بدر بن سيف الرَّاجحي
باحث بدر بن سيف الرَّاجحي
عُماني
يعدّ أرشيف الأحكام القضائيَّة في مُختلف المحاكم العُمانيَّة مكنزًا قضائيًّا وتاريخيًّا ثريًّا، فهو مرجعٌ غنيٌّ بالسَّوابق القضائيَّة التي تُعين المشتغلين بالقضاء على تبليغ رسالتهم وأداء عملهم من خلال التّعرّف على الأُسس والأسانيد التي اعتمدت عليها تلك الأحكام في سبيل الفصل في الدّعاوى المشابهة لها؛ لا سيّما الدّعاوى النّوعية الخاصَّة التي لا توجد لها نصوصٌ خاصَّة تحكمها، وتكون مبنيَّة على الاجتهاد من خلال النّظر والقياس والمقاربة.
وهذا الأرشيف أيضًا مصدرٌ مُهمٌّ لاستخلاص نظريّة إجراءات التّقاضي التي اعتمدتها المحاكم العُمانيَّة؛ حيث ترشدنا مُحتوياته إلى الطُّرُق التي سلكتها تلك المحاكم في سبيل الفصل في الدَّعاوى المعروضة أمامها، ليس في الجوانب الشَّكليَّة فحسب، مثل إجراءات الإعلان ونظام الجلسة وإصدار الأحكام وإجراءات التَّنفيذ، بل حتَّى في الجوانب الموضوعيَّة المتمثّلة في المصادر التَّشريعيَّة التي يُستعان بها في إصدار الحُكم.
ومن تلك المصادر التَّشريعيَّة العُرف، وهو اطّراد سلوك الأفراد في مسألة معيَّنة على وجه خاص مع اعتقادهم في قوّتها الملزمة، وهذه الأعراف يمكن تقسيمها إلى أنواع، حسب طبيعة المسائل المتعارف عليها؛ فهناك أعرافٌ لدى التّجّار في تعاملاتهم التّجاريّة، وهُناك أعرافٌ لدى سُكّان المُدُن والحواضر الكبيرة فيما يتعلق بأسس البناء والتَّعمير مثلًا، وهناك أعرافٌ لدى المزارعين فيما يتعلق بالأفلاج والزّراعة ومسائلهما، وهناك أعرافٌ لدى أهل البحر بين ملّاك السُّفن والنّواخذة والبحّارة، وهذه الأعراف والسُّنن الأخيرة تُعرفُ بسنن البحر، وهذه السُّنن لها تأثيرٌ كبيرٌ على الدّعاوى المنظورة أمام المحكمة الشَّرعية بمطرح بسلطنة عُمان، سواء من حيث الإجراءات أو من حيث الحُكم الموضوعي.
وإذا كان للسُّنن البحريَّة هذا التأثير المباشر على إجراءات الدّعاوى أمام المحكمة فإنَّ ذلك يثير أسئلةً بحاجة إلى إجاباتٍ تبيّن طبيعة ذلك التأثير، وتكشف عن جوانبه وآثاره، وتلك الأسئلة تمثّل إشكاليّة هذا البحث الذي يحاول الإجابة عليها من واقع التَّطبيق القضائي المتمثّل في الأحكام القضائيَّة الصَّادرة من المحكمة.
ومن خلال ما سبق يُمكن بيان إشكالات بحث هذه الدّراسة من خلال طرح الأسئلة الآتية:
ما مدى اختصاص المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح بالنَّظر في الدَّعاوى المتعلّقة بسنن البحر؟
ما الوصف القانوني للجنة سُنن البحر؟ وما التَّكييف القانوني لما يصدر عنها من قرارات؟ وما موقف المحكمة مِمَّا يصدر عن هذه اللجنة؟
متى تحيل المحكمة الدَّعوى إلى لجنة سنن البحر؟ وما أنواع هذه الإحالة؟ وما الآثار المترتبة على الإحالة؟
كيف تفصل المحكمة في الدَّعاوى المتعلّقة بسنن البحر موضوعًا؟ وما المصادر التّشريعيَّة التي تستند عليها في ذلك؟
وللإجابة على هذه الأسئلة لا بد من الرّجوع إلى أحكام هذه المحكمة، فهي تطبيقٌ قضائيٌّ يميطُ اللثام عن المنهج الذي سلكته المحكمة في سبيل التَّعامل مع مثل هذه القضايا شكلًا وموضوعًا، وبناء عليه فإنَّ هذه الدّراسة تقوم على استقراء مجموعةٍ مُختارةٍ من الأحكام القضائيَّة المتعلّقة بالسّنن البحريَّة الواردة في دفاتر المحكمة الشَّرعية بمطرح، خلال الفترة الممتدّة من سنة 1358هـ/1939م إلى سنة 1390هـ/1970م.
وعودًا على بدء، فإنَّ هذا البحث يُكرِّس فكرة ضرورة العودة إلى التُّراث القضائي المحلّي؛ للاستعانة به في سنِّ مُختلف التَّشريعات القانونيَّة المعاصرة في جميع المجالات، على اعتبار أنَّ هذا التُّراث فقهٌ غزيرٌ في مُحتواه، ومتنوّعٌ في مسائله وتوجّهاته، وهو نتاجٌ لخبرةٍ تراكميَّةٍ تختصر الطّريق على السُّلطة التَّشريعيَّة، ويؤدّي إلى صُدور تشريعات وقوانين أكثر انسجامًا مع هويَّة المجتمع العُماني وأعرافه وتقاليده، والاستعانة به ليس تخلّفًا، بل هي عودة إلى الأصل، وهذا على خلاف تلك النّزعة التي يتبناها بعض فُقهاء القانون في الاستعانة بالفقه الغربي الذي وإن كانت أصوله إسلاميَّة كما يذهب إلى ذلك بعض الباحثين إلا أنَّ ذلك الفقه خضع لتغييرات تناسب الجوانب الماديَّة والتّوجهات السّياسيَّة في المجتمعات الغربيَّة، وعليه فلا بد أن يكون الفقه القضائي المحلّي مرجعًا مُهمًّا ومصدرًا حاضرًا في أروقة السُّلطة التَّشريعيَّة لكل تشريعٍ يُراد سنّه؛ فضلًا عن أنَّ الكتابة عنه تُعرّف الآخرين بالتّجربة القضائيَّة العُمانيَّة الفريدة من نوعها، وتؤكّد على تجذّر حضارة هذا البلد العزيز عبر حقب التَّاريخ المختلفة.
وقد قسّمت هذه الورقة إلى ثلاثة مباحث: المبحث التَّمهيدي خصصته للتّعريفات، وفيه عرّفتُ بالسُّنن البحريَّة العُمانيَّة، وبالمحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، والمبحث الأوَّل خصصته للآثار الشَّكليَّة، والثَّاني للآثار الموضوعيَّة.
المبحث التَّمهيدي: التّعريفات:
التّعريف بالسُّنن البحريَّة
قبل تعريف السُّنن البحريَّة يحسُن توضيح مفهوم العُرف؛ لأنَّ السُّنن البحريَّة ما هي إلا نوعٌ خاصٌّ من أنواع العُرف، فالعُرف -كما يُعرّفه الجرجاني (ت:816هـ)- هو «ما استقرت النّفوس عليه بشهادة العُقول، وتلقته الطَّبائع بالقَبول»(1)، وقانونًا هو «اعتياد النَّاس على سُلوكٍ معيّنٍ في مسألةٍ مُعيَّنةٍ اعتيادًا مصحوبًا بالاعتقاد بأنَّ هذا السُّلوك مُلْزِمٌ، وأنَّ مُخالفته تستوجب الجزاء المادّي»(2).
