تشكل الموسيقى مكونا معرفيا وثقافيا وتراثيا للمكان الذي تتخلق فيه وللبشرية جمعاء.. والحياة غنية بمكونات الصوت والايقاع في الطبيعة, ومن تلك الطبيعة البكر في بدايتها ومع تراكم السنين, وتلاقي الحضارات وتلاقحها أثر بلاشك على مستوى الابداع الصوتي والايقاعي الخاص بكل أمة ومجتمع. وتنوعت تلك الأصوات والايقاعات حسب الظرف والمكان انفتاحه وانغلاقه, منه ما بقي حصرا على مجتمع ما تناقل شفاهيا جيلا بعد جيل ويلتقط ويعلم ويحفظ عن ظهر قلب ويمارس عمليا بالتقليد والحفظ. ومنها المتعدي لحدود المكان الضيق, المنفتح على تنوع بيئي- مكاني شاسع مستفيدا من تناص وتقاطع مع معارف وثقافات عديدة ارتقت به من بيئته المكانية الضيقة الى رقعة أكثر انتشارا وقد استفادت هذه الموسيقى من التدوين الموسيقي والبيانات والمقارنات مصفي ة نفسها من شوائب لا فائدة منها. وبذلك أصبح لهذا الفن الموسيقي مدارسه وجامعاته وهو ما يسمى بالموسيقى العالمية.
ومن أجل الاهتمام بالموسيقى بشقيها التقليدي والحديث (السيمفوني) أولت سلطنة عمان هذا الجانب عنايتها. فأنشأت مركز عمان للموسيقى التقليدية. هدفه جمع وتوثيق واحصاء ودراسة وتدوين الموسيقى العمانية التقليدية (الدراسة التالية تبين دوره في هذا المجال) نتيجة لعراقة التاريخ العماني وامتداداته الجغرافية في الاقليمين العربي والأفريقي والبر الشرقي للخليج العربي وبه اكتسبت الموسيقى التقليدية العمانية هذا الغنى والتنوع والانفتاح على فنون الموسيقى بشقيه البحري والبري وكذلك غناه من نواحي الايقاع والصوت والحركة.
إذن هذا المركز ساهم بفاعلية في كونه مركز معرفة وتوثيق, استطاع بجهود مثمرة ان يوثق لتراث عمان الموسيقي, وهذا ما حدا بالمجلس الدولي للموسيقى التقليدية أن يضم الى عضويته مركز عمان للموسيقى التقليدية. وأن تصبح سلطنة عمان أول بلد عربي عضو تضامنيا في هذا المجلس الدولي التابع لمنظمة اليونيسكو, وتكريما لهذا المركز منح المجلس الدولي للموسيقى التقليدية العام الماضي (2002), مركز عمان للموسيقى التقليدية الجائزة الدولية تقديرا واعترافا بما حققه المركز والذي يتبع وزارة الاعلام في السلطنة مع جهوده الفاعلة في مجال حفظ الأثر الموسيقي التراثي العماني من الاندثار والنسيان والضياع وكذلك توفير المادة العلمية للدارس في مجال الموسيقى التقليدية العمانية.
الى جانب أهمية هذا المنجز الحضاري لصالح الموسيقى التقليدية العمانية وحفظها وصونها والاستفادة منها فقد تم تأليف أول سيمفونية عمانية في العقد الثامن من القرن العشرين مستمدة حركاتها وايقاعها وصوتها من روح الموسيقى التقليدية العمانية متقدمة بذلك خطوات في مجال الاستفادة من موسيقى فلكلورية كان الاعتقاد بصعوبة التأليف السيمفوني من مثل هذه الموسيقى التي تعتمد على ايقاعات وحركات وأصوات محددة وكذلك اغراقها في محلية شبه اقليمية.
فالسيمفونية العمانية الأولى سيمفونية «عمان» خطوة كبيرة انتقلت معها الموسيقى التقليدية العمانية من المستوى الفلكلوري الى المستوى السيمفوني, كما أولف من الموسيقى التقليدية العمانية أيضا المتتالية السيمفونية «عمانية» وثلاث رقصات للاوركسترا.
وفيما يتعلق بتفعيل الموسيقى التقليدية العمانية الى جانب ممارستها في المناسبات والافراح فقد أنشئت الفرقة السلطانية الأولى والثانية للموسيقى والفنون الشعبية وتستمد هذه الفرقة في مشاركاتها العديدة داخل السلطنة وخارجها من معين التراث الموسيقي العماني التقليدي.
كما انه توجد على هرم الفعل الموسيقي في سلطنة عمان الاوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية (مجلة نزوى العدد 15 استطلاع) التي لها حضور متميز وسمعة مرموقة سواء على الصعيدين المحلي والاقليمي او عن طريق المشاركات الدولية.
