يجب عليها أن تعرف ثقل يد الرجل.
تلك الكدمات تشبه جروح المسيح.
ودمها ذاك الاسود في القلب
يجب ان يسيل نقياً وأحمر كما دمه
وعليها أن تكون حاملاً دائما
اذا لم يكن بطفل
فبمعرفة
إنها على قيد الحياة بسببك.
وأنك تقدر ان تسلبها الحياة
بسهولة أكثر من منحها،
معاناتها من ما ورثته منك
وبك ، من المسيح..
الذي مشى على جسد إمه
ليصبح ملك الجنة
من قصيدة “قصة الأم”
بورتريه شعري لعنف مخضب بالجمال
«آي : الاسم الذي أرغبُ أن اُعرف به» هذا ماصرّحتْ به ( أنتوني فلورنس ) في عام 1969، فقبل عقدين من هذا التاريخ كانت ام انتوني، المطلقة من زوجها الأول، حاملا بها بعد علاقة جنسية عابرة وسريعة مع مايكل أوكاوا، وهو ياباني، التقتْ به في محطة بنزين، وعلى الرغم من محاولة الام اسقاط الجنين، عن طريق الاجهاض، إلا أن «آي» حازت على مكان فوق سطح الارض، فكان اسم والدها المدون، في شهادة الميلاد، هو اسم زوج امها الاول. ولكن الام سرعان ماتزوجت مرة ثانية من ستون هاينز، وهكذا عُرفتْ الشاعرة في طفولتها بإسم «فلورنس هاينز» ثم عادت واستعملت اسمها الرسمي «فلورنس انتوني» عندما اصبحت في المدرسة الثانوية، لإعتقادها أنه أكثر شاعرية، لكن الام باحت لها، ذات يوم، بكل تفاصيل ذلك الماضي، فما كان من أناها الشاعرة الا أن استثمرت هذه الخيبة الى فعل جمالي، كأية مبدعة كبيرة، هكذا صار اسمها : «Ai» وهي كلمة يابانية تعني : «حب» وفي ذلك تقول : «اُجبرتُ أن اعيشَ كذبة لسنوات عديدة، لذلك شعرتُ أنه لايجب أن يرفق اسمي بإسم رجل كان زوجا لأمي فقط».
أكتشفتْ «آي» موهبتها الشعرية في لوس أنجلس، وهي في السن الرابعة عشرة، أثناء دراستها في المرحلة الاعدادية، فقد لفت انتباهها إعلان عن مسابقة شعرية، وحين شرعت بالكتابة انتقلت عائلتها للعيش في توكسون، قبل حتى أن تحصل على الموافقة بالاشتراك في المسابقة، لكنها بفضل هذه الحادثة عثرت على الوسيلة التي تعبر بها عن مواضيع واحاسيس لم تتمكن التعبير عنها من قبل. كانت طفولتها ممزقة بالفقر : عاشت قسطا منها في سان فرانسيسكو، ولوس أنجلس، وهي تقول عنها :» هناك أوقات جميلة، لكن ما يلتصق أكثر بالذاكرة هي تلك الاوقات الصعبة «فقد كان والدها بالتبني ينفق أياما في الاستدانة من اجل إطعام العائلة. كان ذلك في سان فرانسيسكو، مدينة الشعراء المغلوبين : «ذكرياتي ليست سوداء، هي ببساطة ذكريات العيش كإنسان فقير».
