ظبية خميس
شاعرة ومترجمة إماراتية
كما بدأكم تعودون..
{كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ..}
الأعراف: آية 29
هكذا أنت،
حرة من كل شيء،
من أي شيء.
حرة كنقطة مطر
تبحثين عن المحيط
يسرقك الأخضر
يسرك الماء
تحدقين في السماء،
دوما،
تحدقين في السماء
في الشمس
والقمر، والسحب،
والكائنات التي تمر عاليا
وتهبط في غمام الخيال.
أنت حرة من كل شيء
من الطين
ومن البشر
من الحب، والكراهية
من الانتماء، والانبتات
حرة في لحظتك هذه
ابنة المطر الذي تتشكلينه
ولا يدري أين يهمي
رغم أنه يشتاق بشدة
إلى المحيط
يتغير العالم من حولنا، ومعه نتغير
ينسلخ الأمس ليحل مكانه زمن آخر، لا نعرفه
نحاول أن نتعرف عليه ولا نستطيع إرخاء قبضتنا عن ما قد عرفناه لعهود طويلة من حياتنا
هذا جيل جديد لا يعرفنا، ويصعب علينا أن نعرفه
تختلف ذاكرتنا الثقافية والحضارية عنه. له عالمه وزمانه، وقد كان لنا عالمنا وزماننا
بالكاد أجد من أوزع عليه كتب مكتبتي التي جمعتها عبر البلاد والزمان
ولا أجد من أهديه شرائط الفيديو لمكتبة سينمائية جمعتها من أنحاء العالم
أرمي بها في أكياس سوداء كبيرة في القمامة
كنا نلمس الكتب، نستنشق أوراقها، نتأمل عناوينها، نخطط تحت سطورها. نبحث عنها في المكتبات القديمة والجديدة في أزقة البلاد التي نعيش فيها، والقارات التي نزورها
نجوب دور السينما، ونبحث عن أشرطة وإسطوانات الموسيقى والأغاني ونتفقه فيها ونصغي إليها بخشوع الحالمين
نجوب المتاحف ونتبادل النقاشات الفلسفية والإبداعية ونصنع الصداقات، ونتحدث
كنا نتحدث كثيرا، وجها لوجه
اليوم كل ذلك هو في عالم افتراضي تجوبه على الكومبيوتر والموبايل والإنترنت
موج كالجبال يهد ما قد سبق
يغير النهر مجراه وترمي البحار بالشرر
تتفتق البشرية من جلدها إلى أحشائها
لا نصر مؤكد
ولا هزيمة نهائية
أموج مع الموج
وأتجبل مع اهتزاز الجبال.
يغمرني الفيضان ولا أرى طيفا
لمركب نوح.
هدهدنا أيها الحلم
ارْأَفي بنا أيتها البراءة المنتهكة
المخبولون يحكمون العالم
ونحن ضحاياهم المنجزة
قمر فوق رأسي
نخلة بجانبي
بحر أمامي
وبشرية متلاطمة
العصي على الفهم يتجسد
/الغيلان تتبادل أنخابها
والطفولة نائمة بيأس على قبور أهلها
التسليم بالتغيير،
أم الاستسلام له
أنت مجبر على الدخول إلى عالم التكنولوجيا اليومي، وإذا لم تفعل ذلك فأنت تقريبا المحو
لا سبيل إلى الفرار إلا بأن تكون هاجرا ومهجورا في الوقت نفسه
يصعب أن يختار المرء أين يعيش. ظروف كثيرة تحكم ذلك. مولده، منشأه، لغته، دينه، قومه. وبالرغم من ذلك فإن أمما بأكملها تهجر أرضها نحو عالم آخر لا تعرف لغته ولا أرضه فرارا من الرحم القاتل
مع التغيير، أنت تتغير
مع التحول، أنت تتحول
يستسلم ما قد عرفته جيدا إلى النسيان
تفتح الباب لجديد يتقادم في لحظات، وذاكرة تجاهد كي تصل إلى المفهوم اللحظي للزمان والمكان ولفحوى البشرية المتحول على الدوام
تؤلمك أكتافك بما تحمله، وبما تسقطه، فهي لا تكاد تتوقف عن شيل أحمال جديدة كل يوم
ينضو الجمال نفسه
وأنت من أنت في مرآة يومك؟!
