بمناسبة العيد الوطني لسلطنة عُمان. أقيم في قاعة المدينة في أمانة عّمان المعرض الثاني للصور الفوتوغرافية للمصور العماني الخطاب الهنائي، وهو طالب في جامعة اليرموك. أقام معرضه الأول في الجامعة عن شمال الأردن.
وفي معرضه الثاني، يخوض الخطاب الهنائي مغامرة المكان. المكان الذي عاشه الخطاب ولبسه كعماني. وكفنان فوتوغرافي يحمل كاميرته ويتنقل بها. فنراه يسوغ المكان الذي يألفه، ممتلكا أدوات هذا المكان بمظهره وزمنه. فتأتي معظم اللوحات وكأنها تشدك الى لحظة مكانية، تدعوك الى الصمت والانصات. كما في لوحات النخيل والفخاريات والأبواب وفناء البيوت العمانية وشبابيكها.
وخلال سعيه لتأكيد التأثير الفاعل للتفاصيل الهامشية في البيوت والعمارة العمانية، التقط الخطاب عدة لوحات للأبواب وتفاصيلها المنقوشة، مؤكدا على ذاكرتها التي يحاول استعادتها جنبا الى جنب مع الحرف اليدوية التي تشرف على الانقراض، أو التي حلت محلها الأشكال الحديثة. فالأبواب تقودك الى ما وراءها، وزخارفها الى الأيدي التي انتجتها فنيا وحضاريا.
ربما أراد الخطاب أن يقول أشياء منسية لكن لها فعلها في الذاكرة.
وفي مجمل أعماله المعروضة ارتكز الخطاب على عدة مفردات فنية، أكدها في معظم لوحاته بنسب متفاوتة، من بينها الحركة، حيث تجلت في لوحاته عن الحرف اليدوية العمانية والتي أهمل فيها تفاصيل الوجه والجسم، مكتفيا بالبناء الخارجي للجسم مقابل إظهار حركة هذا الجسد أثناء انشغاله بممارسة حرفته اليدوية، كما في لوحات مشغل السلاح ومشغل صناعة السفن وأحواض تنظيف الأسماك وميناء الصيد وغيرها.
ثم ارتكز الخطاب على مفردة الفضاء، حيث أفرد مساحات واسعة له، وتحديدا في اللوحات الطبيعية. فكان يملؤها بالغيم لتأكيد عمقها، أو بالشمس في غروبها وشروقها، ثم باستخدام الفلاتر اللونية، لاعطاء قيم لونية للوحة، ربما تكون لمسة تخيل لمناجاة الطبيعة.
لقد استطاع الخطاب نقل جزء من الطبيعة العمانية الى لوحاته. وبعيدا عن التوثيق أكد أن الكاميرا عين ثالثة تزاول مهمتها بكثير من الشفافية والرهافة. مع أنه لم يستطع أن يخفي انبهاره بهذه الطبيعة، وترك هذا الانبهار يقوده، ويحول دون امتلاكه الكامل للمشهد فيتمكن من صياغته وصولا الى تعبير أوفى.
إن الخطاب مسكون بالماضي العماني، وفي ذات الوقت يتمنى لو يتحول الحاضر الى طبيعة شفافة. وفي معرضه الثاني انت بحاجة لأن تنصت لتسمع صوت المدى الذي تكتنفه كل لوحة تقريبا.
صالح حمدوني (مصور من الأردن)