سمية اليعقوبي وشيماء العيسائي
باحثتان عُمانيتان
تواجه الصحافة الثقافية اليوم تحولات جذرية فرضتها التقانة الحديثة التي أسهمت في تغير شكل الإعلام. وأمام هذه التحولات التكنولوجية ينصرف الجمهور إلى التركيز على الأبعاد الاستهلاكية التي تنتجها لهم الدعاية ومؤسسات العلاقات العامة في مشهد تمكنت من خلاله الليبرالية الجديدة من تحويل القوالب التنويرية والثقافية الداعمة للحقوق إلى حالة من تحييد الصراع بطريقة تعزلُ الصّحافة عن أدوارها الثقافية ونضالها الشعبي. تواجه القضايا الأساسية المؤثرة حالة من اللامبالاة، فلقد تمكنت الليبرالية الجديدة اليوم من تحويل الصحافة بشكلها التنويري والثقافي إلى مادة سلعيّة تستدعي الخيال وتجنح نحو الهدوء العام (McGuigan:2005).
وفي المقابل، شهدت السنوات الأخيرة تصاعد ما يعرف بـ “الصحافة المتأنية” -Slow Journalism-، وهي محاولة جادة لإعادة الاعتبار للصحافة الثقافية، من خلال تقديم تحليل معمّق وقراءات طويلة المدى للظواهر الاجتماعية والإنسانية. ويتنامى هذا التوجه تحديدًا في أوقات الأزمات العالمية، حيث يعيد الصحفيون التفكير في وقائع الأحداث، ويحاولون استشراف ملامح المستقبل. ومن هنا، تظهر الصحافة الثقافية -بغض النظر عن وسائطها، مكتوبة أو مرئية أو مسموعة- كمساحة تحليلية نقدية قادرة على إعادة قراءة التحولات الكبرى وفهم أبعادها المركّبة.
تزداد أهمية الصّحافة الثقافية في الفترات التاريخية الحرجة، حيث يمكن للصحفيين أن يقودوا حركات تنويرية مؤثرة أو يقدموا رؤاهم بشأن الواقع والمستقبل؛ مما يسهم في فهم المسارات المستقبلية من خلال دراسة الأنماط السياسية والاجتماعية والتاريخية وتوقع تطوراتها. إن الصحافة الثقافية بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتقديم فهم عميق للتاريخ والسياسة والثقافة.
ومن هنا، يظهر النقد التحليلي للنصوص الثقافية في فضاء الرسالة الإعلامية، حيث يهدف إلى استكشاف البنى العميقة للنصوص والتعمق في أنماط التمويه الأيديولوجي ومسارات الهيمنة الرمزية المتجذرة. وبالتالي، يمكن اعتبار الصحفي في حقل الثقافة كمراقب للتوتر الخفيّ بين النص المكتوب والعالم الخارجي، حيث لا يمكن فهم النص الثقافي بمعزل عن القوى المهيمنة في الواقع، في صورة تعكس تداخل الفكر والتاريخ والسلطة، مما يجعله شاهدًا على تحولات المجتمعات وتناقضاتها.
وعليه، تهدف هذه المقالة إلى دراسة السياق الثقافي الاستشرافي كما يظهر في إحدى أبرز الصحف الثقافية السورية والعربيّة، من خلال تحليل تغييرات خطابها خلال فترات مختلفة من الثورة السورية. وهي الحدث التاريخي الذي غيّر الكثير من ملامح المنطقة العربية خلال الـ 13 عامًا الماضية. كما تسعى هذه المقالة إلى تتبع رمزية الخطاب الصحفي ودوره في تقديم شكل محدد للدولة، ونموذج متخيّل لها في إطار القراءة الثقافية لنخبة من الأقلام السورية.
الاستشراف المستقبلي انطلاقا من اللحظة الراهنة في الصحافة الثقافية
لطالما وُصفت الصحافة الثقافية بأنها “مجالٌ قاحلٌ”، كما يشير لذلك ريوس وهاردان (Reus G, Harden) إذ نظر إليها بعض الباحثين على أنها “حالة خاصة لا تمثل الصحافة” خصوصا عند تناول التغيرات والصراعات؛ لأن الصّحافة الثقافية هي منطقة غير مستكشفة بالقدر الذي يسمح لنا بالتعمق في مضامينها وقدراتها اللغوية والمعرفية الكبرى، كما لم يتم تناولها إلا بشكل متقطع في دراسات الثقافة والفنون وكذلك في دراسات الاتصال خلال العقود القليلة الماضية.
وعليه، فإن من الصعوبة التكهن بدور حاسم للصحافة الثقافية في تتبع حالة الأزمات الراهنة عوضًا عن دورها في رسم صورة معينة للمستقبل. وبالنظر إلى طبيعة الأزمات كالحروب والمحن الاجتماعية والأزمات الاقتصادية؛ فإنه لطالما منح الجمهور أولويته للصحافة السياسية القائمة على الأخبار. ينطوي هذا الأمر على مبرر مهمّ هو أن الصحافة الجادة والحقيقية هي الصحافة التي تركن إلى التحديثات اليومية الخبرية بصرف النظر عن مدى تعمقها في الظاهرة أو ملاءمتها للتحليل. كما يسود الاعتقاد بأن الصحافة الثقافية تظل رهن التصورات المتصلة بالمتعة وحياة الناس والكتابة الأدبية والجماليات التي قد لا تعكس ظروفًا محددة للبشر.
