1
أُفِيقُ فِي الصَّبَاحْ
عَلَى عُيُونِ الشَّمِسْ
وَأَغْسِلُ الْوَجْهَ الَّذِي رَأَيْتُهُ بِالأَمْسْ
وَأَلْبَسُ الْقِنَاعْ
وأَبَدَأُ التَّأْلِيفَ وَالتَّدْوِيرْ
أُحَاوِرُ الْمُمَثِّلَ الصَّغِيرْ
أُغَازِلُ الْمُمَثِّلَةْ
أُسَطِّرُ النَّهَارَ بِالأَدْوَارْ
وَأَشْتَهِي نِهَايَةً مُشَوِّقَةْ
وَلَوْ
وَلَوْ بِمُشْكِلَةْ
حَتَّى إِذَا حَلَّ الْمَسَاءْ
لَمْ يَبْقَ غَيْر أن أَرَى النَّوْمَ الَّذِي
يَأَتِي إِلَى الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ مِثْلَ مَوْتَةٍ مُؤَجَّلَةْ
وَهَكَذَا الْعُمْرُ مَضَى
فِي كُلِّ يَوْمٍ حَلْقَةٌ فِي حَلْقَةْ:
كَأَنَّنِي أُؤَلِّفُ الْمُسَلْسَلاَ
فَهَلْ مَضَى الْعُمْرُ إِذَنْ سَبَهْلَلاَ؟
2
أَفْطَرْتُ بَعْدَ قَهْوَةِ الصَّبَاحْ
فَالأَرْضُ تَبْقَى الأُمّْ
بَبَرِّهَا وَبَحْرِهَا وَحُضْنِهَا الْحَجَرْ
وَكُلِّ مَا أَكَلْتُهُ
مِنْ قُوتِ هَذِي الأَرْضْ
كَانَ بِوَزْنِ حَبَّةٍ فِي سُنْبُلَةْ
تَنَاثَرَتْ حَيَاتُهَا
وَاجْتَمَعَتْ وَكَتَبَتْ: سَبَهْلَلاَ
3
أَحْبَبْتُ فِي طُفُولَتِي
تِلْمِيذَةً فِي الْمَدْرَسَةْ
وَقُلْتُ: يَا فُؤَادِيَ الصَّغِيرْ
يَا فَرْخُ ذُقْتَ الْحُبّْ
مِنْ ابْنَةِ الْجِيرَانْ
مُبْتَدِئًا مِنْ نَظْرَةٍ بَرِيئَةْ
مُنْتَهِيًا بِحَفْلَةِ الْعِقَابْ
مِنْ مُعَلِّمِ الصِّبْيَانْ
وَضَرْبَةٍ فِي الْقَلْبْ
وَلَمْ أَتُبْ
فِي آخِرِ الْمَطَافْ
صَدَّقْتُ أَنَّ الْحُبّْ
يَحْلُو إِذَا اسْتَقَرّْ
كَالشِّعْرِ وَالأَدَبْ
فِي بَاطِنِ الْكُتُبْ
كُلُّ النِّسَاءِ بَعْدَ طِفْلَةِ الْجِيرَانْ
غَرِقْنَ فِي بُحَيْرَةْ
سَمَّـيْـتُهَا النِّسْيَانْ
مِيَاهُهَا تَبَخَّرَتْ سَبَهْلَلاَ
4
أَحْبَبْتُ أَنْ أُحِبَّ امْرَأَةً وَاحِدَةْ
وَخِفْتُ مِنْ هَوًى يَمْضِي كَمَا الْهَوَاءْ
ثُمَّ أَنَا صَدَّقْتُ أَنَّنِي حَبِيبُهَا
كَقَابِضِ الرِّيَاحْ
سَبَحْتُ فِي ضِفَافِهَا
لَكِنَّمَا
ظَرْفِي هُنَاكَ شَاءْ
وَظَرْفُهَا مَا شَاءْ
وَهَكَذَا رَقَصْتُ فِي زِفَافِهَا
هَنَّأْتُ مَنْ أَخَذَهَا فِي اللَّيْلْ
وَنَامَ فِي ذِرَاعِهَا الْعَرِيسْ
وَنِمْتُ فِي كَابُوسْ