أمَّا السُّنن فهي جَمعٌ، مفردها سُنَّة، وهي لُغةً: «الطَّريقة أو السّيرة، حَميدةً كانت أو ذميمةً»(3)، «وكُلّ من ابتدأ أمرًا عَمل به قومٌ من بعده، فهو الذي سَنَّه»(4)، وتُعرّف الموسوعة العُمانيَّة سُنن البحر بأنَّها: «مجموعة من الأعراف التَّقليديَّة التي تنظّم العلاقة بين نواخذة (ربابنة) السُّفن الشّراعيَّة ومالكيها وبحَّارتها أو صيادي الأسماك؛ ليُدار على أساسها الإبحار والرّسو والصَّيد»(5)، أمَّا قانونًا فيمكن القول بأنَّ السُّنن البحريَّة هي مجموعة القواعد العُرفيَّة التي تنظّم علاقات الأفراد المتعلّقة بالأعمال البحريَّة، وتشمل -على سبيل المثال- قواعد الصَّيد البحري والملاحة البحريَّة، وحُقوق العاملين والمسافرين على السُّفن، والقواعد التي تحكم العلاقة بين ملاك السُّفن والنّواخذة، وبهذا التّعريف يتبيّن أنَّ السُّنن البحريَّة تنظّم العلاقات البحريَّة بين الأفراد فقط، بمن فيهم التُّجَّار وأصحاب الشّركات، ولا تشمل قواعد القانون البحري الدَّولي أو النِّزاعات النَّاشئة بين الدَّولة والأفراد.
ومن الجدير بالذّكر أنَّ مُصطلح «سُنن البحر» هو الذي استخدمه قانون الثروة المائية الحيَّة الصَّادر بالمرسوم السُّلطاني 20/2019 في نصوص موادّه، أمَّا القانون البَحري الصَّادر بالمرسوم السلطاني 19/2023 فقد استخدم مصطلح «العُرف البحري».
والباحث في السُّنن البحريَّة العُمانيَّة يُلاحظ أنَّ هذه السُّنن ليست ثابتةً في جميع المناطق السَّاحليَّة العُمانيَّة، بل هي مُختلفةٌ، فالسُّنن البحريَّة في ظفار تختلف -مثلًا- عن السُّنن البحريَّة في الباطنة.
وتنقسم السّنن البحريَّة إلى أنواع، منها: سنّة الحوز، وسُنَّة صناعة السُّفن، وسُنَّة الغوص(6).
أمَّا الجهة التي تُطبّق هذه السُّنن ويلجأ إليها المتخاصمان لفض النّزاع النَّاشئ بينهما فهي لجنةٌ لها خبرةٌ واسعةٌ بالسُّنن البحريَّة والنّزاعات المتعلّقة بها، وهي تتمتَّع باحترام الأطراف لأحكامها بما لديها من علمٍ وهيبةٍ ومكانةٍ في قُلُوب المتحاكمين إليها، فهؤلاء ينصاعون لتلك الأحكام في الغالب؛ لاعتقادهم أنَّ هذه الجهة هي المختصَّة بالنّظر في دعواهم، وأنَّ أحكامها نهائيَّةٌ وواجبة النَّفاذ، وهذه اللجنة تتكوَّن من عضوٍ واحدٍ أو أكثر مِمَّن يتفق عليه الأطراف أو مِمَّن تخاطبهم المحكمة أو مِمّن هم معروفون بعدالتهم بالفصل في مثل هذه الدّعاوى، وترد هذه اللجنة بأسماء متعددة في المصادر، منها: لجنة سنن البحر.
ومن صور السُّنن البحريَّة العُمانيَّة ما يأتي:
إن تعطلت سفينةٌ في عرض البحر، وجب على السَّفينة التي تمر بها تقديم المساعدة لها، فإن لم تقدم لها المساعدة كان من حقِّ صاحب السَّفينة المعطّلة تقديم شكواه إلى رجال سنّة البحر(7).
إن هرب البحّار فلا أجرة له، بل عليه إعادة ما أخذه من سلفة مقدمة قبل الإبحار(8).
على التَّاجر أن يعوّض النّوخذة أو صاحب السفينة التي استأجرها في نقل بضاعة إن تأخَّر التَّاجر في شحن البضاعة إلى السَّفينة(9).
إن وافقت السَّفينة لقطة في عرض البحر، كالعنبر أو غيره، فهي للنّوخذة، مع قيامه بإكرام البحّارة؛ لأن الأصل أنَّهم اتفقوا على مبلغ مقتطع للعمل(10).
إذا كانت السّفينتان تسيران معًا فلا يحق لأي منهما تجاوز الأخرى من جهة مقدمة الشّراع المربوطة بمقدمة السّفينة، بل يسمح بالتَّجاوز في جهة الجُزء الخلفي من الأسفل للشّراع(11).
التّعريف بالمحكمة الشَّرعيَّة بمطرح
لم أقفْ على تاريخ إنشاء هذه المحكمة في المصادر، إلا أنَّ أقدم مادّة مؤرَّخة في دفاترها حُرّرت في 13 ربيع الأوَّل 1353هـ/ 26 يونيو 1934م(12)، واستمرّ العمل في المحكمة حتّى إلغائها نهاية 1393هـ/1973م، حيث نُقلت اختصاصاتها إلى المحكمة الشَّرعيَّة بمسقط.
وهي تُعنى بالفصل في الدَّعاوى المرفوعة إليها أو المحالة لها، وفق أحكام الشَّريعة الإسلاميَّة من حيث الشَّكل والموضوع، مع العَمل بالقوانين المتعلّقة بإجراءات التَّقاضي وقراراتها.
إداريًّا: كانت المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح دائرةً ضِمن الدَّوائر التي تتبع مكتب والي مطرح؛ ولذلك كان الوالي هو رئيس المحكمة، وله في سبيل ذلك مجموعة من الاختصاصات العمليَّة والصَّلاحيَّات التّشريعيَّة التي تمكنه من تسيير دفّة العمل في المحكمة.
ودفاتر المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح هي دفاتر رسميَّة، نُسخِت فيها الأحكام القضائيَّة، والإقرارات، ومُختلف المواد الإداريَّة الأُخرى المتعلّقة بعمل المحكمة كالإحصاءات؛ بهدف تكوين أرشيف يمكن الرُّجوع إليه وقت الحاجة. ويُمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع: دفاتر الأحكام القضائيَّة، ودفاتر الإقرارات، والدَّفاتر الإداريَّة، ويُمكن تقسيم دفاتر الأحكام القضائيَّة إلى: دفاتر أحكام الدّعاوى الحقوقيَّة، وتشمل أحكام الدَّعاوى المدنيَّة، والدَّعاوى التِّجارية، ودعاوى الأحوال الشَّخصيَّة، والدَّعاوى العُمَّاليَّة بالمصطلح الحديث، ودفاتر أحكام الدّعاوى الجنائيَّة، وتشمل أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة والجزائيَّة، وثمّة دفاتر أخرى للأحكام القضائيَّة تندرج تحت هذين النَّوعين، مثل: دفتر أحكام دعاوى النَّفقات، تندرج ضمن دفاتر أحكام الدّعاوى الحقوقيَّة، ودفتر السّرقات، تندرج ضمن دفاتر أحكام الدّعاوى الجنائيَّة والجزائيَّة.