طالب المعمري
نظام الأرشيف بالحاسوب
في مركز عمان للموسيقى التقليدية
خطوة نحو بناء قاعدة
بيانات حديث للموسيقى العمانية
مسلم بن أحمد الكثيري
نظرة تاريخية موجزة :
لم تنشأ الموسيقى العمانية كموسيقى مكتوبة لا نظريا ولا عمليا, ونظامها الصوتي يعتمد على الممارسة والتناقل والتوارث الشفهي, شأنها في ذلك شأن بقية الموسيقات في كثير من حضارات وشعوب العالم والعرب على وجه الخصوص.
ولان الكتابة الموسيقية – التدوين الموسيقي – وسيلة لم تتح فقط للموسيقيين إمكانية إعادة العمل الموسيقي عزفا وغناء بل كانت الكتابة افضل وسيلة لتبادل الأفكار الموسيقية ودراستها وتوثيقها كما هي في الأصل, وربما كانت لدينا مشكلة جوهرية عند كتابة التحليل الموسيقي والنظريات الموسيقية لو لم تكن هذه الوسيلة متاحة بفضل الموسيقيين في إيطاليا.
وقبل أن يعرف المصريون التدوين الموسيقي (الأوروبي) في عهد محمد علي باشا الكبير لم يكن في العالم العربي أي وسيلة متداولة للكتابة الموسيقية حسب علمي, كما ان الحديث عن أسلوب معين لتبادل الأفكار والألحان الموسيقية كان متداولا بين الموسيقيين في عهد الدولة العباسية لم يصلنا منه شيء, وبالتالي لا يمكن التحقق منه بشكل علمي دقيق.
غير اننا من ناحية أخرى ورثنا عن الحضارة العربية الإسلامية مكتبة أدبية عتيدة تختزن مؤلفات كثيرة لعلماء وفلاسفة عرب ومسلمين تتحدث عن الموسيقى العربية الإسلامية في ذلك الوقت من زوايا متعددة تحليلية أو وصفية أو فلسفية واخبارية.
و كانت الكتابات النظرية الأولى في الموسيقى العربية للفيلسوف العربي أبو يوسف يعقوب الكندي (185 – 2605- , 801 – 874 م) تكتسب أهمية خاصة «باعتبار انها تدشن لمرحلة حاسمة في تاريخ تطور الموسيقى العربية من الوجهة النظرية, بالنظر الى انها تشكل اللبنة الأساسية للمنجزات العلمية الكبرى التي ستعرف النور وشيكا في مجال العلوم الموسيقية مع الفارابي وابن سيناء (1) وغيرهما».
كما ان بعض الفلاسفة العرب المسلمين كان ممارسا للموسيقى, ومن أشهرهم الفيلسوف الشهير أبو نصر محمد بن طرخان الملقب بالفارابي (339 هـ 950م) الذي كتب عد ة مؤلفات في الموسيقى.
ومن الكتب الشهيرة في المكتبة العربية كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني (توفي سنة 769م) القرن العاشر الميلادي. والكل يعرف ما يمثله هذا المرجع الضخم من أهمية خاصة في المكتبة الموسيقية العربية. وكذلك كتاب الأدوار في الموسيقى لصفي الدين عبد المؤمن بن ابي المفاخر الارموي البغدادي المتوفى سنة 649 هـ وغير ذلك من الكتب والدراسات الموسيقية منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.
ولان العرب كان دائما اهتمامهم بالشعر هو الأكبر فقد انكب العالم العربي العماني الخليل بن احمد الفراهيدي على استنباط أوزانه وبحوره ليطلع بعلم جديد في عصره هو علم العروض الذي له علاقة كبيرة بالموسيقى.
ورغم ان الموسيقى وصناعة الآلات الموسيقية وصلت في العصر العباسي من الناحيتين العملية والنظرية الى مستويات رفيعة, فقد ظل الموسيقيون من المغنيين المحترفين يقدمون غناءهم الذي عرف في الأدبيات الموسيقية العربية الإسلامية بـ «الغناء المتقن» في قصور الخلفاء والأمراء «ووصل فن الموسيقى الى اوجه في الأراضي الإسلامية في ملاهي الطبقات الراقية والمتوسطة, اذ ولدت الموسيقى العربية التقليدية (الكلاسيكية) في هذه الأجواء»(2).
ان عدم اهتمام الحضارة العربية الإسلامية بإنشاء المسارح أو المنشآت الخاصة بتقديم العروض الموسيقية أمام عامة الناس امر يثير التساؤل. .
