطِّفلُ الرَّضيعُ يحاولُ-؛
(2) النِّساءُ فِي-؛
(3) الكلابُ نائمةٌ؛
(4) الأَولادُ.
-ماذَا أَعني بالرُّوحِ؟- مولدُ أُمَّةٍ يَعني دائمًا موتَ أُمَّةٍ سابقةٍ.
12.
أَجلسُ هُنا بالقربِ مِن طريقِ بايو، كلُّ الطّحالِ مرَّةً أُخرى. الرِّجالُ الفلسطينيُّونَ الَّذينَ أُحاولُ أَنْ أَنظرَ إِليهمْ بعينيَّ يحدِّقونُ بنصفِ قصدٍ؛ إِنَّهمْ لَا يعرفونَ أَنَّني أَعرفُ أَنَّهمْ يعرفونَ أَنَّني عابرةٌ- لكنِّي أَنا السَّيِّدةُ، نفْسُها، الدَّاخلةُ.
تخترقُ مشيتُها ليلةَ نيو أورليانز الرَّائعةِ. لقدْ أَحبُّوا مشيتَها.
13. الجدارُ
لكنِّي كنتُ أَقولُ: إِنَّ مولدَ أُمَّةٍ يَعني دائمًا موتَ أُمَّةٍ سابقةٍ.
إِسرائيلُ حقيقيَّةٌ، وحقيرةٌ، فِي ذهنِ شخصٍ مَا.
14.
شعرتُ بذلكَ. لقدِ اقتنعْتُ. الفيلمُ يتقشَّرُ أَمامَ عينيَّ، فِلسطينُ واحدةٌ فقطْ،
وجعلتُ الاحتجاجَ ضدَّ هذهِ الحقيقةِ لَا يمكِنُ الدِّفاعُ عنهُ، كمَا لوْ أَنَّني أَستطيعُ أَنْ أَرى فِي تلكَ الحقولِ،
رأَيتُ سرقةَ وخنقَ نَفْسي.
15. التَّضامنُ موجودٌ
مَا هوَ الشَّيءُ الثَّابتُ فِي التَّضامنِ؟ كلُّ مَا أَعرِفهُ هوَ أَنَّهُ لَا تزالُ المشانقُ والصُّلبانُ؛ لَا تزالُ الأَشواكُ- ثمَّ كانَ الفسفورُ الأَبيضُ يشكِّلُ ظلًّا سريعًا لصبيٍّ يُدعَى الحرِّيَّةَ- فِي الهمسِ، وفِي علامةِ السَّتائرِ- أَنا علَى بُعدِ مسافةٍ إِلى حدٍّ مَا.
أَعتقدُ أَنَّ الاعترافَ هوَ معرفةٌ لاحقةٌ. حقُّ العودةِ.
16.
معرفةٌ أَبطأُ. لأَعلمَ أَنَّها كانتْ رَغبتي فِي رؤيةِ نَفْسي ذلكَ الصَّبيَّ الَّذي كنتُ أَراهُ، وذلكَ الأَلمَ ليكونَ فِي نَفْسي مرَّةً أُخرى، أَلمًا أَسودَ، الأَكثرَ ضررًا.
17.
أَعتقدُ أَنَّ الاعترافَ هوَ معرفةٌ أَكثرُ خطورةً، وامتيازُ خدعةٍ، وعلَى سبيلِ المثالِ حينَ تَذْكرني مريمُ اللَّيلةَ،
وتمَّ التَّذكيرُ بهِ، فقطْ، حيثُ المكانُ الَّذي يتمُّ فيهِ تصنيعُ الفسفورِ الأَبيضِ.
“أركنساس، أَيُّها الطِّفلُ! أُوهْ، نَعمْ-”
أَتساءَلُ: هلْ يمكِنُ لفِلسطينَ أَنْ تكونَ سوداءَ؟ تكونَ فِلسطينُ زنجيَّةً؟
وتوأَمَ شعبِ الكريول.
ويمرُّ عبرَ«-غريبٍ-»ميناءُ نيو أورليانز ذاكَ».
يستطيعُ-
18. نقطةُ تفتيشٍ
(إِنَّهمْ يلعبونَ لعبةً.)
