أحمد بلحاج آية وارهام
كاتب وشاعر مغربي
فِي رَفَارِفَ خُضْرٍ
تَجِيءُ
مُعَطَّرَةً
بِتَوَارِيخِهَا،
تَكْتُبُ الْمَاءَ فِي سَالِفٍ
وَالشَّجَرْ
فِي أَخِيها
الَّذِي فَطَمَتْهُ الْمَنَافِي،
هُنَاكَ يَدٌ
تَشْرَبُ الرِّيحَ
فِي كَأْسِ صَمْتٍ
وَتَمْسَحُ دَمْعَ الْمَدَى
بِمَنَادِيلَ يُتْمٍ
كَأَنْ نَبْضَهَا
عُشْبُ ذَاتٍ
تَقَمَّصَهَا وَعْيُهَا
فَارْتَدَتْ هَجْسَهَا،
هِيَ بَابٌ
لِمَا نَسِيَتْهُ الْكُهُوفُ
عَلَى كَلْسِهَا.
كُلَّمَا الْمَاءُ عَادَ إِلَى جِذْرِهِ
وَلَدَتْ
ضَوْءَهَا الْأَرْضُ
فِي خِفَّةٍ
وَرَمَتْ
فِي الْغِيَابِ
مَشِيمَةَ هُوِّيَةٍ
وَقَفَتْ
لُغَةً
فِي حُلُوقِ الزَّمَنْ.
الشَّجَرَةُ الَّتِي كُنْتُهَا
كَانَتْ قَدْ نَزَلَتْ
مِنْ غَيْمَةٍ
نَسِيَتْهَا جَدَّتُهَا
فِي فَلَكِ الشُّرُودْ،
كَمِ اشْتَقْتُ إِلَيْهَا
وَالكَوْنُ يُبْحِرُ فِيَّ
يُحِيلُنِي
جرْوًا
سَمَاوِيًّا،
فِي عَيْنَيْهِ
تَغْزِلُ الْأَرْضُ أَسْمَاءَهَا
ثُمَّ تَمْشِي
بِأَنَاةٍ
كَحُبْلَى
تَنْتَظِرُ الشُّهُودْ.
لَيْسَ مِنْ بَصْمَةٍ
تُثْبِتُ الرُّوحَ
إِنْ سَافَرَتْ
فِي غَيَاهِبِ مَا مِنْهُ جَاءَتْ
كَشُعْلَةِ وَهْمٍ،
هُوَ الصَّمْتُ
بَيْتُ الظُُنُونِ
إِذَا خَرَجَ الظِّلُّ
مِنْ جِلْدِهِ
وَاسْتَوَى سَرْحَةً
تَتَأَمَّلُ أَعْضَاءَهَا
فِي مَرَائِي الْإِنَاثِ،
وَتَحْلُمُ
أَنْ تَتَزَوَّجَ ذِئْبًا
يُؤَانِسُهَا
فِي عَرَاءِ الْفَرَاغِ
وَفِي حِنْدِسِ الْكَلِمَاتِ
الَّتِي تَأْكُلُ الطِّينَ
حِينَ يُصَلِّي
لِغَيْرِ دَمِهْ.
مُقْمِرٌ
نَفَسُ الْخَوْفِ فِيَّ
عَلَى حَائِطِ الْعَيْنِ
تَرْقُصُ أَلْوَانُهُ،
رَقْصُهَا
مَاعزٌ
فِي سُفُوحِ الْهَوَاجسِ
يَجْذِبُ أَسْلَافَهُ
بَعْدَ أَنْ يَلِجَ اللَّيْلُ
فِي سَمِّ سَكْرَتِهِ،
خَرَجَتْ أُمُّهُ
تَمْشِطُ الْأَرْضَ عَنْهُ
تَصِيحُ
النَّبَاتُ لُغَاتُ خُطَاهَا
إِذَا فِي الْهَجِيرِ
تَمَطَّى صَدَاهَا،
سَمِعْتَ الَّذِي مِنْهَا سَالْ:
(الكَذِبُ مِظَلَّتِي،
كُلَّمَا
مَسَح أَعْمَاقِي الْغُبَارُ
الْتَفَتَ النَّهَارُ
وَأَلْقَى عَلَى عَوْرَةِ فَمِي
صَحْوَةَ أَلْوَانٍ
عَلَّهَا
تُلَمِّعُ أَظْفَارِي
بِتَحِيَّةٍ
يُشْرِقُ مِنْهَا
وَقْتٌ
لَايَصْعَقُ
وَرَائِحَةٌ
تَنْزِلُ الْأَعَالِي
فِي ضِيَافَةِ أَحْلَامِهَا.