ولكن دائما مسألة التوارث بين الأجيال في الموسيقى العربية على المستوى العملي بالذات كانت مشكلة حقيقية من الناحية التعليمية, ففي ظل غياب التدوين الموسيقي وغياب اي نوع من أنواع التوثيق للأعمال الموسيقية التي تسمح بإعادتها عزفا أو غناء وتداولها بين الموسيقيين, احتفظ الموسيقيون بأسرار مهنتهم وذهبت معهم الى المنتهى. فقليلا ما يجتهد الموسيقي العربي في نقل أفكاره الموسيقية العملية الى غيره. الى جانب هذا فان تعليم الموسيقي العربية المعاصر في المعاهد الموسيقية الحديثة يعاني من مشاكل ليست يسيرة تتعلق بشكل خاص في طبيعة الموسيقى العربية التي تعتمد كثيرا على الأداء الفردي.
لهذا فان اختراع الفونوغراف في عام 1877م قد شكل نقطة تحول في مسار التاريخ الموسيقي الأمر الذي سمح بتسجيل الحدث الموسيقي وتوثيقه, فهذه التقنية الجديدة قد أضافت الى الموسيقى روحا جديدا من خلال التوثيق الصوتي باعتبار ان الموسيقى حدث صوتي فيه كثير من الانفعالات والأساليب والمهارات الشخصية والارتجالات الموسيقية التي قد يصعب كتابتها في التدوين الموسيقي, ولكن عبر هذه التقنية يتاح لنا الاستماع الى كل ذلك بفعالية كبيرة. «وكان أول من استخدم هذه التقنية في التسجيل الموسيقي Walter J. Fewkes عام 1890م. وبدأ جمع تسجيلات الموسيقى التقليدية بشكل واسع في التسعينيات من القرن التاسع عشر, وخاصة في أمريكا الشمالية. وبناء على هذه الإمكانيات تم تأسيس أول أرشيف لهذا النوع من الموسيقى في فيينا عام 1899م».(3)
الثقافة الشعبية والهوية الوطنية:
إن العناية بالثقافة الموسيقية الشعبية (التقليدية) لم تكن الا من نتاج القرون القليلة الماضية, أثناء ظهور الدول القومية في أوربا, كما ان انتشار هذا النهج التراثي أو الفلكلوري خارج القارة الأوروبية دعمته حركات الاستقلال الوطني في مختلف بقاع العالم. ومع ظهور الدول القطرية في العالم العربي, برزت الموسيقى التقليدية (الشعبية), وكل أشكال الثقافة الشعبية المادية وغير المادية واللهجات العامية الى الواجهة, واهتم بذلك المثقفون والفنانون والساسة على حد سوى, وبدأ الكل في العالم العربي يبحث لنفسه عن تاريخ بأي طريقة.
ان عناصر الثقافة المحلية المادية وغير المادية – ولإهداف سياسية وحضارية – أصبحت اليوم مصدرا أساسيا لبناء الهويات الوطنية في الأقطار العربية المختلفة ومخاطبة الآخر في عصر تقاربت فيه المسافات والحضارات الى حد كبير. وعلى الرغم من ان هذا يتم تحت شعارات وسياسات عد ة قد نتفق أو نختلف معها, فمن المهم ألا تنزلق موجة احياء الثقافات الشعبية (الموسيقية بالذات) في العالم العربي في مطب النهج التطويري والاستهلاكي السائد الان. فالتوجه التراثي أمر مهم حينما يكون توجها تنمويا علميا ثقافيا وطنيا يربط الحاضر بالماضي لبناء المستقبل. فالوعي والإبداع الفني, لا ينزلان من السماء, فحينما أنشئت جمعية للفلكلور بلندن عام 1898م اكتشف الموسيقيون البريطانيون ثراء فلكلورهم الموسيقي الذي بدأ آثاره ينعكس «على إبداع المؤلفين البريطانيين الشبان في مطلع(4) القرن الماضي».
وفي بلد كبير وعريق مثل سلطنة عمان, الذي يشهد تحولات عظيمة في كل المجالات فان المهمة تبدو اكثر إلحاحا, فالتنمية ليست مادية فحسب بل ثقافية وفنية وعلمية, كما ان الحفاظ على ثقافتنا المحلية من النهب والضياع واجب وطني وحضاري.
غير ان ما أخاف منه ان نرغم – كموسيقيين – على ان نتحول – بفعل الموجه التراثية – الى مجرد ناقلي للتراث لا اكثر ولا اقل, واجتراره والتعامل معه على انه كامل مكتمل ولا تشوبه اية شائبة, فهذا خطر بالقدر نفسه حينما نستغني عن قراءة الماضي من باب الدرس والبحث العلمي والابتكار المشبع بروح الأرض والمعرفة العميقة بتفاصيل الموسيقى التقليدية (الشعبية).