ما الزمن؟
على مشارف الستين يراودني السؤال
كيف زادت خفته، سرعته، وانقضاؤه
كيف تتداخل اللحظات وتعيشك كأنك لا تزال، وكأنك لم تكن
تراقب الوهن كأنه يحدث لشخص آخر،
فأنت لا تزال أنت. تلك الطفلة، تلك الصبية، تلك الفتاة، تلك المرأة، تلك العاشقة، تلك المرتحلة، تلك المغامرة، تلك الطائشة، تلك الحكيمة، تلك الضائعة، وتلك التي تصوغ حكمتها عبر الزمن
لا تعني التجاعيد شيئا، ولا آلام العظام والعضلات، ولا كل الخيبات التي عبرت والتي لا تزال تحدث
كل ذلك لا يعني شيئا، فالضوء لا يزال مشتعلا في الجبين، والقلب لا يزال يحلم و يتذكر، ورجفة الوجود لا تزال تزورني
تنظر إلى التحولات والتوقعات بعين من يعرف أن لا شيء يستقر في مكانه طويلا. كل جديد هو قديم حال ولادته
حتى الموتى أحياء في بقعة ما
يؤلمك الغياب وربما ما قد مروا به من أوجاع الجسد لكنهم هنا في الأحلام، وفي الرأس، وفي الكلمات
تتذكر ما عشته و كأنه عصبة أحلام عبرت
الفرق قليل بينها وبين ما يمر في المنامات الليلية
أثر الفراشة على العينين
برق ما يأخذك إلى أزمنة متعدد، ثم حين تعود إلى لحظتك لا تجد الفرق كبيرا بين ما عشته قبيل اللحظة وما بعدها
الزمن
لولا النهاية المحتومة لما فكر الناس بالزمن
لا يتجزأ المكان من الزمان. كلاهما واحد، أحيانا.
هناك مكان يعيدك، وهناك مكان يأخذك
نبحث عن السعادة والرضى في هذه الحياة. لا وصفة جاهزة لهما. نجرب خلال مراحل الحياة، ومن خلال التجربة نصل نسبيا إلى ما تعنيه السعادة وما يعنيه الرضى بالنسبة لنا كأفراد
كثيرا ما يكون الطريق شائكا إلى ذلك وأحيانا الأخطاء جسيمة غير أن الإنسان لا يولد مكتملا أبدا
إنها تلك الرحلة الصعبة لفهم معنى أن تكون إنسانا، وتلك الصراعات مع الذات والرغبات والأحلام والطموحات والطمع، والصراعات مع الآخرين، وما يحيط بك من ظروف الزمان والمكان والثقافة التي تعيش فيها
ربما كانت الطبيعة لتعلمنا أكثر، غير أننا أبناء وبنات المدن المتحولة. جيل الضغط المتراكم والملامح المتحولة والمفاهيم المتضاربة
والمعوقات ليست مادية فقط أو سياسية، لكنها ثقافية وتربوية ودينية ضمن ثقافتنا التي تعيش ما بين سحيق وحاضر يقفز إلى ما بعد الحداثة بشكل مخيف.
