رشيد بن مالك
باحث وأكاديمي جزائري
لما بدأت التفكير في دراسة الإنجازات السردية لـلروائي الغربي عمران، كنت مخيرا بين عدة روايات: «بر الدناكل»، و«مملكة الجواري» و«مسامرة الموتى»، و«حصن الزيدي»، «قارون». وبعد تأمل عميق في مضامينها السردية، وقع اختياري على الرواية الأخيرة التي تطرح، من الناحية المنهجية، إشكالية التعامل مع النصوص السردية الطويلة، ذلك أن الإنجازات العلمية في البحوث الأوروبية الحديثة والمعاصرة تعاملت منذ مطلع القرن العشرين مع النصوص السردية القصيرة بدءًا من فلاديمير بروب في كتابه «مورفولوجية الحكاية الخرافية»1، ومرورا بـ أ. جوليان غريماس في بحوثه حول «الحبل الرفيع»2، و«الصديقان» لِـ غي دي موبسان3، وانتهاء بـِ “سندريلا” لـ جوزيف كورتيس4. ويثير هذا الإشكال مسألة في غاية التعقيد متعلقة بتقطيع النص السردي «الطويل». إجمالا، يمكن تقطيع النص الذي بين أيدينا إلى ثلاث لحظات أساس في فصول جاء توزيعها على النحو الآتي: حصن مرداس (ص.2)، حصن الزيدي (ص.85)، حصن الثورة (ص.175). ويتضمن كل فصل، من الناحية الشكلية، مقطوعات سردية بارزة حيث يتحول «حصن مرداس» إلى «حصن الزيدي» نسبة إلى مستشاره زيد الفاطمي، وصولًا إلى «مدفعية» الثورة التي يفجرها «جمال» ابن الشيخ «مرداس» القادم من القاهرة حيث خضع فيها لتكوين عسكري، وبعد أن سيطر الضابط جمال على الحكم يقوم باستبدال التسميات السالفة الذكر بـِ «حصن الثورة»، و«ساحة الثورة». تشكل الفئات الشعبية الثائرة لجانًا ثورية «لملاحقة من يشتبه في مناصرته للخونة أعداء الثورة».
صدرت رواية «حصن الزيدي» للكاتب اليمنيّ محمد الغربي عمران عن دار هاشيت أنطوان ببيروت، وتقع في 260 صفحة، وهي رواية فائزة بجائزة راشد بن حمد الشرقي للإبداع لعام 2019، والصادرة عن دار نوفل للنشر والتوزيع في بيروت، وقد سبق لروايته «يائيل» الفوز بجائزة الطيب صالح العالمية للرواية عام 2012. أصدر الغربي عمران مجموعة روايات هي على التوالي: “مصحف أحمر” سنة 2010، و «ظلمة يائيل» عام 2012، «الثائر» في 2014، و«مسامرة الموتى» عام 2016 5.
1.البناء العام للرواية
لا يمكن أن نفهم النص السردي بعامة، ونص حصن الزيدي بخاصة إلا إذا حددنا البداية والنهاية والتحولات التي تطرأ بينهما. ومن شأن هذه المقاربة المنهجية أن تجعل القارئ ينغمس في أحداث الرواية، ويقتفي أثرها عن كثب للإمساك بأبعادها الدلالية. وللوصول إلى هذا الهدف المسطر، سنقتصر على اللحظات الحاسمة من بداية رواية حصن الزيدي إلى نهايتها، وأهم بؤر التوترات والأحداث التي رافقتها والشخوص التي تقف وراءها.
1.1 بداية الرواية
تبدأ الرواية بوضع مضطرب يضع القارئ وجها لوجه أمام جريمة قتل الشيخ مرداس لابنه عبدالجبار:
“ملقى على الأرض وقد تشبثت أصابع عبدالجبار بفوهة بندق والده الشيخ مرداس الـ «قرنوف». ناظرا في عينيه يستجديه الرحمة.. بادله بنظرات مبهمة..
قطعها دوي رصاص قرنوفه”.
منظر صامت يغيب فيه التواصل اللغوي، ويحضر بقوة التواصل البصري حضورا يعبر من خلاله عبدالجبار عن مأساة حقيقية ماثلة في رغبته حمل الشيخ مرداس على اقتراف السلوك الإجرامي لوضع حد للألم والعذاب. لن يكتمل هذا المشهد السردي إلا بإدراج مقطوعة سردية أخرى تتضمن الحيثيات التي تمخض عنها هذا الوضع المأسوي:
«وكانت الطامة أن أصيب جبار برصاصة أسفل بطنه. انتشر الخبر بين الرعية لتنهار صفوفهم ويتشتت كثير منهم وسط الغابة مخلفين قتلى كُثر. حُمِلَ جبار على أكتاف رجاله خارج الغابة.