ويحتفظُ المكتب الفنِّي بالمحكمة العُليا بسلطنة عُمان -حتَّى تاريخ كتابة هذه الكلمات- بأُصول دفاتر الأحكام القضائيَّة والدّفاتر الإداريَّة، أمّا دفاتر الإقرارات فمحفوظةٌ لدى دائرة الكاتب بالعدل بمسقط.
ومطرح إحدى ولايات مُحافظة مسقط، تقع بجوار ولاية مسقط، وتطلّ على بحر عُمان، ولها دورٌ تجاريٌّ واقتصاديٌّ حيويٌّ؛ فقد كانت الميناء التّجاري لعُمان وأسواقها، والمصدر الرّئيس لتصدير البضائع إلى الأسواق الأخرى، فمن موانئها: ميناء السُّلطان قابوس وميناء الفحل، وبها سوقٌ تجاريٌّ كبيرٌ يرتاده العديد من الأشخاص من داخل مطرح وخارجها. من أهمّ التّجمّعات السُّكَّانيَّة في الولاية: مطرح ودارسيت وروي والوادي الكبير وريام ومطيرح، وبها فلجان، أحدهما عينيٌّ جافٌّ، وهو فلج الوطيَّة، والثاني غيليٌّ حيٌّ، وهو فلج بيت الفلج(13).
المبحث الأوَّل: الآثار الشَّكليَّة
تؤثّر السُّنن البحريَّة في الدّعاوى المتعلّقة بها المنظورة أمام المحكمة من جانبين، شكليٍّ وموضوعيِّ، فالشَّكلي يتمثَّل في الإجراءات الشَّكليَّة للدّعوى، من حيث الاختصاص والإحالة، وهي محل الدّراسة في هذا المبحث، والموضوعي يتمثّل في مدى اعتبار هذه السُّنن مصدرًا من مصادر التَّشريع التي يستعين بها القاضي للفصل في موضوع الدَّعوى، وهي محل المبحث الثَّاني.
وفي هذا المبحث سأحاول الإجابة على السُّؤالين الأوّل والثَّاني الواردَيْن في إشكاليَّة البحث، الأوَّل حول مدى اختصاص المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح بالنَّظر في الدَّعاوى المتعلّقة بسنن البحر، والثَّاني حول الوصف القانوني للجنة سُنن البحر والتَّكييف القانوني لما يصدر عنها من قرارات، وسأشرع في الإجابة على هذا السُّؤال الأخير؛ كي تسهل الإجابة على السُّؤال الأوَّل، وتتضح المعاني بشكلٍ أفضل.
الوصف القانوني لِلَجنةِ سُنن البحر
تختصُّ لجنة سُنن البحر بالنَّظر في الدّعاوى المتعلقة بالنِّزاعات البحريَّة بين الأفراد، وتنظر اللجنة هذه الدّعاوى إمَّا عن طريق رفع الدَّعوى إليها مُباشرة من الخُصوم، وإمَّا أن تُحال إليها من المحكمة، وتستمدّ هذه اللجنة سُلطتها في الفصل في النّزاع المعروض أمامها في الحالة الأُولى من السُّنن البحريَّة نفسها؛ حيث استقرَّ العمل -حسب هذه السُّنن- على أن يكون الرَّأي في حسم المنازعات المتعلّقة بها لِلَجنةٍ مُشكَّلة لهذا الغرض، فضلًا عن تسليم الخُصوم -في الغالب- لأحكام هذه اللجنة بما لديها من مكانةٍ علميَّة وخبرةٍ بحريَّةٍ طويلةٍ، وهذه الحالة تسمّى بالتّحكيم في الفقه الإسلامي، ولها أحكامٌ بسطتها كتب فقه القضاء الإسلامي.
أمَّا في الحالة الثَّانية، وهي إحالة المحكمة الدَّعوى إلى اللجنة، فإنَّ هذه اللجنة تستمدّ سُلطتها في الفصل في الدَّعوى المعروضة من تفويض المحكمة لها بذلك؛ إذ الظَّاهر من استقراء أحكام المحكمة أنَّ هذه اللجنة ما هي إلا لجنة خاصَّة مفوَّضة من قبل المحكمة للفصل في موضوع الدَّعوى في حُدود مُعيَّنة، وما تصدره من أحكام يخضع لرقابة المحكمة، فهي إمَّا أن تعتمده، وتعتبره حُكمًا فاصلًا بين الطَّرفين، وإمَّا أن تتركه، وتتصدّى لموضوع الدَّعوى بالفصل فيها بنفسها، والدَّليل على ذلك أنَّ جُملةً من الأحكام الصَّادرة من المحكمة الواردة في دفاترها عبارةٌ عن رسائل من لجنة سُنن البحر إلى المحكمة أُفرغت في حقل الحُكم، بل ويرد في حقل الملاحظات -أحيانًا- عبارة «انتهت حسب كتاب أهل سنّة البحر»(14)، ومعنى هذا أنَّ حُكم لجنة سُنن البحر يُصبح حاسمًا لموضوع النّزاع ومُلزمًا للطرفين إذا اعتمدته المحكمة فقط، ويُمكن حينها للطَّرف المحكوم له أن يطلب من المحكمة تنفيذ ذلك الحُكم في مواجهة المحكوم عليه أن لو أخلَّ هذا الأخير بتنفيذه، حاله كحال أيّ حُكم آخر صادر من المحكمة.
وإذا ما عُدنا إلى الحالة الأُولى -وهي رفع النّزاع إلى لجنة سُنن البحر مُباشرة دون إحالة من المحكمة- فإنَّ الحُكم الصَّادر من اللجنة سيفتقر إلى عنصر الإلزام الذي يتمتع به الحُكم الصَّادر من المحكمة، مِمَّا يُحتمل معه عدم التزام الطرفين به، وهذا ما يفسّر رفع المدعي لدعواه أمام المحكمة ابتداءً ثم طلبه الإحالة إلى لجنة سنن البحر، فهو يهدف من ذلك أن يكتسي حُكم اللجنة ثوب الحُجّيّة، بحيث يكون مُلزمًا للطَّرفين بعد أن تعتمده المحكمة، ويتمكّن معه المدعي من اتخاذ إجراءات التنفيذ عن طريق المحكمة، وبدون ذلك لا يُدرك المدعي الغاية التي من أجلها رَفَعَ دعواه، وهي الوصول إلى الحقّ الذي يدعيه.
وأمَّا حُدود التَّفويض الذي تمنحه المحكمة للجنة سنن البحر في سبيل الفصل في الدَّعوى المحالة إليها، فإنَّ استقراء الأحكام يشير إلى أنَّ المحكمة تُخاطب اللجنة للفصل في دعاوى معيَّنة، مثل: الدَّعاوى الحقوقيَّة التي يعادلها بالمصطلح الحديث الدّعاوى المدنيَّة والدّعاوى العُمَّاليَّة والدّعاوى التّجاريَّة، والتي لا يخرج الحُكم فيها عن إلزام أحد الطَّرفين بالتزام مُعيّن أو رفض الدَّعوى، أمَّا الدَّعاوى الجنائيَّة أو الجزائيَّة المُرتبطة بعُقوبات مُحدَّدة فإنَّ المحكمة تُحيل بعضها إلى لجنة سنن البحر للفصل في المطالبات المدنيَّة المرتبطة بها، وفي تحديد المخطئ في حال الحوادث البحريَّة أو ما شابه ذلك، أمَّا جانب العُقوبة من حبس وغرامة فإنَّ هذه اللجنة ليس لديها صلاحيَّة إصدار حُكم فيها، وإنّما تتصدّى لها المحكمة بنفسها.
