زيد الفقيه*
محمد الغربي عمران واحدٌ من الروائيين اليمنيين ، حفر اسمه على جدار السردية اليمنية المعاصرة ، كتب القصة القصيرة ، وأصدر خمس مجاميع قصصية بدأها بمجموعة الشراشف وختمها بمنارة سوداء ، ومنذ عام 2010م اتجه إلى كتابة الرواية وأصدر حتى الآن أربع روايات بدأها بمصحف أحمر ، وهي واحدة من الروايات التي سنأخذها نماذج لدراسة البؤرة الانفجارية ،بالإضافة إلى مملكة الجواري ، ولعل حياة هذا الروائي الخصبة بتجارب الحياة بالإضافة إلى اختصاصه الدراسي في مجال التاريخ هما العاملان اللذان أكسبا أعماله الروائية تلك النكهة الخاصة المليئة بجمع الشتات المتناثر والمتنافر وصياغته بشكل أعمال سردية تحقن المتلقي بجرعة من التفاؤل الذي يعيد تشكيل الحياة كما خطط لها الكاتب لا كما هي في الواقع .
ولقد أخذ التاريخ شأواً واضحاً في أعمال الروائي فجاء بمثابة الخميرة في العجين التي لا تُرى لكنها المؤثر الأقوى في تكوينه، وأماط من خلال الاغتراف منه كثيراً من الأقنعة التي كانت تحجبُ رؤية الحقائق عن أنظار الناس وهذه السردية ـ لعمري ـ انها هي التي تعيد تشكيل الحياة بما يجب أن تكون عليه.
التخطيط المعماري للنص
يولي الروائي محمد الغربي التخطيط المعماري في نصوصه الروائية اهتماماً كبيراً يتضارع في ذلك مع الروائي اليمني سمير عبدالفتاح ، لكنهما يفترقان في اسلوب هذا التخطيط ، فالغربي يأخذ التخطيط عنده الأسلوب الذبذبي الحلزوني العمودي الحفري، وهو الذي يمثل البؤرة ويعتمد على الفكرة أساساً ، أما سمير فيعتمد على التخطيط الجذري الذي يتشعب باتجاهات مختلفة بشكل الجذور ويتخذ مسارات متشعبة قد تفقد المتلقي استجماع هذه التشعبات.
من أساسيات التخطيط المعماري للنص عند الغربي هي الفكرة ، والفكرة هي المرتكز الأساس في طرح القضايا المعاصرة ومعالجتها معالجة روائية تمزج بين الاغتراف من التاريخ وعصرنة القضية التي يريد الروائي طرحها ، ومن ثمَّ تأتي أساليب المعالجة السردية من خلال التكنيك في الاشتغال السردي ، وتنطلق المعالجة السردية عند الغربي من البؤرة ثم تتوسع بالشكل الدائري من الأصغر إلى الأكبر في كل الاتجاهات دون أي انقطاع في البِنية السردية ، أو الحيز الروائي أو السردي (كما يسميه د. عبدالملك مرتاض ) لأن الرواية ـ في الأساس ـ هي سرد متماسك يربط بعضه بعضاً ، والروائي عندما يكتب الرواية يضع في تخطيطها عدم إجراء أي قطع في البِنية ، لكنه بالإمكان أن يقوم بإجراء قطع واختيار للوقائع التي يريد سردها ، وهذا القطع والاختيار لا يتعلقان بالتسلسل الزمني للأحداث التي قد تقع في أزمنة بعيدة أو قريبة ، وإنما هو قطع واختيار تقتضيه الضرورة الفنية ؛ للتخطيط المعماري للنص ، ومن خلاله ينظم الروائي المادة الخام ـ وهي عند الغربي ما نسميها بالبؤرة ـ التي تتألف منها الرواية ليمنحها شكلاً فنيَّاً ناجحاً ومؤثراً في نفس القارئ(1)، ومن ثمَّ نستطيع القول : إن الغربي بهذه التقانة السردية خط لنفسه طريقاً روائياً خاصاً ، يمكن أن يدخل هذا الأسلوب في دراسة تقنيات السرد الروائي العربي ، إذا ما تجاورت البؤرة مع : الحبكة ، والزمان ، والمكان ، والشخوص ، والعتبات وغيرها من تقنيات العمل الروائي ، ومن وجهة نظرنا أن الرواية المعاصرة اليوم لم تعد سرداً خيالياً نثرياً أو حكاية ذات طول وعرض تصور فيها شخصيات وأفعال تمثل الحياة الحقيقية للماضي أو الحاضر على شكل حبكة ذات تعقيدات يصنعها خيال الكاتب ، (كما يعرفها قاموس اكسفرد )، بل أصبحت عملاً هندسياً يوضع مداميكه الأولى الكاتب ، ثم بعد ذلك يحاول وزن الايقاع السردي طبقاً لهذا العمل الهندسي الأول ، الذي يمثل عند الغربي البؤرة الانفجارية التي أساسها فكرة النص ، ولم تعد الرواية اليوم مجرد سرد حكائي يتسلى بها الكاتب ويفضي بأفكاره لغيره من خلالها ، بل أصبحت مهنة يعكف الكاتب على الاشتغال عليها ويهندس بنائها الفني والفكري .
إن التخطيط المعماري للرواية ليس مجرد لعبة شكلية مفرغة من أي هدف ، بل هي فعل دال يأتيه المبدع عن وعي ، وعلى القراءة أن تكون متحفزة ، وعلى القارئ أن يستنفر كل مخزونه المعرفي من أجل تفكيك مرضٍ للنص(2).
الغربي عمران قبل أن يُقْدِمُ على كتابة الرواية يحتضن الفكرة في خلده يعيش معها يسامرها يقلِّبها ينظر إليها من زوايا مختلفة يضع لها التخطيط المعماري قبل أن يبتكرها ويسيل عصارتها على الورق .
الـبـؤرة الانفجارية:
ما هي البؤرة ؟ ولماذا الانفجارية ؟ وكيف تدفع بالنص للتصاعد والتوسع؟
البؤرة (اصطلاحاً) تعرف بأنها مركز الاهتمام والتركيز للقيام بنشاط معين.
البؤرة (بناء الجملة لغوياً) وهي الجزء من تركيب الجملة والذي يُعطى أهمية عن طريق ترميز معين أو بطرق أخرى أم بنشاط معين.
البؤرة (فيزيائياً) هي النقطة التي تتجمع فيها أشعة الضوء ، الحرارة أو الصوت. وفي الجيولوجيا تُدعى البؤرة أيضا بـ (نقطة ما تحت مركز الانفجار ) للزلزال الأرضي ، فتنتقل الأمواج المضطربة من مركز البؤرة إلى جميع الاتجاهات ، وهذا المعنى هو الذي نريده في هذه الدراسة بمعنى أن الغربي يعمد إلى التركيز على الفكرة ثم يوسع السرد في اتجاهات مختلفة لخدمة البؤرة وهذه التوسعات نسميها ـ هنا في الدراسة ـ الامتدادات والتجاويب النصية سنعرفها لاحقا .