مُدد أمام والده.. الذي ركع متفحصا موطن الرصاص. أدرك أن ابنه نجا من الموت بأعجوبة .. لكنه سيعيش بقية حياته طريح الفراش لا يقوى على تحريك نصفه السفلي.. ولن يعيش حياته بكرامة.. قرأ جبار نظرات والده (…) ممسكا بفوهة بندق.. يستجديه بنظراته الخلاص.. أومأ إليه ليقرر الاستجابة لنظراته.. أغمض عينيه لحظتها وترك أصبعه تسحب زناد بندقه.. دوت رصاصات مزقت صدره. وسريعا ما انتشر مقتل عبدالجبار على يد والده (…) ثم وقف يتابع ابنه محمولا على أكتاف رجاله الماضين به نحو الحصن. لحظتها أقسم مرداس أنه لن يبرح المكان حتى يأخذ بثأره” (الرواية، ص.77).
إن الطامة، بوصفها حدثا أو سلسلة من الأحداث المأسوية، الرهيبة، والدموية، تعبر عن درجة كبيرة من العنف بين السلطة ممثلة في الشيخ مرداس الذي كلف القائد العسكري عبدالجبار لاسترجاع مهابة الحصن “ألا تريد أن أعيد للحصن مهابته”، الرواية، ص. 70)، تنتهي المعركة بإصابة جبار برصاصة أسفل بطنه. تشكل مهابة الحصن موضوع قيمة أساس تحراه القائد عبدالجبار من خلال قيامه بمجموعة من العمليات العسكرية شنها ضد العصاة بانضوائه تحت برنامج سردي ينتهي بهزيمة أسقطت كل الحسابات والمخططات التي من شأنها أن تعيد الاستقرار والأمن في ربوع الحصن. إن سقوط قتلى كثر في هذه المعركة الحاسمة، وإصابة جبار وهو ملقى على الأرض ممددا مشلول النصف السفلي يطلب الخلاص بتوجيه نظرات من مرداس الذي قرأ المشهد بالارتكاز على الظاهر. لقد وصل إلى قناعة مفادها أن حياة جبار تمثل المعادل الموضوعي لـ/لذل/ ، وأن /الموت/؛ في حالة استمرار وضعه الصحي المتدهور هو السبيل الوحيد لصون كرامته (“ولن يعيش حياته بكرامة”). ومع ذلك، فإنه متردد بين الإقدام على تصفية ابنه للاستجابة لندائه، والعزوف عن هذا الفعل الصادر أساسا، على المستوى الهووي، عن العاطفة الأبوية. ويمكن أن نمثل هذا، بالاستناد إلى المربع التصديقي، على النحو الآتي:
يعيش مرداس صراعا نفسيا حادا متأرجحا بين العقل والعاطفة الأبوية، وهو في وضع يتطلب اتخاد قرار مصيري، عاجل، وحاسم، وهذا ما يضعه أمام خيارين: الخيار الأول المستمد من العاطفة الأبوية، ومن مشاعره وأحاسيسه، يحركه رفض الاستجابة لدعوة ابنه جبار يتم فيها نفي الموتj، وتأكيد الحياةk:
مما يعني استمرار المعاناة وآلام الرصاص؛ حالة تكون مصحوبة بالذل. وفي الجهة المقابلة لهذه الحالة، يتم نفي الحياة (اللاموت) وتأكيد الموت الذي يعتبر السبيل الوحيد للخلاص على نحو ما يظهر ذلك في الشكل الآتي:
لكن الأمور لا تجري بهذه البساطة، ففي المنزلة الوسطى بين الحياة والموت، وقبل الانتقال إلى الفعل، وتنفيذ مطلب التصفية الجسدية، يبادل مرداس ابنه “بنظرات مبهمة ” تعكس حالة من التردد، والقلق الذي يعتريه؛ توتر نفسي حاد موزع بين العقل الذي يدفعه دفعا إلى وضع حد لحياته، وعاطفة تشوش على العقل لتحول بينه وبين تحقيق الإنجاز (بادله بنظرات مبهمة):
«ملقى على الأرض وقد تشبثت أصابع عبدالجبار بفوهة بندق والده الشيخ مرداس الـ«قرنوف». ناظرا في عينيه يستجديه الرحمة.. بادله بنظرات مبهمة ..»
«قرأ جبار نظرات والده (…).. ممسكا بفوهة بندق.. يستجديه بنظراته الخلاص..
أغمض عينيه لحظتها وترك أصبعه تسحب زناد بندقه..»