وأمَّا فيما يتعلّق بوسائل الإثبات كسماع الشّهود وتوجيه اليمين الحاسمة فالظّاهر أنَّ صلاحية اللجنة محدودة في ذلك؛ إذ لم أقفْ على حُكمٍ وجّهت فيه اللجنة اليمين الحاسمة إلى أحد الطَّرفين أو استمعت فيه إلى شهود.
اختصاص المحكمة بالنَّظر في الدَّعاوى المتعلّقة بسنن البحر
أمّا من حيث اختصاص المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح نوعيًّا بالنَّظر في الدَّعاوى المتعلِّقة بسُنن البحر فإنَّ استقراء أحكامها يشير إلى أنَّها مُختصَّة به ضِمن نطاق اختصاصها الأصيل بالنَّظر في جميع القضايا الواردة إليها أو المحال لها إلا ما كان من اختصاص جهة أخرى، ولم أقفْ على حُكمٍ قضائيٍّ لدعوى أثير فيها دفع حول هذا الاختصاص، إلا أنَّ هناك أحكامًا قضائيَّةً موضوعيَّةً تُشير ضمنًا إلى اختصاص المحكمة بهذه الدّعاوى، ستأتي نماذج منها في المبحث الثَّاني.
إحالة المحكمة الدَّعوى إلى لجنة سنن البحر
إنَّ استقراء أحكام المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح يشير إلى أنَّها تحيل هذا النّوع من الدَّعاوى إلى لجنة سُنن البحر عندما يتفق الطَّرفان على ذلك فقط، وفي حال رفضهما أو رفض أحدهما الإحالة فإنَّ المحكمة تتصدّى للفصل فيها موضوعًا، كما سيأتي في المبحث الثَّاني.
وتكون هذه الإحالة عادةً بكتاب من المحكمة إلى لجنة سنن البحر، تُكلّف فيه المحكمة اللجنة بحلّ موضوع الدَّعوى بين الطَّرفين صُلحًا أو حُكمًا، ومن ذلك قول المحكمة في حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (477/1374) الصَّادر في 1374هـ/1955م بأنَّه: «يُعطى الطَّرفان كتابًا لعبدالفتَّاح بن مُحمَّد؛ ليضع بينهما ما يراه بقانون البحر وسنَّة أهل السّفن»(15).
وفي المقابل من ذلك فقد أصدرت المحكمة مجموعة من الأحكام القضائيَّة بالإحالة إلى لجنة سنن البحر دون أن تصرّح باتفاق الطَّرفين على الاحتكام إلى لجنة سُنن البحر، إلا أنَّ ذلك لا يعني عدم اتفاق الأطراف على الإحالة؛ فعدم إيراد الاتفاق في الحُكم ليس دليلًا على نفيه، ومِمَّا يؤيّد ذلك أنَّ المحكمة تفصل في الدَّعوى إذا ما رفض الطَّرفان أو أحدهما الاحتكام إلى لجنة سنن البحر كما سيأتي.
وأحكام الإحالة التي أصدرتها المحكمة لا تخلو من نوعين:
النَّوع الأوَّل: أحكامٌ تقضي بالإحالة إلى لجنة سُنن البحر، يُغلق بعدها ملف الدَّعوى نهائيًّا بعد أن يتوافق الطَّرفان على عدم العودة إلى المحكمة، ومن ذلك:
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (1211/1371)، فقد قضت فيها المحكمة في سنة 1371هـ/1952م بأنَّ الطرفين توافقا «أن يذهبا إلى سنَّة البحر عبدالفتَّاح بن مُحمَّد بن صالح، وبما يعمله بينهما عبدالفتَّاح فهما راضيان به، على أن لا يعودا إلى المحكمة بعد ذلك، ويُعطون كتابًا لعبدالفتاح في موضوع دعواهما هذه»(16).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (26/1372)، فقد قضت فيها المحكمة في سنة 1372هـ/1952م بأنَّ المدعي يطلب «المحاسبة على يد عبدالفتَّاح، وقال المدّعى عليه: أرضى بالمحاسبة على يد عبدالفتَّاح، وكلُّ ما يضعه بيننا من المحاسبات فراضيان به، وموافقان عليه، ولا يعودان إلى هذه المحكمة بعد الآن، ويعطيان كتابًا لعبدالفتاح بذلك»(17).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (1213/1372)، فقد قضت فيها المحكمة في سنة 1372هـ/1953م بأنَّ يُعطى الطرفان «كتابًا لسنَّة البحر…، وقد رضي الخصمان بما يعملونه بينهم في موضوع دعواهما هذه، على أن لا يعودا إلى هذه المحكمة في هذه الدَّعوى بعد ذلك»(18).
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (290/1373)، فقد قضت فيها المحكمة في سنة 1373هـ/1954م بأنَّه: «لتراضي الطرفين لسنَّة البحر عبدالفتَّاح بن مُحمَّد بن صالح فيُعطون كتابًا في موضع دعواهما على أن لا يعودا إلى هذه المحكمة بعد الآن في دعواهما هذه»(19).
ولكن ما الأثر المترتب على هذا النّوع من الإحالة على الدَّعوى نفسها؟ أن لو رجع الطَّرفان إلى المحكمة؛ لعدم رضاهما بحكم اللجنة، أو لعدم تنفيذ المحكوم عليه لحكمها، هل تقبل المحكمة هذه الدَّعوى شكلًا؟ لم أقف في أحكام المحكمة على جوابٍ لهذا السُّؤال، إلا أنَّ اتفاقهما على عدم العودة إلى المحكمة فيه تنازلٌ صريحٌ عن حقّهما في التَّقاضي لدى المحكمة في الدَّعوى نفسها، وما داما قد تنازلا بمحض إرادتهما وقد أقرّتهما المحكمة على ذلك فإنَّ هذا الاتفاق يكون مُلزمًا لهما، ولا تقبل هذه الدَّعوى مرّة أخرى.
النَّوع الثَّاني: أحكامٌ تقضي بالإحالة إلى لجنة سُنن البحر، مع بقاء الدَّعوى معلّقة إلى حين ورود كتاب من لجنة سنن البحر بمآل الدَّعوى بين الأطراف، وعند وروده إمَّا أن تثبت المحكمة ما انتهت إليه اللجنة من نتيجة، وتعتبره حُكمًا قضائيًّا مُنهيًا للخصومة بين الطرفين ومُلزمًا لهما، وهذا هو الأكثر في أحكام المحكمة، وإمَّا أن تتركه، وتتصدّى لموضوع الدَّعوى بالفصل فيها بنفسها، على النّحو الذي بينته عند الحديث حول الوصف القانوني لِلَجنةِ سُنن البحر.