— يحتفظونَ بمنزلٍ منقسمٍ،
كيفَ يتجوَّلُ السَّوادُ فقطْ؟
صَديقتي. «أُوهْ، إِنَّها مريضةٌ-”
19. نقطةُ تفتيشٍ
ينزلقُ الضَّوءُ علَى وجهِ الجسمِ. الظَّلامُ يفعلُ.
20. نقطةُ تفتيشٍ
اللَّقطةُ التَّاليةُ مألوفةٌ:
صفوفٌ منَ القطنِ مغموسةٌ فِي اللَّونِ الأَحمرِ التَّاريخيِّ؛ والفلِّينِ المحروقِ؛ والغربانِ. صفوفٌ منَ الرَّصاصِ ممزَّقةٌ فِي مَا يشبِهُ الجلدَ فِي الأَحياءِ الفقيرةِ، والأَلمَ-
لكنْ-
21. نقطةُ تفتيشٍ
— أُحاولُ مرَّةً أُخرى: إِنَّهمْ جنودٌ كمَا أَرى، إِسرائيليُّونَ، والزَّمنُ المضارعُ فقطْ، وكانَ يَنبغي أَنْ أَقولَ هذَا منذُ سنواتٍ.
كانَ يجبُ عليَّ أَنْ أَعترفَ بهذَا المقالِ، والَّذي تمَّ توضيحهُ بينَ القصيدةِ والرّوايةِ منذُ سنواتٍ. قصيدةٌ غنائيَّةٌ طويلةٌ، ومساحةٌ منَ الطُّموحِ البرِّيِّ، وفوضَى كلِّ أَعمالِ العنفِ الَّتي شهدتُها-
22.
— والجَمالُ.
يجبُ أَنْ أَكرهَ هذهِ الخطورةَ، وأَعمالَ العنفِ تلكَ، وهذهِ الصِّداماتِ السَّهلةَ الَّتي أَقومُ بِها منْ مادَّةٍ إِلى فكرةٍ أَو مَا أُحبُّ أَنْ يُعجبني.
لكنِّي أُحبُّ أَنْ أُعجَبَ، لرفعِ التَّشبيهِ الغنائيِّ، وليستهلكَ الطَّريقةَ الَّتي تَحمِلُ بِها العينُ الصَّفحةَ نحوَ الأَسفلِ؛ وأَسفلِ الطَّاقةِ الضَّحلةِ لصوتِ رأْسي الآنَ؛ لأَنَّني أَفعلُ ذلكَ، وإِلى أَقصى درجةٍ-
23. فاصلةٌ منقوطةٌ
— إِلى الطَّميِ. هذهِ الفواصلُ المنقوطةُ المتراكمةُ، النُّقطةُ العلويَّةُ مثلَ هدفِ بندقيَّةِ الجنديِّ، والفاصلةُ المتدلِّيةُ لكيفيَّةِ توقُّفِ الموتَى يجبُ أَنْ أَكرهَها؛
يجبُ أَنْ أَبصقَ، يجبُ أَنْ-
24. حاجَةٌ
— أَحتاجُ إِلى تفكيرٍ أَصعبَ، هوَ الصَّرامةُ الممزوجةُ بالعنايةِ، وإِمكانِ ذلكَ، هذَا كلُّ شيءٍ، غيرُ مهذبٍ، وغيرُ متساوٍ-
مِثلَ بعضِ مناطقِ نيو أورليانز الجنوبيَّةِ الفريدةِ، الَّتي تَشغَلُ رغبةَ نفسيَّةِ عَقلي، والكلماتِ الَّتي تُقلِقني عنِ الوجودِ.
25. الحرِّيَّةُ تتوسَّلُ
لنفترضْ أَنَّ حرِّيَّةَ الشِّعرِ يمكِنُ أَنْ تكونَ خطرًا عليهِ، أَيمكِنُ أَنْ يكونَ الرَّسمُ؟ وماذَا فِي ذلكَ؟
حاولتُ فِي [مدينةِ] القدسِ؛ وحاولتُ فِي [مدينةِ] الخليلِ-
لكنِّي رأَيتُ كلَّ مَا كنتُ بحاجةٍ إِلى رؤيتهِ فِي العملِ المتسلسلِ المجهدِ للمظلَّةِ المتدليَّةِ الَّتي لَا تزالُ قائمةً- تلكَ الهمساتُ، العلاماتُ المؤكَّدةُ- صخورٌ تُسقَطُ علَى رؤوسِ أَصحابِ المتاجرِ؛
أَلتقطُ مقطعَ فِيديو للرَّجلِ الفلسطينيِّ وهوَ يقولُ: «ارجعْ. قُلْها».