لَوْ صَدَّقْتُ الغُبَارَ
لَكُنْتُ غَيْرَ نَفْسِي
وَلَفَتَحَتِ الْأَنْهَارُ طَرِيقَهَا
فِي جَسَدِي).
أَصَاخَ دَمِي
نَدِيَتْ فِي عُرُوقِي
سَمَاءٌ
تَلَبَّسَهَا شَجَنٌ،
هَلْ تُسَمِّي السَّمَاءُ حِكَايَتَهَا
لِبَصِيرٍ؟!
وَتُشْعِلُ فَانُوسَهَا
فِي عِظَامِ الْعَدَمْ؟!
أَصَابِعُكِ ائْتَلَقَتْ
مِنْ مَحَابِرِ رُوحِي
وَضَلَّتْ بَسَاتِينُهَا
فِي مَعَانِي انْفِتَالِي
لَكِ النَّفْسُ أَوْقَدَتِ الْحُلْمَ
حِينَ اسْتَوَيْتِ
عَلَى جُرُفٍ
مِنْ هَشَاشَتِهَا
غَيْرَ أَنَّكِ غُصْتِ بِهَا
فِي وُحُولِ اللَّهَبْ.
تَلْهَثُ الشَّمْسُ خَلْفَ أَسْمَائِهَا. للِرِّيحِ عَرَبَاتٌ مَمْلُوءَةٌ بِأَكْيَاسِ النَّدَمِ. لَا قَطْرَةَ تَسْأَلُ عَنْ وَطَنِ شَهْوَتِهَا. لَا أَحَدَ يُطِلُّ عَلَى ذَاتِه بِذَاتِ غَيْرِهِ. عَيْنٌ وَاحِدَةٌ تُحَدِّقُ فِيَّ. مُنْذُ أَلِفِ الزَّمَنِ إِلَى مَا بَعْدَ يَائِهِ. تَكْتُبُ فِيَّ الْحَقِيقَةُ عَمَاءَهَا. بِاسْمِ فَاكِهَةٍ لمْ آكُلْهَا. بِأَنَامِلِ سَحَرٍ مُبَلَّلٍ بِضَوْءِ الْغَوَايَةِ. هَلْ يَشْرَبُ الْوَقْتُ مِنِّي وُجُودَهُ أَمْ أَشْرَبُ مِنْهُ أَنْفَاسِي الْمُكَرَّسَةَ لِلْغِيَابْ؟!. ذَاكَ مَا تَكْتُبُهُ أَصَابِعُ العَاصِفَةِ فِي خَيَاشِيمِ الظَّلَامِ بِحِبْرِ الِالْتِبَاسْ. لَمْ أَكُنْ أُعِيرُهُ قَفَصَ شَهْوَتِي، وَلَا سُمُوقَ غَيْبُوبَتِي. كُنْتُ قَطِيعَ وَهْمٍ يَمْضَغُ عُشْبَ السَّرْنَمةِ، وَفِي حَدَقَةِ الْمَاضِي يُغْنِّي. لَيْلِي يَجُرُّنِي إلَى شَفْرَتِهِ بِمِغْنَاطِيسِ صَبْوَتِهِ. فَوْقَ أَنْفَاسِي تَبْنِي الْأَسْمَاءُ أَعْشَاشَ طُيُورٍ، بِغَيْرِ أَجْنِحَةٍ تَطِيرْ. بُيُوتَ نَارٍ لَا تَحْرِقْ. هِيَ اللُّغَةُ الَّتِي تَسِيلُ خُرَافَةً فِي مَسَامِّ الدَّهْرِ حَامِلَةً أَكْثَرَ مِنْ سَمَاءٍ. مِنَ اللاَّلَوْنِ جَاءَتْ. يَا أَيَّتُهَا اللُّغَةُ الَّتِي تُمْسِكُ الْيَدَ عَنْ صَوْتِهَا، وَالْجَسَدَ عَنْ أَحْلَامِهْ. صُبِّي نَبْضَكِ فِي نُقْطَةِ الْبَرْقِ وَاعْبُرِي. لِي قُبْلَةُ حِسِّكْ. أَشْتَغِلُ بِهَا حِينَ يُعْوِزُنِي رَغِيفُ الْبَرَاءَهْ. كَمْ نَهْرٍ عَبَرَنِي إِلَى أَمْسِهِ فَفَقَدَ الذَّاكِرَهْ. كَمْ غُرَابٍ فِيَّ لَبِسَ (أَلَانْ بُّو). تُشْرِقُ مِنْ مَوْتِهَا الأَشْيَاءُ لِتَلْمَسَنِي بِرِيشِهَا. الْجِبَالُ الَّتِي تَسَلَّقْتُهَا فِي النَّوْمْ. تَسَلَّقَتْنِي فِي الْيَقَظَهْ. ذَرَّةَ لَيْلٍ صِرْتُ تَحْتَ أَقْدَامِهَا. تُبْصِرُنِي الْأَصْوَاتُ مِنْ قَعْرِ وَجَعِهَا.