وهذا النّوع من الأحكام ينقسم هو الآخر إلى قسمين، تبعًا لنوع النَّتيجة التي توصّلت إليها لجنة سُنن البحر، بين ما إذا كانت صُلحا أو حُكمًا، كما يأتي:
القسم الأوَّل: أحكامٌ قضائيَّة تثبتُ عقد الصُّلح الذي أبرمته لجنة سُنن البحر بين الأطراف، ومن ذلك:
حُكم الدَّعوى الحُقوقيَّة رقم (1683/1359) الصَّادر في 1359هـ/1941م، حيث قضت المحكمة فيها بانتهاء الدَّعوى «بناء على الكتاب الوارد من عبدالفتَّاح أنَّه أصلح فيما بينهما حسب قاعدة السّنّة»(20)، وعادة ما يكون الصّلح بين الطرفين في هذه الحالة متأثرًا بسُنن البحر.
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (551/1362) الصَّادر في 1362هـ/1943م، حيث ورد في الحُكم بأنّه «لَمّا رضي [المدعي] بما يحكم به عليه إبراهيم بن خميس بسنَّة البحر، ورضي [المدعى عليه] بما يحكم به عليه سعيد بن سالم بسنّة البحر، وهو أن يكون نصف هذا الهوري المتنازعين فيه، أن يكون نصفه لـ [المدعي] هذا، والنّصف الثَّاني لـ [المدعى عليه]، وأخبر الطّرفان… في أمر الهوري بكونه بينهما نصفان، ورضيا بذلك، ترى المحكمة تراضيهما بذلك فصلًا لدعواهما»(21).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (41/1366) الصَّادر في 1366هـ/1946م، حيث قال فيه أعضاء لجنة سُنن البحر: «لقد سدّيناهم بأن يدفع [المدعى عليه] إلى [المدعي] 40 ربّيّة، و[المدعي] يتنازل عن جميع الحسابات، وتراضيا بهذا الحُكم، الصّلح»(22).
القسم الثَّاني: أحكام قضائيَّة تثبتُ الحُكم الذي انتهت إليه لجنة سنن البحر في الدَّعوى، بحيث تعتمده المحكمة، وتلزم به الأطراف، وعادة ما يكون هذا الحُكم مبنيًّا على السُّنن والقواعد البحريَّة المتعارف عليها، ومن ذلك:
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (369/1366) الصَّادر في 1366هـ/1947م، حيث قال أعضاء لجنة سنن البحر: «نعم، جرت السّنّة بين أهل المناصب أن كلّ أحد منهم جعل علامة في مرخا قبل دخول موسم الرّخي، لكن ذلك المرخى في حوزه إلى الخروج ذلك الموسم، ولو جاء أحد غيره ونصب فيه إذا جاء هو فليبلغ ليخه، وعلى هذا جرت العادة بينهم، الجميع، وهذا [المدعي] قد تقدَّم في قبض هذا المكان، وذلك بشهادتنا أهل مطيرح، وهذا [المدعى عليه] جاء من بعد، وأخبره أن يقلع عنه، فأبى فأجابه إلى الشّكاية، فالسّنّة تقتضي أن [المدعي] أقدم بسبب علامته، والآن [المدعى عليه] قلع ليخه، وتراضوا بسدادنا»(23).
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (178/1372) الصَّادر في 1372هـ/1953م، حيث ورد في الحُكم بأنّ المحكمين -وهم أعضاء لجنة سنن البحر- يقولون: «إنَّ صيادة السَّمك بالليل بالصّيادة المعروفة (الخبطة) غير مَمنوع مُنذ الزَّمن القديم، وكُلّ أحد يعلمه، لا يُنكره عليه أحد، هذا ما نراه في هذه القضيَّة»(24).
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (5/1373) الصَّادر في 1373هـ/1953م، حيث قالت فيه المحكمة: «لرضا الخصمين بانتخاب الشَّخصين المذكورين بالدَّعوى، وهُما عبدالله بن علي الحسني وسعيد بن ثاني من أهل سنّة البحر، واتفاق أقوالهما أي الحكمين، فتعتبر هذه الدَّعوى مُنتهية، وقد قنع الخصمان بقول الحَكَمين، ورضيا بقولهما»(25).
ونخلص مِمَّا سبق أنَّ لجنة سنن البحر لجنة خاصَّة مفوَّضة من قبل المحكمة للفصل في موضوع الدَّعوى في حُدود مُعيَّنة في حال اتفاق الطَّرفين إلى الاحتكام إليها فقط، ولا تكتسب أحكامها حُجّيّة الأحكام القضائيَّة الصَّادرة من المحكمة إلا إذا اعتمدتها هذه الأخيرة، وأصدرت حُكمها بناء عليه، أمَّا في حال عدم الاتفاق فإنَّ الاختصاص الأصيل بالنَّظر في الدَّعوى يعود إلى المحكمة لتفصل في موضوعها.
ولو جئنا لنجرّد فكرة إحالة المحكمة دعاوى سنن البحر إلى لجنة سنن البحر لوجدنا أنَّ في ذلك تكريسًا لأهمّيَّة العرُف الذي يعد أحد أهم مصادر التَّشريع في الفصل في الدَّعوى المعروضة، سواء أكان من خلال حُكم اللجنة التي ارتضاها الطرفان على النَّحو سالف البيان، أو من خلال استقصاء المحكمة لذلك العرف من خلال وسائل الإثبات الأخرى، كما هو محل الحديث في المبحث التَّالي.
المبحث الثَّاني: الآثار الموضوعيَّة
الأحكام الموضوعيَّة الصَّادرة في الدّعاوى المتعلّقة بسُنن البحر تنقسم إلى قسمين:
الأوَّل: أحكامٌ مبنيَّةٌ على أحكام لجنة سُنن البحر بعد اعتمادها. وقُصارى ما تبذله المحكمة من جهدٍ في هذا النّوع من الأحكام هو الرّقابة العامّة على حُكم اللجنة قبل اعتماده، والتأكد من عدم مُجاوزته لحدود التَّفويض الممنوحة لها.
الثَّاني: أحكامٌ لدعاوى لم تُحل إلى لجنة سُنن البحر؛ لعدم اتفاق الأطراف، وتصدّت لها المحكمة بالحُكم فيها شكلًا أو صُلحًا أو موضوعًا. والأصل أن يقتصر الحديث في هذا المبحث على الآثار الموضوعيَّة المتمثلة في الأحكام الموضوعيَّة دون الشَّكليَّة أو المنتهية بصلح، إلا أنّي سأدرج هنا نماذج من هذين النَّوعين الأخيرين؛ للاقتراب أكثر من طبيعة النّزاعات البحريَّة.
فمن الأحكام الشَّكليَّة:
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (203/1366) الصَّادر في 1366هـ/1947م، فقد جاء فيه أنَّ المدّعى عليه صدم ببدنه هوري المدعي، حتى أنَّه كسر بعض ألواحه، والبدن والهوري نوعان من أنواع السُّفن، وقد أسقطت المحكمة هذه الدَّعوى لعدم حضور الطرفين(26).