تعدد الاعراق في الثقافة ( أب من أصل ياباني، مكسيكي، أفريقي، وأمريكي، إضافة الى ام من اصل هولندي، اسكتلندي، وإيرلندي) أمر مهم بالنسبة لشاعرة، غير ان «آي» تشير الى نفسها : «أنا شاعرة.. ببساطة» وهي تعتبر أن الشعر ابداع عالمي، كأمر مفروغ منه، فتضيف بتواضع يندر في ثقافتنا العربية : «لا أريد أن اصنّف، سواء على المستوى الشخصي، أو على مستوى قصائدي، فإذا لم يكن الشاعر وإبداعه عالميا، فاين يكمن الابداع إذن ؟»، هكذا فإن «آي» لاتعترف بأهمية النسب والعرق، لأنها تنشد قيما أعلى من خلال شعرها، ومع ذلك، وكأي شاعرة جديرة بالاحترام، لم تخفِ مصدر إلهامها، ففي مقابلة معها عام 1978، بعد نشرها كتابها الشعري الثاني : «قتل القاع» قالت Ai : إنها تستمد إلهامها من شعراء امريكا اللاتينية، وهم شعراء محليون، أو شعراء قبائل، أمثال : راندال جيرال، كلوي كينيل، فيل لفاين، لويس سمبسون، وجيرالد سترن، أما في مراحل دراستها الجامعية الاولى فقد كانت تنصت باعجاب الى قصائد الشاعر كينيل، وهي قصائد تتيح لمستمعيها فرصة الدخول الى مملكة خيال سحرية، حيث هوية الشاعرتنتظر أن يكتشفها. كانت «آي» معجبة بتلك القصائد، ليس فقط بتحولاتها القوية، لكن ايضا بموسيقى اللغة، وبجمال المخيلة التي تلتقط الصور والالفاظ بمايشبه الكاميرا. هكذا صارت قصيدة كينيل ( الاحتمال ) مصدرا للالهام في كتابتها الشعرية.
في عملها الشعري، كما لاحظ النقّاد، تفضل «آي» التعبير عن الاوغاد والاشرار، في انحياز واضح الى عالم الخلف المكتظ بالبؤس، الفقر، والعنف، وهو انحياز جمالي، مفرغ من أية
رسالة آيديولوجية، وهي غالبا ماتستخدم ضمير المتكلم، الذي يضيع على القاريء احالته الى جنس أو لون : هناك خليط من الاصوات الواقعية الغير معروفة، وهي تعلق على ذلك قائلة :
«قصائدي تنبع من لاوعيي : أنا المشدودة بإحكام الى حياة الآخرين، الاحياء منهم والاموات» لاوعيها، إذن، يبتكر شعريا اناسا أحياء، وآخرين أموات : تجلعهم يتقابلون في مناجاة مثيرة للقاريء : «هذا الاسلوب يتيح لي أن اصبح شخصا آخر، مثل ممثل.. أعتقد أن الناس قد خُلقوا كي اراقبهم، حقا أنا أشعر إنهم شخصيات من ابتكاري». ولكي تعمق اسلوبها هذا تميل «آي» الى استلهام الشخصيات والحوادث الاميركية : جون كنيدي، حوادث الشغب في لوس انجلس عام 1992.. مثلا، وتستخدمها كخلفية نفسية شاملة، للعديد من شخصيات قصائدها، وتداخل الاصوات مع الاحداث، في نماذجها، يحولها الى مايشبه الجوقة في مسرحية، وهو ما أضفى عليها رنين دقيق، مع انعكاس واسع لاهتمامات الذات المعاصرة، وللظروف الانسانية المحيطة بالكائن، فقصائدها تصل بالشعر الى منظور آخر وجديد : الاثارة الجنسية، والعنف – سواء من أحداث معاصرة، أو أحداث في ذاكرة المجتمع الاميركي ـ والمواضيع الساخنة الحمراء، هي موضوعات قصائدها،إذ لا تميل «آي» الى اجتراح الاحداث من الخيال، فصورها الشعرية ملتقطة من الواقع، ومن اللغة العادية، لكن ليس بمعنى خلو شعرها من الخيال، بل بالعكس انما هو تجل ناصع لعمل مخيلتها، عندما ترتفع بالتقاطاتها الحاذقة للواقع، لتصل به الى مسافات خيالية شاسعة، ومحلقة. هكذا فإن قصائدها عبارة عن مشجب كبير للسكاكين، الفؤوس، الحراب، النصال، والمذراوات التي تحطم وتشطر الرؤوس والجماجم : تمزق الجسد أربا، أو تطعن شعاع الشمس ذاته : إن ما يمكن أن يتحول الى عنف عبثي مبالغ فيه، لدى شاعر آخر، يتحول بين يدي هذه الشاعرة الى أداة بلاغية حادة لاختراق النظام الاجتماعي : هذا العنف ليس مجرد قسوة مرئية من الخارج، بل هو ما تعايشه، وتعيشه شخصيات القصائد، وهذا ما نلاحظه في المنولوجات التراجيدية لتلك الشخصيات.
