الجزء الاول
في معبد من المعابد القديمة لمدينة سومر
تستوي عشتار ملكة على عرشها
يشع من محياها الألق والبهاء
بعدما وضعت على رأسها تاج السهول،
لفت جسدها بطيلسان السلطة،
قبضت بيدها على الصولجان اللازوردي ومسكت الختم.
تطوف بها عذارى المعبد مسدلات غلالاتهن الشفافة على وجوههن، لابسات حللهن الطقوسية، هائمات حبا، فانيات تعبدا وسط غيمات البخور واللبان المحروق.
يرقصن على ايقاعات نقر يطو ويخفت، ينبعث من طبلين كبيرين أمام وصيفتين تجلسان في مقدمة الخشبة واحدة جهة اليمين والأخرى جهة اليسار
والزوار يسكبون عطر الناردين أمام الآلهة عشتار المجسدة في شخص الملكة، يرشون زيت الزئبق عند قدميها ويحرقون العنبر البحري.
يتوافدون محملين بسلال عنب التلال وتفاح البساتين
ومشمش الجنائن وبرتقال السهول.
وبإشارة من الربة عشتار تتوقف كل حركة، تخر العذارى
ساجدات، تتقدم وزيرة الآلهة الى مقدمة الخشبة:
– "اليوم يتوقف كل شاك عن الشكوى وكل داع عن الدعاء وكل ناذر عن النذر وكل متضرع عن أية ضراعة، اليوم تنقلب الأدوار وتتبدل المواقع من أجل سماع قصة عشتار:
مأساة بحجم الآلهة.
من قال ان الآلهة لا تحتاج لحظة بوح
هي الأخرى ومن قال ان قصص الآلهة أقل مأساوية من قصص البشر.
عشتار تخرج عن صمتها:
– "امرأة مثلكن انا
امرأة من سلالة الآلهة
وامرأة من نسل النساء
على تموز وقعت عيني
أنا آلهة الأرض المرحة الشهوانية الشهية
أحببت تموز حبا جارفا
تموز اله النبات وتكاثر الحيوان
على تموز وقعت عيني
في أقصى جنوب سومر- في أكاد.
أقدس المدن السومرية
أنجذب بولع أحدنا الى الآخر
واتحدنا اتحادا رقيقا
في عناق انتشائي، لم ينفصم
طوال أشهر الشتاء الطويلة.
كان تموز يرعى في ظل شجرة "الأريدا"
في حقول غير دنيوية
قطيعا لا يرده بنو البشر
كان الاله الشاب يحمي حيوانات
السماء وحيوانات الأرض
ويدرأ عنها أخطار أشعة شمس
الظهيرة المحرقة،
هذه الأشعة،
اشتعلت في جسدي حينما
على تموز وقعت عيني…
من أجل لقاء تموز
بالماء البارد استحممت
بالصابون المعطر دلكت جسمي
"طيلسان السلطة"، ارتديت
وقد عرفت كيف أحمل 0 بإغواء كبير-
تموز على الاستجابة لدعوتي
كما عرفت كيف أحمل البيت
والحرم الممتلئين بالنشيد
على الابتهاج معي
أيقظت مداعباتي الشهوانية
الراعي اليافع،
فتوله بي وغدا بفعلها رجلا.
أراد تموز أن يبرهن لي عن
رجولته، فانطلق في الصيد والطرد،
كما برهن عليها في فراش الحب
والمتعة
ويا ليته ما انطلق في الصيد…
كان سكان سومر يتوجهون لي
بالدعاء
من أجل أن: أفتح أرحام النساء
فقررت وتموز أن نقيم مراسم
الزواج المقدس
في مدينة سومر،
من أجل سومر.
وكان على جميع النساء الاقتداء
بآلهتهن.
ان يتهيأن لعرض
مباهجهن – عن رضا- لانظار
الرجال لايقاظ غريزتهم وحثهم
على التمتع بأجسادهن
وكان على الرجال أن يحذوا
حذو تموز اله نمو النبات
وتكاثر الحيوان
الذي يخضع لاغواء انانا×
وسحرها.
ومن أجل نساء سومر ورجالها
أقمنا مراسم الزواج المقدس.
إنانا: عشتار
قبل لقائي بتموز
كنت قد منحت جسدي
الشهواني، العطش أبدا
جميع الذكور الأحياء فوق الارض
أما الآن فلم أعد راغبة إلا
في الرجل الوحيد الذي عرفت
الحب في أحضانه،
وعرفت ذلك الاحساس (الجديد علي)
بالامتلاء والكمال السعيدين لأناي الخاص.
ذلك الاحساس الذي لا يمنح إلا
للرجل والمرأة اللذين لم يخلق
أحدهما الا للآخر.