تكبر الفروق بين الأجيال والدول والثقافات إلى درجة الصراع الذي يدعو إلى المحق والتشويه والإبادة، أحيانا
فقدنا السلام والبطء ووضوح الرؤية والمشتركات الأخلاقية في كثير من الأمور
كأن الوقت غير الوقت
كأن البشر غير البشر
كأن الأرض غير الأرض
تتوافق دقات الساعة/ يتقلب الليل والنهار / تسير السماء في دروبها
كل شيء يبدو مهتزا، مؤقتا، ابن الريح
تحمل الكرة الأرضية في كفك لكنها تتقافز منها هنا وهناك
يحملك الموج إلى ما تدري وما لا تدري
تنصف العالم بجنونك الحي
ينصفك العالم بعدم الانتظار، فهو يتسارع، يتلاشى، يتجدد، يغير صوره غير الثابتة في لمح البرق
تسكت الأيام عنك، تدير رحاها في مكان آخر
على كرسي الانتظار والمشاهدة والترقب تجلس كملاك ينتظر مهمته
اتبعي قلبك وشدي الرحال، إلى أين وقد مضت الدروب لحالها
يا ملكوت المكان والزمان
لا شيء يبقى
أثر في عين أثر
كأن الوجود هو العدم
لعبة الدفاتر والورق
يوحي الله إلى كل كائن بحياته
للزمرد حياته، كما أنها للفراشة، وما المخلوق المدعو إنسان إلا كذلك
كأنك تبصر ذلك مبكرا على نحو غامض ومبهم
كل له لغته، إشاراته، وكائنه، مفترقات الطريق بين العمر والعمر، وجوده وزواله ونهايته
كل ما تقبض عليه تذروه رياح الزمن
والأمكنة مثل البشر، لها حياتها وأوجها وخرابها وزوالها واندثارها
يخطو الوليد نحو مجهوله. هي غابة الخلق الأولى جنته وعدمه
يمتع الله الجبارين بجبروتهم
ويسير آل أيوب في دروب الصبر الشائكة
ولكل شيء بدايته ونهايته
ما من فعل يقوى عليه الكائن إلا وسره يكمن في قلبه
تقلب القلوب والليل والنهار والزمان والمكان
أفواج تذروها أفواج
وغل العدم الخالد
ترقى الروح في توقها، ترقى حتى تصل إلى ما لا يقبض عليه. ترقى حتى تغادر جسدها
على قمم الهملايا النسور
وفي قلب الصحراء الضباع والذئاب
وتحت متكأ كل رأس حية تسعى
للنجوم أذنابها في عمق الأرض
و للأرض انعكاسها على مخلوقات السماء
وما الجنون إلا بادرة الرائي التي لم يدركها غيره
تسطع شمس الحق على اللا أحد
نغرف أقدارنا كما نغرف طعامنا من قدرة واحدة.
نصلي ونصطلي
نتوافق على شكل الموت النهائي للمعنى وللحدث وللحياة
و ما زال مركب نوح يعلو طوفانه
ما الفارق بين من عاش في أول الزمان أو في لحظته.
تلك النفس التي كانت والتي اتبعتها والتي تكون
النفس في تكوينها وارتجاجاتها وفي خوفها وأملها، في قوتها وتلاشيها
ما الفرق بين كائنات اليوم وما سمعناه عن كينونة قابيل وهابيل
أو ذلك الرسام الذي نقش وعوله على جدران الكهوف وبيكاسو ودالي
بين ذلك الأزل الذي نظر إلى السماء ونجومها وامتداد الأرض وموج البحار، وذرى الجبال، وتشبث نظره دون جواب
كان الرجاء والأمل أول صلواته، وكان الخوف والسؤال عن ماهيته أول عواطفه الكبرى
إنها مجموعة كلمات تسعى. تأكل كل حية كبرى
الكلام المصمت الذي لا يقوله أحد، إلا فيما ندر
الكلام الذي يسعى ملتهما كلمات السحرة الجاهزة التي تقنن كل خيال وكل فعل يخرج بقانونه هو لا بقانون الكلام المسنون
الكلمات التي لم يرثها أحد. بل جاءت بفعل اللحظة والموقف والسؤال والطبيعة السابقة لكل جواب مدجن.
هيهات أن تعرفك أيها الكائن المعرف سابقا لكلمات كونه
في مصيدة الكلمات الجاهزة تنمو الكائنات وفيها أحجارها المدببة والمسننة التي تطعن أول ما تطعنه حامل الكلمات نفسها.
