تبدي الدراسات الحديثة اهتماما علميا بتقييم مصادر التاريخ العماني والثقافة العمانية (1). ولقد عنيت هذه الدراسات بإبراز المصنفات العمانية من حيث المنهجية والأسلوب والفكر، باعتبار ان ذلك يعد ضروريا لفهم جوانب واسعة من التاريخ العماني. وما إن يبدأ الباحث في دراسة وتقييم المصادر التاريخية العمانية حتى يجد أمامه مجموعة من الكتابات التي دونت من قبل كتاب مختلفين وأزمان مختلفة مكونة بذلك مصدرا من المصادر الأولية للتاريخ العماني حيث يطلق عليها "السير العمانية". ولقد انعكست فيها جوانب شتى عن الحياة السياسية والاجتماعية والأدبية والايديولوجية لدى العمانيين. هذا بدوره أدى الى اهتمام شديد بالجغرافيا السياسية لعمان من حيث الموقع والمكانة.
فاللمحة الأولية للخارطة العمانية تعطى انطباعا في فهم التوزع الديموغرافي للسكان والطبوغرافيا الجغرافية التي أثرت بدورها في تشكيل أوجه كثيرة في الحياة الثقافية لعمان. ف.ج. ويلكنسون بيدي وصفا طبيعة عمان الجغرافية حيث يقول: "انها أشبه بجزيرة يحيط البحر بجوانبها الثلاثة من الخليج العربي، وخليج عمدن، وبحر العرب والرابع بصحراء عظيمة من الرمال وهي الربع الخالي. إن تركيبة هذه الجزيرة عبارة عن سلسلة من الجبال الطويلة على امتداد 650 كم التي يبلغ ارتفاعها أكثر من ثلاثة الااف متر في الجبل الأخضر وبعرض 130 كم" (2). إن هذه الطبيعة الجبلية قد تكون أساسية في التكوين السكاني لكنها في الوقت نفسه حافز مهم لاتجاه العمانيين الى التجارة البحرية في المحيط الهندي والخليج، فعمان بهذا التكوين شكلت واسطة الحلقة بين التجارة البحرية والصحراء. هذه المكونات كانت محورا في تكوين الثقافة والشخصية العمانية حيث أعطت لهذا الجزء من الجزيرة العربية تميزه التاريخي الخاص. لذا كان علينا في هذه الدراسة توضيح جوانب من معالم وأهمية هذه السير كمصدر تاريخي وكرافد مهم في الدراسات العمانية والاباضية على سواء وكجنس أدبي تفرد به هذا الإقليم في جانبه المعرفي ليشكل بذلك جزءا مهما في الدراسات التاريخية والأيديولوجية لعمان.
1- السيرة العمانية التاريخ والمنشأ:
إن كلمة سيرة متسلسل من "المسلك" أو طريقة الحياة اللذين يعدان تطورا طبيعيا للأصل (س. ي. ر)، أي سلك وذهب في الأرض. وبمعنى السنة والهيئة. وكانت تستعمل في تلك الأيام حقا على الحياة بصفة عامة (3).
فالسير العمانية في كتابتها ومحتوياتها تتضمن مذكرات دينية سياسية قصيرة لا تزيد على 20 الى 30 ورقة تعبر عن وجهة نظر شخصية لموضوع معين، وهي بذلك تعتبر من المصادر المهمة للدارسين سواء من الناحية الفكرية أو التاريخية لمنطقة عمان أو الدراسات الاباضية، فهي يمكن تشبيهها بأرشيف من المذكرات والمراسلات لأزمنة مختلفة وموضوعات متنوعة. ومن خلال العرض الأولي لسير العمانيين يتضح أنها على أربعة أنماط:
أولا: أن تكون متضمنة على فكرة أو رؤية لعالم أو فقيه يعبر من خلالها عن رأيه أو فكرته عن ذلك الموضوع أو الحدث.
ثانيا: أن تكون مراسلات بين أطراف عدة تحمل في محتواها قضية معينة في موضوع معين للمناقشة.
ثالثا: أن تكون كتابات أو ردودا أو لتبادل الرأي فيما بين العلماء لتفسير أو تحليل مسألة أو قضية وهذا النمط ساد في فترة الانقسام ما بين المدرستين الرستاقية والنزوانية.
رابعا: أن تكون عبارة عن تدوين لأحداث وأخبار في عصر ما أو أحيانا تتضمن كتابة عن مشاهير الأئمة والعلماء والفقهاء أي أشبه بما يطلق عليه البيوغرافيا.
هذا النوع من الكتابة الانشائية الذي ازدهر عند العمانيين في الواقع لم يكن عمانيا إنما انتقل الى عمان في القرن الثاني هجري الثامن ميلادي بعد أن استخدم في البداية فن قبل العلماء الاباضيين في البصرة والمذاهب الاسلامية الأخرى في البصرة ثم انتقل بعدها الى عمان ويحتمل أن يكون انتقل الى عمان مع ما يعرف بحملة العلم حيث انتشر (خصوصا) بعد قيام الامامة الأولى في عمان (132، 748) واستقلالية عمان عن الدولة المركزية بالمعنى النهائي وبداية التكوين المعرفي الايديولوجي الجديد لعمان. فالبروفيسور كورن وزيمرمان يبديان توضيحا أدق في نشأة هذا النوع الأدبي: أغلب السير العمانية يمكننا تعريفها بوسائل معبرة عن مواقف دينية وهي أشبه ما تكون ببيانات وعظية (أشبه ما تكون برسائل القديس بولس) تشرح من خلالها ما يجب أو لا يجب من إيمان وعمل وتقرأ بصوت الداعي للأمر. هذه النوعية تعكس ما تكون في أصلها nabeL mi ztiS لكن حقيقة الأمر أن هذا المصطلح لهذا النوع الأدبي أو ما يشبه السير العمانية يعود استخدامه لأواخر الحكم الأموي عندما استخدمه في المواضع والمواقف الدينية. شاعر المرجئة ثابت قطنة (ت 110/ 728م) على ما استخدم المصطلح للتعبير عن ذلك بقوله:
يا هند إني أظن العيش قد نفدا
ولا أرى الأمر إلا مدبرا نكدا
يا هند فاستمعي لي أن سيرتنا
أن نعبد الله لم نشرك به أحدا (4)
وكذلك عندما كان ثائر المرجئة الحارث بن سريج يقاتل ضد نصر بن يسار أمر وزيره جهم بن صفوان بقراءة سيرة الحارث "الحارث كتب سيرته وقد قرئت بصوت مسموع في جامع مرو". فعنونة السيرة على ما يذكر Hinds يرتبط بشخص ما وعادة ما تجري السيرة ضمن منحى نمطي معروف" (5). أما وليكنسون فيذكر أسباب بروزها: "برزت عندما صعب الاتصال فيما بينهم (الاباضية). اذن فعلى مستوى واحد فما عندنا هو عبارة عن اجزاء أو شظايا من رسائل كتبت على المستوى الفردي أو الجماعي وجهت للائمة والعلماء تحمل اراء أو نصائح تخص المجتمع داخليا وخارجيا. وهذه الرسائل يطلق عليها على وجه العموم مصطلح السير". (6). بينما البروفيسور مايكل كوك حاول أن يعطي لهذه السير في الأدب العربي فالسؤال المطروح: لماذا لا توجد هذه الأدبيات على أهميتها ضمن المصادر الكلاسيكية العربية أو حتى في ضمن الرسائل والكتابات الدينية فيبرر ذلك: "قد يرجع ذلك بسبب أن الاباضية قد تركوا العراق قبل أن يتأثر الأدب العربي تأثرا بالغا بما يمكن وصفه بتوسع الصنعة البديهية. وبالتالي فان التراث الاباضي بعيد عن هذه الصنعة وعلى هذا فان غزارة المراسلات عديمة الأهمية من عمر الثاني (ابن عبدالعزيز) الى من جاء بعده.. والتي نجدها في التراث السني من حيث التزييف ليس لها ما يقابلها في السجل الاباضي من التزييف التراثي الفكري، وعلى نفس الوتيرة فان هذه الرسائل التقليدية لا تزال تحمل الينا قيمتها على المدى…" (7).
ولكي أعطي شرحا أوفى لتوضيح جوانب هذه السير يجب علينا أولا دراسة استخدام المؤرخين العمانيين لمصطلح السير فاستخدام المؤرخين والعلماء العمانيين لمسطح السير يختلف عن استخدام الكتاب والمؤرخين الاباضيين الاخرين، فعلى سبيل المثال نجد المصادر التاريخية الاباضية في شمال افريقيا، فكتاب "سير وأخبار الأئمة" المعروف بتاريخ أبي زكريا ليحيى بن أبي بكر الورجلاني (ت 471هـ/1078م)، وطبقات الاباضية للدرجيني (ت 670هـ/1271م)، وكتاب "الجواهر المنتقدة فيما أخل به كتاب الطبقات" لأبي القاسم البرادي (ت النصف الثاني من القرن 8هـ/ 14م)، وكتاب "السير" لأحمد بن سعيد الشماخي (ت 928هـ/1522م). نجد كل هذه المصنفات تستخدم مصطلح السير بمعنى الترجمة والكتابة الشخصية أي ما يعرف قواميس البيوغرافيا. ولكن البرادي أورد مصطلحا آخر للسير في استخدامه لهذا المصطلح فيشير عليها "كتاب…" للاشارة الى السيرة كنحو ذكره: كتاب عبدالله بن أباض لعبد الملك بن مروان، وكتاب شبيب بن عطية.
فالأمر الجدير إثارته بالتساؤل حقا هو كيفية جمع نصوص السير كجنس أدبي ومن أول من قام بهذا العمل والدواعي التي أدت الى تجميعها في مجموعات اختصت بها وحملت مع مرور الزمن العنوان المتعارف عليه "السير العمانية" فالحارثي في العقود الفضية (8) يشير الى أبي الحسن البسيوي (ق 4/ 10) على أنه صاحب كتاب السير وهي تقترب الى أقدم المحاولات لتجميع هذه السير في مجموعات أدبية. بينما سيدة كاشف (9) تشير الى احتمالية أن يكون أبوبكر الكندي صاحب المصنف على الأرجح أول من قام بتجميعها وذلك أن كتابه "الاهتداء" قد احتوى على بعض السير. فكلاهما. البسيوي والكندي من علماء وأعمدة المدرسة الرستاقية. رغم عدم وجود الأدلة الواضحة في هذا الشأن إلا أنه يدعونا الى الترجيح بأن البسيوي قد ابتدأ في تجميعها ثم أكمل من بعده الكندي وذلك في خلال فترة الصدام بين المدرستين الرستاقية والنزوانية حين حاولت كلا المدرستين تجميع نصوص شيوخهما ثم تطرقت الى أبعد من ذلك لتجميع نصوص السير التي دونت في الفترات الأولى عند الاباضية والعمانيين ثم النساخ والمؤرخين ساروا ونهجوا على منوالهما.
قبل المحاولة لتوضيح استخدام معنى السيرة عند العمانيين يجب علينا تحديد الفترة الزمنية التي استمر فيها تدوين كتابة السير ليتضح لنا المفهوم بدقة في التصنيف الكتابي في عمان. وأقدم الكتابات تحديدا أتت تقريبا في القرن 11هـ/17م وذلك بكتابة عبدالله بن خلفان بن قيصر لسيرة الامام ناصر بن مرشد اليعربي (1043 – 1059)(1624-1649) حيث دون الكاتب بعض حياة الامام وحروبه فهي أول سيرة عمانية وصلت حتى الان حاولت التدوين (في كتاب مستقل) عن حياة شخص ما. فلهذا يمكننا أن نعتبر أن مصطلح كتابة السيرة بعد هذه الفترة قد شهد تحولا عند المؤرخين العمانيين عما هو متعارف عليه من حيث الشكل والمضمون للسير حيث أعطت معنى اخر في تدوينها، مما يجعلنا أكثر التزاما في التوقف عند التحديد الزمني لهذه الفترة من اعتبارات أخرى.
1- إن أسلوب الكتابة عند المؤرخين والكتاب العمانيين شهد تغيرا موضوعيا حيث أن أغلب الكتب التاريخية العمانية وصلت الينا بعد هذه الفترة سواء من الازكوي أوا من رزيق أو السالمي أو غيرهم.
2- إن السير المتعارف عليها قد بدأ يفقد الاهتمام بها من قبل الكتاب العمانيين، فالسير التي أتت من بعد كانت محاولة لمسايرة أو تقليد لهذا النمط الكتابي.