أما أهمية كلمة بؤرة في اللغة تتم عملية تطور لفظ الكلمات عن طريق التركيز على الكلمات المهمة بالشكل الصحيح ، وأول خطوة هي معرفة الفرق بين الكلمات الدلالية التي تحمل معنى الجملة والكلمات التي تقوم بأداء وظيفي في ربط عناصر الجملة مثل حروف الجر، وبشكل عام فإن كلمة بؤرة تشير للَّفظ الذي تكون وظيفته في الجملة إخبارية ، ويركز على الجزء الأبرز في الجملة ، إذ ليست النوى والتوابع عبارات منفصلة بالضرورة داخل النص ، لكن يمكن للنواة أو البؤرة أن تكون تجريداً يتمظهر بفعل سلسلة من العبارات التي يمكن النظر إليها بوصفها توابع لها(3)
ولماذا الانفجارية ؟ لأننا تصورنا ـ في هذه الدراسة ـ أن البؤرة عند الغربي هي الفكرة التي يتمحور حولها النص وتصورنا أيضاً أن الفكرة تشبه ناتج مقْذوف حجرٍ وسط بركة دائرية فيها ماء آسن فيحدث ـ أي المقذوف ـ انفجاراً ينتج عنه دوائر صغيرة حول البؤرة ثم تتسع كلما ابتعدت عن مركز الانفجار حتى تحيط بالبركة كاملة ، هذه الدوائر عند الغربي تمثل امتداد النص ـ من وجهة نظر الدراسة ـ وامتداد النص نعني به هنا الروافد السردية التي تخدم البؤرة في المساحة الحيزية للنص ، ويمكن أن توصف حركتها بشكل مكافئ وكأنها تجري على فلك تدوير مركز البؤرة(4) في اتساق سردي متوازٍ وبحركات متوالية حول مركز البؤرة ،وتدفع بالنص للتصاعد والتوسع في الفضاء النصي أو الحيز السردي عند مرتاض ، إذ يتكون الحيز الروائي عند الغربي من عدة مشاهد ، وهي ليست مشاهد مألوفة سينمائياً ، لكنها مشاهد متداخلة ببعضها توحي بالصلة الخفية بين هذه المشاهد ، وكأن الرواية مشهد واحد أو كأن المشاهد تنبع من جذر واحد أو أصل واحد(5) ، وهو عند الغربي البؤرة ، ويتكون المشهد من ومضات ولقطات وأحداث مبعثرة في الظاهر ، وتضم أسماء كثيرة ومواقف متنوعة وأزمنة مختلفة ومتوازية ومتداخلة(6) ، وهذه تنضوي تحت تلك الدوائر التوسعية في أعمال الغربي والتي سنوضحها لاحقاً .
فالنص المسطح الذي نراه ونقرأه عنده يشي بأن ثمَّة نصاً روائياً عادياً يحتفل بالتاريخ والأحداث وهذا واردٌ فيه لكنه موضون بتقانة معمارية فنية أساسها البؤرة وهي مركز تولد النص الذي ينبثق عنه الشخصيات والأمكنة ، والأزمنة ، والأحداث ، مصبوغة بالصبغة التاريخية التي تكون نواتها البؤرة والتي يعيد الغربي صياغتها وإسقاطها على الحدث المعاصر ، وهذا يتطلب من المتلقي أن يستنهض حصاده المعرفي من أجل استنطاق النص واستغواره ” لأن النص هو أنت ، بكل مكوناتك الفكرية والأيدلوجية ، والبيئية ، والفنية “(7)، فالجانب التقني في النص غدا همَّاً نقدياً لدى النقاد الحداثيين ، وما تذهب إليه الدراسة من إظهار تقانة النص هي ضرب من هذا الهم النقدي الذي يبحث في هندسة النص وتقانته ، “والسارد يؤكد في مواضع عديدة من نصوصه أنه لا يكتب تاريخاً بل يكتب رواية (حكاية) “8،يوظف فيها التاريخ لخدمة النص السردي الذي يُعرِّي الواقع بل ويهدمه من أجل إعادة بنائه بالشكل الأفضل والأنجع .
البؤرة الانفجارية في روايتي مصحف أحمر ومملكة الجواري
أولاً : في مصحف أحمر
مصحف أحمر هي الرواية الأولى للغربي عمران وهي التي كانت المفتاح الذي عرَّفه بعالم السرد الروائي ، وقد أراد الغربي بهذه الرواية أن يتلمس هموم وطنه في مرحلة من مراحل تاريخه المعاصر ، وهي مرحلة الكفاح المسلح من أجل تحقيق الوحدة بين شطري اليمن في مطلع ثمانينات القرن الماضي ، إذ تكونت الجبهة الوطنية في المنطقة الوسطى الممتدة من محافظة الضالع حتى محافظة ذمار،لكن ما يهمنا هنا هو الجانب الفني للرواية وهي البؤرة في هذه الرواية والمتمثلة بفكرة هذا الكفاح من أجل تحقيق الوحدة ، وما ترتب على ذلك من أحداث وأسميناها هنا في الدراسة بامتدادات البؤرة ، لأننا تصورنا أن الفكرة في الرواية هي البؤرة الانفجارية التي تنبثق عنها هذه الامتدادات النصية فقد تمثلت بؤرة هذه الرواية بقول الراوي وهو يحادث رفيقه :
” ـ إعلم أن بلادنا مشطَّرة.
ـ كيف؟
ـ اليمن قسمان … قسم عاصمته عدن والآخر صنعاء .
ـ لماذا؟
ـ لإضعافنا … وعلينا أن نناضل من أجل إعادة قوتها.
ـ نناضل !
ـ والنضال بداية الوعي والإيمان بالقضية … ثم التدريب والاستعداد للنضال . وأعلم أن علينا تصفية صفوفنا من عناصر الظلم والتسلط والاستغلال … وهذه العناصر تتمثل في المشايخ وأعوانهم .
ـ كل المشايخ !
ـ تخيل قريتكم وقد تخلصت من شيخها .
ـ سيبرز شيخٌ جديد.
ـ أقول من أي شيخ.
ـ ومن سيضبط أمور السكان؟
ـ دولة النظام والقانون ، دولة ترسي نظام المساواة والعدالة والحرية .”(9)
مثَّل هذا المقطع من النص اللبنة الأساس ، أو الفكرة الرئيسية (البؤرة الانفجارية) لمجمل الرواية ، وترتكز على النضال المسلح من أجل إعادة وحدة اليمن في رواية مصحف أحمر التي تحكي عن الجبهة الوطنية وتكونت في المناطق الوسطى بين الشمال والجنوب ، وكان الهدف من تكوينها هو الضغط على النظامين الرأسمالي في الشمال والاشتراكي في الجنوب لإعادة الوحدة اليمنية ، كما تكشف الرواية عن الصراعات السياسية ورغبة اليمنيين في الوحدة بين شطريه الشمالي والجنوبي ، بين صنعاء وعدن ، بين رغبة التلاحم ، ورغبة الاتصال ورغبة الوحدة في الهدف والتطلع والمصير(10) ، وقد تحقق ذلك في 22 مايو 1990م ، لكن المهم هنا ـ في هذه الدراسة ـ ليس التركيز على الجانب التاريخي ، أو تنامي الاحداث في الرواية ، بل الجانب الفني في هذا العمل الروائي الذي يبين كيف صاغ الروائي عمله وهو ما اشرنا إليه بالتخطيط المعماري للنص في هذه الدراسة ، وقد امتدت هذه البؤرة عن طريق ما نطلق عليه هنا امتدادات البؤرة وهذه الامتدادات تعد روافد انبثقت من البؤرة لتتسع في مناكب الن
ثانياً : مملكة الجواري
في مملكة الجواري تركز أحداثها على تولي السيدة أروى بنت أحمد المُلك بعد إقالة زوجها وموت ولديها ، وتعد هذه الفكرة هي المحور الأساس لرواية مملكة الجواري ، إذ تنص الرواية في بؤرتها على : “أن الملكة دعت مستشاريها ودُعاة المذهب بعد رحيل ابنها الملك الشاب بأيام طالبةً منهم نشر إعلان كفالتها لجميع المؤمنين ، وكان ذلك منها لقطع الطريق على السلطان سبأ الذي ظلت متوجسة منه شراً.
