لم نكن نحن الصغار ، أبناء المناطق الداخلية من عمان وابناء اوديتها وشهابها وجبالها المتناسلة عبر ذلك الفضاء الغامض بحيوانه وبشره ، تناسلا لا متناهيا ولا محدودا بسقوف وتخوم ، وكأنما مجرات الجبال والصخور التي تعوي في كهوفها الرياح مختلطة بعواء الذئاب وتفجعات بنات آوى في عرين متواصل من ازمان واحقاب مختلفة ، لم نكن نحن الصفار في مناطق الداخل الحجري من عمان ننظر الى منطقة الباطنة ، ذلك الشريط الساحلي الممتد بضيق واتساع احيانا ، عبر البحر من مسقط العاصمة الحالية وحتى حدود الساحل الشمالي لعمان ، الا بحيرة قادمة من ذلك الغموض الذي تتسم به تلك المناطق البحرية البعيدة بالنسبة الينا آنذاك ، وما يتسم به البحر من غرابة واعجاز لمثلنا . ففي تلك الفترة كان السفر على الحمير والجمال لا يتجشمه الا الكبار ، نحو الحج ، او الهروب من وضع كان لا يطاق او بهدف المبادلات التجارية البسيطة .
من هنا كان لذلك النسيج الساحلي المتلألىء بالبحر من قرى ومدن او اشباه مدن ، ما يوازيه في مخيلتنا من اقاصيص وخرافات اجداد واحفاد وأسواق سحرة وحروب قادمة من وراء البحار.
كانت منطقة الباطنة مثار خيالنا ، نحن ابناء الجبال، وسدرة منتهاه. وكانت مدينة صحار اكبر مدن الساحل ومركز اقتصاده وسياسته دوما في مقدمة خيال هذا النشيد الساحلي من عمان .
وعلى رغم قرب صحار من مناطق السهول والجبال من الجهة الاخرى فإنها فعلا معجونة بزبد البحر ولفته واحداثه . انها في حد ذاتها حدث بحري كبير.
هذه المدينة الواقعة على خليج عمان كملتقى طرق ملاحية كبيرة تشكل مركزا تجاريا وميناء شهدت اطوارا مختلفة من الاهمية المركزية ، وشهدت عهود ازدهار فذ في حقب مختلفة يعود بعضها الى ما قبل الاسلام كما تشير بعض الوثائق والحفريات الى صلات مع السومريين الذين اطلقوا على عمان اسم مجان . وحسب المؤرخ الاسطخري في عهد لاحق ، في كتابه "المسالك والممالك " كانت صحار عهد ذاك العاصمة ، يقيم فيها كثير من البحارة والملاحين الذين يتاجرون مع البلاد الاخري وهي اكثر المدن العمانية سكانا واكثرها ثراء ، ولم يكن يوجد على ساحل الخليج او أي بلاد اسلامية أخرى ما يفوق صحار ثراء وجمالا ووفرة في البضائع الاجنبية .
ورأي هذا المؤرخ الذي يستند في توثيقه الى تلك الفترة من الازدهار الذي لم يأت بالنسبة الى صحار كمردود وحيد لثروة طبيعية ثابتة ومستمرة على الرغم من ان عمان في تلك الفترة كانت تنتج سلعا كثيرة ذات اهمية في التجارة الآسيوية التقليدية كالنحاس والتمر وبيع الخيول والعنبر ، لكن هذا لا يؤدي الى نشوء مدن او مدينة بهذه الفخامة وانما على نحو اكثر حسما كان نشوؤها بسبب التجارة في السلع الكمالية والتوابل والمنسوجات والعطور والعقاقير بين الشرق الاقصى والهند ، من جهة ، وبينها وبين الشرق الأدنى وأوروبا من جهة ثانية .
ففي القرن السادس الميلادي وقبله بقليل كانت السفن التجارية تجوب الخليج وتمر بمدينة صحار ، كميناء ، في طريقها الى الهند والصين والشرق الاوسط ، وكانت تستغرق عودتها اكثر من عامين وهو اطول طريق عرفته القرون الوسطى من الخليج الى كانتون والصين .
