1ـ مَوقفُ مَا لا يَحْتَمِلُ التَّفَاصِيلَ:
أَوْقَفني على بُعدِ الاحتمالِ، وقالَ لي: تَنوعُ التِّيهِ لا يَعني سِعةَ الزَّمانِ أو المكانِ، والوعيُ خَارجَ مرمى الانْسِيابِ لا يَعْنِي أنَّكَ تَقْبَلُ الفرضيةَ؛ لذا فالتيِهُ لا يَقِفُ على سطوةِ الوعي، والوعي لا يَقِفُ إلا على مواقيتِ الانسياب.
وقالَ لِي: عَقْدُ العزمِ على رِمَالٍ تَدنُو منْ مَشَاهِدِ الاحتراقِ، يَعْنِي أنَّ الوعدَ يَحترِقَُ في مَعْزَلٍ عن الضوابطِ، والروحُ تَمْتثِلُ لِرَهَافةِ الفكْرَةِ، والمنطقُ يُفَسِرُ حُدودَ الاتساعِ أو الضيقِ.
وقالَ لِي: مَا لا يَحتمِلُ التفاصيلَ تضجُّ ماهيتُهُ في متنَفسِ النفي، وثَرَاءِ التَسَاؤلِ، واستمرارُ الحركةِ في مَنْزِلَةٍ كهذهِ، تَلِدُ فَكْرَةَ العُمْقْ، وتُولَدُ هواجِسُ الغيابِ.
وقالَ لِي: إنْ شئتَ، فأنتَ في حِلٍ من أمرِ الاحتمالِ، لكنَّكَ لستَ في انفصامٍ عَنْ تَفَاصِيلهِ، فالاحتمالُ مَشِيئةُ التفاصيلِ، ولا مَشِيئةٌ لِمَنْ ينفصمُ عن تفاصيلهِ.
2ـ مَوقفُ السَّيرِ حِينَمَا لا نَنْشُدُهُ:
أَوْقَفني في لُجةِ المُطلَقِ، وقالَ لِي:عندمَا يَتآلفُ الفراغُ تتَّسِعُ دائرةُ العُبُورِ، وحينما تُعبَّدُ شَوَارِعُ الازدحامِ يكونُ الزَّحْفُ باتجاهِ دَائِرَةِ الفَرَاغْ. وقالَ لِي: إذَا أَدْرَكْتَ مَوسِمَ الخِلْوةِ فلا تنصرفْ إلى رَجْعَةِ الصَّدى، أو صَدَى الرَّجْعَةِ، فلعلَّكَ لا تُدْرِكُ رَجْعَةَ المُوسِمِ أو صَدَى الخِلوةِ.
وقالَ لِي: حِينَمَا لا تَنْشِدُ السَّيِرَ تَعهَّدْ مَعرِفَةَ المَقَامِ، واحتَمِلْ جَمْعَ التَّدَاعي، وَمُفردَ الأَمرِ، فَالأَمرُ في طُولِهِ لا ينتظرُ جَمعَ السِّيرِ، أمَّا طُولُ السيرِ فيقفُ على أَمْرِ المُفردِ، فإنْ لم تعرفْ ذلك فبابُ الَأعْرَافِ لا تمتدُ إليه الروحُ، وامتدادُ الروحِ لا تثبتُ في صِدقِ الرؤيا، ودورةُ الفصولِ تتلاشى عندما يسقطُ الأمرُ من على عَمُودهِ.
وقالَ لي: السَّيرُ بدونِ سِيرةٍ لا سِرَّ لَهُ، والسِيرَةُ بدونِ سِرٍ لا سَيرَ فيها، فإذا مَا احتَملْتَ السيرَ فلا تَدعَهُ يَمُرُّ بدونِ سيرةٍ، وإذا مَا نشدتَ السِيرَةَ فلا تَرْجعْ إلا بِسرٍ يَدعُكَ تَسيرُ.
وقالَ لِي: الزَّادُ في السِّيرِ نوعَان: زَادُ المَسيرِ، وَزادُ السيرةِ، فإذا تزودتَ بزادِ المسيرِ عُدتَ بدونِ سيرةٍ، وإذا تزوّدتَ بزادِ السيرةِ ذهبتَ في المسير.