وَفِي الصَّبَاحِ انْطَلَقَتْ قَصِيدَتِي الْعَرُوسْ
مَطْلَعُهَا: سَبَهْلَلاَ
5
سَافَرْتُ فِي قِطَارْ
وَاقْتَرَبْتْ مَحَطَّتِي
وَدَّعَتُ مَنْ وَدَّعْتُ مِنْ
أَقَارِبِي الْمُسَافِرِينْ
إِلَى اللِّقَاءْ
يَا أَصْدِقَاءْ
اقْتَرَبْتْ مَحَطَّتِي
لَمْ أَخْتَرِ الْقِطَارَ لَكِنْ فَاتَنِي الْقِطَارْ
بَلْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِنْ قِطَارْ
فِي لَوْحَةٍ شِعْرِيَّةِ الإِطَارْ
فِي الْجِدَارْ
مِسْمَارِهَا: سَبَهْلَلاَ
6
لِي سَاعَةٌ فِي جَسَدِي
عَقْرَبُهَا يَدُورُ إِذْ أَقُومُ لاَ يَنَامُ إِذْ أَنَامْ
فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارْ
وَمَرَّةً وَاحِدَةً يَلْسَعُنِي فِي مَوْضِعِ الأَجَلْ
فِي لَحْظَةٍ مَجْدُولَةْ
فَأَشْتَهِي اللِّقَاءْ شَهْوَةَ السَّمَاءْ
إِلَى جُذُورِ سُنْبُلَةْ
وَأَنْتَهِي سَبَهْلَلاَ
7
الآنَ قَدْ مَضَى
مِنْ عُمْرِيَ الَّذِي انْقَضَى
مَا قَدْ مَضَى
لَمْ أُنْقِصِ الْعُمْرَ الَّذِي تَرَجَّلَ
مِنْ عُمْرِيَ الَّذِي تَأَجَّلَ
فَهَلْ غَدِي
ذَاكَ الَّذِي لِلآنَ لَمْ أَعِشْ
وَلَمْ أَقِسْ
ذَاكَ الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَ شَمْسْ
ذَاكَ الَّذِي إِنَ جَاءَ ثُمَّ رَاحْ
نَادَيْتُهُ:
يَا أَمْسُ
يَا نُسْخَةَ الْغَدِ الْمُمَاثِلَةْ
خِتَامُهَا سَبَهْلَلاَ؟
8
يَا هَلْ لِحَدِّ الآنَ
مَا عِشْتُهُ قَدْ عِشْتُهُ حَقِيقَةٌ
أَمْ كِذْبَةٌ مُسَجَّلَةْ؟
فَإِنَّ مَا مَضَى لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْوَرَاءْ
كَالنَّهْرِ لَمْ يَعُدْ أَدْرَاجَهُ الْمُبَلَّلَةْ
لَعَلَّهُ السَّرَابْ؟
وَهَلْ؟ وَهَلْ؟
وَهَلْ حَيَاتِي فِي خِتَامِ الأَسْئِلَةْ
كَانَتْ هِيَ الْجَوَابْ
عَنْ كُلِّ هَذِي الْهَلْهَلَةْ.
وَالسِرُّ فِي سَبَهْلَلاَ
9
قُبَيْلَ أَنْ أَنَامَ أَخْلَعُ الثِّيَابْ
وَأُقْنِعُ الْقِنَاعَ بِالْغِيَابْ
أُصْغِي إِلَى السَّلاَمِ فِي وِسَادَتِي
وَأَجْلِبُ النَّوْمَ الَّذِي يَطِيرُ فِي السَّرِيرِ
بِغِنْوَةٍ عُنْوَانُهَا:
سَبَهْلَلاَ
فَيَرْجِعُ الصَّدَى:
لَلاَلَلاَ
لَلاَلَلا.
لا .
منصف الـمزغنـي \
\ شاعر من تونس