علاوة على ذلك، فإن الدور الاستشرافي يصبح شيئًا فشيئًا مطلبًا أساسيًا للصحافة الثقافية الجادة لاسيما مع تعمق حالة الصراعات والحروب وتأثيراتها الدموية على الإنسان. فكما يرى يونج (Young 1991)، أن الصحافة الثقافية تبدو كمجسات حساسة لتلقف حالة الصراع كما حالة السلم، في حين تثير حالة القلق والفزع مخاوف ثقافية كبرى بينها الخشية من انفراط السياسيين نحو الإبادة والعنف، أو تعميق الصراع ليتجاوز صراعات السلطة والثروات إلى الصراعات بين الأعراق والمكونات الثقافية، ما يفضي إلى طمس معالم ثقافية وهوياتية.
وفي هذا السياق، يشير بيتر شوارتز Peter Schwartz إلى أن الاستشراف الحقيقي في الخطاب الصحفي يتجاوز مجرد تحليل الاتجاهات، إذ يتطلب فهم القوى التي تحرك الأحداث. ويؤكد شوارتز أن السيناريوهات المستشرفة للمستقبل قادرة على توضيح التعقيدات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ولا يمكن بأي حال من الأحوال إبعاد القيمة النقدية للصحافة الثقافية عن العوالق التاريخية والدينية والظرفيات السياسية التي تكسب الخطاب قيمته وسلطته. حيث تدعم بعض المقاربات النقدية فكرة أن النصوص الثقافية تكشف عن الأنساق الفكرية والسياسات الفاعلة والقيم الاجتماعية المستترة في الخطاب الثقافي، مما يعكس التحولات التاريخية والرمزية داخل المجتمعات. كما أن النصوص لا تقتصر على الجوانب الجمالية أو النقدية، بل تشكل فضاءات ديناميكية تتداخل فيها الأيديولوجيا مع التمثيلات الرمزية في بعض الأحيان، مما يتيح لها أن تُفهم من زوايا متعددة. لذا، يصبح النص الثقافي في كثير من الأحيان ساحة للتفاعل بين القوى الفكرية والاجتماعية، حيث تتداخل الأنساق الثقافية ضمن نسيج معقد من المعاني، مما يمنحه دورًا مهمًا في تحليل التحولات المجتمعية ورسم سيناريوهات مختلفة للمستقبل.
وبهذا السياق، تتحول النصوص الثقافية إلى أدوات نقدية تكشف عن البنى الاجتماعية والسياسية، وتمثل في الوقت ذاته مرايا رمزية لفهم الواقع واستشراف مستقبله. ولعل أبرز من رسّخ هذا المنظور هو إدوارد سعيد في كتابه “العالم والنص والناقد”، الذي يؤكد فيه أنه لا يمكن دراسة النصوص الأدبية والثقافية بمعزل عن الظروف الاجتماعية والسياسية التي نشأت فيها، ووضعها في إطار الشبكات الثقافية والتاريخية التي ساهمت في تشكيلها، وهو ما يعرف بـ “النقد الدنيوي”، مؤكدًا أن النصوص لا تُفهم إلا ضمن السياقات التاريخية والسياسية التي أنتجتها، رافضًا فكرة النص المحايد أو المعزول عن السلطة.
الصحافة السورية الثائرة
شكلت الثورة السورية منعطفًا تاريخيًا في عمر الصحافة السورية حيث لم يعرف السوريون أي صحافة مستقلة قبل الثورة فلقد كانت الصحافة السورية المنبر الرسمي للنظام السوري وظلت خلال عقود طويلة وسيطًا لتمرير أجندة الدولة السورية.
فرضت الثورة السورية نفسها منذ البداية في مختلف المشهد السوري بل وأسهمت في قولبة مفاهيم الصحفيين والمثقفين السوريين نحو دور الصحافة وأثرها في المشهد العام على الرغم من أنها كانت صحافة للمهاجرين السوريين من الذين أجبرتهم ظروف الحرب على الهجرة أو من اختاروا الهجرة خوفًا من بطش النظام وانتقامه. خلال فترة وجيزة من عمر الثورة، كانت الصحافة السورية المستقلة تتصدر المشهد الصحفي العربي حيث تنشر التحليلات المعمقة والمقالات والأعمال الاستقصائية التي يصل صداها للعالم. وكان هذا التغير الذي فرضته الصحافة المستقلة السورية إبان الثورة، بمثابة دافع حقيقي للصحفيين في بلدان عربية أخرى للانطلاق في تجارب مستقلة تعكس حالة بلدانهم وأوضاعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
كانت مواجهة نظام سوري متجذر في التربة السورية منذ عقود عملًا جسيمًا وصعبًا يتطلب حالة من الحنكة والفهم وجهدًا منقطع النظير رغم قدرة الصحفيين السوريين في الخارج على تجاوز قيود الصحافة التي فرضها النظام السوري في الداخل واستهدافٍ بالقمع والقتل لعدد من الصحفيين. إن هذه الحالة لم تكن تتطلب نقل المعلومات والأخبار فحسب، بل إنشاء أرشفة بديلة للثورة تقدم المعلومات والبيانات والمعاني التي يحاول النظام السوري القائم إخفاء معالمها وطمسها؛ حيث كانت الانتهاكات والجرائم بحق السوريين بما تحمل من بشاعة وانعدام للإنسانية وبما يتصل بها من أكاذيب وتلفيق، جزءا أساسيًّا من حالة الرصد الصحفي وممارسة هامة للتقصي الميداني الذي تقوم به مؤسسات صحفية ثورية جديدة في سوريا.