يتم فعل القراءة عبر التواصل البصري، والتواصل اللمسي الذي يحمل نوعا من الإصرار معززا بوحدات مضمونية تشي بالانتقال إلى تنفيذ القتل من خلال الإيماءة المحملة بمعنى مزود بالخفاء والسرعة حتى تكون استجابة مرداس فورية مستمدة من مجموعة قيم يحددها الطلب والاستجابة للطلب مرورا بأفعال وسيطة:
إذا دققنا النظر في هذا المقطع السردي؛ بدايته ونهايته والتحولات التي مسته، نلاحظ أن الوضعية الأولىj أتت مباشرة بعد إصابة جبار في المعركة، لم يعد يطيق آلام الرصاصة. فاستجداؤه، بنظراته، الرحمة من مرداس يعني، على المستوى الهووي، استهداف العاطفة الأبوية، وما تحمله من رقة، وعطف، وحنان لحمل مرداس على اتخاذ قرار تصفيته الجسدية ما دام تحت تصرفه الكامل. ومع الانتقال إلى الوضعية الثانيةk يتأسس مرداس فاعلا منفذا لرغبة الابن، ذلك أن مضمون الإيماءة يدل دلالة قاطعة على أن مرداس اتخذ قرار الاستجابة للنظرات. في هذه اللحظة السردية الحاسمة، وبالمرور إلى الوضعيةl، يفقد مرداس القدرة على التحكم في المشاعر، ونزولا عند رغبة العاطفة الأبوية يعتريه نوع من التردد بين الإقدام على الفعل والإحجام عنه. ولكنه سرعان ما يتجاوز هذه الحالة الهووية الصعبةm، ليفسح المجال «للعقل»، ويترك أصبعه تسحب زناد بندقه.. دوت رصاصات مزقت صدره. يبدو مرداس في لحظة التنفيذ مضطربا بين فتح العينين وإغماضهما؛ وهو اضطراب يعكس توتره الشديد النازع إلى استبعاد المشهد الدموي، ومن ثم إطباق جفنيها الواحد على الآخر حتى لا تكون الصدمة أعنف. ومع ذلك، فإن مرداس لم يقصِ المنظر الدموي من مجال رؤيته (يرى سيلان الدم من صدره):
«يرى سيلان الدم من صدره.. يتأمل عينيه الذاويتين محاولا رسم ابتسامة رضا يشجعه بها.. متسائلا: هل ما صنعته
صائبا؟!. للحظات ثم لفظ جبار أنفاسه»، (الرواية، ص. 2)
يحدث التواصل الجسدي في لحظة وداع، وتأمل أيضا بين أب مكلوم الفؤاد يتأمل متبصرا في ابنه مليًّا قبل أن يلفظ أنفاسه، مُستَغْرِقا بِالفِكْرِ وَالتَّأَمُّلِ لا بِالحِسِّ وَالتَّلَمُّسِ. تبصر ممزوج بحزن، وعطف، يتجلى في احتضان ابنه بحنو، وإشفاق، ودموع أقوى من أن يخفيها عنه، تنم عن حساسية مفرطة لا يمكن أن تصدر إلا عن عاطفة أبوية يميل فيها مرداس إلى التلميح دون التصريح حتى لا يزعج ابنه وهو يودعه. ويختتم السارد هذا المشهد بابتسامة مرداس الأخيرة.
1.1.1 الابتسامة المضغوطة
إذا توصل المنظرون6 إلى ضبط أنواع عديدة من الابتسامات، فإن الابتسامة في النص جاءت مضغوطة؛ إذ لا يمكن أن تتحول إلى مشروع ضحك يكون ممنوعا في هذه الحالة. فهي ابتسامة مصطنعة تخفي مشاعر ضعف الإنسان في أحرج اللحظات من عمره؛ ولكنه ضعف مرفوق بتأمل عميق يتحرك في اتجاهات ثلاثة. يبرز الأول في تأمل مرداس عيني ابنه الذاويتين المفتقدتين إلى النضارة والصفاء؛ ابتسامة تدل من ناحية على رضاه عليه، ومن ناحية ثانية، على تشجيعه لتحمل سكرات الموت. ويمكن أن نلمس الاتجاه الثاني في تساؤله: “هل ما صنعته صائبا؟!” علامة الاستفهام التعجبي، أو الإنكاري تُسْتَخْدَم عموما للتعبير عن الغضب أو الدهشة أو المفاجأة أو لتأكيد عبارة أو تعليق صغير. يعبر هذا الحديث الجواني على مشهد براني يمثُل في تقييم “فعل الخلاص” المتأرجح بين إمكانية الوقوع في الخطأ والصواب. لم يفصل مرداس في هذا التساؤل الذي يعبر عن حيرته، وغضبه، وحزنه وتأنيب الضمير. ولئن كانت الوحدات المضمونية لهذه الصور تتعالق معنويا لتشكل مسارًا صوريًا، على المستوى الخطابي، وتحيل على التوتر النفسي للوالد، فإنها على المستوى السردي تشير إلى معاناته، ورغبته في تصفية النقص الذي يعاني منه، ورغبته أيضا في فرض العقوبة ونقل الألم إلى المتسببين في قتل ابنه.
2.1.1 غضب مرداس
ومشروع الانتقام
بناء على ما سبق، ستعتري مرداس نوبات هووية، وتوترات نفسية لا خلاص له منها سوى التخطيط للانتقام:
“ثم وقف يتابع ابنه محمولا على أكتاف رجاله الماضين به نحو الحصن. لحظتها أقسم مرداس أنه لن يبرح المكان حتى يأخذ بثأره ” (الرواية، ص.77).