فمن مأزق بعض الدول العالم الثالث – التي يجاملها العالم (المتحضر) أحيانا ويصفها بالدول النامية – انها ليست قادرة على تحقيق التنمية والرخاء الاقتصادي فحسب بل في عدم قدرتها على إدارة مواردها البشرية والثقافية والحضارية, وكثيرا ما تكون الإدارات في هذه البلدان عائقا في وجه أي مسعى نحو تحقيق إنجازات علمية أدبية أو فنية لمواطنيها. فهي من حيث تعتقد إنها تحقق الأمن تخسره, بفقدانها عطاء أهم عناصر التنمية وهو الإنسان, وتكون – هذه البلدان – في احسن الأحوال طاردة للنخبة من مواطنيها المفكرين والعلماء والفنانين.
زخم المعلومات :
إذن من الواضح اننا اليوم نتمتع بحظوظ كبيرة لجهة توافر معلومات ضخمة عن الموسيقى العربية والموسيقى بشكل عام, فالمكتبة العربية غنية بالتراث الأدبي والتاريخي للموسيقى العربية, بالإضافة الى المؤلفات الموسيقية المكتوبة, ومختلف أنواع التسجيلات السمعية والبصرية قدمتها وسائل التكنولوجيا المعاصرة التي وفرت لنا وسائل متعددة وتدخلت في كل شئ له علاقة بالموسيقى, من صناعة للآلات الموسيقية وحتى التأليف الموسيقي.
قلت : التقنيات متاحة ومصادر المعلومات كذلك, الا ان ما هو غير متاح اليوم بما فيه الكفاية للدارس والباحث والموسيقي والمعلم والطالب هو الحصول على كل ذلك بيسر وانسيابية. ولان الموسيقى العمانية ظلت مجهولة ولم يكتب عنها شئ حتى وقت قريب, فان المشكلة تبدو مضاعفة, من هنا نتطلع بأمل كبير إلى بناء أرشيف وطني وقاعدة بيانات للموسيقى العمانية تؤسس لنهضة علمية موسيقية عمانية حاضرا ومستقبلا, فالأمم العظيمة حتما لها موسيقى عظيمة.
في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله, تحقق الكثير من الإنجازات على صعيد الاهتمام الرسمي بالموسيقى في عمان, فعنايته ورعايته الشخصية للفنون والموسيقى على وجه الخصوص تنبع من ثقافة جلالته – حفظة الله – الواسعة. فأنشأ الفرقة السلطانية (الأولى والثانية) للموسيقى والفنون الشعبية, والأوركسترا السيمفوني, وأسدى توجيهاته السامية بتأسيس مركز عمان للموسيقى التقليدية بهدف جمع وتوثيق ودراسة التراث الموسيقي العماني التقليدي, وبهذا سيسجل التاريخ على ان سلطنة عمان وفي عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله, الدولة العربية الوحيدة في شبه الجزيرة العربية على مدى التاريخ التي استطاعت ان تأسس اكبر تجمع متكامل للموسيقيين الأكفاء على المستوى العملي واهم مركز علمي للبحث والتوثيق الموسيقي في المنطقة كمركز عمان للموسيقى التقليدية الذي حصل في عام 2002م على الجائزة الدولية المجلس الدولي للموسيقى التابع لمنظمة اليونسكو. كما ان مادة الموسيقى في التعليم الأساسي في السلطنة بدأت تأخذ أهمية رغم بعض الصعوبات.
إن عجلة القطار قد انطلقت بحكمة القائد وطموحات الشعب, لما فيه الخير لهذا البلد وابنائه منذ اكثر من ثلاثين عام, ونعلم ان الطاقة التي تدفع بهذا القطار الى الأمام تلك الجهود المخلصة للقائد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله وابناء الوطن, فبالعمل والمزيد من العمل نبني عمان في كل المجالات.
الموسيقى: علم
وثقافة وصناعة
ومع أن الفلاسفة العرب – كما لاحظنا – واليونان قبلهم (منذ القرن السادس قبل الميلاد) كان لهم اهتمامات جدية بالموسيقى الا ان «علم الموسيقى كعلم متكامل لم يظهر الا في نهاية القرن التاسع عشر» في القارة الأوروبية.