لقد أسهمت الثورة السورية في تعزيز دوافع مبكرة للصحفيين السوريين للتعمق في حالة بلدهم الثقافية والاجتماعية وظروف السوريين الإنسانية الصعبة، وبناء تراكم معرفي وإنساني حول ثورتهم بغية صونها من التدمير أو النسيان عبر تقادم الزمن. كانت هذه الدوافع بمثابة ردة فعل طبيعية على استهداف الصحفيين المباشر بعد الثورة أو كنتيجة لواقع الهجرة الذي فُرض عليهم أو كاستجابة معنوية تضمن انتصار هذه الثورة وبقاءها رغم ما أحاط بها من مأساة ومحن طوال السنوات الماضية.
ويشكل الواقع الثوري لصحيفة الجمهورية كما كثير من الصحف السورية التي برزت بعد الثورة السورية مجالًا خصبًا للدراسة والتحليل لاسيما في ظل تأثيرها المستمر حتى بعد انتصار هذه الثورة ورحيل نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
تأسست صحيفة الجمهورية كمنصة رقمية معرفية في مارس من عام 2012 أي بعد انطلاق الثورة بعام واحد. وتبنت الصحيفة خطابًا تحليليًا ناقدًا، انطلق من مبادئ الديمقراطية والحرية التي أتت بها ثورة البلاد في محاولة للتصدي للخطابات السلطوية والطائفية في آن واحد. واستطاعت خلال فترة وجيزة، أن تحظى بثقة الباحثين والمتابعين للثورة السورية، لتصبح مرجعا فكريا وثقافيا في توثيق الثورة وتاريخها واستشراف آفاقها.
تسعى هذه المقالة إلى تحليل مضامين صحيفة الجمهورية كنموذج للصحافة الثقافية الثائرة في سوريا، مركّزة على دورها في التعبير عن قيَم الثورة، وتفسير الواقع السوري خلال فترات التحول السياسي المختلفة، واستشراف المستقبل من خلال الخطاب الصحفي.
تم اختيار عينة انتقائية من المقالات المنشورة في الصحيفة بين عامي 2012 و2025، باستخدام كلمات مفتاحية مثل “سوريا” و”الجمهورية السورية” و”الثورة السورية”. كما استند التحليل على مجموعة من المناهج الكيفية التي تعزز الفهم العميق للنصوص الثقافية، بما في ذلك التحليل الواقعي الذي يعالج الحاضر والتطلعات المستقبلية بشكل مزدوج، ومقاربة التفاوت في الخطاب الاستشرافي وفقًا للمرحلة السياسية. ومن المهم التأكيد على أن هذا التحليل لا يسعى إلى تفسير التفاوتات في الخطاب في مراحل الثورة المختلفة، فهذا الاختلاف حتمي وطبيعي تبعًا لتغير عناصر القوى وتأزمات الميدان ودخول الأزمة السورية في نفق مظلم خلال سنوات طويلة؛ لكنه يرمي إلى البحث عن حضور رؤى محددة دعمت اتجاهات الصحيفة في التعبير عن واقع الثورة ودفعت بكتابها إلى تبني فهم محدد للوقائع والأحداث.
صحيفة الجمهورية: قِيَم الثورة
وتجسيد اللحظة الراهنة
منذ انطلاق الثورة السورية، سعت الصحافة السورية إلى تقديم مقاربة ثقافية داعمة لقيَم هذه الثورة، رغم ما أحاط المشهد السوري من تقلبات وعقبات جعلته الأكثر تشاؤمًا على مدار سنوات طويلة. ورغم المراحل العسيرة التي مرت بها الثورة والمآسي التي عايشها السوريون وأبرزها مرحلة الشتات والتهجير، رهنت الصحافة الثقافية نفسها لهذا الواقع الأليم، محذرة من عواقبه تارة، وداعية لمزيد من التجانس لأجل تحقيق رؤية وطنية تدعم نجاح الثورة السورية وحضورها واقعًا في المنطقة العربية. ولقد مرت الصحافة الثقافية السورية الثائرة بمراحل عدة في محاولتها لإيصال رسالة الواقع السوري رغم انسداد الأفق وغرق تلك الثورة في حمام الدم ولعبة المصالح الإقليمية والدولية وتعطش النظام السوري لإخماد هذه الثورة بكل دوافع العنف والتهجير الممكنة.