وهذا ما يدفعنا إلى القول إن الاتجاه الثالث يتجلى في تعهد مرداس بتنفيذ مشروع الانتقام. لا يتعلق الأمر هنا بتصفية نقص بسيطة تضع البرنامج السردي على مستوى تداول مواضيع القيمة، بل يرتبط بقضية تجري بين مرداس والمتحالفين ضده (شنهاص، قارون، عرام، الأخدام…). يظل البرنامج السردي للانتقام برنامجا تعويضيا يُنجز على مستوى الأهواء، وبالتالي، فإن التوازن البيذاتي intersubjectif المنشود هو نوع من التكافؤ الهووي. فإذا كان مرداس يعاني، فيتعين إنزال العقوبة على الجاني، وإلحاق الضرر به لجعله يعاني معاناة شديدة. فالانتقام هو إعادة التوازن في المعاناة بين المتناحرين. ومثل هذا التوازن ظاهرة بيذاتية، نوع من التنظيم الاجتماعي للأهواء، ومن ثم إعادة ترتيب الأمور، وإعادة توازنات المسرات والمطبات7. وهذا ما سنكشف عنه في أثناء معالجة تسيير مرداس للفعل السياسي.
3.1.1 مشهد النسوة النائحات
في هذه اللحظة السردية الحرجة، ينتقل السارد بالقارئ إلى الحصن لينقل له مشهدا حزينا تتصدره الذات الجماعية /نساء الحصن/. يتضمن هذا المشهد الحزين مجموعة من المقاطع السردية نضبطها على النحو الآتي:
j« كانت عيون نساء الحصن تراقب متسائلة..» (الرواية، ص.2).
k«ما لبث أن تصاعد نواح جماعي» (الرواية، ص.2).
l«تواصل نحيب النسوة لليوم الثاني» (الرواية، ص.2).
m«وللأسبوع الثاني تواصل نسوة الحصن نحيبهن» (الرواية، ص.2).
تجري الوحدات المضمونية للمقطع السرديj على مستوى التواصل البصري حيث تتم مراقبة ما يجري خارج الحصن لأخذ الحيطة والحذر والاحتراز من خطر قادم أو انتظار حدث آت. ومع الانتقال إلى الملفوظ الثانيk، تكون الأمور قد حسمت، ذلك أن تصاعد النواح الجماعي يفترض حدوث نقص على مستوى العامل الجماعي/النسوة/ (التساؤل) ينتهي بتصفيته من خلال برنامج التحري الذي أفضى إلى دخول العامل الجماعي في وصلة بالمعلومة بوصفها موضوع قيمة. وفور الحصول على المعلومة المتضمنة التصفية الجسدية لجبار، تنشأ بؤرة توتر تشي بدخول العامل الجماعي (النسوة) للتعبير عن حالة حزن شديدة بالنواح؛ وهو بكاء مصحوب بالصياح سرعان ما يتحول إلى نحيب وهو أقصى ما يصل إليه الحزن على الفقيد. فالقارئ إذن إزاء منحى تصاعدي على نحو ما يظهر ذلك في الشكل الآتي:
يبرز هذا الشكل توترا تراتبيا يبدأ بمراقبة ما يجري خارج الحصن، مرورا بالحصول على المعلومة، والنواح على الفقيد، ووصولا إلى النحيب بوصفه بكاء شديدا أو تنفُّسا سريعا عنيفا متقطّعا مصحوبا ببكاء ناتج عن انفعال وتقبّض تشنُّجيّ واختلاجات متتابعة في عضلات الصّدر.
وفي الجهة المقابلة للنسوة، تظهر شبرقة أم الفقيد التي وصلها خبر مقتله رافضة تصديقه رفضا قاطعا مفتوحا على معارضة النائحات الناحبات على نحو ما يظهر ذلك في الشكل الآتي الذي يمثل منظور شبرقة:
لم تتوقف شبرقة عن الاستمرار في سلوكها الإرادي دون مراعاة الظروف، ودون إعادة النظر في موقفها وهي مدركة تمام الإدراك أن ابنها جبار لن يعود.
4.1.1 العلاقة المتوترة بين شبرقة ومرداس
لا نغادر بداية النص دون أن نفحص العلاقة المتوترة بين شبرقة ومرداس الذي أعاد الاعتبار للحصن منتقما من الرعية بعامة، والمعارضة بخاصة مسترجعا بذلك مهابة السلطة.
ومن الواضح أن شبرقة مقتنعة تمام الاقتناع بأن مرداس هو قاتل ابنها دون أن تبحث عن أسباب هذه التصفية، ودون أن تأخذ في الحسبان طلب جبار الخلاص والموت لشدة مقاساة العذاب الأليم. وبتحقيق مرداس الإنجازات العسكرية والانتصار في المعارك التي قادها مستشاره زيد الفاطمي، انقلبت الأمور رأسا على عقب، عادت لشبرقة سكينتها في «الظاهر»:
المقطع السرديj:
“دخل من بوابة الحصن ليرى شبرقة وقد وقفت لاستقباله (…) لم يتردد حين هبط ووجهه ينضح بالسعادة.. دنت شبرقة تقبل ركبتيه كما كانت.. أمسك برأسها ورفعه ليرى وجها مستبشرا.. هامسته: أنتظرك لأهنئك بنصر طال انتظاره. طغت الزغاريد من حولها وقد أمسكت كفه بدلال.. واقتربت من أذنه: وأدعوك لزيارتي ولو للحظات.. وسأتركك تمضي إلى حال سبيلك بعد ذلك”، (الرواية، ص. 82).