3- إن الكتب التي وصلت الينا وهي التي حاولت تجميع السير العمانية أشبه ما تكون بمجموعات مصنفة متكاملة وضع أقلبها فيما بعد القرن 11هـ/17م أي حين بدأ العمانيون تجميعها في مصنفات كنوع أو جنس أدبي أمثبه بما يعرف بالمصطلح الأدبي. Cenre
ومن الجلي في الأمر فان عملية التدوين للكتابة الأدبية التاريخية بعد ذلك أعطت معنى اخر لمصطلح السيرة عند العمانيين، ففي القرن التاسع عشر الميلادي دون المؤرخ محمد بن حميد المعروف بابن رزيق سيرة عن السلطان سعيد بن سلطان (1804- 1856) أسماها "البدر التمام في سيرة السيد الهمام سعيد بن سلطان". ضمنها كتابه "الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين" الذي قسمه الى ثلاثة أقسام: القسر الأول: عن قبيلة الأزد وأنسابها حتى البوسعيديين، القسم الثاني عن عمان القسم الثالث: عن أخبار البوسعيديين من 1741 الى 1856. لاشك أن ابن رزيق قد أعطى كتابة السيرة نفسا واسعا من حيث تتبع النسب وبالشخصية والأحوال الزمنية المحيطة بها. نورالدين أبو محمد عبدالله بن حميد السالمي (1866- 1913) دون سيرة عن شيخه الشيخ صالح بن علي بعنوان "الحق الجلي في سيرة الشيخ صالح بن علي" لكن هذه السيرة تقترب في مضمونها الى الجانب التقليدي في محاولة منه في الدفاع عن شيخه فيما اتهم به أكثر من محاولة التدوين عن الحياة الشخصية له. كذلك نور الدين السالمي استخدم مصطلح السيرة كأسلوب تعليمي في الكتابة التاريخية في كتابه "تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان". حيث يقول: فانه لا يخفى على عاقل أن علم التاريخ مما يعين على الإقتداء بالصالحين ويرشد الى طريقة المتقين…" ثم يذكر: "وحيث كان العدل وسيرة الفضل في عمان أكثر وجودا بعد الصحابة من سائر الأمصار تشوقت نفسي الى كتابة ما أمكنني الوقوف عليه من آثار أئمة الهدى ليعرف سيرتهم الجاهل بهم ليقتدي بها الطالب لأثرهم…" ومصطلح السيرة قد استخدم عند العمانيين في التدوين التاريخي عند المؤرخين القدماء حيث نشير الى كتاب "عقود الجمان في سيرة أهل عمان" لأحمد بن النظر (ق 6هـ/11م)، الذي مع الأسف لم يعثر عليه حتى الآن ولا يعرف محتواه. أما أول عملية تدوين عن أخبار وفيات أئمة وعلماء عمان فقد كانت في بداية القرن 9هـ/15م للشيخ محمد بن عبدالله بن مداد وهذه السيرة قد تكون من البدايات الأولية الجديرة بالملاحظة في التدوين التاريخي عن الترجمات الشخصية في عمان.
2- السير ومصدريتها التاريخية:
كل المؤرخين العمانيين سواء القدماء منهم أو المعاصرون اعتمدوا في كتاباتهم التاريخية على السير العمانية، وهو مما دلل على أهميتها وجعلها من المصادر الأولية لكتب التاريخ العماني المعروفة: كتاب الأنساب لأبي المنذر سلمة بن مسلم العوتبي (ق 5هـ/11م)، كشف الغمة الجامع لأخبار الأئمة المنسوب لسرحان بن سعيد الازكوي (ق 11هـ/17م) الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة وعلماء عمان لابن رزيق (ت 1875)، تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان لنور الدين السالمي (1866- 1913).
أما عند المؤرخين المعاصرين فلقد كانت هناك محاولات عدة في تقييم مصدرية هذه السير سواء من جانب المستشرقين أو العرب وكانت أولى المحاولات من جانب جون ويلكنسون في مقاله The Omani Manuscript at Muscat ( 10) كانت محاولة ويلكنسون مناقشة وعرض محتويات بعض الكتابات الفقهية المحفوظة بمكتبة وزارة التراث القومي والثقافة حيث ألقى الضوء على هذه المخطوطات منذ البداية التاريخية للامامة بعمان حتى القرن 9هـ/ 11م، فكانت محاولة الكاتب عرض مجموعة من السير في مخطوطة محفوظة بمكتبة وزارة التراث القومي والثقافة بسقط. كذلك ناقشها من حيث تسلسلها التاريخي وموضوعاتها وابدي بعض الملاحظات على السير المعروضة لكن المميز في هذه الدراسة انه قمم السير الى رسائل أو مختصرات في الامامة الأولى،. حول عزل الامام الصلت بن مالك، وحول النقاش بين المدرسة الرستاقية والنزوانية لكنه من جانب اخر ضمها الى الكتابات الفقهية العمانية قد يكون ذلك منه عرضا أو ملاحظات أولية ليس مناقشة ودراسة لهذه المجموعة من السير المعروضة. وبالرغم من هذا فإن هذه الدراسة أولى الدراسات التي حاولت تقييم السير وعرضها وتقيمها على أسس علمية من حيث المراحل الزمنية والتصنيفية إضافة الى أن ويلكنسون سبقت له دراسات مختصرة حول السير خلال دراسته مصادر التاريخ العماني (11)،كذلك تشير قراءته التحليلية في السير العمانية في مقالته Oman East Africa. New Light on early Kilwan history from the Omani sources (12) حيث حلل نصوصا لبعض السير في الوجود الاباضي والعماني في شرق افريقيا في القــرن 6هـ/11م.
الدراسة الثانية من الدكتور فاروق عمر في كتابه "مقدمة في دراسة التاريخ العماني" (13). التميز الحقيقي لهذه الدراسة انها فصلت ما بين كتابة ونوعية السير العمانية عن "كتب النسب العمانية" و "كتب التراجم والسير الأخرى، كذلك تناولت عرض ثلاث سير عمانية: سيرة شبيب بن عطية، سيرة أبي المؤثر الصلت بن خميس وسيرة أبي الحس البسيوي. لكن الكاتب اهتم في عرض السير أكثر من تحليلها أو تبيين نوعيتها التاريخية. فإشارة التمييز الى هذه النوعية الكتابية الأدبية التاريخية ثم الفصل بينها وبين المصادر التاريخية الأخرى قد تكون أهم النقاط المرتكزة عليها هذه الدراسة.
أما الدراسة الثالثة من الدكتور أحمد عبيدلي في مقدمة دراسته حول المصادر التاريخية ضمن تحقيقه لكتاب "كشف الغمة في أخبار الأئمة" (14). ثم من بعد الدكتور عصام الرواس في دراسته مصادر التاريخ العماني (15) كلتا الدراستين لديهما محاولة في ابداء تغير ماهية السير وأهميتها في المصادر التاريخية فالدراسات السابقة عنيت بدراسة السير كمصدر تاريخي من مصادر التاريخ العماني لكن من أهم الدراسات الأدبية في السير بلا شك كانت دراسة مايكل كوك Early Muslim Dogma س (16) حين درس لنصوص من السير العمانية ومقارنتها لنصوص عربية أخرى في إطار الأدب الديني في القرن الأول الهجري لتقييمها بثكل موحد. وكذلك من المهم الاشارة في هذا المجال الى دراسات المستشرق الألماني Van Ess (17).
3- ملاحظات أولية لنصوص السير:
قبل عرض السير من المهم أيضا إبداء بعض الملاحظات الأولية:
1- السير من حيث توزيعها وكتاباتها هي عبارة عن مخطوطات موزعة ومبعثرة ضمن المخطوطات العمانية. ذلك انها لم تجمع حتى القرن 11هـ/17م عندما شهدت محاولات تجميع السير ضمن مجموعات مصنفة يطلق عليها أحيانا "السير العمانية" وأحيانا أخرى "السير الاباضية" وبالرغم من هذه المحاولات إلا أنه مازال عدد منها ضمن محتويات المخطوطات العمانية.
2- السير التي ضمت أو صنفت هذه المجموعات بشكل عام لا تزال غير مرتبة ترتيبا تاريخيا أو موضوعيا وإنما يكون المرتب والمنسق المختار لها هو الناسخ.
3- بعض السير في هذه المجموعات أو التي تعتبر من السير العمانية في الواقع هي ليست سيرا عمانية أو اباضية إنما هي من الأدبيات العربية الاسلامية على نحو المثال: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الى العلاء بن الحضرمي أو سيرة أبي بكر الى عمر بن الخطاب ربما تم ضمها لاعتبارات ايديولوجية أو عقائدية.
4- من حيث المحتوى النوعي فإنه عادة ما تكون السيرة تحمل هدفا وفكرة واضحة لما يعرض في المناقشة، وهي بثكل عام أشبه بالمذكرات أو الرسائل العلمية. وأما عناوينها فعادة ما تكون أو تنطوي على ستة أنماط: النمط الأول أن تحمل السيرة عنوان كاتبها على سبيل المثال: سيرة سالم بن ذكران (ق 2/8)، سيرة خلف بن زياد البحراني (ق 2/8). النمط الثاني أن تحمل السيرة عنوان الكاتب والمرسل على سبيل المثال: سيرة الامام المهنا بن جيفر (226/ 237) (841/ 851) الى معاذ بن حرب، سيرة محمد بن محبوب (ت 260/874) الى أبي زياد خلف بن عذرة، سيرة محبوب بن الرحيل الى أهل حضرموت. النمط الثالث أن تحمل السيرة عنوان اسم الكاتب وموضوع المناقشة كسيرة أبي المؤثر الصلت بن خميس (ق 3/9) في الحدث الواقع بعمان، سيرة السؤال لأبي الحسن علي بن محمد البسيوي (ق 4/ 10). النمط الرابع أن تحمل عنوانا باسم كتاب نحو كتاب الموازنة، الأحداث والصفات. النمط الخامس أن تحمل عنوان المرسل اليه كنحو: الى من كتب الينا من اخواننا من أهل خراسان، سيرة الى أهل حضرموت. النمط السادس أن تحمل عنوانا حول حدث معين نحو سيرة أثرت عن الشيخ أبي الحسن علي بن محمد البسياني في حفص بن راشد أيام خروجه على المطهر بن عبدالله وعقد الأول مشروطا مشرطها القاضي أبو محمد بن عيسى السري على راشد بن علي وأصحابه.
5- بعض السير تحتوي أو تتضمن أحيانا مواضيع عدة وهذه المشكلة بسبب اضافات النساخ، ذلك أن بعضهم قد يجد تعليقات وآراء تشير الى الموضوع نفسه مما يحبب في كثير من الأحايين جهدا في موثوقية النص، ومثال على ذلك سيرة أبي المؤثر الصلت بن خميس (18).
فلتقييم نوعية هذه السير تيسر للباحث جمع مجموعات مخطوطة لسيرة عمانية اضافة الى مخطوطات أخرى تحتوي على بعض السير ضمن مواضيع متنوعة. وأيضا اعتمد على بعض الكتب المنشورة التي تحتوي على سير عمانية المجموعات المخطوطة كالاتي:
1- نسخة وزارة التراث القومي والثقافة بمسقط، هذه النسخة كتبت 1299/1881 للسلطان برغش بن سعيد. سلطان زنجبار. وهي تقع في ثلاثة أجزاء.
2- نسخة مكتبة السالمي بيديه كتبت 1120 / 1780 وهي تقع في مجلد واحد بعنوان كتاب السير.
3- نسخة بمجموعة مخطوطات الشيخ أحمد بن ناصر السيفي بنزوى كتبت 1141/1728 تقع في ثلاثة أجزاء مجموعة في مجلد واحد.
4- كتاب التقييد لأبي محمد عبدالله بن بركة (ق4/10) بمكتبة السالمي نسخ في 972/1564.
5- ميكروفيلم لمخطوط للسير العمانية محفوظ بمكتبة جامعة كامبردج تحت رقم 1405.Or تاريخ النسخ غير معروف الكتب المنشورة:
1- فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم لسعيد بن أحمد الخراسييني (في بداية القرن 11/17).
2- السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان. تحقيق سيدة كاشف اسماعيل. 1984.
3- تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان لنورالدين عبدالله بن حميد السالمي.
4- اتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان لسيف بن حمود البطاشي. 1992.
كما أشير الى مجموعتين تضمان سيرا عمانية لم يتمكن من الحصول عليهما: المخطوطة الأولى محفوظة بجامعة LOWO ببولندا استخدمت في الدراسات الاستشراقية خصوصا في دائرة المعارف الاعلامية. أما المخطوطة الثانية فمحفوظة عند الشيخ غالب بن علي الهنائي بالدمام.
هذه الدراسة سوف تعني بثلاثة جوانب هي:
1- جانب التسلسل التاريخي في ترتيب السير، وهو ما أدى بطبيعة الأمر الى التقسيم المرحلي في عملية التدوين بحسب المؤثرات والمتغيرات السياسية في عمان والتغير النوعي في أسلوبية كتابة السير. أي بمعنى اخر أن كل مرحلة عبرت عن جانبها الفكري والأسلوبي بحسب المؤثرات السياسية في عمان.
2- الجانب الموضوعي أو المغزى المتحدث عنه في كل سيرة اضافة الى ما يتصل بالسيرة من أحداث متداخلة معها.
3- الدراسة قد تبدي كذلك اهتماما بالناحية التوثيقية لكن بالشكل العرضي أي أن الدراسة لا يمكنها دراسة توثيق كل سيرة على حدة في هذا المقال، ولكن ستبدي الرأي في بعضها.
السير العمانية: الموضوعات والتسلسل التاريخي:
المرحلة الأولى
هذه المرحلة تبدأ من بدايات الاسلام الى انهيار الامامة الأولى في عمان (280) وهذه المرحلة يمكن تقسيمها الى ثلاث مراحل:
أ – مرحلة المدينة والصحابة حيث أن جميع السير المذكورة أتت من كتاب ليسوا عمانيين فهي تضم بعض المراسلات من النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، قد تكون تمت اضافتها من بعض النساخ أومن قبيل الحجج العقائدية، ذلك لأن أغلبها يوجد فقط في نسخة السيفي بنزوى. هذه السير كالاتي:
1- سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الى العلاء بن الحضرمي (والي النبي في البحرين) تذكر جميع النسخ إنها كتبت في سنة 4/622 (19).