لقد قدمت صحيفة “الجمهورية” نفسها كنموذج صحفي لدى المؤمنين بهذه الثورة والمهتمين بمعطياتها الثقافية والإنسانية. وعلى مدى ثلاثة عشر عاما، التزمت الجمهورية برسالة الثورة، وبقيت وفيّة لهذه الرسالة رغم ما أحاط بها من تعقيدات.
سعت الصحيفة لتقديم موجز معرفيّ للثورة السورية يختزل الأحداث في طابع ثقافي منخرط في تفاصيل هذه الثورة محاولًا تقديم منجزها على الأرض والميدان، لكنه في كثير من الحالات لم يكن ليغفل الهفوات والأخطاء التي يُقدِم عليها أطراف الثورة المختلفون.
“سينظر هذا المسح التحليلي المجمل في جوانب من مسار الثورة السورية من موقع منخرط فيها وملتزم بها، لكنه سيحاول التحلي بقدر من البرودة التحليلية اللازمة لرؤية أوضح لمسارها وعملياتها. الأمر عسير لكنه جدير بالمحاولة”، -الجمهورية- مسح تحليلي محمل لعام من الثورة السورية .
حفزّت رسائل الجمهورية على القيم المشتركة بين السوريين وهو ما يلحظ في تأكيدها الدائم على دور الصحافة في مخاطبة الوجدان الإنساني بالدفع لهذه القيم التي لا خلاف بشأنها كقيم “الكرامة ورفض الذل” و”العدالة” و”مواجهة الظلم”. يلامس هذا الأمر رسالة الصحيفة في فترة مبكرة من عمر الثورة وإبان أول شرارة أحدثتها الثورة السورية عندما عمد النظام السوري إلى استهداف المدن السورية التي شهدت أولى المظاهرات المنددة بالنظام.
وفي ذلك تقول الصحيفة في أول مسح تحليلي منشور لها:
“ منبع ذل السوريين هو النظام. لقد شغل مبدأ الكرامة موقعًا كبيرًا في الثورات العربية كلها، وهو في السياق السوري يعني أن السوري كريم، لا يُهان ولا يُعامل بعنف واحتقار”. -الجمهورية- مسح تحليلي محمل لعام من الثورة السورية.
لقد عمدت الصحيفة إلى تقديم هذه القيم كتساؤلات ملحة في ظل انعدام الأفق السياسي الوشيك الذي يحسم نجاح هذه الثورة، كما في مقالة «قوة الفن لفتح خيال بشأن العدالة في سوريا» لبريجيت هيرمانس:
“ما هو نوع العدالة التي يمكن تصورها في السياق السوري، حيث يستمر الجاني الرئيس بالحكم؟”. بريجيت هيرمانس- قوة الفن لفتح خيال بشأن العدالة في سوريا.
وفي مرات أخرى، لجأت الصحيفة إلى تقديم رؤى تأسيسية للدولة السورية الجديدة، ومن أبرزها مقال “الفكرة الجمهورية والثورة السورية” لياسين الحاج صالح (2014)، حيث يقترح الكاتب نموذجًا بديلًا للجمهورية يعتمد على السيادة الشعبية والمشاركة السياسية الواسعة.
ويعيد الخطاب هنا تشكيل مفاهيم تقليدية مثل “الجمهورية” و”الاشتراكية” ليجعل منها أدوات رمزية تساهم في إنتاج تصور جديد للسلطة والدولة:
“الجمهورية بهذا المعنى ‘اشتراكية سياسية’، يتشاطر الجمهور فيها في امتلاك السياسة والدولة”. ياسين الحاج- الفكرة الجمهورية والثورة السورية.
ومن خلال هذا التخيّل السياسي، يمكن التحول من رؤية الدولة كجهاز بيروقراطي إلى اعتبارها فضاءً للمشاركة الجماعية النشطة، مما يفتح المجال أمام مقاربة تعددية للجمهور السوري:
“لا تُحيل الجمهورية إلى جمهور واحد متماثل، بل إلى جمهرات نشطة سياسيًا… وتحفّزها تطلّعات مختلفة”. ياسين الحاج – الفكرة الجمهورية والثورة السورية.
ويتكرر هذا الطرح التأسيسي التخيلي في مقال “عشر سنوات سورية: واقع اليأس وسياسة الأمل” (2021)، حيث يستخدم الكاتب مفهومين متناقضين هما “إبادة الأمل” و”سياسة الأمل”، محولًا الأمل من مجرد شعور إلى أداة للتفكير السياسي. في هذا الإطار، لا يعتبر الكاتب الأمل مجرد استجابة للأزمات، بل قوة تدعم إعادة تصور الدولة:
“إذا فضلنا الانطلاق من أولوية الأمل من أجل الحياة والفعل، فيجب أن نُعوّل على المتخيَّل الممكن التحقُّق، لا على الواقع المحقَّق”. ياسين الحاج- عشر سنوات سورية: واقع اليأس وسياسة الأمل.
ويتضح هذا البعد الرمزي عندما يدعو الكاتب إلى إعادة تصميم رموز الدولة، مثل العلم والنشيد ما يعكس الرغبة لدى الكاتب في تفكيك البنية الرمزية للنظام الأسدي واستبدالها برؤية رمزية جديدة تؤسس لهُوية وطنية شاملة.