وعلى رغم عظمة الدولتين كالهند والصين صناعيا وثقافيا في تلك الفترة ، الا انهما ليستا من الدول الملاحية في تلك العصور بل ظلت هيمنة الملاحة والتجارة في يد المسلمين ، العرب والفرس ، فكانت الموانىء الأربعة : صحار ، وبو شهر ، والبصرة ، وسيراف عالمية الشهرة والاهمية . وحسب بعض المؤرخين مثل العوتبي وياقوت الحموي في " معجم البلدان " فان القبائل والأسر العربية الكبيرة احكمت سيطرتها على مداخل الخليج بشقيه العربي والفارسي ، وكانت ذات اصل عماني خاضت صراعات للدفاع عن مصالحها في التجارة والملاحة في هذه المنطقة ، كالصفاريين الذين ينحدرون من بني عمارة من اسرة الجلندي بن كركر ، من قبيلة بني سليمة ، والذي نزح افرادها من عمان واقاموا في ساحل كرمان في مرحلة ما قبل الاسلام.
واخذوا في توطيد هذه السيطرة وتحصينها بجباية الضرائب والرسوم من السفن ، ونتيجة للقرارات التي اتخذوها وفق مصالح مشتركة ادت الى القضاء على سيراف الفارسية وتوجيه النشاط التجاري انذاك .
فابتداء من القرن الثالث الهجري تحول ميزان التجارة نهائيا لصالح صحار حتى غدت اهم مركز بين الاقطاع الاسلامية والمناطق التي تخضع فيها الملاحة للرياح الموسمية في الخليج وخارجه . واذا كانت الاحداث لعبت دورا في نمو صحار في تلك الفترة كمركز للحضارة العمانية ، فان عوامل متراكمة واساسية اخري، كالأسطول العماني الضارب والذي ساعد القائد العربي عثمان بن ابي العاص ضد الفرس .
والدليل الاكثر سطوعا على عمق هذه القوى البحرية ، الحملات التي قام بها الامام الجلندي بن مسعود لقمع التمرد والقرصنة والنيل من هيبة الدولة العمانية وكانت كل حملة من حملاته لا تقل عن مئة سفينة حربية .
وانتقل هذا الاسطول الى مرحلة اكثر قوة وفاعلية في عهد الامام غسان بن عبدالله في القضاء على القراصنة الهنود ومحو قواعدهم التي بنوها على مداخل الخليج .
كانت مدينة صحار التي تشير الاسطر السالفة الى اهميتها عاصمة ومركزا في فترة معينة من التاريخ العماني الذي تعاقبت اكثر من مدينة على قيادته روحيا وماديا حسب الظروف المختلفة.
انها صحار العاصمة الاستثنائية في هذا السياق . مثل ما وصفها الاسطخري السالف الذكر، كذلك يصفها الجغرافي الفارسي ابن حوقل مؤلف كتاب "حدود العالم" واعتبرها مستودع العالم تجمع منتجات الشرق والغرب والجنوب والشمال وتوزع منها على جميع المراكز التجارية وعندما كانت عمان تواجه مد الامبراطورية العربية الاسلامية الصاعدة على المستوى الكوني لكي تحتفظ بحيز من الاستقلال المذهبي والسياسي وتحتفظ بهوية المكان خوفا من الذوبان في الخضم الجارف لهذه الامبراطورية العظيمة ، كانت في مواجهة شبه مستمرة منذ عهود ما قبل الاسلام مع الجار الفارسي ، ومثلما اشرنا كانت القبائل العمانية والدولة العمانية تستوطن الاجزاء الفارسية المتاخمة في الضفة الاخرى لسنين طويلة مثل سيرأف وعبدان وبندر عباس، حتى ان عبدان كانت تحت القبضة العمانية لمئة سنة خلت .
وكانت فارس بدورها تحتل الشريط الساحل من عمان ، غالبا، وعلى رأسه صحار في فترات مختلفة ، وفق موزاين القوى التي تسود البلدين ، ووقعت تحت الاحتلال الفارسي اكثر من مرة عبر التاريخ وكانت هي البوابة التي يتدفق منها الفرس نحو عمان . وربما كانت اخر الغزوات الشهيرة الكاسحة ، في هذا السياق حين اغارت قوات نادر شاه التي قدمت من فارس ( 1155- 1157) كما سقطت في تلك الفترة كل من مسقط ومطرح ولم تصمد في هذا الغزو سوى قلعة صحار بقيادة الامام احمد بن سعيد الذي صارت عمان في عهده ذات شأن محلي ودولي، وهو جد الاسرة التي تحكم البلاد حتى اليوم . وبعد حصار طويل من قبل الغزاة ارغموا على الاندحار والانسحاب من كل انحاء عمان .