2- سيرة (رسالة الخليفة أبي بكر الى علي بن أبي طالب).
3- سيرة عبارة عن رسالة من عمر بن الخطاب الى علي بن أبي طالب.
4 – سيرة (رسالة) من علي بن أبي طالب الى أبي عبيدة عامر بن الجراح.
5- سيرة تتضمن خطبة علي بن أبي طالب يوم توفي الخليفة أبوبكر.
6- سيرة عبارة عن عهد من أبي بكر الى عمر بن الخطاب.
ب – مرحلة الأحداث التي تلت مقتل الخليفة عثمان بن عفان حيث تغطي هذه السير في مجملها الأحداث التي وقعت 35-45/656-665.
7 – صفة أحداث عثمان هذه السيرة عبارة عن رسالة مختصرة تتحدث في مجملها عن أعمال الخليفة عثمان في الخلافة وكاتبها مجهول. لكن البرادي (20) يذكرها من ضمن المصنفات الأولى لأباضية المشرق ويتبين كأنها دونت في ق 2هـ/ 8م.
8- رسالة علي بن أبي طالب لأهل النهروان.
9- رسالة أهل النهروان لعلي بن أبي طالب.
10- سيرة تتضمن الجدال بين أهل النهروان وعبدالله بن عباس.
11- رسالة من علي بن أبي طالب الى عبدالله بن عباس حين أخذ مالا من البصرة ولحق بالحجاز.
12- سيرة تضم رسائل من علي بن أبي طالب الى عبدالله بن عباس.
13- سيرة بعنوان في «"لرد على أهل الشك" مجهولة الكاتب. هذه السيرة أشبه بمذكرة ترد وتناقش على من شك في أحقية عمل أهل النهروان في رفضهم للتحكيم بين علي ومعاوية.
ج – المجموعة الاتية من السير تضم سيرا تعبر عن بداية التنظيم وتكوين الفكر الاباضي والاتصالات بين مراكز الأطراف الاباضية والمركز الحركي في البصرة وهي تعرض وتناقش القضايا السياسية والعقائدية والفقهية:
14- سيرة عبدالله بن أباض الى عبدالملك بن مروان. من المعروف أن هنالك رسالتين من ابن أباض الى عبدالملك وهذه هي السيرة الأولى حيث ناقش فيها الاراء حول عثمان بن عفان ومعاوية بن أبي صفيان وهي من طليعة الرسائل السياسية في زمن بني أمية، ومن الأعمال الكتابية الأولى في الفكر الاباضي خصوصا في بدايات التكوين في القرن 1هـ/ 7م (21).
15- سيرة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة (ت تقريبا 150/767) ووائل بن أيوب الحضرمي، كلاهما من الطبقة الثانية عند الاباضية. هذه السيرة من الكتابات والمصنفات العقائدية الأولى في الانسانيات حول الاصرار على الذنب والخلود في النار.
16 – سيرة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة وأبي مودود حاجب بن مودود الطائي "(ت 136-148) (753-765) حيث توفي في البصرة قبل أبي عبيدة" الى الفضل بن كثير. هذه السيرة وإن كانت في الواقع عبارة عن رسالة لكنها أشبه بمذكرة عقائدية حول آراء الاباضية في قضايا القدر والجبر والاختيار.
17- سيرة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة وهي رسالة سياسية يدعو فيها أصحابة الى الاستمرار في نشاطهم وعملهم السري.
18- سيرة أبي مودود حاجب الى أبي الحر بن الحصين (أبي الحر كان ضمن الوفد الأباضي للخليفة عمر بن عبدالعزيز 99- 101/ 710-717 ومن الطبقة الثانية عند الاباضية هذه السيرة رسالة يخبر فيها أبو الحر عن الأسباب التي دعته الى الخروج وترك البصرة وهي الخوف والمتابعة حوله.
19- سيرة عبدالله بن يحيى المعروف بطالب الحق (ت 131/748) وهو القائد اليمني الذي ثار ضد الأمويين عام 129/746. هذه سيرة لا تزال مفقودة (البرادي ذكرها)( 22).
20- سيرة أبي مودود حاج بن مودود الطائي. هذه السيرة عبارة عن منشور سياسي يدعو فيها الى الثورة موضحا الفكر السياسي الواجب انتهاجه بالدعوة الى المساواة بين الناس والشورى والانتخاب.
21- سيرة أبي أيوب وائل بن أيوب. هذه السيرة بعنوان "نسب الاسلام" وهي عبارة عن مذكرة تعليمية تتضمن فيها التعاليم الأولية في الاسلام لكن كاتبها ناقش فيها بعض القضايا العقائدية: كالتشبيه ورؤية الله في اليوم الاخر والايمان في القول والعمل.
22- سيرة سالم بن ذكران الهلالي. ابن ذكران هو أحد أعضاء الوفد الاباضي الى الخليفة عمر بن عبدالعزيز. هذه السيرة تعتبر من أهم الكتابات العقائدية في القرن 2هـ/8م ليست كمصدر عقائدي عند الاباضية فحسب بل هي كذلك في المصنفات العقائدية الاسلامية لمناقشتها الاراء العقائدية عند المذاهب الاسلامية الأخرى. ولقد تم تناولها بالدراسة والتحقيق خصوصا من قبل الدراسات الاستشراقية الانجليزية Come, P و Hinds و Cook M و الالمانية Van Ess و Zimmerman, والعربية عمرو النامي. يعتقد Van Ess انها دونت ما بين عامي 72و73.
23- سيرة أبي عبيدة وأبي مودود حاجب الى أهل المغرب (شمال افريقيا). هذه السيرة هي رسالة لاباضية طرابلس يدعوانهم فيها الى التوحد بعدما حدث النزاع بينهم حول قضية مقتل الحارث بن تليد وعبدالجبار بن قيس المرادي. وكانت الحادثة قبل قيام الامامة الاباضية الأولى في شمال افريقيا 141-144 / 758-762 على يد عبد الأعلى بن السمح المعافري. ناقشت القضية أصول الدين عند الاباضية في الولاية والبراءة والوقوف في محاولة لسد النزاع.
24- سيرة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة وأبي مودود حاجب الطائي الى أهل عمان. هذه السيرة هي رسالة لأهل عمان حول الخلاف الذي نشأ بشأن ثابت بن درهم وسدوس بن يوسف اللذين اشتريا رجلا حرا من ثابت بن جهري مما أدى الى أن يعلن العلماء البراءة منهما مما أدى الى حدوث انشقاق بين العلماء وبعض القبائل. لكن الذي يتضح من خلال كتابة السيرة أنها دونت بعد وفاة الامام الجلندي بن مسعود 134/ 750 في فترة اضطراب الحياة السياسية في عمان.
25- سيرة أبي عبيدة الى الامام عبدالوهاب بن عبدالرحمن بن رستم (ثاني أئمة بني رستم 168-208/784-823) هذه السيرة هي رسالة كتبت من بعد حدوث رفض النكار (يطلق على الذين انكروا إمامة الامام عبدالوهاب بن عبدالرحمن) لامامته تبدي شكوك في موثوقية هذه السيرة إذ يتضح أنها ليست من أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة حيث إن وفاته كانت عام 150/768 قبل عقد الامامة على الامام، كذلك فان السيرة تشير الى شخص يدعى أبو عبيدة المغربي ويضيف كذلك محمد علي دبوز أن السيرة قد تكون من أبي عبيدة عبدالحميد الجناوني من جبل نفوسه في نهاية ق 2/8 وبداية ق 3/9.
26- سيرة خلف بن زياد البحراني (ق 2/ 8) خلف يرجع أصله الى البحرين ثم لحق بالامام الجلندي بن مسعود وانضم الى ما يعرف بالشراة وكان أحد قادة الامام في حربه ضد العباسيين. هذه السيرة تعرف بعامية الشراة وآرائها وتناقش الاراء حول المساواة والشورى وهي تعرض فيها الفكر السياسي عند الاباضية في النصف الأول من القرن 2هـ/8م كما يرد فيها على أفكار الفرق الاسلامية المتطرفة كالخوارج.
26- سيرة هلال بن عطية الخراساني (ت 132).وهلال هو قاضي الامام الجلندي بن مسعود ومن الوفد الاباضي المرسل من البصرة الى عمان قتل في جلفار مع الامام الجلندى. لم أعثر على السيرة ولكن أشير إليها في مجموع السير.
27- سيرة شبيب بن عطية الخراساني. شبيب يرجع أصله الى خراسان وهو أخ لهلال بن عطية وهما من ضمن الوفد الذي أرسل من البصرة لحقا بالامام الجلندي بن مسعود وحاربا معه لاستقلال عمان من الدولة العباسية 15/134هـ ثم استقر بعمان وقام بدور المحتسب بعد وفاة الامام في عمان. وهذه السيرة يتضح أنها دونت بعد وفاة الامام الجلندي الى اعادة الامامة في عمان بامامة محمد بن عفان 177- 179/793-795 أي بين 140-165/ 756-781. يعتبر هذا العمل من أجمل قطع الأدب السياسي العربي وقد تميزت بالوضوح كما طرحت مصطلحات سياسية وعقائدية متناولة في الجدل العقائدي وهي تجري باتجاه آراء جازمة وكما تعتبر بمثابة خطة عمل للحركة الاباضية في عمان في ذلك الحين (23).
28- سيرة شبيب بن عطيه الى عبدالسلام (لم أجد له ترجمة) في الرد على الشكاك (الذين يبدون الشكوك في أحقية أهل النهروان) والمرجئة هذه السيرة دونت في 160/780 ذلك لأن شبيب توفي قبل 170/786. وهي تشبه في الجدل العقائدي سيرة ابن ذكوان في الرد على المرجئة، وهي تحمل في ارائها الربط بين القول والعمل في الأساس العقائدي وهي كذلك تجمل الى التقارب الفكري بين الاباضية مع الفرق الاسلامية الأخرى كالمعتزلة في الرد على المرجئة.
29- سيرة الربيع بن حبيب 75-175/694-792 الى أهل المغرب (اباضية شمال افريقيا). هذه السيرة هي رسالة من الامام الربيع الى اباضية تاهرت بعد الخلاف الذي نشب بينهم في خلافة الامامة لعبدالوهاب بن عبدالرحمن 171-208/788-824 من أبيه بعد قيام ثورة النكار بقيادة يوسف بن فندين. لكن الامام الربيع أوجد الحل في هذا الخلاف ودعم الامام عبدالوهاب في امامته.
30- سيرة موسى بن أبي جابر (ت 181/797) أحد الأربعة الذين حملوا العلم من البصرة الى عمان ورأس أهل الحل والعقد من بعد الجلندي الى امامة الوارث بن كعب 179-192/795-808 وله الأثر الأكبر في إعادة الامامة الى عمان بنصب محمد بن أبي عفان اليحمدي 177-179/ 793-795. والسيرة عبارة عن منشور سياسي يبين فيها ابن أبي جابر الأسباب التي أدت لتنحية محمد بن أبي عفان وخلعه من منصب الامامة.
د- مجموعة السير المدونة في فترة إمامة غسان بن عبدالله الفجحي 192-207 / 808-823وإمامة عبدالملك بن حميد العلوي 208-226/823-841.
31- سيرة أبي مودود حبيب بن حفص الهلالي (ق 2/ 8) الى الامام غسان بن عبدالله. وهي رسالة نصح للامام عند توليه الامامة يدعوه فيها التزام منهج من سبقه من الائمة ونشر العدل والمساواة بين الناس.
32- سيرة منير بن النير الريامي الى الامام غسان بن عبدالله. منير هو أحد الأربعة الذين حملوا العلم من البصرة الى عمان باحياء الامامة بعد الامام الجلندي. بالرغم أن هذه السيرة هي رسالة وجهت الامام بنصح إلا انها كذلك حملت في طياتها الكثير حول التعريف بالحال الداخلي في عمان وصف منهج الشراة وتنظيم الحياة عندهم. إلا أن أهم ما فيها أن الكاتب قد نبه الامام حول بعض الأعمال الوحشية لبعض قراصنة البحر في الخليج والمحيط الهندي آخرها قتلهم لخمسين شخصا ما بين البصرة وغرب عمان وليس من أحد متتبع لهم في القضاء عليهم (يشير اليهم السالمي بقوله: وهم كفار الهند يقعدون بأطراف عمان) هذا حمل الامام لبناء أول أسطول عماني وكان يتكون من سفن الشذاة والغرف، لقد تم القضاء على هؤلاء القراصنة تماما في عهد الامام عبدالملك بن حميد. ان هذه الحادثة بمثابة نقطة تحول وازدياد في استقلال الدولة العمانية عن الدولة المركزية (الدولة العباسية آنذاك) وتوسع في نشر دور الامامة والفكر الاباضي في المحيط الهندي وشرق افريقيا من جانب آخر.
33- سيرة هاشم بن غيلان (من علماء عمان عاش في أواخر القرن 2/8 وأوائل القرن 3/9) الى الامام عبدالملك بن حميد حيث أوضح في رسالته للامام عن وجود بعض دعاة القدرية والمرجئة جلهم في صحار وتوام (منطقة البريمي حاليا) ووجوب اتخاذ ما يلزم ضدهم. في هذه الفترة شهد العالم الاسلامي زيادة توتر الجدل العقائدي ما بين المذاهب الاسلامية وكانت عمان في هذه الفترة في بداية الازدهار التجاري كما أصبحت من المراكز المتلقية للنقاشات الفكرية والدينية بعد قيام الدولة الامامية الأولى في عمان.