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (347/1366) الصَّادر في 1366هـ/1947م، فقد جاء فيه بأنَّ الدَّعوى تتلخّص في أنَّ المدعي حَمَلَ صيدًا من البستان، وأصابه بعض الطّوفان في البحر، ومرَّ عليه المدعى عليه بسفينته البدن، فأشار إليه المدعي للنّجاة من الغرق، ومن القواعد بين أهل البحر أنّهم إذا رأوا أحدًا من صحبهم في شدّة من الطّوفان أن يُنقذوه، إذا كانت لهم قدرة عليه، والمذكور له قدرة على أن يقرّب سفينته؛ لأنَّها أكبر من سفينة المدعي، إلا أنَّ المدعى عليه تجاهل النداء، وقد قضت المحكمة في هذه الدَّعوى بعدم قبولها؛ لرفعها على غير ذي صفة(27).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (1334/1372) الصَّادر في 1372هـ/1953م، فقد جاء فيه بأنَّ المدعي يدّعي أنَّ المدعى عليه يشتغل عنده خدمة بحر، وأخذ منه سلفة تقدّر بمائتين وخمسين ربّيّة، ولَمَّا وصلوا إلى مطرح نزل عنه من المحمل من غير علمه؛ ولذلك فهو يطالب بأن يشتغل المدعى عليه لديه أو يُرجع له ما سدَّده له، وقد قضت فيها المحكمة بسُقوط الدَّعوى؛ لعدم المراجعة أربعة أشهر(28).
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (285/1386) الصَّادر في 1386هـ/1966م، فقد جاء فيه بأنَّ الدَّعوى تتلخّص في أنَّ المدعي ذهب لصيد السّمك الليلة الماضية، وفي الصّباح رجع، وعندما وصل رأس الشطيفي غرق الهوري الذي كان فيه، فمرّ عليه المدعى عليه فطلب منه المساعدة، فردّ عليه: أنا ما أساعدك، فقال له المدعي: أقدّم عليك دعوى في المحكمة. فقال: لا بأس، وعندما حضر الطّرفان أمام المحكمة «اعترف المدعى عليه بما وقع منه في جانب هذا المدعي من الخطيئة والجرم في عدم تنجيته حينما رآه في غرق البحر، وقد تنازل المدّعي عن دعواه، وعفا عما له من واجب في دعواه، وأسقطها؛ فهي ساقطة»(29).
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (107/1390) الصَّادر في 1390هـ/1970م، فقد أفاد فيها المدعي بأنَّ المدعى عليهما تعديا على مكانه المعتاد الذي يصطاد منه، وكان في ذلك الوقت موجودًا في ذلك المكان من البحر، وحجزا عليه مكان شبكه، ولم يسمعا قوله، فقضت المحكمة فيها بعدم جواز نظر الدَّعوى لسابقة الفصل فيها لـ «عرض المدعى عليهما… فصلًا مضمونه أنَّ الدَّعوى انفصلت بسنّة البحر بواسطة القاضي هاشم بن عيسى؛ فالعمل عليه، والدَّعوى مُنتهية»(30).
ومن الأحكام المنتهية صُلحًا:
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (171/1366) الصَّادر في 1366هـ/1947م، حيث قال المدعي فيها: «إنَّ [المدعى عليه] تعدّى عليَّ، ودعم بسيفنته بدني، وكان بدني في البر، وهو أتى من البحر، فناديته ليحرف سفينته عنَّا، فأبى، حتَّى حصل منه الدَّعم، وأصابني من ذلك جراح في يدي، كما هو ظاهر، فأطلب الأرش»، وقد قضت المحكمة في هذه الدَّعوى بإثبات ما اتفق عليه الطرفان، وهو «أن يسلّم المدّعى عليه إبراهيم للمدعي سعيد قرشًا فضّة حسمًا لدعواه، وأن يسلم المدّعى عليه القرش حالًا، وبذلك يعتبر فصلًا لدعواهما. انتهت بدفع القرش»(31).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (51/1367) الصَّادر في 1367هـ/1947م، فقد ورد في الحُكم أنَّ الطرفين تصالحا على أن يدفع المدعى عليه النّوخذة للمدعي التّاجر مبلغًا من المال خلال خمسة عشرة يومًا، وتقرّر أن تبقى سفينة المدعى عليه النّوخذة في مرسى مطرح محجوزةً إلى انقضاء المدّة ودفع المبلغ المذكور(32).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (299/1389) الصَّادر في 1383هـ/1963م، فقد ورد فيه أنَّ الطرفين اتفقا «على أن يصطحبوا جميعًا في السَّفينة التي جاؤوا فيها إلى الكويت، بصفة المدعى عليهما بحّارة في هذه السَّفينة مع المدّعي، وعلى أن تكون المحاسبة فيما بينهم بعد وصولهم الكويت، والتزم المدعي بأن يمر بسفينته بخضراء آل سعد الكبيرة من أعمال السّويق، ويمكُث هناك يومًا واحدًا؛ ليتمكَّن المدعى عليهما من لقاء عيالهما، وقضاء حوائجهما الضَّروريَّة، شرط أن لا يزيد مُكثهما هناك عن يومٍ واحدٍ، فبموافقتهما تَمَّ فصل هذه الدَّعوى»(33).
ومن الأحكام الموضوعيَّة:
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (1194/1359) الصَّادر في 1359هـ/1940م، فقد قضت المحكمة فيه بأن: «يلزم البحَّارة تبعة النوخذة ما دامت عليهم السّلفة له»(34).
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (62/1360) الصَّادر في 1360هـ/1941م، فقد قضت المحكمة فيه بأنها لا ترى بـ: «أن يصيد المدعى عليهما بالضفوة للصيمة والعومة، وأن تراعى القواعد الجارية بينهم سابقًا، وأن يمنع المعتدي من ذلك»(35).
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (110/1361) الصَّادر في 1361هـ/1942م، فقد ادّعى فيها المدّعي أنَّه كان في هوريه، فغرق، ومرَّ عليه المدعى عليهم، فلم يغيثوه، وقد غابت عليه ذخاير الهوري وأثوابه، وعند المحاكمة حضر المدعى عليهم، و«حلفوا بأنَّهم ما ظنّوا أنَّه يغرق، واستمع المدّعي اليمين، وبه انتهت الدَّعوى»(36).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (2257/1363) الصَّادر في 1363هـ/1944م، وقد قضت فيه المحكمة بـأنَّه: «حسب القواعد البحريَّة والقانون على النوخذة أن يعطي بحريَّته خرجًا فقط، أمَّا الحساب ففي المكان الذي ركبوا منه، وهكذا يُبلغ الجميع»(37).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (511/1364) الصَّادر في 1364هـ/1945م، حيث يدّعي المدعي فيها أنَّه سافر مع المدعى عليه النّوخذة من بندر مطرح، وحَمل معه 14 بندلة تنباك، قاصدًا بها إلى ممباسة، وعندما وصلوا إلى المكلا أخبره المدعى عليه النوخذة بأن يتحوّل من مَحمله، وبقي التنباك عنده، وثمن البندلة 100 ربّيّة، المجموع 1400 ربية، مع المصاريف، وقد قضت فيها المحكمة بأنَّ «المحكمة الشَّرعيَّة لا دخل لها في دعوى التتن المُحرَّم»، ثُمَّ ورد في حقل الحُكم بأنَّ الطَّرفين تصالحا بواسطة عبدالفتاح بن مُحمَّد، وتَمَّ تنفيذ الصُّلح. وبذلك انتهت الدَّعوى(38)، وهذا الحُكم لم يرد بعده اسم القاضي واعتماده للحُكم، كما هو الحال في باقي الأحكام في الدَّفتر نفسه.