أحببت أن أعرف
أم أنها أردت أن أعرف
لكن كيف للعابر أن يعرف المقيم في الأبد
وكيف للهش، النابش والمنبوش، الذي هو زبد موج يتكسر على الشاطئ أن يمسك بما لا يقبض عليه، وأن يسلط ناظريه على سطوع غاش، وهو بالكاد يفتح عينيه على ضياء الشمس، ويكاد يعمى
قد طلب من المحدود المتلاشي أن يبصر الأبدي الساطع أمام عيون غاشية
المحبوب يطلب الحب من قلوب ذاوية
الممسك بالكون يريد أن يلامس أيادي الزبد، وقد كان
أن تخطو في ما لا تعرفه. أن تضيف إلى مداركك وإلى النسيان معا. البناء والزوال
بحسبك أن ترى، لكنك لا تعلم علم اليقين
تراودك النفس على نفسها. تخضع لها أو تتمرد عليها
الخطوة تقودك إلى ما لا تدري، وما لم ترى
تصبح العارف في أوان وقته
ينزل عليك سهم الله كي ترَ المعرفة فيك
أوان بأوان
وزمان لكل زمان
في ختلة الروح تسري المعارف كالدماء في العروق.
تعرف ما لا تدرك أنك تعرفه
من لحظة التكوين إلى لحظة الانتهاء ومن التكوين والكينونة
أسرارك من خليتك الأولى ومن أمره كن فتشكلت
ما بين الكينونة والتشكل يكمن عمر بأكمله، من صرخة الولادة حتى شهقة الفراق الأخير
لا يعرف الطبيب سرك، ولا حتى المرأة التي ولدتك تأتي وتغادر به، وقد لا تدرك أنك تحمله إلا بشكل غامض لا تعرف له كلمات محددة
والكشف يختص به الخالق من يشاء
على مشارف الستين لا تعرف لك وطنا ولا أهلا.
ما عرفته لا يبعث السرور وقابع في أوائل الحياة، أما اليوم فإنك حيث ما أدرت وجهك في هذه البقعة من الأرض فأنت غريب كأنه هبط من السماء على أرض غريبة
تجسدت لهم أنثى، وتجسدت لهم كلمة، وتجسدوا لك قضبانا. سكاكين تغتال الحرية والكلمة
أرض قاحلة كلما سقيتها من كلماتك يبست أكثر
كل شيء فيها يشبه شيئا ما آخر
يتقوض المعنى في هياكل مزخرفة
بلاد يأتيها الشرق والغرب
ورشة عمل تكدح الكائنات فيها. تضيع اللغة، ويضيع المعنى، ويضيع معنى الوطن الخالص فيها
وأما أنت، الكائن السماوي، الذي هبط فيها، فقد سئمتها أكثر مما سئمتك، ربما
تمشي في علبة ثقاب ضيقة
تتنفس وهج شمس حارقة
تصافح أيادي لا تعرف معنى في هذه الحياة إلا التعيش بأي ثمن كان
غريب أيها الكائن السماوي بين مخلوقات غرائبية وبلاد يسومونها من سطوا على قوتها وسلطتها ومعناها
هي أرض عاد وثمود بمعنى ما
أرض الفرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى
أرض داحس والغبراء
أرض السيوف التي تتقاطر منها الدماء
أرض مسيلمة وسجاح
أرض الملك الذي رآه الطفل عاريا فيما صفق الشعب لثيابه الملكية الباذخة التي دارت في خيالهم فصدقوها
و لكن ها هنا دفن الأجداد والآباء والأمهات والأخوة والأهل
في هذا التراب نامت الخلايا التي تمت بصلة لخلاياك.