34- سيرة الى الامام عبدالملك بن حميد بن هاشم بن غيلان ومحمد بن موسى والأزهر بن علي والعباس بن الأزهر وموسى بن محمد وموسى ومحمد ابني علي وسعيد بن جعفر (هؤلاء العلماء من مدينة ازكي في القرن 3/9). هي رسالة نصح وتنبيه للامام عن بعض الناس العاملين معا في الدولة.
35- سيرة موسى بن علي بن عزرة 177-230/784-845 الى الامام عبدالملك بن حميد، في هذه السيرة يرد على الامام أمثلة وجهها اليه في الجهاد. موسى هو سبط موسى بن أبي جابر تتلمذ على يد هاشم بن غيلان وصارعن العلماء المشار إليهم في إمامة عبدالملك بن حميد لكن دوره في الامامة ازداد بامامة المهنا بن جيفر 226 237/841-851 حيث عرف برأس أهل الحل والعقد.
36- سيرة موسى بن علي الى عبدالملك بن حميد. وهي عبارة عن رسالة من الرسائل المتبادلة بين الامام والعلماء، حيث يطلب موسى من الامام عدم منح بعض المناصب في حكومة الامامة لأشخاص لم يسهم ولكنها تبين دور العلماء في دولة الامامة العمانية الأولى.
37- سيرة موسى بن علي الى العلماء والشراة. هذه السيرة عبارة عن منشور ديني من رأس أهل الحل والعقد الى علماء عمان حول الولاية والبراءة وأقسامها في أصول الدين.
د- السير المدونة في إمامة المهنا بن جيفر الفجحي 226-237/841-851. ولقد توسع الفكر الاباضي انذاك في نشر الدعوة وفي الدولة الاعلامية، ومن جانب اخر كانت دولة بني رستم 162-297/779-909 في شمال افريقيا قد بلغت أوجها خصوصا في استخدامها تجارة الصحراء وهذا أدى الى تبادل معرفي في الاراء العقائدية كما هو واضح في بعض السير.
38- سيرة الامام المهنا بن جيفر الى معاذ بن حرب. هذه السيرة هي رد من الامام على أمثلة وجهها اليه معاذ في أصول الدين والفقه حيث ناقشها الامام من وجهة نظر العقائدية الاباضية ومن هذه القضايا المناقشة: الصفات الالهية، نفي الشيئية عن الله، نفي رؤية الله في اليوم الآخر، الايمان في القول والعمل، القدر. وفي الفقه: الوضوء في المسح على الخفين، قراءة البسملة في الفاتحة، منع الرفع والضم والقنوت في الصلاة، وصلاة السفر، كذلك من القضايا الاجتماعية مناقشته لقضية الرق والعبودية، وفي الواقع فإن هذه القضية لا تزال موضع خلاف مع بعض المذاهب الاسلامية لكنها تكشف بهذا عن القضايا العقائدية والفقهية المتداولة في الوسط الاسلامي في بدايات القرن 3/9. هنالك بعض اشارات في مخطوطة السيفي. نزوى. الى أن كاتبها هو موسى بن علي.
39- سيرة أبي صفيان محبوب بن الرحيل (اخر أئمة الاباضية في البصرة، توفي بدايات القرن 3/9) الى الامام المهنا بن الرحيل بشأن هارون بن اليمان.
40- سيرة ابي صفيان محبوب بن الرحيل الى أهل حضرموت بشأن هارون بن اليمان.
41- سيرة هارون بن اليمان الى الامام المهنا بشأن أبي صفيان محبوب بن الرحيل.
السير الثلاث أعلاه تشرح التفاعل الاباضي في المحيط الجدلي العقائدي بين المذاهب الاسلامية: كالتشبيه، ورؤية الله في يوم الاخرة والاعتقاد بالقول دون العمل. لكنها في الحقيقة مهمة للباحثين في الدراسات التاريخية للفرق الاسلامية حيث إن السالمي(24) أضاف بعدا اخر للقضايا المطروحة في هذه السير ذلك أن أهل عمان وحضرموت أخذوا باراء محبوب بن الرحيل بينما اباضية اليمن أخذوا برأي هارون بن اليمان. هذا مع الامكان والاحتمال أن يكون أولئك الاباضية مع مرور الزمن أخذوا برأي الزيدية فيما بد لأن هارون كان من أتباع الشعيبية الذين تتقارب اراؤهم العقائدية مع القدرية.
و- السير المدونة خلال امامة الصلت بن مالك الخروصي 237-272/ 851-886 في هذه الفترة وصل محمد بن محبوب بن الرحيل (ت 260/874) الى عمان ذلك حيث أصبح له ولأبنائه من بعده أثر في التكوين المعرفي في عمان في إطار المدرسة التي عرفت فيما بعد بمدرسة المشارقة عند الاباضية. وفي الوقت نفسه فان المركز الاباضي بالبصرة قد بدأ في الانتهاء الى مدرستين عرفتا: الأولى بالمغاربة (ليبيا، الجزائر، تونس) والثانية بالمشارقة (عمان، حضرموت، شرق افريقيا) لكنها اقتصرت على عمان فيما بعد.
42- سيرة محمد بن محبوب الى أبي زياد خلف بن عذرة، هذه السيرة عبارة عن فتوى عن الاراء حول عثمان وعلي ومعاوية وأهل النهروان.
43- سيرة الامام الصلت بن مالك ومحمد بن محبوب الى أحمد بن سليمان. امام حضرموت. هذه السيرة أرسلت لاباضية حضرموت بعد حدوث الخلافات بينهم وبين إمامهم وهي أشبه بمنشور سياسي لجميع أهل حضرموت (لا للامام وحده) لصد الخلاف فيما بينهم. الخلافات التي أوضحتها السير بدأت بعد ترك إمام حضرموت الجهاد وبيعه أشياء تتعلق بأدوات الحرب والسلاح من بيت المال وتفريقها على الفقراء.
44- سيرة محمد بن محبوب الى أهل المغرب (شمال افريقيا). هذه السيرة هي رد على أسئلة (فتاوى) لأهل المغرب تتعلق بوضعية الناس وعلاقاتهم مع العاملين والولاة أو بين السلطة والرعية، هذه السيرة في أطروحتها تقدم مناقشات واسعة في السياسة الشرعية أو ما يسمى بالأحكام السلطانية وهي من الأعمال الاسلامية الأولى المقدمة في هذا المجال ويتضح أنها كتبت لاباضية ليبيا حيث كانت آنذاك الدولة الرستمية لا تزال في الجنوب الجزائري.
45- سيرة من أهل المغرب للامام الصلت بن مالك، في هذه السيرة المرسلة تتحدث للامام الصلت بن مالك عن النكار ومضادتهم للامام عبدالوهاب بن عبدالرحمن وتناقش المسائل المتعلقة بالامامة والسياسة الشرعية.
46- سيرة الامام الصلت بن مالك الى الجند المحاربين الى جزيرة سقطري، هذه السيرة هي منشور سياسي الى جنده قبل رحيلهم لاسترجاع جزيرة سقطري بعد استيلاء الأحباش عليها ق 3/9، حيث أرسل الامام أسطوله وطرد الأحباش من الجزيرة. يعد هذا المنشور من الكتابات المهمة في أخلاق السياسة الحربية في الاسلام ومنهجية المعاملة إضافة الى أنها تعتبر وثيقة في التوسع الاقليمي لعمان والامامة في المحيط الهندي.
47- سيرة الامام الصلت بن مالك الى غسان بن خليد، هذه السيرة هي رسالة توجيهية من الامام لغسان حين ولاه مدينة الرستاق. حيث يشرح له منهج سياسة الحكومة والمعاملات الشرعية التي يجب التزامها في التطبيق على الرعية سواء للمسمين أو أهل الكتاب.
48- سيرة عزان بن الصقر الخروصي (ت 268/882) عن قضية خلق القرآن. عزان يعتبر أول عالم فقيه ظهر من بني خروص وهو أحد تلامذة محمد بن محبوب. هذه السيرة هي من الرسائل أو المختصرات العلمية في أصول الدين اضافة الى أنها أقدم مؤلف عماني (مدرسة المشارقة) في هذه القضية وصل الينا حتى الآن. الكاتب دعم القائلين بقدم القرآن مما أدى الى جدل طويل حول هذه القضية استمر الى القرن 9/15 حتى استقر لهم القول بخلق القرآن. أما اباضية المغرب فقد حسم الموقف معهم بالقول بخلق القرآن من أول الأمر في زمن دولة بني رستم. لتقييم هذه القضية نور الدين السالمي يذكر بأنها وصلت الى عمان أيام الامام المهنا بن جيفر وجيء بها من البصرة (.. وظاهره الأشياخ توقفوا عن اطلاق القول بخلق القرآن وأمروا بالشد على من أطلق وادخلوه تحت معنى الاية من قوله تعالى: "خالق كل شيء" فيتلزم أنه من جملة الأشياء المخلوقة لكن لا يصرحون نطقا فرارا من مقالة الجهمية القائلين بحدوث الصفات الذاتية).
49- سيرة الامام أبي اليقظان محمد بن أفلح الى أهل عمان. أبو اليقظان رابع أئمة الدولة الرستمية 208-258/823-871، وتعتبر هذه السيرة أقدم مؤلف اباضي في قضية خلق القرآن حتى الآن وهي أشبه بالرسائل المختصرة في العقائد الاسلامية وهي تشرح رأي القائلين بخلق القرآن وآراء الاباضية في التوحيد. ما يهم فيها كذلك هو التبادل المعرفي بين مدرستي الاباضية في الآراء العقائدية. من المعروف أن هذه القضية كانت في موقع جدل واسع بين المذاهب والمدارس الاسلامية حيث عرفت بفتنة خلق القران في زمن المأمون والمعتصم والواثق 192-232 / 813-847 من الدولة العباسية.
50- سيـرة كتاب الرضف وحدوث العالم لأبي المنذر بشير بن محمد بن محبوب (ت 273/887)، وهو من أوائل الكتاب الاباضيين والعمانيين الذين كتبوا في أصول الفقه من مؤلفاته: البستان، والخزانة في 70 مجلدا على ما يذكر، بالرغم من أن هذه السيرة من الرسائل المختصرة إلا أنها في الواقع أقدم مصنف عماني في العقيدة وصل الينا متكاملا حتى الان وهي تبين آراء مدرسة المشارقة في التوحيد.
51- سيرة كتاب المحاربة لأبي المنذر بشير بن محمد بن محبوب. هذه السيرة رسالة مختصرة في أحكام الجهاد.
المرحلة الثائية:
تبدأ هذه المرحلة منذ خلع الامام الصلت بن مالك من منصب الامامة 272/886 وبدء الحرب الأهلية الأولى في عمان، حيث نصب راشد بن النظر 272-277/886-890 بدعم من موسى بن موسى (ابن موسى بن علي) والفضل بن الحواري. هذه القضية في الواقع كشفت الوحدة التركيبية للمجتمع العماني من حيث التكوين القبلي ثم التركيبة السكانية ما بين قبائل اليمانية والقبائل النزارية حيث أدخلتهم في صراع حول السلطة. كذلك الفكر الاباضي اصطدم من الناحية الأخرى بالتنظيم الايديولوجي للامامة من حث طبيعتها وكيفية عزل الامام أو خلعه لكبر السن وللعجز عن الإدارة حيث إن هذه الفترة أعقبها: أولا: ثورة بعض العلماء على راشد بن النظر وتنصيب عزان بن تميم الخروصي 277-280/890-893 ونشوب خمس حروب أهلية بين القبائل النزارية والقحطانية شهدت مقتل موسى بن موسى والفضل بن الحواري وراشد بن النظر. ثانيا: تم القضاء على دولة الامامة الأولى في عمان على يد محمد بن نور (العمانيون يطلقون عليا ابن بور) والي البحرين في عهد المعتضد العباسي ومقتل الامام عزان بن تميم في 280/ 893، وهذا بطبيعة الحال وضع عمان تحت السيطرة العباسية ثم القرامطة ومن بعدهم البويهيون وبنو مكرم. ثالثا: المناقشات العنيفة بين العلماء العمانيين تأثرا بالأحداث السياسية التي عصفت بعمان عقب عزل الامام الصلت بن مالك، أدت الى ذلك انقسامات سياسية وفكرية تبلورت عنها ثلاث مدارس أو تكتلات سياسية وفكرية هي:
1- المدرسة الرستاقية وهي التي أيدت الامام الصلت بن مالك وهاجمت الثوار بعنف لخلعهم الصلت من الامامة ومن جانبها تبنت آراء وأفكارا حول طبيعة الامامة بمنظور يقترب من التطرف.
2- المدرسة النزوانية وهي المدرسة التي تبنت أفكارا معتدلة بين الامام والمعارضة من الثوار حيث حاولت التوفيق بين الاراء في القضية.
3- وجهة النظر التي عبرت عن موقف الثوار أو المعارضة التي أطاحت بالامام الصلت بن مالك بزعامة موسى بن موسى والفضل بن الحواري.