ولان علم الموسيقى «يعتمد في أساسياته على التاريخ المدون, أي بحث الماضي من خلال المصادر المدونة الموجودة, سواء كانت تلك المصادر موسيقية (تدوين موسيقي) أو مراجع متصلة بالموسيقى(6)» من خلال فروع هذا العلم الثلاثة التي يذكرها الأستاذ الدكتور عصام الملاح في كتابة المهم «الموسيقى التقليدية العمانية وعلم الموسيقى»:
1- الفروع الموسيقية
2- الفروع التاريخية
3- الفروع المساعدة
فلكي نعلم لابد من ان نتعلم, وجمع وتوثيق الموسيقى العمانية, سبيل الى دراستها, ونقل المعارف الموسيقية الشفوية الى المصادر المكتوبة خطوة أساسية نحو هذا الاتجاه. فلا ينبغي النظر الى مركز عمان للموسيقى التقليدية على انه مكتبة للأشرطة أو مخزن لها, بل مصدر مهم من مصادر المعلومات عن الموسيقى في عمان وشبه الجزيرة العربية ومنطقة المحيط الهندي التي نرتبط مع شعوبها على الضفتين الأفريقية والآسيوية بروابط حضارية وعرقية وجوار وتفاعل أزلي.
وعلى الرغم من ان الجهود العلمية البحثية التي قد أنجزت جملة من الإصدارات المهمة حتى الآن, فأنني أتطلع الى تكثيف العمل في هذا النشاط باعتباره توجها من توجهات المركز وعدم ترك الأمر للجهود الفردية المشكورة فحسب.
قائمة بإصدارات
مركز عمان للموسيقى التقليدية :
1- الكتب :
* د. يوسف شوقي مصطفى «معجم موسيقى عمان التقليدية (باللغة العربية) صدر في 1989م
* من فنون عمان التقليدية 1990م
* معجم موسيقى عمان التقليدية (باللغة الإنجليزية) صدر في 1994م.
* الوثائق الكاملة للندوة الدولية لموسيقى عمان التقليدية الجزء الأول صدر في 1994م باللغتين العربية والإنجليزية.
* الوثائق الكاملة للندوة الدولية لموسيقى عمان التقليدية, الجزء الثاني صدر في 1995م باللغتين العربية والإنجليزية.
* الوثائق الكاملة للندوة الدولية لموسيقى عمان التقليدية, الجزء الثالث صدر في 1995م باللغتين العربية والإنجليزية.
* د عصام الملاح «دور المرأة في الحياة الموسيقية العمانية» باللغات العربية والإنجليزية والألمانية. مستشار المركز صدر في 1997م مرفق شريط فيديو 70 دقيقة.
* د عصام الملاح «الموسيقى العمانية التقليدية وعلم الموسيقى» جزءان مع شريط فيديو 99 دقيقة. صدر في 1997م.
* د. عصام الملاح Omani Traditional Music جزءان مع شريط فيديو 99 دقيقة.
* د. عصام الملاح, Arab Music and Musical Notation صدر في 1997م مع اسطوانتين مدمجتين.
* تحرير د عصام الملاح «الموسيقى العمانية التقليدية والتراث العربي» مجموعة بحوث لعدد من الكتاب من عمان وخارج عمان, صدر باللغتين العربية والإنجليزية في 2002م.
2- الإصدارات السمعية
* شريط كاسيت بعنوان «الموسيقى السيمفونية العمانية صدر في 1985م .
* شريط كاسيت بعنوان «من الفنون العمانية التقليدية صدر في 1985م».
* شريط كاسيت بعنوان «الموسيقى التقليدية العمانية» صدر بالتعاون مع اليونيسكو في 1993م .
* أسطوانة مدمجة بعنوان «الموسيقى التقليدية العمانية صدرت بالتعاون مع اليونيسكو في 1993م».
* أسطوانة مدمجة بعنوان «موسيقى حضارة عريقة: سلطنة عمان» صدرت في 1994م».
* أسطوانة مدمجة بعنوان «موسيقى تقليدية من سلطنة عمان» صدرت بالتعاون مع اذاعة فرنسا الدولية في 1997م.
* أسطوانة مدمجة بعنوان «Musiqes Traditionnells du Sultanat d Oman صدرت بالتعاون مع اذاعة فرنسا الدولية.
3- الإصدارات المرئية :
* شريط فيديو, بعنوان «من الفنون العمانية التقليدية» صدر في 1985م
* شريط فيديو, بعنوان «الموسيقى السيمفونية العمانية» صدر في 1985م.
والموسيقى اليوم صناعة من الصناعات الثقيلة من حيث انها نشاط يمكنه اجتذاب العشرات بل وربما المئات من المواطنين, سواء كان هذا بالانخراط في العمل الموسيقي كموسيقي ممارس (عازف أو مغن أو ملحن… الخ) أو أستاذ أكاديمي أو معلم للموسيقى في المدارس المختلفة. وكذلك في الأعمال والنشاطات ذات العلاقة مثل, العمل في الاستوديوهات والمسارح وشركات الإنتاج الفني أو في صناعة وتصليح الآلات الموسيقية الى غير ذلك من النشاطات المختلفة.