المقطع السرديk:
“لم يتوقع كل تلك الحفاوة من شبرقة وهي التي جافته في آخر زيارة له قبل سنوات ولم تبالِ بدموعه.. عاهد نفسه يومها ألا يطأ لها دارا قط.. لكنه اليوم يحنث بعهده بعد أن هبطت باستقباله”، (الرواية، ص. 82).
في المقطع السرديj حظي مرداس بحفاوة الاستقبال، وكل المفردات الموظفة تندرج ضمن حقل معجمي يوحي بتحول جذري في موقف شبرقة. حتى يدرك الأبعاد الدلالية لهذا التحول، يميز السارد بين لحظتين حاسمتين في مسارها:
/قبل التقائها بمرداس/ عكس/ بعد فقدان ابنها وانتصار مرداس/
إن قراءة معمقة في هذه الثنائية الضدية، تجعل القارئ يدرك أن شبرقة عبأت كفاءتها، ومن ثم إرادتها لحمل مرداس على الانخراط في رؤيتها. فهي تمارس فعلها الإقناعي لتخفي كينونتها الحقيقية، ورغبتها في الانتقام منه؛ مما يعني إسقاط مشروع الانتقام بصورة مؤقتة. وحتى يتحقق لها ذلك تصنع ديكورا جديدا يشتغل اشتغال القناع الذي يبدأ بحفاوة الاستقبال، وتقبيل الركبتين، والتهنئة بالنصر، مرورا بطغيان الزغاريد من حولها، وإمساك كفه بدلال، وانتهاء بتوجيه الدعوة لزيارته. من شأن هذه الوحدات السردية أن تحمل مرداس على الانشراح، وتصرف نظره عن مشروعها وتمارس عليه الإغواء، واستمالته إلى الأهواء. ومن شأن هذه الوحدات أيضا أن تكشف عن برنامج ملحق يدعم المشروع الانتقامي.
حتى نفهم جيدا عمق هذا الاشتغال، نلجأ إلى نموذج مستوحى من الرياضيات والمعروف باسم 4 -مجموعة كلاين 4- Groupe de Klein الذي استغله ج. بياجيه J. Piaget في علم النفس بمعنى قريب من المنظور الذي تبناه جوزيف كورتيس في كتابه الموسوم بـ«التحليل السيميائي للخطاب من الملفوظ إلى التلفظ»8:
وبالاعتماد على هذا النموذج الذي سيوضح لنا الرهانات في النص وتحولاته العميقة، سنعرض على القارئ مربع الوضعيات التصديقية التي تدل على التمثيل البصري المنظم للمقولة الدلالية، وتحرك الشخصيات (مرداس، شبرقة، زهرة) من منطلقات الظاهر والكينونة على النحو الآتي:
تدرك شبرقة، في النقطة التي وصل إليها السرد، أن إحاطة مرداس بهالة من الحفاوة مجرد قناع يخفي كينونتها الحقيقية، وبالتالي فإن نفي هذه الكينونة يضعها في منزلة وسطى بين اللا كينونة والظاهر، وحتى تحقق بغيتها الماثلة في الانتقام من مرداس تعبئ كل عناصر كفاءتها (الإرادة، والوجوب، القدرة والمعرفة) للوصول إلى ظاهر يبرز صدق نيتها بإحالته على كينونة تجعل شبرقة في وضعية صادقة من منظور مرداس. وقد نجحت فعلا في تزييف الحقيقة، واستطاعت بدهائها نقله من الوضعية المتوهمة إلى الوضعية الصادقة. ومن شأن هذه العملية أن تجعله ينسى الظروف الصعبة التي مر بها في عهد سابق:
” لم يتوقع كل تلك الحفاوة من شبرقة وهي التي جافته في آخر زيارة له قبل سنوات ولم تبالِ بدموعه.. عاهد نفسه يومها ألا يطأ لها دارا قط.. لكنه اليوم يحنث بعهده بعد أن هبطت باستقباله”، (الرواية، ص. 82).
ينتظم هذا المقطع السردي وفق الثنائية الضدية :
«وقفت جواره ببشاشة.. تمد له برقَّة متناهية كأسها.. التقطه بفرح طفولي هامًّا بارتشافه.. فجأة علا صوت صارخ: لا تشرب.. إنها مسمومة» (الرواية، ص.83).