هذه المدارس أو بمعنى آخر التكتلات السياسية الفكرية نسبت الى مدينتي نزوى والرستاق لكنها لا تعبر بالضرورة عن مسكن العالم أو الفقيه في الانتساب وإنما هو للتعارف الاصطلاحي بينهم في تبني وجهات النظر بل أحيانا قد يتبنى التلميذ ما يخالف شيخه في الرأي حول هذه القضية. في الواقع فان المنظور الأولي يشير الى قضية صراع وانشقاقات داخل المجتمع العماني لكن في الحقيقة فإن هذه التكتلات تجاوزت إمامة الصلت كمحور مبدئي للمناقشة الى اراء سياسية وفكرية واسعة في السياسة الشرعية والامامة وإشكالياتها وقضية السلطة والرعية. لقد عبرت هذه المدارس عن وجهات نظرها من خلال هذه السير والكتابات، لكنها بالمقابل (في هذه المرحلة) أوضحت التغير الأسلوبي عند المؤلفين وكتاب السير العمانيين في كتاباتهم إضافة الى أن كتابة السير في هذه المرحلة انتهجت أربعة أساليب في كتابتها: أن تكون رسائل متبادلة بين أصحاب المدرستين، أو مذكرات أشبه بالمؤلفات المختصرة أو منشورات أو فتاوي. من المهم أن نوضح أن هذا الجدل استمر لقرون حتى 7/13 لذلك تم حصر الفترة الزمنية من خلال الموضوع بناء على مناقشتها لهذه القضية. السير الاتية مقسمة على حسب مدارسها ووجهة النظر المعبرة عنها:
أ- المدرسة الرستاقية:
52- سيرة كتاب الأحداث والصفات لأبي المؤثر الصلت بن خميس الخروصي (ت 278/891)، أبي المؤثر تتلمذ على محمد بن محبوب ويعتبر من المبلورين لفكر المدرسة الرستاقية. هذه السيرة هي مذكرة في الرد على اراء المعارضة الذين كانوا ضد الامام الصلت بن مالك من خلال عرض آرائهم والتهم التي ذكرت حول الامام. وتأتي أهمية السيرة في أنها من أوائل السير التي دونت بين العلماء الذين أيدوا الامام والمعارضة، ثم انها كذلك تعتبر بداية في النوعية الأسلوبية في تدوين السير وهي من الشواهد الأولية المعتبرة لهذه الفترة. لكن أهميتها تكمن في بحثها وتطرقها لمناقشة الامامة كنظام وفكر سياسي.
53- سيرة كتاب البيان والبرهان على من قال بالشاهدين. لأبي المؤثر الصلت بن خميس. هذه السيرة كتبها المؤلف بعد كتابته لسيرة الأحداث والصفات لأن الكاتب يشير ويقتبس من السيرة السابقة. وهو يناقش أخطاء المعارضة التي ارتكبوها خلال عقدهم لامامة راشد بن النظر، وذلك من الشهود الذين عقدوا الامامة. من المهم الاشارة الى ربط الجانب العقائدي بالفكر السياسي بين المذاهب الاسلامية في هذه الفترة الزمنية، فالسيرة ناقشت طبيعة الامامة كناحية عقائدية في ذاتها قبل أن تكون أمرا سياسيا.
54- سيرة أبي المؤثر الصلت بن خميس. السيرة هي من الرسائل المختصرة في أصول الدين يتضح من كتابتها أنها دونت في بداية منتصف القرن 3/9 تضمنت الآراء العقائدية عند مدرسة الاباضية المشارقة والاختلافات العقائدية بين المذاهب الاسلامية. تحتوي السيرة على 12 فصلا: في الرد على الجهمية والجبرية، في التوحيد، في القدر، في الأسماء والصفات، في إثبات الوعيد، في أسماء أهل الكبائر، في قتال أهل البغي والجبابرة، في ذكر الاختلاف في أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، ذكر فرق الناس، ذكر أصحاب من يبرأ منه من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ذكر أئمة المسلمين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الولاية والبراءة.
55- سيرة في الحدث الواقع بعمان لأبي المنذر بشير بن محمد بن محبوب (ت 273/887)، أبي المنذر يظهر في كتابته أقل تشددا من أبي المؤثر في آرائه ضد المعارضة. وهو في رده يحاول التقصي للاسباب الحقيقية المؤدية الى سقوط الامامة التي أدت الى الحرب الاهلية في عمان.
56- سيرة أبي المنذر بشير بن محمد بن محبوب (مختصر من كتابه). والسيرة رد على سؤال وجه اليه عن رأيه حول هذه القضية. وهي بشكل عام تتحدث بطريقة سرد الحدث للأسباب المؤدية الى خلع الامام الصلت وتنصيب المعارضة لراشد بن النظر وذلك لمعاصرته تطور الحدث من الامام الصلت حتى بدايات وقوع الحرب الأهلية في عمان.
57- سيرة أبي قحطان خالد بن قحطان (ت. أوائل القرن 4/10) وله مؤلف فقهي جامع أبي قحطان "أغلبه مفقود". هذه السيرة من أهم المصادر التاريخية المعتمد عليها حول تلك الفترة، وان كان كاتب السيرة من المؤيدين للامام الصلت وضد المعارضة خصوصا موسى بن موسى الا أنها كانت مدونة أولا: للأحداث التي تلت الحرب الأهلية حتى وصول محمد بن نور (يعرف عند العمانيين بابن بور) ثانيا: الأئمة الذين جاءوا من بعد وصول القرامطة الى عمان. كذلك تحتوي على مقتبس من رسالة للأمام الصلت بن مالك الى صديق له يدعى محمد بن سنجه حول التطورات التي حدثت حتى أدت الى خلعه من الإمامة.
58- سيرة أبي قحطان خالد بن قحطان الى الأزهر بن محمد بن جعفر. هذه السيرة من المراسلات المتداولة بين رؤساء المدرستين في بداية القرن 4/10. وأبو قحطان يعرض فيها اراء علماء المدرسة الرستاقية على الأزهر بن محمد الذي خلف والده في عمادة المدرسة النزوانية.
59- سيرة مالك بن غسان بن خليد الى أبي عبدالله بن محمد بن روح (أوائل منتصف القرن 4/ 10). وهذه السيرة كذلك من المراسلات المتداولة بين المدرستين وهي تحتوي في مضمونها على آراء علماء المدرسة الرستاقية في القضية والأحداث التي تلت الحرب الأهلية. كما حاول الدفاع عن وجهة نظر الفضل بن الحواري في القضية بالرغم من كونه من العلماء المؤيدين للمعارضة حيث أورد بعض الشواهد الدالة على ذلك من مرده لبعض الأحداث ومراسلات الفضل.
60- سيرة أبي محمد عبدالله بن بركة (منتصف القرن 4/10)، ابن بركة يعتبر من كبار علماء الأصوليين عند الاباضية ومؤلفه "الجامع" من أهم وأوائل المصنفات العمانية (مدرسة المشارقة) في أصول الفقه. تتلمذ على الامام أبي القاسم سعيد بن عبدالله وأبي مالك غسان بن الخضر من مصنفاته: التقييد، التعارف، الاقليد، المبتدأ، ولقد عاصر ابن بركة أبا سعيد محمد بن سعيد الكدمي 305-355 /917-966 من علماء المدرسة النزوانية ومؤلفه كتاب الاستقامة حاول مناقشة الآراء في القضية وكان ردا على آراء المدرسة الرستاقية، مما زاد حدة الصراع بين المدرستين مكونا نهجا سياسيا وفكريا مما أثر من بعد على الحياة السياسية والعلمية في عمان. هذه السيرة هي رسالة (المرسل اليه غير معروف) ردا على سؤال حول القضية مدعما آراءه بالناحية المنطقية أكثر من الأدلة النقلية. ابن بركة في كتابته لهذه السيرة يرد على آراء أبي سعيد.
61- سيرة كتاب الموازنة لابن بركة وهي عبارة عن رسالة مختصرة تحاول الموازنة بين جميع الآراء ذات الشأن في القضية لكن الكاتب يبدي ميلا للمدافعة عن آراء مدرسته وقد تكون كتبت بعد كتابة أبي سعيد لكتاب الاستقامة. تميزت بعرض الآراء بربط القضية بالآراء الأصولية فأعطى للقضية تميزا بموضوعيته في العرض.
62- سيرة ابن بركة هذه السيرة هي أشبه ما تكون بفتوى يروي فيها الكاتب ما أثره عن رأي شيخه ابي مالك غسان بن الخضر في القضية.
63- سيرة السؤال في الحدث الواقع بعمان أو سيرة الحجة على من أبطل السؤال في الحدث الواقع بعمان لأبي الحسن علي بن الحسن البسيوي (أواخر منتصف القرن 4/10). أبو الحسن تتلمذ على أبي محمد عبدالله بن بركة، وله مؤلفات عدة منها: جامع البسيوي ثم اختصره الى مختصر البسيوي في الفقه. هذه السيرة هي مذكرة حول قضية الأحداث التي تلت خلع الامام الصلت بن مالك، بدأ الكاتب في أطروحته من مبدئية السؤال في الاهتداء الى حقيقة الشيء الموجب في عقيدة الانسان ثم ربط التساؤل بموضوع بحثه حول القضية.
64- سيرة أبي الحسن البسيوي في الرد على محمد بن سيد (أبي سعيد الكدمي)، السيرة هي رسالة في الرد على آراء أبي سعيد، ويتضح منه أنها دونت بأمر شيخه ابن بركة في حدث القضية.
65- سيرة (غير معروفة الكاتب ولا زمن تدوينها) ويتضح أنها أرسلت لشخص يدعى أبوعلي لكن الكاتب غير معروف. لكن يتضح من السيرة أنها دونت بد أبي الحسن البسيوي في أواخر القرن 5/11 لأبي علي الحسن بن أحمد الهجاري (ت 502/108 1).
66- سيرة (غير معروفة الكاتب وزمن تدوينها) وهي عبارة عن فتوى ردا على أسئلة أرسلت الى الكاتب يعرض الكاتب خلالها اراء المدرسة الرستاقية.
ب- المدرسة النروانية:
67 – سيرة الأزهر بن محمد بن جعفر (في أواخر القرن 3/9 وبداية القرن 4/10) وهو ابن محمد بن جعفر مؤلف الكتاب الفقهي الشهير جامع ابن جعفر الذي يعتبر من أقدم المصنفات الفقهية العمانية وأحد العلماء المؤسسين للمدرسة النزوانية الموصوفة بالاعتدال في القضية. السيرة هي مذكرة سياسية يدعو الكاتب فيها أهل عمان الى تفهم أكثر تعقلا لطبيعة القضية موضحا الأسباب التي أدت الى خلع الامام الصلت من خلال عرض آراء بعض العلماء في القضية.
68 – سيرة أبي عبدالله بن محمد بن روح بن عربي الكندي (أواخر القرن 3/9 وبداية القرن 4/10) الى أبي محمد عبدالله بن محمد بن محبوب (من المدرسة الرستاقية ووالد الامام سعيد بن عبدالله 320-328/932-939) كلاهما يعتبران من كبار علماء المدرستين. السيرة كتبت بعد مقتل الامام عزان بن تميم 280/893 موضحة الأيدي المتضلعة في القضية التي أدت الى انهيار الامامة، السيرة كذلك جمعت آراء بعض العلماء الذين شاركوا في القضية محاولا ايجاد المخرج والحلول لها.
69- سيرة أبي عبدالله محمد بن روح الى عمر بن محمد بن عمر. هذه السيرة عبارة عن فتوى في الولاية والبراءة.
70- سيرة أبي عبدالله محمد بن روح. السيرة هي فتوى في القضية. ابن روح يرى أن الفكر لابد أن يقوم على العقيدة التي لا تتم الا بالمعرفة وهي الطريق الى الحقيقة.
71- سيرة من أبي الحسن محمد بن سنجه (أواخر القرن 3/9). وهي فتوى ومن المهم فيها اشارة ابي الحسن في تبرير مفهوم القضية أنها هي أبعد من الاعتقاد من أن القضية تمس عقيدة المرء بل هي أقرب الى الحدث السياسي العام.
ج- وجهة النظر المعبرة عن المعارضة:
72- سيرة تنسب الى الفضل بن الحواري (ق. 3/9) هو أحد العلماء الذين قادوا المعارضة ضد الامام الصلت في الحرب الأهلية وله مؤلف فقهي "جامع الفضل بن الحواري". هذه السيرة تعبر عن الاسباب الدافعة لدعم إمامة راشد بن النظر والأسباب التي أدت الى عزل الامام الصلت بن مالك من الامامة.
73- سيرة الفضل بن الحواري الى راشد بن النظر، وهي رسالة تحتوي أولا: على البراهين الداعمة على صحة إمامته ثانيا: البواعث التي أدت الى الاطاحة وخلع الصلت من الامامة.