“ثم علم جديد… ثم نشيد وطني أقل عسكريةً وماضويةً وعُظاميةً”. ياسين الحاج- عشر سنوات سورية: واقع اليأس وسياسة الأمل.
من خلال هذه الأمثلة، يتضح تحول الخطاب من وصف الواقع الحالي للدولة السورية، الذي يتمثل في دولة استبدادية مركزية مرتبطة بنظام الأسد (ما كان)، إلى تصورات معيارية لما يجب أن يكون، وذلك من خلال إعادة تعريف مفاهيم الجمهورية والحرية والعدالة كأفكار مستقبلية، الأمر الذي يخلق خطابًا استشرافيًا واضحًا يهدف إلى تجاوز الواقع القائم نحو إحداث التغيير.
لكن، كيف استعان كتّاب الجمهورية بالدولة السورية المتخيلة في جميع حالات الثورة ومراحلها؟
للإجابة عن هذا التساؤل، كان لابد من العودة إلى كتابات هذه الصحيفة في مراحل زمنية متفاوتة يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل. الأولى، لحظة اشتعال الثورة السورية في المدن والمحافظات السورية، أما الثانية، فلحظة دخول الثورة السورية مرحلة طويلة من العنف والقتال والتدمير، في حين كانت المرحلة الثالثة هي لحظة انتصار هذه الثورة وإعلان سقوط نظام بشار الأسد.
لقد بدت الدولة السورية المتخيلة في خطاب الصحيفة في بداية الثورة نموذجًا قيَميًا وفضائليًا، حيث ارتهنت أحلام الكتاب وتصوراتهم نحو معالجة تأزمات الواقع من خلال استحضار نمذجة الدولة ككائن حي ومتكامل يعكس إرادة السوريين الحرة والتواقة للعدالة والكرامة ونموذج عربي واعد للمنطقة العربية. وتجاوزت هذه النظرة كافة الترسبات الثقافية والاجتماعية والإنسانية في المجتمع السوري وما يحيط بها من إشكاليات وتأزمات، للنظر إلى تحقق حلم سوريا المتخيلة والنموذجية بحدوث لحظة سقوط نظام الأسد.
ومع دخول الثورة السورية في مرحلة الجمود وانعكاسات ذلك على تراجع الاهتمام العربي والعالمي بها، تراجعت حدة الطموحات لدى كتّاب “الجمهورية”. خلال تلك المرحلة، برهن الخطاب على القيم المعنوية للدولة السورية ، حيث العدالة واللامركزية والتعددية. كما بدت بعض الكتابات أكثر واقعية وأكثر قدرة على تلمس الأبعاد المعنوية لهذه الثورة والارتهان إلى قيمة تمثيل هذه الثورة لكل مكونات التربة السورية. في إحدى مقالات الصحيفة بعنوان: كل سوريا.. كل الحرية، يذكّر رئيس التحرير بالصحيفة بالمبادئ الأساسية المترسخة للثورة قائلًا:
“ما زلنا على قناعاتنا أن الانتقال إلى الجمهورية في سوريا، من حكم العائلة أو الخليفة أو المليشيا أو القوة الأجنبية إلى حكم المواطنين والمواطنات الأحرار هدف سام يستحق الدفاع عنه. وربما علينا في الفكر السياسي العربي والإقليمي أن نجهد لانتشال فكرة الجمهورية”. كرم نشار- كل سوريا، كل الحرية.
ظل خطاب الجمهورية مؤصلًا للأسباب التي أجلت انتصار الثورة وتركتها بالمقابل تواجه الكتمان والنسيان على مدار سنوات طويلة. ترى مثلًا بريجيت هيرمانس في مقالتها “قوة الفن لفتح خيال بشأن العدالة في سوريا”، المنشور في عام 2024، أن ثمة حرب للسردية تقودها دول “الشمال العالمي التي تشغل العالم بحربها على داعش، وتستفيد بدورها من وجهات النظر الاستشرافية التي تبثها وسائل الإعلام الغربية التي تشكك في سرديات المعارضة السورية”.
تقدم الكاتبة “نموذج العدالة الانتقالية القائم المتمسك بخط الحياة” كمثال لزعزعة فرص النظام في الاستمرار والبقاء في نموذج واضح للقيم المعنوية التي ينبغي الالتزام بها. كما تستحضر الكاتبة، الممكن في هذه اللحظة الراهنة من عمر الثورة التي تواجه التجاهل والتعتيم العالمي من خلال تقديم الفن المسرحي والأعمال التشكيلية كأسلوب للمقاومة وتحدٍ دائم وسهل بأيدي السوريين والمناصرين للثورة.
“يتحدى العديد من الفنانين والفنانات سوء تمثيل التجارب السورية من خلال تقديم روايات مضادة.. تتولد هذه الرغبة من إيمان قوي بأن الممارسات الفنية يمكنها أن تدعم مقاومة الظلم الذي يتعرض له الشعب السوري”. بريجيت هيرمانس- قوة الفن لفتح خيال بشأن العدالة في سوريا.