والفنون عامة قيم فكرية إبداعية وجمالية, وهي افضل وسيلة إنسانية للتخاطب والتواصل بين الأمم والشعوب, والشعوب التي ليس لها فن كأنها لم تعش أبدا ان كان هناك أصلا شعب بلا فن. وتتفاوت الامم والشعوب في تعاطيها مع الفنون بفعل عوامل حضارية تخص كل منها بالذات.
إن الموضوع الذي أتحدث عنه في هذا المقال والذي يتعلق بتأسيس قاعدة بيانات موسيقى عمان التقليدية في مركز عمان للموسيقى التقليدية التابع لوزارة الإعلام, تكمن أهميته في تأسيس بنية معلوماتية موسيقية عمانية تخدم قطاعات واسعة من المشتغلين والمهتمين بالموسيقى والفنون عامة في عمان وغير عمان من أكاديميين وباحثين وفنانين وتربويين وهواة وغيرهم.
ومع ان النظام جاهز للعمل من الناحية الفنية التصميمية, وعملية إدخال البيانات قد بدأت, الا ان عوائق جادة تعوق وستعوق إنجاز هذا المشروع العلمي الاستراتيجي في وقته طالما لم تذلل بعض الصعوبات التي تعترض سير العمل, علاوة عن لعب المركز دورا منشود في الحياة الموسيقية العمانية.
مراحل بناء أرشيف مركز عمان
للموسيقى التقليدية ونظام الحاسب الآلي :
بدأ العمل في أرشفة المواد(7) المسجلة والمحفوظة في مركز عمان للموسيقى التقليدية منذ ان دخلت اول التسجيلات التي قام بها فريق الجمع الميداني بقيادة الأستاذ الدكتور/ يوسف شوقي مصطفى. ونظام الأرشيفي بالحاسب الآلي الذي بين ايدينا اليوم هو حصيلة جهود كبيرة, وافضل وسيلة علمية أرشيفية عرفها المركز.
لقد مر هذا النظام – الأرشيفي – بمراحل عد ة كانت ظروف العمل والتقنية المتوافرة, والمعرفة بإمكانياتها واستخداماتها تفرض نوعية معينة من العمل الأرشيفي, كما ان بروز الحاجة الى نظام أرشيفي دقيق للمواد المسجلة بالمركز وتصنيف أنماط الموسيقى والاستفادة من البيانات المتوافرة عن الموسيقى التقليدية لإغراض مختلفة سببا في البحث عن طريقة عصرية تحقق استخداما افضل للمواد المسجلة بالمركز من الناحية البيانية والإحصائية. وفي هذا الصدد لا بد من القول بان الجهود المسؤولة من وزارة الاعلام والأستاذ الدكتور عصام الملاح, أستاذ علم موسيقى الشعوب – جامعة ميونخ وجميع العاملين بالمركز كانت كبيرة لجهة السعي الحثيث نحو تأسيس النظام الأرشيفي في مركز عمان للموسيقى التقليدية.
وهنا وباختصار استعرض المراحل التي مر بها نظام أرشفة المواد المسجلة والمحفوظة في مركز عمان للموسيقى التقليدية, الذي مر بعد ة مراحل ومستويات حتى وصل إلى الشكل الذي نتعامل به اليوم . آمل بان تكون عملية إدخال البيانات مكتملة خلال الفترة القليلة القادمة لكي يستفيد منه جميع الجهات والأشخاص المعنيون بالموسيقى والتراث الموسيقي العماني :
المرحلة الأولى
الأرشفة بنظام «الرقم الميداني والمكتبي» للمواد المسجلة بالمركز :
كانت هذه الطريقة سائدة في الفترة الأولى لتأسيس المركز, فعندما بدأت تتكاثر المواد المسجلة من الميدان بانواعها المختلفة وتتشكل البدايات الأولى لمكتبة المركز, كان لا بد من اتباع طريقة معينة لتنظيمها, ويبدو ان القائمين على المشروع انذاك اهتدوا الى هذه الطريقة التي كانت المواد تحمل رقمين أرشيفيين : الأول, الرقم الذي يكتب اثناء العمل الميداني ويسمى «الرقم الميداني» والثاني, تحمله المادة المسجلة حينما تدخل الى المكتبة ويسمى «الرقم المكتبي» وتكتب البيانات بشكل مختصر على أغلفة المواد نفسها, فكانت المواد المسجلة في المكتبة تقسم حسب اسماء المناطق والمحافظات, فتأخذ كل مادة من أنواع المواد التي كانت تصنف كتسع مواد مختلفة: فيديو, ريل, اوديو كاسيت, مايكرو كاسيت, ون انش, النيجاتيف, الشرائح, الصور, الوثائق) أرقام تسلسلية مناطقية خاصة بها وهو النسق الموضعي الأرشيفي والترقيمي الذي ي عمل به في المكتبة حتى اليوم. وقد كانت اهم البيانات التي تدون عن المواد المسجلة كالتالي :
1. الرقم الأرشيفي 2. الرقم الميداني
3. اسم الفن 4. المنطقة
5. الولاية 6. مكان التسجيل
7. رقم العداد (اليوماتيك مثلا لمعرفة بداية ونهاية تسجيل كل نمط )
8. الجزء (لمعرفة محتويات كل مادة تسجيلية)
9. تاريخ التسجيل
10. الملاحظات
المرحلة الثانية :
الأرشفة بطريقة الكروت : (شكل رقم 1)
هذه كانت اول وسيلة علمية معروفة على نطاق واسع في كثير من المكتبات والارشيفات على مستوى العالم يعمل بها مركز عمان للموسيقى التقليدية, وقد ادخلها الى المركز الأستاذ الدكتور/ عصام الملاح أستاذ علم موسيقى الشعوب – جامعة ميونخ.