المرحلة الثالثة:
المرحلة الثالثة لكتابة السير تبدأ من 320/923 الى 549/1154 أي خلال فترة الامامة الثانية بعمان. هذه الفترة تميزت في مراحل التاريخ العماني بالاتي:
1- وقوع عمان تحت سيطرة القوى الخارجية حيث بدأت أولا بالدولة العباسية (280-320/893-922)، ثم تبعها القرامطة الذين حاولوا السيطرة على عمان عدة مرات أولاها بقيادة ابي سعيد الجنابي 294/905-906، ثم تلتها الحملة الثانية 305/917، ثم الحملة الثالثة وهي أكبرها بقيادة أبي طاهر الجنابي بعد انسحاب القوات العباسية 318/930 – 931 استمرت سيطرتهم الى 327 / 942-943. أما القوة الثالثة هم البويهيون في زمن أحمد، بن بويه (معز الدولة) 354/965 ثم محاولته الثانية 355/966، ثم آخرها 363/973 وآخرها السلاجقة، التي اعقبتها ثورة العمانيين وطرد القوى وإعادة الامامة ثانية. وعلى العموم يتبين أن القرن 4/10 تميز بتصاعد القوى الخارجية في محاولة السيطرة على عمان.
2- الازدهار البحري والتجاري للمدن العمانية الساحلية حيث أصبحت محطات للجذب التجاري، مدينة صحار وصفت: "أعمر مدينة بعمان وأكثرها مالا ولا تكاد تعرف على شاطيء البحر بجميع بلاد الاسلام مدينة أكثر عمارة ومالا من صحار". وعمان مصدر انتاج سلع تجارية عدة مما هيأها للعب دور تجاري واسع مع التجارة الآسيوية والعربية: "التمر، الفواكه المجففة، الخيول، النحاس، العنبر"، وصحار المحطة التجارية والميناء الرئيسي ذو الغنى الواسع ومركز الربط بين الشرق الأقصى والهند من جانب والشرق الأدنى وأوروبا من جانب آخر كذلك المدن التجارية العمانية: دما (السيب حاليا)، صور، قلهات لعبت دورا في هذه التجارة البحرية. بلا شك كانت هذه بواعث لتفاعل الحياة الاجتماعية العمانية بالمجتمعات والحضارات الأخرى.
3- الامامة في عمان أصيبت بضعف بعد الحروب المتواصلة مع القوى الخارجية فلم تعد بمقدورها تحقيق الوحدة المتكاملة كالأمامة الأولى وأكثر الأئمة الذين برزوا من أئمة الدفاع.
لكن الأمر المعني المتمثل في الفترة ذاتها هو المرونة في المجتمع بشكل عام في التعامل مع القضايا الطارئة مع القوى الأخرى ذلك أن مسالك الدين التي أبرزتها الايديولوجية الاباضية في هذه الفترة المتمثلة في العلاقة الممكنة بينها وبين القوى الأخرى وهي: إمامة الظهور وإمامة الدفاع، وإمامة الشراء، وإمامة الكتمان حاولت أن تبقي النفس الاستقلالية في المجتمع. كذلك يظهر بأن الخلاف بين المدرستين النزوا نية والرستاقية مازال مستمرا، وان المدرسة الرستاقية كان لها دور أوسع في الحياة السياسية في تعيين الأئمة. السير الاتية قد قسمت حسب الفترات:
أ – السير المدونة ما بين امامة الامام أبي القاسم سعيد عبدالله 320-328/931-940 الى امامة الامام الخليل بن شاذان 407-425/1016-1033.
74- سيرة أبي الحواري محمد بن أبي الحواري بن عثمان (أواخر ق. 3/9 وبداية ق 4/10) الى أبي عبدالله، أبي عمرو، أبي يوسف محمد بن عبدالله، أحمد بن سليمان، محمد بن عمر، عبدالرحمن بن يوسف وأهل حضرموت، أبو الحواري من كبار فقهاء عصره من مؤلفاته: تفسير 500 آية، جامع أبي الحواري. السيرة هي رد على أمثلة توجهوا بها الى أبي الحواري عن الجلندانيين (الأسرة الحاكمة في عمان حتى 83/702) الذين ثاروا في زمن الامام عبدالملك بن حميد، الامام المهنا بن جيفر.
75- سيرة الامام ابي القاسم سعيد بن عبدالله بن محمد بن محبوب (320-328/931-940 الى الأمير يوسف بن وجيه. والي العباسيين. السيرة كتبت عن أخلاق الحرب والتزاماتها وذلك بعد انتصار الامام ودخول نزوى وسلب أحد جنده، غلق باب ليوسف بن وجيه حيث دعاه الامام لارجاع غلق الباب لتحريم سلب أموال السلمين.
76- سيرة أبي عبدالله محمد بن زائدة (النصف الأول من القرن 4/10) الى ابي ابراهيم محمد بن سيد بن أبي بكر الازكوي. الكاتب من العلماء الذين عقدوا الامامة للامام أبي القاسم سعيد بن عبدالله. (لم أعثر على هذه السيرة حتى الان ولكنها ذكرت في (اتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان (ج 1، 435).
71- سيرة أبي الحسن البسيوي عن حرب الامام حفص بن راشد مع المطهرين عبدالله قائد الحملة البويهية الى عمان، وعلى ما يذكر ابن الاثير أنها في زمن عضد الدولة سنة 363/947. نورالدين السالمي ذكر أن الحادثة في اعتقاده وقعت في زمن الامام حفص بن راشد 455-472/1062-1088 وهو ابن الامام راشد بن سعيد 425-455/1033-1062. اضافة الى أن المصادر العمانية لا تذكر شيئا عن حفص بن راشد مما دعا السالمي الى التشكيك في رواية ابن الأثير. لكن بالنظر الى السيرة قد تتكشف لنا أمور عدة: أولا: يمكننا الاعتقاد بأن الامام حفص بن راشد تولى الامامة بعد الامام راشد بن الوليد 328-342/940-954 مما قد يضيف الى سلسلة الأئمة إماما جديدا ذلك أن أبا الحسن البسيوي عاش في أواخر (ق.4/10) بينما الامام حفص بن راشد المعروف في تسلسل الائمة (ق.5/11) تولى بعد وفاة والده الامام راشد بن سعيد 425-445 مما يحملنا الى الاحتمال بأن هذا الامام هو ابن الامام راشد بن الوليد ثانيا: ان الامام المذكور عين في الامامة مرتين لذلك فإن أبا الحسن سعي الى التشكيك في العقد الأول لامامته. ثالثا: انه في هذه الفترة ظهرت ثورة عمانية ضد البويهيين بغية الاستقلال. والسيرة جديرة بالملاحظة لأنها تغطي الأحداث من إمامة راشد بن الوليد الى امامة الخليل بن شاذان (407-425/1016-1033)، مما تعكس لنا المعلومات عن هذه الفترة المجهولة وهو ما يشير اليه زيمرمان وكورن في تعليقهما عن السيرة.
78- سيرة في التوحيد والامامة كيف هي؟ لأبي الحسن البسيوي، السيرة هي بحث مختصر حول العقيدة بين المذاهب الاسلامية والاختلافات العقائدية فيما بينها حول الفرق الاسلامية خصوصا عن: الخوارج، والمرجئة، والقدرية، والمشبهة والمجسمة.
79- سيرة ابي الحسن البسيوي لداعية من حضرموت. السيرة هي رد على سؤال توجه به أهل حضرموت في متطلبات السلاح. مما يبين ان في حضرموت امامة الدفاع.
ب – في 407/1016 تمت للامامة من جديد توحيد عمان وإجلاء القوى الخارجية في زمن الامام الخليل بن شاذان 407-425/ 1016-1033 (حفيد الامام الصلت بن مالك) ومن بعده الامام راشد بن سعيد اليحمدي. ومن جانب اخر شهدت هذه الفترة ازدهارا تجاريا وبحريا في عمان، كذلك توسع دور الامامة العمانية في المحيط الهندي وشرق افريقيا حضرموت واليمن.
80- سيرة موسى بن أحمد، أحمد بن محمد، الحسن بن أحمد، عمر بن محمد وراشد بن محمد الى أبي عبدالله محمد بن صلهام (وزير الامام خليل بن شاذان). السيرة كتبت من العلماء المذكورين الى الوزير في انتقادات منهم لبعض القائمين في حكومة الامام.
81- سيرة أبي الحسن بن أحمد النزواني (قاضي الامام) ردا على رسالة (لم تذكر المرسل اليه). قد تكون ردا على السيرة السابقة.
82- سيرة لأهل خوارزم. السيرة يتبين أنها دونت ما بين 4/10. وهي تحتوي على آراء في العقيدة والتوحيد.
83- سيرة لأهل خراسان 4/10. السيرة كتبت من علماء عمان ردا على جواب يحتوي أمثلة من خراسان.
84- سيرة أبي ابراهيم سلمة بن مسلم العوتبي الى علي بن علي وأخيه الحسن بن علي من بعد حدوث الخلاف بينهما في كلوة (مدينة شرق كينيا).
85- سيرة أبي المنذر سلمة بن مسلم العوتبي (أوائل منتصف القرن (5/11). ابي المنذر هو أحد مشاهير الكتاب والمؤرخين العمانيين أشهر أعماله كتاب الانساب وهو حفيد العلامة ابي ابراهيم سلمة بن مسلم العوتبي (أوائل ق. 4/ 10) مؤلف كتاب الضياء في 24 مجلدا وهو من أهم المؤلفات الفقهية العمانية. السيرة هي في العقيدة والتكاليف الشرعية وهي رد على معارض له في ارائه العقائدية.
86- سيرة السؤال في الولاية والبراءة. السيرة قد تكون كتبت في القرن 5/ 11 ويشار اليها في بعض الكتب بعنوان "كتاب الصلح" وهي تبحث في موضوع الولاية والبراءة والأسباب الداعية اليه.
87- سيرة (غير معروفة الكاتب) يتضح أن كاتبها من شيوخ المدرسة الرستاقية في القرن 5/11السيرة عرفت أولا بأحداث الحرب الأهلية ثم من بعد موضوع الولاية والبراءة.
88 – سيرة في الولاية والبراءة ليوصف بن سعيد بن يوصف العماني سنة 512/118 ا يتبين من السيرة أن صاحبها من المدرسة النزوانية يدعو فيها الى الوحدة والانسجام بين الفئات المتصارعة.
89- سيرة الامام راشد بن سعيد اليحمدي عن قادة الحرب الأهلية موسى بن موسى وراشد بن النظر. السيرة عبارة عن منشور أو بيان سياسي من الامام بتوقيع العلماء الذين معه من أهل الحل والعقد، كتب بقرية سوني (العوابي حاليا) يوم الخميس 14 شوال 443/1052 وهي تعتبر من أهم البيانات التي صدرت عن الأئمة في قضية خلع الامام الصلت وقادة الحرب الأهلية حيث حاولت جمع الناس وتوحيدهم على أمر يتفقون عليه في القضية.
90- مجموعة سير من الامام راشد بن سعيد الى ولاته:
1- سيرة الى أبي المعالي محمد بن قحطان بن القاسم قبل توليه على صحار.
2- سيرة الى أبي محمد عبدالله بن سعيد قبل توليه على منح.
3- سيرة الى موسى بن نجاد قبل توليه على منح، أدم، سناو.
السير الثلاث عن بيانات من الامام الى ولاته عن السياسة المنتهجة والأخلاقيات الواجب الالتزام بها من حيث العدالة بين الناس والمساواة وحس الخلق وهي بأسلوب الدعوة والنصح لهم.
91- سيرة الامام راشد بن سعيد لأهل المنصورة (عاصمة أرض السند قديما). ناقش الامام بعض القضايا العقائدية لكنها، السيرة، تعبر عن التوسع الاقليمي والمعرفي خلال القرن 5/11 وعن العلاقة مع جنوب مشرق آسيا وذكرت العلماء المرسل اليهم.
ج- السير المدونة في أواخر الامامة الثانية بعمان.
92- سيرة توبة الامام راشد بن علي 471-513/1078-1119 على عمل القاضي ابي علي الحسن بن أحمد بن الهجاري.
وهذه السيرة هي توبة أدلى بها الامام عن سلوكيات قاضيه وأحد قادته والتبرؤ من أعماله التي قام بها. كتبت السيرة 11 ربيع الاخر 472/1079 وفي نسخة 492/1088.
93- سيرة جواب من أبي عبدالله محمد بن عيسى السري (ت. 472/1079) الى الامام راشد بن علي عن التوبة التي أدلى بها للعلماء وهي رد من أبي عبدالله بعد سؤال الامام له.
94- سيرة شروط شرطها القاضي أبو عبدالله محمد بن عيسى السري على الامام راشد بن علي. هذه الشروط تحتوي على شروط شرطها العلماء على الامام خلال توليه الامامة.
السير الثلاث السابقة تبين ضعف الأئمة الذين أتوا من بعد حفص بن راشد والحالة السياسية المضطربة في عمان.
95- سيرة في الفرق بين الامام العالم وغير العالم لأبي عبدالله محمد بن عيسى السري. السيرة هي مذكرة عن السياسة والنظم الشرعية. تظهر منها أنها الفت بعد ضعف الامامة وظهور أئمة ضعاف أغلبهم من أئمة الدفاع. ولكنها في الواقع من الكتابات المميزة حول السياسة الشرعية توضح ماهية حاكم الأمة وتصرفات الامام الشرعية. اضافة الى بحثها ثلاث نقاط: الأولى: اذا كان الامام في موضع من الشك والريبة الثانية: الشروط والمميزات الواجب توافرها فيه. ثالثا: اذا احتاج الامام الى تفسير أو شرح وهو جاهل به.
