ترجمة: خ . ن
البيت قرب البحر*
هواء، أشجار، أجساد وبحر
حبال، نحاس ورياح
عبر أيدينا وأفواهنا
يتدفق النبع الذي لا بداية
ولا اسم ولا مكان ولا سقف له
الذي يشكل الموسيقى
* * *
كان يتأمل العاصفة تضرب
بقوة حتى أعماق المياه
هامسا شيئا لريح
تحصد عناقيد البحر –
هذه الآبار الهوائية والفضائية حيث
ملاك بلا رحمة يغرق أجنحته المطوية
وميض جمال يخترق المياه
ويلتهم جوهر الضوء،
الجسد الحي لحركة الإله –
روح الرياح مشدود بين الشفرات
في كل نبضة للاقتلال
فوق لوحة المفاتيح الكبرى
القصف في قلب الفكر –
هل الجمال منفصل عن الحقيقة؟
أيتها الثمار والنكهات، والتناقضات واضحة جدا
ولتطهري مرّة أخرى صورنا
* * *
وجه منسحب من النوم
بتأثير تجميع بطيء للأصوات
صليل زجاج وقوافي
يضرب الشعاعات واحدة إثر أخرى
دفق موسيقى ينسج
سوية جميع الملامح التي من الممكن تصورها
لمشاهد الماضي والحاضر والمستقبل
كل الوجوه القائمة في متعة الوجود
الصافية وغير القابلة للتصوير
* * *
فوق التخوم المتحركة
بين المياه والرمال
يتراقص ظل فراشة
لا شيء غير الظل ملتحما بشكل حميمي
كتلاحم طيات الريح بالماء المرتعش
والتحام الكلمات وحركات أجسادنا
بالمجال اللانهائي المفتوح
* * *
خفق أجنحة وئيد
لطائر مهاجر مجهول يعبر في المجال الأزرق
يشدك إلى حافة الهاوية-
مثل بضع غرز جميلة
على صفحة مياه
لا تحدها أي سماء
أصوات تنبثق
ثم تمر
فوق بلاط الصمت
هفهافة
حتى ان النسيم يهزها
أفكر في اليقين الروحي
الذي تمتلكه يد بييرو دلافرنشيسكا
وهي ترسم النظرة البشرية
في حجم الجلبة التي بلا معنى
والصادرة عنا
ثمة دائما ندفة ثلج في مكان ما
ثمة صمت تكبحه
مخاوف كثيرة وحاجة للصراخ
أحيانا يقترض
حروف تصويت كلمة
مورقة من أجسامنا
يهب عليها ريح
متوافق مع أجسامنا –
حفنة من الظلال فقط
تفصلك
عن الضوء –
كتابة الجير
الذي يطلى به
بلاط الليل في الجزر
* * *
كل هذه الضوضاء والإيماءات والأفكار
كل هذه الأعضاء والألوان والأحلام
وضعت برفق تحت الأشجار –
في نسغ العيش الذي لا يحده حدّ
غضب الحياة يمزق الحياة
بصوت بارد مرة واحدة تحت الأوراق
فجوة أشياء كثيرة أسيء فهمها
السعادة سماع الريح في الداخل –
* * *
يا لغة الميلاد كم تتقنين الصمت
فوق حجارة الليل السوداء
والضوء الوحيد هو ذاك الخفق
الصادر عن الحنجرة والذي لا ندري
أ كان قلقا أم تهجدا أم تناغما –
ولكن أين هو الخط الفاصل
بين هذا اللاشيء الذي يسيل دون أن
يهزّ ورقة وبين الموجة التي تجرف
الليل والبيت والسابح؟
* * *
أيلول، مياه هادئة مثل قماشة مشدودة
ضبابة تكبر هناك في البعيد
تفصل القارب عن الأفق
صياد يبدو كما لو أنه يسير فوق المياه
اقدامه تثير بخارا شفافا
تنويعة على لحون دوبيسي
ألوان رمادية ضاربة إلى الأزرق والأخضر الفاتح
وانزلاق تجمع المياه الذي ينمحي
تستشعره في الجسم
وربما في الفكر
* صدر الجزء الأول من البيت قرب البحر في 2003 عن دار التوباد في تونس في كتاب مفرد، هنا ترجمة مقاطع أولى من الجزء الثاني.
* * *
لدي فقط أشياء
لدي فقط أشياء شديدة البساطة
الشمس تتجزأ قليلا قليلا
مثلما تقطّع أمي الخبز
نضع وعاء الحساء على طاولة الأكل
(وتلك الأشياء التي تتساقط بهدوء في الخارج
الياسمين والثلج والطفولة)
طعم الفلفل الأحمر والاسنان السعيدة
واجسادنا تظل دافئة بعض الوقت
في الليل المتقدم
* قصيدة من ديوان الحالة الرابعة للمادة
* * *
صباح في زغب البحر
صباح في زغب البحر اختمار بألوان الرماد
عيناك تنقبان ثم تضيعان في الحفر
مرتفع شاهق ومسقط مياه متجمد وسط الجلبة
ضبابة حبر وأردواز وراء زجاج نافذة الرب
حراشف وغبار فوق الأرض
مرتفعات رمادية ضاربة إلى الزرقة في انتظار
تجلي الآفاق الأربعة
إنها الخاطرة البسيطة للماء فوق مناضد امطلق
انزلاق خطوط وأغشية
ثم الصوت الصارخ للملاك المنتصب في الشمس
المتوسل العصافير لأن تقتات.
* قصيدة من ديوان بحر إيجة
* * *
اشتعلت أنهارنا
اشتعلت أنهارنا
أحيانا، ثمة عصفور يصقل الضوء
هنا الوقت متأخر.
سوف نمضي عبر الطرف الآخر للأشياء
لنكتشف وجه الليل المضيء
* من ديوان الحالة الرابعة للمادة
* * *
فوق كل الدروب
فوق كل الدروب حيث تقود
قطعانك من شكوك وآمال
يدك تداعب نعومة فروة الجمل الصغير
التي بلون البندق
في الصهاريج الحارقة التي تستعيد
باطن الأرض هل تدري
بعيدا عن خطوك الذي استأنفته في الفجر
داخل سياجات الحلم لا يوجد شيء تظفر به
لا شيء سوى ذاك اللامكان الوسيع
لا شيء سوى خطوك الكبير الواثق من تيهك.
* من ديوان أرض المطلق
* * *
لدى سقوط سماء الصيف
لدى سقوط سماء الصيف
التي بلا تغضنات
شجرة زيتون تعقد وتفصم
رغبتها الغامضة في الضياء
رائحة القهوة تحت شجرة الدلب
زرقة تطرزها أدخنة رقيقة
لكآبة نهاية العالم
آه! يا هيلين، ياهيلين المجنونة!
نيران وأثلام وطيوب وداخل الليل
مياه أبعدتها النيران
حركة تمس للحظة
حديقة جسدك الغامضة
* من ديوان باثموس
* * *
لا يزال الليل يغمر السماء
لا يزال الليل يغمر السماء
غير أن على صفحة المياه ثمة ريح
تعري أعماق الفكر
بضوء الأيدي فقط
الفم والأذنين مأسورين
في خوف غامض
* من ديوان باثموس
* * *
كل إشعاع
كل إشعاع الظهيرة
مطحون في قليل من الماء
والريح تهب متى أرادت
في كلماتنا وفي حركاتنا
فائرة هنا ومضيئة هناك
بلا تمييز بين الفرح والألم
* من ديوان باثموس