نشرت «آي» كتابها الشعري الأول ( قسوة ) عام 1973، الذي كان يحمل عنوانا أوليا ( عجلات في مستنقع ) وهو يتضمن رؤيا، أو هو رؤيا لروح الانسان، حين يقع في مصيدة اغترابه عن الحضارة، كما العجلة في المستنقع، فيفقد القدرة على النجاة بذاته، أو تخليصها. وقد حشّدت الشاعرة في هذا الكتاب الكثير من عبارات وتعابير الجنس والعنف، كتقرير صادق عن كآبة الانسان، وعن حس من الضياع غير المرئي، غير الملاحظ، وغير المعروف حتى من قبل الشخصيات، وقد كانت «آي» تقصد في ذلك الى حمل القاريء على التعرف ليس فقط الى كيفية تعامل الانسان مع الانسان بقسوة، وانما الى التعرف على القسوة في الذات الانسانية، ومن هنا جاء العنوان ( قسوة ) بليغا، ومعبّرا :
«فعلتها، كما أنذرتني أن تفعل
وتركتَ لي الجنين ملفوفا بورق شمعي،
كي أنظر الى ابني»
من قصيدة «إجهاض» 1973
بعد ذلك، وخلال الثلاثين عاما لاحقة، طوّرت «آي» منولوجاتها التراجيدية الى اعمال شعرية نالت العديد من الجوائز، كجائزة مؤسسة كوينهام 1975 عن كتابها الاول، وجائزة أندومنت الوطنية للفن عام 1985، وزمالة من معهد رادكلف 1975، اضافة الى جائزة ليمونت الشعرية التي نالها كتابها الشعري ( قتل القاع ) 1979، وجائزة الكاتب الاميركي من معهد كولومبس، عن كتابها ( خطيئة ) 1986، وبعدها أصدرت كتابها الشعري ( كارثة ) 1991 و ( جشع ) 1993، و ( رذيلة ) 1999 الفائز بجائزة الكتاب الوطني للشعر، أما كتابها الشعري ( فزع )
2003 فقد كان مكرسا لإنقاذ الطفولة من صدمات المجتمع غير المبالي، وفيه حوّلت الغضب الراسخ، والمستمر، في ذاكرتها الشخصية الى رافد لاينضب للتعبير عن نفسها / الطفلة، وبشكل صريح ومعلن، تقول :
«كأنه ضغط لايزال يُبنى،
وللتو قلتُ :
ساكتبُ قصيدة عنه».
وكمحصلة اخيرة فإن بعض الشخصيات المتخيلة في ( فزع ) تستمد واقعيتها من التاريخ العائلي، بما في ذلك امها ووالدها الياباني :
«تقول امي : كنتُ تائهة.
تقول، سألتْ أبي عن الطريق،
ولم تدرك كيف انتهيا الى السرير.
عندما أنظر الى المرآة،
أحيانا، أعتقد أنني أرى وجهه،
يلوّح فوق وجهي.
ورغم أنه مجرد إيجاز
عن الحقيقة الفظة،
فالتفاصيل
توزعها امي، تدريجيا، الى الخارج.
أنا فقط مَن يرى حقيقة ما خلّف ورائه.
يعدو مسرعا أكثر من سيارة الفورميلا :
أبي الهارب يشبه أي رجل آخر،
لم يخطط للبقاء طويلا.»