96- سيرة أبي زكريا يحيى بن سعيد بن قريش الهجاري (ت. 502/1108) الى عبدالله بن محمد بن طالوت. أبو زكريا من أشهر المؤلفين والفقهاء العمانيين، أشهر مؤلفاته كتاب الايضاح في الأحكام وكتاب الامامة. هذه السيرة هي رد منه لابن طالوت بعد انتقاده دولة الامامة حيث يبدي أبو زكريا اعتراضه على أبي طالوت. لكن لا يتضح من السيرة الفترة الزمنية المكتوبة فيها والتعريض وبأي إمام كان التعريض. ولكن يمكن الاعتقاد في زمن حفص بن راشد 455-472/ 1054-1079 أو راشد بن علي 472-513/1079-1119.
97- سيرة أبي زكريا يحيى بن سعيد بن أحمد (ت.472/1079) الى أبي عبدالله محمد وأبي بكر أحمد ابني النعمان بن محمد وأهل حضرموت. السيرة رد على جواب من اباضية أهل حضرموت عن قضايا سياسية يواجهونها وهي تظهر بعض التعارضات الدينية بين المذاهب في القرن 5/11. لكن المهم في السيرة أن أبا زكريا دعاهم الى اتخاذ مبدأ التقية في تعرضاتهم مع ان هذا قلما يؤخذ به في الفكر الاباضي.
98- سيرة أبي بكر أحمد بن عمر المنحي (ت 496/1103) وهي عبارة عن فتوى في عقد الامامة حيث تعتبر بأن الامام إذا رضي به بين الناس لا يحتاج الى عقد.
99- سيرة نجاد بن موسى نجاد المنحي (ت 513/119 ا) وهو ابن موسى بن نجاد وكذلك جد للامام أبي المعالي بن موسى بن نجاد 594-597 /1197-1200 وعائلتهم تنسب الى المدرسة الرستاقية. وله مؤلف كتاب الأكلة في حقائق الأدلة. السيرة هي رسالة علمية في أصول الدين ردا على رسالة الاستعداد فيما لا يسع المكلف جهله لابن التاج. وهي من الرسائل والمطارحات بين المذاهب الاسلامية في القرن 6/12.
100- سيرة عبارة عن آثار تحتوي على فتوى من علماء المدرسة النزوانية كتبت من أبي محمد بن الحسن بن الوليد 6/12 أغلبها مقتبس من بعض السير المتقدمة خصوصا سيرة ابن روح.
101 – سيرة كتاب التخصيص لأبي بكر أحمد بن عبدالله بن موسى الكندي (ت. 557/ 1161). أبوبكر من أشهر المؤلفين والعلماء وكتبه من المراجع الأولى في المدرسة الاباضية ومؤلفه الشهير المصنف في 42 مجلدا وهو كذلك مرجع عن الحياة الاجتماعية والتاريخية في عمان حتى القرن 6/12 ومن مؤلفاته كذلك: الجوهر المقتصر في المنطق والفلسفة، الذخيرة في علم الكلام، الاهتداء ومؤلفات أخرى. وقد تزامن معه من عائلته علماء اخرون منهم محمد بن ابراهيم الكندي مصنف كتاب بيان الشرع في 72 مجلدا ومحمد بن موسى الكندي مؤلف كتاب الكفاية في 51 مجلدا وهم من أصحاب المدرسة الرستاقية في السيرة يناقش الكاتب المنطق الأصولي في الخصوص والعموم وتطبيقه على الجانب العقائدي في الولاية والبراءة.
102- سيرة في ادعاء المتولي للولاية في موضوع الولاية والبراءة. كاتب السيرة غير معروف ولكنه يتبين من النص أنه من المدرسة النزوانية كتب في القرن 6/12. وهي لا تحتوي على مقدمة أو خاتمة للنص.
103- سيرة أبي المعالي كهلان بن موسى بن نجاد (أوائل القرن 6/12) أبو المعالي هو والد الامام موسى بن أبي المعالي 549 579/1154-1184، السيرة هي رسالة توبة بأسلوب أدبي وهي تدل على التأثر الكتابي في المواعظ والحكم الذي شاع في ذلك الوقت.
104- سيرة الامام محمد بن أبي غسان الى أهل العقر(حي من مدينة نزوى) ينصحهم فيها. الكتاب القدماء من العمانيين يطلقون على النص الملحمة، وفي الواقع تغير الأسلوب الكتابي واضح في نص السيرة الى الجانب الأدبي عن الجانب الديني. لكن وجدت النص نفسه كسيرة من الملك محمد بن مالك الى الامام موسى بن أبي المعالي بن نجاد قبل الحرب بينهما 579/1184. هدم وجود المصادر التاريخية للفترة يصعب التمييز أو الترجيع بينهما، لذلك يعتقد البعض بأن محمد بن أبي غسان ما هو إلا الملك محمد بن مالك.
105- سيرة محمد بن مالك بن شاذان (الأمير السابق) الى سعيد بن راشد بن علي (قد يكون ابن الامام راشد بن علي)، السيرة كتبت في النصف الأول للقرن 6/12. والسيرة توضح توعدا من محمد بن مالك لسيد بن راشد حيث يصفه بالعمل المشين والكذب. وهي من جانبها توضع فترة الانقسام الداخلي في عمان بين أئمة وأمراء.
106- سيرة أبوبكر أحمد بن محمد بن صالح (ت. 546/1151). أبوبكر من ذرية الشيخ محمد بن صالح. وعلماؤهم ينتسبون للمدرسة النزوانية بالرغم من أنه شيخ أبي بكر الكندي صاحب المصنف وهذه السيرة هي رد منه على دخول الامام محمد بن غسان حي العقر من نزوى حيث خطأ الامام في عمله.
107- سيرة البررة لأبي بكر عبدالله بن موسى الكندي ردا منه على السيرة أعلاه ومدافعا عن عمل الامام. والسيرة أقرب الى الرسائل الفقهية المختصرة منها الى أحكام الجهاد والمحاربة.
108- سيرة من أهل الباطنة تأييدا لهم للامام محمد بن غسان ودعما للسيرة أعلاه تحتوي أبيات مدح وتأييد للامام. السيرة هي منشور يوضع أنه كتب بعد سيرة الامام محمد بن أبي غسان الى أهل العقر.
109- سيرة أبي عبدالله محمد بن خالد لأهل منح. السيرة فتوى عن الآراء حول الحرب الداخلية التي اعقبت عزل الامام الصلت بن مالك ورأيه عن معارضة موسى بن موسى، لكن المتضح أن الكاتب من اتباع المدرسة الرستاقية حيث احتوت السيرة على آراء وفتوى من العلماء السابقين للمدرسة الرستاقية.
110- سيرة في الولاية والبراءة وأقسامهما في أصول الدين، غير معروفة الكاتب ويتضح أن كاتبها من المدرسة النزوانية.
المرحلة الرابعة:
المرحلة الرابعة للسير العمانية تبدأ من الدولة النبهانية 549-1043/1154-1624 الى أوائل الدولة اليعربية 1624-1741م، استمرت الدولة النبهانية في عمان خمسة قرون وهي على فترتين: الفترة الأولى عرفت بالنباهنة الأوائل واستمرت 400 عام من 549/1154 الى 906/ 1500 وأما الفترة الثانية من 906/1500 الى 1034/1624 شهدت خلالها الاستعمار البرتغالي لشرق الجزيرة العربية. طوال القرون الخمسة شهدت عمان حالة من الاضطراب السياسي والاقتصادي.
111- السيرة الكلوية لأبي سيد محمد بن سعيد القلهاتي (النصف الثاني من القرن 6/12). وهو أشهر الكتاب العمانيين حيث يعد كتابه الكشف والبيان من المصنفات الأولية في مقالات الفرق والملل المعبرة عن الوجهة الاباضية كذلك هذه المرحلة صاحبها التغير الكتابي من حيث التصنيف والتنسيق في المؤلفات العمانية. هذه السيرة يطلق عليها المقامة الكلوية عبر الكاتب عنها في رحلة الى مشرق افريقيا عندما دعي من أمير كلوة واباضيي شرقي افريقيا للجدل العقائدي للدفاع عن الآراء العقائدية الاباضية على نسق المقامات الأدبية. وهو تغير يلحظ في كتابة السير العمانية في هذه الفترة. السيرة تناولها بالشرح راشد بن عمر بن أحمد بن أبي الحسن بن عبدالله بن أحمد بن النظر 7/13. كذلك أبدى المستشرقون اهتماما بدراسة السيرة وانتشار الفكر الاباضي والتوسع العماني في شرق افريقيا منهم ج. ويلكنسون.
112- سيرة لأهل حضرموت (غير معروفة الكاتب) وقد تكون في أواخر القرن 7/13 ذلك أنها تحتوي على شواهد من أشعار لأحمد بن النظر.
113- سيرة ورد بن أحمد الى الامام الحسن بن محمد بن خميس بن عامر 839-846/1436-1443. والسيرة هي رسالة من أبي الحسن للامام دعم له في البقاء في منصب الامامة بعد ثورة بني الصلت من بني خروص عليه.
114- سيرة أبي عبدالله محمد بن سليمان بن محمد بن مفرج. قاضي الامام عمر بن الخطاب الخروصي 885-894/1480- 1488. السيرة هي منشور قضائي بأمر الامام بتأميم أموال بني نبهان. أصدر 7 جمادى الاخرة 887/1482 مع تصديق العلماء والقضاة عليه.
115- سيرة الامام محمد بن اسماعيل 906-924/1500-1518، السيرة أمر قضائي بأمر الامام بتأميم أموال بني رواحة صدر 909/1503 لثورتهم ضد الامام ومساعدة السلطان سليمان بن سليمان عليه.
116- سيرة الامام محمد بن اسماعيل بتأميم أموال بني نبهان 917/1511 بفتوى الشيخ أحمد بن اسماعيل بن صالح وبتصديق القضاة عليه.
117- سيرة محمد بن عبدالله بن مداد (ت. 917/1511)، بني مداد وبني مفرج برزت هاتان العائلتان في الدولة النبهانية الثانية. هذه أول سيرة عمانية وصلتنا حتى الآن دونت عن تواريخ وفيات أئمة وعلماء عمان وقد اعتمدت الكتابات التاريخية التي أتت لاحقا على هذه السيرة في الكتابة عن أئمة وعلماء عمان.
118- سيرة الامام محمد بن اسماعيل في بيع الخيار. السيرة بيان قضائي من الامام والقضاة معه بتحريم المعاملة ببيع الخيار للمؤدى الربوي منه في المعاملات صدرت السيرة الأربعاء 6جمادى الاخرة 918/1512.
119- سيرة أحمد بن محمد بن مداد عن الامام محمد بن اسماعيل وابنه الامام بركات بن محمد. السيرة كتبت بشأن عملي محمد بن اسماعيل وابنه بركات حيث يبدي ابن مداد البراءة من أعمالهم ذلك في أخذهم الزكاة من الناس وعدم حمايتهم لهم.
120- سيرة عبدالله بن عمر بن زياد بن أحمد (ت. أواخر ق. 10/16) وهو من العلماء المعاصرين للامام محمد بن اساعيل وابنه بركات. السيرة تعرف عن عمل ومدح الامام بركات في اصلاحه لفلج ميثا، وهي كتبت في منتصف ق. 10/16.
القسم الثاني من هذه المرحلة يبدأ مع قيام الدولة اليعربية 1034/ 1624. هذه الفترة شهدت أحداثا في التغير السياسي والاجتماعي في عمان: فقد تم التغير السياسي من الملكية الى اعادة الامامة، التوسع الاقليمي لعمان بعد دحر الاستعمار البرتغالي مما أعقبه ازدهار معرفي واقتصادي. كتابة السير في هذه الفترة ستقتصر الى وفاة الامام ناصر بن مرشد اليعربي 1059/1649 حيث بدأ من بعد ذلك تجميع السير في مجموعات، كما تبين هذه السيرة أن عبدالله بن خلفان بن سليمان المعروف بابن قيصر كتب أول سيرة في الأدب العماني عن حياة الامام ناصر بن مرشد. السير من حيث الاسلوب يتضح التأثر بالكتابات العربية المعاصرة لها من حيث كثرة السجع والمحصنات البديهية.
121- سيرة من أهل نفوسه (ليبيا). الكاتب غير معروف. السيرة رسالة مختصرة في التوحيد في أصول الدين، والسيرة مترجمة من البربرية الى العربية، وهي أقرب ما تكون لرسالة أولية في تعليم التوحيد للبربر.
122- سيرة تعود لسليمان بن القاسم المغربي النفوسي لأهل عمان. يتضح من كتابتها أنها كتبت قبل تولية الامام ناصر بن مرشد حيث انه لم يذكر الامام عند ذكره لعلماء عمان الذين أرسلت اليهم السيرة حيث تذكر السيرة بعض الاضطرابات المتواجدة عند اباضية المغرب.
123- سيرة محمد بن أحمد الخراسيني الى سليمان بن (أبي القاسم، القاسم) وأهل نفوسه. السيرة رد على السيرة أعلاه بأمر من الامام ناصر بن مرشد يدعوهم فيها الى التوحد ونبذ الخلافات التي بينهم.
124- سيرة خميس بن سعيد الشقصي لأهل ميزاب (جنوب الجزائر)، الشيخ خميس رأس العلماء الذين نصبوا الامام ناصر بن مرشد، ومن أعماله المعروفة منهج الطالبين في الفقه 24 مجلدا. السيرة كذلك بأمر من الامام ناصر بن مرشد يدعوهم فيها للتوحد وحل الخلافات بينهم.