3ـ مَوقفُ صَيِرورَةِ القَبِيلَةِ:
أَوْقَفني على حَافةِ القَبيلةِ، وقالَ لِي: كنْ على وعيٍ بفقهِ القبيلة، فَحُجَةُ وَعْيِها صَيِرورةُ المُوتِ، وموتُ حُجَّتِها اليقظةُ، وَوَقَارُ وَعْيِها وَصْفُ الحُجَّةِ، فإنْ كنتَ تُرِيدُ اليقظةَ مِنْ دُونِ وَصْفٍ، فَوقَارُكَ المَوتُ، وإن كنتَ تُريدُ الوصْفَ من دونِ حُجَّةٍ، فهيئتُكَ نِكرةٌ.
وقالَ لِي: طقُوسُ المَيلِ إلى حافةِ القبيلةِ لا تَشْفعُ عندَ الميلِ إلى القبيلةِ ذاتِها، فالميلُ يَنْصَرفُ عن مَعرفةِ الطقسِ، والقبيلةُ لا تَشفعُ إلا فيما يَتوحدُ في السرِ، والسرُّ أَنْ تَتأَوَّهَ في الحاَّفةِ حتَّى تنْسى مَجْرَى الشُّهْرَةِ، ولكي تشهدَ ذلك لا تمشِ إلا بِهَزِيمَةٍ.
وقالَ لِي: كُلَّمَا تُغْمِضُ عينيكَ في ظِلالِ القبيلةِ، وَتُفوضُ أَمْرَ السَّريرةِ إلى عِلمِ التأويلِ، وَتَحْلَمُ تحت مَرَايا الرُّعْبِ، تَكونُ سَريرتُكَ في ظِلِ العلمِ، ورُؤياَك في تَفْويِضِ التَّأويلِ.
وقالَ لِي: إنْ نَادتكَ القبيلةُ بخِيلِها ورجلِها ولم تُجِبهَا، فَرِجْلُكْ تُصْبِحُ في أَبَديةِ الحضورِ، وَخيلُكَ في مُنتَهى الغِيابِ، إن استحضَرَكَ أَحدٌ فكذبةٌ كَبْرَى، وإنْ استحضرتَ أحداً فالعاقبةُ الصدقُ.
4ـ مَوقفُ دَعْهُ يَمُرُّ:
أَوْقَفَني وقالَ لِي: إنْ كُنتَ على بَابهِ فَعلامتُك أنْ تَدخُلَ كَافراً، أو تَنْطلقَ مُؤمناً، وإنْ كنتَ على مَقْرُبةٍ مِنْ حَضرَتهِ فالنَّارُ سَتأكلُ مَا تَسْتنْفِرُهُ من عَزمٍ وَثَباتٍ، أَمَّا إنْ كُنتَ على مَبْعُدةٍ فبيانُكَ يَتَأرْجحُ بين حِجاَبِكَ والحجَابِ، فإن كان حِجَابُكَ مَعْلًوماً فالرُّؤيةُ تَرْجِعُ للحُجَّابِ، وإن كان الحُجَّابُ بلا عِلمٍ فالرَّجْعَةُ لا تتنكرُ لحِجَابِكْ.
وقالَ لِي: الزَّمَنُ في دَعهُ يَمُرُّ لا يَظْهَرُ إلا حيثُ يَشاءُ، فإذا أَبْصرْتَ مَشِيئتَهُ فلنْ يَدعَكَ تَمُرُّ، وإنْ لم تبصرْ، فمشيئتهُ لن تراك.
وقالَ لِي: إذا عَلِمْتَ أنَّ الكونَ فِعلٌ لا تتجزأُ أَوصَافُهُ، فاعلمْ أيضاً أنَّ الأَسْمَاءَ لا تَنْكَشِفُ إلا بالوصْفِ.
وقالَ لِي: هلْ تفقَهُ فنَّ النعتِ، أم الصِفَةِ، فإنْ كُنتَ من أصحابِ النَّعْتِ فالوقفةُ بين يديَّ الصِفةِ كُرْهٌ مُطلقٌ، وإنْ كنتَ مِنْ أَصْحَابِ الصفةِ فالوقفةُ على النعتِ لا تَجبُّ مَا قَبْلِهَا.
وقالَ لِي: إنْ تَجْهَلْ في المُوقِفِ، فالرُّؤْيَةُ قدْ تَقْترِبُ مِنْ مَعْرِفتِكَ، وإنْ تَعْرِفْ في المُوقفِ، فالجَهْلُ هو مَعْرفتُك.