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (1014/1366) الصَّادر في 1366هـ/1947م، حيث قال المدعي فيها: بأنَّه ركب مع المدعى عليه النّوخذة في محمله من صور، ولَمَّا وصلوا مطرح منع عنه أغراضه، وقضت المحكمة في هذه الدَّعوى بأنّه: «لعدم البيّنة من المدعى عليه [النوخذة] أنَّ المدعي ضمن له نول نفرين من صور إلى مطرح، وهو أنكر ذلك، وقد حلف المدعي أنّه ما ضمن للمدعى عليه في نول نفرين، واستمع منه اليمين، فعلى ذلك يلزم المدعى عليه دفع ما بقي من الأغراض للمدعي. وبذلك تم فصل الدَّعوى»(39).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (1226/1366) الصَّادر في 1366هـ/1947م، حيث يدّعي المدعي فيها أنَّه اشترى من المدعى عليه هوري عن أربعين ريالًا، وبه بعض من الضياع، وصار الشرط في عقد البيع أنّه إذا ظهرت زيادة على هذا الضياع فيكون البيع مردودًا، والهوري يرجع إليه، ودفع المدعي للمدعى عليه جزءًا من الثمن وقدره ثلاثون ريالًا، ولما أن دفر المدعي الهوري في البحر ظهر فيه ضياع أكثر من المشروط في البيع، وعندما أرجع المدعي الهوري لم يوافق المدعى عليه على رده، كما أن المدعي اشترى مع الهوري جميع آلته البحريَّة إلا أن المدعى عليه لم يسلمه تلك الآلة مع الهوري، وجاء في أسباب حكم هذه الدَّعوى بأنَّ «المدعى عليه قَبِلَ من المدعي اليمين أنَّه ما جرى منه سبب ضياع في الهوري الذي اشتراه منه، وقد حلف المدعي اليمين، واستمع المدعى عليه منه ذلك، بذلك رجع الهوري المذكور إلى المدعى عليه، والدراهم مدفوعة في ثمنه رجعها المدعي. وبذلك تم فصل الدَّعوى»(40).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (1269/1366) الصَّادر في 1366هـ/1947م، حيث يدّعي المدعي فيها أنَّه اتفق مع المدعى عليه النوخذة أن ينقل له بضاعة من السيب إلى مطرح إلا أنّه سلّمه بعضها، ولم يسلّمه الباقي، وجاء في أسباب حُكم هذه الدَّعوى بأنَّ المدعى عليه «قَبِلَ من المدعي أنّ الباقي له من الأغراض عند المدعى عليه: سمّة واحدة وثلاث كلاوات لماء ودعن واحد وركزة واحدة، وقد حلف المدعي واستمع المدعى عليه من اليمين، وبذلك يلزم المدعى عليه أداء ذلك، وهو دعن واحد زور، سمّه واحدة غضف، ثلاثة كلاوات لماء، ركزة واحدة مال نخيل، وقد تأجل المدعى عليه في إحضار ذلك ليوم 17 القعدة 1366. وبذلك تَمَّ فصل الدَّعوى»(41).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (495/1367) الصَّادر في 1367هـ/1948م، حيث قال المدعي فيها: بأنّه ركب مع المدعى عليه [النوخذة] في مَحْمله بحَّارًا، وكان الشَّرط بينهما أن يمرّ به على أهله بسور العبري، وأن يُعطيه وخوذ دراهم مقدّمًا بما يكفيه، إلا أنَّ المدعى عليه لم يمرّ به بموجب الشَّرط، وعندما وصلوا مطرح عرض عليه ستّ ربيات، فلم يقبل المدعي بها، وطلب المحاسبة فيما له وعليه، وجاء في حُكم المحكمة أنَّ المدعي قَبِلَ «اليمينَ من المدعى عليه أنَّه ما أجَّره بنفسه في إشغال المحمل الذي اشتغل فيه، وقد حلف المدعى عليه بذلك، واستمع منه اليمين. وبذلك تم فصل الحكم في هذه الدَّعوى»(42).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (465/1373) الصَّادر في 1373هـ/1953م، فقد ادّعى فيها المدعون أنَّ المدعى عليهم نقضوا المكاتبة التي جعلتها المحكمة بينهم بشأن الاصطياد بالعومة والصّيمة في مطرح، وقد شرعوا في الاصطياد، وأنّ المدعين حاولوا منع المدعى عليهم، فلم يمتنعوا بموجب المكاتبة، وقد «قُرئ على الطَّرفين الفصل الذي وجد فيه اصطلاح الجميع على أن صيادة الجيم من الصَّباح إلى الظّهر، ومن صاد فلا يعود مرّة ثانية في يومه، وبذلك انفصلت هذه الدَّعوى»(43).
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (200/1376) الصَّادر في 1376هـ/1957م، فقد قضت فيه المحكمة بأنَّه: «لَمَّا لم يتراض الطَّرفان بسُنَّة أحد من أهل البحر، ويُحكّمون الشَّرع، فالشَّرع يرى أنَّ كُلَّ شخصٍ من الصَّيادين تقدَّم صاحبه، ومدَّ شبكته للاصطياد؛ فليس لشخصٍ آخر أن يعترضه ويتقدَّمه للتَّضييع عليه؛ إذ الكلُّ يبتغون من فضلِ اللهِ، والمضادة مُزالة من الطَّرفين. هذا ما عندي، والله أعلم، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام»»(44).
حُكم الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (94/1377) الصَّادر في 1377هـ/1957م، فقد قضت المحكمة فيه أنَّ: «الشَّرع لا يمنع الرَّخي بمثل هذا الليخ؛ لأنَّ البحر مباح لا يُملك، وليس التَّنازع بين هؤلاء الخصوم في مكانٍ معلومٍ أو في عُمق البحر»(45).
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (106/1377) الصَّادر في 1377هـ/1957م، حيث يدّعي المدعون فيها بأنَّ المدعى عليه هجم عليهم فوق هوريَّهم، ومرطهم صيمتهم، وكسر عليهم أوعية، وقد «حلف المدعون أنَّ المدعى عليه مرط صيمتهم من هوريهم، ولم يسلم ثمنها، وهو أربعون بيزة، وحلف المدعي الأوَّل أنّه كسر عليه قرعتين قيمتهما قرش، واستمع يمينهم، فعلى المدعى عليه غرامة للمدعين قرش وأربعون بيزة، يسلمهنَّ الآن، ويُحبس ثلاثة أيّام في مأمنٍ منه وعليه؛ لتعديه عليهم. وبهذا تَمَّ فصل هذه الدَّعوى»(46).
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (178/1378) الصَّادر في 1378هـ/1958م، حيث يدّعي المدعي فيها أنَّ المدعى عليه تعدّى عليه بأخذ أحد بحّارته دون نظره، وقد «حلف المدعى عليه ما تداخل في عامل المدعي بفساد عنه، ولا تسبب لتنفيره منه، واستمع يمينه منه، وانتهت الدَّعوى…»(47).
حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (523/1386) الصَّادر في 1386هـ/1967م، فقد قضت فيه المحكمة بأن الطَّرفين حضرا، «وقد حضر المُرسَل من طرف المحكمة لنظر المكان، وهو خصيب بن حامد، وأفاد أنَّ المسافة بين الهواري الذي تركه [المدعي] وبين المدعى عليه اثنا عشر باعًا إلا رُبع، فعلى هذا لا نرى لـ[المدعى عليه] اعتراضًا ولا منعًا على [المدعي] في ترك هواريه هناك»(48).