من قصيدة «أنساب»
وبينما ماتحاول المدنية المعاصرة، وهو مايحدث غالبا، تكريس أصناف مختلفة من الفوارق والتعريفات، تُمنح كأساس لتعريف الانسان والحكم عليه، نجد أن «آي» التي تؤكد على هوياتها المتعددة، تستفز هذه الفوارق والتعريفات، تتحدى حدود هذه المدنية وفوارقها، وتحاول زعزعة التعريفات، لكن من خلال تراجيديتها المثيرة للقراءة. بكلمة اخرى : إن قارئ قصيدتها يدرك بعمق عنف الاصوات الهامشية، من خلال رواة قصائدها الواقعين في مصيدة ادوارهم الاجتماعية. وهكذا فإنها تتعمد صدمة المتلقي عبر قصيدتها الموغلة في الحقيقة المفجعة، رغم أنها، من جانب آخر، تمنحه جرعة اضافية، تجعله قادرا على طرد خوفه الى الخارج،
ومواجهته في مرحلة لاحقة، وهكذا أيضا تُشجع قصائدها على تقبل أصوات رواة العنف، لكن من اجل أن تساهم في خلق وعي من خلال فوبيا العنف هذه، فتراجيديا أصوات العنف في منولوجاتها تكشف عن ماذا يمكن أن يحدث لهؤلاء الذين يفشلون في العيش على النمط المثالي لمعايير المجتمع.
إن الكلمة الهامشية، حين تقال بفعل الحاضر – الزمن المضارع – تجلب اليها الانتباه من خلال التكرار، ابتكار المعاني، وخصوصية الاحساس في الذات المهمشة، كما أن الصور الشعرية المرسومة بدقة في قصائدها عبارة عن تشكيل مكاني صرف، قد توحي بالزمان في كثير من الحالات : تلك احدى سمات عملها الشعري، الذي لم يبخل في تقديم مزيج من المحسوسات الشمية والذوقية، التي لاتقل خطورة في تشكيل الصور المرئية في بنية القصيدة، كما أن الشاعرة ابتكرت أصواتا متقاربة، لتحدى التقاليد الادبية المتعارف عليها أولا، ولتحويل الفكرة الى جسد ثانيا : هذا التحدي للتقاليد الادبية مشوب بتحد آخر، تحد سافر، إذ يثير التساؤل عن هوية الامة الاميركية : هذا التحدي الجوهري يتعدى الشكل الفني إذن، يتعداه الى الصميم، ليتحول الى مراس دائم، حيث الحياة برمتها، فمن خلال تأكيدها على العنف بكل صوره ـ الاغتصاب، القتل، الاجهاض، الزنى المحرم، الانتحار، الاعتداءات المتوازية ـ كل هذه الجرائم، من وجهة نظر آي، هي جزء أساسي من الثقافة الاميركية، لذا فإن الامة الامريكية تبدو كامة للعنف الحضاري المعقد والمركب.
حقا. هناك الكثير من الجسارة الطموحة، والازعاج، في قصائدها الموغلة قلب اميركا، وها هي تقول بصريح العبارة : «نحن امة نـُبدع، نوازن حياتنا، نتسلى ونثار بأكثر قدر من الرذيلة : نحن نرتفع ونسقط، ولا يسمعنا أحد». وعلى عكس تراجيديات شكسبير، التي أحبتها آي، وغالبا ما استخدمتها كأدلة في اعمالها الادبية، تتقاطع شخصياتها في النهايات مع ابطال شكبير الذين يكافحون قبل سقوطهم النهائي، إذ غالبا ما تبقى شخصياتها قوية، تنشر الرذيلة عبر الارض لأجيال متعاقبة، لذا فإن قصيدة آي تقترح أن تبقى رذيلة العنف، كصوت مسموع في توازنات المجتمع، وأن دائرة العنف الطبيعي هي وجه آخر للقوة الاميركية، تقول في المقطع التالي من قصيدة (قياس القياس) :
«البعض تربى على الرذيلة،
والبعض الآخر على مزية السقوط»
وهذا مقياس دقيق لخبرة الحياة الاميركية :
«أنا امريكي
لا يجب أن اريد شيئا
أنا الامريكي
لايوجد شيء ليس لي»
من قصيدة «حذاء الشموا الازرق» من كتابها ( رذيلة ) أخيرا. حاليا تعمل «آي» استاذة اللغة الانكليزية في جامعة ولاية أوكلاهوما : مستمرة في كتابة الشعر من واقعها، وأيضا من ذخيرة ذكرياتها، فيكفي أن تسمع الى اغنية، أو تشاهد نشرة الاخبار، ليلفت انتباهها موضوع معين، فتشرع بالكتابة عنه، فقد يقودها البحث في خلفيات الحدث الى تلك الذخيرة. تقول عن امنيتها : «إذا استطعت أن أكون حرة من واجبات التدريس، وما سواها، اتمنى ان اقضي حياتي بالتأمل. ساكتب بالطبع، لكني سأقضي الكثير من الوقت في تأمل الكون، وفي محاولة للاجابة عن الاسئلة الباطنية»
مختـــارات
لكني فقط في العاشرة*
«أجلسي فوق راحتي.»