سقط القناع لتنتقل شبرقة من وضعية تبدو صادقة (سرية) إلى وضعية باطلة تكشف عن تصميمها الذهاب إلى أبعد حد. فهي تخفي الواقع الفعلي بالبشاشة والرقة اللامتناهية، واللطافة، وطلاقة الوجه، والوداعة، والليونة بحيث يعجز مرداس عن اكتشاف ما تدسه شبرقة في الكأس. فالوحدات المضمونية لهذه المفردات تصنع مشهدا آسرا، وعلى قدر كبير من الانشراح يثير هوى طفوليا بوصفه المعادل الموضوعي للبراءة التي ترفع عنها الشبهة وتخلصها من أي تهمة قد يوجهها إليها مرداس. ولهذا انطلت عليه الحيلة، ولم ينتبه إلى خيوطها. وعليه، فإن الظاهر يجلي اللاظاهر جامعا في هذه اللحظة بين الكينونة واللاظاهر. ومن ثم، تضع شبرقة نفسها في وضعية السر. ولكن سرعان ما يتدخل طرف ثالث “فجأة علا صوت صارخ: لا تشرب .. إنها مسمومة” ليقطع الشك باليقين، ويزج بشبرقة في ورطة لا خلاص لها منها. لحظة فارقة تعبر عن موقف مأزوم بعد ثبوت تهمة التسميم بشهادة زهرة التي أنجته من موت نافذ:
«لم أصدق ما يدور وعليك أن تشربي ما سقيته لي (قرب الكأس من فمها (…) أمسك برقبتها صارخا: هيا اشربي. ارتشفت الرشفة الأولى لترسم ملامح وجهها الطويل اشمئزازا. ثم فجأة أطبقت على كفه ممسكة بالكأس تعبه بشراهة ورغبة جامحة.. كانت ردة فعل مرداس منعها.. لم يستطع رغم محاولته انتزاع الكأس.. مضت حتى أفرغته في جوفها».
في هذه اللحظة الحرجة:
“كانت ردة فعل مرداس منعها.. لم يستطع رغم محاولته انتزاع الكأس. مضت حتى أفرغته في جوفها “، (الرواية، ص.83).
إنه مشهد انتحاري بكل ما تحمله الكلمة من معنى. لقد تسبب مرداس كرها، ثم طوعا، في موتها هربًا من وضع نفسي لا يطاق. يتجلى الإكراه في ممارسته العنف على شبرقة وتحريكها بصيغة آمرة لارتشاف الكأس: «عليك أن تشربي ما سقيته لي». ولكنه لم يلبث، بعد إحجامها عن تنفيذ الأمر، أن التجأ إلى استعمال القوة لحملها على شرب السم:
«أمسك برقبتها صارخا: هيا اشربي». يتميز التحريك، في هذا السياق، بالفعل الذي يمارسه مرداس لحمل شبرقة على تنفيذ برنامج التسمم: ينشأ هذا الفعل في لحظة استهوائية مثيرة تولد عنها اضطراب كبير بدأ بحيرة، ثم لم تلبث هذه الذات المتوترة أن فقدت توازنها باشتداد غضبها إلى درجة لم تطقها تمخضت عنها رغبته في التعنيف التي ظهرت واضحة في سلوكه باستخدام القوة الجسدية لإرغامها على شرب السم. ولفهم أدق تفاصيل هذا المشهد الدرامي، نعرض على القارئ الخطاطة الآتية حيث سنكون مضطرين من أجل تجلية مفاصل أحداثها الأساسية لتبني نظرية التحريك9 théorie de la manipulation، وفي الآن نفسه المنطق المعكوس logique à rebours القائم على الافتراضات المتبادلة:
تأخذ الخطاطة منحى تراتبيا حيث نشهد بداية توتر مرداسj«في لحظة اكتشاف الخطة المدبرة لتسميمه، وبعد شهادة زهرة وبصيغة آمرة، وعلى مستوى التواصل اللغوي، يحركها لشرب السم، ويزداد التوتر حدة باشتداد غيظ مرداسk»الذي يتخلى عن التواصل اللغوي بعد رفض شبرقة الاستجابة لشرب السم. ويعبر اشتداد الغيظ عن سخطه العنيف المصحوب بعدوانية، ويتم عبر تواصله الحركي مع شبرقة، وتزداد الرغبة في التعنيف حدة باستخدام القوة الجسدية بهدف الاعتداء عليها وتدمير ذاتها بتصفيتها. وهنا يبرز بوضوح الهوى الانفعالي ودوره في خلق الأفعال الجسدية التي تجسد ما ينتاب مرداس من أحاسيس ومشاعر، وبلوغ الغيظ أقصاهl.