وقالَ لِي: عِنْدمَا تُصبحُ في المُوْقِفِ، لا تَتحَسسْ بَللَ الْمَسَاءِ؛ لأنَّ حَسنَاتِكَ حِينَمَا تَعُودُ مِن النَّهارِ ستُعْرَضُ عليهِ من دونِ تَحَسُسْ.
5ـ مَوقفُ الوالي (وَيَأتِيكَ مِنْ حَيِثُ تَعْلمُ ولا تَعْلَمُ):
أَوْقَفني في كَنَفِهِ، وقَالَ لِي: البُعْدُ حَيِثُ تَعْلمُ لَهُ قُدسيتُهُ، فإنْ تَرِاءى لكَ القربُ حيثُ لا تَعْلَمُ فلا تَبْتَدعْ
الرَّغبةَ، فالرَّغْبَةُ في البُعدِ قُدُسِيَةٌ، والابْتِدَاعُ لا يُكسبُكَ القربَ، وفي كلٍ سيأتيكَ منْ حَيثُ تَعْلمُ ولا تَعْلَمْ.
وقالَ لِي: إنْ تَمْلكْ شيئاً فأنتَ بِقَدْرِ مَا تَمْلِكُ شيءٌ، وإنْ لمْ تَملُكْ شيئاً فأنتَ شيءٌ من الأشياءِ، أمَّا إذا أردتَ أنْ تَملُكَ شيئاً فإرادةُ الشيء ستَجْعَلُكَ شيئاً.
وقالَ لِي: إنْ يكنْ لديكَ بُعْدُ نَظرٍ، فهذا يَعني أنَّهُ لا نَظرَ لدينا، وإنْ يكنْ لديكَ حِدةُ سَمْعٍ، فهذا يعني اننا نتكلمُ ولا نَسْمَعُ، وإن يكن لديك طُولُ لِسانٍ فهذا يعني اننا نَسْمَعُ فقطْ ولا نتكلمُ.
وقالَ لِي: الطريقُ بيَّنٌّ والالتفاتُ إلى الوراءِ قدْ يَجْعَلُكَ على غيرِ بينةٍ، إمَّا إذا انْحَرَفْت يَمْنةً أو يَسْرَةً فأنتَ على شفا جُرفٍ هاَرٍ.
وقالَ لِي: الكتابُ الذي تُستحَبُ قَرَاءتُهُ غيرَ الكتابِ الذي يُفرَضُ حفْظُهُ، فإذا قَرَأْتَ ما يُفْرضُ وَحََفظتَ ما يُستَحبُّ فقدْ أصبحتَ فَرْضَاً.
وقالَ لِي: عِندما تَبيتُ وفي مِعْدَتِكَ ما يُثيرُ السؤالَ فأنتَ في زُهدِ من الشريعةِ، وعندما تُصبحُ وعليها حَجرٌ فأنتَ في شريعةٍ من الزُّهْدِ، أمَّا إذا جاءَ المبيتُ والحَجرُ بدون سؤالٍ فأنتَ في زُهْدٍ وَشريعةٍ، وإذا جاءَ الصباحُ والسؤالُ بلا حَجرٍ فنحنُ في بُعدٍ عن الزهدِ والشريعةِ.
6ـ مَوقفُ المَعَامِلةِ (ولا تَقِفُ بِمَا لا يُشْعِلُ الآخَرِين):
أَوْقفَني على بُعدٍ منْ فَاتحةِ الطَّرِيقِ، وقالَ لِي: إنْ تستفتحْ فقفْ على ما يُشعلُ خُطْوَاتِكَ، أمَّا إذا كنتَ في اشتعالٍ، فالفاتحةُ هي نهايةُ الطريقِ، وأمَّا إنْ كنتَ تَجْهَلُ منْ يُشعلُ الفاتحةَ فالطريقُ هي الفاتحةُ.
وقالَ لِي: إن تقفْ بِصَمْتٍ فالوقفةُ لا تتَسِعُ لِمعراجِ الواقفِ، وإنْ تقفْ بموازينِ العلمِ (الحكمة، المداراة، الصبر) فلا وزنٌ لكَ، أمَّا إذا وقفتَ مَوقفَ الواقفِ فسبحانَ الذي أَسْرَى بالوقفةِ من جَنَّةٍ لا تَحْتَمِلُ الندَّ إلى نَارٍ لا تلفظُ إلا أنْدَادَا.