وَجَعٌ
مِثْلَمَا الْمَاءُ
أَعْمَى،
يُخَاتِلُ بَابَ الْأَسَامِي
عَلَى شَفَتَيْهِ رُغَاءٌ
وِفِي دَمِهِ
سُنْبُلٌ
صَاعِدٌ
فِي امْتِدَادِ الْغُيُوبِ،
إِذَا مَا تَمَطَّى
تَمَطَّتْ جِهَاتُ اغْتِرَابِي،
فَكُونِي نُضَارِي
لِكَيْمَا أَكُونَ حُضُورَكِ
مِنْكِ جَوَارِحُ صَحْوِي
تَمِيرُ فَوَاكِهَ صَعْقَتِهَا،
عَنْكِ دُلِّي عَمَايَ
لِتُبْصِرَنِي
فِيكِ بَعْضُ مُنَاكِ
الْهَوَى شُعْلَةٌ
فَوَّقَتْ قَوْسَ غُرْبَتِنَا
وَاخْتَفَتْ فِي ضَرِيمِ الْأَزَلْ.
تَبِيتُ بِنَبْضِي
خُطَاهَا
الشَّوَارِعُ شِرْيَانُ وَقْتٍ
يَتُوهُ بِهَا حُلْمُنَا
وَالْأَنَامُ ظِلَالٌ
تَصُبُّ صَدَاهَا
لِجَامِ الْأَمَلْ.
حَرَنَتْ شَمْسُ بَعْضِيَ
مِنْ شَمْسِ بَعْضِي
فَقُلْتُ يَدِي بَلَدُ الْغَيْبِ
أَقْرَأُ فِيهَا سُؤَالَ الْكَوَائِنِ
عَنْ جُرْحِهَا،
وَأُمَدْمِدُ شِرْعَةَ قَلْبِي
إِلَى أُفُقٍ لَمْ تَلُكْهُ الْحُرُوفُ
الْمَعَانِي
حِبَالَاتُ مَكْرٍ
تَصِيدُ بِهَا
لُغَةُ الرَّمْلِ
مَنْ خَانَ ضَوْءَ الرُّؤَى
بِدُخَانِ اسْمِهِ،
وَعَلَى حَائِطِ الْذَّاتِ نَطَّ
بِظِلِّ الْخَبَلْ.
يُشَدْشِدُ شَكٌّ
يَقِينَ الَّذِي كَانَتِ الْأَرْضُ صَهْوَتَهُ
وَتَدُسُّ بِأَنْفَاسِهِ
رَغْوَةَ اللَّيْلِ،
كَمْ نَفَسًا
شَدَّ أَوْدَاجَ هَذَا الْمَدَى؟!
قَمْحَةٌ
مَكَرَتْ
بِالطُّيُورِ الَّتِي فَرَشَتْ دَمَهَا،
وَارْتَدَتْ
رُوحَ مَنْ يَقْطَعونَ الطَّرِيقَ
عَلَى النُّورِ
يَسْتَلِبُونَ خَسَارَاتِهِ مِنْهُ
بِالْكَرْكَرَاتِ
كَأَنْ لَازَوَرْدُ الْغِنَاءِ
عَبِيقُ هَوَاهَا.
دَمٌ شَجَرٌ
يُطْعِمُ الصَّمْتَ
حِينَ الْغُرُوبُ
يَمُدُّ إِلَى سُرَّةِ الْوَهْوَهَاتِ
أَنَامِلَ سَمْعِهِ،
دَعْ لِي رُقَاقَةَ حُلْمٍ
أُوَاصِلُ مِنْهَا الْكَلَامَ
مَعَ الْمَاءِ
قَبْلَ انْشِغَالِهِ بِالنَّارِ
فِي يُتْمِهَا،
يُتْمُهَا حَانَةٌ
عِنْدَ سَيفِ الْفَراغِ
تَؤُوبُ إلَيْهَا الْمَشَاعِرُ
بَعْدَ هُبُوبِ الْوُعُولِ
عَلَى هُوَّةِ
الْقَيْظِ
مَطْعُونَةً بِالْغَسَمْ.