أما في مقال “الحوار الكردي في سوريا” (2020)، فيُستخدم الخطاب الاستشرافي كمحاولة لإنشاء توافق وطني جديد يجمع بين الخصوصيات العرقية والثقافية في إطار مشروع سياسي أوسع، حيث يتناول الكاتب مفهومي “الحوار الكردي-الكردي” و”التوافق الوطني” كخطوات تمهيدية نحو حوار شامل في سوريا. ويشير إلى أن مما يتضح، أن حل القضية الكردية يتجاوز الأكراد ليكون اختبارًا لقدرة الدولة السورية المستقبلية على تمثيل جميع مكوناتها. لذلك ومن خلال وجهة نظر الكاتب، يُعاد تعريف الحوار كاستحقاق سياسي لا يمكن تجاهله، بل تفعيله كشرط أساسي لتجاوز الأنماط التقليدية للإقصاء التي أعادت بعض أطياف المعارضة إنتاجها، وهو ما أكد عليه بـقوله: “نجاح الحوار الكُردي الداخلي سيؤدي إلى نتائج إيجابية على مستوى الوضع السوري ككل…”. إبراهيم، ش- الحوار الكردي في سوريا: متشائمون ومتفائلون.
ومما لا شك فيه أن التحول في الخطاب الثقافي منذ بداية الثورة السورية إلى الوقت الحاضر -أي ما يقارب 13 عامًا منذ بداية الثورة- يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية إنشاء نظام سياسي غير مركزي، يتيح من خلاله تمثيل الفئات المهمشة، ويعيد تشكيل العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس من التوازن والمساءلة، كما ذكره رئيس التحرير كرم نشار في مقاله:
“لا ننطلق من نظريات قومية متهالكة، أو من طموح انصهاري أو اندماجي مركزي أو من انشغال رومانسي بالهوية الوطنية.. بل نؤمن أن الوطن أيًا كان هو الناس بمعاشهم وهمومهم وأحلامهم وحقوقهم، وأن سوريا آمنة حرة ومزدهرة هي بالضرورة سوريا تعددية، اتحادية لا مركزية”. كرم نشار- “كل سوريا، كل الحرية”.
ومما تجدر الإشارة إليه، أن هذه الدولة السورية المتخيلة في خطاب الجمهورية قد ظهرت بوضوح أكبر بعد سقوط سلطة الأسد، حيث أصبح الخطاب يتمتع بمساحة أكبر للتعبير عن بعده الاستشرافي للدولة أي أنه انتقل من مرحلة نقد النظام القائم إلى تقديم نماذج سياسية مستقبلية قابلة للتطبيق، مثل الفيدرالية أو الحوار الوطني الشامل.
ينعكس هذا التحول في الخطاب السياسي والثقافي “من رد الفعل” على الماضي إلى اقتراح “فعل عملي” على مستقبل سوريا. ولعل أبرز ملامح الدولة السورية الجديدة المتخيلة في نظر كتّاب الجمهورية كانت الدولة الداعمة للسلم والتي تسعى لرفض الحرب والاندفاع نحوها بعد كل ما مرت به من تدمير وما يحيط بها من تهديدات.
“لا يمكن التفكير في أي مستقبل لسوريا دون أن يكون رفض الحرب، أي حرب، لأي سبب، قلب هذا التفكير وعقله”. ياسين السويحة- أما وقد وصلنا إلى سوريا ما بعد الأسد.
يرسم الكاتب ياسين السويحة في هذا المقال ما يراه أولويات عاجلة للدولة السورية الجديدة انطلاقًا من اللحظة الراهنة. تتسم الكتابة الاستشرافية لسوريا الجديدة في هذا المقال بالعقلانية لأنها كما يشير الكاتب “قد فرغت من لحظة الاحتفال بالخلاص من نظام الأسد”.
في هذا المقال، يرى الكاتب أن سوريا المستقبل ستكون في مواجهة السلاح المنتشر عبر فصائل كثيرة ستسعى للانتقام محدثة ما ينذر بالاقتتالات الفصائلية، منذرًا أن ذلك لن يكون بأقل خطورة من مواجهة الأعداء الخارجيين كالاحتلال الإسرائيلي لمناطق واسعة من التراب السوري.
يرتهن الخطاب إلى حتمية عودة الصراع وخطورته القائمة على انتشار السلاح في أيدٍ كثيرة قد لا تمت للدولة بصلة.
ويسعى الكاتب هنا إلى تدارك كل هذه التأزمات بالنظر إلى موضعة سوريا المستقبلية في المنطقة داعيًا إلى ضرورة أن: “ندخل في مرحلة خطر مزدوج منبثق من فوّهة بندقية العسكر المنتصرين… خطر اقتتال فصائلي على مناطق أو غنائم”. ياسين السويحة- أما وقد وصلنا إلى سوريا ما بعد الأسد.
ونجد أن الصحيفة في كثير من مقالاتها قد تعمدت تقديم صور متعددة لاختزال الواقع والمستقبل معًا لاسيما في وصفها للتحديات المرحلية التي تحيط بالدولة السورية الجديدة بينها تحدي الخطابات الدينية المتشددة وأسلمة المجتمع المتعدد.