وقالَ لِي: إنْ تَسْرَحْ في أَمْرِكَ بدونِ أَمْرٍ فأَمْرُكَ مَوعدُهُ التسريحُ، وإنْ تَسرحْ بِأَمرٍ فالأمرُ كذلك مَوعدُهُ التسريحُ.
وقالَ لِي: وَجْهُكَ قدْ يَحْتمِلُ الشَّكَّ، فَمَاؤُهُ رُبَّمَا تَزَاوجَ منْ ضَبابٍ وَعين، لكنَّ ثوبَكَ لا يَحْتمِلُ إلا اليقينَ، فإن سَكَنَ المَاءُ وانفَردَ الثوبُ فأنتَ اليقينُ، وإن فاضَ الماءُ وسكنَ الثوبُ فأنتَ الشكُّ، وإن سَكنَ وسَكنَ فأنتَ لا شَكٌّ ولا يقينٌ.
وقالَ لِي: كانَ الصديقُ مَنْ صَدَقَكَ القولَ، واليومَ الصَّديقُ من صَّدَّقَّكَ، فإن كان قولُكَ صِدْقاً أمسيتَ بدون صَديقٍ، وإنْ كان صدِيقكَ صَادِقاً أصبحتَ بدونِ صديقٍ.
وقالَ لِي: الحُبُّ مُفْردةٌ تَنفردُ في مَاهِيتِهَا، فإذا كانت مَاهيتُكَ فاقعةَ اللونِ فأنتَ جَمْعٌ لا مُفْردَ لَهُ، وإن كانتْ ماهيتُكَ بيضاءَ تسرُّ النَّاظِرينَ فأنتَ مفردٌ بدون جَمْعْ.
7ـ مَوقفُ العَيِشِ في خَرِيفٍ من نُوْرٍ:
أَوْقَفَني حيثُ يَترامَى النورُ، وقالَ لِي: إنْ تَسيِرْ على نُورٍ، فأنتَ نارٌ تتلاشى حيثُ تَشاءُ، وإنْ تسيرْ علي نارٍ فأنت نورٌ يَلْتَفِتُ كيفَ يشاءُ.
وقالَ لِي: حِينما تكونُ على مَعْرفةٍ بالطريقِ، فَمَعْرِفَتُكَ تقُودُكَ إلى الخوفِ، اما إنْ تكنْ على خَوفٍ من الطريقِ، فخوفُكَ يقُودُكَ إلى المعرفةِ بالطريقِ.
وقالَ لِي: إنْ تَسْكُنْ قلبَكَ فأنتَ تَرِثُ الكلامَ، وإن يَسْكنكَ القلبُ فأنتَ ترثُ الصمتَ.
وقالَ لِي: لا شيءٌ يُشبهُكَ هنا إلا أنتَ، فإذا كنتَ هناك فلا تترددْ في الكفرِ بما لا يشبهُكَ هنا.
وقالَ لِي:إنْ تأتِ إلينا فَكُنْ في موقفِ الاضطرارِ، وإن تَغِبْ عنَّا فكنْ في مَوقفِ التُّقَى، واعلمْ أنَّ المُضْطرَّ قدْ يَتَّقِي، والمُتَّقِي لا يَضْطَرُ.
وقالَ لِي: القربُ مِن الأَملِ يَفْصلُكَ عنِ الرغبةِ، والرغبةُ في فصلِ الأملِ عن القربِ يوصلُكَ إلى الأملِ.
وقالَ لِي: الدخولُ في النورِ يُشبهُ الخروجَ من العُتْمَةِ، لكنَّ الدخولَ في العتمةِ لا يشبهُ الخروجَ من النورِ، فإن كنتَ في العتمةِ فلتخشَ الشبهْ، وإن كنتَ في النورِ فلا تخشَ مَا لا يَتشابهْ.
8ـ مَوقفُ الْعِلمِ (ولأولي العلمِ اليومَ شؤونٌ):
أَوقفني على مُسْوَدتِهِ، وقالَ لِي: الْحِلمُ بصوتٍ يُسْمَعُ، لهُ رائحةُ المغفرةِ، وضريبتهُ التزودُ من مائدةِ الذنوبِ، والرائحةُ بدونِ زادٍ كالحلمِ بدونِ ذنبٍ.