وبطريقة الكروت هذه أخذت المواد تصنف تصنيفا جديدا لا يزال المركز يعتمد هذا التصنيف للمواد المسجلة والمحفظة في مكتبته الى اليوم الذي كان كالتالي:
1. الأشرطة الصوتية
2. الشرائح الملونة (السلايدز)
3. أشرطة الفيديو
4. الوثائق أفلام
5. الصور السلبية (النيجاتيف)
6. كارت تعاون مع المركز
لم يدم طويلا العمل بهذه الطريقة الأرشيفية حتى بدأ المركز يعمل على تأسيس نظام جديد في عام 1995م وهو ما نسميه الان «نظام أرشفة المواد المحفوظة في المركز بواسطة الحاسب الآلي» الذي اخذ منا ولا يزال جهودا كبيرة من كل النواحي.
اخذ هذا النظام شكله العملي في عام 1997م ثم أجريت عليه بعض التعديلات والإضافات في عام 2001م.
المرحلة الثالثة
مرحلة الأرشفة باستخدام الحاسب الآلي: (شكل رقم 2)
هذه أهم مرحلة من مراحل الأرشيف بالمركز واوسعها نطاقا, حيث تم إنجاز العمل بنظام جديد بواسطة الحاسب الآلي باللغتين العربية والإنجليزية, يسمى «نظام أرشفة المواد المحفوظة بمركز عمان للموسيقى التقليدية».
فبينما يختصر تصنيف المواد المسجلة بالمركز نظرا لإمكانيات النظام الجديد وتستقر على خمس مواد فقط هي :
1. الفيديو 2. الصوت
3. السلايدز 4. النيجاتيف 5. الوثائق
يتم من ناحية أخرى توسع كبير في أنواع البيانات المطلوبة, من خلال ثلاثة أقسام رئيسية هي :
* القسم الأول, البيانات الأساسية وتحتوي خمسين نموذج بيان أساسيا, وهذا بدوره يمكن تقسيمه الى عدة أقسام كالتالي :
* نماذج بيانات تتعلق بالتقنية المستخدمة في التسجيل والتصوير وأنظمة المواد المستخدمة, وقد ترتبت على الشكل التالي:
1. نموذج أحجام المواد
2. نموذج أنظمة المواد
3. نموذج ماركات المواد
4. نموذج أجهزة التسجيل (مثال / شكل رقم 3 نموذج أجهزة التسجيل )
) نماذج بيانات تتعلق بانماط الموسيقى التقليدية وهي كالتالي :
1. نموذج الأنماط (الفنون)
2. نموذج أنواع الأنماط
3. نموذج أجزاء الأنماط
4. نموذج أهل النمط
5. نموذج التسمية البنائية
6. نموذج الآلات (الموسيقية) (شكل4 نموذج الآلات / شكل نموذج بحث الآلات 5, / شكل 6 نتيجة البحث في نموذج الآلات)
7. نموذج أجزاء الآلات
8. نموذج الأدوات (معدنية أو خشبية أو غيرها يستخدمها الموسيقيون التقليديون)
9. نموذج أجزاء الأدوات
10. نموذج الحركات (الرقص وغير ذلك)
11. نموذج النصوص
12. نموذج الفرق
13. نموذج الأصل المقترح
14. نموذج اللغات (محلي)
15. نموذج اللغات (عام)
16. نموذج الأشخاص
17. نموذج مناسبات التسجيل
18. نموذج المناطق
19. نموذج الولايات
20. نموذج اسم الموضع
21. نموذج جولات الجمع (شكل 7 نموذج بحث جولات الجمع / شكل 8 نتيجة البحث في جولات الجمع)
22. نموذج المصنفين
* نماذج لبيانات تتعلق بالمشتغلين في العمل الميداني والبرامج والندوات التي تتحدث عن الموسيقى التقليدية العمانية والإصدارات وهي كالتالي :
1. نموذج المشرفين
2. نموذج مصور الفيديو
3. نموذج مسجل الصوت
4. نموذج فني الصوت
5. نموذج فني الإضاءة
6. نموذج كاتب الوثيقة
7. نموذج مفرغ الوثيقة
8. نموذج صاحب الوثيقة
9. نموذج المطبوعات
10. نموذج المصورين (الفوتوغرافي)
11. نموذج نوعية البث
12. نموذج مكان البث
13. نموذج مالك الأصل
