كتب تشارلز ديكنز في العام 1848م (نسمع أحيانا عن دعوى التعويض عن الأضرار ضد الطبيب غير الكفء الذي شوَّه أحد الأعضاء بدلًا من علاجه، ولكن ماذا يقال في مئات آلاف العقول التي شوَّهتها إلى الأبد الحماقات التي ادعت تكوينها!). إن...
في مقاله (من العمل إلى النص)، يأخذنا رولان بارت إلى عالم من التحولات التفكيكية، التي تنطلق من فكرة العلاقة النسبية بين النص والقارئ والناقد، باعتبارها علاقة ذات (وضع تعاقبي) قائم على (الإنتاج) وفق حقول منهجية، تتَّخذ من (العمل) (مختبرًا للنص)،...
قطراتُ ماءٍ تنزُّ من ثقب الجدار الصلب، قطراتُ ماء دفعت ثمنها أجسادٌ مُفعمة بالحياة والأمل. أصواتٌ مُعارضة نبتت من أصل هذا الجدار ومادته، لتصير شوكًا في خاصرة الأكاذيب. فأمام مشهد يُعيدنا لقطعان الوحشية الهمجية البدائية في البراري الأولى، تتهاوى أسطورة...
لم يعد النمط الاستهلاكي الفج يُسبغ دلالاته السطحية على اليوميّ والعابر والوسائط المتعجلة وحسب، بل قارب التجذر في وعينا، ولذا فنحن نجابه الآن خطر تقويض الثقافة وحاضناتها بالمعنى الصلب -باعتبارها خارج صيرورة العصر- وذلك لعدم قدرة هذا الذي نظنه صلبا...
بالأمس أرسل لي الصديق الروائيّ مولاي أحمد المديني كتابًا لإيميل سيوران (غسق الأفكار)، وهو من كتبه التي أنجزها باللغة الرومانيّة قبل انتقاله الجغرافيّ واللغويّ إلى عاصمة الفرنسيين التي استقطبت في تلك المرحلة وقبلها معظم مثقفي تلك البلاد الذين أثْروا لغة...
في مثلِ هذه الأوقات المتفجّرة التي يصلُ فيها الدّمُ المسفوك ذروةَ غزارته وسطوعه، رعبهِ وبراءته، مصحوبًا بسيلٍ جارفٍ من التّهريج السياسيّ في مستواه العربي خاصةً؛ ذاك المتجسّد بشكلٍ أضحى نمطيًّا جاهزًا في بيانات الشّجب والاستنكار والتّذاكي. يختلط فيه الحابل بالنابل...
«ونحن دومًا نكون مفتونين بالفضاء اللامُتناهي بما لا يُحصى من النجوم والمجرّات .. نحن نعرف أن هناك حدًا لنا، وهو حدٌّ مُذِل ومثبّط للهمّة يُدعى الموت. لهذا السبب نحن نميل إلى كل الأشياء التي نفترض أنها بلا حدود؛ وبالتالي لا...
صدْمةُ البِدايات محنةُ المخيِّلةِ أيّ الطّرق تسلُكُ في البَحث عن الكنز الخبيءِ بين الكَلِمات. كيف سيكونُ الهواءُ وهو يلفحُ جسدَكَ لأوّل مرّة؟ كيف سيكونُ الرأسُ وهو يغورُ في الماضي؟ كيف سيكون ذلك التصدُّع العذْبُ وهو يخلخلُ كيانَك بغموضِ الخُطوة الأولى؟...
ذلك اليوم الذي ضاع في زحمة مواكب الأيام والسنين، حسب فحوى عبارة وردت في إحدى قصص (بورخيس) ذلك اليوم المضيء الذي ربما يشبه الجوهر أو الحلم، وله ملمس الغياب والذكرى، يشبه اليأس المضيء والعدَم المشعَّ بالحقيقة… ذلك اليومُ الذي ضاع...
“الزّمن ليس خطًّا مستقيمًا، بل الأصحّ متاهة. وإذا التصقت بالجدار من موضعٍ صحيح تستطيعُ أن تسمع الخطواتِ العَجلى والأصوات، تستطيع أن تسمع نفسك تمرُّ هُناك في الجهة الأخرى” توماس ترانسترومر (نُزُل فاتن الذي يملكه عبّاس القادم من الحُديدة اليمنيّة، كان...