ومن الملاحظ أن هذا الشكل من الكتابة الداعمة لخطوات ميدانية قد نقل الدولة المتخيلة السورية في أعين الكتاب بالجمهورية إلى مرحلة التصورات العملية والسياسية المستوحاة من تطورات الواقع. ففي مقال بعنوان “في الحاجة إلى دولة اتحادية في سوريا” (2025)، ينتقل الكاتب من الفكرة النظرية إلى تصور عملي سياسي، حيث يقدم الفيدرالية كحل لتنظيم الدولة المستقبلية المتخيلة في سوريا. علاوة على ذلك، يعتمد الكاتب لغة سياسية واضحة تستند إلى مفاهيم مثل “توزيع السلطة” و”عدالة تنموية” و”تعددية مضمونة، “الفيدرالية السورية… تقيّد السلطة وتوزعها… والسماح للمناطق الطرفية بتبني سياسات تنموية تتناسب مع احتياجاتها”. عايق، م- في الحاجة إلى دولة اتحادية في سوريا: مشكلات وتحديات سوريّة يُساعد التصوّر الفيدرالي على حلّها.
خاتمة
كيّفت الصحافة الثقافية السورية نفسها لتكون مجالًا خصبًا للثورة السورية، ومتنفسًا للأقلام السورية المدافعة عن مشروعية هذه الثورة وأهدافها. واستوطنت قيم العدالة وعدم الخضوع والرغبة في تحقيق ثورة ربيع عربي ممتد من تونس ومصر معالم الحلم السوري في الصحافة وشكلت أساسًا لرؤيته الاستشرافية. ومع تعمق الثورة السورية، وتعقد مشهدها، والتنكيل بثوارها، وميل النظام السوري إلى العنف والتهجير واستهداف المدن السورية بالقصف والبراميل الحارقة، بدت الكتابة الثقافية أكثر واقعية إزاء النظر إلى هذه الثورة بمنظور برنامج وطني سوف يستمر إلى عقود طويلة مواجهًا خطر الاستنزاف والنسيان والتنكر العالمي.
وفي ظل قصص السجون والمعتقلات، وتحول مشروع الهجرة إلى أزمة عالمية، وتأصل الحرب واقعًا لا مفر منه، اعتمدت الكتابة الثقافية في الصحافة على خيار المقاومة الثقافية المتزامنة مع مقاومة الميدان العسكرية من خلال طرح سردية بديلة واقتراح مشروع أرشيف الثورة الذي يحمل المعاني والصور والشهادات التي تخالف سردية النظام السابق. فكانت تلك اللحظة التوثيقية جزءًا من الرهان على المستقبل وعاملًا محفزًا لمقاومة الحرب التي يخوضها النظام ضد الثورة في كل الجبهات الميدانية والسياسية والثقافية.
ويمكن من خلال تتبع الكتابة الثقافية في صحيفة الجمهورية الوصول إلى استنتاج مهم هو: أن الكتابة الثقافية في هذه الصحيفة لم تكن مجرد آراء فردية أو تعبيرات صحفية عابرة، بل شكلت ممارسات خطابية ترتبط بسياقات اجتماعية وتاريخية، ما أتاح لها إعادة إنتاج السلطة الخطابية، أو تحدى وجودها. وبناء على ذلك، تمكنت الصحافة السورية الثائرة من تحقيق مكاسب كثيرة بينها إفراغ الدولة السورية ونظامها القائم من المعنى المؤسسي واختزالها وتحييدها في شخصية وحيدة هي “بشار الأسد” كما اختزال الممارسات المنظمة للدولة السورية في مصطلحات محددة من قبيل “التشبيح” و”الذل” و”حمام الدم” وغيرها من السياقات الخطابية المناكفة الرامية لتحقيق صور ثقافية ترفض النظام القائم.
في حالة مواجهة الصحافة الثورية للسلطة، فإن المواجهة الثقافية هنا ليس بوصفها أمرًا سياسيًا وعسكريًا بل بالنظر إليها كخطاب ثقافي مكثف وبالغ الخطورة يتحدى السلطة ويفككها بكل السبل الممكنة. وكدلالة على ذلك؛ استحضرت الصحافة السورية شعارات من قبيل “الشعب يريد اسقاط النظام” أو ما يخالفها من قبيل “سوريا الأسد أو نحرق البلد” كأدوات لسيادة اللغة وتعمقها في واقع السوريين، كما قدمت موضوعات من قبيل الفقر والتهميش والأرياف الفقيرة مقابل المدن المزدهرة كسياقات ثقافية واجتماعية ناتجة عن التفاعلات التي أحدثتها الثورة.
ختامًا، إن بوسع الباحثين دومًا اقتناص لحظة التأزمات والحروب كنماذج أساسية للكشف عن المؤثرات السياسية والثقافية المنعكسة على الخطابات الصحفية العربية التي تُبرز شكلًا محددًا من المعاني والمفاهيم والرموز الثقافية.