125- سيرة سعيد بن أحمد بن محمد الخراسيني. السيرة رسالة مختصرة في أصول الدين وهي شبيهة بأسلوب رسالة الديانات لأبي ساكن عامر بن علي الشماخي. المهم في السيرة أن وضع الكاتب فصلا فيها للرد على التقليد وعلى الداعين له، كذلك وضع فصلا لأئمة وعلماء عمان.
126- سير من الامام ناصر بن مرشد لولاته حول السياسة الواجب انتهاجها:
1- سيرة لأبي الحسن علي بن أحمد بن عثمان والي ليوا وحتى وديار الحدان والجو ودماء.
2- سيرة لصالح بن سعيد المعمري والي صور وابراء وشرق عمان.
3 – سيرة لأبي عبدالله سليمان بن راشد الكندي والي الصير (تطلق على منطقة جلفار وساحل الشمال الغربي لعمان).
4- سيرة لسلطان بن سيف اليعربي حين أراد الاعتذار عن مهام الدولة.
الخلاصــة:
لقد كانت المحاولة هي إبراز السير العمانية كظاهرة ثقافية وفكرية في الكتابة التاريخية في الأدبيات الكلاسيكية العربية أكثر من كونها مجموعة من الرسائل الدينية مبعثرة في المصنفات العمانية. هذه النوعية الأدبية مازالت بمثابة أرشيف سجل للأحداث الدينية والسياسية والاجتماعية لاثني عشر قرنا. نتخلص منه الاتي:
أولا: إن السير قد تكون على أنواعها إلا أنها عبرت عن نوعية أدبية واحدة. ثانيا: من خلال الربط الموضوعي في هذه النوعية الأدبية يتبين التطور الايديولوجي والفكري عند الاباضية في شرق الجزيرة في البصرة وتطورها حتى عمان والأحداث الداخلة التي تلت بعد استقلال عمان. ثالثا: هذا ما يوضع بأن هذا الفن الأدبي نشأ في البصرة أواخر الحكم الأموي وتبني من أئمة الاباضية هنالك ثم انتقل من بعد الى عمان مع حملة العلم وتبنوا هذا الاسلوب الأدبي. هذه النقاط تدعونا الى أن السير العمانية تأثرت بثلاثة مرتكزات.
1- السير العمانية عبرت عن الايديولوجيا الاباضية كما يقول أحد المستشرقين في فحوى السير: "أدبيات في أصول الدين عند الاباضية تكتب في مواجهة لصعوبة ما"، وهي تتقصى الكثير في الاراء العقائدية الاباضية والاراء المتبادلة والمتغايرة بين مدرستي الاباضية المشارقة والمغاربة. فهي وان كانت حملت الاسم الأدبي إلا أنها حافظت على المضمون العقائدي.
2- ارتبطت هذه السيرة بعمان كمصدر تاريخ وموقع تنسب الية، حيث حملت في مجموعها "السير العمانية" وعرفت بذلك عند الأدباء والمؤرخين.
3- السير ارتبطت كتاباتها بالأحداث والتطورات السياسية في عمان. فالتقسيم التاريخي لعمان متقارب لتقسيم فترات كتابة السير. اضافة الى ذلك أن أسلوبية الكتابة لسير بنوعها الأدبي تأثرت بالمتغيرات السياسية والاجتماعية في عمان. ففي الفترة الأولى أغلب السير ذات توجيه ديني ووعظي تحتوي آراء الأئمة والعلماء. لكن هذا الاسلوب تغير الى الرسائل المتبادلة بين علماء مدرستي الرستاقية والنزوانية حول موضوع ماهية وطبيعة الامامة وخلال هذه الفترة الزمنية تبلورت السير لتأخذ التكوين العماني لها أكثر من الناحية العقائدية. وفي الفترة الثالثة جاء أغلبها على شكل رسائل ومذكرات وفتاوي عبرت عن وجهات النظر إزاء الأحداث الداخلية في عمان كذلك تأثر العمانيون بالكتابات العربية المعاصرة لها على سبيل المثال. سيرة موسى بن نجاد في الرد على رسالة الاستعداد فيما لا يسع المكلف جهله لابن التاج. سيرة الامام محمد بن ابي غسان لأهل العقر التي تعد ملحمة عند الكلاسيكيين من الكتاب العمانيين. وفي الفترة الرابعة ترى الأمثلة في أساليب الكتابة في المقامة والمنشورات القضائية. وآخرها الدولة اليعربية حيث يكثر الكتاب من السجع في كتاباتهم. هذه التطورات على المدى عكست الكثير عن هوية وثقافة المجتمع العماني.
فالنوعية الأدبية لهذه السير خلال مراحلها في 11 قرنا بدءا من استخدامها في البصرة ثم انتقالها الى عمان لا يجد الباحث من بين كتابها من يمكن وصفه بشعراء: كابن دريد الذي ترجع أصوله الى عمان وتأثر بأحداثها العاصفة خلال انهيارا لامامة الأولى أو ممن هو عاش بعمان: كالستالي والكيذاوي. كذلك بالسبة للكتاب ممن تبنى الايديولوجيا الاباضية كالخليل بن أحمد الفراهيدي العماني (25) أو غير عماني كابي عبيدة معمر بن المثنى (26). فالنتيجة على ذلك أن هذا الفن أقرب ما يمكن الى فن من الكتابات العقائدية وهي تقودنا الى احتمال بأن محتواها الايديولوجي شكل الجانب العقائدي الاباضي ولكن بظاهرها الفني هي قطع أدبية وتاريخية. ولا شك أنها بذلك قد أثرت في الكتابة التاريخية في المصنفات العمانية اللاحقة حيث إن أغلب المؤرخين العمانيين من علماء الدين. فبعض الباحثين العرب في التاريخ العماني يعتقدون ان المؤرخين العمانيين تجاهلوا في كتاباتهم الاخرين الذين هم ليسوا بإباضيي المذهب ولذا فهم يكتبون بمنطق عقائدي يتجاهل فيه من ليس على عقيدتهم ولذا فهم يطلقون الأوصاف عليهم بلقب الجبابرة فهم ينظرون الى التاريخ من إطار الايديولوجيا فعلى سبيل المثال يذكرون على هذا الشيء هنالك دول قامت بعمان كبني وجيه وبني مكرم وبني نبهان وهي دول عمانية ودول غير عمانية كبني بويه والقرامطة لم يدون عنها شيء خلال تواجدهم في عمان.
إن التتبع لهذا المغزى يمكن القول فيه أولا ان أغلب المصنفات التاريخية العمانية المتكاملة التي وصلت الينا من بعد القرن 12/18. والمؤرخون العمانيون عندما كتبوا عن عمان على أنها ذات استقلال فهي كانت أشبه بدولة مستقلة في بدايات الاسلام ثم تم لها الاستقلال الكامل في الامامة الأولى في عمان، وقد يكون هذا بأن المؤرخين العمانيين نظروا الى الدول الأخرى التي ليست عمانية بأنها "مستعمر" أو "دخيل" وهذا دافع الى تجاهلهم فكل المؤرخين القدماء العمانيين عندما كتبوا يضعون في الدافع عن عمان وليس بلدان أخرى. كذلك اذا ذكرنا بأنهم يكتبون بمنطق ايديولوجي، فالمؤرخون من العمانيين لم يكتبوا عن عمان في ازدهارها فالمقدسي حين يصف صحار على أنها "دهليز الشرق وخزانة الشرق والعراق ومغوثة اليمن" وصحار في حكم الامامة الثانية وذلك ما يبينه ياقوت على أنها أرض الاباضية لا يسمع إلا طاريء. فالكتاب السابقون العمانيون لم يكتبوا تاريخهم، أو كتب وأصيب بالضياع والتلف فالذي وصل إلينا من معلومات عن تواريخ الامامة في عمان الكثير منها مقتضب. كذلك لماذا المؤرخون العرب الكلاسيكيون لم يذكروا لنا الكثير عن أحوال عمان ومدنها التجارية المزدهرة أو النشاط العماني التجاري والبحري وغيرها الا بشكل مقتضب أو اشارات عرضية. لذلك يمكننا القول انهم كانوا يضعون التاريخ في اطار الخلافة وما شذ عن الخلافة فهو خارج التاريخ فالمؤرخ يسوغ لنفسه دائرة أو حلقة حوله يتحرك فيها قلما يشذ عنها. كذلك اذا قلبنا معظم المصنفات الكلاسيكية في التاريخ العربي تستبعد الشعوب الأخرى أو تبدأ على سبيل المثال ببدء الخليقة ثم الشعوب السامية ثم أحوال الخلافة حتى أن كتابة التاريخ يماشي الخلافة وما عداه فليس إلا…! فالعموم أن التاريخ العماني كما يذكر ويلكنسون لتوضيح حول كتابة التاريخ العماني: "لاكمال أي دراسة عن عمان. لابد أن تحتوي على المصادر الخارجية كذلك المصادر الداخلية وبدون احداهما فالإطار في هذه الكتابة التاريخية لا يكتمل".
وعلى كل ما سبق فالسير العمانية يمكن وصفها كظاهرة أدبية بأنها أشبه بأرشيف لتاريخ عمان القديم وهي ميزة في المصادر التاريخية العمانية كما أنها مادة اضافية في المصادر التاريخية العربية والأدب العربي.
الهوامش:
1- في هذا المجال دراسات واسعة انظر: Wilkinson, J. The Origins of the Omani State, 1972. Ed. Hopwood. Arabian Peninsula: Society and politics, London. Eickelman, D. 1980. Religios knowledgw in Inner Oman. Journal of Oman Studies. Vi, 163-172. Peterson, J. 1978. Oman in the Twentieth Century: Politic Foundation of and Emerging State. Lonon. Croom Helm.
2- Wilkinson. J. The Immate Tradition of Oman. Cambridge University Press. P21.
3- دائرة المعارف الاسلامية. مادة سيرة.
4 – الأغاني. ج 14. 270.
5- Hinds, Magazi and sira in early Islamic scholarship la vie due Prophete Mahmoet, Colloque de Strasburg, 1983, Paris.
6 –Wilkinson, J. Ibadi theological Liteature. 1992. Ed. Young M. Latham. J. Serjent, R. Religion, Learning and Science in the Abbasid Period. Cambride University Press.
7- Michael Cook. 1981. Early Muslim Dogma. P52. Cambridge University Press.
8- سالم الحارثي. العقود الفضية ص 145.
9- السير والجوابات. تحقيق كاشف اسماعيل. ج 1. 19.
10- Wilkinson, J. 1987. The fiqh and early manuscript in Muscat collection, Arabian Studies.
11- Wilkinson, J. Sources of Omani History. 1975. Riyadh University.
12 – Wilkinson, J. International journal of African Historical studies. Vi 272-305.
13- فاروق عمر. مقدمة في مصادر التاريخ العماني 1979. بغداد.
14- كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة. لمصنف مجهول. تحقيق أحمد عبيدلي 1985.
15- الرواس. عصام سلسلة تراثنا 1994.وزارة التراث القومي والثقافة.
16- Michal Cook, 1981, Early Muslim Dogma, Cambridge University Press.
17- راجع مقالاته: Das Kitab al-irga des Hassan b. Muhammad b. al- Hanfiyya, Arabica, vol,21, 1947.
18- عدد ويلكنسون ملاحظات مهمة للباحثين في المخطوطات العمانية والصعوبات المواجهة في ذلك انظر:
John Wilkinson, Bio-bibliographical backgroun to the crisis period in the Ibadhi Imamate of Oman, Arabian studies 111. p 139.
19- كثيرون ابدوا شكوكا في صحة نسبة السيرة للنبي- صلى الله عليه وسلم- حيث إن النبي بدأ في ارسال الوفود في السنة 8/629، وتذكر بأنها ختمت بخاتم النبوة والنبي استخدم الخاتم في السنة 6هـ، كذلك بأن أحد الشهود معاوية بن أبي سفيان ولم يسلم معاوية الا في 8هـ. ثم أن هذه السيرة لا توجد في المصادر الأخرى. انظر الكندي. أبوبكر. الاهتداء تحقيق سيدة كاشف. بينما ويلكنسون يعتقد بأن النص يوحي بأن كاتبها ابا اسحق الحضرمي ولعل النساخ أخطأوا في ذلك.
20- البرادي. رسالة في تقييد أصحابنا. مخطوط بدار الكتب المصرية.
21- مايكل كوك أبدى شكوكا في رسالتي عبدالله بن أباض ناقشها في دراسته من حيث مدى موثوقية الرسالتين حيث ان الأولى للحديث عن عثمان وعلي والثانية عن علي وولده الحسن. فكوك يعتقد بأن السيرة لا يجب أن تنسب الى ابن اباض بل انها أقرب ما تكون تقليدا للرسالة الأصلية لجابر بن زيد لأحد الشيعة وانها تعود الى نتاج اخر العصر الأموي. Michael Cook, Early Muslim Dogma Dogma. 1981. p51-67. Cmbridge U. press
22- البرادي أبو القاسم. رسالة في تقييد كتب أصحابنا.
23- العبيدلي أحمد. الدولة العمانية الأولى. 1996. ص 124.
24- السالمي، نورالدين، تحفة الأعيان. ج 1، ص 158.
25- ياقوت. معجم الأدباء. ج 11، 72.
26- ياقوت. معجم الأدباء. ج 19. 156.
عبدالرحمن السالمي ( باحث وأكاديمي من سلطنة عمان)