سيف الرحبي تَتراءى له القطارات تسْكُبُ الدموعَ تَنفجرُ بالبُكاء على القَادِمين والرَّاحلين في ساحةِ الفَقْد والفَرَاغ نِسوةٌ وحقائبُ تبكي على الأحبّاء الذين رحلوا قبل قليل ذاهبين إلى الحرب أو البحثِ عن كرامةِ العيش والمقام البارحة طالعًا من مقهى النهر، نهر...
سيف الرحبي إذا كان في عالَم الماعز تيسُ الطليعةِ يتقدّم القطيعَ ويكون بصرَه وبصيرتَه، وكذلك كائنات أخرى من بينها البشرُ، دائمًا هناك القائدُ والزعيم في المقدّمة والأمام. الأمر يختلف بالنسبة إلى الحُمُرِ الوحشية وهي تسلك طرقَها المتشعبةَ في متاهة الغابات...
تصحو مُنتعشًا في الرّيف الجبليّ لسراييفو، في المنزل المسوّر بحديقة كبيرة، فيها من الأشجار والفواكه ما يهفو إليه البصر والبصيرة، تقطف بضع حبّات من التفّاح والكمثرى، تغسلها في مياه النبع الذي يشبه صفاؤه صفاء عيون الطيور المحلقة في سماء الحديقة،...
حين يبدأ اليمام البرِّيُّ في الهديل مع دُنُوِّ الغيوم الطّالعةِ من أعالي الأودية، يتجلّى في السماء قوسُ قزحِ الأملِ والخلاص. الأملُ والخلاصُ والنور. لا بُدَّ أن تتدافع هذه الكلماتُ بالمناكبِ وسطَ أمواجِ الصحراءِ المُدلهمّةِ والسّراب. الصّقيع العارمُ هناك والصّحو القاسي...
لأول مرّة منذ زمنٍ أنام وأصحو من غير هدير آلة تكييف الهواء، ثمّة بقايا إرهاق السّفر الطّويل ورغبة مقموعة في استمرار النوم، بغية اكتشاف المكان المحيط بهذه المدينة والجلوس في مقهى في الهواء الطّلق. في الدَّور الخامس عشر من الفندق...
تتلاطم الأمواجُ على سور الأزل وتتناسل كأنما ألعابُ صِبيةٍ يعبثون. “لا شيءَ يستطيع تفريقنا، لا أحد… لأنّ البحرَ في داخلنا” هذه الأوقات حيثُ صيف الجزيرة وهياج القائلة ابتعد البحرُ كثيرًا اختفى الأفقُ والمغيب الطيور على إفريز النوافذ، تفتح مناقيرَها نحو...
سيف الرحبي صحوت من نوم مليءٍ بالهلوساتِ والأحلام في تضاريس ليله المتعّرج. لا أسمع إلا أصوات الغربان الآسيويّة المجلوبة من الشّرق الأقصى تتقافز على الشجرة ونوافذ المنزل، حيث تكرك على بيضها في الفتحات طلباً للبرودة التي تجودُ بها مكيّفات الهواء....
يستيقظ والغبش ما زال يلفّ المكان بردائه الشفيف، على الرغم من أجواء الحرب المدلهمّة بالمحيط. يفتح النافذة، يتناهى إلى سمعه أذان الفجر، يَعبر الشجرة وعصافيرها التي هي في طور الاستيقاظ من المبيت الليليّ. بداية انبلاج الضوء الأوّل وانبلاج صياح العصافير...
سيف الرحبي ربما هناك الكثيرون، لم يقاربوا هذا الوباء المستجد، كورونا (كوفيد19) مقاربة مباشرة كواقعة في سلسلة الوقائع والأحداث المخيفة القاتلة التي حلت بالبشريّة والعالم، لأنهم مصدومون ويعيشون بكل الحواس والمشاعر والمعرفة، هولَ الصدمة المباغتة كونها على هذا النحو الشمولي...