والمتأمّل في هذه المجموعة الأخيرة من الأحكام الموضوعيَّة يتبيّن له أنَّ المحكمة تستند في أحكامها على العُرف المتمثِّل في السُّنن البحريَّة على اعتبار أنَّه المصدر التَّشريعي الذي يحكم الدَّعوى بعد تكييفها التَّكييف القضائي الصَّحيح، إلا أنَّ أحكامًا أخرى في هذه المجموعة استندت فيها المحكمة على مصادر تشريعيَّة أخرى غير العُرف، مثل: حُكم الدَّعوى الجنائيَّة رقم (200/1376) سالف البيان، فقد استندت فيه المحكمة إلى حديث النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» وقاعدة رفض الضرر، وقالت في ذلك: «فالشَّرع يرى أنَّ كُلَّ شخصٍ من الصَّيادين تقدَّم صاحبه ومدَّ شبكته للاصطياد؛ فليس لشخصٍ آخر أن يعترضه ويتقدَّمه للتَّضييع عليه؛ إذ الكلُّ يبتغون من فضلِ اللهِ، والمضادة مُزالة من الطَّرفين. هذا ما عندي، والله أعلم، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام».
ويُلاحظ كذلك أنَّ المحكمة استندت على قاعدة ما بني على باطل فهو باطل في الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (511/1364)، فقضت فيها بعدم قبولها؛ لتعلّقها بمحرَّم، وهو التَّنباك أو التَّتن، وقالت في ذلك بأنَّ: «المحكمة الشَّرعيَّة لا دخل لها في دعوى التَّتن المُحرَّم».
كذلك أيضًا استندت المحكمة إلى قاعدة أنَّ الأصل في الأشياء الإباحة عندما قضت في الدَّعوى الحقوقيَّة رقم (94/1377) بأنَّ «الشَّرع لا يمنع الرَّخي بمثل هذا الليخ؛ لأنَّ البحر مباح لا يُملك، وليس التَّنازع بين هؤلاء الخصوم في مكانٍ معلومٍ أو في عُمق البحر».
أمَّا في الدّعاوى الجنائيَّة فإنَّ المحكمة قضت بحبس المدعى عليه ثلاثة أيَّام في الدَّعوى الجنائيَّة رقم (106/1377)، واستندت في حكمها إلى أنَّ المدعى عليه تعدّى على المدعين بأخذ صيدهم وتخريب أدواتهم.
ومُلخّص ما سبق أنَّ المحكمة تستند في أحكامها في الدّعاوى الحقوقيّة على السُّنن البحريَّة أو المصادر التَّشريعية الأخرى، والقواعد الفقهيَّة المتفرّعة عنها، أمَّا في الدّعاوى الجنائيَّة فتستند إلى القواعد العامّة في حرمة الاعتداء على النفس والمال، وتقدّر العقوبة المناسبة لها؛ لعدم وجود قانون عقوبات أو قانون جزاء مكتوب حينها.
وختامًا فإنَّ هذه الدّراسة مُحاولةٌ لبيان معالم نظريَّة إجراءات الدّعاوى البحريَّة المنبثقة من النّظرية الكبرى لإجراءات الدّعاوى أمام المحاكم الشَّرعيَّة، وهي من أوائل الدّراسات التي تناولت هذا الجانب المغمور من تُراثنا القضائي الكبير، ولا بد من سبر أغوار هذه النَّظريَّة بشكل أعمق؛ لإكمال النَّتائج التي خرجت بها هذه الدّراسة.
الهوامش
الجرجاني، مُعجم التَّعريفات: 125
سرور، النَّظريَّة العامَّة للقانون: 217، 218
أنيس وآخرون، المعجم الوسيط: 456
أنيس وآخرون، المعجم الوسيط: 455
مجموعة باحثين، الموسوعة العُمانيَّة: 5/1896
الغيلاني، معجم المصطلحات والمسمّيات البحريَّة العُمانيَّة: 249
مجموعة باحثين، الموسوعة العُمانيَّة: 5/1897
الغيلاني، سُنَّة النّواخذة: 129
الغيلاني، سُنَّة النّواخذة: 153
الغيلاني، سُنَّة النّواخذة: 165
الغيلاني، سُنَّة النّواخذة: 168
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر الإقرارات 1353هـ-1355هـ: 228.
مجموعة باحثين، الموسوعة العُمانيَّة: 9/3384
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1362هـ-1363هـ: 91.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1373هـ-1375هـ: 343-344.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1371هـ-1373هـ: 57-58.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح: 199-200.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح: 411-412.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1371هـ-1376هـ: 382-383.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1359هـ-1360هـ: 136-137.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1360هـ-1362هـ: 358-359.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1365هـ-1366هـ: 231-232.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1366هـ-1367هـ: 162-163.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1371هـ-1376هـ: 208-209.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح: 284-285.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1366هـ-1367هـ: 86-87.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح: 150-151.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1371هـ-1373هـ: 433-434.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1386هـ: 106-107.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1390هـ: 192-193.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1366هـ-1367هـ: 70-71.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1366هـ-1367هـ: 47-48.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1382هـ-1384هـ: 143-144.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1359هـ-1360هـ: 15-16.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1360هـ-1362هـ: 22-23.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1360هـ-1362هـ: 192-193.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1363هـ-1364هـ: 52-53.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1364هـ: 118-119.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1366هـ الثَّاني: 125-126.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح: 220-221.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح: 237-238.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح: 223-224.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1373هـ-1375هـ: 71-72.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1376هـ-1377هـ: 37-38.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1375هـ-1377هـ: 453-454.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1377هـ-1378هـ: 54-55.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1378هـ-1379هـ: 38-39.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح، دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1386هـ-1387هـ: 23-24.
قائمة المراجع والمصادر
الجرجاني، علي بن محمد. معجم التعريفات. مصر/ القاهرة: دار الفضيلة للنشر والتوزيع، د.ت.
الغيلاني، حمود بن حمد بن جويد. سُنَّة النّواخذة. 1 م، د.ت.
معجم المُصطلحات والمُسمّيات البحريَّة العُمانيَّة، 2020.
المحكمة الشَّرعيَّة بمطرح. دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1360هـ-1362هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1365هـ-1366هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1366هـ-1367هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1371هـ-1376هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1376هـ-1377هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1377هـ-1378هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1378هـ-1379هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1386هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1386هـ-1387هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الجنائيَّة 1390هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1359هـ-1360هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1362هـ-1363هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1363هـ-1364هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1364هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1366هـ الثَّاني، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1366هـ-1367هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1371هـ-1373هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1373هـ-1375هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1375هـ-1377هـ، د.ت.
دفتر أحكام الدَّعاوى الحقوقيَّة 1382هـ-1384هـ، د.ت.
دفتر الإقرارات 1353هـ-1355هـ، د.ت.
أنيس، إبراهيم، عبدالحليم منتصر، عطية الصَّوالحي، ومحمد خلف الله أحمد. المعجم الوسيط. 1 م، د.ت.
سرور، مُحمَّد شكري. النَّظريَّة العامَّة للقانون. 1 م. مصر/ القاهرة: دار النهضة العربية، 2008.
مجموعة باحثين. الموسوعة العُمانيَّة. الطبعة الأولى. م 9. 11 م. مسقط/ سلطنة عُمان: وزارة التراث والثقافة، مسقط، سلطنة عُمان، 1434.