هذا الاشتهاء للواحد المفرد
جعل الآلهة التي – تفتح أرحام النساء-
مثالا تحتذيه جميع النساء
فليس بكاف أن تشبع لذة
الاتحاد الجسدي الحواس فقط
بل عليها أن تروي القلب أيضا
وقد روى تموز بالحب قلبي
عندما ضم قلبه إلى قلبي
وكل معانقاتي قبله لم تكن
تعادل عناقا واحدا من تموز
الحبيب الذي توج بالحب
قلبي.
كان تموز الحبيب أغلي من
جميع رجال الأرض مجتمعين،
كانت تفيض بحضوره – دون سواه –
كل حواسي بالأمل والرجاء
واصبحت تسيطر علي رغبة واحدة
هي وحدها صاحبة الشأن والتحكم بي
رغبة امتلاك الرجل الوحيد
الذي أحب
والسعادة كل السعادة في البحث عنه
والفوز به والاستسلام له.
كنت فخورة بأبي – سن – اله
القمر العظيم، في مدينة – أور-
أحدى كبريات مدائن سومر.
لذلك بعثت له برسالة أنبئه فيها
بنيتي التزوج من تموز
أردت أن استشير – سن –
من قبل أن أهب نفسي
لعاشقي في شوق وفي معبدي
– جيبار –
ـــــ
كنت أحب أمي – فنجال – كثيرا
وأعمل بنصيحتها، ولكن أحيانا
كنت أخادعها.
حدث ذلك، بناء على طلب من
عاشقي تموز، لكي أمكث معه
في الجنائن، على ضوء القمر الفضي
في الليلة الماضية
حينما قادني "تموز" الى بستانه
أدخلني الى جنيتنه
تمشيت معه بين أشجارها الباسقة
وتوقفت معه عند أشجارها الممتدة
ثم جثوت كما يجب عند شجرة التفاح
في الليلة الماضية ناجيت القمر
أنا آلهة الزهرة أيضا
((في الليلة الماضية فيما كنت أنا الملكة أشع ضياء
في الليلة الماضية فيما كنت أنا ملكة السماء أشع ضياء
كنت أشع ضياء، كنت أرقص طربا،
كنت أترنم بانشودة على اقتراب الضوء الساطع
التقى بي، التقى بي،
الرب وضع يده في يدي،
تموز، أنا ضمني الى صدره))
ادعيت التخلص من ذراعيه
لم أكن أعرف ما أقول لأمي.
ناديته: «تعال الآن أيها الثور البري
خلصني، يجب ان أذهب الى البيت
ماذا عساي أن أقول لكي أخادع
أمي ننجال؟".
لكني كنت سعيدة حين جادني جوابه،
أنا المعروفة بالمكر والخداع:
فلأخبرك، فلأخبرك
أي انانا يا أكثر النساء خداعا، فلأخبرك
قولي إن صديقتي اصطحبتني معها الى الساحة العامة
حيث سلتني بالموسيقى والرقص،
وغنت لي أغنياتها الحلوة،
في الابتهاج الحلو قتلت الوقت هناك،
بذلك تواجهين أمك، في خداع
بينما نحن كنا على ضوء القمر ننغمس في شهوتنا
سأعد لك فراشا طهورا، حلوا، نبيلا،
سوف أقضي معك وقتا حلوا في فرح غامر"
حين استذاق تموز نكهة الحب معي،
قطع لي عهدا أن يجعل مني زوجته
الشرعية.
حينها جريت إلى أمي،
وأنا أنشد:
"أتيت الى بوابة أمنا،
أنا، جذلانه أمشي،
أتيت الى بوابة ننجال
أنا جذلانة أمشي،
الى أمي سوف يقول الكلمة
سوف يرش زيت السرو على الأرض
هو الذي مسكنه يفوح عطرا
هو الذي كلمته تبعث في السرور العميق،
سيدي الذي يليق به الحضن المقدس،
تموز صهر – سن –
الرب تموز يليق به الحضن المقدس
تموز، صهر – سن "
لم أنس – سن –
كنت فخورة بأبي – سن – إله
القمر العظيم في مدينة – أور –
لم أنس أبي – سن – كنت أشعر
بحاجة لأن ألتمس موافقته قبل أن أهب نفسي لعاشقي
إليه أرسلت رسالة أنبئه فيها بنيتي
التزوج من الراعي تموز
كتبت له:
"بيتي، بيتي
الناس سوف يقيمون فراشي المثمر
سوف يغطونه بشجيرات حجر الآزورد – الدورو-
سوف آخذ الى هناك تموز
سوف يضع يده في يدي
ويضم قلبه إلى قلبي
وضعه اليد باليد- ينعش الفؤاد،
ضمه القلب إلى القلب – لذته بالغة الحلاوة "
حياة الرايس ( كاتبة من تونس)