26. مَن يريدُ تسليمَ إِنجيلِ التَّهدئةِ يعلَمُ أَنَّني لَا أَستطيعُ إِرضاءَهمْ، ويعلَمُ أَنَّني لَا أَستطيعُ إِيقافَ هذهِ الدُّموعِ الصَّادقةِ.
27. امرأَةٌ تسيرُ ليلًا
حتَّى الآنَ فإِنَّني أَمشي، عينايَ مثلَ تذكيرِ سيِّدةٍ بِهدفي معَ الحقيقةِ.
فِلسطينُ تبكي وطنًا مقسومًا، حيثُ يُلعَنُ السَّوادُ أَنْ يجوبَ، ونحنُ نتشاركُ القبَّةَ.
صَديقتي، انْظُري فِي عينيَّ. إنَّ عدمَ الحصولِ علَى وطنٍ يختلفُ عنِ الحرمانِ منَ العودةِ، وأَلا نتأَلَّمُ كِلانا منْ أَجلِ الوطنِ؟
العبوديَّةُ حقيقيَّةٌ؛ مِثلما يَبقى الاحتلالُ حقيقيًّا؛ ومِثلما سماءٌ مخيطةٌ بشكلٍ متقاطعٍ ومطرَّزةٌ مَع خطرِ التَّحوُّلِ حقيقيَّةٌ:
لَيالينا معًا أَنينٌ منفردٌ.
28.
أَعنِي، لمْ أَتوقَّفْ عنْ دحرجةِ هذهِ الأَنا علَى وجنتيَّ، ومَن طلبَ الشَّاهدَ؟
29. الشَّاهدُ
أَنا أَوَّلًا رأَيتُ نَفْسي كالعارِ الَّذي أَخذتُهُ لنَفْسي كاملًا منذُ تلكَ السَّنواتِ-
لكنْ كتبْتُهُ بعيدًا عنهُ.
30.
أَعتقدُ أَنَّ العالمَ الحرَّ ممكِنٌ. أَنا مقتنعةٌ.
رأَيتُهُ فِي جمالِ الأَرضِ الَّذي لا يزالُ يغنِّي،
كيفَ تجعلُ فِلسطينُ همهمةً ذهبيَّةً فِي فَمي. رأَيتُها فِي غيرِ المتحاربةِ الآنَ، تلالُ رامَ الله المتموِّجةُ حاولتْ قَدمي علَى الأَقلّ أَنْ تسيرَ عليْها بصراحةٍ وشعرتُ-
31. نقطةُ تفتيشٍ
— نعمْ، صدًى. ماذَا يمكِنُني أَنْ أَتخيَّلَ الآنِ؟
32. نقطةُ تفتيشٍ
مَا هيَ العيونُ الجديدةُ الَّتي يمكِنُنِي المطالبةُ بِها؟
33. نقطةُ تفتيشٍ
مَا الَّذي يجبُ أَنْ تعترفَ بهِ حقًّا كيْ تَكونَ حرًّا؟
34. نقطةُ تفتيشٍ
لقدْ جرَّبتُ جَسدي وتَفكيري تمامًا في فِلسطينَ تلكَ، وماذَا فِي ذلكَ.
35. نقطةُ تفتيشٍ
وهلْ كنتُ مخطئةً؟
الهوامش
1 – ريكي لورينتيس؛ من مواليد العام (1989) في نيو أورليانز- لويزيانا، ونشأ فيها. حصل على درجة الماجستير في الفنون الجميلة من جامعة واشنطن في سانت لويس. لها مجموعة شعرية بعنوان «الصبي والشوكة».
وبخصوص هذه القصيدة، فقد ذكرت الشاعرة أنها وصلت أول مرة إلى فلسطين عبر معبر الأردن، إلى مهرجان فلسطين للأدب 2016، وعلى الرغم من أن هارتمان، الأمريكي الأسود الوحيد الآخر في القافلة برفقة نخب مثل جي. إم. كوتزي وسعدية هارتمان، عبروا بسهولة، إلا أنها منعت لمدة ساعة عند نقطة التفتيش الأولى.