انعموا أيها الموتى بموتكم
يأخذك السكون إلى ما عرفته… وإلى ما تود أن تعرفه
يتأخر الوقت. هناك دائما فرصٌ ضائعة. في المغامرة. في الإبداع. في العمل. في الحب. في الصداقة. في نفسك. مع أهلك. مع أصدقائك. مع من عرفتهم، وحتى من لم تعرفهم
هنالك، دائما فرصٌ ضائعة
تقول أن ثمة جنة ما. جنتك الخفية، قابلتها ذات مرة، أو مرات في الحياة التي عشتها
ذلك المكان أو الزمان أو الشيء الذي حدث، أو كاد أن يحدث
هناك أماكن تذبل فيها الروح، ويشيخ فيها الجسد، سريعا. تجنبها. أو حاول مغادرتها. أو تكيف معها بطريقة تبطئ من ذلك الذبول، ومن تلك الشيخوخة
كل الأماكن التي تشد قيدك، عدوتك
شد القيد يجعلك تفقد حريتك ورونقك وحيويتك وإبداعك. تلك أماكن تبرمجك، وتقتلك بطريقتها، فتضحى الحي – الميت
لن تستطيع أن تغير المكان. فقط، الزمن والتراكم وضيق الناس، بأغلبيتهم، مما هم فيه، يفعل ذلك
المناخ، الطقس، الطبيعة، ثقافة المكان، العادات، الدين، النظام السياسي، كل ذلك يلعب دوره في تحويل المكان إلى قطعة جحيم حي أو العكس
كل ما لا تريده، لا يريدك أيضا
وكل ما لا يريدك لا تسعى إليه، فذلك هو السعي الخائب في حياتك القصيرة أو الطويلة
هنالك أناس ولدوا ليكونوا أعداءك وهنالك أناس ولدت لتكون حبيبهم
لا تخطئ التقدير. القدر يقدر لك ما يشاء حتى لو اخترت أو ظننت أنك اخترت حالك
من أين يتولد الشعور بالانتماء إلى وطن أو شعب أو ناس؟
وهل يمكن أن تكون منتميا في مجتمع ونظام يقصيك، بإستمرار، عن كينونتك فيه بأن يحرمك من حقوقك وحريتك ووظيفتك وحياتك فيه؟ هل يمكن للمهمشين، بقسوة، الشعور بالإنتماء، وخصوصا، أولئك العاملين في حقول الفكر والإبداع والأدب والعلم؟
في مجتمعات تقوم على فردية الحكم والتسلط لا سبيل لمعظم الناس للحياة فيها إلا بالخضوع لقانون النفاق والتبجيل وتبرير الأخطاء والولاء المطلق لرغبة الحكام والمتنفذين في تلك المجتمعات.
لا مساحة ولو ضئيلة للاختلاف أو التفرد أو الاستقلالية. سيصلك العقاب بأشكال مختلفة على كافة المستويات من حقوقك المدنية إلى حقوقك السياسية إلى حقوقك في الحياة الكريمة.
لقد أنبتت قوة المال وتمركز السلطة في أيدي فئة جديدة من الحكام ومن يتبعهم قدرة قاسية على مصادرة حقوق الآخرين، وعلى برمجة المجتمعات والأجيال الجديدة، بشكل يشعرهم أنهم ليسوا أصحاب حقوق، بل هم خاضعون لمنة الحكام في معيشتهم وواقعهم ومستقبلهم.
وقد ساند المجتمع الدولي والذي هو الغرب أساسا، هذه الحالة عبر تفشي الرأسمالية المتوحشة التي تصنع تحالفاتها بناء على المصالح المالية والتجارية والعسكرية، وغض النظر عن التقدم الأخلاقي والسياسي ومفاهيم العدالة والكرامة وحقوق الإنسان في مثل هذه المجتمعات الوليدة الزاخرة بالمال والسلطوية المطلقة، يدا بيد.
2018-4-19
الشارقة.
لفح الصيف في الشارقة كآتون مفتوح في جهنم بحرارته.
أغالب التأملات، وفحوى الموجودات، وكنه الزائل والمقيم.
مر صيف، وبدأ صيف.
