( ١ )
المربع الذي تآمروا عليه،
و أفقدوه أحد أضلاعه
مات من شدةِ القهرْ
رافضاً عروضهم الدنيئةَ
أن يكون مثلثاً
( ٢ )
الدائرةُ التي
رفضت مرور السهمِ العاشقِ
عبر أي نقطة على محيطها الكبير
فتحت الباب – بعد ذلك- لآلاف الأسهم النزقةْ
لتمرَّ جميعها من خلال المركز.
( ٣ )
القصيدة التي كتبتها ليلة أمسْ
(في النهر الذي باع مَصَبَّه)
لم تكن في البنت التي خانت حبي لها
و تزوجت من ولدٍ آخر،
و إنما فيَّ أنا
لكي أثبت أن لديَّ شيئاً
لا يمتلكه ذلك الولدْ
( ٤ )
السيدة التي تقف – الآن –
على ناصيةِ «شارع الصاغة »
(في انتظار العقربِ المشبوه
من هذه الساعة المواربةْ
بين منتصف الليلِ،
ولحظة إغلاق أحد المحالْ)
ليست «بائعة هوى»
لكنها
واحدةٌ من حسناوات مدينتنا الكبيرةْ
اللاتي تزوجهن الفقرُ كرهاً
و ضاجعهن غصباً،
فقررن أن يسلبنه رجولته الدعيَّة،
و يمرغن عمامته في الترابْ
( ٥ )
النافذة التي أُطل منها
على ضحكة السماءِ ،
و غنج النسيمِ،
و صفاء النهرِ،
و البنات اللاتي استدارت أشياؤهنْ
أزعم أنها نافذتي وحدي
أتناسى
أن هناك وجوهاً
تطل عليَّ منها.
( ٦ )
«الحرُّ » الذي تتأففُ منه السيدة الرقراقةْ
و كلبها الصغيرْ
ليس شيئاً بالنسبة للرجل العجوز
الذي يروض للسيدة كلبها
فالحر مهما تعملقَ
وادَّعى بنوته للشمسِ و النارْ
فإنه لمْ
و لن يستأثر إلا ببضعةِ حروفٍ
يجود عليه بها سيده « الحرمان»
الذي وهب نفسه وحياته
للعجوز مروض الكلابْ
( ٧ )
علامة الاستفهام ذات الكرش الكبيرْ
التي ظن المعدمون أنها ستلد توأماً
وضعت اليوم فأراً نحيفاً
…………….
…………..
نصيحة:
الأولى بكم أيها المعدمون
أن تتركوا علامتكم
تمارس الرياضة
و «الرجيم» القاسي
لا أن تحشوا بطنها الصغيرْ
بأحلامكم المشبعة بدهون الوهمْ
في مدينتكم الكبيرةْ
التي كرست نفسها
لمحاربة و باءِ الأحلامْ
الذي استوطنكم
فَهيَّجَ شرايين مدينتكم الضيقةْ
( ٨ )
نزلة القرفْ
التي تصيبني كل يومٍ
لحظةَ استيقاظي من النومْ
عقب الساعة التي تتوسط المسافه
بين العصرِ، و المغربْ
ليست بسبب شقاوةِ ابنتي
التي لم تتجاوز العامين
التي توقظني- أحياناً-
قبل أن يقضيَ النومُ وطراً من جفوني،
و إنما
بسبب الأحلامِ التي تغزوني أثناء النومْ
في تلك الساعةْ
فمرةً
جاءني أحدُ الأصدقاءِ المصابين بداءِ الكلمةْ
وخيرني بين اثنتين:
إما أن أكتب كلماتي،
و أضربَ بها عُرْضَ الحائطْ
و إما أن أضرب بالحائط
عُرضَ الكلماتْ
فاخترت الأولى
و هنالكَ مفزوعاً
قمتُ
قبلَ أن أفقد النفسَ الأخير
غرقاً
في بركةِ الدماءِ
التي سالت من شرايين الحائطْ.
( ٩ )
المحاضرُ العالمي
المتخصص في تكنولوجيا الاتصال،
و الوسائط المتعددة
الذي استضافه فندق السعفةِ الذهبية
( الذي أعمل فيه في قسم الاستقبالْ
حامل أمتعة )
ليلقيَ محاضرةً واحدة
لمدة ساعتين
على عددٍ
من أفضل مهندسي الوسائط المتعددة،
و الاتصال الرقمي
في قطرنا الكبيرْ
هو نفسه الولد الذي كنا
– ونحن في المرحلة الإعداديه-
نسخر من أنفه الطويلْ،
و قامته القصيرةْ
فيقول:
إنها خلقة ربي
هو نفسه الولدْ
الذي كنا نسخرُ من مهنة أبيه و جده
بائعيْ الأكفان الوحيدين في قريتنا الكبيره
فيقول :
لولا أبي و جدي
لسار آباؤكم و أجدادكم عرايا
في سفرهم الأخير
هو نفْسُهُ الولدْ
الذي كان يتفادى بذاءتنا ببراعةْ،
مردداً جملتَهُ اليتيمةَ
التي كنا نحسبه- آنذاك- يقولها عبثاً
تلك الجملةْ
التي سمعناها بضع مراتٍ
في حصة النحو
من مدرسِ اللغةِ العربية:
« بعد النكرات..
صفاتْ
و بعد المعارف..
أحوال»
(١٠ )
عندما أموتُ يوماً ما
في صيف تموز
تحت العربةِ (الليكزاس)،
و أنا أمسح الترابَ الملبدَّ بين فخذيها
من أجلِ قطعةٍ معدنيةٍ،
قد تسقط من جيبي الأيمنْ
– دون أن أشعر، وأنا ملقىً على ظهري –
واحدةٌ مثلُها،
فلا تقولي لأولادي:
قد مات أبوكم شهيد كسْبهِ الحلالْ
فإني أخاف أن تغريهم شهادةٌ من هذا النوع
ولكن قولي لهم:
مات أبوكم في حضن امرأةٍ جميلةْ
أظنها كانت زوجته في السر.
( ١١ )
لم يستغرب الرجلُ الصحيح البنيةِ،
السليم العقلْ
الذي أصر أولاده أن يضعوه في مصحة عقلية،
أو في دار المسنينْ
فقد فعلها هو – من قبل-
مع أبيه الذي دلـلهُ كثيراً
لأنه كان الابن الأوحد بين ست بنات.
(١٢ )
عندما أموت يوماً ما
حزناً على أمنيةٍ أجهضت ثلاثين مرة
فلا تنهي أولادي عن الحزن
فالممنوعُ مرغوبٌ
لأن المرغوبَ في مدينتنا ممنوعٌ
ولكن فقط
حذريهم من النومِ عراةً
في مهب الريحْ
( ١٣ )
الصافنات مقيدةْ
لا ترتجي من أخوة الصديقِ حلاً،
أو فكاكاً
الصافنات عاقلةْ
تدرك بحدسٍ من تواريخ الهزيمةِ،
و انتصارات الذين تمرسوا وجع الحروبْ
أن القيودَ التي تكبلها
محليةُ الصنعْ
جُلِبَتْ موادها الخامْ
و شفرةُ تصنيعها من كوكبٍ آخر.
(١٤ )
على الرغم من إتقانه جيداً
لعبة التباديل والتوافيقْ،
إلا أن أحداً لا تخفى عليه
اللعبةُ التي لعبها الفقر
ليحرك الــ « كاف»
إلى ما بعد الــ« فاء» ثم يقلبها ««قافا»
ياسر عثمان شاعر من مصر