تَمُدُّ لِسَانَ التَّظَنِّي
شِيَاهُ الصَّدَى
تَعْلَكُ الْوَقْتَ
قُوتًا
كَأَن لَوْنَهَا سُنْبُلٌ
فِي حُقُولِ النَّدَمْ.
النَّدَمُ بَيْتُ الْأَشْيَاءِ حِينَ تَصْحُو عَلَى نَفْسِهَا. ثَكِلُهُ النَّفْسُ كُلَّمَا فَرَكَ نَهْدَ مَا يَهْوَى. ذراعُهُ مِنْجَلٌ يَهْوِي بَرْقًا عَلَى عُنُقِ الاِرْتِيَاحْ. يَا وَجْهًا أُسْطُورِيَّ السِّمَاتِ. كَيْفَ تَتَذَكَّرُ مَنْ لَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا هُوَ؟! هَذِهِ أَحْرَاجٌ تَأْكُلُ عِظَامًا تَرَكَهَا فِي خُرْجِ الصَّدْمَةِ صَيَّادُ الظَّهِيرَةِ. تَبِعَ آلَاتِ قَنْصِهِ الْمُتَحَوِّرَةَ أَيَائِلَ بِقُرونٍ مِنْ عَسْجَدٍ. لُهَاثُهَا عِطْرٌ تَنْحَنِي لَهُ الْأَشْجَارُ. خَلْفَ أَغْصانِهَا تَرَى لَونَهُ. هِيَ سَعْلَةُ الْأَسْلَافِ تَرْقَى سَلَالِمَ الْبَدَاهَةِ كَجُنْدُبٍ تَغْسِلُهُ الْبَرَارِي بِلِيفَةِ النَّهَارْ. مُتَّكِئًا عَلَى شَيْبِهِ يَسْمَعُهَا صَخْرُ الطُّمَأْنِينَةِ. لَا مِنْهُ أَعْلَمُ بِكِتَابِ الْمحْوِ وَالإِثْبَاِتِ. وَلَابِكِتَابِ الْبَذْرَةِ فِي رَحِمِ اللَّيَالِي.
تَأْتِي
مُكَعَّبُ سُكْرِهَا
يَضَعُ الْجِهَاتِ عَلَى الْجِهَاتِ،
وَكَفُّهَا
ضَوْءٌ
يَذُوبُ الْجَيْبُ مِنْ أَسْرَارِهِ،
مَغْسُولَةٌ
بِنَدَى الْيَوَاقِيتِ الَّتِي
هِيَ نُقْطَةٌ
فِي النَّبْضِ
تَحْلُمُ بِاكْتِمَالِ سَمَائِهَا
وَسَمَاؤُهَا
قَبْلَ السَّمَاءِ تَبَرَّجَتْ
شَهَوَاتُهَا لَهَبًا،
تَحَوَّتْ مُهْجَةً
فِي الطِّينِ مَشْتَلُهَا،
وَفِي لَوْحِ الْأَبَدْ.
هِيَ نَفْخَةُ الْأَسْمَاءِ
فِي الْأَكْوَانِ
لَيْسَ يُسَاوِرُهَا الْكَبَدْ
بِتَوَابِلِ الْأَحْقَابِ جَاءَتْ،
مَشْيُهَا
عُشْبُ اللَّطَافَةِ
لَوْ فَتَحْتَ لَهُ
فُؤَادَ الْبِيدِ
صَارَ خَمِيلةً
تُؤْوِي السَّنَا
وَتَقُولُ:
(لَيْسَ سِوَى الْمَحَبَّةِ
يَغْسِلُ الْحِقْدَ الْمُجَمَّدَ
فِي ظِلَالِ الْأَرْضِ
مُنْذُ دَمِ ابْنِهَا
فَوْقَ اسْمِهَا جَمَدْ).