لكني فقط في العاشرة.
لا أراه،
أسمع…
شهيقه المتسارع في الظلام.
أنه وقت اللعب، بعد العشاء.
حين نكون في الخارج،
مختبئين تحت الشجيرات،
هو يدعوها لعبة الغميضة،
لكن اختي الصغرى فقط من تبحث عنا
حين نختبئ
ولا تعثر علينا،
لأن جدي يتلقفني،
يفرك ما بين فخذيّ بيديه
حينهاأشعر باثارة مهيّجة و غامضة،
خارج حدود وعيّ
لا أعرف بالضبط ما أسميها
أعجبني ذاك الشعور…
هي نشوة اخرى
لم أعرفها مسبقاً
ممتعة أكثر
من أكل القَند.
عندما سألتني جدتيّ
«ماذا كنت تفعلين هناك؟»
إضطررتُ ان أكذب
«أين؟»
أجيبها
«آه… لعبة الغميّضة»
تفحصتني:
«هذه آخر مرة، لا لعب بعد الان»
توقفت اللعبة
وأنا نسيت
عشر سنوات مرت…
خمس وثلاثون
حين بدأت أسترجع مامضى
وأسأل نفسي:
لماذا يثيرنيُ الرجال الذين يثيرون قرفي؟
وأرتحل للماضي المترسب..
للظلام…
للزفير الثقيل…
من حياتي
أنا التي ظننته قد فات وعبر؟
لكني تعاميّتُ فقط
عن الرؤية
في دوامات وعيّ الرملية
حين تسحبني للأسفل
هناك في القعر
أجدُّ جدي في الأنتظار
يداه مبسوطتان لترفعاني
عارية ومبللة
كي يدعكني في نفس المكان
«لا تخافي…»
يهمس:
«سأدعك تذهبين سريعا»
أُجيبه:
«نعم»
وأردفها:
«لا»
«لا أفهم لماذا تفعل معي ذلك
أنا فقط في العاشرة»
لكنه يقول :
«هذا يكفي كي تعرفي»
عشرون سنة زواج
تجعلني أنتظركَ في الشاحنة
ذات العجلات الكبيرة المغروزة في خندق وحل
بينما أنتَ تتبول بجانب شجرة، بالعكس، باتجاه الجنوب.
أسرع..
لا أرتدي شيئا تحت تنورتي هذه الليلة ،
لازال هذا يُشعلك، لكن هذه الرافعة بلا نوافذ
والمقعد ُ
وركٌ بارد من الجلد الصناعي
حين أضغطه بمؤخرتي.
لم أتغيّر…
لي ذات الجسد والوجه
منذ عشرون سنة خلتْ،
لكن حين تدخلني، تشتغل آلتي :
ستتحلى بالفحولة والرغبة.
أسحبُ، وأنتَ تدفع :
نتقاسم بعضينا بالتساوي.
الآن يا حبيبي، ألقني على ظهري،
وتظاهر أنكَ لاتدين لي بشيء
وربما ننطلقُ بعيدا من هنا
تاركين الماضي متكوّم خلفنا :
لأن الصحف القديمة لاأحد يعيد قراءتها.
محادثة
نبتسم لبعضنا
وأسترخي على أريكة خيزران.
كيف تشعر وأنتَ تموت ؟
أقولُ.
تَمسّ ركبتيّ بأصابعك الزرق.
وعندما تفتح فمك َ،
تسقط على الارض، كرة من الضوء الاصفر
لتتركَ ثقبا محترقاً فيها.
لاتقل شيئا…
لا أريد أن أسمع.
ابدأ فقط،
أنا أرتدي الثوب المناسب
و بالمصادفة…
بالكاد تلاحظ
أصابعك تجرح ذاك الرداء
وتسمع صوت سكين تقطع الورق
و تنظر أيضا
تدرك بسهولة… أن تلك الصورة
امتداد لصورة اخرى،
لأن حياتك
سلسلة من كلمات
يوما ما سوف تطق و تنفصم.