وبالاعتماد على هذه الخطاطة، يتجلى التحريك في ثلاث صور: التهديد، والإكراه، والضغط. وعلى هذا الأساس، يأخذ التهديد النموذج الآتي المنتظم وفق أطوار أربعة:
إذا أولينا أهمية فقط لجهة القدرة على الفعل، فسنلاحظ أنها تنتظم انتظاما تتمخض عنه أربع وضعيات ممثلة في المربع السيميائي الآتي:
إن نظرة ملية في المربع، وبالارتكاز على النص، تكفي للتدليل على فقدان شبرقة ليس فقط حريتها (القدرة على الفعل)، بل القدرة على اللافعل، فهي خاضعة خضوعا مطلقا لسلطان مرداس (لا قدرة لا فعل) وعاجزة عجزًا تامًّا عن تخليص نفسها من الورطة التي حشرت نفسها فيها. فجميع الظروف تجري في الاتجاه المعاكس لرغبتها في الحياة. وحتى هامش المناورة للخروج بأخف الأضرار منعدم تماما. لقد شل مرداس قدرتها من جميع الجهات. وأكبر الظن أن شبرقة لـ-صون كرامتها- أقدمت برغبة شديدة ونهم كبير على ارتشاف ما في الكأس من سموم: “تعبه بشراهة ورغبة جامحة” (الرواية، ص. 83). لقد جاء رد فعل مرداس لمنعها من شرب السم متأخرا. ولا نبالغ إذا أقررنا أن اعتراضه لم يبرز بصورة مفاجئة إلا بعد تأكده من مضيها حتى إفراغه في جوفها، ومن ثم، مفارقة الحياة. فمرداس الذي يملك السلطة، بإمكانه منعها فقط بإعطاء أمر إلى أحد حراسه لافتكاك الكأس من يدها، حتى ولو تم ذلك باستعمال القوة. فمسألة افتقاده إلى القدرة في تلك اللحظة لا يمكن أن تنطلي على القارئ لأن مرداس يدرك جيدا أن شبرقة مصممة ومصرة على زهق روحها ومفارقة الحياة بشرف ولا أحد يستطيع أن يضع حدا لغضبها.. فالغضب هنا يشي بعنف رد فعلها المتوافق تماما مع الجرح العميق الذي خلفه سلوكه العدائي تجاهها في الماضي “عيناها تقدح غضبا” (الرواية، ص. 83).
وإذا كان الغضب هو السخط العنيف المصحوب بعدوان، فإن عينيها تتحولان، في هذا السياق السردي، إلى شرارة، ذرة متوهجة متطايرة من النار؛ وهي كناية عن بداية حرب أو ثورة أو انتفاضة. وتبدأ هذه المعركة باشمئزاز محمل بالحقد والغل، والانطباع العنيف الذي تذوب فيه المسافة بين الحاكم والمحكوم، ويتم فيه تجاوز كل الخطوط الحمراء. لا الخوف من مرداس يثنيها عن عزمها على مواجهته، ولا قلقها يفقدها توازنها النفسي للتصدي له مستهلة حديثها بتوجيه مجموعة من الاتهامات مندرجة ضمن خطاب حجاجي تسعى من خلاله إلى فضحه والتشهير به، ومواجهته، وإقناع من حوله بحقائق صادمة، فهي لا تطلب من الحضور التصديق على تأكيد قولها وإثباته، أو الإقرار بحقيقة ما جرى. ولا تحتاج إلى شهادتهم. حتى يدرك القارئ حقيقة ما جرى، ورهانات الصراع بين مرداس وشبرقة. سنعرض مجموعة من المقاطع السردية المرقمة المقتطعة من النص، لننظر بعد ذلك في مفردات وحداتها المضمونية لا في استقلاليتها، بل في علاقاتها بوحدات أخرى من المجموعة نفسها تستمد منها قيَمها الدلالية.
5.1.1 الذاكرة والاحتماء بالماضي
ولتحقيق كل هذا، يتوجب علينا الوقوف من جديد عند هذه النقطة من البحث للنظر في مبررات عودة شبرقة للاحتماء بالماضي، وتسخيره في مواجهة مرداس، ومن ثم، سنضطر، لدواعٍ منهجية لضبط مفاهيم الذاكرة، من الناحية النظرية، لاعتبارات عديدة، لعل أهمها هو أن العملية السردية مرتهنة في وجودها بما يجري حتما عبرها، كما أن الدراسة التطبيقية لا تستقيم دون اللجوء إلى الخلفية النظرية التي تعد السبيل الوحيد لإدراك وفهم العلاقات بين الشخوص في صراعاتها، ومناوراتها، وتحدياتها لبعضها البعض سواء أتلك التي جرت في الماضي وحددت مساراتها، وانعكاساتها أيضا في الزمن الحاضر، أم تلك التي وقعت في الحاضر واقتضى فهمها الرجوع إلى الزمن الماضي. من هذه الزاوية، سنواصل قراءتنا في هذا المبحث من هذه الدراسة في إطار نفس الرؤية المنهجية التي تتخذ المعطيات النصية موضوعا للتدقيق والتحليل. وقد خصصنا هذا المبحث المقتضب للذاكرة نظرا للأهمية البالغة التي تكتسيها في السرود الذاتية المرتبطة باسترجاع أحداث الماضي في رواية “حصن الزيدي”، التي وقعت فعلا استرجاعا يؤدي دورا بارزا في اتخاذ الساردة شبرقة قرارا حاسما ماثلا في تصفية مرداس الجسدية. وعلى هذا الأساس، سنقوم بجرد معجمي للمفردات التي تقع تحت طائلة الذاكرة سواء تعلق الأمر بتلك المشتقة منها، أو تلك التي تقيم علاقة قرابة دلالية معها كما سنوضح ذلك في الخطاطة الآتية:
إذا قرأنا المقاطع السردية المتضمنة داخل الدائرة، فإن القارئ قد يتساءل عن وجود تداخل بين اللحظة الحاضرة التي تواجه فيها شبرقة مرداس بصيغة ضمير المتكلم، وتسترجع، في الوقت نفسه، تجاربها معه بضمير الغائب (هو). يعد اختيار المؤلف للضمير الشخصي أمرًا حاسمًا لأن الانتقال من ضمير إلى آخر يغير وجهة نظر القارئ.