بعد ذلك جمعت جواريها في ليلة مقمرة صلَّتْ بهنَّ طوال الليل حدثتهن بأن مملكة جزيرة اليمن لهنَّ وهنَّ من يحكمنها منذ تلك الليلة دون شركاء أو أوصياء وأنها الملكة الحرة التي لا تعتمد على جيش يتبعها من الرجال، وأن النساء الجواري شريكاتها ، وأنها لم ولن تسعى أبداً لامتلاك عسكر في عنابر قصرها … وأعلنت بوضوح : أن هذا اليوم هو يوم فاصل ، علينا حماية جزيرة اليمن وعدم السماح بإعادتنا إلى كائنات مستلبة ، إلا إذا سكن الفشل أعماقنا”(11).
بالنظر إلى البؤرتين الانفجاريتين في “مصحف أحمر” و”مملكة الجواري” نجد هذا القصد الذي ذهبنا إليه وهو : أن الفكرة في أعمال الغربي تجسد البؤرة التي تنفجر لتكوّن الحيز السردي للرواية ، وهذه البؤرة يمكن اعتبارها نواة في أحد مستويات بنية الحبكة ، ويمكن للتتابع من النوى أن ينضوي تحت وحدة موضوعية واحدة(12)، ومن ثمة تتشعب في اتجاهاتٍ مختلفة مكونة الحيز الروائي الذي يتصوره الكاتب وفقاً للتخطيط المعماري للنص .
الامتدادات
ماذا نعني بامتدادات النص ؟ نعني بها التوسع السردي في مناكب الرواية لخدمة البؤرة وهذه الامتدادات هي التفاصيل النصية ، وتتوسع بشكل توسع الفقاعة الانتفاخية الأولى(13) ، للأحداث التي تتوالد في النص من خلال السياقات المختلفة وتُعدُ رافداً من روافد النص عند الغربي ،إذ إن أول ما يحدث في مسار الامتدادات التوسعية للنص هو انتشار هذه الروافد في كل الاتجاهات ، وقد تكون طويلة وعريضة يتم تحرضها من نواة البؤرة(14) النصية ، وتتفاوت مساحتها بين البداية والنهاية بحسب موقع البؤرة من الحيز السردي ، فإن كانت البؤرة متقدمة كانت مساحة البداية أصغر ، وإن كانت البؤرة متأخرة كانت البداية أكبر، وتتعلق كيفية انتشارها بفكرة الكاتب ومدى توسع رؤيته للنص ، وتنتقل هذه التوسعات على مسار دائري عن طريق التفاصيل السردية التي تأخذ عند الغربي مسارات دائرية تشبه أمواج البحر ، أو دوائر المياه في البركة الآسنة عقب رميها بحجر ،إذ تعد أهم أحداث الرواية امتدادات لهذه البؤرة في سبيل خدمة الفكرة أو توضيحها ، أو خلق صراعٍ متنامٍ لأحداث الرواية.
أولاً : في مصحف أحمر
فهروب (تبعة ) من سجن الشيخ يعد أحد امتدادات النص ، في هذا الحيز من الرواية يصف الكاتب تبعة وهو يتحسس طريقة للهرب من سجن الشيخ يقول : ” تسلق ذلك الجدار ليلاً … تخيل نفسه سحلية ضخمة ، استمر بطيئاً ، لم يحدث ما يعكر تسلقه .. اكتشف أن المسافة أقصر مما كان يتوقع .. خفق قلبه فرحاً حين لامست أصابعه السقف ، الفتحة مناسبة لعبور جسمه الناحل .. دس رأسه أعلى الجدار … عبر بجسمه أمسك بأعلى الجدار تدلى بجسمه في الفراغ … أخذ يهبط حذراً .. بعد جهد لامست قدماه كتلة لدنة تبين أنه حيوان رابض سريعاً ما نهض .. هاجت الزريبة هدأ قليلاً حتى هدأ كل شيء لامست أقدامه أكوام روث بدأ يبحث عن الباب … لم يصدق أن كفه قد لامست خشباً لا صخراً … بحث عن المزاليج عاد إلى الوراء … بحث في عجالة عما تبقى من مزاليج …أخيراً اكتشف مزلاجاً ضخماً ينغرس في كوَّة صخرية أزاحه بعد جهدٍ .. بدأ الباب العملاق يتحرك سحب أكثر أكمل فتح الباب .. أمامه خطوة ليكون في الخارج “(15)، الثورة ضد الظلم والتمرد عليه خاصة المشايخ الذين توطن الظلم في نفوسهم واجب وطني وديني ، إذ كان بعض المشايخ ضد قيام الوحدة اليمنية ، لأنهم كانوا يتوقعون أن الوحدة ستأتي ضد مصالحهم ، وقد عمد الكاتب إلى تحطيم تابو أولئك من خلال ضرب الشيخ وطرحه أرضاً(16) ، وهي امتدادات توسعية للبؤرة تتوالد من خلال الاحداث التي تتصاعد في سبيل خدمة البؤرة الانفجارية ، فإذا افترضنا أن تراتب الامتدادات محكومة برغبة القارئ في الوصول إلى مستوى للتنظيم يتم عنده الإمساك بالتراتبية ككل في شكل مقنع فإنه من الجدير أن تكون التفرعات النصية تحويلاً للمركز المؤثر في خط سير السرد(17) ، ويمكن استخلاص المعنى من إدراك هذه الامتدادات ويقودنا إلى تعيين البداية التي تمثل ـ في هذه الدراسة ـ البؤرة ، والنهاية التي تمثل التجاويب في التقانة المعمارية للنص في روايتي الغربي ، وبالنظر إلى النص الروائي عند الكاتب فأننا نجد أن الرواية لم تأتِ في ثوبها التاريخي من أجل رصد تاريخ وأحداث ووقائع ، وإنما حاولت بصورة جلية وبهندسة فنية إيصال هذه الوقائع والأحداث إلى بؤرة العمل الفني والنسيج الروائي ، وهذا ما يؤكد عليه إدوارد الخراط حول عصرنة التاريخ في الرواية(18) ، إن الامتدادات في روايتي الغربي تتشعب في اتجاهات مختلفة كقطرة الحبر حين تسقط من أعلى على ورقة ناصعة البياض فتتشعب اتجاهاتها ويمثل محور السقوط البؤرة وتمثل هذه التشعبات امتدادات النص .