في الجانب المعرفي والثقافي ، ما فتـئت تتوهج في الذاكرة العمانية اسماء العلماء الذين انجبتهم هذه ا لمدينة كالعالم اللغوي الشهير الخليل بن احمد الفراهيدي الازدي المولود سنة 0 0 1 هـ في صحار وهو مبتكر علم العروض والايقاع في الشعر العربي وصاحب كتاب " العين ". وكذلك ابن دريد اللغوي والشاعر صاحب كتاب " جمهرة اللغة " وعدد من الكتب والدواوين الشعرية . وهذان العالمان توجها منذ وقت مبكر نحو البصرة ، حيث كانت محج علم ومعرفة ومنعقد صلات متعددة النوازع والطبائع بالنسبة الى العمانيين انذاك .
وكذلك المؤرخ النسابة، العوتبي سلمة بن مسلم ابو المنذر ، الذي لم يغادر صحار وكان في القرن الخامس الهجري ، وأهم كتبه " الابانة في اللغة " و " الانساب " و " الضياء " . تاريخ بالغ الثراء والتشابك والتعقيد.
واجلاء المعارف من مدينة بهذا العمق التاريخي الذي ما انفكت روابطه المتداخلة والدالة لحضارة عريقة ان تكون موضوع اهتمام الدارسين والباحثين ومحط انظار الرحالة والعابرين والاقتصاديين وخير وصف ما ذكره عنها المقدسي بانها "بداية الصين ومستودع الشرق ".
ولان تاريخ عمان قديمه وجديد " لايخلو من ذكر مدينة بهذه الاصالة التي اشرقت بعطاشها على قرون ليس فقط من كونها منطقة للفعل والنشاط الاقتصادي وانما كونها عاصمة سياسية ودينية تعدت حدودها الاقليمية الضيقة الى افاق شملت منطقة الخليج العربي والمحيط الهندي. والتي تشكلت على اثرها تسلسل حقب الدولة العمانية الى يومنا هذا.
والحديث عن صحار هو حديث عن الحضور المستجد الدائم كلما لاح ذكر التاريخ لمدن اثرت فى مسيرة الحضارة الانسانية فصحار هي منارة عمان وقصبتها.
فمملكة مجان العمانية التي ارتبطت بحضارة سوعر خلال القرن الثالث قبل الميلاد شكلت فيها صحار العاصمة التي ازدهرت بالعطاء فقد كانت ارضها عامرة يقوم اقتصادها على انظمة زراعية متطورة وقد ساعد توفير المواد الغذائية والبحرية على جعل سكان منطقة صحار يشكلون الركن الاساسي من اركان الاستيطان البشرى فى عمان .
ولعل فضاء وامتداد صحار وتقاطعها مع محاور البلاد العمانية مثل البريمي وام النار وابراء شكلت الخطوط الرئيسية التي تنظم فيها العلاقات وطرق التبادل التجاري من خلال تلك الحقبة الزمنية ما قبل الميلاد.
ومن المحتمل ان لعبت تلك المحاور دورا اساسيا فى تكامل الموارد وزيادة السكان وزيادة الطلب على السلع .
وقد استمرت صناعة صهر وتصدير النحاس من صحار الى ما بعد قيام الدولة الاسلامية ومن الواضح ان استغلال ذلك المصدر فى الفترتين العباسية والبويهية كان اكثر اتساعا عما قبله .
وتجدر الاشارة الى ان دارا "لسك النقود" كانت تعمل فى تلك الفترة وهى العملة النقدية العمانية الوحيدة التي بقيت فى العصور الحديثة .