غَمَسَتْنِي يَدًا فِي جِفَانِ النَّهَارْ
لِأُطْعِمَ قَلْبًا تَضَاغَتْ مُنَاهْ
وَلَكِنْ مُنَايَ غَدَتْ كَالْجِرَارْ
يَكْرَعُ الصَّمْتُ مِنْهَا حُرُوفَ سِوَاهْ
الصَّمْتُ عُرْفُ دِيكٍ
يَتَقَدَّمُ الْأَنْفَاسْ
تَرَاهُ اللُّغَةُ
وَلَا تَرَاهُ الْمُسَمَّيَاتْ
مَنْ دَخَلَهُ رَأَى
وَمَنْ لَمْ…
بَقِيَ عَلَى حَافَةِ الدُّجَى،
هُوَ لِبَاسُ الْكَائِنِ
فِي عُرْيِ وُجُودِهْ
بِهِ تَلْأَمُ الذَّوَاتُ شُقُوقَهَا
كُلَّمَا فِيهَا انْهَدَمَ الْمَعْنَى
وَاْسْتَوَى عَلَى إِبْرِةِ فَرَقِهِ
مِنْ سُخَامِ الْوُضُوحْ،
الْوُضُوحُ سَلَّةٌ
تَتَعَفَُنُ فِيهَا فَوَاكِهُ الظَّنِّ
إِذا لَمْ يُشْرِقْ
عَلَيْهَا التَّدَاوُلُ
في أَسْوَاقِ الذَّاكِرَهْ
وَلَمْ تَقْضِمْهَا
أَسْنَانُ الاِنْشِدَاهِ
فِي غَفْلَةِ الضَّوْءْ.
الضَّوْءُ مَاءٌ
يَسْرِقُ الٔفَرَاشَ
مِنْ ذُهُولِ وَجْدِهِ
يُمِدُّهُ بِنَغْمَةٍ
تَخْضَرُّ مِنْهَا النَّارُ
كُلَّمَا
مَشَتْ عَلَى
سُقُوفِ حُلْمِهَا،
لِحُلْمِهَا زَغْرَدَةٌ
وَرَاءَهَا
تَسِيرُ قُطْعَانٌ
بِأَخْفَافِ الشَّذَى
تَعْزِفُ للِتَّمِّ
وَلِلْغُرُوبْ
عُشْبَ بَدَاهَةٍ
وَبَسْمَةَ حَجَرْ
حَتَّى يُفِيقَا مِنْ بُخَارِ سَرْنَمَهْ.
إِحْسَاسِكَ السَّمِيكُ بِالْفَرَاغْ
يُعِيدُهَا إِلَيْكْ
فِي رَنْوَةِ النُّسْغِ
وَفِي تَمِيمَةٍ
مَكْتُوبَةٍ
بِشَهْوَةِ الْغَجَرْ
عَلَى إِهَابٍ
مِنْ تَنَفُّسِ السَّحَرْ.
أُدْخُلْ بَرِيدَهَا
بِنَقْرَةٍ
شَبِيهَةٍ
بِكَأْسِ حَيْرَةٍ
تَكُنْ وَجِيبَهَا الَّذِي
تُطِلُّ مِنْ شُبَّاكِهِ الْأَشْيَاءُ
إِنْ مَدَّ الْعَدَمْ
خُرْطُومَهُ
فِي قَصْعَةِ البَقَاءْ.
نَفْخَةٌ تَسْكُنُ طِينًا لِيُصَلِّي
فِي مَحَارِيبِ الْهَوَى قَبْلَ التَّجَلِّي
وَيُسَمِّي مَا يَشَاءُ الْقَلْبُ كَوْنًا
طَازَجَ الْحِكْمَةِ مَعْسُولَ التَّحَلِّي
لِاكْتِمَالِ الْوَصْلِ فِيهِ سُبُحَاتٌ
لَيْسَ تَفْنَى بِانْجِرَاحَاتِ التَّمَلِّي
أَعْشَبَتْ
رَائِحَةُ الْخَلْقِ
اسْتَوَتْ
فَوْقَ جُودِيِّ الْمَعَانِي
نَثَرَتْ أَحْرُفَهَا
بَيْنَ أَثْلَامِ التَّمَلِّي،
وَمَشَتْ
عِطْرَ سُهَادٍ
تَحْتَ أَضْلَاعِ الظُّنُونْ،
تَحْرُثُ الْأَيَّامَ بِالْأَضْدَادِ
لَا لَوْنَ لَهَا
هِيَ بَابٌ
ذَاهِبٌ فِي الْيُتْمِ،
رُؤْيَاهُ قَمِيصٌ
كُلَّمَا
مَرَّتْ عَلَيْهِ النَّارُ
صَلَّتْ رَكْعَتَيْنْ
وَإِلَى الْأَحْلَامِ مَدَّتْ قُبْلَتَيْنْ.