وهذه الرؤية هي التي ذهبنا إليها في تصورنا للتقانة الفنية عند الغربي التي تجسدها البؤرة الانفجارية وامتداداتها إذ “لا يمكن لأي خطاب حكائي كيفما كان نوعه أن يحتفظ بخاصية صيغية محضة ، تجعله يستقل عن غيره من الخطابات ، إننا نلامس هنا ما يمكن تسميته بتداخل الخطابات “(19)، فالامتدادات النصية لا تنفصل عن المركز بل ترتبط به وتأخذ أهميتها من قوة انفجار البؤرة ، بمعنى أدق : أن الخطاب أو الأحداث الروائية تكون قوية بقدر قوة الفكرة لأنها امتداد لقوة انفجارها ، وتستمد قوتها من قوة البؤرة . وفي امتداد آخر يشير إلى تمرد العطوي عن أوامر الشيخ في تسليم بصائر أرض الوادي بعد أن خلط السيل جرب الوادي ببعضها حتى غيَّب المعالم يقول : ” أحكم الخوف مخالبه على قلوب الرعية .. اختبأ الرجال ..رددت الجبال أخبار قرية حصن عرفطة .. وصلت الأخبار إلى مسامع شيخنا بصنعاء .. وسريعاً ما أرسل عساكره لإيصال وجهاء قريتنا ، كما وجه برسالة يدعوهم إلى عدم النزول إلى الوادي .. واعداً إياهم بالوصول إليهم ، والبحث عن وسيلة لتعيين حدود حيازة كل مزارع استجاب جميع الرعية .. نشط بعض المتحذلقين في رحلات مكوكية إلى صنعاء ينقلون تفاصيل ما يدور. أخيراً وصل أحد أنجال شيخنا برفقة مجموعة من المعاونين إلى دار فقيه قريتنا . نزل إلى الوادي مع مرافقيه تتبعه مجاميع السكان إلى الوادي الخراب .. أخاديد غائرة جذوع ميتة أكوام الأحجار تحتل مساحات واسعة .. مسطحات مشوهة .. ارتفعت أصوات الرعية تستغيثه بسرعة البت . اختلطت المزارع بعضها ببعض لم تعد المعالم واضحة تعددت آراء الحضور عن تحديد مواقع كل مزرعة ، قدم الفقيه مقترحاً يقضي بأن يبرز كل مزارع ما لديه من وثائق تثبت ملكيته . وبعدها يتم تحديد حدود كل مزرعة بموجب وثائقها .. [دوى مكبر صوت المسجد الحاضر يعلم الغائب والصاحي يعلم النائم أن على جميع من يملك أرضاً في الوادي سرعة تسليم ما يثبت ملكيته من وثائق إلى ابن شيخنا حتى يتم الفصل وتحديد حدود كل مزرعة بموجب ما تنص عليه الوثائق ] سريعاً ما تقاطر الجميع حاملين ما يثبت ملكيتهم ، استمر تسجيل البصائر ثلاثة أيام بقي عدد قليل أعلنوا رفضهم تسليم وثائقهم كان جدك بين الرافضين .. سلم ما تبقى من الرعية .. بقي جدك الذي صمم على موقفه .. بدأت الوشاية بجدك العطوي أنه يريد إشعال الفتنة برفضه تسليم ما يثبت ملكيته “(20) .
يشكل هذا الجزء من الرواية أحد امتدادات الحيز الروائي للبؤرة ويمثل الصراع الطبقي الذي كانت الاشتراكية ـ في الشطر الجنوبي من الوطن حينها ـ تحاربه في سبيل الوصول إلى مواطنة متساوية داخل البلد الواحد ، وكان القضاء على الطبقية أحد أبرز أهداف الوحدة ، هذا الحدث الذي مثله النص السالف لم يكن مستقلاً عن الفكرة التي نصفها هنا في الدراسة بالبؤرة بل هي خدمة لها (أو بمصطلحنا في هذه الدراسة امتداد لها )، إذ بالإمكان إرساء سلسلة سببية متماسكة يتم على أساسها قراءة الأحداث المتباينة باعتبارها مراحل بالاتجاه المعاكس للبؤرة كحركة ديالكتيكية تتعالق فيها الأحداث كنقائض(21) ، وفي أعمال الغربي الروائية متمثلة بمصحف أحمر ومملكة الجواري تكون البؤرة هي المتن الأساس التي تكوَّن الجسد السردي للرواية ، إذا ما اعتبرنا أن الفكرة (البؤرة) هي هيكله العظمي ، إذ ان كل التصعيدات في اتجاه الصراع داخل النص تحدث حول مركز كرة معينه وهي البؤرة(22) ، ففي هذا الجزء من الحيز السردي الذي يوضح النص انضمام تبعة إلى الجبهة الوطنية التي كانت تحارب من أجل تحقيق الوحدة نجد كم هو حري بالبؤرة أن تكون هي أصل النص ومنبته ، يقول الكاتب :
” تبعة وقد عاد إلينا .. استحضرت إحدى رسائله ، تلك التي كتبها إليَّ بعد انضمامه إلى صفوف الجبهة الوطنية قال فيها :
الفاتنة سمبرية … ها أنا أكتب إليك وكلي سعادة بعد أن خط القدر انضمامي إلى صفوف المناضلين . لقد اخترت طريقي .. أسير ورفاقاً لي نحو المناطق الوسطى الملتهبة .. المحاذية للحدود مع جمهورية عدن .”(23)
شكلت هذه التيمات في الرواية منحدرات مهمة في التوسع السردي متخذة عناصر كثيرة منها : الرسائل التي كانت سمبرية تكتبها لابنها حنظله ولا تبعثها إليه ، وهذه الرسائل تعد أحد اساليب الغربي في امتدادات نصه الروائي وحداثته الفنية ، فاستخدامات الرسائل والمذكرات والكتب المفقودة أو المخطوطات والوصايا في تنظيم وترتيب الأحداث وتنويع الأصوات السردية ، آل إلى توترات وتقاطعات تمثل الاشكالية التي انشغل بها الروائي وألقت بظلالها على لغة الحوار والوصف والنهايات(24) التي نسميها التجاويب(سنتناولها لاحقاً) ،وفي نصٍ آخر أو رسالة أخرى يقول السارد ” حبيبتي حين بدأنا بالزحف على صنعاء اشعلنا ليلتها النار من على قمم الجبال إيذاناً ببدء الزحف . منظر اللهب وهو يغطي مساحات واسعة من الوطن .. لم يعد لحكام صنعاء من مكان ، حتى صنعاء أشعل معظم سكانها اللهب .. جبال اليمن أسطح منازلها ..حتى من كان في الوديان أشعل اللهب . لقد تحوَّلت المناطق الشمالية إلى شعلة متقدة من البحر إلى الصحراء ، إلا أن إذاعة عدن سريعاً ما أعلنت موافقتها على وقف إطلاق النار ابتداءً من صبيحة اليوم التالي لإيقاد الشعلة . صادف يوم جمعة مارس 1979م توالت رسائل إذاعة عدن المشفرة : ( عليكم البقاء في مواقعكم … ) لم يكن وقف إطلاق النار وتلك المناشدات إلا لكسب الوقت الذي أخذت صنعاء تستعد لمواجهتنا ، فبعد أيام أذاعت الــ B.B.C البريطانية خبراً جاء فيه : تم تزويد صنعاء بصفقة اسلحة أمريكية مولتها الرياض”(25) ، توخى السارد في امتدادات النص ـ المنبعثة أصلاً من البؤرة ـ أن يستخدم وسائل متعددة لإيصال الحيز الروائي إلى مبتغاه ، ذلك اقتضى تمدد الحبكة الرئيسية لتغدو حبكات ذات اتجاهات متعددة على مستوى الحدث ـ (وهو ما مثلنا له سلفاً بقطرة الحبر المنفلتة من أعلى على سطح ناصع البياض) ـ والشخصيات ، ولكنها تلتم حول الحبكة الرئيسية لنقاط متعددة دائرية (26) حول البؤرة . في النص السالف نجده جزءا من رسالة وجهها تبعة إلى حبيبته سمبرية يطلعها على الوضع القائم في مسيرته النضالية ، ولا يهما هنا ـ في هذه الدراسة ـ تتبع مجريات الحدث بقدر ما يهمنا وضع النص في إطار التقانة الفنية للحيز السردي ، إذ يتضح للمتلقي أن هذا النص جاء وفق مخطط الامتدادات النصية التوسعية للبؤرة التي هي أصل هذه التوسعات التي قد تكون دائرية ، أو حلزونية ، بيد انها تتجه نحو الحاضر تارة والماضي تارة أخرى ، فالماضي هنا يمثله النفس التاريخي داخل الحيز الروائي ، والحاضر يتمثل بالمعالجات السردية وإسقاط ذلك الماضي على قضايا الراهن ، والمستقبل يتمثل هنا بالاستفادة من هذه المعطيات الماضية والحاضرة على تغيير الواقع السياسي والاجتماعي والعقائدي على أرض الواقع فهو إذن ، ذو قابلية لأن تتجاذبه جميع الأزمنة ، مما يجعل السرد وفق رؤية الانفجار البؤري يتحرك في كل الاتجاهات الحيزية والزمنية والحدثية(27)، وتكون دوماً مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالنواة أو لبؤرة.
