(وقال لي: بدنك بعد الموت في محل قلبك قبل الموت) النفري
I
لكي تتمايل روحك كأعشاب زاهية
لابد أن تصغي مسامع الكون
لأنين راحتك السابحة في أقاصي الغيم.
كانت الشرفات وجه الأرض
وباعثة شمسها الدائمة
كانت أكاليل الغاف, هي السيدة في بهائها
فوق قمة
تحنو على وميض قمر خرافي
وتلك المعابد بلونها البهي
هي من جاورتك والليل
إذ كان انغراسها الأبدي
هو المجد المتفرد في السماء.
كانت تجاورك الجبال
حبلى.. كما لم تكن قد نالها نجم منفلت
وحيدة هي الأشجار
ووحيدة هي الأم المثقلة بصرير صمتها
إذ تخرج كل ليلة لساحة الوادي
طليقة.. تحمل قلبها كوديعة
كل الجهات أصغت لتوسلاتك الكبرى
هي سر بقائها
وعين ثانية ترقب بهجة الكائنات
حتى الساكنة بعيدا.. حيث لا ت رى
لتبقى هذه الأبدية كفة الكون
رحيمة .. كما كانت
لتبقى الينابيع وديعة في لجتها.
لتبقى المساءات ماطرة بسحرها الطافح
لتبقى الحجارة مغسولة بدموع العباد
ولتبقى سعفة الحياة وميض العابر
حيث السماء هناك
مشرعة دون وجل..
II
أتأمل في الوديان صورة هاربة
ذاك قبرك
يلامس أعراف الخيل وسجادة عتيقة
كانت المثلثات
وقد اغتسلت ذات ظهيرة عاصفة
هي الأفق المشبع باليتم
المتكأ الأكبر للفناء
إذ هطلت على أبراجك الريح
حاملة في نسيجها الباهر تراتيل الليل
لقد أودعك الزمن نواميس الصحراء
هي من تعير الالتفاتات
لأثر دمعتك الساقطة على المعصم
وفي تلك الزوايا
البارقة في الليل.. الباكية في النهار
نفضت ريحانة الكون
لتذر خيط الموت
معلقا.. برعبة الجميل
ولكي تحقن للحياة لهيبها الغامض
كانت وصيتك على الشاهدة المسندة
بمحاذاة رأسك
هي الانشودة التي تطرز
للطفولة بريقها الأبدي
وللطير مساحة الزهو
هكذا
بخفة أزحت جسدك بعيدا
حيث تسقط الشمس
في قفر ملتهب
عبدالله البلوشي شاعر من سلطنة عمان