فِي نَبْضِهَا السِّرِّيِّ
سَقَطْتُ وَهْمًا
وَسَقَطَتْ جَوْقَةُ طَبَّالِينَ غَيْمًا
كُلٌّ يَمْسَحُ طَاولَةَ شَهْوَتِهِ
وَيَلْتَفِتُ إِلَى فَخِذِهَا
ذَاكَ الْمُطِلِّ مِنْ شُقُوقِ الرَّغْبَةِ
كَعَسَلٍ مَاذِيٍّ
فِي جِبْحٍ مُقَدَّسٍ
لَمْ تَصْنَعْهُ الْمَلِكَةُ
غِبَّ انْخِطَافِهَا،
كَانَتِ الدَّهْشَةُ تَشْرَبُنَا
فِي فنَاجِينِ الذُّهُولِ
رَشْفَةً… رَشْفَةً
كَقَهْوَةِ فَجْرٍ يَحْتَضِرْ،
وَكُنَّا طَنِينَ هَلَاوِسَ
نَصْنَعُ التَّوَابِيتَ
ثُمَّ نَمْتَطِيهَا إِلَيْهَا،
مُكَرْكِرِينَ يَجْذِبُنَا
مِغْنَاطِيسُ صُمَاتِهَا
وَهِيَ تَتَأَوُّدُ ضَفِيرَةً
كَضَوْءِ اللَّانِهَائِي.
أَهِيَ حَقًّا
بِلَا مَلَامِحَ تَأْتِي
وَنَحْنُ نَرْسُمُهَا بِأَلْوَانِ أَعْمَاقِنَا؟!
كَذَبَتْ عَلَيْنَا الطَّبِيعَةُ
حِينَ كُنَّا نَحْبُو إِلَى ثَدْيِهَا
مُمَسَّدِينَ بِأَنْوَارِ بَرَاءَتِنَا
كَمَا فِرَاخُ طَوَاوِيسَ لَمْ تَنْبُتْ زِينَتُهَا
كُنَّا زَبَدَ رَنْوَةٍ
أَشَبَهَ بِالنِّكْرُوفِلْيَا
وِبِهُذَاءِ تُفَّاحَةٍ يَنْخُرُهَا السَّأَمْ،
يُشْرِقُ مِنَّا اللَّيْلُ
فَوَّاحًا بِعَبْهَرِ الْحِكَايَاتْ
وِبِجُؤَارِ الرَّمَادِ الْمُتَطَايِرِ
مِنْ مِجْمَرَةِ الْخُرَافَاتْ،
كُلُّ الْقَنَاطِرِ الَّتِي أَمَلْنَا عُبُورَهَا
مِنَ الزَّمَنِ الْمَيتِ
إِلَى زَمَنٍ يَتَشَكَّلُ حَيَاةً
هَوَتْ فِي السَّدِيمْ،
لَا نَجَاةَ مِنْ داءِ عِشْقِهَا
لَنَا
صَخَبًا تَمْتَدُّ فِي الْعُرُوقِ
كَمَوْجَةٍ تَقْرَأُ ذَبْذَبَاتِ الْوَهَجِ الْمُتَخَفِّي
بَيْنَ أَنْقَاضِنَا
وَالْغَسَقَ الْمُتَرَجْرِجَ تَحْتَ أَرْجُلِنَا،
تَضْحَكُ نُسُورُ مَشِيئَتِهَا
إِذَا فِيهَا غَرَسْنَا عُمْرَنَا
وَتَبْكِي
إِذَا مِنْهَا اقْتَلَعْنَاهْ.
عُمُرٌ بِدَرَجَتَيْنْ
كَوَجْهٍ بِلَا عَيْنَيْنْ
يَعْبُرُهُ نَقِيضُهُ
وَلَا يَرَاهْ،
أَلْقَتْهُ الْمَرَائِي
فِي حاوِيَةِ النِّسْيَانْ
قَدْ يَمُرُّ بِهِ قِطٌّ نَبِيلٌ
فيَمْنَحُهُ كِسْرَةً مِنْ حِكْمَةِ التَّسَكُّعِ
أَوْ قُبَّعَةَ شَبْلَانْ وَعَصَاهْ
فَتُصَفِّقُ لَهُ بِسُرَّتِهَا
الْخَسَارَاتُ الْجَمِيلَةُ
وَتَرْمِي لَهُ
هَذِي الْقَادِمَةُ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ
بَعْضًا مِنْ بِيتْكوِينْ الْأَمَلْ.