تشي تفاصيل رواية مصحف أحمر أن ثمَّة فكرة واحدة هي محور ارتكاز السرد تربط بها كلَ تلك التشعبات السردية وهي الفكرة أو البؤرة ، ومن ثمَّ كانت تلك التشعبات والامتدادات توسعاً سردياً في معطيات وأحداث الواقع السردي الذي يمثله المعطى التاريخي في الرواية ، إذ تلمس هيمنة الأيدولوجي على سير أحداث الرواية وفقاً لمعطى الواقع الأيدلوجي المتغير يقول السارد : ” قطعت عدن عنَّا إمداداتها التموينية والعسكرية .. أوامر بإخلاء بعض المواقع العسكرية التي كانت الجبهة قد سيطرت عليها منذ منتصف عام 1978م .. تسليم نقاط التفتيش بطول الطريق الرئيسي . استحدثت السلطة نقاطاً عسكرية جديدة ضمن خطتها لتقليص المد الثوري .. شقت الطرق إلى قمم بعض المرتفعات الاستراتيجية ، وأنشأت مواقع عسكرية . كان ذلك تنفيذاً لاتفاق قمة الكويت 1979م بين صنعاء وعدن”(28) ، حين يَعْمَدُ الساردُ لتوطين التاريخ في المتن الروائي لايجعل منه نصاً تاريخياً جامداً ؛ لكنه ينفخ فيه روح السردية على الحكائية ، ومن ثمَّ يحوِّل هذا المتن إلى هجين سردي ، كما نلحظ : ” إن الخطاب المسرود بخصوصيته التاريخية … يتجاور والخطاب المنقول الذي ينقل الخطاب المعروض بواسطة السرد”(29) إلى صيغة سردية هجينة تأخذ من خصائص السرد ما يجعلها تتبرأ من التاريخ وتعقد قرانها بالسرد وتنتمي إليه وقد حملت عند الغربي قوَّة انفجار البؤرة التي هي معاد تلك الامتدادات النصية وفقاً للرؤية السردية الرئيسة التي يتحدد من خلالها مفهوم كلَّ اتجاه على كامل بنية النص السردي الواحد(30) ، بيد أن الاتجاهات أو الامتدادات النصية عند الغربي بمختلف مساراتها تُعد عملاً توسعياً في الحيز السردي الروائي ليصل إلى نقل ما يختزنه الكاتب من رؤى إلى المتلقي بسهولة ويُسْر ، لكنه أيضاً دفقة اهتزازية ناجمة عن البؤرة المحورية للعمل الروائي عنده وهي فكرة النص.
ثانياً : مملكة الجواري
لا تختلف هذه الرواية عن سابقتها كثيراً من الناحية الفنية أعني هنا تقانة السرد أو التخطيط المعماري للنص ، إلا أن ثمّة اختلافاً طفيفاً في الأسلوب واللغة ، وهذا الجانب ليس موضوع دراستنا ، فالامتدادات في مملكة الجواري تأخذ نفس الاتجاهات في مصحف أحمر فقد تتقدم البؤرة أو تتأخر عنها، لكنها تأخذ نفس المسارات التي اتخذتها في مصحف أحمر ، يقول السارد في أحد الامتدادات النصية وهو يبرر في رسالة إلى اليامي ـ من كاتبة الرسائل التي أعتقد أنها شوذب ـ يقول النص : ” قد تستغرب ممَّا أكرّر ذكره .. لكن مصير الجواري بسيط .. ذلك كان سبب انقطاعي .. ولذلك أكتب إليك ما يعطيك فكرة عن حياة القصر حتى تضاعف حذرك .. فحين تأمرني مولاتي بمهمة خارج القصر أكون بعيدة عن البريد فلا أستطيع استقبال وإرسال لفافتي إليك .. اليوم أنا مطمئنة إليك .. ولذلك لا أرى ضيراً في الحديث بين رسالة وأخرى ببعض ما لا يجب الحديث فيه .
أريد أن أحدثك عن سيدتي الحرة التي لا تخرج من بين جدران قصرها إلَّا فيما ندر .. ولا يعلم أحد عن خروجها .. لها سراديب إلى حصن التعكر وإلى مسجد منحدر النهر حيث تؤدِّي بعض صلواتها الخاصة “(31) .
تتخذ امتدادات النص في مملكة الجواري مسارات أفقية متتبعة حالات الشخوص وأدوارهم في الحيز السردي ، وهي في ذات الوقت توسعات سردية تفضي للوصول إلى مبتغى الفضاء السردي ، فالشخصيات في مملكة الجواري كانت هي التي صنعت الاحداث ووجهت مساراتها وصنعت توظيف دلالاتها ، فالصيرورة التي يتم بها انتقاء وتنظيم النوى الدلالية محكوم بطبائع الشخصيات الروائية ، وبالنماذج الضمنية للتماسك التنظيمي الذي يفضي إلى انسجام الشخصيات ضمن الاطار السردي ، وما يمكن اعتباره سمات للشخصية ، وكيف تتعاضد هذه السمات وتشكل عملاً روائياً كلياً أو مكتملاً(32)، هذه التوسعات السردية التي اتخذها الغربي أسلوباً سردياً في روايتيه “مصحف أحمر ، ومملكة الجواري ” كانت هي الحامل لمزيد من التوسعات السردية ، وصولاً إلى تجاويب النص التي تمثل النهايات السردية في تلك الروايتين ، إذ بات التبئير أو تعميق وجهة النظر يتم من خلال السارد وحده ، فهو الذي يوجه السرد كما يوجه قراءة المتلقي ، ويتحكم في إظهار وتأجيل الأحداث(33) ، هذه التوسعات والصراعات والأحداث تعد امتدادات عن الفكرة الرئيسة في الكتابة الروائية عند الغربي ، ففي أحد امتدادات مملكة الجواري يوضح للقارئ بعض ملامح شخصية الملكة وتعاملها مع من يعملون معها ودقَّة معرفتها بتفاصيل أمور مملكتها يقول النص : ” حين تكون في شرف خدمة الملكة الحرَّة ، عليك عدم زيارة أحد .. لا تكرر ما صنعت إلا بأمر منَّا .. احتفظ بهذا ليذكرك دوماً بعدم الزلل … إنها تعني بها زيارتي لليامي .. أتحذرني؟ لكن كيف وصلها ذلك ؟ … داهمني خوفٌ متخيلاً امرأة تعاقب المذنب بالموت .. أأكتب لها مستأذناً ؟ كيف أكتب لكائنٍ أسمع به ولا أراه .. أهي موجودة أم هي مجرد فكرة تسكن عقول الناس ؟ تحاملت على مخاوفي وكتبتُ : [ مولاتي الملكة الحرَّة لم أزر حضرة مستشارك من باب الترفيه .. بل كانت زيارتي له لأذكره بوعوده قبل جلبي من صنعاء] أعتذر عن زيارتي له دون إذن منك .. وأتوسل السماح بزيارته .. دمتِ منصورة . خادمك الأمين صعفان”(34) ، وطبقاً لرؤية التوسع السردي أو امتدادات البؤرة ـ بناءً على التخطيط المعماري للنص ، أو تقانته فإن ذلك يعني أن الغربي عمران يجنح إلى الكتابة الأفقية التي رأينا أنها تبدأ بالبؤرة وتنتهي بالتجاويب ، ويرى الدكتور حميد لحمداني أن الكتابة الأفقية هي استغلال الصفحة بشكل عادي بواسطة كتابة أفقية تبتدئ من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار(35) ، والفرق هنا أننا نتصور هذه الكتابة للحيز الروائي برمته ويبدأ من البؤرة ويتمدد بشكل دائري ، هذه التمديدات نسميها الامتدادات النصية إلى ان تنتهي الرواية بالتجاويب وهي إرهاصات نهاية الحيز الروائي ، من انتهاء أدوار الشخصيات وانحسار الأمكنة وغيرها ، ورغم أن عنوان الرواية يدل على تحقير الفتيات اللاتي عملن مع الملكة إلا أن الملكة تتخذ من أولئك الفتيات نقطة انطلاق في السرد ـ وهي هنا البؤرة المرتكزة على الفكرة من أن الفتيات هن أعمدة مملكتها ، وبقية الشخصيات والأحداث امتدادات لذلك ، فجوذر الذي كان قد التقى بشوذب وأحبها ـ وهو يعمل في سوق الوراقين ـ كان قد تلقى وعداً من اليامي المتنفذ في القصر بأن يكون كاتب رسائل الملكة ، وحُمل عنوة إلى ذي جبلة ليجد نفسه فيما يشبه السجن(36)، وعليه نسيان ماضيه وتغيير اسمه إلى صعفان ، كل تلك المفارقات تعد توسعات لفكرة الرواية وهي حكم الملكة عن طريق جيشها الناعم والخطير الجواري ، يقول في أحد امتدادات النص : ” في نوبة حذرٍ صارحتها بعدم ارتياحي لوجودها .. لتردَّ في دلال بأن وجودها إلى جواري يزيدها سعادة .. صمتُّ لهنيهات .. اقتربت منِّي تقول : دعني أعترف لك بأني أنا من كنت أكتب الرسائل إليك .. ولست وَهمكَ الذي خلقته .. فهل وجدتني شوذبك؟ .. ودعني أسألك : هل اكتشافك أني لست شوذبك .. ضيَّق عليك الدنيا ؟ أم أنت خجلت من ظنونك التي كنت تخاُلها يقيناً ؟ أم أنت لم تجد فيَّ من ذكرتهنَّ : فندة .. شوشانا.. شوذب ؟ ألم أؤكد لك في رسائلي أنك تسعى خلف وهم؟(37).
إن المحطات المختلفة والمؤتلفة في الرواية توسع من حيزها السردي خدمة للبؤرة في سبيل الوصول إلى رواية مكتملة تجسد رؤية الكاتب في جمع الشتات السردي والمعرفي في فكرة واحدة تصب في إيصال فكرة الكاتب إلى المتلقي ورؤيته للفن والإنسان والعالم ، فتبرز تناقضات الواقع ممتزجة بالعديد من الأسئلة ، وتجسيد وعياً جمالياً مسوِّغ وجوده التحريض والتخطي ومجابهة الأسئلة الفنية وغير الفنية ، كما أن قيمتها الجمالية تتطلع إلى رفض القيم المألوفة والسائدة وتفتيتها (38) ، فالتوسعات المسطحة في الكتابة الأفقية عند الغربي توصل أعماله الروائية إلى هدفها بسهولة ويسر ، لأنها تتوسع فيما بينها مستمدة قوتها من البؤرة لتأخذ طاقتها الخاصة للانطلاق صوب الهدف الفكري للرواية ، إذ عملت رواية مملكة الجواري ـ ضمن الاشتغال السردي ـ على توظيف وصايا كانت الملكة قد تلقتها . يقول النص في أحد امتداداته : ” وعلى ضوء إحدى الوصايا : لإضعاف ذوي الأطماع من أمراء البلاد .. ومن يمثلون تهديداً مباشراً .. عليكِ دفعهم وإغراؤهم بشن حروبٍ بعضهم على بعض حتى الإنهاك والسقوط .. اتخذت قرار البداية بأمير حصن التعكر الذي يرى نفسه ملكاً فوق الجميع وأمير قلعة قيضان علي بن سبأ وذلك بدفع كل منهما لمحاربة الآخر .. دعت الملكة الأمير المفضل أمير التعكر لحشد قبائله من أجل ضم حصن قيضان وما إليه من بلاد إلى إمارته ، وكان المفضل يتطلع لتلك الدعوة .. لذلك سارع لمراسلة قادة إمارته لحشد قبائلهم .. وفي الجهة الأخرى أوعزت لجواري الملكة في حصن علي بن سبأ بتشجيع الأمير علي على مواجهته للوصول إلى ذي جبله. ..ولم تمضِ أسابيع حتى كانت قبائل التعكر تزحف لمواجهة قبائل قيضان”(39).
بهذه الطريقة حكمت ملكة الجبال العالية سيدة الصليحية بلاد اليمن واستطاعت السيطرة لفترة من الزمن دون أن يكون لها جيشٌ تبطش به ، ولقد استطاع السارد أن يوصل للمتلقي ما يريد عبر الجانب الفني الذي استخدمه لتقديم روايتيه مصحف أحمر ومملكة الجواري ، إذ كان الفضاء النصي هو أيضاً فضاءً مكانيا لأنه لا يتشكل إلا عبر المساحة ، مساحة الكتاب والأبعاد ، …، فهو مكانٌ تتحرك فيه ـ على الأصح ـ عين القارئ ، هو إذن بكل بساطة فضاء الكتابة الروائية باعتبارها طباعة ، ونقصد به الحيز الذي تشغله الكتابة ذاتها(40) ، هكذا كانت امتدادات النص عند الغربي تتسع في اتجاهات مختلفة لتكون توسعاً أفقياً للحيز الروائي بشكله الدائري المتخيل أن مصدر تلك الاتجاهات هي البؤرة الانفجارية لفكرة العمل ذاته ، وأعتقد أن فضاء الرواية (الزمكاني) وامتداداته وتنوعاته اللامحدودة في العمل الروائي أمرٌ ينبغي النظر إليه كخصيصة حميمية مميزة أكثر من النظر في طولها(41) .
التجاويب
في آخر طور من أطوار التقانة الروائية عند الغربي عمران لابد لنا أن نقف على معرفة معنى التجاويب ، وما نعني بها هنا في الدراسة؟
فالتجاويب في بناء البيت اليمني يعرفه الأستاذ مطهر الارياني : بأنه المداميك الثلاثة ـ غالباً ـ في أعلى البيت ،وفيها تكون الزخرفة والزينة التي تسمى التشقير ، ويكون أعلى هذه المداميك مرتفع بارز عن مستوى سطح البيت وما فيه من الأجبي للأماكن المتعددة (42) ، أما في هذه الدراسة فنعني بها ـ حسب الافتراض النقدي ـ هي خواتم الأحداث الروائية والتهيئة لنهاية الأحداث مثل اختفاء الشخوص عن المشهد الروائي ، ونهاية الأحداث ، وليس بالضرورة أن تكون هذه التجاويب في الصفحات الأخيرة للرواية .