وظلت صحار كمركز ثقافي واقتصادي وكمنطلق اساسي فى ارتباطها ببقية المناطق العمانية وايضا بعلاقاتها الاقليمية والدولية بالاضافة الى ذلك ظلت صحار رغم انحسار ادوارها كميناء دولي ميناء اقليميا هاما لمنطقة "توام " التي تشكل واحتي الظاهرة والبريمي التي كانت ترتبط بمنفذ وادى الجزى فضلا عن كونها كانت تشكل المركز الاداري لتلك المنطقتين .
فمنذ استغلال صحار لمناجمها فى منطقة وادى الجزى من القرن الثالث قبل الميلاد حسب الدراسات والبحوث التاريخية والجيولوجية فان تلك المناجم قد استمرت فى العمل حتى بداية القرن السادس الهجرى الثاني عشر الميلادي حسب ما ذكره المسعودي فى كتابه "مروج الذهب" .
فبجانب استخراج وصهر النحاس والزراعة وصيد الاسماك عرفت صحار صناعات أخرى متباينة على درجة من التطور مثل صناعة القرميد المحروق والزجاج واعمال الحديد، كما انه وجدت خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين "التاسع والعاشر الميلاديين " زراعة كثيفة امتدت على مساحات قدرت بـ 6.100 هكتار اي حوالي اربعة اضعاف المساحة المزروعة حاليا وهذه المعلومات تقدم فائدة كبيرة فى مجال التفسير الاثري لوسائل الري واستخدام الارض. وقد دلت الدراسات التي نشرتها وزارة التراث القومي والثقافة ضمن كتب سلسلة من تراثنا بأن الزراعة كانت بالفة التطور والممتدة على نطاق واسع ، فوجودها فى صحار لم يكن بالظاهرة الغريبة فى المنطقة بل تكمن اهمية صحار فى تحكمها فى شبكات الري وتصريف المياه حول الاودية ومجاري الا فلاج التي تشرف – عليها.
واذا كانت صحار قد تجلت معالمها فى مدونات التاريخ منذ امد طويل جدا في الازمنة القديمة فإن ما بين تاريخ وتاريخ تضعف احيانا بعض الحلقات فى تتبع تلك المسيرة وذلك الدرب خصوصا اذا كان ذلك التتبع عن مدينة بمثل هذا الحجم وذلك التأثير.
فاذا كانت صحار بوابة البر العماني ومفتاح الشرق قديما فان بعضا من سيرتها يخلو من فعل النشاط الذي يتميز بالبروز والحضور خلال بعض حقب تسلسل ذلك التاريخ .
فصحار هي أول مدينة عمانية استقبلت دعوة الاسلام فى عهد الرسول (ص) حينما حمل عمرو بن العاص دعوة النبي لاهل عمان لدخول الاسلام زمن حاكميها عبد وجيفر ابناء الجلندي.
ثم انتشر الاسلام بسهولة ويسر فى كافة وبوع عمان دون رمح او سيف .
واذا كانت صحار قد عرفت اول امامة فى تاريخ عمان فى عهد الامام الجلندى بن مسعود بن جيفر فى عام 751 ميلادية حينما ظهرت فى البلدان الاسلامية دعوات للتحزب وانتشار الفوضى والاضطرابات فقد مكنت هذه الامامة العمانيين من استعادة استقلالهم وعلى هذا الاساس اصبح بيد الائمة العمانيين مبرر لحماية الاسلام من الهراطقة والدخلاء وحماية البلاد مما شهدته البلدان الاسلامية من اضطرابات وقلاقل .
وفى عهد الامام الثالث الوارث بن كعب الخروصى فى القرن الثاني الهجوى حسب ما ذكره المؤرخ السالمي فى تحفة ونهضة الاعيان فان الوارث قام بنقل مركز الامامة من مدينة صحار الى مدينة نزوى التي ستصبح لاحقا مركزا للامامة العمانية بعيدا عن منطقة الشاطىء التي عادة ما تكون فريسة سهلة للطامعين للقضاء على تلك الخصوصية العمانية الفريدة .
واذا كان بنى امية وبنى العباس وغيرهما مرورا بالعثمانيين قد افلحوا فى السيطرة على عمان ووضعوها تحت لواء حمايتهم إلا فى ازمنة قصيرة ومحددة فان عمان بحكم موقعها البعيد نسبيا عن مراكز الخلافة قد سهل لها وضعية الاستقلال والتفرد بنظامها الخاص الذي هو سمة ميزها عن غيرها من اقطاع العالم الاسلامي.