وقالَ لِي: جَوازُ سَفَرِكَ إلى العِلمِ هو الجحودُ بتعددِ المدلولِ، والإيمانُ بتوحيدِ الدال، فإنْ آمنتَ بالتعددِ فأنتَ دالٌ بدون مدلولٍ، وإن كفرتَّ بالتوحيدِ فأنتَ مدلولٌ بدونِ دالٍ.
وقالَ لِي: عَاجلُ التفكيرِ شرُّهُ أعظمُ من آَجلهِ، وآجلُ الحوارِ خيرٌ من عاجلِهِ، فإذا عجَّلتَ فخيرُكَ آجلٌ، وإذا أجلَّتَ فشرُّكَ عاجلٌ.
وقالَ لِي: السلامُ على غيري يُفقدُكَ المحبةَ، أما الكلامُ فَيبعدُكَ عن الصُحْبةِ، وأنتَ بدونِ مَحْبَةٍ مُبْعدٌ عن الكلامِ، وبدونِ صُحبةٍ مُبعدٌ عن السَّلام.
وقالَ لِي: لَعْنُ الآخرِ أَثبتَ جَدواهُ عِلمياً، وغِيبتهُ ضَرُورةٌ بمقتضى الشَّرْعِ، ولكي تُثبِتَ جَدواكَ فأنتَ مُخبرٌ بالضرورةِ.
وقالَ لِي: نُعومتُكَ لا تشبهُ نعومةَ الآخر؛ لأنَّ نعومةَ الآخرِ لا تُؤمنُ إلا بنظامِ القطبِ الواحدِ، وأنتَ كَافرٌ بهِ حتَّى النُّخَاعِ، وَنحنُ على ذلكَ مِنَ الشَّاهدِين.
وقالَ لِي: المَجَالِسُ بالأَمَانةِ، وأَماَنةُ عِلمِ المجلسِ أن تَحْبِسَهُ في صدرِكَ.
وقالَ لِي: الدَّالُ تَحفَّهُ المَكَارِهُ، والقربُ منه يُورثُكَ الكُرهَ، والبُعدُ عنْهُ تُورثهُ القربَ.
9ـ مَوقفُ التَّاريخِ (ولِسانُهُ غيرُ مبينٍ):
أَوقَفني، وقالَ لِي: الرِّيحُ التي تُبعَثُ إِليكَ رائِحَتُهَا تَنبعِثُ مِنْكَ.
وقالَ لِي: ما يَشتبهُ عليكَ فهو في منزلةِ الروح، وما لا يشتبهُ فهو في منزلةِ الجسد.
وقالَ لِي: الحَدِيثُ بِلسانهِ يُوقفُكَ عندَ كلِ مَدْخَلٍ، ولِسَانُكَ الذي يتحدثُ عنهُ يُخرجُ مَا بِدَاخِلكَ.
وقالَ لِي: الوحي الذي يُؤمنُ بهِ، وتُؤمنُ به، هو ألاَّ يَلتفِتُ إليكَ ولا تَلْتَفِتُ إليهِ.
وقالَ لِي: المُباَهلةُ بهِ وَهْمٌ كَبيرٌ، خيرُهُ بدونِ مُقدمةٍ، وشرُهُ بدونِ مُؤَخِرَةٍ.
وقالَ لِي: الشُّعَاعُ الذي يُسلِطُ عليكَ، ما هو إلا إشاعةٌ تبرقُ ببريقِ السيفِ.
وقالَ لِي: حقيقةُ الإدراكِ أنَّكَ لا تُدركُهُ، وإدراكُ الحقيقةِ يَجعلُ الموتَ يُدركُكَ حيثُ كنت.
وقالَ لِي: لسانُهُ يَنطقُ بلغاتٍ شتى، لكنَّها لا تنطقُ إلا بمنطقِ اللسانِ، وأنتَ لسانُكَ لا يَنْطِقُ.
وقالَ لِي: حَاطِبُ الليلِ يُسْعِفَهُ المَوقِفُ، وَلِيلُ الحَاطبِ مَوقفُهُ لا يُسعفُهُ.
وقالَ لِي: وَصِيتُكَ الرُّكوبُ بدونِ دَليلٍ، والإشارةُ بدونِ مُؤشرٍ، والعَودَةُ بدونِ استفهامٍ، والموتُ بدونِ وصيةٍ.
عبد الله زيد صلاح
شاعر وناقد من اليمن