أولاً : مملكة الجواري
في هذه الرواية تأنس الأحداث الروائية بالجانب التاريخي ، وتعمل تجاويب النص على اختتام الأحداث بصورة مرضية ومقنعة للمتلقي ذلك مثل حدث خلاص الملكة من ابنها الكبير حينما حاول اقناعها بتسلِّمه الحكم وإنها وصايتها عليه ، قال السارد : ” كان صوتها بارداً وحزيناً .. وقد تحوَّلت شفرة وجهها إلى صفرة باهتة .. كما لو أن الدم تسرَّب خارج بدنها منذ حين .وقد أضحت عيناها تنظران خلف الأشياء . غشتني رعشة وأنا أتساءل ماذا عنت بكلامها ؟ ضمتني بيلاسان ضمن مساعداتها .. لم أكن سعيدة لذلك ، عبرتْ ومجموعة من الجواري خلفها أروقة القصر بصمت حزين . أمرتنا بسرعة إفراغ جناح الملك من الجواري .. لم نجد من تقاوم أو تتمنَّع .. حتى هو بدا محتاراً لما تقوم به .. خرج صوته ناعماً : ويحكن ماذا تصنعنَّ؟ ألا تخشين عقاب الملكة ! أخذ يكرر ذلك بصوت مرتبكٍ .. ولكن حين طلبت منه بيلسان مرافقتها سار طائعاً كمن يُزف وسط حاشيته .. أنزلناه عبر سلالم الطوابق السفليِّة حتى شونة الغلال المشأة حديثاً خلف القصر .. وما إن هبطنا السلالم حتى أنهار .. ليُحْمل على سواعدنا ، حتى قاعة داخلية حيث جُمعت جواريه المتواطئات ، وما هي إلَّا لحظات حتى صعدت أرواحهنَّ مرافقات لروحه”(43) .
في هذا الجزء من النص يشتم المتلقي التاريخ لكنه مضمخ بالفن السردي ، لذلك يرى أصحاب النزعة التاريخية أن التاريخ والرواية مترابطان ترابطاً عضوياً ، وتلك هي الصورة التي كانت الرواية عليها لدى بالزاك مثلاً ؛ لكن الرواية الجديدة ـ ومعها النقد الجديد ـ ترفض هذه الأطروحة وتأبى أن تربط نفسها بالتاريخ ، لكن هل الرواية قادرة حقاً على الخروج من جلد التاريخ والتمرد على الزمن ، في الوقت الذي لا يزيد في سلوكها على كتابة التاريخ ، خذ لذلك مثلاً : الشخصيات ، والأحداث ، والأحياز ، والأزمات ، كلها تحيل على التاريخ وكلها تستقي من أحداث المجتمع وعلاقات الناس في المجتمع بعضهم ببعض ، في الوقت ذاته كيف ، إذن ، يمكن رفض التاريخ تحت عقدة الجدَّة والحداثة ، وماله صلة بهما (44) ، ومن هذا المنطلق عمد الغربي ـ في أعماله الروائية ـ إلى استكناه التاريخ ، لكنه قدَّمه بقالب خاص به معتمداً على الفكرة القوية التي تشكل الانفجار الذي يؤدي إلى توسع النص في جميع الاتجاهات فاتخذت شكلاً خاصاً اختطه السارد لنفسه ـ من وجهة نظر الدراسة ـ إذ أن القصة أو الرواية لا تتحدد فقط بمضمونها فحسب ، ولكن أيضاً بالشكل أو الطريقة التي يُقدم بها ذلك المضمون45 ،
ففي أخر تجاويب مملكة الجواري يقف القارئ على نهاية حكم السيدة أروى الصليحية يقول السارد : ” النهار أطول من نهارات مضت .. لكن غرباني تنصرف في مواعيدها .. وأنا أشعر بأن كل شيء يهتز .. ثلاث جوارٍ يقفن أمام الباب .. تهيأت لسماعهنَ .. طالت نظراتهن ظننتهنَ نسين ما عليهن قوله .. حتى إني كنت أسمع شهيقهن وزفيرهن .
طافت بي عدة أسئلة لم أبح بأي منها ..نطقت أصغرهن سيدي , أرجو منك مرافقتنا. كان علي أن أتبع حفيف خطوتهن حتى قاعة تمضغ ترانيم خافته .. دائرة مجامر تتنفس أعمدة زرقاء .. وجوه جوار اصطففن على الجدران .. أوقفتني إحداهن أمام تل ريحان .. لا اعرف ما علي فعله .. فقط أحاول التحكم بأطرافي .. لم أكن اعلم لمن جثمان الريحان … ولكن إحساسي بانتهاء كل شيْء كان يغالبني .
خرج صوت أحدهن وهي تمسح دموعها : ” الملكة أروى تقرئك السلام .. وتأمل الدعاء لها .. صمتت قليلا لتعيد لصوتها تماسكه .
وقد أوصت بأن تكون أنت من يتلو وصاياها ” . رأيت كرسي الملكة خالياً من كفها الحليببية “46 .
إنها مشاهد متقطعة توحي بتجاويب الأشياء ونهايات أحداث ووقائع العمل الروائي ، إن الاشتغال على الانحرافات والتشعب في الأحداث والشخصيات هي إحدى سمات الكتابة الروائية لدى الغربي , في الأحداث والشخصيات وهي أيضا في إطار المشهد العام ، أو الحيز العام للعمل الذي يعتمد على التبئير وتجسد مملكة الجواري هذه الحقائق الفنية ، من خلال الومضات واللقطات الفنية المبعثرة ، والانحرافات السردية ، وتداخل الأزمنة ومفارقات الأمكنة ، وتماهي الشخصيات ، وصهر التاريخي مع المتخيل في الموقف الاجتماعي والسياسي ، الذي اتخذته الشخصيات ، لكنها تتضافر فيما بينها لتولد دائرة كلية شمولية تصاغ بدايتها في بؤرة الحدث وهي الفكرة47
ثانيا : مصحف أحمر
في تجاويب مصحف أحمر يجد المتلقي أن العمل يعتمد على النهايات المغلقة التي تكشف عن سر شخوصها وأدوارهم في الفضاء الروائي يقول السارد : ” مولانا من أهل الله ، عرفته مصليا في المسجد منذ اثنتي عشرة سنة ، يبات بعض الليالي في المسجد لا اعرف ماضيه البعيد ، … دوماً يحدثني عن يومه وعما يصادف من مغفلين وعن بعض النوادر التي يصادفها أثناء تجواله سألني قبل عدة ليال عن شخص العطوي … وجدته يبرر لي سبب سؤاله عنه .. تحدث عن ماضيه .. عن علاقته بالجبهة الوطنية كأحد عناصر استخباراتهم تنقله من منطقة ريفية إلى أخرى ومن قرية إلى غيرها تحت غطاء التسول وإنشاد المدائح في المناسبات الدينية والاجتماعية في أوساط الفلاحين وصل في حديثه إلى ظروف اعتقاله في المناطق الوسطى واقتياده إلى عدن عام 1984م. 48
تتورد خدود الليل حزنا على هذا المناضل الذي أخذ عنوة إلى عدن لا يدري ما الذي دفع بهم لأخذه رغم أن عدن هي التي كانت لهم مركز القيادة ، إذن هكذا أراد القالب الفني لرواية مصحف أن يصب هذه التيمة في إطار تجاوب النص ضمن الحيز الروائي لهذه الرواية ، وأراد الكاتب أن ينهي احتدام الصراع داخل الفعل السردي بهذه الوسائل الكتابية المتاحة وتعد هذه التيمة أحد انحرافات السرد إذ تفضي الانحرافات السردية وتعدد الأصوات وتنوع اللقطات والتوازيات والمفارقات حيوية على السرد ، كما تتيح توظيف “الحكايات التاريخية وتلك الواقعية بصورة جديدة ، فهذه الحكايات بأحداثها وشخوصها ورموزها تنصهر مع الحكايات49 المتخيلة ، ولأن السارد يهدف إلى شحن ذاكرة القراء من خلال مزج التاريخ بالمتخيل ويحول الحكايات من الماضي إلى الحاضر فإنه قد عمد إلى صب تلك الأساليب وفق المنظومة البؤرية التي تبدأ بالنواة البؤرة ثم تليها الامتدادات منتهيا بالتجاويب السردية التي تخوتم وتحوكم النص، وهاك تجواباً أخر من رواية مصحف احمر يقول السارد :
” كنت اختلس السمع حين كانوا يحاورنه .. لم يكن العطوي يتبع مذهبا بعينه .. ولم يكن الحوار معه تقليديا .. أعلن لهم منذ البداية انه يستوعب الإسلام كما يستوعب اليهودية ومثلها المسيحية .. يصف نفسه بالمؤمن وليس بالمسلم .. ويبرر لهم أن الإسلام جزء من الإيمان .. لم يكن العطوي يشبه أحدا ممن سبقوه .. كان تأثيره على من جاءوا بهم من رجال الدين واضحا .. بل إن احدهم طلب منه بقوله زدنا .