واذا كانت صحار هي البوابة التي من خلالها قد وجه الطامعون انظارهم الى عمان فانها ايضا البوابة والثغر التي منها تشتت شملهم فالى جانب مناطق عمان الاخري ساهمت فى دحض اول احتلال كولونيالى تمثل فى الهيمنة البرتغالية على عمان والخليج العربي.
فان صحار كانت منفذا او بوابة امداد لمنع اولئك الغزاة .
كذلك كانت صحار ايضا البوابة والثغر الذي خلاله تفلفل الفرس الى بقية انحاء عمان وبفضل الجهود الجبارة لطرد المعتدى واسترداد عمان لاستقلالها وسيادتها التي تعيد لها ما ضاع من نفوذها فى الخليج ولتحقيق الوحدة الوطنية برز فى 1744م زعيم جديد هو احمد بن سعيد البوسعيدى الذي كان واليا على صحار كما جرت الاشارة آنفا و عندها هاجمها الفرس فانه رفض الاستسلام ونظم ائتلافا من كافة القبائل العمانية ضد الجار الغازي وقد كوفى ء على عمله هذا بانتخابه اماما للبلاد فكانت ولا يته بداية لحكم دولة البوسعيد التي مازالت تحكم البلاد حتى اليوم والتي صادف العام الماضي 1994 مرور 250 عاما على استمراريتها فى الحكم كأطول اسرة مالكة . استمرت فى الحكم فى البلدان العربية .
ومع بداية اشراق فجر 23 يوليو فى عمان والتي على اثرها تم تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس مقاليد الحكم فى عمان تغيرت النظرة كليا نحو البحث العميق لمدلولات مدينة بهذا الفعل الحضاري الضارب فى اعماق التاريخ وعلى اثر ذلك قامت حكومة عمان بالتوجه نحو الدارسين والباحثين فى مجالات التاريخ والتنقيب للاستدلال والكشف عن مدينة صحار القديمة .
وهناك عدة اعتبارات لمثل هذه الاستنتاجات حسب ما ذكرها الدارسون فى الكتب التي اصدرتها وزارة التراث القوس والثقافة والتي وضعت ضمن منشورات من تراثنا وهى تغير المواقع والمراكز بشكل جعل البحث لايستطيع تحديدها بدقة وحسم خاصة وان معظم البحوث والتنقيبات مازالت فى اطوارها الطامحة الى تحقيق ذلك وكما يقال فان المدن تتغير: تكبر وتشيب بعضها يختفى فى زحمة الحواضر ولكن صحار عكس ذلك فقد جمعت المجد من جهات واطراف وعناصر متعددة ولا يمكن لمدينة بمثل هذا الارث ان تكون مجرد ذكرى.
فهي تجدد نشاطها بمثل ما كانت عليا عبر كافة العصور.
مدينة للنشاط المتجدد خصوصا وان هذا التجديد قد وضعها اليوم ضمن قائمة المدن الاكثر حركة ونشاطا واستعادة للتاريخ ليس فقط فى حدودها المحلية ولكن بما يشبه النقلة النوعية التصاقا بماضيها الضارب في اعماق التاريخ وروحه الفاعلة عبر انماط تراثية خلاقة متجددة ابدعت في التعمير الحضاري لاشراقها المعاصر.
والزائر لايخفى اعجابه كونها مديتة لتاريخ والحضارة كانت وكما ستظل دوما.
سنذهب نحن نحو طفولاتنا واحلامنا نحو اوهامنا وستمضي صحار مزهوة بمجد ماضيها وشمس حاضرها مدينة مكللة بجلال الضوء وهدير البحر المختلط باصداء التاريخ وروعة الحاضر لمتحضر والمستقبل .
وربما افضل خاتمة لهذه الوقفات .الارشادات التاريخية المقتطفة من سياقات تاريخ بالغ الثراء والتشابك والتعقيد لواحدة من اهم المدن العمانية ، ما ناله الشاعر جريي عنه .
يقول جرير
«تنم بما فيها كأن طروسها
لطائم(1) اهدتها اليك صحار
(1) اللطائم : هي أوعية المسك
تحقيق: التحرير
عدسة: سيف الهنائي