المصادر والمراجع
أولًا: المصادر باللغة العربية:
1.إبراهيم، ش. ( 8 يوليو 2020). الحوار الكردي في سوريا: متشائمون ومتفائلون. موقع الجمهورية.
https://aljumhuriya.net/ar/2020/07/08/الحوار-الكردي-في-سوريا-متشائمون-ومتفا/
2.ادراوي، العياشي. «فكر الاستشراف في الثقافة العربية بين موجبات التفعيل وأسباب التعطيل.» التفاهم، المجلد 14، العدد 52، 30 أبريل 2016، ص ص. 271-292. وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عُمان.
3.إدوارد سعيد والنقد الثقافي المقارن: نموذج من قراءته الطباقية – قلب الظلام لجوزيف كونراد وموسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح. أبوليوس، المجلد 4، العدد 1، 15 يناير 2017، الصفحات 207-222. تم استرجاعه من:
https://asjp.cerist.dz/en/article/101262.
4.الحاج صالح، ي. ( 14 مارس2021). عشر سنوات سورية: واقع اليأس وسياسة الأمل. موقع الجمهورية.
https://aljumhuriya.net/ar/2021/03/14/عشر-سنوات-سورية-واقع-اليأس-وسياسة-الأم/
5.الحاج صالح، ي. ( 25 يناير2014). الفكرة الجمهورية والثورة السورية. موقع الجمهورية.
https://aljumhuriya.net/ar/2014/01/25/24091-2/
6.السويحة، ياسين (19 ديسمبر 2024). أما وقد وصلنا إلى سوريا ما بعد الأسد. موقع الجمهورية.
https://aljumhuriya.net/ar/2024/12/09/%D8%A3%D9%85%D8%A7-%D9%88%D9%82%D8%AF-%D9%88%D8%B5%D9%84%D9%86%D8%A7-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AF/
7.شناف، صبرينة. (16 يونيو 2023). دنيوية إدوارد سعيد: قراءة شارحة. مجلة دراسات إجتماعية وإنسانية.
https://asjp.cerist.dz/en/article/226183
8.عايق، م. ( 25 يناير 2025 ). في الحاجة إلى دولة اتحادية في سوريا: مشكلات وتحديات سوريّة يُساعد التصوّر الفيدرالي على حلّها. موقع الجمهورية.
https://aljumhuriya.net/ar/2025/01/25/في-الحاجة-إلى-دولة-اتحادية/
9.غزول، فريال جبوري. «إدوارد سعيد، العالم والنص والناقد.» استشراف، العدد 1، 1 ديسمبر 1983. تم استرجاعه من:
https://archive.alsharekh.org/Articles/133/14110/303727.
10.مجموعة الجمهورية. (30 مارس 2012). مسح تحليلي مجمل لعام من الثورة السورية. موقع الجمهورية.
https://aljumhuriya.net/ar/2012/03/30/16878-2/
11.المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. استشراف: دورية علمية محكمة تعنى بالدراسات المستقبلية. العدد 1، 2016. تم استرجاعه من:
https://istishraf.dohainstitute.org/ar/Documents/Issue/Istishraf01-2016_Issue.pdf.
12.نشار، كرم. (01 ابريل 2024). كل سوريا، كل الحرية. موقع الجمهورية.
https://aljumhuriya.net/ar/2024/04/01/%D9%83%D9%84-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%83%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9/
13.الهمامي، قيس. «قراءة في كتاب الاستشراف الاستراتيجي للمؤسسات والأقاليم.» أكاديميا، تم استرجاعه من:
https://www.academia.edu/20140694.
14.هيرمانس، بريجيت (08 أغسطس 2024). قوة الفن لفتح الخيال بشأن العدالة في سوريا. موقع الجمهورية.
https://aljumhuriya.net/ar/2024/08/08/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7/
ثانيًا: المصادر باللغة الإنجليزية:
1.Christopher Young, «The Role of Media in International Conflict,» Canadian Institute for Peace and Security, Working Paper no. 38, (1991).
2.Lothian, A. (2018). Old futures: Speculative fiction and queer possibilities. NYU Press. Retrieved from https://nyupress.org/9781479825851/old-futures/
3.McGuigan, Jim. 2005. “The Cultural Public Sphere.” European Journal of Cultural Studies 8 (4): 427–443.
4.Reus G, Harden L (2005) Politische ‘Kultur’: Eine Längsschnittanalyse des Zeitungsfeuilletons von 1983 bis 2003 (Political ‘culture’: a longitudinal analysis of the newspaper feuilleton from 1983 to 2003). Publizistik 50(2): 153–172.
5.Schoemaker, Paul. «When and How to Use Scenario Planning: A Heuristic Approach with Illustration.» Journal of Forecasting, vol. 10, November 1991. Retrieved from: https://www.researchgate.net/publication/220040372_When_and_How_to_Use_Scenario_Planning_A_Heuristic_Approach_with_Illustration
6.Ziliak, S. T. (n.d.). Normative social science. LICOS Centre for Institutions and Economic Performance, KU Leuven. Retrieved from https://feb.kuleuven.be/drc/licos/seminars-and-events/events-1/phd-courses/phd_course_zilliak/Normative_Social_Science-1.pdf