ثم عقدت له جلسة استثنائية .. لكنه رفض وقال : بل عليكم أن تعلنوا توبتكم انتم على ممارستكم ودجلكم .. ثم ارسلوه منذ خمسة وأربعين يوما تقريباً إلى احد السجون السرية داخل صنعاء .. وهم يقولون انه يحمل مبادئ هدامة وعقائد خطرة “50 ماذا يلحظ القارئ من النصين السابقين أو التجوابين كما تسميها الدراسة اختفاء الشخصين عن المشهد الروائي ، الأول باقتياده إلى سجن عدن والثاني إلى سجن السري في صنعاء ، إذن هذه النهايات المتشابهة أما تدل على حسن تجاويب السارد ووتزيين خواتمها ، لكن ضمن سياقات نصية تلعب فيها تلك الشخصيات ادواراً بطولية ، فكل ما يتعلق بوصف الشخصيات والأخبار المتعلقة بهوياتها أو وصف الإطار العام للأحداث كلها يتم بواسطة ما يسمى بالوحدات الإدماجية ـ عند لحمداني ـ لكن لوران برت يرى أنه لمعرفة الدور الذي تقوم به الوحدات الادماجية لا بد من نقلها إلى مستوى أعلى من مستويات الدلالة ، وهو أفعال الأبطال والوضعية الاجتماعية والتأثيرية التي يتمتع بها الأبطال51 .
من كل ذلك نخلص إلى القول بأن الروائي محمد الغربي عمران قد اتخذ من الفكرة القوية المنسلة من تاريخ اليمن بؤرة انفجارية توثر في سير أحداث رواياته ، معززاً تلك الفكرة بروافد مختلفة نسميها في الدراسة الامتدادات ، في هذه الامتدادات تتولد الأحداث وتنبت الشخصيات ويدور الصراع وتتشعب التقاطعات النصية ، ويخلق السارد تعرجات الأحداث والصراع لينتهي من كل ذلك إلى التجاويب وهي العودة لاستجماع ذلك الشتات في نهايات منطقية يزيِّن سير الحيز السردي ، ولذلك اسميناها ـ في هذه الدراسة ـ بالتجاويب ، انطلاقا من تعريف الأستاذ مطهر الارياني
نتمنى أن نكون قد وقفنا على بعض تقانة النص السردي عند الغربي عمران ، فإن لم يكن ذلك فيكفي شرف المحاولة .
1 ـ انظر : تقنيات الخطاب السردي ، أحمد عزي صغير ، وزارة الثقافة والسياحة صنعاء ، 2004م ص21
2 ـ أنظر: الأبعاد التراثية في شعر محمد عبدالسلام منصور ، زيد صالح الفقيه ، رسالة ماجستير جامعة ذمار 2012 م ص151
3 ـ انظر: الشعرية البنيوية ، جوناثان كلر ، ت/ السيد إمام ، دار شرقيات القاهرة ، ص259
4 ـ انظر : موسوعة تاريخ العلوم العربية ج1 ،مركز دراسات الوحدة العربية ، عام 1997م ص100
5 ـ د. شكري عزيز الماضي ، أنماط الرواية العربية الجديدة ، عالم المعرفة 355 سبتمبر 2008م ص69
6 ، نفسه ص69
7 ـ زيد صالح الفقيه ، استنطاق النص المستتر في رواية امرأة ولكن ، مجلة غيمان العدد15 ، صيف 2014م ص37
8 ـ د. شكري الماضي سابق ص71
9 ـ محمد الغربي عمران ، مصحف أحمر ، رياض الريس الكوكب ، 2010م ص100 ، 101
10 ـ فهد حسين ، الرواية والتلقي ، فراديس للنشر والتوزيع ، البحرين ، 2012م ص124
11 ـ محمد الغربي عمران ، مملكة الجواري ، نوفل بيروت ،2017م ص163 ،164
12 ـ أنظر الشعرية البنوية ص260
13ـ انظر : هاني رزق ، موجز تاريخ الكون ، دار الفكر دمشق ، 2003م ص36
14 ـ أنظر : د. عامر علي غبرة ، أسرار عالم الزلازل والبراكين ، دار علا الدين دمشق ، ط1 1999م ص10ـ12ـ
15 ـ انظر : مصحف أحمر ص38 ، 39
16 ، انظر : ص37
17 ـ أنظر : الشعرية البنيوية ص258
18 ـ أنظر الرواية والتلقي ص124
19ـ د. سعيد يقطين ، تحليل الخطاب الروائي ، المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، ط5، 2005م ص203
20 ـ مصحف أحمر ص46 ،47
21 ـ أنظر : الشعرية البنيوية ، ص260
22 ـ أنظر : موسوعة تاريخ العلوم العربية ص100
23 ـ مصحف أحمر ص125
24 ـ انظر : د. حاتم الصكر ، مجلة غيمان العدد(15) صيف 2014م ص14
25 ـ مصحف أحمر ص167 ،168
26 ـ أنظر : د. حاتم الصكر ، مجلة غيمان ص23
27 ـ انظر : د. مرتاض نظرية الرواية ص188
28 ـ مصحف أحمر ص270
29 ـ د. سعيد يقطين ، تحليل الخطاب الروائي ، المركز الثقافي العربي الدار البيضاء ، ط4 ص264
30 ـ أنظر : د. آمنه يوسف ، تهجين الاتجاه في سرد ما بعد الحداثة ، ص24
31 ـ انظر : مملكة الجواري ،ص126
32 ـ انظر : الشعرية البنيوية ص276
33 ـ انظر : د.حاتم الصكر ، مجلة غيمان سابق ص23
34 ـ أنظر : مملكة الجواري ص135 ،136
35 ـ انظر : د. حميد لحمداني ، بنية النص السردي ، الركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، ط3، 2000م ص56
36 ـ أنظر : شيرين أبو النجا ، الملحق الثقافي صحيفة اليمن اليوم ، العدد(1805) 8/11/ 2017م
37 ـ مملكة الجواري ص150 ،151
38 ـ أنماط الرواية العربية الجديدة ص80
39 ـ مملكة الجواري ص192 ،193
40 ـ أنظر : بنية النص السردي ص55 ،56
41 ـ أنظر : تقنيات الخطاب السردي ص22
42 ـ مطهر بن علي الارياني ، المعجم اليمني في اللغة والتراث ط2 ، مؤسسة الميثاق ج1 ،2012م ص131
43 ـ مملكة الجواري ص162 ،163
44 ـ انظر : نظرية الرواية ص16
45 ـ أنظر : بنية النص السردي ص46
46 ـ مملكة الجواري ص248
47 ـ انظر : أنماط الرواية العربية الجديدة ص68
48 ـ مصحف احمر ص329
49 ـ ـ انظر : أنماط الرواية ص73
50 ـ مصحف أحمر ص331، 332
51 ـ انظر : بنية النص السردي ص29 ،30
—————
————————————————————
—————
————————————————————
1