من الواضح أن الذاكرة تضطرب بين النسيان والتذكر في المواجهة التي تجمع بين شبرقة ومرداسoml،.تدرك شبرقة أن مرداس يتظاهر بفشل ذاكرته في استرجاع التجارب السابقة، وافتقاده إلى القدرة على استحضارها، ومنزعج من الرجوع إليها لا لتقادمها، بل لأنه لا يرغب في التواصل مع شبرقة في اللحظة الحاضرة. إن سكوته على ما اقترفه من جرائم، وافتقاده إلى القدرة على الرد على اتهاماتها المتسلسلة، ووقوفه مشدوها، ومبهوتا، وحائرا أمامها، إنما جاء بعد انقطاع كلامه. وإذا كان السكوت عمومًا يتحدد باستبعاد إبداء الرأي، والرد، وإفشاء السر، فإن مرداس لا يريد، ولا يستطيع التعبير عن نفسه. موقف يقوم مقام العلامة على الرضا، وعلامة على صحة حججها. فشبرقة في تحرّيها الحقيقة؛ تتقصى الآثار بوصفها بصمة أو سلسلة من البصمات أو العلامات التي يتركها مرور كائن أو شيء ما10. فلا وجود للواقع إلا بالعلامات ومن خلالها. فهي تريد إحياءها في ذاكرة الشهود. وعليه، فإن الماضي مستحضر كحقيقة دالة على ما جرى تدفعها دفعا إلى التعبير عن اضطرابها النفسي وتوترها الدال على غضبها الشديد.
الهوامش
(1) Vladimir Propp, Morphologie du conte, Editions du Seuil, Paris, 1965 et 1970.
(2) Algirdas Julien Greimas, Description et narrativité à propos de la ficelle de Guy de Maupassant.
Cette étude a été publiée d’abord dans la revue canadienne de linguistique romane, 1 /1, 1973, puis comme Documents GRSL, 1980, no13, puis in Du sens II, Paris, Seuil, 1983, pp. 133-155.
(3) A.J. Greimas, Maupassant, La sémiotique du texte : exercices pratiques, Seuil, Paris, 1976.
(4) J. Courtés, Sémiotique narrative et discursive, Hachette, Paris, 1976.
(5) https //ar.wikipedia.org/wiki/
(6) Jacques Corraze, Les communications non verbales, PUF, Le Psychologue, 1996.
Joseph Courtés, La sémiotique du langage, Nathan Université, Paris, 2003, p.p. 10,11.
(7) A.J.Greimas, Du sens II, Seuil, Paris, 1983, p.p.240, 241.
(8) Joseph Courtés, Analyse sémiotique du discours, de l’énoncé à l’énonciation, Hachette, Paris,1991,p.p.137-138.
(9) A.J.Greimas, Joseph Courtés, Sémiotique, Dictionnaire raisonné de la théorie du langage, Hachette, Paris, 1979.
أ.ج. گريماس، جوزيف كورتيس، السيميائيات، القاموس المعقلن في نظرية اللغة، دراسة وترجمة رشيد بن مالك، دار كنوز المعرفة، عمان الأردن، 2020، مدخل التحريك، ص. 467.
(10) Francoeur, L. (1989). Pour une sémiotique des traces. Études littéraires, 21(3), 177–194.
قائمة المراجع:
-Vladimir Propp, Morphologie du conte, Editions du Seuil, Paris, 1965 et 1970.
Algirdas Julien Greimas, Description et narrativité à propos de la ficelle de Guy de Maupassant.-
-A.J. Greimas, Maupassant, La sémiotique du texte : exercices pratiques, Seuil, Paris, 1976.
-J. Courtés, Sémiotique narrative et discursive, Hachette, Paris, 1976.
– https //ar.wikipedia.org/wiki/
– Jacques Corraze, Les communications non verbales, PUF, Le Psychologue, 1996.
-Joseph Courtés, La sémiotique du langage, Nathan Université, Paris, 2003.
– A.J.Greimas, Du sens II, Seuil, Paris, 1983.
-Joseph Courtés, Analyse sémiotique du discours, de l’énoncé à l’énonciation, Hachette, Paris,1991,
– A.J.Greimas, Joseph Courtés, Sémiotique, Dictionnaire raisonné de la théorie du langage, Hachette, Paris, 1979.
-أ.ج. گريماس، جوزيف كورتيس، السيميائيات، القاموس المعقلن في نظرية اللغة، دراسة وترجمة رشيد بن مالك، دار كنوز المعرفة، عمان الأردن، 2020،
– Francoeur, L. (1989). Pour une sémiotique des traces. Études littéraires, 21(3), 177–194.
– https://www.cnrtl.fr/.