كلمات، تقول،
فتيات صغيرات يصنعن دائرة,تتشابك أيديهن
ويبدأن برفعها نحو السماء
بأثوابهن المثبتة،
مثل بالونات الهليوم البيضاء،
وتيجان الزهور الملفوفة على الرؤوس،
تدور وتدور بسرعة
وفوق كل ذلك،
هناك حيث أفيضُ،
كيف ما يكون
فقط عشر مرات أنقى،
عشر مرات أكثر رعباً
كيف يمكن لكائن أن ينجو منها ؟
ريح من لا مكان
اختي تلطخ وجه دميتها بالوحل،
وتقفز بعدها الى الشاحنة عبر النوافذ.
تتجاهلني حين امشي بمحاذاتها،
أضربُ اطارات الشاحنة المفرغة من الهواء، بقضيب حديدي.
الرجل العجوز يصرخ عليّ أن أسحب فريق إزعاجاتي،
لكني أبقى ماشياً حول الشاحنة : أضرب بقوة أكبر،
حتى تناديني امي.
ألتقطُ حجراً وأرميه على زجاج نافذة المطبخ
يتهاوى قبل أن يصيب هدفه.
صوت الرجل العجوز يتنطّط في الهواء مثل كرة،
يجعلني غير قادر على رفع قدمي خطوة أُخرى.
أقف بجانبه،أنتظر، لكنه لا يعبأ.
أطوي القضيب الحديدي،
أرفعه…
جمجمته تنفتح بشقيّن.
أمي تركض نحونا. لكني ما أزال واقف
اُتمتمُ بالذي حصل وهي تنحني عليه.
أفلتُ القضيب الحديدي,وآخذ بندقية من البيت
الروز حمر,وزهور البنفسج زرق،
طلقة واحدة للحصان الأسود, واثنتان للحصان الأشقر.
سقطوا سريعا ,
بصقتُ لساني…
مدمى، لقد عضضتُه.
ضحكتُ، تذكرتُ لساناً خارجا بالكامل.
أمسكتُها وهي تقفز من الشاحنة،
طلقة.
دُميتها استقرتْ معها على الأرض.
تلقفتُ الدمية، هززتها بين ذراعيّ.
ياه..انا جاك بن هوراث
النبيه، السريع.
في البيت، أخذتُ أفضل بدلة للرجل العجوز
وحذائه الفاخر من الجلد الطبيعي
وضعتُ ثوب إمي الساتان
ودمية اختي في حقيبتي.
بعدها، عبرتُ الحقول الى الطريق السريع.
أنا في الرابعة عشرة، أنا ريحُ من لا مكان.
لي القدرة على كسر القلب.
k ملاحظة: قصيدة محادثة، هي ايجاز لفكرة «آي» عن الموت.. الشاعرة في هذه القصيدة تستخدم شخصاً ميتاً، كإستعارة متعددة ومفتوحة، لوصف الموت، كلماتها تجعل القارئ مفكرا بالموت وبمغزاه، وقد اخترتُ هذه القصيدة لأنها تحمل فكرة الشاعرة عن الموت نفسه. تقول: «افكر أن الموت هكذا، واتمنى ان يكون فعلا»، فهو كرداء يتمزق.
احالات
بعض مواقعها على الانترنت
http://www.poets.org/poet.php/prmPID/268
http://www.english.uiuc.edu/maps/poets/a_f/ai/ai.htm
مقابلة اذاعية معها بمناسبة فوزها بجائزة الكتاب القومي الامريكي بتاريخ 18 نوفمبر 1999 .
http://www.pbs.org/newshour/bb/entertainment/july-dec99/ai_nba_11-18.html
الكتب الصادرة لها.
http://www.english.uiuc.edu/maps/poets/a_f/ai/jackets.htm
عنوانها في جامعة ولاية اوكلاهوما.
http://english.okstate.edu/faculty/fac_pages/ai.htm
ترجمة: فـــيء ناصـــر شاعرة عراقية مقيمة في لندن