ذابت تماثيل الشمع، وانقضت أزمنة ناقصة، وزائدة، ومتخيلة، وقائمة.
رياح حارة تضرب وجه المساء والماء يتدفق، مالحا، بجواري.
2018-7-5
الشارقة.
للفراشة أجنحتها الملونة
والهادرة بنسيم يرفرف من أجلها،
ولها بقايا الجناح،
سقوطه،
اختفاؤها في الهواء
الذي جلبها من العدم.
تغيب الفراشة عن النظر
وحتى حين تتساقط رفاحات جناحيها
يبقى في الهواء ذلك الأثر
تلك الحركة الناعمة التي
تحسها دون أن تراها.
___________________________
ما من غياب
كله يحضر مجزأ من المنسي
كأن الستين عاما تستحيل
إلى الستة أعوام.
يحضرون، وتحضر اللحظات من
غياهب السنين.
كأن لا زمن
كله يصطف، معا، كمرآة تنعكس
فيها الصور إلى ما لا نهاية.
أنت المرئي في اللامرئي
كثافة الوجود في تعدده.
التفاف الطريق على صاحبه.
______________________
تقرأ صورتك في المرآة
في الماء
في الفضاء،
في عيون من ودعتهم
في لحظاتك المنسية،
وتلك المرتقبة.
فيما الهلال ونجمته يتوسدان
السماء، فوق رأسك،
والأضواء تنعكس على نهر حياتك.
مقدمات تقود إلى نهايات،
النهايات تلتف لتلتصق بأول
حروف البدايات.
كل حجر هو حجرك الأول
كل وجه هو وجهك الأول
كل حرف هو ذلك الذي
حاولته مع أول حرف.
_____________________
كلها أحلام منقضية، تتجدد.
الولادة وتحدي أن تشب
والطفولة والصبا والشباب
والنضج والكهولة.
كلها أحلام منقضية تتوالد من بعضها البعض.
طعم حليب أمك يبقى بين شفتيك، حتى لحظة المغادرة، وربما بعدها أيضا.
الروائح الأولى والضوء الأول وملمس الحناء ورائحة الياسمين وحركة أوراق شجر النبق وحمرة الرطب في عذوقه على الشجر.
كل ذلك كأن لم ينقضِ أبدا.
صداقاتك الأولى، لعبك، تجوالك ووحشتك، جروح الركبة، وطعم «العشرج»، ولعبك مع الغزالة و ملمس جلدها ونظرة عينيها المسددة في عينيك.
ستغب الجمال و عونته.
الفضاء الذي ظننته واسعا حتى طفت العالم، وعدت إليه فوجدته أصغر من موطئ لقدميك.
الكتابة، الحروف، الأحلام، وأشباحها. أغلفة الكتب ورائحتها.
صور المكتبة الخضراء الملونة الوديعة والحكايات التي تجسدت فكانت غابة جمال، تخطو فيها بعينيك، وتبحث عنها بقدميك.
المزاج المتحول والعثرات والبحث عن ما لا تجد.
توهم الوهم. توهم الحب.
التيه في العشق. الركض وراء أطياف رأسك السائرة في المدن.
الأشواق الغامضة في وحدة دائمة لا يكسرها شيء، لا يخترقها أحد.
الامتلاء بالفيض.
الدموع التي لم تأت حين احتجتها.
قواميس الحياة المتغيرة. الوجوه التي تخشن على حين بغتة، فتفقد رقتها.
الملائكة الذين صادفتهم هنا وهناك.
المطر في أوله،
والحب في حيرته.
التعلق الغامض بأرواح لا سواها.
عزلة الآلهة.
تواشيح الغيب والغياب.
الغزالة الراكضة في بريتها.
الحمامة وهديلها
واللبؤة تذود عن عرينها.
لحظات التماس
ولحظات المس
و لحظات الانعتاق.
ما لا تطلبه لا تحتاجه.
والسلام علي يوم ولدت و يوم أموت ويوم أبعث حيا.
2018-7-21
الشارقة.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