تقديم:
هذه القصائد مُختارة من مجموعة لعبد اللطيف اللعبي، حديثة العَهد بالصّدور، تحمل عنوان: «مغامرات حالم عنيد»(1). في هذه المجموعة يعتمد الشّاعرعُدّة غنيّة بتنوّعها في بناء القصيدة: الذّاكرة، المُلاحظة، السُّخرية المَرِحة، الفكاهة شبه السّوداء… أمّا ما تتوخّاه الذّات الشّاعرة من هذه المُغامرة الشّعريّة، فليس أقلّ من استقصاء «دُوَار اللانهائي/ مدى جسامة الألم/ عواصف الحُبّ المُعاكَسَة…»(ص11). ولأنّ هذا الاستقصاء شعريّ الطّابع، فهو نسبيّ
المُحصّل، قابل للاغتناء، وفي كلَّ مرّة، تُشْحَن مادّتَه التي هي الكلماتُ بطاقة مُتَجَدّدة: «فــي المادّة السّوداء / للكلمات/ يحتفظ السّرّي/ بسرّه» (ص 12).
للسّرْد، في هذه المَجموعة، حضور قويّ. وهي، إنْ كانتْ لا تزخرُ بالصّور ذات الطّابع الحُلمي، فلا نعدمُ فيها قصائد تتضمَّن سردًا لأحلام، تُخيّم عليه أجواءُ فكاهةٍ شِبْهِ سوْداء ( قصيدة «الحقيبة»، أدناه، تُجسّدُ، بشكل جيّد، ما أذهبُ إليه).
أمّا عبد اللطيف اللعبي (وُلِد سنة 1942)، فهو من أهمّ الكتّاب المغاربة المُعبّرين بالفرنسية. وقد نشر العديد من المجموعات الشّعريّة والرّوايات والمسرحيات (فله في الشّعر: «عهد البربريّة»، «قصّة مصلوبي الأمل السّبعـة»،
«قصائدُ تحت الكمامة»، «خطبة على التّلّ العربي»، «شذرات من سِفر تكوين منسيّ»، «الخريفُ يَـعِـد»، «ثمـــارُ
الجسد»… وفي الرّواية: «العيــن والليل»، «تجاعيد الأسد»…)، كما أنّه ترجم أعمالا لشعراء وروائيين عرب، من بينهم: عبد الوهاب البياتي، محمود درويش، غسان كنفاني، حنّا مينة، عائشة أرناؤوط… وأنجزَ أنطولوجيتي «الشّعر الفلسطيني المعاصر» و«الشعرالمغربي، منذ الاستقلال إلى اليوم».
وكان اللعبي قد أسّس، سنة 1966، مجلّة «أنفاس» (بالفرنسية، أساسا)- التي تألق على صفحاتها شعراء متميزون (في الفرنسية)، مثل محمّد خير الدّيــن ومصطفى النّيسابوري- وقد استمرّت في الصّدور حتّى 1972، وهي السّنة التي اعْتُقِل خلالها الشّاعر بتهمة «الانتماء إلى تنظيم سياسي محظور»، ولمْ يُفْرَجْ عنه إلا في 1980.
منذُ 1985، يعيشُ عبد اللطيف اللعبي في فرنسا. وقد انْتُخِبَ سنة 1998 عُضوا في أكاديمية مالارمي.
ترجمة وتقديم: مبــارك وســــاط
شاعر ومترجم من المغرب