14. نموذج اقسام التخزين
15. نموذج اشخاص تعاون
16. نموذج العادات والتقاليد
17. نموذج جهة تنظيم الندوات
18. نموذج عناوين الندوات
19. نموذج رؤساء الندوات
20. نموذج اماكن الندوات
21. نموذج اسماء البرامج
22. نموذج معد البرنامج
23. نموذج مقدم البرنامج
24. نموذج مخرج البرنامج
القسم الثاني :
إدخال بيانات الأرشيف: وهنا وكما هو واضح من التسمية يتم العمل وإدخال البيانات التفصيلية في ثلاثة نماذج مرتبطة ومكملة لبعضها البعض وكذلك مع بقية أقسام النظام, وهي : نموذج المواد ونموذج المحتويات ونموذج النسخ. (أشكال رقم 9 نموذج أرشفة المواد / 10 نموذج أرشيف المحتويات).
القسم الثالث :
وهذا القسم هو المخصص للبحث عن جميع البيانات واستخراجها من خلال العمل في قسمين رئيسيين هما, الأول : البحث في البيانات الأساسية, والثاني : البحث في المواد والمحتويات. وهذان القسمان يجيبان على اسئلة كثيرة, مثل : ان يكون مطلوب استخراج بيانات إحصائية عن عدد الأنماط الموسيقية في السلطنة أو عدد الآلات الموسيقية وأنواعها الى غير ذلك من البيانات التي قد يبحث عنها, كما يمكن البحث عن بيانات خاصة عن كل آلة موسيقية أو نمط من الأنماط الموسيقية أو عن شخص يشتغل في الموسيقى التقليدية العمانية. وتوجد إمكانية مشاهدة أو الاستماع الى بعض النماذج من التسجيلات المتوافرة في المركز من خلال نظام البحث هذا. والمهم اننا نستطيع الحصول على بيانات كثيرة عن الموسيقى التقليدية العمانية في عمان عامة أو عن منطقة معينة أو ولاية من الولايات.
وهذا القسم يشمل البحث عن المواد (مختلف الأشرطة) ومحتوياتها ونسخها على اعتبار ان لكل مادة عد ة نسخ مثل : نسخ أمان وتحفظ في مكان خاص ونسخة أخرى تسمى نسخة عمل طبق الأصل تستخدم في العمل اليومي بهدف الحفاظ على جودة المواد الأصلية.
(نموذج 11 نموذج أرشيف النسخ / شكل 12 نموذج بحث المطبوعات / شكل 13 النموذج الرئيسي لنموذج المشاهدة أو الاستماع الى نماذج من الارشيف)
الخاتمة :
إنا لا نعتقد بان هذا البرنامج في صورته الحالية هو الصورة المثالية والكاملة, ولكن هذا كل ما استطاع المركز ان يفعله حتى الان, وفي اعتقادي اننا مستقبلا سنكتشف بعض الملاحظات وسنسعى حتما الى التطوير كلما كان هذا ضروريا, كما ان جديد التقنية يفرض احيانا تغيير بعض الوسائل باعتبارها أصبحت قديمة واقل فاعلية.. إذن كل ما في الأمر ان العمل قد بدأ وهذا الأهم.
الهوامش
1- عبد العزيز بن عبد الجليل, موقع مؤلفات الكندي الموسيقية من بين معاصريه, أبحاث ومحاضرات مؤتمر ومهرجان الموسيقى العربية العاشر, دار الاوبرا القاهرة – 2001م
2- هنري فارمر, الموسيقى والغناء في الف ليلة وليلة
3- أ.د عصام الملاح, مركز عمان للموسيقى التقليدية الفكرة والتنفيذ. 2002
4- الدكتورة سمحة الخولي, القومية في موسيقى القرن العشرين, 1992م
5- أ د. عصام الملاح, الموسيقى العمانية وعلم الموسيقى 1997م
6- أ د. عصام الملاح, الموسيقى العمانية وعلم الموسيقى 1997م
7- المادة في تعريفنا الحالي هي مختلف الأشرطة السمعية والبصرية والفوتوغرافية والوثائق المكتوبة مثل :
* الفيديو – الصوت – الشرائح – النيجاتيف – الوثائق.